عضو لجنة الاتحاد الأفريقي للقانون الدولي: سدود أديس أبابا «نكاية أمريكية» ضد مصر.. د. هاجر قلديش لـ«البوابة»: إثيوبيا مقبلة على «التقسيم».. "سد النهضة" يجب أن تندرج ضمن البند السابع من الميثاق الأممي
حوار - ناصر ذوالفقار
تموج القارة الأفريقية بصراعات متعددة لا تهدأ، ما بين حروب أهلية وإرهاب ونزاعات على المياه، وعلى رأس هذه الأزمات، قضية سد النهضة التي تتعنت فيها إثيوبيا ضد دولتى المصب مصر والسودان، إلى جانب التطورات المتسارعة فى إثيوبيا بعد اقتراب جبهة تيجراي من الوصول إلى أديس أبابا وإسقاط نظام آبي أحمد، وما إن يهدأ صراع فى أى بلد حتى ينشب آخر فى منطقة أخرى، لتبقى القارة السمراء على صفيح ساخن، ويعد الاتحاد الأفريقي هو المظلة التي تلجأ إليها بعض الدول للتحكيم وحل النزاعات والحيلولة دون نشوء أو تطور أى صراعات، اتساقا مع بنود ومبادئ القانون الدولى.
وفى هذا الإطار، كان حوار «البوابة» مع
الدكتورة هاجر الحسين قلديش،
المتخصصة فى القانون الدولى وعضو لجنة الاتحاد الأفريقى للقانون الدولى منذ 2015.
الدكتورة هاجر قلديش، تونسية الجنسية من مواليد 1976، وهى أستاذ القانون الدولى العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بجامعة قرطاج التونسية، ونالت الدكتوراه فى القانون الدولى، وهى عضو منتخب فى لجنة الاتحاد الأفريقى للقانون الدولى منذ 2015، وأستاذ زائر فى عدد من الجامعات العربية والأجنبية، وتم تعيينها فى فريق الرئيس بول كاجامى لخبراء الإصلاح المؤسساتى للاتحاد الأفريقى منذ سنة 2017، كما أنها عضو فى عدد من الجمعيات الوطنية والدولية وعضو الهيئة الاستشارية العلمية، لعدد من المجلات المحكمة فى العلوم القانونية والسياسية فى تونس وبعض الدول الأجنبية؛
وإلى نص الحوار.
■ هل الاتحاد الأفريقى قادر على إدارة أزمة سد النهضة ؟
- بحيادية تامة أثبتت الفترة السابقة بأن جهود الاتحاد الأفريقر، فيما يخص أزمة سد النهضة لم تؤد إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، بسبب عدم تعاطى إثيوبيا بإيجابية مع المباحثات التى رعاها الاتحاد الأفريقى ونتيجة قيام إثيوبيا بإجراءات أحادية، لذا لجأت كل من مصر والسودان إلى مجلس الأمن وتدويل القضية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أى تطور قد يهدد الأمن والسلم الدوليين.
■ متى يكون للاتحاد الأفريقى دور فعالا في إدارة أزمة سد النهضة ؟
- من الممكن أن يكون للاتحاد الأفريقي دور أكثر فعالية في حل أزمة سد النهضة، فى حال وجود دعم ومساندة من خلال وجود مراقبين دوليين يقبل بهم أطراف النزاع لتعزيز الدور الأفريقي وبتواجد أممي فعال، وهذه النتائج مرتبطة أيضا بتطور الأوضاع الإنسانية والسياسية فى إثيوبيا حاليا.
■ هل مرور كل هذه السنوات على الأزمة أمر مبالغ فيه أم أنه أمر معتاد فى تلك الأزمات؟
- بالطبع مرور عشر سنوات فترة مبالغ فيها، وكان من الممكن أن يتم حل هذه القضية في وقت قياسي، لو توفرت الإرادة السياسية لدى إثيوبيا، وأعتقد بأن هذه الفترة لها دلالاتها المهمة والمتمثلة فى الإصرار على الحل السلمى من قبل مصر والسودان، وتنقل الملف بين عدة أروقة إقليمية ودولية وأممية رغم الخطوات الانفرادية والاستفزازية الإثيوبية فى هذه القضية، ونأمل ألا ينتقل الملف من مربع الأزمة إلى مربع الصراع.
■ هل كان هناك أزمات دولية مماثلة لسد النهضة وكيف انتهت ؟
- أنجزت الأمم المتحدة الاتفاقية الدولية المسماة اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية في الأغراض غير الملاحية وأقرتها الجمعية العامة فى ٨ يوليو ١٩٩٧ وفتحتها أمام الدول للتصديق عليها إلى أن دخلت حيز النفاذ عام ٢٠١٤، وللعلم لا مصر ولا السودان ولا إثيوبيا ولا بقية الدول المشاطئة لحوض النيل انضمت للاتفاقية، ومحاولة الأمم المتحدة لوضع اتفاقية مياه عالمية بشأن الأنهار والبحيرات العابرة للحدود أدت فقط إلى موافقة ٤٣ دولة على الالتزام بها، وتعد الاتفاقيات الثنائية لتقاسم المياه والتحكيم الدولي طريقة شائعة لحل هذه الأنواع من النزاعات، حيث جرى التوقيع على أكثر من ٢٠٠ اتفاقية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مثل معاهدة مياه نهر السند لعام ١٩٦٠ بين الهند وباكستان عبر البنك الدولي، كما نجح التحكيم الدولى فى حل نزاعين بين الهند وباكستان فى الألفية الجديدة، الأول كان عام ٢٠١٣ فى نزاع "كيشانجانجا"، حيث أثارت القضية باكستان ضد الهند بسبب بناء الأخيرة مشروع سد للطاقة الكهرومائية على رافد نهر السند، والآخر نزاع باجليهار الذى تم حله عام ٢٠٠٧ بسبب بناء الهند مشروع باجليهار للطاقة الكهرومائية على رافد آخر للنهر ذاته، كما نشب نزاع فى حوض نهر لابلاتا فى أمريكا الجنوبية بين باراجواي والبرازيل، وجرى حله عبر معاهدات ثنائية وأخرى متعددة الأطراف.
كذلك نشب نزاع في حوض نهر ميكونج بين دول تايلاند وفيتنام ولاوس وكمبوديا، وتم الاتفاق على تشكيل مفوضية فى تسعينيات القرن الماضي معنية بتحقيق التنمية المستدامة والاندماج الإداري لمصادر المساقط المائية، والأمر ذاته ينطبق مع نهر الأمازون الذى توجد منذ عام ١٩٦٠ هيئة للاستغلال الاقتصادي تخص المياه والغابات والزراعة وتشترك فيها البرازيل وكولومبيا وبيرو والإكوادور وفنزويلا وبوليفيا، وفي أمريكا الشمالية، تتقاسم الولايات المتحدة وكندا العديد من الأنهار وعددا من أكبر البحيرات في العالم، وتستهدف اللجنة -التي أنشئت عام ١٩٠٩ بموجب المعاهدة الخاصة بالمياه المحاذية- مساعدة حكومتي البلدين على إيجاد حلول للمشكلات المتعلقة بمياهها المحاذية.
كل هذه التجارب من شأنها أن تلهم أطراف قضية سد النهضة لإيجاد أيسر الطرق والوصول إلى أنجع الحلول السلمية للتسوية.
■ ما تقييمك لموقف مجلس الأمن الدولي من قضية سد النهضة ؟
- موقف الأمم المتحدة في هذا الشأن هو أن مجلس الأمن، ليس جهة الاختصاص فى النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه والأنهار، وانه يجب أن يتولى الاتحاد الأفريقي حل النزاع، وهنا تكمن المشكلة، إذ نعتقد أنه موقف غير مسئول من طرف مجلس الأمن بعدما ثبت أن الاتحاد الأفريقي غير قادر على حل الأزمة بمفرده، لأن ذلك سيطيل من فترة التسوية، كما أن الأزمة حول سد النهضة قد تشعل صراعًا بين الأطراف الثلاثة، وهذا يجعل من قضية سد النهضة قضية مشروعة لمجلس الأمن والاتحاد الأفريقي لنزع فتيل الصراع قبل أن يحدث، وكلما ابتعد مجلس الأمن عن القضية كلما زادت احتمالات تصعيد الأزمة، وإذا لم يكن هناك تحرك أممى وأفريقي بشكل متزامن وجاد فإن منع نشوب الصراع بين الأطراف سيكون صعبًا للغاية.
■ كيف نصيغ اتفاقا قانونيا ملزما بشأن سد النهضة ؟
- يمكن ذلك عن طريق عقد مفاوضات تحت المظلة الدولية والأممية، وممارسة ضغوط حقيقية على الأطراف المتعنتة، أو من خلال اللجوء إلى التحكيم الدولى فى حال فشلت المنظمات الإقليمية والدولية فى التوصل إلى حل.
ومن الهام التذكير بأن القانون الدولي للأنهار الدولية هو فرع حديث من القانون الدولي العام بدأ عرفيا وتطور ليصبح قانونا مكتوبا بفضل جهود لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بدءا من قواعد هلسنكي لسنة ١٩٦٦ وصولا إلى الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لقانون استخدام المجاري الدولية المشتركة فى غير الأغراض الملاحية لعام ١٩٩٧ والتي دخلت حيز النفاذ القانوني في عام ٢٠١٤ وهى تعتبر المضلة القانونية الشاملة لموضوع استخدام المجاري الدولية المشتركة، وقد قننت هذه الاتفاقية عدة مبادئ قانونية عرفية استقرت فى وجدان وضمير الدول النهرية المشتركة فى أنهار دولية من خلال ممارسات عملية. ومن المبادئ القانونية التى جاءت بها هذه النصوص مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول - مبدأ عدم الإضرار- مبدأ احترام الحقوق المكتسبة ومبدأ الإخطار المسبق.
بالنسبة لحوض نهر النيل فجغرافية حوض النيل تتكون من أحد عشر دولة وهى مصر والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندي والكونغو، وتحكمه مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات المتعددة، حيث لا يوجد نظام قانوني في صورة اتفاقية عامة جامعة لاستخدامات النهر، وأهم تلك المعاهدات بروتوكول روما لسنة ١٨٩١ بين بريطانيا ومعاهدة ١٩٠٢ بين إثيوبيا وبريطانيا ومعاهدة ١٩٠٦ بين بريطانيا والكونغو واتفاقية ١٩٥٩ بين مصر والسودان، والإطار العام للتعاون بين مصر وإثيوبيا لسنة ١٩٩٣ وإعلان المبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا لسنة ٢٠١٥- إلخ.
وبالنسبة لموضوع سد النهضة تحديدا يعطى القانون الدولي لكل دول الحوض النهري الحق في إقامة السدود، لكن هذا الحق في البناء مقترن بضرورة التزام الدولة صاحبة المشروع بضوابط قانونية وفنية محددة، ومن أهم الضوابط الواجب مراعاتها: الإخطار المسبق - عدم الإضرار- احترام الحقوق المكتسبة - الاستخدام المنصف والمعقول.
■ ما رأيك في قضية السد الإثيوبي بشكل عام ؟
- من المهم التذكير بالخلفية التاريخية للسدود الإثيوبية، حيث بدأت فكرتها مع قيام المكتب الأمريكي لاستصلاح الأراضي بدراسات مجانية لأثيوبيا، نكاية فى مصر لمحاصرة المد الناصري على الصعيد الأفريقي خلال الفترة من ١٩٥٧- ١٩٦٣ وقد خلص التقرير إلى إمكانية بناء إثيوبيا لـ٢٦ سدًا ومشروعًا مائيا على النيل الأزرق وروافده، وكانت السعة التخزينية لسد النهضة ١١ مليار متر مكعب، بموجب الدراسات الأمريكية فرفعت إثيوبيا السعة إلى ٧٤ مليار متر مكعب فى غضون شهرين بعد ثورة ٢٥ يناير٢٠١١ منتهزة هذه الفترة التاريخية المهتزة من تاريخ مصر للتحكم في مياه الهضبة الإثيوبية.
■ كيف نقيم الملء الأحادي لسد النهضة من الناحية القانونية ؟
- الملء الانفرادي للسد من الطرف الإثيوبي، فى يوليو ٢٠٢٠ ضرب عرض الحائط بكل القواعد القانونية التي تحكم حق الدول في إقامة السدود، فإثيوبيا استغلت اضطراب الأوضاع في مصر عقب ثورة يناير ٢٠١١ في تصرف يخالف مبادئ حسن النية في المعاملات الدولية وفى انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي، ومصر دولة مصب وتعتمد على مياه نهر النيل بنسبة تفوق ٩٧٪ وهي الدولة الأكثر والأولى رعاية من منظور القانون الدولي للأنهار الدولية، إذن دور الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، فى حل الأزمة هام جدا باعتبار أن النزاع يمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين.
■ ما المخاطر التي يشكلها الملء الأحادي لسد النهضة على مصر والسودان ؟
- هناك مخاطر جدية لانهيار السد في صورة الملء النهائي الانفرادي ومنه إمكانية محو الخرطوم من الخريطة حالة حدوث فيضان شامل، مع خطر تداعيات الأزمة على الأمن القومي السوداني والمصري إذن ملف إدارة مياه النيل يحتاج إلى استراتيجية جديدة من طرف الدولتين، وفق رؤية علمية مستدامة مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدات السياسية الخطيرة في كل من إثيوبيا والسودان.
■ هل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يمنح مصر والسودان حق الرد بشأن أي إجراءات أحادية ؟
- بيان مجلس الأمن الأخير جاء وفق البند السادس لميثاق الأمم المتحدة، الذي يتضمن طرح التوصيات فقط بإعادة ملف سد النهضة إلى الاتحاد الأفريقي، ولكن في حال حدث نزاع بين الأطراف فمن المحتمل أن تنتقل الأمم المتحدة في تعاطيها مع الأزمة إلى البند السابع والانتقال من التوصية إلى الإلزام، باعتبار أن ذلك يهدد الأمن والسلم الدوليين، ونعتقد أن القضية يجب أن تندرج ضمن البند السابع، لأن حرمان دولتين من المياه قد تؤدى إلى أضرار كبيرة لهما، ويمكن أن تدفع بهذه الدول للحفاظ على مصالحها وأمنها القومي بالوسائل العسكرية، وبالتالي تهديد الأمن والسلم الدوليين.
كذلك من الممكن أن يكون التحكيم الدولي إحدى الطرق فى حل مثل هذه النزاعات، ومن الممكن أن يتم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أو المحكمة الدائمة للتحكيم.
■ متى يتدخل الاتحاد الأفريقي للحيلولة دون أن تتطور الأزمة بين السودان وإثيوبيا إلى حرب شاملة ؟
- الاتحاد الأفريقي كانت له محاولات لاحتواء تطورات الصراع الحدودي الإثيوبي السوداني منذ أبريل ٢٠١٩، ولكنها باءت بالفشل بسبب طغيان صوت السلاح على صوت العقل والحكمة، وللأسف الشديد الحرب فعليا قد نشبت بين الجانبين وفى اعتقادي فشل الاتحاد الأفريقي في تسوية هذه الأزمة بسبب ارتباط وتداخل هذه المشكلة مع قضايا أخرى لاسيما قضية سد النهضة، وترى إثيوبيا أن افتعال صراع على الحدود مع السودان يمكن استغلالها كورقة ضغط وخلط الأوراق.
■ ما رأيك في التطورات الأخيرة حول حرب تيجراي في إثيوبيا ؟
- التطورات الأخيرة في قضية الصراعات الداخلية بإثيوبيا خطيرة جدا وتنبئ باندلاع حرب أهلية سوف تكون لها انعكاسات سلبية خطيرة على منطقة القرن الأفريقي ككل، فالقوات المتحالفة ضد الحكومة الإثيوبية باتت على مقربة من العاصمة أديس أبابا، وتدعو هذه الجماعات في المقام الأول إلى إسقاط رئيس الوزراء الإثيوبي آبى أحمد، وتأسيس مؤتمر انتقالي إلى حين إجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية تمثل جميع الأصوات في البلاد التي تضم العديد من العرقيات.
■ كيف تنظرين إلى مستقبل إثيوبيا فى ضوء التطورات الحالية ؟
- السيناريوهات المحتملة كلها تحمل فى طياتها بوادر الانقسام، ففي أضيق الحدود سيتم تقسيم إثيوبيا وتستقل بعض أقاليمها وعلى رأسها إقليم تيجراي، إنه من المؤسف أن تتطور الأوضاع إلى حد نشوب نزاع عسكري مسلح في المدينة أديس أبابا المكتظة بالسكان، وخوفا من المجهول بدأت دول عديدة في إجلاء رعاياها، وكذلك إجلاء عدد من البعثات الدبلوماسية، وكل ذلك يشير إلى أن القرن الأفريقي على أعتاب تطورات ساخنة، ولا يستبعد أن تطلب مصر نقل مقر الاتحاد الأفريقي من أديس ابابا إلى القاهرة، نظرا لخطورة الأوضاع والحرب الأهلية في إثيوبيا.
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد
■ صرح رئيس الوزراء الإثيوبي أكثر من مرة بأن ما يحدث في بلاده شأن داخلي.. ما رأيك ؟
- من وجهة نظر القانون الدولي، وعندما تصبح انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ممنهجة وخطيرة، فإن التدخل الإنساني واجب الحماية، ويصبح قرارا شرعيا إذا تم اتخاذه بمبادرة من مجلس الأمن أو بتزكية منه.
■ هل يمكن أن يتدخل الاتحاد الأفريقي عسكريا في النزاع الإثيوبي ؟
- تمنح المادة ٤ «ح» الحق للاتحاد الأفريقي بالتدخل في أي دولة عضو، فيما يخص الظروف الجسيمة، أي جرائم الحرب وإبادة الأجناس والجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى ذلك، للدول الأعضاء أن تطلب مباشرة، تدخل الاتحاد المادة ٤ «ي» بغية إحلال السلام والأمن على أراضيها، كما يضيف البروتوكول بشأن التعديلات على اللائحة التأسيسية للاتحاد الأفريقي لسنة ٢٠٠٣ ظرفا يأذن بتدخل الاتحاد في دولة ما من الدول الأعضاء، في حالة تهديد خطير للنظام الشرعي، والهيئة المسئولة عن تنفيذ هذه الأهداف هي مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي يتمتع بصلاحيات منها فرض جزاءات على الدول الأعضاء وتفويض بعثات حفظ السلام، ولكن على أرض الواقع ورغم وجود كل هذه الأطر القانونية والمؤسساتية فإن الاتحاد الأفريقي يعتمد اعتمادا كليا على المساعدات الخارجية من حيث قوات التدخل والموارد المالية.
■ لماذا لم يتدخل المجتمع الدولي لإيقاف حرب آبي أحمد ضد تيجراي ؟
- الموقف الدولي حول الصراع في إثيوبيا هزيل، ولن يستطيع إيقاف الحرب كالعادة والبلدان المجاورة تخشى من تدفق اللاجئين الأثيوبيين إليها، والانتهاكات التي ارتكبت فر إقليم تيجراي ترتقى إلى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقا لتقارير منظمات حقوقية وإنسانية التي أكدت أن سكان الإقليم اضطروا لأكل الأشجار، وتمت إدانة هذه الجرائم من قبل جميع المنظمات الدولية والإنسانية، وتم التلويح بفرض عقوبات على إثيوبيا إذا استمرت فى هذه الانتهاكات، ولكن للأسف الشديد مواقف ومصالح الدول الكبرى حالت دون ذلك، سواء على المستوى الأفريقى أو حتى على المستوى الدولى والأممي، فعلى سبيل المثال رفضت الصين فرض عقوبات على إثيوبيا على خلفية نزاع تيجراي.
■ ما هو مصير قرار قبول إسرائيل مراقبا في الاتحاد الأفريقي ؟
- شهدت اجتماعات الدورة العادية الـ٣٩ للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي التر عقدت فى أكتوبر الماضي بأديس أبابا، نقاشا محتدما بين الدول الأعضاء، ورأت الدول المعارضة لهذا القرار أن قبول إسرائيل مراقبا بالاتحاد الأفريقي ينتهك فلسفة مبادئ وأهداف النصوص المؤسسة له «وقبله منظمة الوحدة الأفريقية» كما ترى أنه انتهاك، وعلى نحو لا لبس فيه، لحق الشعوب فى تقرير المصير، وانتهاك صارخ لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وسيادة القانون واحترام الطابع المقدس للحياة البشرية، وإدانة ورفض الإفلات من العقاب والاغتيالات السياسية وأعمال الإرهاب والأعمال التخريبية، وهذه بالتأكيد مبادئ منتهكة من جانب إسرائيل، التى تواصل جرائمها الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني، وهي مصنفة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مدانة دوليا وغير مقبولة لا قانونيا ولا أخلاقيا.
هاجر قلديش
تموج القارة الأفريقية بصراعات متعددة لا تهدأ، ما بين حروب أهلية وإرهاب ونزاعات على المياه، وعلى رأس هذه الأزمات، قضية سد النهضة التي تتعنت فيها إثيوبيا ضد دولتى المصب مصر والسودان، إلى جانب التطورات المتسارعة فى إثيوبيا بعد اقتراب جبهة تيجراى من الوصول إلى أديس أبابا وإسقاط نظام آبي أحمد
www.albawabhnews.com