لا اعتقد ان مصر ستتدخل بعمل عسكري حتي لو تم الانتهاء من السد وملئه عنوه .. للعديد من الأمور .
اولها أنها ليست شخص تتأثر بتعليقات السخرية والأستهزاء والتسخين ، بل هو فريق كامل من خبراء يقوم بتقييم الأوضاع وقياسها علي القدرة الاقتصادية والعسكرية والجبهة الداخلية.
ثانيها انه لحسن الحظ في هذه الأمور لا يكون القرار النهائي بيد شخص واحد فقط ، بل قرار مجلس أعلي يرأسه رئيس الدولة ، ويأخذ القرار بناء علي تقييم تقارير سرية مخابراتية واقتصادية وفنية وخلافه ، فالسيسي كان يظن انه قد ينهي هذه الأمور في جلسة عرب ، لكن الموضوع اخذ ابعاد آخري ، وتم تنحية جلسات المحبة تلك والتحرك بخطوات جدية دبلوماسية لأخذ القضية للخطوات التالية ، ولم نعد نري السيسي يتكلم بذلك الاسلوب مرة أخري
ثالثها ان اثيوبيا تضغط فقط بورقة واحدة هو وجود السد الفعلي ، لكنها لا تملك اي اوراق اخري بخلاف مصر التي تملك مجموعة متنوعة من الاوراق تلعب بها مثل ( الحقوق القانونية - الحقوق التاريخية - القدرة العسكرية - العلاقات الدولية )
رابعها ان اثيوبيا تناور لاكتساب اكبر قدر من المكاسب ، لكنها ستقتنع في النهاية وستصل مع مصر لحل وسط ، لان المشكلة ليست مشكلة السد فقط .
إذن ماذا سيحدث اذا قامت اثيوبيا بملء السد رغماً عن مصر .
في الحقيقة ولإيمان القيادة السياسة ان قضية اثيوبية هو فخ آشر يتم جر مصر له ، حتي بالرغم من كونه قضية حساسة ، إلا انه بالامكان التعامل بشكل آخر ، يتم تطبيقه حالياً وبنجاح.
فبإمكان مصر إدانة اثيوبيا بشكل دولي وشحن رد رأي عام عالمي ضدها يضعها في خانة اليك ويفسد تلك الهالة القدسية التي يحاولون بنائها ..
وعلي التوازي تلعب بنفس الاسلوب القذر الذي تلعب به ايران مثلاً ، وهو بناء قوي موالية محاذية لأثيوبيا وخلايا نائمة داخل اثيوبيا نفسها ..
تعمل تلك الخلايا والقوي بشكل هاديء غير متسرع علي تغذية الصراعات وإذكاء النزاعات القبلية الداخلية ومد القوي الخارجية ( كاريتريا مثلاً ، والسودان ) بالسلاح والمال وبناء حالة اعلامية وهمية علي المنصات الاجتماعية تنادي برد كل الاراضي التي تحتلها اثيوبيا ..
مع بعض العمليات الداخلية وتوجيه ضربات محددة لقطاعات ومنشآت اقتصادية بعينها ، وندع اثيوبيا بكل تلك الخيلاء تنجر لنفس المستنقع التي جرت بها إيران اغلب دول المنطقة لتتحول إلي دول فاشلة ونجحت فيه بامتياز ، بل وترهب به دول اقليمية كبيرة تتسلح بمليارات .. وبربع التكلفة او اقل ، فقط تحتاج لتكتيك.
فقط ابدأ التفاعل المتسلسل ، واجلس وشاهد كيف سيتم تدمير السد إن لم يكن بعملية عسكرية نظيفة لا تجرؤ فيها اي جهة بتوجيه اصابع الاتهام إلي مصر ..فسيترك السد كجثة هامدة لا تجد من يعيد تشغيلها والعقول لديهم يا إما ماتت في الحرب أو هاجرت خوفاً علي حياتها من الحرب المستعرة هناك.
وخلال عشر سنوات ، قبل نفاذ مخزون بحيرة ناصر .. تكون قد ضمنت عودة الإمدادت المائية بسلاسة.
ولحفظ الأمن في القارة ، سيتوجب علينا تكوين قوة افريقية مشتركة ترأسها مصر وتستقر في اثيوبيا لفصل القوي المتنازعة وتقيم قاعدة هناك بشكل دائم لمراقبة عملية السلام .
وإن لم يكن هناك استجابة ، فما هناك بد من تقسيم اثيوبيا لعدة دول بشكل آمن وعادل يحفظ لجميع العرقيات حقها في التعايش السلمي والحكم الذاتي بدون استبداد.
ولا ننسي في النهاية إرسال باقة ورد لإيران ، معلم المنطقة الأول في استيراتيجية الخلايا النائمة والقتال بالوكالة.