الحدود البحرية … الوكيلي: قرار المغرب ينسجم مع القانون الدولي
منذ 3 أسابيع
0
الخبير في قانون البحار أكد أن الرباط ومدريد مطالبتان بالبحث عن حل منصف لمعضلة تحديد المياه
أكد ميلود الوكيلي، الخبير في قانون البحار أن المغرب كان دائما يدافع عن سيادته ليس فقط على المياه الإقليمية، ولكن على ما يسمى كذلك المياه الخاضعة للسيادة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري. وأوضح الوكيلي في حوار مع “الصباح” أن الحكمة تفرض فتح مباحثات بين المغرب وإسبانيا حول إشكالية التحديدات البحرية، من أجل الوصول إلى صيغة ملائمة تحفظ الحقوق المشروعة للدولتين الصديقتين، في إطار “الحل المنصف”. في ما يلي نص الحوار:
> أثار قرار المغرب رسم الحدود البحرية لتثبيت سيادته على المياه الإقليمية حفيظة إسبانيا وجزر الكناري. نريد أن نعرف ماذا يعني بسط السيادة في القانون الدولي؟
> القانون الدولي الذي دونه بصفة خاصة الاتفاق العالمي، الذي يعتبر دستور البحار والمحيطات، هو قانون البحار الجديد لسنة 1982 والمعروف دوليا بمعاهدة مونتيغوبي. هذا القانون الذي شارك في تدوينه المغرب، بصفة فعالة من خلال مشاركته في أشغال المؤتمر الثالث لقانون البحار، بوفد هام. هذه الاتفاقية تؤكد أن لكل دولة ساحلية الحق في أن تكون لها مياه إقليمية تبسط عليها سيادتها الكاملة، إلى مدى لا يتعدى 12 ميلا بحريا، أي تقريبا 22 كيلومترا، مع مراعاة بطبيعة الحال احترام مرور البواخر الأجنبية في مياه البحر الإقليمي، وما وراء البحر الإقليمي للدولة الساحلية. كما يسمح أن تكون لها ما يسمى بالمنطقة المتاخمة، وعرضها لا يتعدى 24 ميلا، ابتداء من خطوط قياس البحر الإقليمي.
> ما هي الحقوق التي تباشرها الدولة الساحلية في هذه المنطقة؟
> هي حقوق محددة لهدف معين طبقا للقانون الدولي، أي اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1982، والتي صادق عليها المغرب، في 2007، والتي تعترف للدولة الساحلية بحقوق محددة تهم متابعة البواخر في حالة إذا كان هنالك مس بقوانينها المتعلقة بالهجرة أو قوانين المالية أو غير ذلك من الخروقات أو الانتهاكات.
كذلك للدولة الساحلية، بموجب القانون الدولي المجسم في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982، الحق في أن تكون لها منطقة أوسع، أي ما يسمى بالمنطقة الاقتصادية.
> ما المقصود بالمنطقة الاقتصادية، وكيف يتم قياسها بالنسبة إلى الدول الساحلية؟
> المنطقة الاقتصادية الخالصة عرضها لا يتعدى 200 ميل بحري، اي حوالي 360 كيلومترا، ابتداء من الشاطئ، أي ابتداء من الخط الذي يقاس من خلاله عرض البحر الإقليمي. وحتى نكون أكثر دقة، المنطقة الاقتصادية الخالصة هي منطقة عرضها 188 ميلا بحريا، ابتداء من الخط الأقصى لعرض البحر الإقليمي.
فماهي الحقوق الاقتصادية التي يعترف بها القانون الدولي للدولة الساحلية في هذه المنطقة؟
هي حقوق اقتصادية وإذا أردنا أن نبسط أكثر الدولة الساحلية في هذه المنطقة الساحلية لها سيادة اقتصادية تتعلق بالموارد، أي الحق في استكشاف واستغلال تدبير الموارد الحية، أي المصايد، والموارد غير الحية (أي الموجودة في قاع البحر، وداخل باطن البحر، من ثروات معدنية، مثل الغاز والبترول).
كما أن للدولة الساحلية في المنطقة الاقتصادية الخالصة حقوقا أخرى تتعلق بالمحافظة على البيئة ومراقبة أعمال البحث العلمي. وما وراء المنطقة الاقتصادية الخالصة، هنالك أعالي البحار، التي يعتبر المبدأ الثابت فيها، حسب القانون الدولي، هو حرية الإبحار.
هذه الاتفاقية مهمة جدا، وشارك في صياغتها المغرب مشاركة فعالة، ووقع عليها في 1982 في مونتيغوبي بجامايكا، وصادق عليها في 2007.
> ما هي الخلفيات السياسية للقرار المغربي في علاقته بتدبير ملف الوحدة الترابية؟
> ما نشهده الآن أعتبره شخصيا زوبعة في فنجان، لأن المغرب وفي لمبادئه ومواقفه التي عبر عنها بصفة دائمة في مختلف المحافل، خصوصا داخل المؤتمر الثالث لقانون البحار، الذي بدأ أشغاله سنة 1973 وانتهى في 1982 باعتماد الاتفاقية الجديدة لقانون البحار. والمغرب كان دائما يدافع عن السيادة ليس فقط على المياه الإقليمية، ولكن على ما يسمى كذلك المياه الخاضعة للسيادة الاقتصادية الخالصة وكذلك الجرف القاري، أي امتداد اليابسة تحت البحر، أي ما يسمى بالجرف القاري أو الرصيف القاري.
إن موقف المغرب ثابت، حتى أنه بادر في 1981، أي قبل مؤتمر الأمم المتحدة لقانون البحار، بإصدار قانون مهم جدا، هو القانون المؤسس للمنطقة الاقتصادية، لـ 200 ميل عبر كل السواحل، سواء المتوسطية أو الأطلسية، وبدون استثناء أي جزء من سيادته.
إن ما قام به المغرب اليوم، هو مبادرة قانونية تهدف إلى تحقيق تجانس بين القانون الدولي والتشريع الوطني، أو بالأحرى ملاءمة القانون الوطني مع التشريع الدولي.
ومن خلال مشروعي قانونين، عمل المغرب على توضيح الغموض الذي كان يسود التشريعات التي اتخذها في 1973 والتي أنشأ بموجبها منطقة اقتصادية خالصة. كما أوضح بذلك مقتضيات قانون 1981 المنشئ بمقتضاه المنطقة الاقتصادية.
ويمكن تركيز أهداف المبادرة في ثلاثة اتجاهات أساسية. أولا، القانون المرتقب الذي سيصدر عن البرلمان قريبا سوف يوضح بصفة لا لبس فيها، أن المياه الإقليمية المغربية وفق القانون الدولي، واتفاقية قانون البحار لسنة 1982، والتي صادق عليها المغرب، وأصبح طرفا فيها، لا يتعدى عرضها 12 ميلا بحريا، أي 22 كيلومترا.
الاتجاه الثاني هو أن المغرب وضح مسألة تحديد المنطقة الاقتصادية والجرف القاري، بين المغرب والدول المجاورة، خصوصا الدول التي توجد في الواجهة المقابلة للمغرب، أي في المحيط الأطلسي، وهي البرتغال في ما يتعلق بجزر المادير، وإسبانيا بخصوص أرخبيل الكناري.
إذن المغرب وسع اليوم دائرة الوسائل والمبادئ لإيجاد حل لمعضلة تحديد المياه، بدل أن تبقى منحصرة في منطق تقني هو مبدأ الخط الوسط، وتجانس بذلك مع اتفاقية 1982، وأخذ مقتضيات هذه الاتفاقية حرفيا في مشروع القانون الجديد المطروح بالبرلمان.
وقال إن التحديدات تقام بمراعاة القانون الدولي، أي اللجوء إلى مختلف الوسائل التي يمكن لطرفي النزاع في التحديد الولوج إلى مسألة مهمة في القانون الدولي وفي المفاوضات الدولية، هي الحل المنصف، وبالتالي المغرب اليوم منسجم مع اتفاقية 1982، ومنسجم أيضا مع القضاء الدولي، خصوصا قرار محكمة العدل الدولية لسنة 1969، وهو منسجم مع مواقفه الثابتة خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول قانون البحار، والتي عبر من خلالها عن تشبثه بمبدأ التحديدات، حسب مبادئ الإنصاف.
هذا الاتجاه الثاني، لا يروق جيراننا وأصدقاءنا الإسبان، لماذا؟ لأن موقفهم حتى في مؤتمر الأمم المتحدة حول قانون البحار، كان هو الدفاع عن مبدأ التحديد، حسب الخط الوسط. وقد واجه المغرب إسبانيا آنذاك على مسألة التحديدات، وهو ما أثار تحفظهم.
الاتجاه الثالث، مهم جدا وهو أن مشروع القانون المعروض على أنظار البرلمان، يوضح بأن الحقوق السيادية المغربية تمتد إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة، لـ200 ميل بحري، وكذلك تضم امتداد الجرف القاري في البحر، أي الرصيف القاري الممتد إلى مدى 200 ميل، اذا كان هذا الرصيف لا يتعدى 200 ميل.
وفي حال تعدى ذلك، تتم مراعاة امتداده إلى مدى لا يتجاوز 150 ميلا، بعد 200 ميل، على أن المد الأقصى للرصيف القاري المرتقب للمغرب، لا يتعدى 350 ميلا بحريا، أي تقريبا ما يساوي 620 كيلومترا.
هذه الإشارة بصفة واضحة في مشروع القانون تتماشى مع القانون الدولي، وتتجانس مع مقتضياته، خصوصا المادة 76 من هذا القانون.
الحوار من أجل الحل المنصف
> ما المطلوب اليوم لتجاوز سوء الفهم بين الرباط ومدريد، حول مسالة التحديدات؟
> إن الحكمة التي يتحلى بها قائدا البلدين، تتطلب فتح مباحثات بين الطرفين حول إشكالية التحديدات البحرية، من أجل الوصول إلى صيغة ملائمة تحفظ الحقوق المشروعة للدولتين الصديقتين. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن المغرب، وفقا لموقفه الثابت واحترامه لمبادئ حسن الجوار مع كل الدول، خاصة إسبانيا التي تربطه وإياها علاقات شراكة إستراتيجية، قد مد اليد إلى مدريد من أجل التفاهم حول صيغة ما أسميه “الحل المنصف” للطرفين، دون غوغاء ودون عواصف من هنا أوهناك. فموقف المغرب ثابت وتحكمه التشبث الدائم بالشرعية الدولية والقانون الدولي، خاصة أنه كان من المساهمين بفعالية في إرساء قانون ونظام جديدين للمحيطات والبحار.
في سطور
أستاذ بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط
متخصص في قانون البحار
شارك في إعداد اتفاقية 1982
رئيس اللجنة العلمية لنادي الجديدة للبحار
أجرى الحوار: برحو بوزياني
الخبير في ق
assabah.ma