اتفاقية مع الأسد.. مبرر أردوغان للتوغل في سوريا
11 أكتوبر، 2019
هل أصبحت اتفاقية أضنة "مسمار جحا" الذي يعول عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتبرير القيام بعملية عسكرية داخل الأراضي السورية، وهل تريد إيران وروسيا إعادة إحياء الاتفاقية بهدف استخدامها بديلا للاتفاقية الأمنية العازلة؟
قبل أيام، برر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العملية العسكرية في شمال شرق سوريا ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تقول تركيا إنها مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره منظمة "إرهابية" بأنها استندت للاتفاقية الموقعة عام 1998 بين الرئيس السوري حافظ الأسد والنظام التركي.
قال أردوغان للصحفيين
بحسب صحيفة "يني شفق" التركية إن قوات تركيا "ليست هناك بدعوة من النظام، وإنما على أساس اتفاقية أضنة. إذا لم يتخذ النظام إجراءات ضد حزب العمال الكردستاني، فإن قواتنا لها الحق في ملاحقته".
وأضاف أن "من واجبنا أن نجلب لشعبنا الذي يعيش في المناطق الحدودية السلام والازدهار والثقة".
وأكد أردوغان أن لتركيا الحق في شن هجمات جوية على سوريا. ونقل تلفزيون "إن تي في" عن أردوغان قوله للصحفيين: "لا توجد أجواء أميركية هناك. إنها الأجواء السورية. وبالتالي، فإن القرار يخص النظام".
كان الهدف من الاتفاقية إنهاء أزمة بين أنقرة ودمشق كان سببها تواجد زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوغلان في سوريا، والدعم المستمر الذي توفره سوريا للحزب في صراعه المسلح مع تركيا.
كان زعيم الحزب يقيم في العاصمة السورية دمشق، وكان يسمح له بتأسيس معسكرات تدريبية لعناصر حزبه في الأراضي السورية.
التفاهم مع دمشق في 1998
وبحلول أواخر التسعينيات من القرن الماضي، نفد صبر أنقرة، ودقت تركيا طبول الحرب بعد أن قامت بعمليات تعبئة على الحدود مع سوريا في أكتوبر 1998 مهددة باجتياح الحدود إلى الجانب السوري في حال إستمرار دمشق في دعم الحزب وزعيمه.
وبعد تدخلات إقليمية، تم التوقيع على "اتفاقية أضنة" التي نصت على بنود من بينها عدم السماح لأوغلان بدخول سوريا، وإنهاء وجود معسكرات الحزب على الأراضي السورية.
وأشارت إلى أن سوريا "لن تسمح بأي نشاط ينطلق من أراضيها بهدف الإضرار بأمن واستقرار تركيا"، وإلى "إقامة وتشغيل خط اتصال هاتفي مباشر فورا بين السلطات الأمنية العليا لدى البلدين"
أغلقت سوريا قواعد الحزب على أراضيها، وسجنت مئات من مقاتلي الحزب فضلا عن نفي زعيم الحزب من سوريا، ما أدى إلى اعتقاله في عام 1999.
وتنص أحد ملاحق الاتفاقية: "يفهم الجانب السوري أن إخفاقه في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية، المنصوص عليها في هذا الاتفاق، يعطي تركيا الحق في اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية حتى عمق خمسة كيلومترات".
يقول معهد واشنطن إن دمشق التزمت بهذا الاتفاق على مدار سنوات طويلة، بل إن أحد المحللين الاستخباراتيين الأتراك أشار إلى أن أنقرة لو أرادت من سوريا تسليم أحد أعضاء "حزب العمال الكردستاني" المشتبه بهم "كان الأسد يقوم بتسليم جميع أقاربه أيضا وليس ذلك الشخص وحده".
هذه الإجراءات كانت كفيلة بـ"بناء الثقة" وتم توطيد العلاقات بين تركيا وسوريا في الأشهر الأخيرة من حكم حافظ الأسد، وقد تعززت ووصلت إلى أعلى المستويات عندما تسلم السلطة بشار الأسد، الذي زار تركيا سنة 2004، لتكون أول زيارة وصفت بـ"التاريخية" لرئيس سوري منذ الاستقلال سنة 1946.
ومع قدوم الربيع العربي، انتهى هذا العهد، فالانفجار الداخلي في سوريا وضعت دمشق وأنقرة في وضع معاد إذ قادت تركيا المعسكر المناهض للأسد فيما التزمت إيران وروسيا بدعمه.
في يناير 2019، قالت دمشق في بيان رسمي إنها مستعدة لإحياء الاتفاقية إذا سحبت تركيا قواتها من سوريا وتوقفت عن دعم مقاتلي المعارضة، وأكدت أنها "مازالت ملتزمة بهذا الاتفاق والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب بأشكاله كافة من قبل الدولتين".
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اجتمع بأردوغان في ذلك الوقت واقترح عليه إعادة العمل بالاتفاق.
هل يعود العمل بالاتفاقية؟
المركز العربي للبحوث والدراسات في القاهرة
قال إن الاتفاقية أحد الأوراق السياسية التي تحاول بها موسكو أن تمهد لحلحلة الأزمة السورية كبديل عن المناطق الآمنة التي اقترحتها تركيا والولايات المتحدة، التي تمتد لأبعد من خمسة كيلومترات.
وقال إن تركيا استدعت هذه الاتفاقية لتبرير التدخل العسكري في سوريا، لكن أردوغان لم يحصل على دعم روسي واضح لخطته بفرض منطقة آمنة في الشمال السوري.
وقال إن بوتين يريد "حل المشكلات العالقة بين دمشق وأنقرة، إذ سيتعين على النظام التركي التعامل الرسمي مع النظام السوري بشكل مباشر بهدف الوصول إلى تفاهمات حول هذه الاتفاقية، وبذلك تمثل الاتفاقية اعترافا رسميا من جانب أنقرة بالنظام السوري، بعد أن كانت لا تعترف به مطلقا في السابق".
وكالة بلومبرغ قالت إن اقتراحات المسؤولين الروس والإيرانيين في الآونة الأخيرة بشأن إعادة إحياء هذه الاتفاقية "قد يمهد الطريق أمام أردوغان لاستئناف التعاون مع النظام الذي عارضه بشدة".
وأوضحت أن أردوغان صرح قبل أيام بأن هناك محادثات تجري بين أجهزة الاستخبارات التركية والسورية بهدف إحلال "السلام والاستقرار في المنطقة"، لكنه قال إنه "لن يتحدث مع الأسد بنفسه".
www.alhurra.com