السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما سأقوم بطرحه بمشاركتي يمثل وجهة نظري الشخصية و بناء على معلوماتي العسكرية المتواضعة لذا أرجو أن يكون النقاش بناء فيما بيننا وأن تقوموا بتصحيح أي معلومة خاطئة واردة في مشاركتي والتي ستكون على شكل نقاط.
مخاطر الصواريخ الباليستية
بشأن مخاطر الصواريخ الباليستية فلا يوجد خطر فعلي إلا من جهة إسرائيل فقط (متمثل في سلسلة صواريخ أريحا و لورا على سبيل المثال) أما بالنسبة لليبيا و السودان فالخطر منحصر فقط في المليشيات المسلحة، ومثل هذه المليشيات إن امتلكت فستكون بكمية صغيرة و سيسهل رصدها و تدميرها هي ومنصات الإطلاق لطبيعة الأراضي في تلك الدول كما تعلمون (صحراوية منبسطة) على عكس اليمن على سبيل المثال والتي تتميز بوعورة التضاريس على الحدود و حتى في العمق.
القدرة على التصدي
بشأن القدرة على التصدي فلا أنا ولا أحد آخر يستطيع أن يجزم إلى أي مدى يمكن التصدي للتهديدات الباليستية ، لأن الوحيد الذي يستطيع أن يبرهن على ذلك هو التعرض لتهديد حقيقي و دراسة كيفية الرد و تقييمه، كما في حالة المملكة العربية السعودية في حرب اليمن، فلا أحد استطاع أن يجزم بقدرات الدفاع الجوي السعودي أو أن يقوم بتقييمه إلا بعد التجربة العملية و لكن جل ما نقوم بعمله هنا هو محاولة الوصول لتصور أقرب ما يكون للأمر الوقع.
رد على بعض النقاط التي أوردها الأعضاء في النقاش
بعض الأعضاء قام بمقارنة الدفاع الجوي المصري بالدفاع الجوي السوري أو اليمني بناء على نوعية المعدات وهذا خاطئ جملة و تفصيلاً للأسباب التالية :
1- إختلاف الإصدارت : منظومات الدفاع الجوي من نفس النوعية لها العديد من الإصدارات ذات القدرات المختلفة و المحسنة و المعدلة (كمثال منظومة الباتريوت من الإصدار PAC-1 لا يمكن مقارنتها بأي شكل من الأشكال بالإصدار PAC-3) ينطبق ذلك أيضا على المنظومات الروسية العاملة في الدفاع الجوي المصري والتي تختلف إصداراتها كلياً عن الإصدارات التي يمتلكها الدفاع الجوي اليمني و السوري.
2- بيئة العمل المحيطة : كم تعلمون أحبائي الكرام فإن أي سلاح يعمل ضمن منظومة متكاملة و ليس بشكل منفرد فما بالك بالدفاع الجوي و الذي هو أساس عمله الترابط و التكامل. فمنظومات الدفاع الجوي تعمل ضمن شبكة من الرادارات و منظومات القيادة والسيطرة و منظومات التشويش و الإعاقة الإلكترونية ... إلخ والتي تختلف بالطبع من بلد لآخر و بالتالي تختلف قدرات التصدي من حالة لأخرى، بل إن أسلوب الربط فيما بين مكونات الدفاع الجوي وبعضها و المواد المستخدمة في الربط تقوم أيضا بصناعة الفارق.
فيما يخص كثرة أنواع المنظومات المستخدمة في الدفاع الجوي المصري و أن ذلك يؤدي إلى عدم النظام ككل بشكل مثالي، أرى شخصيا أن الوضع ليس كذلك، لأن النسبة العظمى من المكونات و المنظومات و الرادارات العاملة روسية الصنع (كماً و كيفاً) وحتى أنتم في نقاشاتكم بينكم وبين بعضكم تقولون أن الدفاع الجوي المصري ذا عقيدة شرقية وذلك يرجع لما قمت بذكره، لذا فشرط الترابط و التكامل متحقق بدرجة كبيرة، أما باقي منظومات الدفاع الجوي المصري نسبتها ضئيلة بالمقارنة مع أعداد المنظومات الروسية ولا تمثل الأساس أو تصنع الفارق الجوهري في أسلوب العمل و غالبيتها منظومات قصيرة إلى تحت متوسطة المدى (كروتال ، أفينجر ، شاباريل ... إلخ)
قدرات التصدي الباليستية لمنظومات الدفاع الجوي المصري
كما ذكر صاحب الموضوع الأخ العزيز Alucard فإننا نعتمد بشكل صريح على منظومة S-300VM في هذا الشأن ولكن ذلك لا يعني أن باقي المنظومات لا تستطيع أن تقوم بدورها في هذا المجال حيث أن كافة منظومات الدفاع الجوي تمتلك القدرة بشكل أو بآخر على التصدي إما للأهداف الطائرة أو المقذوفات والصواريخ لكن تختلف هذه القدرة بشكل نسبي حسب مدى تخصص المنظومة. (و كمثال فمنظومة S-300VM لها القدرة أيضا على التصدي و بجدارة للأهداف الطائرة و لكن تخصصيتها تكمن في التصدي للمقذوفات الباليستية)
أعداد منظومات الدفاع الجوي
من المعروف أن أعداد منظومات الدفاع الجوي في مصر بالمئات، و فيما يخص هذه النقطة أعتقد أنها ميزة حيوية جداً لأي سلاح دفاع جوي (على سبيل المثال في حالات الإغراق الصاروخي) ،وكما يوجد إغراق صاروخي باليستي يمكن أيضا تطبيق نفس الفكرة (إغراق دفاعي جوي) في التصدي لصاروخ واحد مثلاً بأكثر من منظومة و بأكثر من أسلوب وبالتالي بدل أن تقوم بالتصدي بمنظومة و أسلوب واحد و تكون نسبة التصدي على سبيل المثال 30% ترتفع النسبة إلى 60% و 70%.
الإمكانيات المصرية في الوقت الحاضر
رأيي الشخصي أنها كافية و لكن لمدة تتراوح من ثلاثة إلى خمسة سنوات على الأكثر لذلك فمن الواجب العمل في القريب العاجل على تطوير القدرات المصرية في هذا المجال ، وأعتقد أيضاً أن هذا فعلا ما يحدث من قبل قيادة الدفاع الجوي المصري و لا أعتقد بأي شكل أنهم سيقومون بالإكتفاء بالعدد الحالي لمنظومات S-300VM .
الخيارات
أولاً : استبعاد الاستعانة بأي منظومة غربية سواء باتريوت أو إستر ... إلخ إلا في حالة القدرة الكاملة على صناعة الصاروخ المستخدم في المنظومة و القدرة عبى إجراء صيانة و إصلاح النظام بشكل كامل على الأراضي المصرية (و هي شروط في نظري مستحيل أن يتم الموافقة عليها من قبل الغرب) وذلك بالطبع لضمان عدم التعرض للضغوط أو الخضوع للشروط في الصراعات المستقبلية (و هي النقطة التي قمنا بإغفالها عندما قررنا في الثمانينات أن تكون الـF-16 هي عماد قواتنا الجوية)
ثانياً : الخيار الأوّلي المنطقي أو الخطوة الأولى في التطوير هو زيادة أعداد بطاريات S-300VM إلى ضعفين على الأقل لتوسيع نطاق تغطية المنظومة . (التطوير الكمي)
ثالثاً : الخطوة التالية المنطقية هي التعاقد على منظومات ذات قدرات أكبر و مديات أطول و أقصد هنا طبعا منظومة S-400 (التطوير الكيفي)
رابعاً : العمل بشكل جدي على توطين صناعة واحدة من المنظومات سابقة الذكر و نقل تقنية صواريخها ، و بما أني أتوقع تعنت روسي في هذه النقطة أتمنى التعاون مع الصين في هذا المجال لسببين رئيسيين :
1- لأن أغلب بل جميع منظومات الدفاع الجوي صينية الصنع مستنسخة من الأنظمة الروسية لذلك ستكون بقدرات قريبة جداً منها وستكون بالتالي أيضا قريبة من العقيدة الشرقية للدفاع الجوي المصري.
2- وجود العديد من الاستثمارت و المشاريع الصينية المهمة جداً على الأراضي المصرية والتي يمكن استخدامها كنقطة حيوية في عماية التفاوض معهم على نقل التقنية.
أخيراً
في ختام مشاركتي أرجو منكم العذر على إطالتي في طرحي المتواضع ولكني حاولت قدر الإمكان أن أورد بها جل ما يدور برأسي من أفكار بشكل مختصر، كما و أرجو البعد عن المشاحنات و التلاسن بين الأعضاء حيث أن ذلك يقوم بإثارة المشاعر بيننا كما وله أثر هدام في إفساد الموضوع و عدم التحصل على الفائدة المرجوة منه والتي ستنبع من النقاش الهادئ و النقد البناء، و شكراً لكم أعزائي الكرام والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.