سيناريو الحرب المحتملة على إيران: من الخارج إلى الداخل عمليات عسكرية من نطاق واسع ممتد

عبير البحرين 

بــــــاحــثـــة الــــدفــــاع
خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
30 يوليو 2012
المشاركات
11,365
التفاعل
53,665 589 0
الدولة
Bahrain
سيناريو الحرب المحتملة على إيران
من الخارج إلى الداخل عمليات عسكرية من نطاق واسع ممتد




ترجمة ومراجعة: عبير البحرين







حصرياً على المنتدى العربي للدفاع والسلاح


2drt7c5.png










اسْتِهْلاَلُ

عند إلقاء نظرة معمقة على العلاقات الأميركية - الإيرانية نكتشف أن عاصفة بحرية مقبلة لا محالة. منذ أربعة عقود، والعلاقات بين شد وجذب، أو بمعنى آخر أقرب إلى الحرب على مختلف الأصعدة: الحرب الجاسوسية والحرب الاقتصادية والحرب الإلكترونية والسيبرانية والحرب السياسية. أولى هذه الحروب بدأت في عهد الرئيس جيمي كارتر عام 1979، عندما اقتحمت مجموعة من الثوار الإيرانيين السفارة الأميركية في طهران، واحتجزوا 52 دبلوماسياً أميركيا كرهائن لمدة 444 يوم، أدت إلى اندلاع أزمة حادة وخطيرة بين واشنطن وطهران، ووصفت بأنها حادثة محورية في تاريخ العلاقات الأميركية - الإيرانية. وكانت سبباً في هزيمة الرئيس جيمي كارتر في الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية، وفي إيران عززت الأزمة من وضع الخميني في تثبيت أركان نظامه، وكانت الأزمة أيضاً بداية فرض عقوبات اقتصادية أميركية على إيران.

يبدو أن الرئيس الحالي دونالد ترامب قرأ التاريخ جيداً، فهو على أعتاب الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية، وتعلم الدرس من هزيمة جيمي كارتر في انتخابات الرئاسة لولاية ثانية، ولذلك أصدر أمراً بوقف تنفيذ الضربة العسكرية على إيران - في الوقت الحالي - عقب إسقاط إيران طائرة عسكرية مسيّرة أميركية RQ-4, وفضّل فرض المزيد من عقوبات مشددة على إيران، وهذه المرة على أعلى قمة هرم السلطة في إيران وهو المرشد والولي الفقيه "علي خامنئي"، في دلالة واضحة بأن هناك نوايا أميركية في تغيير النظام الإيراني برمته، إن لم يعدل من سلوكه.

وبالرغم من إيقاف ترامب الضربة العسكرية على إيران، إلا إن الحرب أو ضربة عسكرية على إيران لم تُلغِ من أجندة الساسة الأميركيين ومازالت قائمة. يبدو أن إيران هذه المرة ستكون في عين العاصفة المقبلة، فلا يمكن لأي عقل يفهم بالسياسة الخارجية أو الأمن القومي أن يرى شراكة طويلة الأجل بين أميركا وإيران بنظامها الحالي، باستثناء التحالف الغريب والعجيب والقصير الأمد في العراق، وأيضاً التقارب إبان فترة رئاسة باراك أوباما، الذي أدى إلى توقيع صفقة نووية مع إيران في عام 2015 ووضعت برنامجها النووي على الجليد لمدة عشر سنوات. وهنا نُذكر القارئ، أن بعد عشر سنوات من توقيع الصفقة كان يمكن لإيران توسيع برنامجها النووي ببطء، وفي غضون خمسة عشر عاماً لا توجد قيود على كمية اليورانيوم التي ترغب في إنتاجها، أي أن إيران في عام 2030 دولة نووية وتصنع الأسلحة النووية.

في حين يخشى الكثيرون في الخليج العربي والشرق الأوسط وخارجه تطلعات إيران النووية، إلا أن هذه ليست سوى جزء من تحدي جيواستراتيجي أكبر بكثير. وعند النظر إلى الخريطة نرى مجموعة كاملة من التحديات؛ من اليمن، إلى سوريا، إلى لبنان وعلى المدى الطويل في العراق. من الواضح تماماً أن واشنطن وطهران لديهما العديد من مجالات الخلاف. الحقائق بسيطة: تخوض واشنطن وطهران منافسة جيوسياسية طويلة المدى في جميع أنحاء الشرق الأوسط ستستمر لعقود من الزمن، وهي منافسة مماثلة بطرق عديدة لمعركة واشنطن وبكين من أجل التأثير في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وفي خضم هذه التوترات المتصاعدة مع إيران، تم تعيين "مارك إسبر" وزيراً للدفاع بالوكالة، خلفاً للوزير بالوكالة باتريك شاناهان، وجاء تعيينه في أيام حاسمة يتزايد فيها التصعيد مع إيران في الخليج العربي إلى مستويات خطيرة.
مارك إسبر العسكري الخبير بدهاليز السياسة، ستُعزز خبرته السياسية السابقة لتثبيته في المنصب من جانب مجلس الشيوخ خلال أسابيع، وهي أسابيع حاسمة للوزير إسبر. وبالتالي، لحين تثبيته في المنصب لن نرى توجهه الحقيقي وما يحمله من فكر ونهج إزاء الحماقات الإيرانية، وما اذا كانت أميركا ستذهب للحرب ووزير دفاعها مارك إسبر، وهل في الأساس إسبر سيدعم الحرب، وما شكل هذه الحرب، هل هي حرب شاملة حتى داخل العمق الإيراني لإسقاط النظام الإيراني أم ستكون ضربة خاطفة.

عُرف عن مارك إسبر بأنه قريب من المؤسسات الفكرية Think Tanks المرموقة، مثل "مؤسسة هيرتيج للتراث Heritage Foundation" و "المجلس الأطلنطي Atlantic Council"، و"مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية (CSBA)"، و"معهد بروكينغز Brookings Institution"، وكان ضيف دائم على هذه المؤسسات الفكرية والبحثية لالقاء المحاضرات والندوات. وفي محاضراته وندواته كان لا يتردد في توضيح نهجه العسكري تجاه إيران ووكلائها من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى، ويركز على "مفاهيم ومصطلحات" علقت في ذهني، ولذلك عند سماعي خبر تعيينه وزيراً للدفاع بالوكالة قمت على الفور بالبحث في الملفات المحفوظة في جهاز الحاسوب للاطلاع من جديد على مقولاته والاستماع لمحاضراته وندواته السابقة.

المفاهيم والفرضيات التي كان إسبر يركز عليها ويكررها في محاضراته، وكذلك الأحداث الأخيرة التي شهدتها بحر عُمان ومضيق هرمز، تتوافق وتتطابق مع تقرير أعده مركز التقييمات الإستراتيجية والميزانية CBSA، عن سيناريو كيفية هزيمة إيران، ويكاد أن يتطابق مع ما نشهده حالياً من أحداث في بحر عُمان ومضيق هرمز وطريقة أداء وزارة الدفاع الأميركية من حيث أماكن نشر الأسطول البحري وحاملة الطائرات حيث تتمركزان في بحر عُمان وبحر العرب وليس في داخل الخليج العربي.

التقرير بعنوان: ((من الخارج إلى الداخل: عمليات عسكرية من نطاق ممتد لهزيمة "المنطقة المحرّمة AD – Area Denial/منع الولوج A2 – Anti-Access" الإيرانية))، مؤلف التقرير كبير الباحثيين Mark Gunzinger مارك قونزنقر، وهو طيار متقاعد، وخدم في وزارة الدفاع الأميركية وتدرج في الوظائف حتى شغل منصب نائب مساعد وزير الدفاع لتحويل القوات والموارد، وقاد تطوير وثائق متعددة للتخطيط الاستراتيجي التي شكّلت مستقبل هيكل قوة وزارة الدفاع الأميركية والقدرات الأولوية.
وخلال مسيرته في سلاح الجو الأميركي، عمل قونزنقر كطيار مدرب أول للقاذفة B-52، وساعد في قيادة تقييمات متعددة لمتطلبات القدرات المستقبلية كعضو في طاقم مقر القوات الجوية. وبعد ذلك انضم قونزنقر إلى مكتب وزير الدفاع في عام 2004 وتم تعيينه كمدير رئيسي لموظفي مراجعة الدفاع الرباعي لعام 2006 (QDR). وأيضاً عمل في منصب مدير تحويل الدفاع وتخطيط القوة والموارد لموظفي مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض. وهو حاصل على وسام الخدمة المدنية المتميزة التابع لوزارة الدفاع، وميدالية وزير الدفاع عن الخدمة العامة المتميزة، وميدالية الخدمة العليا للدفاع، وميدالية وسام الاستحقاق.

التقرير عدد صفحاته 120 صفحة بصيغة PDF وينقسم إلى 4 أقسام، وهو شديد الأهمية، نظراً لما تحتويه من فرضيات لسيناريو الحرب المتوقعة على إيران، وكيفية إدارة هذه الحرب لهزيمة إيران، وتوصيات لوزارة الدفاع الأميركية. لقد قرأت التقرير عشرات المرات، وكلما قرأته أصبت بالصدمة والذهول أمام مدى تطابق أطروحات التقرير مع ما تشهده الساحة الإقليمية وبالتحديد ما يجري حالياً في بحر عُمان ومضيق هرمز والمياه القريبة منها، وأيضاً مدى تطابقه مع مقولات مارك إسبر التي كان يرددها في المحاضرات والندوات.
والنقطة الجوهرية، أن هذا التقرير رسم سيناريو الحرب على إيران عبر حملة عسكرية على "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" التي أنشأتها إيران، وأن الحرب سوف تندلع في الإطار الزمني خلال الأعوام من 2020 إلى 2025، حيث يفترض التقرير أن إيران قد طورت القدرات العسكرية لإستراتيجيتها "المنطقة المحرّمة/منع الولوج" خلال هذه الفترة الزمنية (2020 - 2025). وبالتالي، يتوقع أن حرباً أميركية على إيران ستكون خلال هذه الأعوام أو قبلها بقليل ويرسم السيناريو لهذه الحرب.


منهجية التقرير

يبدأ التقرير بتقييم فرضية أن المصلحة الحيوية للولايات المتحدة الحفاظ على الولوج إلى الخليج العربي، وأن إيران أنشأت استراتيجية "منع الولوج A2" التي ستحدّ من إمكانات وصول القوة العسكرية الأميركية إلى قواعدها في المنطقة، وهي حالة تشبه الحالة الصينية في الولوج إلى بحر الصين الجنوبي ومياه أخرى في شرق آسيا. وتمثل مجموعة فريدة من التحديات التي تتطلب تطوير مفاهيم عملياتية جديدة لتمكين الجيش الأميركي من نشر القوة العسكرية في مسرح العمليات. ويركز التقرير على "مفهوم تمكين العملياتية" لكيفية التصدي للتهديد العسكري الإيراني المتزايد، ويرسم سيناريو للحرب على إيران وهزيمتها.
ويمضي التقرير إلى القول، على غرار الصين التي أنشأت شبكة معركة "المنطقة المحرًمة/منع الولوج A2/AD"، إيران أيضاً أنشأت هذه الإستراتيجية ولكن بالخصائص الفارسية، وتتبنى هذه الإستراتيجية اللامتماثلة عبر مليشياتها ووكلائها، وعناصرها: الألغام البحرية؛ الصواريخ الباليستية والمقذوفات الجوالة (كروز)؛ أسلحة G-RAMM؛ الطائرات المسيّرة؛ الغواصات؛ الأسلحة الإلكترونية والسييرانية؛ أنظمة القيادة والسيطرة C2 وأنظمة C4ISR؛ أسلحة الدمار الشامل؛ والوكلاء والمليشيات.
ويركز التقرير على أن المفاهيم العملياتية الحالية للجيش الأميركي والوضعية الأمامية للقوات الأميركية في منطقة الخليج العربي تعكس حقبة عابرة عندما كانت أميركا قادرة على نشر القوات إلى الأمام على نحو فعّال دون منازع، وأن هذه المفاهيم والاستراتيجيات القديمة للقوات الأميركية لم تعد تنفع مع حروب اليوم، فقد أتيحت لإيران فرصة كبيرة على مدار تقريباً ثلاثة عقود (منذ حرب الخليج 1990) لدراسة "الطريقة الأميركية للحرب" والاستنتاج بأن السماح للولايات المتحدة وحلفائها بتجميع وتجمع القوة القتالية الساحقة على حدودها هي بمثابة الهزيمة لها. لذلك، تتبع إيران إجراءات لمنع الجيش الأميركي من الولوج أو الوصول إلى القواعد القريبة وجعل عمليات قبضة القوة التقليدية الأميركية في الخليج العربي ممكنة فقط بتكلفة باهظة جداً.

التقرير يقييّم أولاً؛ كيف يمكن أن تخطط إيران للاستفادة من السمات الفريدة للخليج العربي، بالإضافة إلى التقنيات المتقدمة ذات التطبيقات العسكرية لمنع الولايات المتحدة من نشر قواتها في المنطقة بمستويات مقبولة من المخاطر. ثم يقترح عناصر لمفهوم تمكين العملياتية للحفاظ على حرية التصرف اللازمة للولايات المتحدة للوفاء بالتزاماتها الأمنية والقيام بعمليات فعّالة عبر شن حرب قد تكون شاملة وواسعة تصل لحد تغيير النظام الإيراني، وهزيمة إستراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية.

ويستعرض التقرير في القول، أن إيران بدأت في الاستثمار في القدرات اللازمة لتنفيذ استراتيجية الحرب اللامتماثلة "الهجينة" التي ركيزتها المجمع العسكري "المنطقة المحرّمة/منع الولوج (A2/AD)"، ويمكن أن تستمر في تحسين هذه الاستراتيجية بشكل كبير خلال الفترة الزمنية 2020 - 2025، ولذلك مؤلف التقرير يتوقع أن حرب أميركية على إيران قد تندلع في هذه الفترة الزمنية. وفي ضوء ذلك، يركز التقرير على أن الجيش الأميركي عليه تطوير مفهوم عملياتي جديد للطوارئ المستقبلية في الخليج العربي، نظراً لأن القواعد التي تقع في دول الخليج العربي (داخل حوض الخليج العربي) قد لا تكون متاحة، وسيتم المبارزة والتحدي على جميع مجالات العمليات، وقد يكون التهديد الإيراني عبر هجمات إرهابية وأسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية، لردع ومنع التدخل العسكري الأميركي الناجح في الخليج العربي.
ولذلك، بحسب التقرير، الحرب القادمة في منطقة الخليج العربي لن تكون مثل الحروب السابقة التي شهدتها، ستكون مختلفة ومن نطاق واسع وممتد خارج "حوض الخليج العربي"، بدءًا من بحر عُمان وبحر العرب والمحيط الهندي والهند ومالديف حتى جنوباً إلى جيبوتي ثم شمالاً من مصر والسودان إلى تركيا والبحر الأسود والقوقاز وجورجيا وأذربيجان حتى أوروبا الشرقية المجر وبلغاريا ورومانيا وجنوب أوكرانيا ووصولاً لجنوب أوروبا إيطاليا وقبرص واليونان، فضلاً عن دول أخرى كثيرة ذكرها التقرير. وكل هذه المناطق هي النطاق الواسع الممتد ومسرح العمليات التي ستشن منها القوات الأميركية الحرب المحتملة على إيران. وبالتالي لن تقوم الولايات المتحدة بنشر مئات الآلاف من الجنود في منطقة الخليج العربي كما كان عليه الوضع في الحروب السابقة (حرب الخليج 1991 و 2003)، وإنما يتم نشر القوات الأميركية في هذا النطاق الواسع الممتد.

وبتحديد الافتراضات الرئيسية التي وضعها التقرير للمساعدة في ربط نمط وشكل الحرب المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران. تحدد الخطوط الرئيسية للعمليات الأميركية المصممة للتغلب على إستراتيجية إيران الناشئة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD". ويختتم بإيجاز العمليات التي يمكن أن تكون جزءًا أساسياً من حملة أوسع ضد إيران إذا تم تنفيذ مفهوم التمكين بنجاح.
وستشمل هذه الحملة الأوسع عمليات تدمير مجمع أسلحة الدمار الشامل الإيراني؛ تحييد وكلاء إيران الذين تم تدريبهم وتجهيزهم لارتكاب أعمال إرهابية؛ إنزال برمائي على الجزر الاستراتيجية الهامة مثل جزيرة أبو موسى وجزيرة سري وجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى والاستيلاء عليها؛ الإنزال البرمائي على الساحل الإيراني والاستيلاء عليه؛ الحرب غير التقليدية للمساعدة في وضع الشروط لإسقاط النظام الإيراني.
ويشرح التقرير عملية دخول المسرح المشترك (الجوي والبحري) والتي تهدف إلى الاستيلاء على الأراضي الإيرانية على طول الساحل الشمالي لمضيق هرمز، والجزر الرئيسية المحيطة بالمضيق، وبحر عُمان. ويصف التقرير الاستيلاء بأنه بمثابة "الاستيداعات"، وستركز هذه الاستيداعات على قمع التهديدات ضد السفن العاملة في مضيق هرمز وبحر عُمان، بدلاً من إنشاء قواعد عملياتية أمامية تمهيداً لغزو بري واسع النطاق لداخل عمق إيران.
ويختتم التقرير بأفكار حول القدرات ومبادرات الموقف الإقليمي التي قد تكون ضرورية لتنفيذ مفهوم تمكين العملياتية.

ما ورد أعلاه هو مجرد عينة صغيرة جداً من تقرير ممتاز ومميز، لكنه مرعب ومخيف. يستحق مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية (CSBA) كل الشكر والتقدير، والشكر والتقدير أيضاً لكاتب التقرير مارك قونزنقر لكشفه للعلن تفاصيل نمط وشكل الحرب المحتملة على إيران.
يجب على كل من يعمل في وزاراة الدفاع أو أجهزة الأمن القومي بدول الخليج العربي والدول العربية، وكل مهتم بشؤون الدفاع أو الأمن القومي، أن يخصص وقت لقراءة التقرير ليس لمرة واحدة بل أكثر من مرة ليغطيه تغطية كاملة. ويمكن للمرء أن يتوصل بسهولة إلى استنتاج مفاده أن إيران عند مواجهتها بالقرب من شواطئها لن يتم إخضاعها بسهولة، ما يشار إليه عادة باسم "طغيان المسافة". بالإضافة إلى إمكانيات طهران المتنامية في استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" يخلق تحدياً مثيراً للاهتمام لرجال الحرب الأميركيين إذا اندلعت الحرب، ويبدو بأنها ستندلع إن لم تندلع في عهد ترامب ففي عهد غير ترامب. كما يقول أستاذ الجيواستراتيجي في جامعة هارفارد، غراهام أليسون: "إن القصة الكلاسيكية لكيفية لقاء قوة صاعدة مع القوة الراسخة، الحرب في كثير من الأحيان هي النتيجة الأكثر شيوعاً".


أترككم مع التقرير،
وأتمنى لكم قراءة ممتعة ومفيدة ومناقشة مُثرية وغنية



عبير البحرين


 
التعديل الأخير:
سيناريو الحرب المحتملة على إيران
من الخارج إلى الداخل: عمليات عسكرية من نطاق واسع وممتد




ترجمة ومراجعة: عبير البحرين

S20.png




ملخص تنفيذي

منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، أصبح الجيش الأميركي قادراً على إبراز القوة في ما وراء البحار مع بعض التحديات الخطيرة لتقييد حريته في العمل. هذا "العصر الذهبي" لقوة الولايات المتحدة قد يقترب بسرعة من نهايته. كما هو موضح في التحليلات السابقة التي أجراها مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية (CSBA)، حيث تعمل جمهورية الصين الشعبية على تطوير شبكة معركة “المنطقة المحرّمة” (AD – Area Denial) “منع الولوج” (A2 – Anti-Access) يمكن لها أن تقييّد قدرة الجيش الأميركي على المناورة في المجالات العملياتية الجوية، البحرية، تحت سطح البحر، الفضاء، والفضاء السيبراني. خلال السنوات القادمة، انتشار التقنيات العسكرية المتقدمة سوف تسمح للدول الأخرى باتباع استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" المصممة وفقاً للخصائص والسمات الجغرافية والجيواستراتيجية الفريدة لمناطقهم.

إيران، على وجه الخصوص، تستثمر في قدرات جديدة يمكن استخدامها للردع أو تأخير أو منع العمليات العسكرية الأميركية الفعّالة في منطقة الخليج العربي. إن امتلاك إيران لأسلحة يمكن أن تستخدمها لتطبيق استراتيجية "منع الولوج" إلى الخليج العربي، والسيطرة على تدفق النفط والغاز من المنطقة، وممارسة الأعمال العدوانية أو الإكراه والإجبار، يشكّل مصدر قلق بالغ لدى الولايات المتحدة وشركائها الأمنيين.

نقطة المرور البحري الأكثر هشاشة في العالم: يتدفق أكثر من 30% من النفط المنقول بحراً عبر مضيق هرمز، أهم نقطة بحرية في العالم وأكثرها هشاشةً وضعفاً. وفي أضيق نقطة من المضيق الذي يربط الخليج العربي مع بحر العرب يبلغ عرضه 34 ميل بحري فقط. تقتصر حركة المرور التي تخرج من المضيق في وقت السلم، والتي تضم في المتوسط 13 ناقلة نفط خام يومياً على قناتين: واحدة للخروج والثانية للدخول، حيث تستخدم قناة واحدة لحركة مرور السفن المتجهة للخارج والثانية للدخول على، يبلغ طول كل منهما حوالي 2 ميل بحري. تقع إيران على حدود المضيق وتدعي بالسيادة على العديد من الجزر، بما في ذلك جزيرة أبو موسى وجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، التي تقع في الجهة المقابلة لغرب المضيق (انظر الشكل 1).

S21.png



مثلما تقوم الولايات المتحدة إعادة نشر قواتها في العراق وأفغانستان، فإن لديها الفرصة لتطوير مفهوم عملياتي جديد لنشر القوة التي يمكن أن توازن القوة العسكرية الإيرانية المتنامية. سيتطلب ذلك من وزارة الدفاع تغيير الافتراضات التي طورتها قبل أكثر من ثلاثين عاماً، عندما دفع التهديد السوفيتي بالعدوان إلى التخطيط العسكري الأميركي لحالات الطوارئ في الخليج العربي. ويفترض إطار هذا التخطيط أن تتمتع الولايات المتحدة بوصول غير مقيّد إلى القواعد القريبة، وأن شبكات المعارك الأميركية ستبقى سليمة وآمنة، ولن يشكّل الاتحاد السوفيتي ولا قوة إقليمية تهديداً خطيراً لخطوط التواصل الجوي أو البحري. مع مرور الوقت، أدت هذه الافتراضات إلى قرارات ميزانية الدفاع التي تفضل الأنظمة والقدرات التي تناسب لعمليات داخل البيئات المتسامحة والآمنة.

في ضوء سعي إيران للحصول على قدرات “المنطقة المحرّمة” (AD – Area Denial) / “منع الولوج” (A2 – Anti-Access)، يبدو من غير المرجح أن تظل افتراضات التخطيط القديم للجيش الأميركي سارية. لقد أتيحت لإيران فرصة كبيرة على مدار أكثر من عقدين (منذ حرب الخليج 1990 - 1991) لدراسة "الطريقة الأميركية للحرب" والاستنتاج بأن السماح للولايات المتحدة وحلفائها بتجميع وتجمع القوة القتالية الساحقة على حدودها هي بمثابة الهزيمة لها. لذلك، تتبع إيران إجراءات لمنع الجيش الأميركي من الولوج أو الوصول إلى القواعد القريبة وجعل عمليات نشر القوة الأميركية التقليدية في الخليج العربي ممكنة فقط بتكلفة باهظة جداً.

مجمع إيران العسكري: تشكّل القوة العسكرية الإيرانية المتنامية، والتي تشمل مجموعة متنوعة من الأسلحة التي يمكن استخدامها لمنع الولوج إلى الخليج العربي، مصدر قلق بالغ للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها الأمنيين. في أواخر عام 2007 قال وزير الدفاع السابق روبرت غيتس: "لا يمكن أن يكون هناك شك في أن سياسات إيران المزعزعة للاستقرار تشكّل تهديداً لمصالح الولايات المتحدة، ولمصالح كل بلدان الشرق الأوسط، ومصالح جميع البلدان في نطاق الصواريخ الباليستية التي تطورها إيران"
تتضمن ترسانة إيران صواريخ باليستية يمكنها الوصول إلى أهداف في جميع أنحاء منطقة الخليج العربي. هدد القادة الإيرانيون مراراً باستخدام صواريخ كروز المضادة للسفن، والألغام الذكية، والزوارق الهجومية السريعة، وغيرها من الأسلحة المتقدمة لممارسة سيطرتهم على مضيق هرمز وممرات الشحن في الخليج العربي. علاوة على ذلك، تواصل إيران رعاية وتسليح مجموعة من الوكلاء التي تهدد الاستقرار الإقليمي.
في غياب تغيير ثوري لحكمها الداخلي وطموحاتها، من المحتمل جداً أن تستمر إيران في طريقها الحالي نحو إنشاء ترسانة من الأسلحة المتقدمة ومجموعة شبكة من الوكلاء لتحدي المصالح الأميركية في جميع أنحاء جنوب غرب آسيا.


استراتيجية المنطقة المحرّمة (AD - Area Denial)/منع الولوج (A2 - Anti-Access) بـ "الخصائص الفارسية"

تشير الخصائص الفريدة لمنطقة الخليج العربي، إلى جانب ضعف إيران في المنافسة العسكرية المباشرة مع الولايات المتحدة، إلى أن إيران ستتبع استراتيجية اللامتماثلة "الهجينة" المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD، تمزج بين التكنولوجيا المتقدمة وتكتيكات حرب العصابات لمنع القوات الأميركية من الوصول إلى قواعدهم ومنع القوات البحرية حرية المناورة.
حيثما كان ذلك ممكناً، ستسعى إيران إلى تجنب المواجهة المباشرة مع الجيش الأميركي، وبدلاً من ذلك ستقوم بإجبار أو إكراه الدول الخليجية الأضعف نسبياً وربما الأقل عزماً على حرمان الولايات المتحدة من اعطائها الإذن بالقيام بعمليات من القاعدة العسكرية. وعلى الجانب الآخر، يتركز تجمع السكان ومقار الحكومات والكثير من ثروات المنطقة بشكل ملحوظ في حفنة من المناطق الحضرية التي تقع داخل مديات مجموعة من الصواريخ الباليستية الإيرانية. على الرغم من أن الضربات القيّمة ضد مدن الخليج العربي قد لا يكون لها فائدة عسكرية مباشرة، إلا أن تأثيرها النفسي والسياسي على الحكومات الإقليمية قد يكون كبيراً، خاصة إذا أظهرت إيران القدرة على تسليح صواريخها برؤوس حربية كيمياوية أو بيولوجية أو إشعاعية أو نووية. ويمكن لإيران أيضاً حشد شبكتها من مجموعات الوكلاء "البروكسي" الإرهابية التي يغلب عليها من طائفة الشيعة والموجودة في أنحاء جنوب غرب آسيا (منطقة الخليج العربي وبلاد الشام) للقيام بأعمال إرهابية وإثارة التمرد في الدول التي لا تزال متحالفة مع الولايات المتحدة. وقد يصبح وكلاء إيران أكثر خطورة إذا قامت إيران بتسليحهم بأسلحة G-RAMM (وهي: قذائق صاروخية موّجهة ومدفعية وهواوين وصواريخ غير موّجهة). ويمكن أن تقوم مجموعات أخرى، مثل حزب الله اللبناني، بحملة إرهابية تهدف إلى توسيع نطاق الأزمة وتعريض المناطق الخلفية للولايات المتحدة - وحتى أراضي الولايات المتحدة نفسها - للخطر.
بالنظر إلى أن هذا النهج غير المباشر قد لا ينجح، بيد أن يمكن لإيران استخدام صواريخها الباليستية وقواتها بالوكالة لمهاجمة القواعد والقوات الأميركية في الخليج العربي مباشرة. وستستمر إستراتيجية إيران "الهجينة" في البحر، حيث ستنخرط قواتها البحرية في هجمات "اضرب واهرب" باستخدام ذخائر موّجهة متطورة، في المناطق الساحلية الضيقة والمزدحمة بمضيق هرمز وربما إلى خليج عُمان. يمكن لإيران أن تنسق هذه الهجمات مع عدة دفعات من صواريخ كروز المضادة للسفن وأسراب من الطائرات بدون طيار تطلقها إما من الشاطئ الإيراني أو من الجزر التي تحرس مدخل الخليج العربي.
لقد بدأت إيران في الاستثمار في القدرات اللازمة لتنفيذ هذه الاستراتيجية الهجينة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج (A2/AD)" ويمكن أن تستمر في تحسينها بشكل كبير على مدى العقد القادم. في ضوء ذلك، يجب على الجيش الأميركي تطوير مفهوم عملياتي جديد للطوارئ المستقبلية في الخليج العربي، وهو مفهوم يفترض أن القواعد التي في الداخل "داخل حوض الخليج العربي" قد لا تكون متاحة، وسيتم التنافس على جميع مجالات العمليات، وقد يكون التهديد الإيراني عبر هجمات إرهابية وأسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية، لردع ومنع التدخل العسكري الأميركي الناجح في الخليج العربي.


مفهوم من الخارج إلى الداخل "Outside-in" لتمكين العمليات

يقترح هذا التقرير ثلاثة خطوط عملياتية لمنع نجاح استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج" الإيرانية، وإستعادة الجيش الأميركي حرية التصرف والعمل:
> تهيئة الظروف لردع أو هزيمة العدوان الإيراني، وسياسة الإكراه الإيرانية، مع نشر قوات أميركية لدعم العمليات الأوليّة ضد إيران من خارج تهديداتها لمنع الولوج؛
> العمليات من نطاق خارجي لتقليل فعّالية مجمع "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيراني، من خلال إضعاف قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR)، وتقليل كثافة المنظومات الهجومية والدفاعية الإيرانية، بما في ذلك الصواريخ البالستية، وقدرات الإقصاء البحري، وشبكة الدفاع الجوي؛ و
> إرساء تفوق جوي وبحري محلي عند الاقتضاء، وحيثما تطلب الأمر ذلك، بما في ذلك التحكم البحري عبر مضيق هرمز، لدعم نشر القوة اللاحقة ومسرح عمليات الحملة.

تم تصميم خطوط العمليات هذه، لاستغلال قدرات الجيش الأميركي على القتال من نطاقات ممتدة لمواجهة الإستراتيجية الإيرانية الناشئة “المنطقة المحرّمة” (AD – Area Denial) / “منع الولوج” (A2 – Anti-Access)، والحفاظ على إمكانية الولوج إلى الخليج العربي. وفقاً لذلك، فإن هذا المفهوم التمكيني يدعو إلى إعادة تموضع الأصول الجوية والبحرية الأميركية من مواقعها الحالية (داخل حوض الخليج العربي) بالقرب من إيران إلى قواعد بعيدة ومناطق عمليات بحرية خارج نطاق الأصول الإيرانية الهجومية. من مزايا هذا السيناريو، يمكن للجيش الأميركي بعد ذلك تقليل كثافة مجمع "المنطقة محرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيراني، واستعادة حرية التصرف اللازمة لإجراء عمليات المتابعة.
يجب أن يكون الجيش الأميركي مستعداً أيضاً للقيام بمهامه في خطوط العمليات الأخرى كجزء من مسرح الحملة الشاملة. يمكن أن تشمل هذه العمليات:
> ردع إيران عن نقل أو استخدام أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة النووية، ويجب أن يفشل الردع الإيراني، ويمنع استخدامها ويقلل من تأثير الضربة النووية الإيرانية؛
> مواجهة مجموعات الوكلاء الإيرانية، التي تعمل بالوكالة، والمزودة بأسلحة (G-RAMM) قذائق صاروخية موّجهة ومدفعية وهواوين وصواريخ غير موّجهة، بما في ذلك منع إيران من إعادة تزويد الجماعات الإرهابية الموجودة في جنوب غرب آسيا؛
> فرض تكاليف باهظة على طهران من خلال مهاجمة البنية التحتية للطاقة الإيرانية وغيرها من الأهداف الأساسية اللازمة للحفاظ على المجهود الحربي؛ و
> شن حرب غير تقليدية يمكن أن تضع الشروط لتغيير النظام من الداخل، إذا أصبح ذلك ضرورياً.


مبادرات القدرة والوضعية الأمامية

لتنفيذ مفهوم تمكين العملياتية، ستحتاج وزارة الدفاع إلى تطوير قدرات جديدة ووضعية أمامية متنوعة، وحالياً لا يمثل جزء من سجل برنامجها. ولتحقيق ذلك، وفي ضوء ميزانية محدودة بشكل متزايد، سيتطلب أن يتخذ مخططي الدفاع قرارات صعبة؛ لا تستطيع الولايات المتحدة مواجهة التحديات التي قد تفرضها إيران على مصالحها الحيوية في الخليج العربي بمجرد زيادة في الإنفاق وإضافة قدرات وحمولة جديدة.
في ضوء حقائق الموازنة الحالية، قد تحتاج وزارة الدفاع إلى إعادة توازن محفظتها المالية عن طريق الحد من تركيزها على القدرات المستخدمة في البيئات المتسامحة والآمنة، والتي تم المبالغة في تحسينها، من أجل إعطاء الأولوية للقدرات اللازمة لمجموعة من العمليات في البيئات التي ستكون بطبيعتها غير آمنة وغير متسامحة بشكل متزايد.
ومن المثير للاهتمام، أن القدرات اللازمة لدعم مفهوم عمليات "معارك الجو والبحر Air Sea Battle" لغرب المحيط الهادئ، ومفهوم تمكين العمليات "من الخارج إلى الداخل Outside-In" لمنطقة الخليج العربي لديهما قدر كبير من التداخل. على سبيل المثال، يؤكد كلاهما (منطقة غرب المحيط الهادئ ومنطقة الخليج العربي) على الحاجة إلى تطوير أنظمة جديدة بعيدة المدى مثل القاذفات والطائرات بدون طيار للاختراق والعاملة على حاملة الطائرات؛ زيادة مخزون البحرية الأميركية من ذخائر المواجهة من بعد standoff؛ تحسين الدفاعات الجوية والصاروخية؛ ومتابعة مبادرات الوضعية الأمامية التي من شأنها تعقيد التخطيط العملياتي لقوة العدو.

يوصي هذا التقرير بالمبادرات التالية لدعم مفهوم التمكين العملياتي للخليج العربي.

القدرات الاستطلاعية والهجومية: يجب على الجيش الأميركي تصميم مجموعة جديدة من عائلة الأنظمة الهجومية البعيدة المدى للعمل في بيئات الاتصالات المتدهورة أو المرفوضة، وشراء القدرات غير الحركية، بما في ذلك أنظمة الحرب الإلكترونية والحرب السيبرانية وأنظمة الطاقة الموّجهة، لتعطيل أو إتلاف أو تدمير تهديدات المنطقة المحرّمة/منع الولوج الإيرانية. ويجب أن تتضمن، هذه المجموعة، طائرات الاختراق للبحرية بدون طيار، المُطلقة من على متن حاملات الطائرات (Unmanned Carrier-Launched Airborne Surveillance and Strike UCLASS)، هذا من شأنه أن يمدد من مدى وثبات الأجنحة الجوية التابعة لسلاح البحرية الأمريكية والتي تعمل في البيئات العملياتية شديدة الخطورة. يتعيّن على البحرية الأميركية أيضاً دمج وحدات الحمولة النافعة في غواصات المستقبل الهجومية من فئة فرجينيا عبر اتخاذ إجراء عكسي جزئياً وذلك على التخفيضات المخططة لها على قدرتها لتنفيذ عمليات هجومية بصواريخ كروز المواجهة من بعد standoff، وتطوير مركبة كبيرة بدون طيار تحت سطح الماء يمكنها تمديد شبكة المراقبة تحت البحر.

القدرات البحرية: لمواجهة قدرات البحرية الإيرانية الرامية لإقصاء البحريات الأخرى، يجب على وزارة الدفاع وضع حقل ليزر صلب قائم على السفن للدفاع ضد حشد من الزوارق ودفعات من صواريخ كروز المضادة للسفن، وتجهيز قاذفة قنابل جديدة طويلة المدى لنشر الصواريخ المضادة للسفن والألغام. للمساعدة في الوفاء بمتطلبات الحملة المستقبلية، يتعيّن على وزارة البحرية إرسال مركبة قتالية برمائية جديدة تم تحسينها للاضطلاع بمهام قتالية برية، والحفاظ على قدرة كافية للنقل البرمائي لدعم مسرح العمليات المشتركة.

الدفاعات الصاروخية وأسلحة (G-RAMM): يجب على الجيش الأميركي تطوير الصواريخ الاعتراضية التي يمكنها اعتراض الصواريخ الباليستية في مرحلة تعزيزها، بالإضافة إلى الاستثمار في تقنيات الطاقة الموّجهة الواعدة التي يمكن أن تحسن الدفاعات الصاروخية ضد الصواريخ الباليستية والمقذوفات الجوالة (الكروز) بتكلفة طفيفة للغاية لا تذكر مقارنة بالصواريخ المعترضة الحركية الحالية. يجب أن تتابع وزارة الدفاع أيضاً الألغام المتقدمة والقدرات غير القاتلة التي يمكن أن تخلق حواجز مادية أمام هجمات أسلحة G-RAMM الإرهابية ضد القوات الأميركية ومواقع العمليات الأمامية.

النقل الاستراتيجي: قبل الإغلاق المزمع لخط الإنتاج لطائرة C-17، قد يكون من الحكمة أن تقوم وزارة الدفاع بتقييم متطلبات النقل الاستراتيجي المستقبلي، مع افتراض أن إيران ستكون قادرة على التحكم في خطوط الاتصال البحري عبر مضيق هرمز والخليج العربي في بداية مراحل الصراع.

إعادة تنظيم الوضعية: على الجيش الأميركي التنوع في قواعده في الخليج العربي والتشديد حولها، لتعقيد عملية الاستهداف بالصواريخ الباليستية الإيرانية، مع إنشاء شبكة موسعة من مواقع الوصول المشتركة البعيدة لدعم العمليات الأميركية الأوليّة لنشر القوة من خارج نطاق التهديد الإيراني لمنع الولوج. ينبغي السعي للحد من البصمة الإجمالية للوضعية المستقبلية على الأرض للجيش الأميركي في الخليج العربي، مع دعم مهام مثل الدفاع الصاروخي، وبناء قدرات الشركاء، ومكافحة الإرهاب التي من شأنها أن تساعد الشركاء الإقليميين على مقاومة العدوان الإيراني ووكلائه. ويجب أن تتضمن أولويات بناء قدرات الشركاء الإقليميين لإنشاء شبكة مضادة لاستراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية، مزودة برادارات الإنذار المبكر، وقدرات الصواريخ البالستية والدفاع الجوي، والصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة المدى، والفرقاطات والكورفيتات أو الفريقطات.

باختصار، افتراضات الثلاثين سنة الماضية قد لا توفر أفضل إطار للتخطيط للعمليات في الخليج العربي ضد خصم قام بتصميم استراتيجيته لمواجهة الطريقة الأميركية في الحرب. إن امتلاك إيران أسلحة “المنطقة المحرّمة” (AD – Area Denial / منع الولوج” (A2 – Anti-Access)" وغيرها من القدرات اللامتماثلة المصممة لتحدي الجيش الأميركي عبر جميع المجالات القتالية، يشير بقوة إلى أنه يجب على وزارة الدفاع تطوير مفاهيم عملياتية مبتكرة لحالات الطوارئ الجديدة في الخليج العربي.
يمكن أن توفر هذه المفاهيم العملياتية أيضاً النسيج الضام بين استراتيجية وخطط ومتطلبات القدرة العسكرية للجيش الأميركي، وتساعد على اتخاذ القرارات بشأن أولويات الاستثمار في عصر الميزانيات الدفاعية المحدودة أو المتراجعة.


ما الذي ينبغي أن يفعله مفهوم التمكين؟

إن الغرض من مفهوم تمكين عملياتية متقدمة، توفير وسيلة لتحييد وإزاحة تطور إيران لشبكة معركة "المنطقة المحرّمة/منع الوصول A2/AD". يركز مفهوم التمكين المقترح في هذا التقرير بشكل أساسي على المستوى العملياتي للحرب. وبالتالي، فهي ليست استراتيجية "للفوز في الحرب" في حد ذاتها وإنما لتمكين عملياتي، وللفوز في الحرب سيتضمن التقرير سيناريو خطة شاملة لمسارح الحملة للعمليات المشتركة.
ولمفهوم عملياتي متماسك ينبغي القيام بما يلي:

المستوى الاستراتيجي: أولاً وقبل كل شيء، مفهوم التمكين يجب أن يدعم الإستراتيجية الأميركية الأوسع للخليج العربي. على الرغم من أن مناقشة تفصيلية للاستراتيجية تتجاوز نطاق هذا التقرير، فمن المرجح أن تتضمن أهداف الإستراتيجية الأميركية الدائمة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي؛ طمأنة الشركاء الإقليميين؛ حماية خطوط الاتصالات البحرية؛ ردع العدوان من قبل الجهات الإقليمية الفاعلة؛ ومكافحة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل التي تنطلق من هذه المنطقة. في حالة وجود نزاع فعلي، يمكن اشتقاق مكونات استراتيجية الحرب من هذه الأهداف الأوسع، مثل ضمان التدفق الحر لحركة الملاحة البحرية عبر الخليج العربي؛ ردع إيران عن استخدام الأسلحة النووية؛ الدفاع عن القوات الأميركية والقوات الشريكة ودعم البنية التحتية ضد الهجمات؛ حرمان إيران من الوصول إلى المواد اللازمة لدعم جهودها العسكرية؛ ومن المحتمل، شن حرب غير تقليدية لوضع الشروط لتغيير النظام الحاكم في إيران من الداخل.

المستوى العملياتي: للحفاظ على توازن عسكري مستقر ومواتٍ في الخليج العربي، يجب أن يتصدى مفهوم تمكين العملياتية لأكبر التحديات للإستراتيجية الإيرانية الناشئة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD"، فهذا من شأنه أن يشكّل خطر على قوة الاستجابة الأميركية للأزمات المستقبلية. على وجه التحديد، يجب تناول كيف يمكن للولايات المتحدة أن تقلل من الضعف المتزايد في قواعدها الأمامية في الخليج العربي ومواقع القوات الأميركية من تهديدات المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD الإيرانية. يجب أن يتناول المفهوم أيضاً إذا ما فشل الردع، كيف يمكن للجيش الأميركي استغلال نقاط ضعف إيران وتحييد قوتها لاستعادة حرية التصرف اللازمة لتمكين خطة شاملة لمسرح الحملة.


خريطة الطريق

يستخدم هذا التقرير النهج التالي في تطوير مفهوم عملياتي مقترح لتمكين عمليات الوجود الأميركي الأمامي، والاستجابة العملياتية للأزمات في الخليج العربي، وذلك رداً على الجهود الإيرانية المستمرة لتحويل التوازن العسكري الإقليمي بشكل كبير لصالحه.
أولاً، "من الانتشار السريع إلى الوجود الدائم"، يشرح أصل الوضعية الحالية للجيش الأميركي في الخليج العربي، وكيف أثر إطار الافتراضات التي طورتها واستخدمتها وزارة الدفاع على مدار الثلاثين عاماً الماضية في مفاهيمها العملياتية وقدراتها على القوة المنتشرة في المنطقة.
ثانياً، يلخص استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج ذات الخصائص الفارسية"، القدرات العسكرية لإيران، ويصف بشكل خاص كيف تقوم إيران بتطوير إستراتيجية المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD ذات خصائص وطنية (فارسية) فريدة، بدلاً من المحاكاة المباشرة للنموذج والاستثمار العسكري الصيني في هذا المجال. ثم يقدم وصف لكيف يمكن لإيران استخدام هذه القدرات في حملة مصممة لمهاجمة القوات الأميركية الموجودة بالفعل في المنطقة، ومنع وصول القوات الأميركية إلى القواعد الأمامية لمتابعة القوات الجوية والبرية الأميركية، وإغلاق العبور البحري أمام القوات الأميركية، وإغلاق العبور البحري إلى الخليج العربي بوجه عام عبر مضيق هرمز، وبذلك الفعل فإنها تشتري الوقت الكافي لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة.
ثالثاً، سيناريو ضربة عسكرية على إيران، وفق "عناصر مفهوم تمكين العملياتية من الخارج إلى الداخل"، واقتراح إطار جديد من الافتراضات لمعرفة تطوير المفاهيم العملياتية للعمليات العسكرية الأميركية المستقبلية في الخليج العربي. ثم وصف عناصر مفهوم التمكين المرشح. وذلك لتحقيق هدف هذا التقرير، الذي يستعرض سيناريو "من الخارج إلى الداخل" Outside-In، لمفهوم العمليات من الخارج إلى الداخل ومن نطاق واسع وممتد، ولتمكين القدرة الأميركية على القتال من مسارح متدرجة التي تكون خارج نطاق قدرات إيران الهجومية وذلك لمواجهة المجمع الإيراني الناشئ "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD"، والحفاظ على مصالح الولايات المتحدة والشركاء في الخليج العربي.
رابعاً، "مبادرات لدعم مفهوم تمكين العملياتية"، ويختتم التقرير من خلال تحديد القدرات الرئيسية، ومبادرات لبناء وتجهيز مسرح العمليات اللازمة لدعم مفهوم تمكين العملياتية.



 
التعديل الأخير:
أولاً : من الانتشار السريع إلى الوجود الدائم

قوة الطوارئ اليوم ليست مناسبة لمجابهة العديد من المشكلات التي من المحتمل أن تواجهها. [من دراسة عن عمليات الطوارئ المحتملة في الخليج العربي - وزارة الدفاع عام 1979].


قبل أن نتناول التحديات التي ينبغي أن تشكّل مفهوم جديد لتمكين نشر القوة العسكرية داخل منطقة الخليج العربي، من المهم فهم الافتراضات الأساسية التي تقوم عليها إطار وزارة الدفاع الحالي لإدارة وقيادة العمليات التقليدية في المنطقة.
يبدأ هذا القسم بتقييم جذور الوضعية العسكرية الأميركية في الخليج العربي. يستعرض إطار عمليات الطوارئ غير النووية، التي طورها مخططي وزارة الدفاع في أعقاب الحرب الفيتنامية، والذي كان يقوم على افتراض أن القوات الأميركية ستكون قادرة على الانتشار السريع وتعمل بدون معاقبة تقريباً من القواعد القريبة من المعتدي الإقليمي.
دفع هذا الافتراض إلى تطوير مفاهيم العمليات ووضعية القاعدة المتقدمة التي ردعت عدوان الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة وأثبتت نجاحها في حربين مع عراق صدام حسين. يشير وضع وزارة الدفاع الحالي في الخليج العربي، واستثماراتها في القدرات الأكثر ملاءمة للبيئات المتساهلة والمتسامحة، إلى أن هذا الإطار على الرغم من تراثها في الحرب الباردة إلا أنه يظل الأساس لعمليات نشر القوة المحتملة في المنطقة. سوف تتناول الأقسام التالية التحديات العسكرية الناشئة التي تهدد استقرار الخليج العربي، وتقترح إطاراً جديداً من الافتراضات التي يمكن أن تدعم مفهوماً تمكينياً للعمل في بيئة ستصبح بطبيعتها غير متساهلة ومتسامحة.


كسر الماضي

في العقد الذي تلا الحرب الفيتنامية مباشرة، كان هناك وعي متزايد بأن وزارة الدفاع عليها أن تحوّل التركيز الأساسي لتخطيط الحرب التقليدية والاستثمارات من "متطلبات خوض حرب تتركز في أوروبا" إلى الاستعداد لمجموعة واسعة من الحالات الطارئة في المسارح الأخرى، بما في ذلك الخليج العربي. أدت سلسلة من الأزمات في جنوب غرب آسيا - عام 1973 كان الحظر العربي للنفظ، والثورة الإيرانية عام 1978، وغزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان عام 1979، واندلاع الحرب الإيرانية العراقية عام 1980 - إلى زيادة الوعي الأميركي إزاء اللاستقرار المتنامي في المنطقة والتهديد الذي يمثله للاقتصاد العالمي. في يونيو 1979، أكملت وزارة الدفاع تقييماً داخلياً لقدرة الجيش الأميركي على ردع الأزمات والاستجابة في الخليج العربي؛ هذا التقييم وغيره من التحليلات المعاصرة برعاية مكتب وزير الدفاع والأركان المشتركة ساعدت على تأسيس مبرر استراتيجي لتحسين استعدادات وزارة الدفاع لإنتشار القوة العسكرية بسرعة في جنوب غرب آسيا.
مما لا يثير الدهشة، أن التوصيات الصادرة عن هذه التقييمات، تكشف أن وجهة نظر وزارة الدفاع، حول طبيعة الحالات الطارئة المحتملة في الخليج العربي، تأثرت في المقام الأول بالأولويات الاستراتيجية لأميركا في الحرب الباردة، أي حماية واستعادة تدفق النفط في حالة حدوث توغل عسكري سوفييتي في المنطقة، وتقليل النفوذ السوفيتي على الدول المنتجة للنفط، ومنع النزاعات الإقليمية من التصعيد إلى مواجهات القوى العظمى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. على الرغم من إن الأولويات الأخرى شملت التأثير على الدول العربية لتبني سياسات مواتية تجاه الغرب ومنع القوى الإقليمية المتطرفة من الإكراه أو الإطاحة بحكومات أكثر اعتدالاً، فقد تم تصور مواجهة الغزو السوفيتي لإيران باعتبارها السيناريو الأكثر تشدداً الذي قد يتطلب رد عسكري أميركي واسع النطاق.
كخطوة أولى نحو إنشاء إطار جديد للتعامل مع الأزمات في إقليم الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، أوصت تقييمات وزارة الدفاع بشدة بالتخلي عن افتراض أساسي كان يدعم ما كان يُعرف آنذاك باستراتيجية "حروب تقليدية - واحدة ونصف". منذ عام 1969، رأت وزارة الدفاع أنها ستكون مستعدة بشكل كاف لعمليات الطوارئ غير النووية إذا كانت لديها القدرة على دعم حرب كبرى في وقت واحد مع حلف وارسو في أوروبا وحالة طوارئ ثانوية ثانية - أو "نصف حرب" - في منطقة أخرى.
كما قال وزير الدفاع هارولد براون أمام الكونغرس في عام 1980، أن هذه الاستراتيجية افترضت على أن الولايات المتحدة ستعتمد "بشكل أساسي على حلفائها لإدارة خطوط الدفاع الأمامية في وقت السلم" للحفاظ على وضعية رادعة موثوق بها، وإذا فشل الردع، سيتطلب الوقت اللازم لنشر قوة عسكرية حاسمة في مسرح العمليات. وفي ضوء فقدان إيران كشريك أمني لأميركا، في عام 1979، اعتبر هذا الافتراض غير معقول لقوات الحملة التي تستعد لمواجهة الغزو السوفيتي في الخليج العربي. وكما قال بول وولفويتز:
"عندما تم التخطيط لهذه الدراسة لأول مرة، تم وضع العديد من الافتراضات حول إيران: ستظل حليفة للولايات المتحدة؛ ستشارك في التخطيط الدفاعي المشترك مع الولايات المتحدة؛ ستوفر الدعم اللوجستي الفعّال للدولة المضيفة؛ وستشارك قواتها المسلحة بفعّالية إذا حدث غزو. لقد غيرت الثورة الإيرانية الظروف تغيراّ جذرياً، ولم تعد أي من هذه الافتراضات معقولة الآن".
بناءً على تقييماتهم لبيئة التهديدات المستجدة، أوصى مخططي الدفاع بخلق وجود عسكري أميركي أكثر وضوحاً ودائماً في جنوب غرب آسيا. تشمل الخيارات الرئيسية لهذه الوضعية الجديدة، المعدات العسكرية والمواد الاستهلاكية لدعم النشر السريع لقوات الحملة و "التواجد على مدار العام لفريق مهام الحاملة و / أو مجموعة الاستعداد البرمائي" في المنطقة. على مدار العقد التي تلت هذه التقييمات، أصبحت هذه التوصيات حقيقة واقعة.


تطور الوجود الأميركي في الخليج العربي

على الرغم من أن إدارة كارتر أقرت بضرورة ترقية استعدادات الجيش الأميركي للاستجابة تجاه الأزمات في جنوب غرب آسيا، إلا أنها لم تغيّر من ميزان القوى في المنطقة بشكل كبير. من بين 2،802 من موظفي وزارة الدفاع الذين تم نشرهم في الخليج العربي والدول المحيطة به في عام 1975، تمركز حوالي 63% في المملكة العربية السعودية وإيران لدعم استراتيجية "الركائز المزدوجة" التي اعتمدت على القوات العسكرية المحلية للحفاظ على الاستقرار الإقليمي. أعلن كارتر عن نيته تطبيق مفهوم "قوة الانتشار السريع" لتعزيز استعداد وزارة الدفاع لخوض حرب كبرى في أوروبا والقيام في نفس الوقت بعمليات عسكرية تقليدية في الشرق الأوسط أو كوريا. على الرغم من إنشاء وزارة الدفاع لاحقاً لمقر فرقة العمل المشتركة للنشر السريع، وذلك قبل بدء الحرب بين إيران والعراق، فإن الإجراءات لتطبيق مفهوم قوة الانتشار السريع لم تتضمن تغييرات مهمة على القوات الأميركية التي تمركزت بشكل دائم أو بالتناوب في الشرق الأوسط. بين عامي 1975 و 1979، حيث زاد الوجود الأمريكي في المنطقة بأقل من 1000 شخص (انظر الشكل 2).

S23.png


بدأت الولايات المتحدة في توسيع وجودها العسكري الدائم بشكل كبير في جنوب غرب آسيا في أعقاب اندلاع الحرب الإيرانية العراقية في سبتمبر 1980. بحلول عام 1989، ضاعفت وزارة الدفاع من الوجود العسكري في المنطقة ما يقارب من ثلاثة أضعاف، مجهزة بأنظمة الإنذار والتحكم المحمولة جواً (AWACS) والطائرات المتمركزة في المملكة العربية السعودية لدعم مهام الدفاع الجوي، والوحدات البحرية الرئيسية، بما في ذلك حاملة الطائرات المتمركزة لضمان حرية الملاحة عبر الخليج العربي ومضيق هرمز.
أدت حرب الخليج الأولى في عام 1991 وما تلتها من عمليات عسكرية إلى زيادة هائلة أخرى في عدد أفراد وزارة الدفاع الذين تم نشرهم بشكل مستمر في جنوب غرب آسيا في أعقاب نجاح عملية عاصفة الصحراء، وواصلت القوات الجوية الأمريكية المتمركزة على الأرض والقوات الجوية على العمل في الخليج العربي لفرض مناطق حظر الطيران الموازي لشمال خط العرض 36 وجنوب خط العرض 32 في العراق، وإجراء عمليات الحظر البحري التي تحظر الواردات العراقية الانتقائية. في عام 1998، ظل أكثر من 27000 من موظفي الخدمة الأميركيين متواجدين في الخليج العربي ويقفون على الشاطئ في قواعد في الكويت والسعودية شبه الجزيرة العربية والإمارات العربية المتحدة.
بحلول نهاية عام 2010، كان أكثر من 2900 من الأفراد العسكريين الأميركيين يدعمون مهمات في منطقة الخليج العربي، مع 189000 من أفراد الخدمة الآخرين الذين يخدمون في العراق وأفغانستان. في عام 2003، انتقل الأفراد العسكريين الأميركيين المتمركزين في المملكة العربية السعودية إلى قواعد في قطر ومرافق إقليمية أخرى.
اليوم، يحتفظ سلاح الجو بالقيادة الجوية المشتركة في قاعدة العديد الجوية في قطر، وتعمل طائرات الشحن والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع من مدرج القاعدة الذي يبلغ طوله 12,303 قدماً وهو أحد أطول المدارج في الخليج العربي. كما تتمركز القوات البحرية الأميركية بالمنطقة في مقر أسطولها الخامس مع القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية في المنامة، العاصمة البحرينية. وفي المتوسط، يقود قائد الأسطول الخامس/القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية ما يقرب من 15000 شخصاً ذو كفاءة، و 1500 يتموضعون على الشاطئ، وما يصل إلى أربعين سفينة بحرية تتشكل في مجموعات الحاملات الضاربة، البرمائيات الجاهزة و / أو الهجمات الاستكشافية. أعلنت وزارة الدفاع عن خطة لاستثمار 580 مليون دولار لمضاعفة حجم هذه المنشأة. كما يوجد أفراد وطائرات عسكرية أميركية أخرى في قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات العربية المتحدة وفي منشآت في قطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة.


إطار العمل لنشر القوة

على الرغم من التركيز المتزايد على حالات الطوارئ في الخليج العربي التي بدأت خلال إدارة كارتر، إلا أنه من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن الإطار الأساسي لتميّز القوة العسكرية التي حددتها وزارة الدفاع في دراسة "قدرات طوارئ محدودة في الخليج العربي" لعام 1979، توضح في كثير من النواحي بأنها تشبه العقيدة المعاصرة لمواجهة الغزو السوفيتي لأوروبا الغربية. في المرحلة الأولى لمثل هذا النزاع، يتصور هذا الإطار استخدام وحدات "الوجود" الأمامية كقوة قتال أوليّة لإبطاء غزو قوات العدو الغازية لإعطاء الوقت لوصول التعزيزات الأميركية إلى المسرح. سيتم دعم هذه الوحدات الموجودة في موقعها بواسطة مجموعة كبيرة من المقاتلات والقاذفات التكتيكية الأميركية التي ستنشر بسرعة في مسرح القواعد خلال الأيام الأولى للنزاع. وبمجرد وصول التعزيزات الأرضية الثقيلة في الولايات المتحدة إلى المسرح عن طريق البحر والجو، وبإعادة تموضع المعدات ستستعد للعمليات الهجومية. أخيراً، مع وجود "قوة حاسمة" في المكان، سوف تشرّع الولايات المتحدة وشركاؤها في شن هجوم مضاد في الزمان والمكان وفقاً لاختيارهم.
تم اعتماد هذا الإطار للحرب التقليدية، لعمليات الطوارئ في الخليج العربي، من خلال عدد من الافتراضات الرئيسية. لحماية خطوط الاتصال البحرية في الخليج العربي ومضيق هرمز، على سبيل المثال، كان من المفترض أن القواعد الأمامية القريبة ستكون كافية لدعم العمليات الجوية والبحرية واللوجستية. أيضاً كان هناك اعتقاد أن حاملات الطائرات "ستكون قادرة على الدفاع عن نفسها" ويمكنها القيام بعمليات هجومية بفعّالية وعن قرب في الخليج العربي، على الرغم من أن ستواجهها خطر ما، بسبب التهديدات المحتملة من طائرات العدو. في حالة غزو سوفيتي لدولة في الخليج العربي، قرر مخططو وزارة الدفاع أن الولايات المتحدة سوف تضطر إلى الاعتماد على ميزتها الإجمالية في المقاتلات التكتيكية لـ "التعويض عن التباينات المبكرة في القوات البرية."
من الواضح أنه كان من المفترض أن المقاتلات الأميركية، التي تعمل من قواعد في الخليج العربي، ستكون قادرة على تحقيق التفوق الجوي اللازم لتمكين العمليات الجوية والبحرية والأرضية المشتركة بشكل فعّال، وسيكون لديها مجموعة كافية - مدعومة بالدعم الجوي للتزود بالوقود - للوصول إلى المناطق المستهدفة. وهذا مبني على افتراض بأن القواعد الأميركية القريبة ستتمتع بشبه ملاذ آمن من هجوم ممتد بشكل واضح ليشمل القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (C4ISR) والشبكات اللوجستية اللازمة لدعم عمليات قتالية فائقة السرعة.


العودة إلى المستقبل؟

"أظهر تحليلنا أنه يمكننا الحفاظ على القدرة على القتال والفوز في نزاعين إقليمييّن رئيسييّن وما زلنا نقوم بإجراء تخفيضات حكيمة في الهيكل العام لقوتنا - طالما أننا نطبق سلسلة من التحسينات على القوة الحاسمة لتحسين قدرة استراتيجيتنا المتحركة ووصولنا المبكر لتعزيز القدرة المضادة للدروع، واتخاذ خطوات أخرى لضمان قدرتنا على وقف العدوان الإقليمي بسرعة". تقرير وزارة الدفاع حول المراجعة التصاعدية من الأسفل إلى الأعلى لعام 1993.

المراجعة التصاعدية (من الأسفل إلى الأعلى) لعام 1993، أول مراجعة إستراتيجية رئيسية لوزارة الدفاع بعد الحرب الباردة، خلقت إطاراً للعمليات التقليدية التي كررت بشكل أساسي المفاهيم التي حددتها دراسة "بول وولفويتز في عام 1979". في المضمون، المراجعة التصاعدية حددت أولويات لتوجيه وزارة الدفاع للتحضير للحرب في "نزاعين إقليميين رئيسيين" في مسارح منفصلة وفي وقت واحد تقريباً. [ المراجعة ركزت في المقام الأول على سيناريوهين توضيحيين اثنين لحربين إقليميين رئيسيين: "العدوان من جانب العراق المسلح ضد الكويت والسعودية، وكوريا الشمالية ضد كوريا الجنوبية" ].
أوضح تقرير "المراجعة من الأسفل إلى الأعلى" تصور لسيناريوهات لعمليات "حربين إقليميين رئيسيين" قد تتجلي في أربع مراحل. في المرحلة الأولى: "وقف الغزو"، سوف ينتشر المقاتلون الأميركيون المتواجدون على الأرض في القواعد، والقاذفات بعيدة المدى والأصول الجوية المهاجمة بالاشتراك مع القوات البرية المضادة للدروع وسوف تنتشر بسرعة لزيادة وحدات التواجد إلى الأمام والمساعدة في تحقيق "توقف سريع" للقوات الغازية للعدو. المرحلة الثانية: "بناء القوة القتالية الأميركية في المسرح مع تقليل قدرة العدو"، ستجد الولايات المتحدة تستخدم العديد من القدرات في المرحلة الأولى لطحن العدو مع الاستمرار في نشر القوات في منطقة العمليات. وبمجرد الانتهاء من البناء، تبدأ المرحلة الثالثة: "هزيمة العدو بشكل حاسم". ستبدأ العمليات الهجومية المضادة. والختام الناجح للمرحلة الثالثة سوف يتبعه عمليات في المرحلة الرابعة لـ "توفير الاستقرار بعد الحرب" لمنع الأزمات اللاحقة وإنفاذ اتفاقيات إنهاء الحرب.
مع الاختلافات، هذا النموذج وصف للعمليات الأميركية خلال حرب الخليج الأولى ضد العراق في عام 1991، وتنبأ الإطار الأساسي لعمليات حرب الخليج الثانية في عام 2003، والتي اندلعت بعد 12 سنة من حرب الخليج الأولى. تميّز النزاعان بعمليات تدريجية، نشرت وحدات قتالية رئيسية في قواعد تقع على أطراف دولة معادية؛ واستخدام الضربة الأرضية البرية والبحرية لتقليل تهديدات العدو قبل بدء القتال الأرضي الوثيق؛ وشن هجمات جماعية واسعة النطاق ضد قوة تقليدية أظهرت أدنى مستوى من الناحية الفنية.
بطبيعة الحال، اختلفت حملتا حرب الخليج (الأولى 1991 والثانية 2003) بعدة أوجه؛ في الحرب الأولى، القوات العراقية تم طردها من الكويت بينما في الحرب الثانية أدت إلى تغيير النظام وعملية استقرار طويلة الأمد. على الرغم من الاختلافات بينهما، إلا أن العناصر الأساسية في كلتا الحملتين تم تصورهما بشكل جيد في ملاحظة عام 1996 التي أدلى بها الجنرال "تشاك هورنر"، قائد القوات الجوية للتحالف خلال حرب الخليج الأولى، أن "الولايات المتحدة تعتمد على استراتيجية القتال لنشر المقاتلات قصيرة المدى والقوات البرية في مسرح المعركة بقواعد أجنبية الموجودة - مجازياً - في الفناء الخلفي للخصم".
يمكن القول، إن هذا القالب يستمر في وصف المفاهيم العملياتية لوزارة الدفاع لمواجهة أعمال عدوانية في منطقة الخليج العربي. على سبيل المثال، أفاد تقييم "البيئة الاستراتيجية" الذي أصدرته القوات الجوية في مارس 2011 أن: اليوم العمليات الجوية للولايات المتحدة الأميركية تتوقع: (1) تأمين قواعد دائمة أو قواعد الانتشار بالقرب من مسرح العمليات، من أجل توليد طلعات جوية كافية؛ (2) قدرات فعّالة منخفضة البصمة (أو "شبحية") لاختراق أنظمة الدفاع الجوي؛ (3) تراكم للقوة الطويلة في المسرح لدعم أقصى عمليات مستدامة؛ (4) خطوط اتصال آمنة للوقود واللوجستيات الأخرى؛ (5) فعّالية صواريخ جو خلف مدى الرؤية أو خارج مدى الرؤية البصرية؛ و (6) دعم كافي لناقلات التزود بالوقود "التانكرز".
بشكل مناسب، يتساءل تقييم القوة الجوية "ما إذا كان يمكن للقوات الجوية الأميركية الاعتماد على أي من عوامل التمكين الأساسية للقوة الجوية في المستقبل، ويرجع ذلك أساساً إلى التحديات المتزايدة المرتبطة باستراتيجيات المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD والقدرات التمكينية". في حين أن هذا سؤال مهم للغاية، تشير أولويات القدرة المستقبلية لوزارة الدفاع إلى وجود تحرك حقيقي ضئيل بعيداً عن افتراضات التخطيط القديمة.
على سبيل المثال، من بين 95 برنامج استحواذ رئيسي مُدرج في أحدث "تقارير الاستحواذ المختارة" لوزارة الدفاع، والتي يبلغ مجموعها 1.8 تريليون دولار من الاستثمارات المخطط لها، أن 27% من التمويل المستقبلي مخصص لطائرات F/A-18 و F-22 و F-35. وتمثل طائرة F-35 وحدها نسبة 19% من إجمالي التكاليف المبلغ عنها في "تقارير الاستحواذ المختارة". وبإمكاننا أن نحفر أعمق قليلاً، ونجد أن أكثر من 70% من ميزانية سلاح الجو للطائرات الجديدة على مدى هذا العقد ولربما العقد المقبل - بما في ذلك قاذفة جديدة - سوف تذهب نحو برنامجين فقط وهما: F-35A وناقلة بديلة للتزود بالوقود جواً.
مما لا شك فيه، أن هذه الاستثمارات ستؤدي إلى قوة جوية مقاتلة أكثر قدرة على البقاء على الحياة في المناطق المرفوضة وغير المتسامحة. ومع ذلك، ستظل هذه القوة المقاتلة تعتمد اعتماداً كبيراً على قواعد قريبة أو حاملات الطائرات، وكذلك على طائرات التزود بالوقود. بدون هذا الدعم الأساسي أو القدرة على تشغيل الحاملات في المياه الخطرة بالقرب من إيران، قد لا تتمكن المقاتلات الأميركية من تغطية أجزاء كبيرة لساحة القتال في الخليج العربي (أنظر الشكل 3)

S24.png



إن بيئة القتال في الخليج العربي التي أصبحت بيئة غير متسامحة بشكل متزايد بل وعدائية سوف تفرض قيوداً تشغيلية مماثلة على القدرات الأخرى التي تنوي وزارة الدفاع شراؤها. على مدى العقد الماضي، وسعت وزارة الدفاع بسرعة أسطولها من أنظمة الطائرات بدون طيار للقيام بمجموعة من مهام المراقبة والضربات الخفيفة. تقوم القوات الجوية وحدها بإرسال ما يكفي من الطائرات بدون طيار الموّجهة عن بعد مثل طائرات MQ-1 بريداتور و MQ-9 ريبير للحفاظ على 65 "دورية جوية قتالية CAPS"، ولتوفير مقطع فيديو متحرك، وإمكانية الضربة الخفيفة لدعم العمليات التي تقع في المقام الأول في مجال مسؤولية القيادة المركزية. على مدى الخمس سنوات المقبلة سيشتري الجيش MQ-1C "غراي إيجل" المستندة إلى البريداتور بمبلغ يقدر بنحو 4 مليارات دولار.
في حين أن تحول الخدمات نحو القدرات غير المأهولة كان ضرورياً لدعم عمليات اليوم، إلا أن تقتصر جميع الأنظمة الثلاثة غير المأهولة على العمل في مناطق متساهلة نسبياً. في الواقع، من بين 36.9 مليار دولار، الذي يقدره مكتب ميزانية الكونغرس، فإن وزارة الدفاع سوف تنفقها على الطائرات بدون طيار حتى عام 2020، وسيتم تخصيص الغالبية العظمى من التمويل لشراء الأنظمة التي تتطلب بيئات تهديد متساهلة ومتسامحة نسبياً.


التطلع قدماً

باختصار، إن "الحكمة التقليدية" التي كانت مستخدمة في الماضي قد لا توفر أفضل قالب للعمليات العسكرية في المستقبل ضد أعداء لا يشبهون تلك التي واجهتهم الولايات المتحدة في العقود الأخيرة. الافتراضات والمفاهيم العملياتية للطوارئ التقليدية التي تم تطويرها خلال حقبة كانت فيها الغزوات البرية عبر الحدود من قبل وحدات المدرعات الثقيلة، والتي كانت تمثل أكبر تهديد للسلام والاستقرار في الخليج العربي، قد لا تكون الأنسب لبيئة تهديد مستجدة مليئة بالصواريخ الباليستية والمقذوفات الجوالة الموّجهه، وتكتيكات حشود الزوارق البحرية، وقوات عسكرية غير نظامية تعمل بالوكالة ومجهزة بأسلحة G-RAMM (قذائق صاروخية موّجهة ومدفعية وهواوين وصواريخ غير موّجهة)، والتهديد بهجمات كيماوية، بيولوجية، إشعاعية، أو نووية.
على مدار العقدين الماضيين، كان الأعداء المحتملون يراقبون طريقة الحرب الأميركية، ويقومون بتطوير قدراتهم لتعويض النقص الذي لديهم تجاه المزايا الاستراتيجية والعملياتية للجيش الأميركي. إن انتشار أنظمة أسلحة لإستراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" وغيرها من القدرات اللامتماثلة التي تهدف إلى تحدي حرية الجيش الأميركي في العمل عبر جميع مجالات القتال، يشير بقوة إلى حاجة الجيش الأميركي لتسريع المنافسة من خلال تطوير مفاهيم مبتكرة لمعالجة حالات الطوارئ الجديدة في الخليج العربي. وعلى وجه الخصوص، ينبغي أن يفترض أن معتدي المستقبل من غير المرجح أن يرتكب نفس الخطأ الذي ارتكبه صدام حسين - مرتين - عندما سمح للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بحشد قوة عسكرية كبيرة وحاسمة على حدود العراق. في ضوء هذه العوامل، من الواضح أن الوقت قد حان لدائرة وزارة الدفاع الأميركية لإعادة تقييم صحة الافتراضات القديمة للتخطيط، والمفاهيم العملياتية، والوضعية العسكرية في القواعد الأمامية.



 
التعديل الأخير:
ثانياً: المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD بالخصائص الفارسية

من عاصفة الصحراء إلى الوقت الحاضر، تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من الحصول الحصري - نسبياً - على تقنيات الضربات الدقيقة المتطورة. خلال العقد القادم أو العقدين القادمين، ستصبح هذه التقنيات بشكل متزايد تمتلكها دول أخرى. إن إنتشار تقنية الضربة الدقيقة لها تأثير تراكمي، وسوف تُمكّن استراتيجيات المنطقة المحرّمة/منع الولوج، مما يخلق تحديات لقدرتنا على نشر القوة في أجزاء بعيدة من العالم. - نائب وزير الدفاع وليام ج. لين ، الثالث، منتدى الأمن العالمي الذي نظمه مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية CSIS، يونيو 2011.

تناولنا في "أولاً" التاريخ الحديث لوجود الجيش الأميركي في الخليج العربي وكيف تشكّل لمجابهة التهديدات التقليدية للاتحاد السوفيتي والعراق. اليوم، يبدو أن المفاهيم العملياتية التقليدية وافتراضات التخطيط أصبحت قديمة ولم تعد ذا صلة. فقد راقب الأعداء المحتملون لأميركا نجاح عمليات نشر القوة الأميركية على مدار العقدين الماضيين، وتعلموا أن محاولة أي مواجهة مع الجيش الأميركي بشكل متماثل أو "وجهاً لوجه" هي وصفة للهزيمة، خاصةً إذا سُمحت للولايات المتحدة بنشر قوتها القتالية الساحقة في مسرح العمليات.
إيران، على وجه الخصوص، تقوم بتطوير إستراتيجية غير متماثلة لتقييد العمليات الأميركية في الخليج العربي. هذه الاستراتيجية تمزج بين التكتيكات غير النظامية والأسلحة البدائية مع قدرات تقنية متقدمة لمنع أو تقييد الجيش الأميركي من الوصول إلى قواعده القريبة وتقييد حريته في المناورة، عبر مضيق هرمز. يمكن للإستراتيجية الإيرانية "الهجينة"، المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD، استغلال السمات الجغرافية والسياسية لمنطقة الخليج العربي لتقليل فعّالية العمليات العسكرية الأميركية، قد لا يكون هذا النهج في حد ذاته إستراتيجية مربحة لإيران، إلا أنه قد يؤدي إلى رفع التكاليف أو تمديد الجداول الزمنية للتدخل العسكري الأميركي بشكل كبير. ومع ذلك، سوف تفتح نافذة فرصة لإيران بالبدء في عمل عدائي أو قسري لتحقيق أهدافها.
في هذا القسم من التقرير أيضاً سوف نقييّم المجمع العسكري الإيراني الناشئ "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" باعتباره "تهديداً متسارعاً" لمنطقة الخليج العربي، وكيف أن تطوير إيران لإستراتيجيتها "الهجينة" (المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD) قد يُبطل ويلغي العديد من "افتراضات التخطيط لمواجهة الحالات الطارئة" الذي أعدته وزارة الدفاع. وسنلقي الضوء بإيجاز على كيف أن تطوير إيران لقدرات المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD يختلف عن تطوير الصين. وسوف نستمر في العرض من خلال توضيح الخصائص الرئيسية لمنطقة الخليج العربي التي يمكن أن تؤثر على عمليات إيران والولايات المتحدة في الصراع. بعد ذلك، سنقدم وصف للقدرات العسكرية الإيرانية الحالية، وكذلك النظم العسكرية التي من المعقول أن تحصل عليها. بناءً على هذه التقييمات، يفترض هذا القسم من التقرير، كيف يمكن لإيران أن تستخدم شبكة معركة المستقبل "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" لمنع الولايات المتحدة من التدخل بفعّالية في الخليج العربي.


المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD ذات الخصائص الفارسية

ربما أفضل توضيح وشرح عن نسخة المجمع العسكري الإيراني "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" أن يتم مقارنته باستراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD في جمهورية الصين الشعبية.
تعكف جمهورية الصين الشعبية على تطوير قدرات متقدمة لمجمعها العسكري "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD"، التي تشتمل على ذخائر دقيقة التوجيه طويلة المدى (PGM)، وشبكات المعارك لدعم المجمع، بغرض منع الولايات المتحدة من تنفيذ عمليات فعًالة لنشر القوة في غرب المحيط الهادئ. وتستثمر الصين بكثافة في الصواريخ الباليستية، وصواريخ الكروز للهجوم الأرضي، والطائرات المهاجمة لمنع الولايات المتحدة من الولوج إلى قواعدها في المنطقة، وتصبح هذه القواعد في خطر. أيضاً تقوم جمهورية الصين الشعبية بإنشاء شبكة استطلاع بحري كثيفة الطبقات تضم أنظمة الاستشعار فوق الأفق، وطائرات هجومية مسلحة بصواريخ كروز المضادة للسفن، وغواصات مسلحة بصواريخ مضادة للسفن، وطوربيدات متقدمة، وصواريخ باليستية مضادة للسفن قادرة على ضرب الأهداف البحرية المتحركة في نطاقات تتجاوز 1000 ميل بحري. كما قامت الصين بتغطية كثيفة لحدودها الشرقية وسواحلها بأنظمة الدفاع الجوي المتكاملة، تشتمل على أنظمة صاروخ أرض - أرض متطورة وطائرات مقاتلة من الجيل الرابع ومحتمل الجيل الخامس، وشبكات متطورة ومصلدة للقيادة والسيطرة، ومصممة لمقاومة الجهود المبذولة في مجالات الاختراق والانقطاع والاستغلال. كما تعمل جمهورية الصين الشعبية على تطوير قدرات الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية وشبكات الحاسوب لتقليل قدرة الولايات المتحدة على الإستشعار والتواصل عبر مسافات طويلة - وهو عنصر أساسي في شبكة المعارك العسكرية للجيش الأميركي.
يتطلب مجمع "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" طويل المدى لجمهورية الصين الشعبية خبرات وموارد تقنية وفنية كبيرة للتطوير والتشغيل والصيانة. يشير إلى أن الذخائر الموّجهة بدقة يمكن أن تحقق الدقة بشكل مستقل عن المدى، لكن المدى لا يزال يعتمد اعتماداً كبيراً على التكلفة.
على الرغم من أن إيران تفتقر للوسائل اللازمة لنشر قدرات متقدمة لـ "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" مماثلة لتلك القدرات في جمهورية الصين الشعبية، إلا أنها قد تتبع استراتيجية لـ "المنطقة المحرّمة"/منع الولوج" تتناسب مع مواردها المتواضعة نسبياً والسمات الجغرافية والجيواستراتيجية لمنطقة الخليج العربي. على سبيل المثال، على عكس مجمع المعركة والاستطلاع البحري طويل المدى الصيني والذي يجب أن يغطي مساحات شاسعة من المحيط الهادئ، فإن إيران تستطيع التركيز على قدراتها في "الإقصاء البحري" بمنطقة الخليج العربي التي هي أصغر بكثير من منطقة غرب آسيا، وكذلك يمكنها ذلك في نقطة الاختناق المروري في مضيق هرمز الحيوي. علاوة على ذلك، في حالة وجود نزاع مع الولايات المتحدة، من المحتمل أن تسعى إيران إلى إجبار جيرانها على حرمان الجيش الأميركي من الوصول إلى مواقع التشغيل القريبة، بدلاً من اعتمادها فقط على فعّالية هجماتها العسكرية المباشرة ضد القواعد الأميركية في دول الإقليم.
ومع ذلك، هناك تشابه واحد مهم بين استراتيجيات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الصينية والإيرانية: كلاهما يسعيان إلى فرض تكاليف على الجيش الأميركي باستخدام نهج متعدد الطبقات، يبدأ بضربات هجومية على مدى طويل ويتوج بدفاعات تزيد شدتها مع اقتراب القوات الأميركية من الأراضي التي تنطلق منها الضربات الهجومة العدائية. في حالة إيران، تتوافق هذه الاستراتيجية مع مفهومها في "الدفاع عن الفسيفساء"؛ بمعنى أنها تدافع عن عمق الوطن وتنتهج نهج المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، وستسعى إيران لفرض تكلفة عالية على الغزاة (أي الولايات المتحدة)، وسوف تصورها على أنها "دفاعاً عن الفسيفساء" وحرباً عقائدياً، يتمثل في تعرّض الغزاة الأميركيين لتهديدات متعددة الأشكال في كل خطوة يخطونها على الطريق إلى طهران.


أهداف "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية

أعلنت طهران مراراً وتكراراً أن الوجود العسكري الأميركي في الخليج العربي يهدد طبيعة النظم الحاكمة للمنطقة. تعكس مثل هذه التصريحات الجهود الإيرانية طويلة المدى لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط من خلال تقديم نفسها بأنها القطب الشيعي المضاد للأنظمة السنية المدعومة من الولايات المتحدة. وبالتالي، فإن الهدف المحتمل لاستراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية هو قلب الأنظمة السياسية الحالية في منطقة الخليج العربي، وترسيخ نفسها كقوة إقليمية مهيمنة، وربما على نطاق أوسع ليشمل الشرق الأوسط، والدول العربية بأكملها. تأمل إيران في تحقيق ذلك عن طريق ردع أو منع الولايات المتحدة من التدخل بفعّالية في أي أزمة في الخليج العربي، مما يزيد من قدرة طهران على إجبار دول إقليمية أخرى للانحياز إلى إيران بمجرد إدراكها أن الضمانات الأمنية الأميركية لم تعد ذات مصداقية.
إذا اختارت الولايات المتحدة التدخل على الرغم من قدرات المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD الإيرانية، فمن المرجح أن غاية إيران في إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الأميركية المنتشرة في المواقع الأمامية عند بدأ النزاع، مع منع الجيش الأميركي من تعزيز تلك القوات عن طريق البحر والجو. قد يساعد هذا في توفير الوقت والمساحة اللازمة لإيران لتعزيز مكاسبها، وإجبار الولايات المتحدة على الاختيار بين القتال في الخليج العربي على الطريقة الإيرانية وبتكلفة كبيرة وبدعم ضئيل من دول المنطقة، أو قبول توازن القوى الإقليمي الجديد والذي هو من مصلحة إيران. وتأمل طهران في أن الولايات المتحدة، التي من المحتمل أن تواجه حملة طويلة ومكلفة لإعادة فتح الخليج العربي، قد ترفض في نهاية المطاف الدفاع عن الأنظمة الخليجية غير الديمقراطية والتي لا تحظى بشعبية من قبل الشعب الأميركي على وجه الخصوص.

يلخص الجزأين التاليين سمات منطقة الخليج العربي، وكيف يمكن لإيران أن تستغلها كجزء من فرض استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" بالإكراه وبتكلفة باهظة الثمن.


العوامل الجغرافية الرئيسية

يمكن لإيران أن تستغل الخصائص الجغرافية التالية لتقييد أو منع القوات الأميركية من القيام بالعديد من المهام التقليدية الضرورية لنجاح العمليات. وفي المقابل، يجب على التخطيط العسكري للجيش الأميركي السعي في تحييد وإزاحة قدرة إيران على الاستفادة من هذه الميزات:

> بالمقارنة مع منطقة غرب المحيط الهادئ، فإن منطقة الخليج العربي مضغوطة ومتراصة بالمراكز السكانية الرئيسية لدول مجلس التعاون الخليجي والقواعد العسكرية، التي تقع بشكل قريب ضمن نطاق الأصول الهجومية القصيرة والمتوسطة المدى الإيرانية؛
> المياه الضيقة لمضيق هرمز وهي بمثابة نقطة مرور للملاحة البحرية؛
> الظروف الصوتية/السمعية الصعبة في الخليج العربي، ومقاربات مياه الخليج العربي تُعقد من عمليات الحرب المضادة للغواصات (ASW)؛ و
> عدد كبير من السكان في دول الخليج العربي يقيمون على مقربة من إيران، مما قد يزيد من تعرضهم للمخاطر أو للإجراءات القسرية والقهرية.


المسافات في منطقة الخليج العربي

الأبعاد الملموسة لمنطقة العمليات في الخليج العربي منظمة بحجم أصغر من جغرافية غرب المحيط الهادئ (انظر الشكل 4).

S25.png


هذه الأبعاد تساعد في التخفيف من أوجه القصور الإيرانية في قدرات الضربة التقليدية بعيدة المدى. علاوة على ذلك، فإن العديد من القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة تدعمها قواعد بالقرب من إيران. بالإضافة إلى المرافق الأميركية في موانئ المنامة، فإن البحرية الأميركية ترسو بإستمرار في ميناء جبل علي بالقرب من دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتعمل القيادة المركزية للقوات الجوية للولايات المتحدة (USCENTAF) من عدد من المواقع في المنطقة، بما في ذلك قاعدة العديد الجوية في قطر وقاعدة الظفرة الجوية في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تستضيف قاعدة العديد مركز العمليات الجوية المشتركة للقيادة المركزية للقوات الجوية الأميركية، وهي العُقدة المهمة للقيادة والسيطرة للعمليات الجوية والفضائية الأميركية في جميع أنحاء القيادة المركزية.
هذه المواقع وغيرها من المواقع العملياتية الأمامية للولايات المتحدة في متناول العديد من أنظمة الضربات الإيرانية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية متوسطة وقصيرة المدى، التي يمكن إطلاقها من المناطق الساحلية الإيرانية (انظر الشكل 5).
الشكل 5 يوضح المدة الزمنية لطيران الصواريخ الباليستية الإيرانية للوصول إلى أهدافها

S26.png



ويمكن لإيران أيضاً الاستفادة من القدرة على استغلال خطوط عملياتها الداخلية لنشر بطاريات صواريخ باليستية متحركة وتحريكها بشكل متكرر لتعقيد الضربات المضادة الأميركية، بالإضافة إلى إنشاء شبكة إمداد موزعة ومقاومة ضد الهجوم.


التجمعات السكانية

من الملاحظ، أن الكثافة السكانية في معظم دول الخليج العربي تجمعاً حضرياً. يوجد حوالي 96% من سكان قطر في المناطق الحضرية، في حين يعيش غالبية المواطنين البحرينيين في المنامة وضواحيها. أما الإمارات والكويت فلديهما أنماط مماثلة، حيث يتركز سكانها بنسبة 84 و 98% على التوالي في المناطق الحضرية الساحلية الصغيرة. على الرغم من أن المملكة العربية السعودية أكبر جغرافياً من البحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر، فإن 82% من سكانها يقيمون في الرياض وجدة ومكة والمدينة المنورة.
هذه التركيبة السكانية تزيد من خطورة تعرّض دول الخليج العربي للهجمات الصاروخية الباليستية الإيرانية ضد الأهداف القيّمة. على الرغم من أن الترسانة الإيرانية الكبيرة من الصواريخ والمقذوفات متوسطة وقصيرة المدى تفتقر حالياً إلى دقة الذخائر الصينية الموّجهة الحديثة من عائلة PGM، إلا أنه لا يزال من المحتمل أن تستخدم إيران صواريخها كأسلحة إرهابية فعّالة ضد المناطق الحضرية في جميع أنحاء منطقة الخليج العربي. وستزداد احتمالات هذه التهديدات بشكل كبير إذا أظهرت إيران قدرتها على تسليحها بأسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة النووية.


تأثير الجغرافيا على العمليات البحرية

على عكس الطرق البحرية المفتوحة في تايوان غرب المحيط الهادئ، يتسم مضيق هرمز بمدخلاً ضيقاً جداً في الخليج العربي. إذ يبلغ طول المضيق حوالي 98 ميلاً بحرياً، ويبلغ عرضه 30 ميلاً فقط عند أضيق نقطة له، تشكل طبيعياً نقطة اختناق تقلل من حرية المناورة للسفن الحربية الأميركية الكبيرة. وهناك نقطة أخرى بالغة الأهمية، الظروف الصوتية/السمعية الصعبة في مضيق هرمز والخليج العربي تشكل تحديات كبيرة للولايات المتحدة ضد الغواصات الإيرانية والغواصات الصغيرة. ولذلك، الحرب المضادة للغواصات ستكون صعبة للغاية بالنسبة للغواصات الإيرانية، لكن من المرجح أن تكمن في أن مهمتها الأساسية بالنسبة لإيران زرع الألغام أو غرق السفن السطحية بدلاً من الحرب ضد الغواصات.
بينما تشكّل السمات الخاصة للخليج العربي ومضيق هرمز مجموعة صعبة من التحديات للبحرية الأميركية، فإن البحرية الإيرانية وقوات الحرس الثوري الإيراني من المحتمل أن يحسنوا من استغلال هذه السمات. أولاً، ستستفيد أساطيل طهران من خطوط الاتصال القصيرة جداً، مما يجعل إعادة الإمداد وإعادة التسلح والإصلاح والصيانة أقل صعوبة مقارنة بالوحدات البحرية الأميركية، التي قد تحتاج إلى الانسحاب لمسافات طويلة للقيام ببعض من هذه المهام. كما أن قرب مضيق هرمز من مرافق الموانئ الإيرانية الرئيسية، مثل بندر عباس، من شأنه أن يتيح لإيران الاستفادة من مخزون كبير من الزوارق الصغيرة والزوارق الهجومية السريعة وسفن زرع الألغام للانخراط أو الانسحاب بسرعة من عمليات "الاقصاء البحري" التي من ضمن استراتيجية إيران.
علاوة على ذلك، فإن جغرافية المضيق تخلق فرصاً لإيران لاستخدام الألغام الذكية، وهجمات حشود الزوارق الصغيرة، والمركبات الجوية غير المأهولة قصيرة المدى، وصواريخ كروز المضادة للسفن المتمركزة على الشاطئ لمنع مرور السفن الحربية والمدنية بأمان. وأخيراً، فإن معرفة إيران بالمناطق البحرية وخط مرور السفن والأصول البحرية التي تعبر المنطقة سوف تؤهلها لاستغلال هذه السفن في مهام لصالحها مثل تلك التي يجيدها الحرس الثوري الإيراني، "للاختباء" بين السفن المدنية واستغلال هذه السفن كمصادر غير تقليدية للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.


العوامل الجيواستراتيجية الرئيسية

يمكن أن تؤثر العوامل الجيواستراتيجية التالية على إستراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية والاستثمارات العسكرية:

> إن الاعتماد على موارد الطاقة التي تتدفق عبر مضيق هرمز سيؤثر على جميع الجهات الفاعلة في النزاع الخليجي، بما في ذلك الدول المستوردة والمصدرة للنفط؛ و
> وجود الشيعة في الشرق الأوسط يخلق فرصاً لإيران لشن حرب بالوكالة.


موارد الطاقة لمنطقة الخليج العربي

يعتمد الاقتصاد العالمي على موارد النفط والغاز في الخليج العربي، وشحن هذه الموارد عبر مضيق هرمز هو الطريقة الأكثر فعّالية لضخها في الأسواق العالمية. تمتلك دول الخليج العربي مجتمعة أكثر من نصف احتياطيات العالم المؤكدة من النفط الخام، وأكثر بقليل من ثلث الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي. تعد منطقة الخليج هي المُصّدر لحوالي 35% من صادرات العالم من النفط الخام، وما يقرب من 88% من هذا المجموع يغادر الخليج العربي على متن ناقلات النفط عبر مضيق هرمز. كل يوم، يعبر مضيق هرمز ما يقرب من 13 ناقلة نفط خام محملين حوالي خمسة عشر مليون ونصف المليون برميل من النفط، أو 33% من جميع النفط المنقول بحراً و 17% من جميع أنواع النفط المتداولة في جميع أنحاء العالم. إذا تم إغلاق مضيق هرمز، فإن خطوط الأنابيب البرية النشطة في المنطقة لا يمكن أن تحمل سوى ثلث الإنتاج اليومي للمضيق (انظر الشكل 6). خطوط الأنابيب مخططة، مثل خط أنابيب حبشان - الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة، أو خطوط الأنابيب المعطلة مثل خط الأنابيب العراقي عبر المملكة العربية السعودية، يمكن أن تزيد هذه النسبة إلى حوالي 40%.

الشكل 6. مسارات الطاقة للخليج العربي

S27.png



يضيف حقل غاز جنوب بارس / حقل الشمال، الذي يقع أسفل الخليج العربي بين قطر وإيران، درجة أخرى من التعقيد إلى ديناميكيات الطاقة والأمن في المنطقة. إن حقل الغاز الطبيعي المشترك والدور الحاسم الذي يلعبه الغاز الطبيعي في الاقتصاد القطري يمنح الحكومة القطرية مصلحة راسخة في الحفاظ على العلاقات الودية والعميقة مع إيران. لطالما كانت قطر تتمتع بعلاقات أوثق مع إيران أكثر من غيرها من أعضاء مجلس التعاون الخليجي، وقد فضلت المفاوضات والمشاركة مع إيران لحل القضايا الإقليمية. رغبة قطر في تحقيق توازن بين علاقاتها الأمنية مع الولايات المتحدة وعلاقاتها التجارية مع إيران قد تؤثر على استعدادها للسماح للقوات الأميركية بالعمل من القواعد القطرية. كما عبر أمير قطر (السابق الشيخ حمد بن خليفة) عن ملاحظته:
"نحن دولة صغيرة ويمكننا العيش مع أي شيء من حولنا. لن نكون أعداء لأي شخص، لكن بالطبع لن نسمح لأي شخص باستخدامنا ضد الآخرين. لن نقف، على سبيل المثال، مع أمريكا ضد إيران ... إيران لم تزعجنا أبداً، ولم تخلق أبداً مشكلة لنا ... سيكون من الصعب على دول الخليج أن تكون مع إيران ضد الولايات المتحدة. وأعتقد أن إيران تعرف ذلك".

الاعتماد على الطاقة سلاح ذو حدين: بقدر استمرار العالم في الاعتماد على النفط والغاز المستورد من الخليج العربي، فإن اقتصادات الخليج العربي تعتمد بشكل كبير على صادراتها من الطاقة. على سبيل المثال، يمثل إنتاج النفط حوالي 40% من إجمالي الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية، وهو مصدر ما بين 80 إلى 90% من إيراداتها الحكومية. وبالمثل، فإن قطاع النفط الإيراني يمثل مصدر ما بين 10 إلى 20% من إجمالي الناتج المحلي، و 40 إلى 70% من الإيرادات الحكومية، وحوالي 80% من إيرادات الصادرات. إيران لديها اعتماد آخر، يضاف على ما تم ذكره، حيث أنه يجب أن تعتمد على المنتجات النفطية المكررة المستوردة، وخاصة البنزين، لأن قدرتها التكريرية تخلفت عن الاستهلاك المحلي. وقد أدى ذلك إلى نقص مزمن في البنزين وحاولت الحكومة الإيرانية تخفيفه من خلال التقنين والتدابير الأخرى. تشير هذه التبعيات المزدوجة للاعتماد على الطاقة إلى أنه إذا تم إغلاق الممرات البحرية لمناطق الطاقة في الخليج العربي ومضيق هرمز لفترة طويلة من الزمن، فإن إيران مع وضعها الاقتصادي وقدرتها على الحفاظ على وتيرة عالية من العمليات العسكرية قد تعاني بشكل كبير.


وكلاء إيران

تعد قدرة إيران على الاستفادة من السكان الشيعة لتطوير شبكة واسعة النطاق من مجموعات الوكلاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط عاملاً آخر من المحتمل أن يؤثر على إستراتيجية المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD الإيرانية. في عام 2009، ادعى دبلوماسي إيراني سابق أن إيران طورت خلايا نائمة في أوساط السكان الشيعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. على الرغم من أن مثل هذه التصريحات قد تكون للاستهلاك الاعلامي تهدف إلى ردع الهجمات ضد إيران، إلا أن من الواضح أن وكالات الاستخبارات الإيرانية، بما في ذلك جناح الحرب غير التقليدي التابع لقوات الحرس الثوري الإيراني، قامت بتمويل وتدريب الجماعات الإرهابية التي تهدد السلام والاستقرار الإقليميين.
في حين أن حزب الله اللبناني قد يكون الوكيل الإيراني الأكثر شهرة، فقد دعمت إيران مجموعات إرهابية مماثلة في البحرين والسعودية والعراق واليمن. اتهمت حكومة البحرين كلاً من إيران وحزب الله اللبناني بالتورط في الاحتجاجات الشيعية ضد الحكومة البحرينية في ربيع عام 2011. وقد اتهم حزب الله السعودي المدعوم من إيران بارتكاب الهجوم الإرهابي في عام 1996 ضد أبراج الخبر (منشأة إسكان عسكرية أميركية) والتي أسفرت عن مقتل 19 وجرح 373 من أفراد الخدمة الأميركية. كما أن الجماعات المتمردة المدعومة من إيران متورطة في هجمات ضد القوات الأميركية في العراق، وتستخدم هذه المجموعات على نحو متزايد العبوات الناسفة الخارقة أو المقذوفات المشكلة انفجارياً (EFP)، والتي تكون قادرة على اختراق دروع المركبات المقاومة للألغام والمحمية من الكمائن (MRAP). وفقاً لوزارة الدفاع: مات خمسة عشر أميركياً في العراق في يونيو 2011، معظمهم قتلوا على أيدي متطرفين عراقيين تلقوا أسلحة وتدريباً من إيران. الأسلحة التي تقتل هذه القوات هي قذائف هاون بدائية الصنع والعبوات الناسفة الخارقة صُممت خصيصاً لخرق الدروع. تم تتبع كلا النوعين من الأسلحة وثبت أنها تعود مباشرة لفيلق القدس الإيراني.
وكلاء إيران خارج الخليج العربي يتجاوزون حزب الله، على سبيل المثال، وفقاً للعديد من المصادر فإن إيران تقدم المساعدة إلى مليشيات الحوثيين الشيعة في شمال اليمن. على الرغم من أن معظم عملاء إيران في الخارج ينتمون إلى الطائفة الشيعية، إلا أنه من المعروف أن إيران تتعاون مع الجماعات غير الشيعية. ومن الثابت أن إيران لديها رغبة جامحة في استخدام وكلائها لضرب أهداف حتى أبعد من الشرق الأوسط.


استنتاجات حول تأثير سمات الخليج العربي

باختصار، الخصائص الجغرافية والجيواستراتيجية للخليج العربي من المحتمل جداً أن تشكّل إستراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية معضلة لحملة عسكرية، وتضع القوات الأميركية أمام مجموعة فريدة من التحديات:

> تحد المياه الضيقة في مضيق هرمز والخليج العربي من حرية المناورة للسفن الأميركية، وتضعها في نطاق قدرات "الاقصاء البحري" قصير المدى الإيراني، مثل صواريخ كروز المضادة للسفن ASCM، والزوارق الهجومية السريعة والزوارق الشاطئية السريعة (FAC/FIAC)، والألغام والغواصات الصغيرة.
> قد تؤدي الظروف السمعية/الصوتية الصعبة في الخليج العربي إلى تدهور العمليات الأميركية في الحرب المضادة للغواصات.
> تباين النطاق البحري الخليجي واللامتماثل يلقي بظلاله على مسرح العمليات الجوية. القواعد الأميركية الأمامية في الخليج العربي تقع في نطاق العديد من الصواريخ الباليستية الإيرانية، في حين أن المناطق المستهدفة داخل إيران تقع خارج مجموعة الطائرات المقاتلة الأميركية غير المزودة بالوقود، التي تنطلق من القواعد.
> إن التجمع السكاني المركز، والبنية التحتية الحكومية، في معظم دول الخليج العربي قد يجعلهم أكثر عرضة للمخاطر والإكراه. قد تهدد إيران بإطلاق الصواريخ الباليستية على المدن الإقليمية الكبرى مع التهديد الضمني المحتمل لهجمات أسلحة الدمار الشامل. يمكن لإيران أن تطلق العنان لقواتها بالوكالة لارتكاب أعمال إرهابية ومهاجمة البنية التحتية الحيوية مثل النفط والغاز الطبيعي ومحطات تحلية المياه.
> بعض الدول الخليجية العربية قد تقف مع إيران وتمنع العمليات العسكرية ونشر القوات الأميركية.


قدرات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية

يمكن تصنيف قدرات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2 /AD" الإيرانية إلى أربع فئات عريضة: الصواريخ الباليستية التي قد يكون بعضها مسلحة برؤوس أسلحة الدمار الشامل؛ الحرب غير التقليدية بالوكالة والإرهاب وربما جعلها أكثر فتكاً بتزويد الوكلاء بأسلحة G-RAMM؛ أنظمة الإقصاء البحري مثل الألغام البحرية وأسلحة الدمار الشامل والزوارق الهجومية السريعة والانتحارية؛ والطائرات المسيّرة؛ والدفاعات الجوية. في هذا الجزء سوف نقدم شرح ووصف موجز لكل من هذه القدرات.

الصواريخ الباليستية الإيرانية وأسلحة الدمار الشامل

"تعتمد إستراتيجية عدونا على العمليات الجوية والبحرية، ستكون استراتيجيتهم الرئيسية العمليات الجوية، سواءً عن طريق الصواريخ طويلة المدى أو الطائرات المقاتلة. ونحن في مواجهة الغارات الجوية أو الهجوم الصاروخي، اعتمدنا استراتيجية استخدام الصواريخ بعيدة المدى أو أرض-أرض". تصريح لقائد الحرس الثوري الإيراني.

منذ الحرب الإيرانية العراقية، كانت الصواريخ الباليستية هي الوسائل التقليدية الأساسية لإيران في ضرب الأهداف طويلة المدى. على الرغم من أن إيران تمتلك قوة جوية كبيرة من الناحية الإسمية، إلا أنها تعاني من أنظمة متقادمة ونقص حاد في قطع الغيار والذخائر والفنيين المهرة والطيارين. وبدلاً من الاعتماد على الطائرات الهجومية، استثمرت إيران بكثافة في الحصول على ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية وقاعدة بحثية وصناعية لدعم إنتاجها. في هذا الجزء يلخص أنظمة الصواريخ البالستية الإيرانية بحسب المديات من الأقصر إلى الأطول، ويختتم بتقييّم موجز لكيفية نضج ترسانة الصواريخ الباليستية الإيرانية مع مرور الوقت، بما في ذلك إمكانية أنها قد تُسلّح برؤوس أسلحة الدمار الشامل.

الصواريخ البالستية الإيرانية
> توندار - 69 : هو الاسم الإيراني للصواريخ البالستية قصيرة المدى CSS-8/M-7 التي اشترتها إيران من جمهورية الصين الشعبية في التسعينيات. وصاروخ CSS-8 يعد أساساً نظام صاروخ أرض جو SA-2 التوجيهي (SAM) الذي تم تعديله للاستخدام كصاروخ أرض - أرض. ويبلغ مداه حوالي 81 ميل بحري برأس حربي قياسي يبلغ 200 كيلوغرام ولديه دفع على مرحلتين يتكون من معزز صاروخي صلب ومرحلة رئيسية تعمل بالوقود السائل. تشير التقديرات إلى أن إيران ربما حصلت على حوالي 200 من هذا الصاروخ.
> فاتح 110A : من المحتمل أن يكون صاروخ فتح 110A بمثابة تطور لصاروخ زلزال-2 الذي بحسب التقارير أن إيران زودته لحزب الله، عن طريق إضافة نظام توجيه وتثبيت الزعانف إلى زلزال غير الموّجه، وتقليل حجم رأسه الحربي، وبذلك إيران ابتكرت صاروخاً باليستياً قصير المدى يمكنها إنتاجه محلياً. يستخدم فتح 110A محركات صاروخية تعمل بالوقود الصلب ويبلغ مداه التقريبي 108 ميل بحري بينما يحمل رأساً حربياً 500 كيلوغرام. تختلف تقديرات دقة فتح 110A على نطاق واسع. تشير بعض المصادر أن من المحتمل حدوث هامش خطأ دائري (CEP) حوالي 100 متر في حالة قيام إيران بتزويده بمزيج من بيانات التوجيه الذاتي ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS). ومع ذلك، مصادر أخرى تدعي أنه "لا يمكن للمرء تصنيف Fateh-110A كصاروخ موّجه، "مما يعني أنه أقرب إلى صاروخ مدفعي غير موّجه. إذا قامت إيران بتحسين دقة صاروخ Fateh-110A، فإن الرشاقة الممنوحة من صغر حجمها ومحركات الوقود الصلب يمكن أن تجعله نظام هجومي قصير المدى فعّال وقادر على البقاء نسبياً.
> شهاب 1 : هو النسخة الإيرانية من نسخة كورية شمالية من الصاروخ السوفيتي سكود بي Scud-B الباليستي قصير المدى ويعمل بالوقود السائل. يحمل شهاب 1 رأساً حربياً يبلغ وزنه 1000 كيلوغرام، ويبلغ مداه 162 ميل بحري، ويبلغ هامش خطأ دائري محتمل (CEP) حوالي 1000 متر.
> شهاب 2 : هو النسخة الإيرانية من نسخة كورية شمالية من الصاروخ السوفيتي سكود سي Scud-C قصير المدى ويعمل بالوقود السائل. تم توسيع مدى شهاب 2 عن طريق تخفيض وزن الرأس الحربي إلى حوالي 700-750 كيلوغرام وزيادة كمية الوقود التي يحملها، وكذلك طول الفترة الزمنية التي يحترق فيها وقود الصاروخ بعد الإطلاق. ويبلغ مدى شهاب 2 حوالي 270 ميل بحري، لكنه أقل دقة من شهاب 1، ولديه هامش الخطأ الدائري المحتمل CEP تقريباً 1500 متر.
> شهاب 3 : هو النسخة الإيرانية من الصاروخ الباليستي الكوري الشمالي نو-دونغ متوسط المدى، وهو في حد ذاته مُعدّل بشدة من صاروخ سكود. يتراوح مدى صاروخ شهاب 3 الذي يعمل بالوقود السائل ما بين 540 و 700 ميل بحري وذلك حسب حجم الرأس الحربي. يتطلب المدى الأطول رأساً حربياً يبلغ 750 كيلوغراماً أو أقل، بينما الرؤوس الحربية التي يبلغ وزنها حوالي 1000 كيلوغرام يصل مدى الصاروخ أقصر. الحدود العليا لمديات صاروخ شهاب 3 مهمة، نظراً لأن الحد الأدنى لمسافة الاطلاق من إيران إلى جدة 715 ميل بحري، والمسافة إلى إسرائيل هو تقريباً 520 ميل بحري. ضرب الأهداف في إسرائيل باستخدام صاروخ شهاب 3 سيكون صعباً إلا في حال كانت إيران مستعدة لإطلاق الصاروخ من حدودها مع العراق. دقة صاروخ نو-دونغ الكورية الشمالية التي يعتمد عليها شهاب 3 ضعيفة للغاية، حيث يقدر هامش الخطأ الدائري المحتمل حوالي 2500 متر. من الممكن أن تحسّن إيران من ذلك؛ باكستان لديها صاروخ بنظام No-Dong يسمى غوري، والذي قد يكون لديه نظام توجيه تمت ترقيته بمساعدة من الصين.
> قدر 1 : أيضاً يشار إليه بأنه شهاب 3M: وهذا الصاروخ مثله مثل صاروخ شهاب 3، فهو مستمد من صاروخ نو دونغ لكوريا الشمالية. زادت إيران من مدى صاروخ قدر 1 إلى 850 ميل بحري أو أكثر عن طريق مد جسم الصاروخ شهاب 3، وذلك باستخدام الألمنيوم لتقليل وزن هيكل الصاروخ، وبتركيب رأس حربي أصغر على شكل "زجاجة الرضاعة". ولعل الجانب الأكثر جدارة بالملاحظة في صاروخ قدر 1 هو أن إيران قد طورت هذه التعديلات محلياً. وهذا يشير إلى أن إيران تمتلك ما يكفي لترقية صواريخها الحالية وحتى تطوير تكنولوجيات صاروخية جديدة، بدلاً من الاعتماد فقط على موردين أجانب مثل كوريا الشمالية.
> سجيل 2 : هو صاروخ باليستي متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب مع مدى يتراوح ما بين حوالي 1,080 - 1،190 ميل بحري، بينما يحمل رأس حربي 750 كيلوغرام. يبدو أن الصاروخ سجيل 2 إلى حدٍ كبير بأنه تصميم وبناء إيراني، بما في ذلك محركات الوقود الصلب المعقدة، على الرغم من أن إيران ربما تلقت مساعدة تقنية أجنبية من جمهورية الصين الشعبية وربما من كوريا الشمالية. تُظهر صور سجيل بعض أوجه التشابه في التصميم مع صاروخ قدر، بما في ذلك حجم وشكل الرأس الحربي وقطر الجسم الصاروخي، مما قد يسمح للصاروخين باستخدام نفس منصات وحدة النقل والنصب والقذف (TEL). كما هو الحال مع صاروخ قدر، فإن هامش الخطأ CEP لصاروخ سجيل 2 غير معروف ويعتمد على مدى حصول إيران على أنظمة التوجيه الأجنبية المتقدمة. بالنظر إلى درجة التعاون التقني بين إيران والصين، فقد تتمكن إيران من تحسين دقة صاروخ سجيل على مدى العقد المقبل.


تقييم الصواريخ البالستية الإيرانية

لقد حققت الاستثمارات الإيرانية في مجال تقنيات الصواريخ أرباحاً لإيران على شكل ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، وعدد متزايد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى المتطورة، والقدرة على إنتاج صواريخ محلية مثل فاتح 110 و قدر 1 و سجيل 2 (انظر الشكل 7) هذه الاستثمارات سمحت لإيران أيضاً بإجراء البحوث والتطوير ومحاولات في الفضاء والقمر الصناعي.

الشكل 7. الأنظمة الجوية والصاروخية الإيرانية

S28.png


على الرغم من هذا التقدم، فإن الصواريخ الباليستية الإيرانية لديها نقص وعيوب في القدرات والتي يمكن أن تقلل من فعّاليتها العملياتية. وفقاً لمعظم المصادر المفتوحة، فإن الصواريخ الباليستية الإيرانية غير دقيقة. مع هامش الخطأ الدائري المحتمل CEP بالكيلومترات لمعظم صواريخها، ومن المحتمل ألا تتمكن إيران من توجيه ضربات دقيقة مباشرة ضد قواعد الولايات المتحدة أو الشركاء في المنطقة. في تقرير حديث صدر مؤخراً حول تقييم الصواريخ الإيرانية أوضح بأنها غير دقيقة وقد تشكل تهديداً ضئيلاً للبنية التحتية للنفط في الخليج العربي.
وفقاً للتقييم، خلص إلى أن الهجوم ضد منشأة كبرى، مثل "محطة بقيق لتركيز النفط الخام"، سيتطلب أكثر من 1300 صاروخ من طراز شهاب للحصول على فرصة بنسبة 75% لتدمير برج واحد فقط من الأبراج الثمانية عشر المثبتة في محطة بقيق. على المدى القريب، قد يؤدي عدم دقة الصواريخ الباليستية الإيرانية إلى إدراجها للاستخدام ضد أهداف من المرتبة الثانية لبنك الأهداف الإيرانية عبر استخدامها كأسلحة إرهابية قسرية ضد المراكز السكانية، تماماً كما حصل خلال "حرب المدن" بين إيران والعراق. علاوة على ذلك، في حين يُعتقد أن لدى إيران ما يتراوح بين 200 إلى 600 صاروخ شهاب 1 وشهاب 2، قد تمتلك فقط حوالي 100 قاذفة لكل ترسانة الصواريخ الباليستية المتوسطة المدى الخاصة بها (مثل توندار 69 وفاتح 100A وشهاب 1 وشهاب 2). وبالتالي، بالنظر إلى النسبة المتبادلة بين الصواريخ الباليستية قصيرة المدى ومنصات وحدة النقل والنصب والقذف فإنه من المرجح جداً أن تحد من قدرة إيران على شن هجمات صاروخية فعّالة وإطلاق دفعة صواريخ على أهداف متعددة وفي آن واحد.
على المدى القريب، من الممكن أن تسعى إيران للتغلب على هذه العيوب من خلال تسليح الصواريخ الباليستية بالذخائر الصغيرة التقليدية. استبدال رأس حربي أحادي شديد الانفجار بالذخائر الصغيرة الفرعية المتعددة التي يمكن إطلاقه عبر مناطق واسعة يزيد من احتمال أن الصاروخ أقل دقة لن يحقق تأثيرات على الهدف. إلا أن الذخائر الصغيرة لا تخلو من عيوبها، معظمها فعّالة بشكل عام في التضاريس المفتوحة ضد الأفراد والمركبات المصنوعة من هياكل رخوة مثل السيارات والشاحنات والطائرات، ولكنها غير فعّالة ضد الأهداف الصلبة أو المدفونة.


قدرات إيران الكيمياوية، البيولوجية، أو الإشعاعية

الرؤوس الحربية الكيماوية، البيولوجية، أو الإشعاعية (CBR) هي وسيلة أخرى قد تختارها إيران للتعويض عن عدم دقة صواريخها الباليستية. رغم أنها من الدول الموقعة على اتفاقية الأسلحة البيولوجية والتكسينية لعام 1972، إلا أن يُعتقد أن إيران لديها القدرة على تطوير وتسليح العوامل البيولوجية والكيمياوية. علاوة على ذلك، إن برامج إيران النووية يمكن أن تنتج مواد كافية لصنع أسلحة إشعاعية.
على الرغم من أن الاستهداف الدقيق ليس مطلوباً لتحقيق تأثيرات كبيرة باستخدام رأس حربي يتضمن أسلحة الدمار الشامل، فإن الدقة الحالية للصواريخ الباليستية الإيرانية المقترنة بقيود الحمولة والتفجير ستحد من قدرة إيران على نشر العوامل الكيمياوية أو البيولوجية أو الإشعاعية على أهداف متعددة. القوة العسكرية القادرة على تحمل وضعية وقائية والمواصلة في العمليات - وإن كان في وتيرة أبطأ - من شأنه أن يخفف من فعّالية الهجمات الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية. ومع ذلك، فإن الصواريخ البالستية المزودة برؤوس حربية كيماوية، أو بيولوجية، أو إشعاعية يمكن أن تكون أسلحة إرهابية فعّالة للغاية ضد أهداف مدنية كبيرة غير محمية. قد يكون التهديد بمثل هذه الهجمات كافياً لإجبار بعض دول مجلس التعاون الخليجي على منع القوات الأميركية من الولوج إلى قواعدها.


الرؤوس الحربية النووية

على الرغم من أن غالباً ما يتم جمع الأسلحة النووية مع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية، إلا أنها أكثر تدميراً وتستحق النظر فيها بشكل منفصل. معظم الصواريخ الإيرانية قادرة على حمل رأس حربي نووي، ومن المحتمل على حساب مدى أقصر إلى حدٍ ما إذا كان لدى تصميم الرؤوس الحربية كتلة أكبر من الذخيرة التقليدية.
ومع ذلك يبقى التساؤل، ما إذا كانت إيران ستستخدم الأسلحة النووية بالفعل في حرب مع الولايات المتحدة. يبدو أن الاستراتيجيين العسكريين الإيرانيين يفهمون الفائدة المحدودة للأسلحة النووية، لأن "البيانات الصحفية والكتابات في المجلات العسكرية وغيرها من التلميحات والإشارات عن التفكير الإيراني حول هذه المسألة يبدو أنها تدعم الاستنتاج القائل بأن طهران تعتبر الأسلحة النووية بمثابة أصول نفسية قوية لكنها أدوات قتال "بائسة". إذا امتلكت إيران أسلحة نووية وأصبحت مُشغلة للسلاح النووي، فمن المحتمل جداً أنها ستكون إضافة إلى القدرات الأخرى التي ستستخدمها في حملة قهرية وليست بديلاً لغير ذلك.


نحو المستقبل

خلاصة القول، إن الصواريخ الباليستية تمنح إيران القدرة على الضربة التي ستكون مكلفة وباهظة الثمن للقوات الأميركية لمكافحتها. إلا أن بالرغم من إمكاناتها كأسلحة إرهابية، فإن صواريخ إيران تفتقر إلى الدقة، وعدم توافر أنظمة فعّالة مثل وحدة النقل والنصب والقذف TEL بأعداد كافية لدعم دفعة هجمات صاروخية في آن واحد ضد الأهداف العسكرية. على مدار العشر سنوات القادمة، من الممكن أن تحقق إيران تقدماً نحو معالجة هذه النواقص. إن تطوير إيران لصواريخ قدر وسجيل يوحي بأنها تسعى إلى توسيع مدى صواريخها. في الوقت نفسه، تُظهر هذه البرامج أن إيران تنضج وتنمو قدرتها المحلية على تصميم وتطوير وتصنيع الأنظمة اللازمة لتحديث ترسانتها الصاروخية.


حرب غير تقليدية

قام الحرس الثوري الإيراني وجناحه العسكري غير التقليدي، قوة فيلق القدس، بتطوير العلاقات مع جماعات شيعية مسلحة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. إذا زودت إيران هذه المجموعات بأسلحة G-RAMM، فقد يكون لذلك تأثير كبير على العمليات العسكرية الأميركية في الخليج العربي في المستقبل. ومن المحتمل أن تكون الحرب بالوكالة عنصراً أساسياً في الجهد الإيراني لإجبار دول الخليج العربي على حرمان القوات الأميركية من الوصول إلى القواعد الإقليمية. أثبتت إيران رغبتها في استخدام الهجمات الإرهابية ضد دول الخليج العربي التي تعاونت مع الولايات المتحدة. وحتى تهديد تمرد مسلح من قبل الجماعات الشيعية في البحرين الموالية لإيران قد يدفع بالحكومة البحرينية إلى حرمان الولايات المتحدة من الاستخدام الكامل للمنشآت البحرية في المنامة. كانت انتفاضة الشيعة في البحرين خلال ربيع عام 2011 بمثابة تهديد كافٍ للبحرين وقد عبرت القوات السعودية الجسر الذي يربط بين البلدين للتدخل وانهاء الأزمة. كما يعيش الكثير من الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية في المنطقة الشرقية. على الرغم من أن صواريخ إيران الباليستية قد تكون غير دقيقة للغاية لمهاجمة هذه المنشآت بفعالية في الوقت الحاضر، فإن الجماعات الإرهابية المسلحة بأسلحة G-RAMM أو حتى المتفجرات البسيطة قد تكون قادرة على فعل ذلك بشكل أكثر فعالية.
يمكن لوكلاء إيران "القوات غير التقليدية" المجهزين بأسلحة G-RAMM تأثير كبير على القوات الأميركية ومواقع العمليات الأمامية. باستخدام صور علوية يتم الحصول عليها تجارياً، ويمكن للقوات غير التقليدية الحصول على إحداثيات لمنشآت وموانئ الخليج العربي والمطارات ومستودعات الوقود لشن الهجمات بالقذائف والصواريخ الموّجهة.
كما يمكن للقوات غير التقليدية أن تستخدم أيضاً أنظمة دفاع جوي محمولة (MANPADS) متطورة، مثل SA-24 الروسية الصنع لمهاجمة الطائرات الأميركية العابرة للمجال الجوي المفترض أنه متسامح، واستخدام صواريخ كروز المضادة للسفن أو الألغام المضادة للسفن أو العبوات الناسفة البحرية ضد السفن في قناة السويس ومضيق هرمز وموانئ الخليج العربي.


قدرات الإقصاء البحري

يرى العديد من الاستراتيجيين العسكريين أن أزمة مضيق تايوان في عام 1996 هي اللحظة التي قررت فيها قيادة جمهورية الصين الشعبية اتباع استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD"، وقد تركز جزئياً على حرمان حاملات الطائرات الأميركية من القدرة على الإقتراب ضمن نطاق أجنحتها الجوية. لقد كانت قدرة الولايات المتحدة على ضرب أهداف برية باستخدام سلاح الجو المنقول بحراً والمستقل تقريباً عن قواعد المسرح بمثابة قدرة مهمة للولايات المتحدة لنشر القوة. أظهر تدخل مجموعتين ضاربتين من حاملات الطائرات الأميركية في مضيق تايوان في عام 1996 هذه القدرة بشكل واضح إلى حدٍ ما. وبالتالي، سعت الصين إلى تقويض هذه الميزة الأميركية من خلال الاستثمار بكثافة في أسلحة مثل صواريخ دونغ فنغ (Dong Feng 21D ASBM) المصممة لمنع الحاملات الأميركية من الانتشار لتوظيف مقاتلاتها بشكل فعّال بالقرب من الصين.
كانت لإيران تجارب مماثلة خلال "حرب الناقلات" 1987-1988، وعملية فرس النبي في أبريل 1988 التي كانت بمثابة نقطة تحول. أرسلت البحرية الأميركية رسالة حاسمة للقوات البحرية الإيرانية التقليدية، وعلى ضوءها اقتنعت القيادة الإيرانية بأن يمكنها مواجهة البحرية الأميركية في الخليج العربي فقط عبر النهج اللامتماثل، ونتيجة لذلك، بدأت إيران في الحصول على أعداد كبيرة من الزوارق الصغيرة الهجومية السريعة، والصواريخ المضادة للسفن، والألغام، والغواصات، والطائرات بدون طيار. تلخص الفقرات التالية هذه القدرات بإيجاز.

سفن سطح القتالية: حصلت إيران على العديد من السفن السطحية الصغيرة على مدار العشرين عاماً الماضية. العديد من هذه السفن، مثل فئة عاشوراء وفئة طارق، عبارة عن زوارق سريعة صغيرة مزودة بمدافع الرشاش أو صواريخ غير موّجهة، على الرغم من أن البعض من هذه الزوارق تم تعديلها للقيام بعمليات زراعة الألغام. وعادة ما تحمل السفن الإيرانية الصغيرة منظومات الدفاع الجوي المحمولة MANPADS للدفاع ضد الهجمات الجوية التي تنفذها الطائرات ذات الأجنحة الدوارة. خلال المناورات في الخليج العربي، أطلقت هذه السفن الصغيرة عدداً كبيراً من الصواريخ على أمل وجود دفاعات ساحقة أو صرف انتباهها عن إشراك الصواريخ المضادة للسفن أو الزوارق الصاروخية مثل فئة أذرخش وفئة توندار أو الزورق الكوري الشمالي IPS-16 وزوارق الطوربيدات IPS-18.
الحرب تحت الماء: طورت إيران قدرات حرب بحرية مصممة خصيصاً لمنع حرية المناورة العملياتية للقوات البحرية الأجنبية والشحن المدني في الخليج العربي وخليج عُمان. اشترت إيران ثلاث غواصات من فئة كيلو 877EKM Kilo من روسيا. هذه الغواصات، التي تتخذ من بندر عباس مقراً لها، هي أحدث القطع في أسطول إيران البحري، ولديها القدرة على حمل طوربيدات، ألغام، وربما الصواريخ المضادة للسفن. إيران تجري تمرينات بغواصاتها الكيلو في خليج عُمان، حيث تقوم بتدرب وإعداد الغواصات ليكونوا الدفاع الأول ضد البحرية الأميركية. بالإضافة إلى غواصات كيلو، تحتفظ إيران بأسطول من الغواصات الصغيرة و "القزمية"، بما في ذلك قوارب من فئة غدير ونانغ. على الرغم من أن هذه الغواصات الصغيرة قادرة على حمل طوربيدات، إلا أن إيران من المرجح أن تستخدمها في عمليات زرع الألغام أو العمليات الخاصة. وقد حصلت إيران أيضاً على مجموعة متنوعة من طوربيدات لأسطولها تحت سطح البحر، بما في ذلك طوربيدات سريعة للغاية وربما طوربيد فائق السرعة يسمى الحوت وتزعم بأنه نسخة من Shkval الروسية.
حرب الألغام: استثمرت إيران بكثافة في الألغام ومنصات زراعة الألغام لحرمان الوحدات البحرية الأميركية من حرية المناورة في الخليج العربي ومضيق هرمز. يُعتقد أن إيران تمتلك ما بين 2000 إلى 3000 لغم، رغم أن هذا العدد قد ينمو على مدار العشرين عاماً القادمة. تتضمن هذه الترسانة ألغام عائمة وراسية ولاصقة، فضلاً عن ألغام ذات تأثير سفلي أكثر تطوراً مثل ألغام MDM-6 الروسي الصنع وألغام EM-52 الصيني. من المحتمل أن تقوم التيارات القوية في مضيق هرمز حمل جميع الألغام الراسية بقوة إلى خليج عُمان. قد تكون الألغام السفلية مثل MDM-6 و EM-52 (مع أقصى عمق فعال لكل منهما 120 متراً و 80 متراً) قج تكون ذات فعالية محدودة في الأجزاء الأعمق من مضيق هرمز. تماشياً مع إستراتيجية "حرب العصابات البحرية"، قامت إيران بتجهيز عدد لا يحصى من المنصات لنشر الألغام، بما في ذلك العديد من سفنها السطحية والغواصات والسفن "التجارية" في عمليات زرع الألغام السرية. على الرغم من أن إيران تمتلك أيضاً ثلاث مروحيات طراز آر ايش RH-53D القادرة على زرع الألغام وتم تطويرها عن "سي إتش-53 أ" لنقل الألغام جوياً، إلا أن من غير المرجح أن تظل تعمل على مدى العقدين المقبلين.
الصواريخ المضادة للسفن: بالإضافة إلى صواريخ كروز المضادة للسفن التي تطلق من السفن، استحوذت إيران على عدد كبير من صواريخ كروز المضادة للسفن التي تنشرها في البطاريات على طول ساحلها وعلى جزر مثل جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة قشم. تتكون ترسانة صواريخ كروز المضادة للسفن الإيرانية من مجموعة واسعة من الصواريخ، العديد منها مستوردة من الصين أو مشتقة من الصواريخ الصينية. وتشمل هذه الصواريخ الإيرانية الصينية الصنع صاروخ سيلك وورم CSS-N-2 Silkworm، وصاروخ CSSC-3 Seersucker C-201 ،وصاروخ CSS-N-4 Sardine C-801، وصاروخ CSS-N-802 Saccade C-802، وتبني إيران أشكالاً مختلفة من صاروخ سيلك وورم Silkworm وصاروخ ساكاد Saccade، والتي تطلق عليهما إسم صاروخ رعد وصاروخ نور على التوالي.
كما أنها تمتلك عدة أنواع أصغر من الصواريخ المضادة للسفن، مثل: كوثر، وسجيل، ونصر، والتي يُزعم أنها تعتمد على صواريخ صينية خفيفة مثل FL-6 و FL-10. جميع صواريخ إيران المضادة للسفن هي دون سرعة الصوت وقصيرة المدى نسبياً. الصاروخ الأكثر قدرة هو صاروخ Saccade / C-802 ويبلغ مداه 65 ميل بحري، قد يكون الحد الأقصى لمدى فعّالية صواريخ إيران المضادة للسفن محدوداً بواسطة رادارات الاستحواذ المستهدفة مقارنة بقدراتهم على الوقود على متن السفينة. تماشياً مع استراتيجيتها البحرية غير المتماثلة، يمكن لإيران أيضاً استخدام البيانات المستهدفة من الغواصات والسفن العسكرية والمدنية الصغيرة والطائرات بدون طيار، بشرط أن تكون هذه المنصات مزودة بأنظمة ملاحة دقيقة وقدرة على التواصل مع بطاريات الصواريخ المضادة للسفن المنصوبة على الشاطئ.
الطيران البحري: تشغل إيران عدداً صغيراً من الطائرات المسلحة بالصواريخ المضادة للسفن مثل Su-24 و Su-25 و Embraer Tucano والطائرة المتقادمة F-4 فانتوم. إذا بقيت هذه الطائرات تعمل على مدى العقد القادم، فمن غير المحتمل أن تستمر لفترة طويلة في حملة ضد القوات الأميركية. خلال الحرب الإيرانية العراقية، نجحت إيران في استخدام الطائرات بدون طيار "كاميكازي" التي كانت تعمل أساساً كطائرات بدون طيار عن بعد. ساعدت هذه التجربة، جنباً إلى جنب مع انتشار تقنيات الطائرات بدون طيار، في تحفيز إيران لتطوير الطائرات بدون طيار مثل أبابيل ومهاجر وشاهد وغيرها. كما هو الحال مع الطائرات الإيرانية القديمة، فإنه من غير المرجح أن تنجو الطائرات بدون طيار من الاشتباك مع الدفاعات الجوية المتفوقة تقنياً للولايات المتحدة، إلا في حالة واحدة إذا تم نشرها بأعداد كبيرة بما يكفي لإفلات البعض منهم من الدفاعات الجوية. إيران قد تستخدمهم في أسراب الكاميكازي بهدف غزو دفاعات السفن الأميركية الساحقة.


القدرات المستقبلية لإستراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" االإيرانية

يوضح الجزء التالي كيف يمكن لإيران تحسين قدرات استراتيجيتها "المنطقة المحرّمة/منع الولوج" بمرور الوقت، وخلال الأعوام ما بين 2020 إلى 2025 ستكون هذه الاستراتيجية في أوج قوتها.

الصواريخ الباليستية: قد تقوم إيران بتحديث قدراتها الصاروخية متوسطة المدى مع تحسين التوجيهات والذخائر الصغيرة لمهاجمة المطارات وغيرها من الأهداف العسكرية الكبيرة. وبالرغم من هذه التحسينات، من المرجح أن تستمر عدم الدقة وهامش الخطأ الدائري CEP لدى الصواريخ الباليستية الإيرانية وبذلك ستحد من فعاليتها ضد أهداف النقاط العسكرية. يمكن لإيران أيضاً زيادة مخزون وحدة النقل والنصب والقذف TEL وبناء مواقع إطلاق مسبقة مع "مواقع إخفاء وإعادة تحميل" ومواقع صلبة ومخفية، بالإضافة إلى عدد كبير من مواقع إطلاق الصواريخ لتعقيد استهداف الصواريخ المضادة للولايات المتحدة. هذه الإجراءات مجتمعة، ستعمل على تحسين قدرة إيران على القيام بمهام "إطلق وانطلق بسرعة" بهدف الحفاظ على قاذفاتها ليتم استخدامها في هجمات متتابعة.
أسلحة الدمار الشامل: يمكن لإيران تطوير أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة النووية العاملة، ونشرها على الصواريخ الباليستية.
الوكلاء: يمكن لإيران توسيع وتعميق شبكتها من القوات بالوكالة وتسليحهم بأسلحة G-RAMM ولربما بأسلحة أخرى أكثر فتكاً. يمكن أن تتدرب هذه القوات غير النظامية "بالوكالة" مع الحرس الثوري وحزب الله اللبناني، للتخطيط والتدريب لشن هجمات ضد المنشآت العسكرية الأميركية والشريكة في الخليج العربي. يمكن لحزب الله اللبناني أو غيره من الوكلاء الاستعداد لشن هجمات إرهابية في الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى. قد تقوم إيران أيضًا بتطوير علاقات مع "الهاكرز" وتقوم بإستئجارهم مما يمنحهم القدرة على القيام بهجمات إلكترونية بالوكالة.
قدرات الاستبعاد أو الإقصاء البحري: لتحسين قدرتها على حظر السفن التي تدخل وتعمل في الخليج العربي، يمكن لإيران أن تزيد من نطاق أجهزة استشعارها وتكاملها، وترقية منصات الحرب السطحية الخاصة بها، وتوسع من حجم قوتها في الألغام تحت سطح البحر، وجرد الألغام المتقدمة، والحصول على مزيد من التقدم في صواريخ الكروز المضادة للسفن. لدعم الهجمات على السفن السطحية في مديات طويلة، يمكن لإيران بناء رادارات في الأفق مقابل خليج عُمان وبحر العرب. يمكن أيضاً لإيران تحسين الطائرات بدون طيار البحرية وشبكاتها، مما يسمح لها بالعمل كمستشعرات عن بُعد لصواريخ كروز المضادة للسفن التي تشغلها في البر والبحر. يمكن لإيران أن تزيد أسرابها من الهجوم السريع باستخدام زوارق من طراز الهوبي من الطراز الصيني مسلحة بـ YJ-83 / C-803 ASCM الأسرع من الصوت، أو نوع مشابه منالزوارق الهجومية السريعة والزوارق الشاطئية السريعة (FAC/FIAC) المتقدمة والتي انتشرت خلال العقد الماضي. أيضاً إيران يمكن أن تقوم بترقية المستشعرات على أسطولها السطحي - يقتصر المدى الفعال للعديد من صواريخ سطح - سطح على نطاق رادارات الاستحواذ المستهدفة - والحصول على أنظمة متطورة مثل Klub-K. ولتحسين قدراتها في مجال حرب الألغام، قد تزيد إيران من حجم أسطولها من الغواصات الصغيرة وكذلك السفن لزرع الألغام السرية.
الدفاعات الجوية: يمكن لإيران إحراز تقدم كبير نحو تطوير شبكة دفاع جوي أكثر قوة. ويمكن الحصول على بطاريات HQ-9 SAM - أي ما يعادل تقريبا الصينية من S-300 PMU-2 - التي تضم ثماني قاذفات مع أربعة أنابيب الإطلاق والرادارات والمركبات والصواريخ الاحتياطية، فضلاً عن منظومة الدفاع الصاروخي S-300 الروسية. قد تقوم أيضاً ببناء شبكة ألياف ضوئية صلبة ومدفونة لربط دفاعاتها الجوية وتقديم صورة عملياتية مشتركة. من حيث الدفاعات السلبية، من المحتمل أن تواصل إيران دفن وتصلب الأصول عالية القيمة مثل المنشآت النووية، ومواقع تصنيع وتخزين الصواريخ، والبنية التحتية للقيادة والسيطرة C2. قد تبني إيران أيضاً العديد من الأفخاخ للأنظمة الرئيسية مثل قاذفات صواريخ باليستية وصواريخ كروز. قد تختار إيران أيضاً المشاركة في تحديد موقع العديد من أهدافها ذات القيمة العالية في المناطق المدنية الحساسة على أمل ردع الغارات الجوية الأميركية.

توضيح عن المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD الإيرانية: سوف تكتمل استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج" الإيرانية في الإطار الزمني 2020 - 2025. ويُفترض أن إيران ستبدأ بالأعمال القتالية دون سابق إنذار أو بدون تحذير.


المجالات الرئيسية للتحدي والمبارزة

العديد من التحديات العملياتية والمبارزة والمنافسة التي قد تغيّر من شكل العمليات العسكرية الأميركية المستقبلية في الخليج العربي. وبما يتوافق مع إستراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية، فإن مجالات التحدي هذه غير متماثلة في طبيعتها.

شبكة الاتصالات ضد الشبكة المضادة
من المحتمل أن تكون عمليات شبكة الاتصالات والشبكة المضادة أحد المجالات الرئيسية للتحدي في سيناريو "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" لمنطقة غرب المحيط الهادئ. إلا أن إيران، بخلاف جمهورية الصين الشعبية، قد لا تكون قادرة على مواجهة الولايات المتحدة في منافسة متناظرة تضم أنظمة استشعار طويلة المدى وذخائر دقيقة التوجيه.
قد تصمم إيران عمليات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" وفق خصائصها وسماتها، لتجنب تلك المنافسة إلى حدٍ كبير، من خلال شن ضربات قسرية ضد أهداف ثابتة معروفة؛ والمهاجمة في شكل حشد من الزوارق. وكذلك الاستفادة من التدابير السلبية مثل التصلب والدفن العميق؛ وتعبئة الأنظمة العسكرية الرئيسية لإحباط الاستهداف الدقيق للولايات المتحدة. ويمكن لإيران أيضاً أن تهاجم البنية التحتية لشبكة القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب، والاستخبارات، والمراقبة، والاستطلاع C4ISR للولايات المتحدة بشكل غير متماثل، عبر إستخدام الهجمات الإلكترونية، أو الضربات الإرهابية بالوكالة ضد منشآت الشبكات الحيوية مثل محطات التحكم الأرضية للأقمار الصناعية.
بدلاً من الاعتماد فقط على الهجمات الحركية وغير الحركية ضد شبكات C4ISR الأميركية الخاصة بالمعركة، من المرجح أن تستخدم إيران الخداع وأعداد كبيرة من الأفخاخ على أمل أن تنفق القوات الأميركية أعداداً كبيرة من الذخائر الموّجهة بدقة (PGM) ضد أهداف مزيفة. في القطاع البحري، سيشمل ذلك سفن التشغيل والطائرات بدون طيار التي تطلق من نقاط بالسواحل المزدحمة للحد من احتمال الكشف عنها. ومن المرجح أن تستخدم إيران السفن "المدنية" لزرع طبقات من الألغام، وأصول الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR) وربما حتى منصات صواريخ سرية. هذا قد يؤدي إلى مزيد من الإرباك لجهود الهدف الأميركي بالنظر إلى رغبة الجيش الأميركي في تقليل الأضرار الجانبية.

تحدي صواريخ الدفاع الاعتراضية ضد صواريخ الهجوم
في الوقت الحاضر، تتمتع الصواريخ البالستية بميزة واضحة عن الصواريخ الاعتراضية الحركية من حيث فعّاليتها وتكلفتها. في سيناريو معركة الجو والبحر في غرب المحيط الهادئ (الذي قدمناه سابقاً في تقرير لمركز CBSA)، قد تكون الصواريخ الباليستية الصينية، وصواريخ الكروز القادرة على ضرب أهداف ثابتة ومتحركة بدقة، أكبر تهديد يواجه الجيش الأميركي الذي يدافع عن حفنة من القواعد الأمامية مع اعتراضات حركية. وفي المقابل، في حين أن إيران قد تستهدف القواعد الأميركية والقوات العسكرية بالصواريخ الباليستية، فإنها قد تكون أكثر عرضة لاستخدامها بهدف إجبار وإكراه دول الخليج العربي على حرمان الولايات المتحدة من القدرة على استخدام القواعد القريبة.
هذا التركيز على الإكراه من شأنه أن يضع ضغوطاً مختلفة على القوات الأميركية بدلاً من حملة تستند في المقام الأول على الدفاع ضد الهجمات الصاروخية المباشرة. من المحتمل أن يكون الدفاع عن المراكز السكانية والبنية التحتية النفطية المهمة لشركائنا الرئيسيين في الخليج العربي مثل البحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر مكلفاً للغاية على القيام بها من قبل القيادة المركزية بمفردها، نظراً للمساحات الكبيرة التي تحتاج إلى التغطية وتكلفة عالية للدفاعات الصاروخية الاعتراضية لصد الصواريخ الباليستية. إذا نجحت إيران في رفع مستوى دقة صواريخها الباليستية في الإطار الزمني لهذا التقييم لسيناريو الحرب المحتملة خلال السنوات 2020 - 2025، فإن الجيش الأميركي سيواجه التحدي المزدوج المتمثل في الدفاع عن نقاط مستهدفة وكذلك منطقة كبيرة مستهدفة. علاوة على ذلك، فإن التهديد بشن ضربة صاروخية لأسلحة الدمار الشامل، خاصة إذا كان القطاع النووي الإيراني يصنع الرؤوس النووية، فإن القيادة المركزية ستحتاج إلى شن حملة هجومية مضادة لقمع الصواريخ الإيرانية قبل إطلاقها. هذا يمكن أن يجبر إيران على تبني معضلة كلاسيكية "أستخدمهم أم أفقدهم"، الأمر الذي قد يشكل معضلة من نوع مختلف بالنسبة للولايات المتحدة. تصبح مشكلة المخططين الأميركيين أكثر حدة، حيث من المرجح أن إيران تمتلك صواريخ باليستية أكثر بكثير من الرؤوس النووية. هذا يعني أن الجيش الأميركي سيتعين عليه التعامل مع كل صاروخ إيراني يُطلق على أنه يحمل حمولة نووية. هذا من شأنه أن يؤدي إلى الضغط والاجهاد، وربما استنزاف الدفاعات الصاروخية الأميركية. الطريقة الوحيدة لمنع ذلك هي أن تدمر الولايات المتحدة أكبر عدد ممكن من الصواريخ الإيرانية قبل إطلاقها.
بالطبع، يمكن للجيش الأميركي أيضاً أن يستخدم الصواريخ الباليستية لصالحه. إيران بصفتها دولة موقعة على معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، تمنع الولايات المتحدة من الناحية القانونية من امتلاك صواريخ بالستية أو صواريخ كروز تطلق من الأرض وتتراوح ما بين 500 و 5500 كيلومتر (270 و 2,970 ميل بحري، على التوالي). أنظمة صواريخ أرض - أرض مثل نظام الصاروخي التكتيكي MGM-140 التابع للجيش (ATACMS) أقل من عتبة 270 ميل بحري. تم نشره في مواقع موزعة في جميع أنحاء منطقة الخليج العربي - يتم تشغيله إما من قبل الولايات المتحدة أو شريك إقليمي - ويمكن لهذا النظام الصاروخي التكتيكي (آتاكمز) أن يصيب وحدة النقل والنصب والقذف (TEL) الإيرانية وأجهزة قاذفات صواريخ كروز المضادة للسفن المنصوبة ضمن النطاق، وذلك لمنعهم من إطلاق حمولاتهم أو إعادة التحميل بعد الإطلاق. يمكن لشركاء الولايات المتحدة، غير المقيّدين بموجب معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى (INF)، تشغيل صواريخ باليستية بمدى أطول.

تحدي السيطرة على البحر ضد المنطقة المحرّمة البحرية
في سيناريو معركة الجو والبحر، يسعى جيش التحرير الشعبى الصينى إلى حرمان الوحدات البحرية الأميركية من حرية المناورة العملياتية في مناطق واسعة من غرب المحيط الهادئ. في المقابل، من المرجح أن تسعى إيران إلى حرمان البحرية الأميركية من حرية المناورة في المياه الأكثر ضيقاً في مضيق هرمز، والخليج العربي، وربما بحر عُمان. يحتوي هذا التحدي على تحدييّن آخرييّن: حرب الألغام ضد حرب مكافحة الألغام، ودفاع أسطول الولايات المتحدة ضد حشد من الزوارق الإيرانية المهاجمة.
نظراً لمحدودية قدرات الجيش الأميركي في الإجراءات والتدابير المضادة للألغام، فقد يكون هذا مجالاً واحداً للمنافسة حيث يمكن أن تتمتع إيران بميزة واضحة. على عكس غرب المحيط الهادئ، حيث المساحات الشاسعة المعنية تساعد في التخفيف من فعّالية الألغام، فإن الحدود القريبة للخليج العربي ومضيق هرمز تضخم تأثير القناة من الألغام. يمكن لإيران أن تستخدم الألغام لممارسة السيطرة على سفن الشحن، وتقطيع الممرات البحرية للاتصالات بين الخليج العربي والمحيط الهندي، وتعزز من فعّالية هجماتها بواسطة صواريخ كروز المضادة للسفن، وصواريخ الزوارق السريعة FAC، والطائرات المسيّرة. إن قلة الأصول الأميركية لإزالة الألغام وتعرضهم للهجمات الصاروخية في الحدود القريبة من مضيق هرمز، مقرون بقدرة إيران على مواصلة إعادة زرع حقول ألغامها من الشاطئ أو استخدام منصات سرية، والذي قد يؤدي إلى امتداد الجدول الزمني العملياتي للقيادة المركزية في إعادة فتح المضيق.
للتغلب على قيود القدرات الخاصة بقدرات "الإقصاء البحري" الإيراني، قد تسعى إيران إلى استغلال المياه الضحلة والمناطق الضيقة في الخليج العربي ومضيق هرمز باستخدام عنصر المفاجأة، والهجوم بحشود من الزوارق من مسافة قريبة، عن طريق المهاجمة أو التشويس من المناطق الساحلية.
هذه التكتيكات من شأنها أن تساعد في تآكل فعّالية أجهزة الاستشعار الأميركية مع استفادة القوات البحرية الإيرانية للاستعداد لفرض بعض الاستنزاف من أجل إطلاق "أيقونة قتل" لمعركة رئيسية مع البحرية الأميركية. خلافاً للصواريخ الباليستية المضادة للسفن المتقدمة لجيش التحرير الشعبي الصيني والتي يمكن إطلاقها على المدى البعيد واستخدام السرعة والمناورة لمواجهة الدفاعات الحركية الأميركية، يمكن لإيران استخدام أسراب من الصواريخ التي تطلق من نقاط متعددة على مقربة من القوات الأميركية للمفاجأة وسحق الأنظمة الدفاعية.


ملخص

تسعى الحيّل والقدرات الإيرانية الموصوفة في هذا القسم إلى استغلال الخصائص الجغرافية والجيوإستراتيجية للخليج العربي لتشكيل تحديات خطيرة لقدرة الولايات المتحدة على نشر القوة في المنطقة. على افتراض أن الجيش الأميركي لم يغيّر من موضعه الإقليمي، ومفاهيم العمليات، وبرنامج القدرات الموثقة، يمكن لإيران أن تستخدم مجمع "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" لحرمان القوات الأميركية من الوصول إلى القواعد وحرية المناورة في الخليج العربي. عند القيام بذلك، قد تأمل إيران في تأخير التدخل العسكري الأميركي لفترة كافية لكي تتمكن طهران من شن أعمال عدائية، أو رفع تكاليف التدخل بشكل باهظ بما يكفي لإقناع صنّاع السياسة الأميركية بعدم اتخاذ إجراء. ومع ذلك، إذا قامت الولايات المتحدة بإجراء تغييرات حكيمة ومعقولة التكلفة على وضعية قواتها في الخليج العربي وتطوير القدرات لدعم مفهوم تمكين العملياتية، فيمكنها أن تحول التوازن لصالح القوات الأميركية.


 
التعديل الأخير:
ثالثاً: سيناريو العمليات العسكرية "من الخارج إلى الداخل"

عناصر مفهوم تمكين العملياتية

في قسم "أولاً" قدمنا شرح لمفهوم التمكين على أنه مجموعة من خطوط العمليات المتكاملة والمتداخلة المصممة لضمان حرية عمل الجيش الأميركي، وتهيئة الظروف اللازمة للانتصار على المجمع الإيراني "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" في منطقة الخليج العربي. وفي قسم "ثانياً" قدمنا وصف تصوري للمكونات الرئيسية للمجمع الإيراني "منطقة محرمة/منع الوصول A2/AD".
يبدأ هذا القسم "ثالثا" بتحديد الافتراضات الرئيسية للمساعدة في ربط نمط وشكل الحرب المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران. ثم تحدد الخطوط الرئيسية الثلاثة للعمليات الأميركية المصممة للتغلب على إستراتيجية إيران الناشئة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD". ويختتم بإيجاز العمليات التي يمكن أن تكون جزءًا أساسياً من حملة أوسع ضد إيران إذا تم تنفيذ مفهوم التمكين بنجاح. كما يمكن أن تشمل هذه الحملة الأوسع عمليات تدمير مجمع أسلحة الدمار الشامل الإيراني؛ تحييد وكلاء إيران الذين تم تدريبهم وتجهيزهم لارتكاب أعمال إرهابية؛ اقتحام الجزر الاستراتيجية الهامة مثل جزيرة أبو موسى وجزيرة سري وجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى ومن ثم السيطرة عليها؛ الانزال البرمائي على السواحل الإيرانية والسيطرة عليها؛ والحرب غير التقليدية للمساعدة في وضع الشروط لإسقاط النظام الإيراني.


الافتراضات الرئيسية

قبل وصف خطوط العمليات المقترحة التي تعالج التحديات الموجزة في قسم "ثانياً"، من الضروري تحديد الافتراضات الرئيسية فيما يتعلق بالطابع المحتمل للحرب بين الولايات المتحدة وإيران مستقبلاً. نظراً للاختلافات بين السمات الجغرافية والاستراتيجية في غرب المحيط الهادئ والخليج العربي، فإن العديد من هذه الافتراضات تختلف بالضرورة عن تلك المحددة في تقرير عن "معركة الجو والبحر Air Sea Battle" الذي أعده مركز التقييمات الإستراتيجية والميزانية CBSA سابقاً. ربما الاختلافات الأكثر أهمية، تتضمن الافتراضات المتعلقة بقدرة إيران المحدودة على إتلاف وتعطيل شبكات القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب، والاستخبارات، والمراقبة، والاستطلاع C4ISR" الأميركية والخاصة بالمعركة، واحتمال تهديد إيران باستخدام أسلحة الدمار الشامل بعد التدخل العسكري الأميركي في الخليج العربي.

المعلومات الاستخباراتية والتحذيرية المسبقة ستكون معدومة أو محدودة: يفترض هذا التقرير أن الولايات المتحدة ستستجيب لحالة طارئة حيث يقوم الجيش الإيراني بأعمال عدائية دون توافر معلومات استخباراتية وتحذيرية مسبقاً أو ستكون محدودة. على الرغم من أنه من المنطقي الافتراض بأن حالة الاستخبارات والتحذير ينبغي أن تكون أكثر تشدداً لاختبار مفهوم تمكين العملياتية لمنع إيران من تهديد الاستقرار الإقليمي، إلا أن لا يمكن لوزارة الدفاع استبعاد فرضية احتمال تورطها في سيناريوهات، حيث قد يتصرف الآخرون لتوريط الجيش الأميركي. وسيكون من المهم بالنسبة لوزارة الدفاع اختبار مفهوم التمكين ضد مجموعة من الحالات أو الأمثلة عن: "الطريق إلى الحرب".

إيران ستهدد باستخدام أسلحة الدمار الشامل: في الحرب مع إيران مستقبلاً، يجب على القادة الأميركيين افتراض أن إيران ستهدد باستخدام أسلحة الدمار الشامل. قد تركز هذه التهديدات على ردع التدخل العسكري الأميركي في الخليج العربي، أو منع حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين وشركاء الأمن من توفير القواعد والمساعدة للقوات الأميركية. ولذلك، من ضمن أهداف هذا التقرير، الاستعداد لعمليات مواجهة أسلحة الدمار الشامل الإيرانية، بما في ذلك الأسلحة النووية والبنية التحتية الحيوية، وهي جزء من حملة أميركية أوسع لمسرح العمليات ولا يتم تناولها كعناصر لمفهوم التمكين.

لا الأراضي الأميركية ولا الإيرانية ستكون في حالة الملاذ الآمن: على الرغم من أنه يجب افتراض أن الأراضي الأميركية السيادية لن تعتبر في حالة الملاذ أثناء الحرب مع إيران، إلا أن من المفرط أن نفترض أن الجيش الإيراني سيكون لديه القدرة، على الأقل في المدى القريب، على ضرب الوطن الأميركي مباشرة باستخدام الأسلحة التقليدية بمديات عابرة للقارات. بدلاً من ذلك، يجب افتراض أن إيران ستستخدم وسائل غير مباشرة مثل الهجمات الإرهابية على الأراضي الأميركية، وعمليات الفضاء السيبراني لمحاولة تأخير وتعطيل العمليات العسكرية الأميركية أو تهديد السكان الأميركيين.

التحدي والمبارزة في جميع مجالات العمليات: يجب على الولايات المتحدة أن تفترض أن إيران ستسعى إلى تدهور وتعطيل العمليات العسكرية الأميركية في جميع المجالات، بما في ذلك الفضاء والفضاء السيبراني وعبر الطيف الكهرومغناطيسي. على الرغم من أن قدرات الفضاء السيبراني الإيراني والفضاء المضاد ليست متقدّمة كتلك التي لدى جيش التحرير الشعبي الصيني، فمن الحكمة افتراض أن شبكات مسرح المعركة الأميركية، بما في ذلك الاتصالات والمراقبة وأنظمة الملاحة والتوقيت الدقيقة (PNT)، ستتعطل أو تتوقف مؤقتاً وغير متوفره.

تقييد حرية التصرف الأميركي أثناء العمليات الأوليّة: يفترض هذا التقرير أن إيران ستواصل في إستكمال نمو استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" مثل تلك الموصوفة في قسم "ثانياً"، وأنه في حالة وجود حرب مع الولايات المتحدة، ستوظف إيران مجموعة متنوعة من قدرات المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD لتأخير أو منع العمليات العسكرية الأميركية بفعّالية. وبالتالي، يجب أن يفترض مفهوم التمكين أن القوات الأميركية المنتشرة في الخليج العربي لدعم عملية طوارئ ضد إيران ستحتاج إلى القتال للدخول إلى المنطقة والحفاظ على حريتها في التصرف.

المواقع العملياتية القريبة ستكون في خطر: من المنظور السياسي، لا يمكن للقيادة المركزية أن تفترض أن جميع دول الخليج العربي ستسمح للقوات الأميركية بالانتشار في مواقع العمليات على أراضيها السيادية خلال المراحل الافتتاحية من النزاع مع إيران. على النقيض من ذلك، من الحكمة الافتراض بأن إيران ستنجح، وإن كان جزئياً أو مؤقتاً، في إجبار جيرانها على منع الولوج للقوات الأميركية. علاوة على ذلك، من المعقول أن الضغوط المحلية ستؤدي إلى منع بعض الحكومات الإقليمية تقديم الدعم المباشر للعمليات العسكرية الأميركية. يجب افتراض أن إيران ستسعى إلى زيادة هذه الضغوط من خلال شن حملة دعائية عنيفة مدعومة بأعمال تخريبية لإثارة المعارضة الشعبية ضد نشر القوات العسكرية الأميركية.
من منظور التهديد، يمكن التوقع بأن إيران ستستخدم قدراتها العسكرية النظامية وغير النظامية لمهاجمة القوات الأميركية الموجودة بالفعل في الخليج العربي. بمعنى آخر، يجب افتراض أن القوات الأميركية ستكون في خطر إذا تموضعت داخل متناول حلقة تهديات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية في بداية النزاع.

التمكين العملياتي ليس مفهوم فرعي من معركة الجو والبحر: في حين أن هذا ليس افتراضاً، فإن من المهم التأكيد على أنه لا ينبغي اعتبار مفهوم تمكين العملياتية لمنطقة الخليج العربي بأنه حالة أقل شمولاً من السيناريو المصمم لغرب المحيط الهادئ. يجب أن تكون المفاهيم العملياتية مثل: "معركة الجو والبحر Air Sea Battle" و "من الخارج إلى الداخل Outside-In" مصممة وفقاً للخصائص الجغرافية والجيوإستراتيجية المحددة لمنطقة ما، والمزايا المحددة التي يمكن أن يربحها الخصم المحتمل من عملياته كمنع الولوج والمنطقة المحرّمة، والأهداف المحتملة لدى قيادة الخصم.


مقترح لمفهوم عملياتي محتمل

في هذا الجزء نقترح ثلاثة خطوط عملياتية لمنع نجاح استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج" الإيرانية واستعادة الجيش الأميركي حرية التصرف. وتركز على:

> تهيئة الظروف لردع أو هزيمة وقهر العدوان الإيراني بشكل فعّال، مع نشر قوات أميركية لدعم العمليات الأوليّة ضد إيران من خارج نطاق تهديداتها بمنع الولوج؛
> تنفيذ العمليات من نطاق لتقليل فعّالية المجمع الإيراني "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD"، من خلال إضعاف قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع ISR، وتقليل كثافة المنظومات الهجومية والدفاعية، بما في ذلك الصواريخ البالستية، وقدرات الإقصاء البحري، وشبكة الدفاع الجوي؛ و
> إرساء تفوق جوي وبحري محلياً عند الاقتضاء، وحيثما تطلب الأمر ذلك، بما في ذلك السيطرة البحرية عبر مضيق هرمز، لدعم نشر القوة اللاحقة ومسرح عمليات الحملة.

الهدف من السطر الأول للعملية، إنشاء وضعية للقوة الأمامية المنتشرة، من شأنها أن تقلل من تعرض الجيش الأميركي لقدرات إيران لمنع الولوج، وتمكين العمليات الهجومية والدفاعية الأميركية من وضعية ذات ميزة. أما السطر الثاني يعطي الأولوية للعمليات الطويلة المدى لتقليص الوصول إلى المجمع الإيراني "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD"، وكثافته العسكرية من خلال تدمير مكوناته الرئيسية أو تحييدها. وبالتالي، زيادة مساحة المناورة للقوات الأميركية وتقليل قدرة إيران على مواصلة الأعمال العدوانية. في السطر الأخير، ستستعيد القوات الجوية والفضاء السيبراني وقوات العمليات الخاصة والقوات البحرية الأميركية - بما في ذلك الوحدات البرمائية الاستكشافية - التفوق الجوي والبحري وتجري عملية دخول مسرح المعركة لإعادة فتح مضيق هرمز، مما يمهد الطريق لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لحملة معركة قتال أوسع.
على غرار مفهوم معركة الجو والبحر Air Sea Battle في غرب المحيط الهادئ، الذي نشر في تقرير سابق لمركز التقييمات الإستراتيجية والميزانية CBSA، فإن خطوط مفهوم تمكين العملياتية لمنطقة الخليج العربي ستنفذ على فترات زمنية مختلفة. الخطان الأول والثاني قد يحدثان في وقت واحد مع بعض الضربات الهجومية ضد إيران وذلك في بداية افتتاح الأعمال القتالية، بدلاً من تأخير الهجوم المضاد لحين اكتمال نشر القوات والذي قد يستغرق وقت طويل. سيساعد كلا الخطين على تهيئة الظروف لتحقيق أهداف الخط الثالث للعمل بنجاح.


التموضع لتنفيذ عمليات من نطاق ممتد

إن انتشار أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية يعني أن استراتيجيتنا الحالية المتمثلة في نشر الآلاف من المقاتلات ومئات الآلاف من القوات في ساحة عدونا الخلفية لم تعد قابلة للتطبيق. إن أفضل وسيلة للحماية ضد التهديد المستجد، تتمثل في تحويل أكبر قدر ممكن من عبء نشر القوة - بأسرع ما يمكن - إلى أنظمة بعيدة المدى قادرة على القتال بفعّالية في نطاق ما وراء نطاق أسلحة الدمار الشامل. - الجنرال تشاك هورنر.

بدلاً من النشر الفوري لعدد هائل من القوات المسلحة في قواعد يمكن أن تكون في متناول العديد من أنظمة منع الولوج الإيرانية، يقترح هذا التقييم أن وزارة الدفاع يجب أن تبتكر وضعية من شأنها أن تقلل من التهديد الذي قد تواجه القوات الأميركية. تمديد مساحة المعركة إلى ما وراء الوصول الفعّال للأنظمة الهجومية الإيرانية، ودعم العمليات من نطاق لمواجهة المجمع الإيراني "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD"، بما في ذلك عناصر الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR).


تشتيت وتفريق القوات الأمامية

تشتيت وتفريق الوحدات الأمامية عالية القيمة المتموضعة في الخليج العربي إلى مواقع التي من شأنها أن تقلل من قابلية تعرضها للضربات الإيرانية وتعقد الخطط الإيرانية، وهو أمر ضروري لإنشاء وضعية ردع تقليدي "من الخارج إلى الداخل". على سبيل المثال، يمكن للوحدات البحرية عالية القيمة مثل المجموعة الضاربة لحاملات الطائرات الأميركية CSG أو المجموعة الهجومية الاستطلاعية ESG إعادة تموضعها إلى مناطق في بحر العرب ومواقع التشغيل الأخرى التي تكون بعيدة عن متناول معظم أجهزة الاستشعار الإيرانية القائمة على البر أو البحرية، وصواريخ كروز المضادة للسفن الساحلية، والزوارق الهجومية السريعة. وبالمثل، قد يكون من المرغوب فيه بالنسبة لبعض الوحدات الأميركية الموجودة في الدول الساحلية لدول الخليج العربي أن تتفرق إلى مواقع بديلة عبر شبه الجزيرة العربية، إن أمكن، من أجل الحد من تعرضها لهجمات الصواريخ الباليستية، وهجمات وكلاء إيران، (انظر الشكل 8). إن الحفاظ على عدد كبير من المطارات المناسبة التي يمكن أن تعمل منها الطائرات الأميركية سيُعقد أيضاً مشكلة الاستهدافات الإيرانية بشكل كبير، ويجبر إيران على نشر قوتها الصاروخية المحدودة على عدد أكبر من الأهداف.

الشكل 8. تشتيت وحدات القوات المتمركزة في القواعد الأمامية

S29.png



كما أن التشديد من الدولة المضيفة على مرافق القواعد الرئيسية يمكن أن تقلل من التأثير العملياتي لهجمات الصواريخ الباليستية أو قذائف G-RAMM، وتمكين بعض الطائرات المقاتلة الأميركية من أن تتمركز في الأمام. إضافة دفاعات الصواريخ الحركية وغير الحركية لتعزيز القواعد مما تزيد من تقليل فعّالية ضربات الصواريخ الإيرانية. كما أن المزيد من أنظمة الدفاعات الصاروخية لأميركا والشركاء مهامها الدفاع عن المراكز السكانية الحيوية والبنية التحتية للنفط قد أيضاً "تقوّي" دول الخليج العربي للقيام بأعمال القتال، وهذا من شأنه أن يعزز موقف القوات الأميركية بأنه يتلقى الدعم الإقليمي في حالة حدوث نزاع عسكري.
قد يؤدي إخلاء المنشآت الثابتة الكبيرة خلال تطور الأزمة، أو الأسوأ بعد اندلاع الأعمال العدوانية، إلى كارثة. مثل هذا الإخلاء أثناء الأزمة يمكن أن يقوّض بشدة ثقة الشركاء في استعداد الولايات المتحدة وقدرتها على الدفاع عنهم. الإخلاء تحت النار سيكون أيضاً مهمة خطرة. على افتراض أن الولايات المتحدة لا تنوي الشروع في القتال مع إيران (وبالتالي تستفيد إيران من الهجوم أولاً)، يبدو أنه من المستحسن نقل وتشتيت أكبر عدد ممكن من هذه الوحدات العسكرية الأمامية ومهماتهم الخطيرة في وقت السلم إلى مواقع التشغيل التي خارج نطاق العديد من قدرات الضربة الإيرانية الأولى.
وبالتالي، على المدى الطويل، ينبغي على القيادة المركزية في وقت السلم أن تعيد النظر في قيمة المحافظة على المنشآت الثابتة الكبيرة في الخليج العربي، مثل مقر القيادة المركزية للقوات الجوية للولايات المتحدة CAOC في قطر، ومقر القيادة المركزية للقوات البحرية USNAVCENT في البحرين. إذا ما تعرضنا للتهديدات الهجومية بالصواريخ البالستية الإيرانية، في حالة الأزمة أو النزاع، قد ترفض الدول المضيفة مثل قطر والبحرين من استخدام القوات الأميركية قواعدها أو منشآتها كمراكز لإنطلاق العمليات ضد إيران. وستكون هذه المنشآت أيضاً أهدافاً رابحة لإيران. وبالمثل، فإن حاملة الطائرات أو سفينة هجوم برمائية في الخليج العربي ستكون أهدافاً ذات قيمة عالية للقوات الإيرانية التي تسعى لإظهار ضعف الجيش الأميركي. بينما سيكون من الصعب على إيران أن تغرق سفن حربية كبيرة، إلا أن يمكنها إجبار القوات البحرية الأميركية على "الانحناء الدفاعي" حيث ستنشغل بالدفاع عن نفسها بدلاً من القيام بعمليات هجومية فعّالة.
بالطبع، تقليص فرص ايران لإستهداف هجومي لا يعني بأن على الولايات المتحدة أن تزيل وجودها العسكري بالكامل من الخليج العربي قبل أو أثناء النزاع النامي. بدلاً من ذلك، ينبغي أن يشمل مفهوم تمكين العملياتية إجراءات لتعزيز وضعية الولايات المتحدة الرادع ومكافحة الحرب عن طريق نشر - حيثما أمكن - قوات تمتلك بصمة صغيرة مثلاً والتي يصعب استهدافها، وبطاريات نظام الصواريخ التكتيكية للجيش ATACMS، وبطاريات منظومة الدفاع الصاروخي المحمولة، والمركبة تحت الماء غير المأهولة، وربما السفن القتالية الساحلية. كما أن من الممكن أن تؤدي عمليات النشر هذه إلى تعزيز القدرة القتالية الأميركية وكذلك طمأنة الحلفاء والشركاء الإقليميين.


النشر لتحقيق ميزة التموضع

لمواجهة خطر إدخال القوات الأميركية داخل المظروف الإيراني "منع الولوج A2" قبل أوانه، يجب أن يستغل هذا المفهوم العملياتي ميزة الولايات المتحدة في عزمها لتنفيذ عمليات من نطاقات أوسع وممتدة. على سبيل المثال، عند التمركز في نطاق واسع وممتد، يمكن نشر عائلة الأنظمة الهجومية الجديدة بعيدة المدى التابعة لوزارة الدفاع، ويمكن إرسالها إلى مواقع التدريج حول محيط الشرق الأوسط، مثل القرن الإفريقي والمحيط الهندي وجنوب وشرق أوروبا وربما حتى البحر الأسود/القوقاز. بالإضافة إلى قدرات المراقبة والهجومية طويلة المدى للقوات الجوية، فإن حاملة الطائرات للبحرية الأميركية المجهزة بالطائرة بدون طيار (المُطلقة من على متن حاملات الطائرات Unmanned Carrier-Launched Airborne Surveillance and Strike UCLASS) والتي ببصمة منخفضة ونصف قطرها القتالي أكثر من 1200 ميل بحري يمكن أن تعمل من بحر العرب لضرب أهداف متحركة بعيدة المنال. كما أن الغواصات الهجومية (SSN) فئة فيرجينيا والغواصات ذات الصواريخ الموّجهة فئة أوهايو (SSGN) المزودة بصواريخ كروز ضد أهداف على الأرض يمكنها استكمال الضربات التي بدأتها الحاملة ضد الأهداف الثابتة.


الآثار العملياتية المترتبة على وضعية "من الخارج إلى الداخل"

كما هو الحال مع أي مفهوم جديد لنشر قوة عسكرية خارج البلاد، أولاً، يجب على الجيش الأميركي تقييم المزايا والسلبيات المحتملة للتحول نحو وضعية "من الخارج إلى الداخل" بالمقارنة مع إرث هيكل نشر القواتية في الخليج العربي لوزارة الدفاع. ربما تكون الفائدة الأكثر أهمية، القدرة على الاستفادة من الميزة النسبية للولايات المتحدة في قدرات هجومية بعيدة المدى لتقليل المخاطر على القوات الأميركية. وبطبيعة الحال، هذا يفترض أن الجيش الأميركي يستثمر بكفاية في أنظمة المراقبة والهجومية والذخائر، لإنجاز مهام المفاهيم التمكينية بفعّالية وفي غضون فترة زمنية معقولة.
ثانياً، إن الانتشار للقتال من نطاق أوسع وممتد يمكن أن يُعقد إلى حد كبير التخطيط العملياتي لإيران. على وجه التحديد، تحويل أثر أقدام مسرح المعركة الأميركية من القواعد الأمامية، داخل حلقة المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD الإيرانية، إلى وضعية "خارجية" من شأنه أن يقلل من قدرة إيران على إدراك وفهم واضح لشكل ساحة المعركة، ويمكن أن يحفز إيران على تطوير قدرات باهظة الثمن وهشة جداً في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.
ثالثًا، من الناحية المثالية، من شأن تمديد وضعية القواعد الأميركية (لتشمل القوات البحرية القادرة على تنفيذ عمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع ISR، والهجوم من نطاقات واسعة وممتدة) أن يُعزز من شن هجمات على طول عرض وعمق إيران عبر محاور هجومية متعددة. ستعمل القوات الأميركية، بهذه الطريقة، من أجل المزيد من التعقيد للتخطيط الإيراني وإجبارها على تقليص تركيزها الشديد على نشر الأنظمة الدفاعية على طول الخليج العربي ومضيق هرمز، خشية من ترك الأصول والمنشآت الرئيسية الأخرى داخل عمقها من دون حماية.

على الجانب السلبي، فإن وضعية القوة في نطاق خارجي ممتد يتطلب قدرات المراقبة والهجومية البرية والبحرية للعمل على نطاق أوسع وأطول، ومن شأنه أن يقلل معدل طلعات الطائرات ويزيد من الضغوط على طائرات التزود بالوقود جواً. إن زيادة استخدام الأنظمة المأهولة وغير المأهولة المتقدمة والقابلة للبقاء والثبات (من حيث القدرة على البقاء والقدرة على التزود بالوقود) في المهام الهجومية والاستطلاعية، والهجمات الإلكترونية المحمولة جواً، يمكن أن تساعد في تخفيف هذه الآثار السلبية. زيادة التركيز على الحرب الإلكترونية غير الحركية، والطاقة الموّجهة، والقدرات السيبرانية الهجومية التي يمكن أن تؤدي إلى تعطيل أنظمة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية، أو تدهورها أو إتلافها أو تدميرها، قد تساعد في تقليل الضغوط على شبكات اللوجستيات الأميركية، وبذلك تساعد في تقليل التكلفة المرتبطة بهذا المفهوم العملياتي الجديد.
باختصار، بدلاً من نشر قوة كبيرة في الخليج العربي كما حدث خلال حربي الخليج (1991 عاصفة الصحراء وحرب العراق 2003)، وهو مقاربة من المؤكد ستؤدي إلى خسائر كبيرة للولايات المتحدة في حالة وقوع هجوم إيراني مفاجئ، يمكن للولايات المتحدة اعتماد إطار جديد للنشر يعزز من وضعية قواتها لتجنب أضرار هائلة في مستهل الهجمات الإيرانية، أو على الأقل التخفيف من آثارها.
بطبيعة الحال، تتوقف خطة النشر، التي ستوسع من مسرح العمليات، على توافر قواعد كافية، وتطوير القوى القادرة على العمل من نطاقات أوسع وأكبر. كما سيعتمد، في بعض الحالات، على رغبة الدول الأخرى في منح الإذن بالطيران الحر للقوات الأميركية العاملة من تلك القواعد لضرب إيران. سوف يتم تناول هذا الوضع الموسع في قسم "رابعا".


الحد من خطر حلقة التهديد الإيراني "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD"

يمكن للقوات الأميركية، التي تعمل انطلاقاً من وضعية ذات ميزة، أن تنتهز المبادرة وتنفذ عمليات مستمرة من جميع محاور الهجوم لكبح وتدمير واتلاف قدرات إيران في "منع الولوج A2" (انظر الشكل 9). الهدف الرئيسي من هذه الإجراءات لتمكين القوات الأميركية من العمل في مستويات منخفضة المخاطر بدلاً من القواعد البرية والبحرية القريبة من مناطق الاستهداف المحتملة، وبالتالي زيادة معدل طلعات الطائرات وتحسين قدرات المراقبة والهجومية والأنظمة الهجومية الإلكترونية المحمولة جواً، وذلك لاختراق عميق داخل إيران وتهيئة الظروف للعمليات البحرية في المناطق الساحلية الإيرانية.

الشكل 9. الحد من خطر حلقة التهديد

S30.png


الفوز في تحدي شبكة C4ISR ضد الشبكة المضادة

على الرغم من أنه، يبدو من المحتمل أن الجيش الإيراني سيظل أقل اعتماداً على قدرات القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع C4ISR طويلة المدى مقارنة بالولايات المتحدة، إلا أنه يجب أن يكون تحدي شبكة C4ISR ضد الشبكة المضادة جزءًا رئيسياً من هذا الخط العملياتي. وعليه فإن القيام بذلك سيكون له تأثير كبير على حملة الصواريخ الإيرانية. بالرغم من أن بطاريات الصواريخ الإيرانية ربما لا تزال قادرة على استهداف مواقع ثابتة معروفة، دون وسائل الحصول على صورة دقيقة عن ساحة المعركة. بيد أن، لن تعرف بشيئ من اليقين ما إذا كانت الأهداف القيّمة موجودة بالفعل في هذه المواقع. ولذلك، حرمان إيران من القدرة على إجراء تقييمات عن أضرار المعارك سيساعد أيضاً في منعها من تحديد مدى فعّالية رشقة الصواريخ التي أطلقتها، خاصة إذا كانت القوات الأميركية وقوات التحالف يعملون في المناطق النائية التي لا يمكن بسهولة رصدها من قبل العملاء الإيرانيين المقيمين بين السكان المحليين.
كل هذه العوامل مجتمعة، يمكن أن تُعّقد من جهود الاستهدافات الإيرانية إلى حدٍ كبير وقد تضطر إلى إنفاق صواريخ ضد أهداف ذات قيمة ضئيلة أو معدومة. بمعنى آخر، عمليات مكافحة الشبكة المضادة بفعّالية إلى جانب ديناميكية خطة التشتيت والتفريق للقوات الأميركية يمكن أن تساعد في تغيير معادلة "تحدي الصواريخ" لصالح الجيش الأميركي.

الإجراءات التحضيرية: يجب أن تبدأ جهود الولايات المتحدة للفوز في تحدي شبكة C4ISR والشبكة المضادة قبل وقت طويل من بدء الأعمال العدائية مع إيران. يَعُدْ جمع وإعداد المعلومات الاستخباراتية في وقت السلم لساحة المعركة، التي تركز على الجهود المبذولة لرسم خريطة بنية شبكة C4ISR الإيرانية، أمراً بالغ الأهمية في تحديد أولويات الاستهداف الأميركي في الأيام الأولى من النزاع. في حالة وجود تحذير كافٍ، يمكن للقادة الأميركيين أيضاً زيادة "عمق" الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع في مسرح المعركة، على سبيل المثال، من خلال وضع أصول المراقبة على قواعد صلبة أو موزعة في جنوب غرب آسيا؛ نشر أجهزة استشعار إضافية تحت سطح البحر في مواقع رئيسية في الخليج العربي وبحر عُمان؛ وربما زرع أجهزة استشعار صغيرة وغير مكلفة قادرة على الكشف عن وحدات أرضية تنتشر في المناطق الساحلية الإيرانية.

حملة الاعماء: في بداية العمليات القتالية، يجب أن تتحرك القوات الأميركية بقوة وعنف لإتلاف شبكات القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع C4ISR الإيرانية وتعطيلها وتدميرها. العمليات الأميركية لمكافحة الشبكة المضادة يجب أن تتضمن ضربات بعيدة المدى والحرب تحت سطح البحر والحرب الإلكترونية وعمليات الفضاء السيبراني الهجومية ضد رادارات الإنذار المبكر في إيران وأنظمة المراقبة البحرية ومنشآت القيادة والسيطرة.
ولتحقيق هذه الغاية، ستشن قاذفات القنابل التي تعمل من الخارج في قواعد نائية أو طرفية، والغوصات الهجومية SSN وغواصات الصواريخ الموّجهة SSGN في بحر العرب، هجوم باطلاق الموجة الأولى من الضربات الحركية باستخدام أسلحة المواجهة من بعد Standoff الهجومية الدقيقة ضد أجهزة الاستشعار الإيرانية الثابتة وعُقد القيادة والسيطرة C2. وأيضاً قوات العمليات الخاصة SOF الأميركية التي تم إدخالها إلى داخل إيران يمكن أن تزيد من هذه الضربات عن طريق تعطيل أصول القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات والمراقبة الاستطلاع C4ISR المعروفة والتي يصعب اخمادها بأسلحة المواجهة، مثل العُقد في شبكات الألياف البصرية. إن اعطاب وتدمير شبكة C4ISR وأنظمة الدفاع الجوي الإيرانيتين سوف تساعد في تمهيد الطريق ليتمكن سلاح الجو الأميركي والقوات البحرية الاختراق لمهاجمة الرادارات المحمولة في إيران، وأنظمة القيادة والسيطرة C2.
يجب أن تستغل عمليات الجيش الأميركي لمكافحة الشبكة المضادة ميزتها النسبية في الأنظمة المتقدمة القادرة على السيطرة على الطيف الإلكتروني. إن تنفيذ ضربات سيبرانية لاعطاب شبكات C4ISR للعدو يمكن أن يقلل من فعّالية العمليات الهجومية الإيرانية ويقلل من الخطر الذي تواجه الأنظمة الأميركية طويلة المدى التي تخترق المجال الجوي العدائي. قد تثبت قدرات الضربة الطويلة المدى التي شُكّلت لمكافحة الإنذار المبكر وأنظمة الاستحواذ المستهدفة بأنها حاسمة لنجاح حملة الإعماء. كما يمكن أن يؤدي التشويش الإلكتروني إلى منع السفن "المدنية" من توفير معلومات حول موضع واعادة تموضع سفن البحرية الأميركية وسفن البضائع التجارية والشحن التي تبحر بشكل قانوني وشرعي. إن إمكانات أسلحة الطاقة الموّجهة المستقبلية، مثل أسلحة الميكروويف عالية الطاقة (HPM) التي تتلف أو تعطل أو تدمر الأنظمة الإلكترونية، ستوفر للقادة الأميركيين سلاحاً يؤدي إلى "تغيير قواعد اللعبة" لإعاقة استخدام إيران للطيف الكهرومغناطيسي.

مكافحة عمليات الشبكة المضادة الإيرانية: من شبه المؤكد أن تحييد القدرة الإيرانية على تقليص عزيمة الجيش الأميركي في استخدام الفضاء والفضاء السيبراني سيكون جانباً مهماً آخر في تحدي شبكة C4ISR ضد الشبكة المضادة. على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تُشكّل قدرات إيران المضادة للفضاء تهديداً كبيراً للأقمار الصناعية الأميركية بقدر ما تمثله القدرات الميدانية لجيش التحرير الشعبي الصيني، إلا أنه سيكون من المهم حماية بنية الفضاء العسكري للجيش الأميركي من الهجمات المحتملة، بما في ذلك المحطات الأرضية الحساسة في الولايات المتحدة وخارجها، وكذلك هجمات وكلاء إيران الإرهابية. يمكن لإيران أن تستخدم أجهزة التشويش الأرضية لتعطيل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ومحطة الفضاء ونظام C4ISR المحمول جواً، بالخصوص حول الأهداف عالية القيمة. نظراً لأن هذه التشويشات قد تؤثر على الذخائر الموّجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي أو التموضع العالمي (GPS)، فإن تحييدها سيكون مهماً في الفوز بمنافسة تحدي شبكة C4ISR ضد الشبكة المضادة.
وبالمثل، ينبغي التوقع أن إيران وعملائها قد يشنون هجمات سيبرانية، للاستغلال وتعطيل وإتلاف الشبكات اللازمة لتنظيم عمليات نشر القوات الأميركية وعملياتها. إذا نجحت هذه الهجمات يمكنها تمديد الأطر الزمنية العملياتية للقيادة المركزية بشكل كبير. علاوة على ذلك، قد تحاول إيران استخدام الضربات السيبرانية لتعطيل أنظمة السيطرة والتحكم أو البيانات التي تقوم عليها شبكات الكهرباء المدنية الأميركية وشبكات الاتصالات. قد تأتي هذه الهجمات في شكل معلومات كاذبة، أو قد تكون إجراءات مباشرة لتعطيل تدفق المعلومات أو إتلافه. وبالتالي، قد تكون هناك حاجة إلى عمليات الدفاع عن شبكات الكمبيوتر (CND) المدمجة عبر شبكات الجيش الأميركي لمنع إيران من استخدام الفضاء السيبراني، وهذا كجزء من استراتيجية أوسع إيرانية لفرض تكاليف على الولايات المتحدة.
يجب أن يبدأ الدفاع المتكامل ضد عمليات الشبكة المضادة الإيرانية قبل بدء النزاع الفعلي بوقت طويل. إن تطوير مفهوم مفصل لقدرات إيران في الشبكة المضادة، وخاصة قدرتها على خلق تأثيرات في الفضاء السيبراني قد يكون من الصعب شرحه، لكن من شأنه أن يساعد القادة الأمريكيين في تطوير خطة معركة دفاع الشبكة المناسبة. والأهم من ذلك، إيفاد شبكة متكاملة متعددة الطبقات من الفضاء وقدرات المعلومات الأرضية من شأنها أن تقلل من تعرض الولايات المتحدة لهجمات الشبكة المضادة. وهذه البنية يمكن أن تشمل طائرات بدون طيار تحلق على ارتفاعات عالية وطويلة التحمل لتكون بمثابة عُقد القيادة والسيطرة (C2) المحمولة جواً، وإجراء مراقبة واسعة النطاق لدعم أنظمة أخرى تخترق العمق داخل إيران. لتقليل الطلب الإجمالي على شبكات القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع C4ISR الأميركية وتحسين العمليات المبكرة في المناطق التي تعاني من تدهور الاتصالات، يمكن للقيادة المركزية استخدام المنصات المتقدمة المأهولة التي تتمتع بالقدرة المستقلة على البحث عن الأهداف المتنقلة وتحديدها وتعقبها وضربها.
ستحتاج القيادة المركزية للحفاظ على عمليات الشبكة المضادة في مستوى مناسب من الجهد طوال الحملة، لمنع إيران من تجديد قدرات شبكتها C4ISR وتبني أساليب عمل غير تقليدية، مثل الاعتماد على شبكات الهاتف الخلوي، وتقارير السكان المحليين، أو باستخدام المعلومات التي تم جمعها من خلال الإنترنت ومن البث التجاري الدولي مثل وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وبالمثل، يجب على الجيش الأميركي أن يتوقع أن جهود إيران ستستمر في تقليل قدرات شبكة C4ISR الأميركية طوال الحملة. وكذلك يجب تتوقع القوات الأميركية التي تخترق المجال الجوي الإيراني أن تعمل في ظل ظروف التدهور المحلي للاتصالات ومعلومات تحديد المواقع والملاحة والتوقيت PNT من نظام التموضع العالمي GPS.


الفوز في تحدي الصواريخ الباليستية الإيرانية

تقليل قدرات العدو على شن هجمات صاروخية على قوات الولايات المتحدة وقوات التحالف والقواعد والبنية التحتية المدنية الحساسة يحب أن يكون هدفاً رئيسياً ومن أولى الأولويات لمفهوم تمكين العملياتية. بالنظر إلى صعوبة الدفاع ضد دفعة صواريخ - خاصةً إذا كانت الولايات المتحدة غير قادرة على أن تعزز من وضع منظومة دفاعها الصاروخي الباليستي متوسط المدى BMD قبل بدء الأعمال القتالية - ينبغي على القيادة المركزية أن تثقل من جهودها في وقت مبكر نحو عمليات هجومية لتدمير أو قمع صواريخ كروز المضادة للسفن والصواريخ الباليستية الإيرانية قبل إطلاقها؛ أي التركيز على قتل "رامي السهام" بدلاً من "السهام".
إن بدء الضربات الهجومية لتوجيه ضربات مضادة للصواريخ في أبكر وقت ممكن، سيساعد القيادة المركزية في أخذ زمام المبادرة، بالمقارنةً مع مفهوم العمليات المهيمن عليها الدفاع والذي يمكن أن يتنازل العدو عن المبادرة.
يجب أن تتوقع القيادة المركزية مواصلة عمليات الصواريخ المضادة طوال فترة الحرب، خاصة وأن قادة العدو قد يختارون أن يزاوجوا صواريخهم الكروز المضادة للسفن مع صواريخهم الباليستية الأكثر قدرة للحصول على فرص استهداف أكثر ربحاً، أو يطلقونهم فقط عندما يكون من المؤكد بشكل معقول أن قاذفاتهم لن يتم تدميرها في هذه العملية. ونظراً لصعوبة العثور والاستهداف لوحدة النقل والنصب والقذف TEL المتنقلة ومنصات قاذفات صواريخ كروز المضادة للسفن التي ينشرها العدو باستخدام تكتيكات ممتازة للخداع والتمويه، فمن المحتمل أن تصبح الحملة الهجومية المضادة للصواريخ مجرد جهد لإخماد الصواريخ بدلاً من تدمير الصواريخ.

العمليات الهجومية: العمليات الهجومية المبكرة لتدمير تهديدات الصواريخ في مواقعها تتطلب أنظمة استطلاعية وهجومية قادرة على العمل في مديات طويلة وتستمر في المجال الجوي للعدو، وتنطلق من مواقع آمنة عموماً. يجب أن تعطى الأولوية لمجموعة من أنظمة المستقبل للضربات الطويلة المدى - بما في ذلك قاذفات الشبح، الطائرة بدون طيار (المُطلقة من على متن حاملات الطائرات UCLASS) ببصمة منخفضة وقادرة على التحليق المستمر، وذخائر المواجهة من بُعد Standoff المُطلقة من الجو والبحر، وقدرات الهجوم الإلكتروني المحمولة جواً - وذلك للعثور وتحديد وتتبع وتدمير قوات الصواريخ الإيرانية والبنية التحتية الداعمة لها. إن توفرت في مسرح العمليات، أنظمة برية، مثل النظام الصاروخي المتعدد الإطلاق (MLRS) التابع للجيش المزودة بنظام الصواريخ التكتيكية (أتاكمز) ATACMS طويل المدى، يمكن أن توفر دعم لنيران البطاريات المضادة في جميع الظروف الجوية.
نظرًا لأن العديد من قاذفات الصواريخ الإيرانية والقدرات الداعمة لها سيتم تركيبها على منصات متحركة، ستحتاج الضربات الجوية والبحرية والصواريخ الأرضية المضادة للولايات المتحدة إلى معلومات دقيقة في الوقت المناسب عن الاستهداف. وللحصول على هذه المعلومات في مناطق غير مسموح بها سيكون تحدياً كبيراً للجيش الأميركي. في الواقع، إن أصعب عنصر في العمليات الهجومية المضادة ضد الصواريخ الإيرانية قد يكون تحديد موقع وحدات النقل والنصب والقذف TEL ومنصات القاذفات المتنقلة لصواريخ كروز المضادة للسفن التي لديها القدرة على "الإطلاق والإخماد" بسرعة، أو تكون هذه الوحدات والمنصات محتجبين باستخدام الخداع والتمويه وتكتيكات الإخفاء الأخرى.
لاستهداف المعلومات يمكن إنشاءه ذاتياً من خلال منصات هجومية شديدة الاختراق ومجهزة على متن الأرض تتحرك بأنظمة مؤشر الهدف (GMTI)، أو التي توفرها طائرات مراقبة شبحية مأهولة أو غير مأهولة مع وصلات البيانات إلى جهاز استشعار اطلاق النار الذي يضغط سلسلة القتل. قوات العمليات الخاصة، التي تم إدخالها خلسة إلى داخل إيران باستخدام منصات جوية وبحرية قادرة على العمل على مسافات طويلة، بإمكانهم المساعدة في تحديد وتعيين أهداف ذات قيمة عالية للغارات الجوية. ومع ذلك، فإما أنها حالياً لاتزال ليست جزءًا من القوة العسكرية للعمليات، أو أن عددهم ليس بما يكفي للحفاظ على حملة مضادة للصواريخ والمقذوفات من على بعد مسافات طويلة وضد المئات، إن لم يكن الآلاف من نقاط الهدف في مناطق شديدة الخطورة.

عمليات الدفاع الصاروخي: على الرغم من أن الهجوم الناجح المضاد للصواريخ من شأنه أن يقلل من القوة القسرية الإيرانية، إلا أنه من غير المرجح أن العمليات الهجومية وحدها ستمنع إيران من شن ضربات بالصواريخ الباليستية والمقذوفات الجوالة (الكروز)، خاصة إذا إيران هي التي بدأت في القتال. وبالتالي، فإن الدفاع الطبقي الذي يمكنه اعتراض الصواريخ الباليستية في جميع مراحل رحلتها - التعزيز / الصعود، منتصف الطريق، والنهاية - سيكون جانباً مهماً في التعامل مع تهديدات الصواريخ الإيرانية. قد يكون صاروخ باليستي أكثر هشاً وعرضة للتدمير عندما يكون في طور التعزيز / الصعود، نظراً لسرعته المنخفضة نسبياً وبصمة الحرارة العالية خلال تلك المرحلة.
وفقًا للجنرال روبرت كيهلر، القائد السابق للقيادة الفضائية للقوات الجوية، إن تدمير الصواريخ في مرحلة تعزيزها / صعودها سيكون أولوية قصوى، لأنه يمنع الصواريخ من نشر تدابير مضادة مثل القشر وغيرها من الأفخاخ والشراك ووسائل التمويه والخداع. كما أنه سيقلل من عدد أجهزة الاعتراض الحركية المُكلفة للغاية والتي ستكون ضرورية لهزيمة الرؤوس الحربية لصواريخ العدو خلال المرحلة النهائية من رحلتها وتجنب الأضرار الجانبية غير المرغوب فيها الناتجة عن اعتراض الصواريخ على الأراضي الصديقة.
ولتحقيق هذه الغاية، أعرب الجيش الأميركي عن اهتمامه بتطوير أسلحة تطلق من الجو "اضرب حتى تقتل" (ALHK) والتي يمكن أن تحملها منصات جوية قادرة على اختراق المناطق ذات الخطورة المتوسطة والتهديدات الشديدة. على افتراض حدوث تقدم حديث في أبحاث الطاقة الموّجهة، في السنوات القادمة، يتم توجيه أسلحة الطاقة الموّجهة المثبتة على منصات مع قوة كافية وقدرة التبريد لتوليد شعاع فتاك من الطاقة يمكن أن توفر وسيلة أخرى لهزيمة الصواريخ الباليستية لأنها تصعد إلى مسارها الباليستي.
على الرغم من أن الدفاعات الصاروخية الحركية البرية والبحرية ستكون جزءًا مهماً من العملية الأميركية المضادة للصواريخ الإيرانية، إلا أن نظراً لتكلفتها الباهظة، فمن غير المرجح أن يكون هناك ما يكفي منها في الخليج العربي مع بداية النزاع للدفاع ضد رشقات متعددة من الصواريخ مع درجة عالية من الفعّالية. سيكون هذا صحيحاً بشكل خاص إذا ظروف التهديد أثرت على عمليات إعادة التزويد أو إذا اقتصرت إعادة التزويد على النقل الجوي الاستراتيجي. علاوة على ذلك، تظل أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستي الحالية وصواريخها المعترضة مكلفة للغاية، مما يخلق الفرصة لإيران لاستخدام الصواريخ الباليستية متوسطة وقصيرة المدى لفرض تكاليف غير متكافئة على الولايات المتحدة.
صاروخ باتريوت المتقدم (PAC-3) يكلف 3.3 مليون دولار للنسخة الواحدة، وصاروخ ثاد يبلغ تكلفته 9 مليون دولار، وصاروخ النظام الدفاعي الصاروخي المستقبلي SM-3 قد يكلف ما بين 10 مليون إلى 15 مليون دولار. عند هذه الأسعار، قد يكلف الدفاع ضد رشقة واحدة مؤلفة من عشرين أو ثلاثين صاروخاً مقبلة علينا أكثر من 100 مليون دولار، بافتراض أن إطلاق صاروخين اعتراض على كل تهديد صاروخي وارد إلينا كما هو موضح في عقيدة الدفاع الصاروخي الحالي للجيش الأميركي. يمكن لإيران أن تزيد من النسبة غير المواتية للتكاليف من خلال إطلاق صواريخ "غبية" غير دقيقة لإجبار المدافعين الأميركيين على إهدار صواريخهم الااعتراضية الباهظة الثمن، ومن ثم تفتح إيران الباب أمام سلسة من الرشقات للصواريخ الأحدث والأكثر دقة، أو استخدام صواريخ باليستية برؤوس حربية متعددة ومستقلة (MIRV) ذات أهداف متعددة ومستقلة تستهدف عدة أهداف بشكل مستقل، وبالطبع هذا يتطلب تطور تكنولوجيي لكي تقوم به إيران.
في المستقبل، قد تكون قوات الولايات المتحدة قادرة على استخدام مزيج من الصواريخ الاعتراضية الحركية وأسلحة الطاقة الموّجهة لإنشاء دفاع متعدد الطبقات قادر على اعتراض أسراب من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وكذلك قذائف G-RAMM. إن أسلحة الطاقة الموّجهة القادرة على توليد عدد غير محدود تقريباً من الجولات أو الأشواط مقابل تكلفة الوقود اللازم لإنشاء الطاقة الموّجهة المطلوبة (مثل ليزر الحالة الصلبة الكهربائية) يمكن أن تساعد على تغيير نتيجة تحدي الصواريخ لصالح الولايات المتحدة. وأيضاً ستساعد في تخفيف الضغط على شبكة اللوجستيات العسكرية التابعة للجيش الأميركي، وتقليل الحاجة للسفن ذات مهمات الدفاع الصاروخي الباليستي BMD لمغادرة المحطة لفترات طويلة من الوقت لإعادة تسليحها بالصواريخ الاعتراضية الحركية. بمعنى آخر، قد توفر الدفاعات الصاروخية الجديدة الموّجهة بالطاقة للقادة المستقبليين وسائل لقتل "السهام" وكذلك "الرامي". وللقيام بذلك قياساً على نسبة تبادل التكاليف، فإن الجيش الأميركي يفضل ذلك أكثر بكثير مما هو عليه الحال حالياً.


ترسيخ التفوق الجوي والبحري محلياً

خلق جيوب من التفوق الجوي

خلال المراحل الافتتاحية للحملة الجوية ضد إيران، سيكون من المهم إنشاء "جيوب" للتفوق الجوي كافية لتمكين عمليات تقود إلى مدى المنظومات الدفاعية الجوية الإيرانية. هذه المهمة بالتحديد قد تكون صعبة إذا كانت القوات الجوية الأميركية تفتقر لقواعد عسكرية قريبة بشكل كافٍ، والبحرية الأميركية لم تتمكن من تشغيل حاملاتها ضمن بضع مئات من الأميال من إيران .
علاوة على ذلك، العمليات الأميركية المضادة للجو في المستقبل والتي ستكون ضد نظام الدفاع الجوي المتكامل الإيراني قد لا تشكل حملة "للتراجع" بالمعنى التقليدي. على الرغم من أنه من المشكوك فيه أن تقوم إيران على المدى القريب بإدخال نظام دفاع جوي متكامل IADS يقترب من تطور شبكة الدفاع الجوي التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني، إلا أنه ينبغي افتراض أن إيران ستسعى لتزاوج منظومتها الأكثر قدرة على التنقل (منظومة سام SAM) حتى يمكن استخدامها ضد الطائرات الأميركية في وقت لاحق من الحملة، بطريقة مماثلة لتلك التي استخدمتها القوات الصربية خلال حرب كوسوفو عام 1999. بدلاً من إجراء دفاع محدد عن جميع المناطق المستهدفة ذات القيمة العالية، يمكن لمشغلي صواريخ سام SAM الإيرانية التحكم في انبعاثات الرادار الخاصة بهم وتغيير مواقعهم بشكل متكرر واستخدام الأفخاخ والتمويه لتجنب اكتشافهم وإنشاء "كمائن SAM" تنبثق وتظهر كلما أرادوا. وبالمثل، قد تختار إيران إخفاء بعض معداتها القتالية في ملاجئ صلبة تقع في عمقها لمنعها من التدمير المبكر.
لمواجهة تكتيكات "شبكة الدفاع الجوي الإيراني"، يمكن للجيش الأميركي أن يستخدم منصات شبحية قادرة على تجنب الكشف، واستخدام الشراك الخداعية وأنظمة الحرب الإلكترونية لاستفزاز الأعداء مشغلي أنظمة السام وتحريكهم إلى تفعيل راداراتهم، وبالتالي الكشف عن مواقعهم. يبدو أن السفينة المصغرة التي أطلقتها وزارة الدفاع الأميركية (MALD) مناسبة تماماً لهذه المهمة. حتى مع هذه التحسينات في القدرات، يجب على الجيش الأميركي التخطيط لجهد متواصل لقمع تهديدات الدفاع الجوي التي قد تظهر دون سابق إنذار طوال الحملة الجوية ضد إيران.


تحقيق التفوق البحري: عملية دخول المسرح المشترك

لإعادة إنشاء خطوط الملاحة البحرية في مضيق هرمز والخليج العربي، من المرجح أن تشمل مهام حاسمة لقمع التهديدات الموجودة تحت سطح البحر، والدفاع ضد صواريخ كروز المضادة للسفن، وحشود الزوارق السريعة، وتطهير الألغام. يخلص هذا التقييم إلى أن عمليات الولايات المتحدة لإزالة الألغام يجب ألا يترتب عليها نشر معدات التدابير المضادة للألغام في مضيق هرمز والخليج العربي حتى يتم قمع أنظمة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية. بالأحرى، يجب على الولايات المتحدة وقوات التحالف اعتماد نهج يُرسخ السيطرة على المجال الجوي المحلي، وقمع الزوارق الهجومية السريعة والزوارق الشاطئية السريعة (FAC/FIAC)، وبطاريات صواريخ كروز المضادة للسفن على الساحل، وقوات أنظمة قذائف G-RAMM، وعندها فقط يواصل عمليات نشر معدات التدابير المضادة للألغام MCM لإعادة فتح المضيق. بدلاً من النظر في كل مهمة من هذه المهام على حدة، يتناولها القسم التالي كجزء من عملية دخول المسرح المشترك تهدف إلى الاستيلاء على الأراضي الإيرانية على طول الساحل الشمالي لمضيق هرمز، والجزر الرئيسية المحيطة بالمضيق، وبحر عمان. هذا الاستيلاء هو بمثابة الاستيداعات التي ستركز على قمع التهديدات ضد السفن العاملة في مضيق هرمز وبحر عمان، بدلاً من إنشاء قواعد عملياتية أمامية وذلك تمهيداً لغزو بري واسع النطاق لإيران.


هل عمليات الدخول القسري في بيئات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج" ممكنة؟

شكّك بعض قادة وزارة الدفاع علناً في جدوى القيام بعمليات دخول قسري برمائي في ضوء انتشار صواريخ كروز مضادة للسفن وغيرها من الذخائر الموّجهة بدقة. في أغسطس 2010، تحدى الوزير غيتس سلاح مشاة البحرية باختبار عقيدته وتكوين قوته، مع الأخذ في الاعتبار ظهور هذه التهديدات، بالقول:
"بالنظر إلى المستقبل، أعتقد أنه من المناسب أن أسأل ما إذا كان من الممكن عمليات إنزال برمائي هجومي واسعة النطاق على طول خطوط إنتشون (ثالث أكبر تجمع حضري في كوريا الجنوبية بعد سول وبوسان). الصواريخ الجديدة المضادة للسفن ذات المدى الطويل والدقة العالية قد تجعل من الضروري أن تنزل من السفن 25 أو 40 أو 60 ميلًا أو أكثر في البحر".
لقد لاحظ "روبرت وورك" و "فرانك هوفمان" أن الانقضاضات البرمائية في المستقبل "ستكون بالضرورة مختلفة عن تلك التي نُفذت في الماضي - لأن السبب الأساسي هو أن الاحتكار الافتراضي الذي تتمتع به الولايات المتحدة منذ فترة طويلة في شبكات معركة الأسلحة الموّجهة سوف يزول".
العناصر الأساسية لعملية دخول المسرح المشترك وتأمين الاستيداعات على الشاطئ وتمكين نشر قوات المتابعة في منطقة العمليات هي:
[ملاحظة: الجزر التي تم الاستيلاء عليها وأجزاء من الشريط الساحلي، التقرير يصفهم بالاستيداعات، وبالتالي هي قابلة للاسترداد]

> تحقيق التفوق الجوي والبحري وتحت سطح البحر وشبكة المعركة في منطقة مستهدفة؛
> تحييد قدرات العدو المضادة للسفن وتقليل تهديدات قذائف G-RAMM للشاطئ؛ و
> بعد التحضير الكافي لساحة القتال، تنفيذ عملية إنزال برمائي، ربما تدعمها القوات المحمولة جواً، لإنشاء الاستيداع على الشاطئ.

أوضح وورك وهوفمان أن استخدامهما لمصطلح "عمليات الدخول إلى المسرح" يهدف إلى تقديم "سياق أكثر ملاءمة وحجة لاستغلال مساهمات الحرب البرمائية في هذا القرن"، بالمقارنة مع "الدخول القسري أو بالقوة والإكراه" الذي يشير إلى القوات البرمائية التي اقتحمت "الخط الساحلي المتنافس عليه على غرار معركة تاراوا أو معركة ايوو جيما" خلال الحرب العالمية الثانية.

العمليات التمهيدية
وفقاً لهذا الإطار، فإن عملية دخول المسرح المشترك للسيطرة على مضيق هرمز وفتح الباب للخليج العربي ستقوم أولاً بقمع تهديدات بعيدة المدى لـ "منع الولوج A2"؛ مثل: الصواريخ البالستية، صواريخ كروز المضادة للسفن ASCM، الطائرات بدون طيار UAV، والزوارق الهجومية السريعة والزوارق الشاطئية السريعة (FAC/FIAC)، وغواصات الديزل - التي يمكن استخدامها ضد القوات الأميركية الاستكشافية عند الاقتراب من منطقة برمائية مستهدفة. يمكن أن تشمل العمليات التمهيدية الأخرى غارات جوية لتدمير المنشآت والقوات العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني على طول مضيق هرمز وخليج عمان، خاصة تمركزهم الجوي الكبير والمقر الرئيسي ومرافق الموانئ في بندر عباس.
ومن المحتمل أن تشمل أولويات الاستهداف السفن البحرية في الموانئ والأرصفة وتخزين الوقود والذخائر وشبكات القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع C4ISR المستخدمة لتنسيق عمليات "منع الولوج البحري" الإيرانية. تستطيع الطائرات الأميركية بعيدة المدى القيام بمهام هجومية مضادة للألغام ضد الموانئ والمرافئ الإيرانية لإعاقة العمليات البحرية الإيرانية بصرامة، والمساعدة في إعداد ساحة المعركة للإنزال البرمائي.
نظراً لأن القوات الجوية المشتركة تقمع الأنظمة الإيرانية بعيدة المدى التي يمكن أن تهدد عمليات الإنزال البرمائي، يمكن لوحدات مشاة البحرية جنباً إلى جنب مع الجيش المحمول جواً ووحدات الهجوم الجوي والبنية التحتية اللوجيستية الداعمة لهم، نشر مواقع تدريج أمامية مناسبة - إن وجدت - مثل الموانئ في سلطنة عُمان أو حتى جيبوتي.
قد تتطلب هذه الإجراءات التحضيرية أسابيع، وليس أياماً لإكمالها. بالنظر إلى أن الأمر قد يستغرق "تقريباً ما بين 45 و 60 يوماً لتجميع السفن" اللازمة لدعم قوة هجومية برمائية كبيرة، يجب أن يكون هناك وقت كاف لإعداد ساحة المعركة وتمكين أسطول البعثة للاقتراب بحدود عشرين أو ثلاثين ميلاً بحرياً من الهدف وهو ساحة الإنزال على طول خط الساحل الجنوبي الإيراني الأقل كثافة بالسكان. (انظر الشكل 10).

الشكل 10. شكل توضيحي مع الشرح لعملية دخول المسرح المشترك

S31.png

شكل توضيحي مع الشرح لعملية دخول المسرح المشترك:
1 - الضربات الجوية والبحرية، بالتنسيق مع قوات العمليات الخاصة (SOF) الأميركية وقوات الاستطلاع لمشاة البحرية، تهيئ الظروف لعملية الدخول إلى المسرح.
2 - في هذه الأثناء، تنتشر قوات المارينز وقوات العمليات الخاصة، والقوات المحمولة جواً، في المسرح ليتسنى تعزيز موجات الإنزال المبكر.
3 - يتم تحريك السفينة إلى الشاطئ في المناطق منخفضة التهديد عن طريق الهجوم السطحي والعمودي.
4 - قوات العمليات الخاصة وقوات الاستطلاع لمشاة البحرية، التي تدعمهم الضربات الجوية والبحرية، تقوم بتأمين وتوسيع نطاق الاستيداع الأوليّ أو الابتدائي، وبناء الاستدامة، ثم تقوم بالهجوم على الساحل لتحييد أسلحة G-RAMM والتهديدات الأخرى.
5 - يتم نقل سريع جداً لقوات إضافية إلى الشاطئ حسب الحاجة.
6 - قوات العمليات الخاصة وقوات المارينز مهمتهم القضاء على التهديدات من بندر عباس وجزيرة قشم.
7 - الغارات الجوية والبحرية، ربما بالاشتراك مع قوات العمليات الخاصة أو البرمائية، تقضي على تهديدات الجزر التي تحتلها إيران في الخليج العربي (أبو موسى، طنب الكبرى وطنب الصغرى) بالاضافة إلى جزيرة سري.
8 - مع حرمان قوات العدو من المناطق الساحلية التي قد تهدد خطوط الاتصال البحري، تبدأ عمليات إزالة الألغام في مضيق هرمز.
9 - مع فتح المضيق، يتم سحب بعض القوات على الشاطئ، بينما تبقى قوات أخرى لمنع العدو من شن هجمات ضد سفن الشحن بأسلحة G-RAMM وصواريخ كروز المضادة للسفن.

تنفيذ إنزال برمائي مشترك
بعد الانتهاء من الإجراءات التحضيرية، يمكن لقوة من لواءين من مشاة البحرية (MEB)، تدعمهما قوات العمليات الخاصة SOF وربما الجيش المحمول جواً ووحدات الهجوم الجوي، الاحتفاظ على الاستيداعات لحين الزمان والمكان الذي تختاره القيادة المركزية. يجب تحديد منطقة الاستهداف للانزال البرمائي وأن يكون في موقع تم قمع تهديدات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" للعدو، وقد لا تكون بالقرب من "الموانئ الحالية والمطارات والبنية التحتية اللوجستية". كما أن مباشرة بعد الإنزال، قوات العمليات الخاصة وقوات مشاة البحرية، وقوات الجيش سوف تركز جهودها على توسيع محيط عملياتها ومنع العدو من الإغلاق ضمن نطاق يمكنهم استخدام أسلحة G-RAMM. ويمكن للقدرات غير الفتاكة وأسلحة الليزر عالية الطاقة المتنقلة أن تساعد في حرمان القوات المعادية من الوصول إلى المناطق الرئيسية وإنشاء "حاجز" دفاعي ضد هجمات أسلحة G-RAMM. وبعد ذلك، يمكن للقوات الأميركية استخدام هذا الاستيداع الآمن كنقطة انطلاق لمتابعة الهجمات على الساحل الإيراني لتطهير المناطق التي يمكن أن يستخدمها العدو لشن هجمات ضد السفن في خليج عُمان ومضيق هرمز بما في ذلك القوات الأميركية لمكافحة الألغام والتي ستكون معرضة للهجوم.
خلال عملية الدخول إلى المسرح، يمكن لطائرات المراقبة والهجومية للقوات الجوية والبحرية، إلى جانب أنظمة الصواريخ التكتيكية (أتاكمز) ATACMS للجيش المتمركزة في الإمارات العربية المتحدة أو سلطنة عُمان، إن توفرت، أن تساعد في قمع الصواريخ الباليستية بعيدة المدى وتهديدات صواريخ كروز المضادة للسفن ASCM، لتوفير دعم جوي قريب للقوات الاستكشافية، ومنع القوات البرية للعدو من التجمع لتنفيذ الهجمات المضادة.

الاستيلاء على الجزر في المواقع الاستراتيجية
بالإضافة إلى إنشاء الاستيداعات على الساحل الإيراني، ينبغي استهداف الجزر الواقعة داخل الخليج العربي - بما في ذلك جزيرة أبو موسى وجزيرة سري وجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى - عن طريق ضربات دقيقة واحتلالها بواسطة قوات الحملة الأميركية كما هو موضح في البند 7 في الشكل رقم 10. لأن إذا سُمحت لهذه الجزر بالبقاء تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني، يمكن أن تكون منطلق لعمليات إعادة زرع حقول الألغام ومضايقة القوات الأميركية والسفن المدنية التي تعبر المضيق.


مسح الطريق إلى الخليج العربي
إتمام عمليات إزالة الألغام من المحتمل أن تكون المهمة الأساسية لسفن النقل الساحلية المجهزة بوحدات قياس للتدابير المضادة للألغام، والمركبات غير المأهولة تحت الماء UUV، والطائرات ذات الأجنحة الدوارة، وأجهزة الاستشعار الداعمة. كما أن لمنع إيران من تجديد دفاعاتها لاستراتيجية "الإقصاء البحري"، ستحتاج القوات الجوية الأميركية إلى مواصلة الهجمات ضد مواقع تخزين وتوزيع الألغام المعروفة، وتدمير أو قمع الطائرات الصغيرة والمروحيات والغواصات والسفن "التجارية" للعدو القادرة على توزيع الألغام.
على الرغم من أنه من غير المعروف إلى أي مدى ستوسع إيران مخزونها من الألغام الذكية في المستقبل، إلا أن التاريخ أظهر أنه حتى عدداً صغيراً من الألغام المزروعة في ممرات الشحن البحري "كانت قادرة على إيقاف المرور السطحي عندما كان وجودها معروفاً". كما تشير عمليات مكافحة الألغام في عامي 1991 و 2003، فإن تطهير مناطق واسعة في مضيق هرمز والخليج العربي قد يتطلب شهراً أو أكثر.


عمليات أخرى محتملة للحملة

على الرغم من أن تقييم كامل لخطوط العمليات الأخرى التي قد تضم خطة شاملة لحملة الخليج العربي يتجاوز نطاق هذا التقييم، إلا أن من المحتمل أن يشمل ذلك القضاء على قدرات أسلحة الدمار الشامل الإيرانية، ومكافحة شبكة وكلاء إيران المجهزين بأسلحة G-RAMM، وفرض التكاليف على إيران، وإجراء حرب غير تقليدية. من حيث التوقيت، قد تبدأ خطوط العمليات هذه مع بداية النزاع، حيث أن وكلاء إيران المسلحين بأسلحة G-RAMM الإيرانية والأسلحة النووية سوف يؤثرون على طريقة تفكير الولايات المتحدة في نشر القوة في الخليج العربي.


مكافحة أسلحة الدمار الشامل
باستثناء تغيير غير متوقع في مسار برنامجها النووي، ينبغي افتراض أن إيران ستمتلك عدداً صغيراً من الأسلحة النووية التشغيلية في الإطار الزمني لهذا التقييم (2020 - 2025)، وقد تكون على استعداد لاستخدامها في مجموعة متنوعة من الطرق المباشرة وغير المباشرة لتعزيز استراتيجيتها "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD". إن التهديد بالانتقام النووي الأميركي أو توسيع أهداف الحرب الأميركية لتشمل تغيير النظام في طهران، من غير المرجح أن تؤدي إلى توجيه ضربات نووية إيرانية مباشرة، وخاصة ضد القوات الأمريكية.
ومع ذلك، إذا شعر النظام الإيراني بالتهديد الكافي، أو إذا نقلت السيطرة على قواتها النووية لإخضاع القادة بفرض خطتهم على المرؤوسين القادرين على استخدام هذه الأسلحة بمفردهم، فمن المحتمل أن تتعرض القوات الأميركية والمنشآت الأمامية لهجوم نووي. أيضاً يمكن لإيران أن تلجأ إلى خيار تزويد أحد وكلائها بالوسائل اللازمة لممارسة الإرهاب النووي، أو تفجير سلاح نووي على علو شاهق ليتسبب في نبضة قوية كهرومغناطيسية (HEMP) لتحطيم أو تدمير معدات إلكترونية غير محمية وتعطيل ترددات الاتصالات الراديوية على مساحة واسعة. على الرغم من أن آثار هذا التفجير قد تلحق الضرر ببعض الأنظمة الإيرانية العاملة داخل حقل HEMP، فمن المحتمل أن تكون التأثيرات أكثر ضرراً على القوات الأميركية، التي تعتمد بشدة على الأنظمة الإلكترونية والوصول شبه المستمر إلى شبكات القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع C4ISR. نظراً لأن تفجير HEMP فوق خليج عُمان أو بحر العرب قد لا يؤدي إلى عدد كبير من الإصابات، فقد تعتقد إيران أن يمكنها القيام بمثل هذا الهجوم بأقل خطر من الرد النووي الأميركي.
قد تميل إيران أيضاً إلى استخدام التهديد بأسلحتها النووية بشكل غير مباشر كدرع، تهدف من ورائه السعى بنجاح لتحقيق أهدافها والتي هي الهيمنة والسيطرة على الإقليم. على سبيل المثال، إذا امتلكت إيران حتى لو عدداً صغيراً من الأسلحة النووية، فسوف يغريها لتحدي جيرانها من دول الخليج العربي لتخفيض إنتاجهم من النفط والحد من وجود القوات الأميركية على أراضيهم. أيضاً قد تشعر إيران المسلحة نووياً بالجرأة على مواصلة حملة عدائية قسرية بالقوة أكثر تنظيماً وتخطيطاً ضد جيرانها، أو دعم المزيد من الأعمال العدوانية التي تقوم بها شبكة وكلائها.
بغض النظر عن احتمال استخدام إيران للأسلحة النووية خلال الحرب مستقبلاً، أو الطريقة التي يمكن بها استخدام هذه الأسلحة، ستكون عواقب استخدامها خطيرة للغاية بحيث لا يمكن حذفها من حسابات التخطيط الأميركي. لتحقيق هذا الهدف، يجب على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لردع أي هجوم نووي إيراني، والاستعداد لحرمانها من القدرة على استخدام أو نقل أسلحة نووية إلى دولة أخرى أو جماعة إرهابية بالوكالة، والدفاع ضد الهجمات الصاروخية المسلحة نووياً إذا فشل الردع، والاستعداد لإدارة آثار الهجمات النووية، والحفاظ على مجموعة قوية بما فيه الكفاية من خيارات الرد مثل اذعان إيران تقليدياً وخضوعها نووياً.


الردع النووي الممتد
قد يكون ردع هجوم نووي إيراني ضد دول في الخليج العربي أكثر صعوبة بكثير من ردع الهجوم على القوات الأميركية العاملة في المنطقة. إن تطبيق نظام ردع ممتد في الشرق الأوسط على غرار ما استخدمته الولايات المتحدة لردع العدوان على حلفائها الأوروبيين والآسيويين خلال الحرب الباردة، قد يكون رداً مناسباً من الولايات المتحدة في حالة تطوير أو حصول إيران على أسلحة نووية. ومع ذلك، فإن عدم وجود مؤسسة أمنية إقليمية رسمية في الخليج العربي تشبه منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى جانب تساؤلات حول مدى استعداد الولايات المتحدة للدفاع من جانب واحد عن الأنظمة العربية غير الديمقراطية، يمكن أن يقوّض مصداقية الردع النووي الممتد.

قد تكون الولايات المتحدة قادرة على إنشاء وضعية ردع أكثر مصداقية وترسيخ سهولة وصولها إلى القواعد الأمامية عن طريق ربط ضمانات الردع الموسع الخاص بها بمشاركة مباشرة من القوى الخليجية في الحرب ضد إيران، لتشمل شرط الإذن بالدخول إلى القاعدة واستخدام قواتهم المسلحة. في الواقع، هذا من شأنه أن يجعل هذه الدول حلفاء للولايات المتحدة في حالة الحرب على إيران المسلحة نووياً. إن جعل مظلة الردع الممتد المرهونة بمثل هذه الأعمال، بدلاً من مجرد ضمان من جانب واحد، قد يزيد من دعم الرأي العام الأميركي لسياسة الردع الموسع. إن احتمال فقدان هذا الضمان الرادع قد يقلل أيضاً من تعرض بعض دول الخليج العربي للعدوان بالقوة القسرية الإيرانية.

القضاء على أسلحة الدمار الشامل
على الرغم من هذه التدابير، قد لا يصمد الردع النووي خلال النزاع مع إيران مستقبلاً. بالنظر إلى غموض عملية صنع القرار في طهران، فقد يكون من الصعب على القادة الأميركيين تجنب عبور "الخطوط الحمراء" للنظام الإيراني والانتقام دون قصد بالرد النووي. بدلاً من ذلك، إذا قام النظام بنقل السيطرة العملياتية على أسلحته لإخضاع من القادة على المرؤوسين، فاحتمالية أن يقوم فرد مارق أو مجموعة صغيرة من الأفراد العسكريين الإيرانيين بشن هجوم نووي. مثل هذا السيناريو بعيد عن الخيال ولكنه محتمل، حيث أن الحرس الثوري الإيراني يحتفظ بالسيطرة على ترسانة إيران النووية وفي صفوف الحرس الثوري الإيراني يحتوي على عدد كبير من "المتطرفين المتشربين بأيديولوجيا عقدية".
بالنظر إلى أن تدابير الردع وحدها قد لا تنجح، يجب أن تكون القيادة المركزية مستعدة لبذل الجهود لحرمان إيران من القدرة على نقل أو توظيف الأسلحة النووية. من المحتمل أن تكون هذه الجهود مقترنة بخط العمليات الأميركية المستمر لقمع الصواريخ الباليستية الإيرانية. يجب الموازنة بين الجهود المبذولة لحرمان إيران من القدرة على استخدام أسلحتها النووية وبين الرغبة في عدم إجبار النظام الإيراني على "عدم استخدامها أو فقدانها" بشكل غير مستقر قد يجعل الهجوم النووي أكثر احتمالاً. ولهذه الغاية، قد ترغب القيادة المركزية في تركيز جهودها الأولية على مكافحة أسلحة الدمار الشامل لتدمير الأسلحة النووية التشغيلية لإيران ومنع نقل الأسلحة، بدلاً من الهجوم على روابط القيادة والسيطرة للأسلحة النووية الإيرانية.


الدفاع ضد هجمات أسلحة الدمار الشامل
من المحتمل أن تتعطل حملة القضاء على أسلحة الدمار الشامل بسبب نقص المعلومات الاستخباراتية الكافية حول التصرف أو التغيير أو الترتيب الإيراني في قواتها النووية. لذلك يجب على القيادة المركزية النظر في إنشاء دفاعات صاروخية متعددة الطبقات حول المنشآت الأميركية الرئيسية والتركيز على القوات، بالإضافة إلى المراكز السكانية للشركاء الرئيسيين ضمن مديات الصواريخ الباليستية الإيرانية المسلحة نووياً. يمكن أن تتكون هذه الدفاعات المتعددة الطبقات من أنظمة محمولة جواً وبحراً، مثل: أنظمة صواريخ عنصر الدفاع الشبكي المركزي المحمول جواً (NCADE) وستاندارد ميسايل 3 (RIM-161 Standard Missile 3)، على التوالي، وكذلك الدفاعات الطرفية ذات القاعدة الأرضية مثل منظومة الثاد ومنظومة بطاريات باتريوت باك 3، وأنظمة الطاقة الموّجهة المستقبلية.


تخفيف آثار الهجوم النووي
على الرغم من أن بنية الدفاع الصاروخي متعدد الطبقات يمكن أن تكون أكثر فعّالية من شبكة دفاعية تعتمد على نوع أو نوعين فقط من الصواريخ الاعتراضية الحركية، إلا أن لا ينبغي افتراض أنه سيكون من الممكن اعتراض كل صاروخ وارد بنجاح. يمكن لإيران أن تطلق دفعة من الصواريخ برؤوس حربية تقليدية ضد هدف معين لإستنزاف الدفاعات قبل شن هجوم متتابع بصاروخ واحد أو أكثر محملة برؤوس نووية. قد تلجأ إيران أيضاً إلى وسائل غير تقليدية لإيصال الأسلحة النووية إذا اعتقدت أن الدفاعات الصاروخية الأميركية تكون فعّالة بما فيه الكفاية.
بالنظر إلى اللا-احتمالية (أو عدم إمكانية) الدفاع ضد كل هجوم، على القيادة المركزية السعي لتقليل الآثار المحتملة لانفجار نووي من خلال نقل الأصول المهمة والحرجة لمسرح العمليات إلى مواقع خارج مديات الصواريخ البالستية الإيرانية، وتشتيت القوات المتبقية في الخليج العربي لتعقيد عملية إصابة الصواريخ للهدف. بالإضافة إلى ذلك، يجب على القيادة المركزية تطوير القدرة على إعادة تشكيل شبكات القيادة والسيطرة الخاصة بها في حالة وقوع هجوم تفجير سلاح نووي على علو شاهق ليتسبب في نبضة قوية كهرومغناطيسية (HEMP)، والاستعداد لمواصلة العمليات، على الرغم من انخفاض وتيرة العمليات في البيئات المشعة.
إن الخطوات المتخذة لردع آثار الضربة النووية الإيرانية وحرمانها والدفاع عنها وتقليصها يمكن أن تقنع قادة إيران بأن استخدام الأسلحة النووية لا يستحق العواقب المدمرة من قبل الرد الأميركي. بغض النظر عن طبيعة الحرب ضد إيران، ستحافظ الولايات المتحدة على ميزتها الإستراتيجية المتصاعدة. ومع ذلك، سيبقى احتمال أن يختار النظام الإيراني، أو قائد إيراني مارق، استخدام سلاح نووي ضد الولايات المتحدة أو شركائها الإقليميين بغض النظر عن العواقب. بالنظر إلى هذه الاعتبارات، قد يكون أفضل طريقة للعمل هي منع إيران من امتلاك أسلحة نووية تماماً.


مواجهة شبكة الوكلاء المجهزين بأسلحة G-RAMM

الحرب بالوكالة التي تجمع بين الأسلحة المتقدمة وأساليب حرب العصابات ستكون تحدياً رئيسياً للقوات الأميركية والحكومات المضيفة في الخليج العربي. إذا تم توظيف أسلحة G-RAMM لاستخدامها بكميات كبيرة، فقد تتسبب في تكاليف باهظة وربما تكاليف محظورة على القوات الأميركية والبنية التحتية اللازمة لدعم العمليات العسكرية في الخليج العربي.
إن خط العمليات لمواجهة هذا التهديد من المحتمل أن يشتمل على ثلاثة عناصر للاخضاع: تقليل قدرات أسلحة G-RAMM التي لدى وكلاء إيران والدفاع ضد هذه الأسلحة، منع إيران من إعادة تزويد عملائها بالسلاح المتقدم، وتعطيل روابط القيادة والسيطرة الإيرانية مع شبكة وكلائها ودعم جهود الشركاء لمكافحة أسلحة G-RAMM. بالإضافة إلى استنزاف قيادة الوكلاء والأصول الاستخباراتية الإيرانية في الدول الشريكة وهذا من المرجح أن تكون عبر مهمة المتابعة وعملية اصطيادهم للقضاء عليهم.

الدفاع ضد هجمات أسلحة G-RAMM
قد تكون أصول الحرب الإلكترونية الأميركية قادرة على إتلاف أنظمة التوجيه التي تعتمد عليها أسلحة G-RAMM، في حين أن مزيجاً من القدرات الحركية والطاقة الموّجهة يمكن أن يوفر دفاعات طرفية نشطة. يمكن للطائرات المأهولة وغير المأهولة للولايات المتحدة تسيير دوريات جوية قاتلة لسحق قوات الوكلاء، وبالتالي منع أو تعطيل هجمات G-RAMM. دوريات الصيد القاتلة يمكن أن تستخدم خليطاً من الأسلحة الحركية وغير الحركية لاعتراض الهجمات. وسيكون من المفيد تزويد الطائرات بأنظمة طاقة موّجهة قادرة على تدمير أو إتلاف الإلكترونيات وأجهزة الاستشعار التي تعتمد عليها أنظمة G-RAMM، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان حيث الأسلحة الحركية يمكن أن تخلق أضراراً جانبية غير مرغوب فيها. هذه المهام لمكافحة أسلحة G-RAMM يمكن تنفيذها بطائرة قصيرة المدى غير شبحية تنتشر داخل المسرح بعد نجاح عملية دخول المسرح المشترك، والتي من شأنها تحرير المنصات الشبحية طويلة المدى للتركيز على المهام الأخرى التي تتطلب قدرات هذه المنصات.
على الأرض، يمكن لأجهزة الاستشعار غير المراقبة والأسلحة المضادة للأفراد أن تمنع قوات الوكلاء من الاقتراب من مواقع العمليات الأميركية. يمكن لقوات الشركاء، وربما بمساعدة أو المشورة من قبل فرق صغيرة من قوات العمليات الخاصة SOF الأميركية، القيام بدوريات حول محيط القاعدة لمزيد من القمع لهجمات أسلحة G-RAMM. كما أن ربط القواعد الأمامية، والأصول المعرضة للخطر بشكل خاص، مثل الطائرات وكل نقطة من النقاط الرئيسية مثل مرافق التخزين ومناولة البترول والزيوت ومواد التشحيم، سيساعد أيضاً في الحماية من هجمات الأثنين معاً: الصواريخ الباليستية وأسلحة G-RAMM.
مواجهة قدرات أسلحة G-RAMM لوكلاء إيران يجب أن تشمل عمليات لمنع إيران من تزويدهم بالدعم المادي. لقد ثبت أن هذا أمر صعب للغاية في العراق، خاصة وأن العراق وإيران بينهما حدود طويلة. قد يكون من الأسهل على الولايات المتحدة استخدام قدراتها في المراقبة الجوية والبحرية لاعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية إلى أماكن بعيدة مثل البحرين والمملكة العربية السعودية وقطر.

تعطيل القيادة والسيطرة
ضرورة تعزيز الدفاعات النشطة والسلبية للقواعد التي تقع ضمن مدى تهديدات أسلحة G-RAMM ولكنها غير كافية لمواجهة هجمات حرب بالوكالة لوكلاء إيران. النهج الأكثر شمولية قد توفر للقوات الأميركية والقوات الشريكة بعضاً من الحلول وذلك عبر تعطيل وإتلاف قدرة إيران ووكلائها على التواصل وتنسيق الأعمال بينهم. لا ينبغي الافتراض، بشكل حاسم، أن وكلاء إيران مجرد امتدادات للدولة الإيرانية. بدلاً من ذلك، من المحتمل أن يكون لوكلاء إيران أهدافهم واحتياجاتهم. إن فهم هذه الأهداف، والقيام بعمليات لاختراق واستغلال روابط الاتصالات بين إيران وعملائها قد يساعد القوات الأميركية على منع الهجمات المنسقة وكسر التماسك بين مجموعات الوكلاء ورعاتهم في طهران.

بناء قدرة الشريك
إن زيادة القدرة على مكافحة الإرهاب لشركاء الولايات المتحدة في الخليج العربي في وقت السلم سيكون وسيلة أخرى للحد من احتمال تهديد الاستقرار الإقليمي من قبل وكلاء إيران. إذا لم تكن قدرة الشريك في مكافحة الإرهاب كافية لمكافحة وكلاء إيران، فقد تحتاج القيادة المركزية إلى نشر وحدات من قوات العمليات الخاصة SOF لاستهداف هذه المجموعات وكذلك العملاء الإيرانيين الذين يدعمونهم. هذه المهام تتطلب الكثير من الوقت والموارد، ومع ذلك، فإن وحدات قوات العمليات الخاصة SOF الأميركية وأصول شبكات القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسيب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع C4ISR اللازمة للقيام بها قد تكون مشغولة بدعم عمليات ذات الأولوية العليا. كما أن بالنظر إلى الحساسيات السياسية المحلية المرتبطة بنشر قوة أميركية كبيرة في العديد من دول الخليج العربي، قد يكون الشكل الرئيسي للتعاون الأميركي في شكل دعم استخباراتي للقوات الشريكة.


فرض التكاليف على إيران

كجزء من خطة لحملة أوسع، يمكن للقيادة المركزية تنفيذ عمليات من شأنها أن تفرض تكاليف على طهران وتحرمها من احتياجاتها الاقتصادية في زمن الحرب. ستعتمد إيران اعتماداً كبيراً على المصادر الخارجية لاستبدال المعدات والذخائر المستهلكة المستخدمة خلال عملية عسكرية كبيرة و / أو طويلة ضد الولايات المتحدة وشركائها في التحالف. تعتمد إيران أيضاً على الإيرادات الناتجة عن صادراتها من النفط والغاز ومشتقاتها، والتي تعتمد بدورها على التصدير عبر الخليج العربي والبحار المفتوحة. وبالتالي، من المرجح ترسيخ عمليات لمنع إيران من استيراد إمدادات الحرب وتصدير النفط والغاز ومشتقاتها، مع مرور الوقت، لخلق ضغوط في شكل تدهور القدرات العسكرية وتزايد المعارضة الداخلية التي قد لا يطيقها النظام. إذا لزم الأمر، سيكون لدى الولايات المتحدة خيار فرض تكاليف باهظة ومباشرة كجزء من استراتيجية معاقبة إيران من خلال مهاجمة قاعدتها الصناعية، والبنية التحتية للطاقة، وغيرها من الأهداف التي يمكن أن تشل الدولة الإيرانية.


وضع شروط غير تقليدية لتغيير النظام

خلال النزاع، يمكن للولايات المتحدة أن تختار تنفيذ مسار سلوكي يهدف إلى زعزعة استقرار نظام إيران وتهيئة الظروف لتغيير النظام من الداخل. ربما بالاقتران مع سلوكين لفرض التكاليف على إيران؛ الأول، يمكن للعمليات الخاصة والقوات الجوية الأميركية شن حرب غير تقليدية تدعم الحزبيين الإيرانيين في الداخل للإطاحة بالنظام. وقد يكون لمثل هذا التمرد الداخلي فائدة إضافية تتمثل في إجبار القيادة الإيرانية على تحويل الموارد العسكرية نحو الدفاع الداخلي. الثاني، ستعتمد فعّالية حملة الحرب غير التقليدية اعتماداً كبيراً على حركات المعارضة الداخلية الموجودة داخل إيران كما حدث أثناء العمليات ضد طالبان في أفغانستان ومعمر القذافي في ليبيا.

 
التعديل الأخير:
رابعاً: مبادرات لدعم مفهوم تمكين العملياتية

يختتم هذا التقرير بالتوصية بإجراء تغييرات على سجل برنامج وزارة الدفاع اللازمة للحفاظ على حرية عمل الجيش الأميركي ضد المجمع الإيراني الناشئ "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD". هذا القسم "رابعا" يبدأ بتناول مبادرات القدرة، ويتم تنظيمه تقريباً لموازنة المناقشة في قسم "ثالثاً". ويشرع في وصف الخيارات المتاحة لتطوير وضعية القاعدة الأمامية لدعم مفهوم تمكين العملياتية. تمثل هذه التوصيات "الخطوة الأولى" في تغيير أولويات الدفاع الأميركية. وينبغي تنقيحها من خلال تحليل أكثر تفصيلاً يتضمن ألعاباً حربية، والتواصل الدبلوماسي مع الشركاء في المنطقة لتحديد ما يمكنهم المساهمة به والإطار الزمني، وتعزيز الاستخبارات فيما يتعلق بنقاط القوة والضعف المتوقعة للجيش الإيراني على المدى الطويل.

مبادرات القدرة الموصي بها
البنود أدناه ليس القصد منها أن تكون قائمة شاملة لجميع القدرات التي قد تكون ضرورية لعمليات نشر القوة في الخليج العربي في المستقبل. بدلاً من ذلك، تركز التوصيات على القدرات الجديدة الرئيسية التي قد تنطوي على إمكانات كبيرة للمساعدة في تحقيق الأهداف العملياتية الموضحة في "ثالثا". وبعض هذه القدرات قيد التطوير، ويجب زيادتها. البعض الآخر أيضاً جزء من برنامج وزارة الدفاع، ويحتاج إلى منح الأولوية في مواجهة التخفيضات الكبيرة على ميزانية الدفاع. لا يزال بعض القدرات الجديدة تحتاج إلى أن تصبح جزءاً من سجل برنامج وزارة الدفاع. بالنظر إلى الميزانية الحالية لوزارة الدفاع، يحدد هذا التقييم أيضاً، حيثما أمكن، القدرات التي يمكن منحها تركيزاً أقل.

قدارت للحد من تهديدات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية

طائرات مراقبة واختراق وهجومية طويلة المدى
يجب على الجيش الأميركي إعادة التوازن إلى خطة مشتريات الطائرات لمدة 30 عام، والتركيز بشكل أكبر على القدرات متعددة المهام مع زيادة المدى، ثابتة وقابلة للبقاء. بدون وجود طائرات مراقبة واختراق وطائرات هجومية طويلة المدى جديدة، والخيار قاذفة مأهولة للقوات الجوية، وطائرة مراقبة واختراق بدون طيار للبحرية المُطلقة من على متن حاملة الطائرات Unmanned Carrier-Launched Airborne Surveillance and Strike UCLASS، فسوف يكون من الصعب للغاية تنفيذ مفهوم تمكين العملياتية كما يتصوره هذا التقرير.

قاذفة هجومية جديدة طويلة المدى: أعلنت وزارة الدفاع أنها ستشتري ما يتراوح بين 80 و 100 قاذفة اختراق جديدة، ومن المقرر مع القدرة الأوليّة أن تكون على الطريق في منتصف عام 2020. يعد قرار شراء عدد كبير من القاذفات الجدد خطوة مرحب بها لوقف انزلاق وزارة الدفاع نحو تأسيس قوة مستقبلية كبيرة مجهزة بالطائرات قصيرة المدى التي أقل فعّالية تجاه تهديدات المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD الناشئة. نظراً للقيود المتوقعة على الموارد المالية، يتعيّن على الجيش الأميركي استكشاف خيارات إضافية لتقليل اعتماده على قدرات طائرات مراقبة وهجومية قصيرة المدى لصالح الأنظمة القادرة على القتال من نطاق ممتد ضد شبكات معركة المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD.

طائرات مراقبة وهجومية غير مأهولة للبحرية مستقبلاً: نظراً لقيام وزارة الدفاع بالنظر في كيفية تحديد أولويات الموارد للطائرات غير المأهولة في المستقبل، سيكون من المهم تحقيق التوازن الصحيح بين الطائرات بدون طيار البحرية القادرة على العمل في مناطق التهديد المرفوضة والمسموحة. اليوم، على الرغم من أن الغالبية العظمى من طائرات وزارة الدفاع غير المأهولة تفتقر إلى السمات اللازمة للبقاء في المجال الجوي المتنازع عليه، لا يزال النقاش مستمراً حول المجال الذي ينبغي أن يركز عليه الجيش الأميركي.
على سبيل المثال، تعتزم القوات البحرية إرسال الطائرات بدون طيار المُطلقة من على متن حاملة الطائرات Unmanned Carrier-Launched Airborne Surveillance and Strike UCLASS والتي يمكن أن يطيل من مدى ثبات حاملة الطائرات نفسها. ومع ذلك، هناك أسئلة معلقة حول متطلبات UCLASS وما إذا كان ينبغي أن تكون مثل Reaper UAS غير الشبحية أم أن لديها قدرة أكثر للمراقبة والهجوم وبالسمات المنخفضة اللازمة للعمل في بيئة عمليات "المنطقة المحرمة/منع الولوج A2/AD" الناشئة. تخطط البحرية بالفعل لتطوير UAS MQ-4C للمراقبة البحرية والقادرة على العمل في نطاق واسع لتوفير الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة ISR البحري من القواعد البرية والبحرية، والطائرة MQ-8B Fire Scout UAS التي يمكنها العمل لمدة تصل لاثني عشر ساعة مستمرة. وفي ضوء سجل برنامج UAS القياسي والفجوة الناشئة في الطائرات غير المأهولة القادرة على دعم العمليات في بيئات التهديد غير المسموح بها، ينبغي على البحرية تطوير الطائرة بدون طيار الشبحية UCLASS بمدى كافي وقادرة على الاستمرار والمواصلة لدعم المفاهيم العملياتية.

قدرات المواجهة الهجومية الدقيقة من بُعد Standoff: كجزء من مزيجٍ متوازن لقدرات الضربة الدقيقة، يجب على وزارة الدفاع إعطاء الأولوية لزيادة قدرة الجيش الأميركي على القيام بضربات مبكرة أثناء الحملة ضد إيران باستخدام أسلحة المواجهة من بعد standoff دون الحاجة إلى الاعتماد على قواعد برية موجودة مباشرة في مسرح العمليات.

أسلحة الضربة العالمية التقليدية السريعة: القدرات التي تدعم مهمة ضربة تقليدية عالمية سريعة يمكن أن تكون فعّالة للغاية في مهاجمة أهداف عالية القيمة وحساسة للوقت من مواقع الإطلاق التي تقع خارج نطاق تهديدات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية. على سبيل المثال، يمكن لأسلحة الضربة التقليدية العالمية السريعة أن توفر كفاءة مفيدة لضرب عدد محدود من الأهداف ذات القيمة العالية للغاية مثل الأسلحة النووية أثناء النقل أو بطارية الصواريخ البالستية التي تستعد لإطلاق رأس حربي مزود بأسلحة الدمار الشامل. لسوء الحظ، من المحتمل أن تكلف الضربة العالمية السريعة صاروخ باليستي، أو السلاح التقليدي السريع الانحدار فرط صوتي hypersonic مع مدى عابر للقارات، عشرات وربما مئات الملايين من الدولارات للقطعة الواحدة، مما يجعل شراء عدد كبير منها باهظ الثمن. علاوة على ذلك، باستخدام هذه الأنواع من أسلحة الضربة العالمية التقليدية السريعة ضد أهداف تعتبر حساسة للوقت ولكنها رخيصة الثمن نسبياً مثل شاحنة أو وحدة النقل والنصب والقذف (TEL) الإيرانية التي تحمل صواريخ تقليدية ستكون نسبة تكاليف التبادل غير ملائمة إلى حدٍ كبير للجيش الأميركي. ومع ذلك، فهناك بعض قدرات الضربة الدقيقة بأسلحة من بعد standoff التي تستحق مزيداً من التركيز.

قدرات الدقة تحت سطح البحر: على البحرية أن تعالج النقص الناشئ في أسلحة الضربة المواجهة من بعد standoff التي يمكن التسليم بواسطة أسطول سلاح البحرية (انظر الشكل 11). بحلول عام 2028 سيتم إيقاف تشغيل أربع غواصات من غواصة الصواريخ الموّجهة SSGN التابعة للبحرية، والتي يمكنها حمل ما يصل إلى 154 من صاروخ توماهوك TLAM لكل منهم. وبحلول عام 2030، سيتقلص العدد بسبب حالات تقاعد غواصة الصواريخ الموّجهة SSGN، بالإضافة إلى الانخفاض المخطط له في الحجم الكلي لأسطول غواصة الهجوم SSN، سوف يتقلص أصول تحت سطح البحر المهاجمة للبحرية بنسبة 60%.


S32.png


للحد من هذا النقص المتوقع، يمكن للقوات البحرية أن تدمج غواصة فيرجينا فئة (VPM) في العشرين غواصة فيرجينيا فئة (SSN) المخطط لها بدءاً من شراء هياكل Block V في عام 2019. غواصة فيرجينا VPM بأربعة أنابيب اطلاق وقطرهم كبير وكل أنبوب منهم ستزيد من سعة صواريخ توماهوك TLAM ثلاثة أضعاف بدلاً من غواصة فيرجينيا SSN التي الواحدة يمكنها حمل 12 إلى 40 صاروخ. وبذلك، 20 من غواصة فيرجينيا (VPM) المعدّلة من فيرجينيا SSN ستقلل من النقص المتوقع للقوات البحرية في البحار بأكثر من 75%، وتوفر للقادة مرونة تشغيلية أكبر وقدرة هجومية موزعة مقارنة بالأسطول الحالي SSN و SSGN. يمكن للبحرية تعديل عشرة من فئة (SSN) لفئة فرجينيا (VPM) وبتكلفة غواصة واحدة جديدة مثل أوهايو (SSGN).
قد يكون تطوير وحدة تحميل الحمولة النافعة (TPM) وإدخالها خياراً آخر لزيادة قدرة سلاح البحرية في الضرب بتكلفة أقل من شراء غواصة SSGN إضافية. من الناحية النظرية، يمكن سحب وحدة تحميل الحمولة النافعة TPM إلى منطقة التشغيل وتركها على المحطة لتوفير اطلاق أسلحة المواجهة من بعد standoff عند الطلب. ستحتاج البحرية الأميركية إلى معالجة عدد من المشكلات التشغيلية والتكنولوجية قبل إمكانية تطبيق هذه القدرة، مثل إنشاء نظام طاقة مناسب لدعم المهمات طويلة الأمد؛ تقنيات لدعم العمليات المستقلة؛ أمان النظام وحمولته عند فصله عن مركبة السحب الخاصة به؛ القدرة على التحمل وموثوقية المعدات؛ وتأمين أنظمة القيادة والسيطرة.

شبكة C4ISR والشبكة المضادة

شبكة القيادة والسيطرة C2 وإدارة المعارك المحمولة جواً:
يجب على الجيش الأميركي تطوير شبكة مرنة محمولة جواً لتوفير القيادة والسيطرة للأنظمة المأهولة وغير المأهولة التي تعمل في بيئات تمنع الاتصالات. على وجه التحديد، يتعين على وزارة الدفاع تشغيل طائرة غير مأهولة شبحية عالية القدرة على التحمل وطويلة الأمد يمكنها العمل بمثابة ربط عُقد القيادة والسيطرة C2 محمولة جواً وتوفر معلومات الاستهداف ومعلومات عن تهديدات العدو للأنظمة التي تخترق في العمق داخل إيران. يجب على القوات البحرية وسلاح الجو أيضاً تقييم مدى جدوى استخدام روابط خط آمن للبيانات بين قاذفة مأهولة وطائرة غير مأهولة مثل UCLASS، وغيرها من قدرات الضربة طويلة المدى للحفاظ على السيطرة البشرية لعمليات الضربة العميقة.

تصميم للعمليات المستقلة: لتقليل قدرة العدو على تعطيل الحملة الجوية للجيش الأميركي في وقت مبكر من النزاع، يجب على وزارة الدفاع تصميم مجموعة جديدة من الأنظمة الهجومية بعيدة المدى لتكون قادرة على العمل في حالات الاتصالات المتدهورة أو البيئات المرفوضة مع حاجة أقل للمعلومات التي تتوفر خارج شبكات إدارة المعركة.

قدرات الطاقة الموّجهة: يجب على القوات الجوية والبحرية تطوير وإدخال قدرات جديدة غير حركية، بما في ذلك الهجوم السيبراني، والطاقة الموّجهة، والحرب الإلكترونية، وتطبيقات الميكروويف ذات الطاقة العالية، لتعطيل، أو تدهور، أو إتلاف، أو تدمير الأنظمة القائمة على الإلكترونيات لشبكة المعركة التي تدعم شبكة معركة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" للعدو.

القدرات الهجومية والدفاعية المضادة للصواريخ
يجب على وزارة الدفاع إعطاء الأولوية لتطوير وإدخال القدرات الهجومية والدفاعية التي يمكن أن تغيّر من نسبة تبادل التكلفة غير الملائمة لدفعة من صواريخ العدو الواردة إلينا والتي لن تكون لصالح الولايات المتحدة من حيث التكلفة.
القدرات الهجومية: لدعم الضربات ضد وحدة النقل والنصب والقذف TEL الإيرانية والأهداف المتنقلة الأخرى في المناطق شديدة الخطورة، يتعيّن على القوات الجوية والبحرية وضع طائرات بدون طيار للمراقبة والاستطلاع شديدة الثبات مع روابط وصلة بيانات آمنة لاختراق الأنظمة المهاجمة للضغط على مسار البحث عن تحديد مسار التتبع وتدمير سلسة الدورة. يجب على القوات الجوية والبحرية السعي المشترك معاً للاتجاه نحو الأسلحة الحركية التي يتم إطلاقها من الجو لاعتراض الصواريخ الباليستية في مرحلة التعزيز / الصعود من الرحلة. الأسلحة التي تطلق من الجو "اضرب حتى تقتل" (ALHK) أو أنظمة عنصر الدفاع الشبكي المركزي المحمول جواً (NCADE) والتي تحملها منصات طويلة المدى مثل قاذفة القوات الجوية الجديدة وطائرة القوات البحرية UCLASS يمكنها أن توفر للقيادة المركزية دفاع صاروخي مستمر في مرحلة التعزيز فوق مناطق اطلاق الصواريخ الإيرانية.

الدفاعات الصاروخية غير الحركية: يجب على الجيش الأميركي تطوير أسلحة الطاقة الموّجهة، التي لديها القدرة على استكمال الدفاعات الحركية ضد الهجمات الصاروخية. على سبيل المثال، قد يكون من الممكن تكييف تقنيات الليزر الكيميائية الحالية المطورة لبرامج "Airborne Laser and Theater High Energy Laser" التي تم إلغاؤها لإنشاء أسلحة أرضية من فئة ميغاواط للدفاع عن مواقع العمليات الأمامية ذات القيمة العالية مثل المطارت والموانئ البحرية، ويمكن ترسيخ نظام دفاع صاروخي وفقاً لنسبة تكاليف التبادل التي يفضلها الجيش الأميركي.


قدرات لتحقيق التفوق الجوي والبحري

تحقيق التفوق الجوي محلياً
على الرغم من أنه من الصعب القول بأن قوة المقاتلات من الجيل الخامس المخطط لها من وزارة الدفاع لن تحافظ على التفوق الأميركي ضد التهديدات المتوقعة من الدفاع الجوي للعدو في مسرح العمليات في الخليج العربي، إلا أن هناك حجة ينبغي استعرضها، أن المقاتلات قصيرة المدى، تفتقد القواعد القريبة في وقت مبكر من النزاع لعدم توافرها، مما يعني أن المقاتلات سوف تفتقر المدى الكافي والعزم لدعم القوات الأميركية العملياتية داخل في العمق الإيراني.
هناك العديد من الخيارات لمعالجة هذا العجز في القدرات. على المدى القريب، يتعيّن على الجيش الأميركي دمج أنظمة دفاعية سلبية ونشطة على الطائرات بعيدة المدى لتحسين قدرة بقائهم على قيد الحياة وتقليل الحاجة لدعم المقاتلة بالمرافقين escorts. على المدى الطويل، تشير أحدث خطة لوزارة الدفاع مدتها ثلاثون عاماً لشراء الطائرات، إلى أنه "من المتوقع أن مجموعة من الأنظمة - خليط من الطائرات المأهولة وغير المأهولة مع خصائص شبحية متفاوتة وأسلحة المواجهة المتقدمة standoff - ستغيّر مستقبل مخزون المقاتلة الهجومية". كجزء من مجموعة الأنظمة هذه، يجب على القوات الجوية والبحرية تقييم البدائل لقدرات الهيمنة الجوية الجديدة التي ستكون أقل اعتماداً على قواعد المسرح القريبة والتزود بالوقود الجوي. قد تتضمن أنظمة الهيمنة الجوية المستقبلية طائرة كبيرة أقرب إلى "قاذفة مقاتلة" حقيقية تمتلك القدرة على العمل على مدى أطول وتحمل حمولات كبيرة من صواريخ جو - جو ، مضاد لإشعاع صواريخ جو - أرض، وأسلحة "اضرب حتى تقتل" التي تطلق من الجو (ALHK)، وربما أسلحة الطاقة الموّجهة. على الرغم من أنه من غير المرجح أن تصبح طائرة من الجيل السادس متوفرة خلال السنوات القادمة، فقد أبدت القوات الجوية والبحرية اهتماماً في استكشاف سماتها المحتملة.

تحقيق التفوق البحري
المراقبة تحت الماء:
يجب أن تقوم البحرية بتقييم إمكانات المركبات غير المأهولة تحت الماء (LDUUV) لتوسيع قدراتها الخاصة للمراقبة تحت الماء، وتحسين إعداد المعلومات الاستخباراتية لمنافسات القتال تحت الماء، وتقليل تحميل المهام على الأنظمة المغمورة تحت الماء. تقوم القوات البحرية الأميركية بالنظر في المركبات غير المأهولة تحت الماء التي يمكن إطلاقها واستردادها من رصيف أو من المنصات البحرية الأخرى بما في ذلك الغواصات. بالرغم من أنها ستكون أكبر من أن يتم إطلاقها من أنبوب الطوربيد، إلا أن المركبات غير المأهولة تحت الماء LDUUV يمكن أن تتلاءم مع حوض غاطس على سطح جاف وأنابيب حمولة رأسية كبيرة على شبكات غواصات فيرجينيا (VPM) وغواصات (SSGN) ويمكن أن يكون للمركبات غير المأهولة تحت الماء إمكانات كبيرة كوسيلة فعّالة من حيث التكلفة لزيادة الوعي الظرفي للجيش الأميركي في المياه الخطرة قبالة سواحل إيران. وفقًا للأدميرال رويد:
"أعتقد أن الأنظمة غير المأهولة تحت الماء تصبح امتداداً للغواصة، ويمكن أن تصبح امتداداً للطيران، المأهولة أو غير المأهولة، بقدر ما أو إلى هذا الحد، فإنها تستشعر ساحة المعركة. لذلك إذا كنت تريد أن تسألني إذا كان بإمكانك توسيع منطقة الاستشعار الخاصة بك بأنظمة غير مأهولة، فإن ردة فعلي الأوليّة هي أنه يمكننا الوصول إلى هناك بتكلفة أقل مما لو كان علينا شراء العديد من الأنظمة المأهولة. وهذا يقلل أيضاً من المخاطر التي يتعرض لها الأفراد. كما أنه يقلل من تكلفة هؤلاء الأفراد الذين قد نضطر إلى الحصول على من لديهم مدة محدودة، على عكس الأنظمة غير المأهولة، والتي يمكن أن تكون أكثر ثباتاً في ساحة المعركة".
يجب تطوير عدد من التقنيات المهمة لتمكين المركبات غير المأهولة تحت الماء LDUUV التي ترغب بها البحرية، للعمل والبقاء في المناطق الساحلية لفترات طويلة (تزيد عن 70 يوماً). ويتعيّن تحسين قدرة أنظمة الطاقة من خلال العديد من الطلبات الضخمة على القدرات الموجودة اليوم. بدون الاتصالات المستمرة التي تعتمد عليها المركبات الأخرى غير المأهولة، سوف تتطلب المركبات غير المأهولة تحت الماء LDUUV مزيداً من الاستقلالية، بما في ذلك الأنظمة المستقلة القادرة على العمل في بيئة المحيطات المعقدة بالقرب من الموانئ والشواطئ والمواقع السطحية لحركة مرور عالية. بالإضافة إلى ذلك، يجب متابعة تقنيات التحمل بما في ذلك تلك التي تقلل من استخدام الطاقة، وتقلل من النمو البيولوجي، وتحسن من موثوقية المكونات والأنظمة.

الدفاعات غير الحركية القائمة على السفن:
يتعيّن على البحرية تطوير وتقديم سلاح ليزر كهربائي (الحالة الصلبة) قائم على السفن لتعزيز دفاع الأسطول. تشير التهديدات الموصوفة في هذا التقييم إلى أن القوات البحرية الأميركية قد لا تكون قادرة على العمل على مقربة من إيران إذا تم تحدّيها بدفعة من صواريخ كروز المضادة للسفن، وحشد من الزوارق الهجومية السريعة، والطائرات بدون طيار التي يمكن أن تطغي على الدفاعات الحركية الحالية. من غير المرجح تخصيص وحدات سطحية إضافية للدفاع عن الأسطول، كما من غير المرجح أن توفر الدفاعات الحركية الإضافية المستندة إلى السفن طرق فعّالة من حيث التكلفة لمواجهة هذه التحديات. إن تخصيص حصة أكبر من الأسطول السطحي للمهام الدفاعية سيقلل من قدرته على دعم المهام الحرجة الأخرى، بما في ذلك الضربة الدقيقة.
لذلك، تحتاج البحرية الأميركية إلى تطوير وإصدار عميق لأصول ذات قدرات منخفضة التكلفة للضربة الواحدة التي تتلقاها السفن السطحية كجزء من دفاع متعدد الطبقات ضد الأثنين معاً: حشد من الزوارق الصغيرة المنتشرة في مناطق مترامية الأطراف وصواريخ كروز المضادة للسفن. المرشح الرئيسي لمثل هذه القدرة هو نظام أسلحة أشعات الليزر الصلبة القائمة على السفن. تثبت الاختراقات والعروض التكنولوجية الحديثة أن هذه القدرة يمكن تسليحها وإدخالها في الميدان خلال السنوات القادمة. إن إدخال ليزر للسفينة من شأنه أن يحسن بشكل كبير من القدرة على تحمل تكلفة مكافحة الطبقات لحشد من الزوارق، والدفاع ضد صواريخ كروز المضادة للسفن، كما يقلل من متوسط تكلفة الطلقة والتكلفة الإجمالية للحصول على مجموعة كاملة من الأنظمة الحركية والليزر الدفاعية. من حيث التكلفة لكل طلقة، سيكون نظام أشعات الليزر الصلب القائم على السفن حراً تقريباً في التشغيل، بدون أي مواد مستهلكة، وكذلك الصيانة المرتبطة بالأنظمة البصرية لأشعات الليزر الصلبة. علاوة على ذلك، سيتطلب الأمر شراء عدد أقل من الصواريخ الحركية واستخدامها في التدريب ونقلها لتزويد المخزونات المنشورة في المواقع الأمامية.

قدرات الحرب المضادة للغواصات ASW والحرب الحديثة المضادة لسفن السطح (ASuW): لاستكمال قدرات القوات البحرية الأميركية، يجب على القوة الجوية لسلاح البحرية إعادة تشكيل قدرتها على دعم الحرب المضادة للغواصات ASW والحرب الحديثة المضادة لسفن السطح ASuW من خلال تجهيز القاذفة المستقبلية القادمة لتسليم الصواريخ والألغام المضادة للسفن.

المراقبة الاستكشافية والهجومية
القدرات الاستطلاعية غير المأهولة المستقبلية: يخطط سلاح مشاة البحرية للحصول على "نظام بدون طيار من مجموعة الفئة الرابعة قادر على تشغيله وصيانته من مواقع قاسية". على غرار الحاجة المعلنة للبحرية لـ UCLASS من شأنه أن "يعزز التنوع الذي توفره حاملة طائرات"، فإن أنظمة الطائرات بدون طيار UAS يمكن أن تزود وحدات مشاة البحرية بقدرة المراقبة الاستكشافية والهجومية ذات نطاق واستمرارية أكبر بكثير من طائرة طراز F-35B. ينبغي أن ينظر مشاة البحرية في إمكانية تخفيض تكلفة نظام UAS الجديد من الفئة 4 من خلال الاستفادة من التقنيات المطورة لـ UCLASS وغيرها من برامج الطائرات بدون طيار.

قدرات الاستكشافية ذات الاقلاع القصير والهبوط العمودي (STOVL): على سلاح مشاة البحرية تقييم متطلباته المستقبلية للاستكشافية الهجومية في ضوء المفاهيم التشغيلية الناشئة لعمليات الدخول إلى المسرح المشترك. كما أظهرت العمليات في العراق وأفغانستان وأيضاً في ليبيا، فإن الطائرة المتعددة المهام ذات الاقلاع القصير والهبوط العموي STOVL على الأسطح البرمائية تزود قادة المسرح بديلاً عن تشغيل حاملة طائرات للبحرية، خاصة في العمليات المحدودة التي لا تتطلب قدرات حاملة طائرات كاملة الحجم وجناحها الجوي.
ومع ذلك، يبقى السؤال ما إذا كانت العمليات البرمائية في المستقبل ستتطلب مقاتلات شبحية من طراز F-35B نوع STOVL، خاصة بالنظر إلى ارتفاع تكلفة الطائرة الواحدة طراز F-35B. سيكون هذا صحيحاً خصوصاً في سياق المفهوم العملياتي، حيث يتم قمع تهديدات "المنطقة المحرّمة/منع الوصول A2/AD" بما في ذلك الدفاعات الجوية والأنظمة الهجومية طويلة المدى للعدو - كما استعرضناه سابقاً ضمن سياق هذا التقرير. - ومن بعد القمع سُمحت بعمليات الإنزال البرمائي. في حين أنه من الصحيح أن المقاتلات الشبحية ذات الاقلاع القصير والهبوط العمودي STOVL يمكنها العمل من الحقول الجوية الاستكشافية لدعم عمليات الدخول إلى المسرح، إلا أنه من الصعب تصور حالة لا تؤدي فيها بيئة مسرح التهديد التي تتطلب استخدام الشبحية أيضاً إلى الحاجة لطائرات هجومية ذات نصف قطر قتالي بأكبر بكثير من F-35B.

عمليات الإنزال البرمائي
النقل البرمائي:
على وزارة البحرية Department of the Navy أن تحافظ بشكل كافي على النقل السريع الاستكشافي لدعم عملية الدخول إلى المسرح المشترك في الخليج العربي. وفقاً لفيلق مشاة البحرية، هناك حاجة إلى ثلاثين سفينة برمائية لتوفير عمليات النقل لـ لوائين اثنين من مشاة البحرية MEB، بما في ذلك المعدات والمواد الاستهلاكية للحفاظ على عملياتها لمدة ثلاثين يوماً. نظراً لأن ثلاث سفن برمائية بالمتوسط قد لا تتوفر بسبب الصيانة، وسلاح مشاة البحرية يحتفظ بمتطلبات أسطول من ثلاث وثلاثين سفينة برمائية. البحرية حالياً في طريقها نحو تسعة وعشرين من الأسطح البرمائية، والتي من شأنها أن تؤدي إلى العجز التشغيلي لأربع سفن. قد يكون من الممكن التخفيف جزئياً من هذا النقص من خلال الضمان المستقبلي لتزويد سفن الهجوم البرمائي الحاملة للمروحيات من نوع LHA (بمهبط للمروحيات) واستبدالها بأسطح جيدة لاستيعاب مركبات الانزال البرمائي.

المركبة القتالية البرمائية: يجب على سلاح مشاة البحرية تطوير وتقديم مركبة قتالية برمائية مدرعة جديدة (ACV) لتحل محل المركبات الهجومية البرمائية التي يبلغ عمرها أربعين عاماً تقريباً. يجب تحسين المركبة القتالية البرمائية ACV للقتال البري في بيئة أسلحة G-RAMM. قد يجمع أحد بدائل المركبة القتالية البرمائية ACV في المستقبل بين مركبة قتال برية وسفينة نقل منفصلة تحملها إلى الشاطئ، كما اقترح قائد سلاح مشاة البحرية. وقد يؤدي هذا النهج القائم على نظامين إلى زيادة مديات أسلحة المواجهة standoff لقوة الانزال البرمائي، وتقليل الوقت اللازم لإيصال القوات الاستكشافية إلى الشاطئ، وأيضاً تقليل الحاجة لاعاقة المركبة القتالية البرمائية الجديدة ACV المستقبلية مع المتطلبات الصعبة التي ابتليت بها تطوير مركبة القتال الاستكشافية EFV، مثل مزج القوات المدرعة اللازمة للبقاء على قيد الحياة من هجمات العبوات الناسفة في منصة يمكن أن تسبح في المياه عبر مسافات طويلة وبسرعات عالية.

قدرات مكافحة أسلحة G-RAMM
بالإضافة إلى الدفاع الأرضي بالطاقة الموّجهة للقواعد الثابتة، يجب على الجيش الأميركي إعطاء الأولوية لتطوير الأنظمة الدفاعية المتحركة الليزرية ذات الحالة الصلبة والتي من الممكن أن تُكمل الدفاعات الحركية ضد أسلحة G-RAMM. قد توفر دفاعات الطاقة الموّجهة وسيلة أكثر فعًالية من حيث التكلفة للدفاع ضد تهديدات أسلحة G-RAMM فهي أقل ثمناً من الدفاعات الحركية، ويمكن أن توفر موقع متقدم لمواجهة مخزون أسلحة G-RAMM في العمق ليقطع إعادة التموين والامداد بشكل متكرر. ينبغي على سلاح مشاة البحرية والجيش متابعة القدرات التي يتم تسليمها من الجو والنشر من الأرض مثل الألغام المتقدمة والأنظمة غير الفتاكة الأخرى التي يمكن أن تخلق "حواجز" أمام قوات العدو غير التقليدية التي تحاول استخدام أسلحة G-RAMM ضد القواعد الأميركية والسفن السطحية العاملة في المناطق الساحلية، والقوات التي تدعم عمليات دخول المسرح. قد يكون لهذه القدرات إمكانات كبيرة لإنشاء الاستيداعات أثناء العمليات للدخول إلى المسرح المشترك.


مبادرات أخرى للقدرة

النقل الجوي الاستراتيجي
يجب على وزارة الدفاع تقييم تأثير تهديدات "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الناشئة في الخليج العربي على متطلبات النقل الاستراتيجي مستقبلاً. وفقًا لقائد قيادة النقل العسكري الأميركية (USTRANSCOM)، خلصت دراسة حديثة لوزارة الدفاع عن "قدرات ومتطلبات التنقل (MCRS)" إلى أن سلاح الجو بتكليف من الكونغرس قد يُخفض أسطول النقل الجوي الاستراتيجي من 316 طائرة إلى 300 طائرة من طراز C-17 وتحديث C-5. على الرغم من أنه من غير المعروف علناً ما إذا كانت السيناريوهات التي تم تقييمها بواسطة MCRS تضمنت الحالات التي تكون فيها قدرات النقل الجوي الاستراتيجي مطلوبة للتعويض عن فقدان خطوط الاتصال البحري عبر مضيق هرمز، فقد يكون من الحكمة النظر في تداعيات مثل هذا السيناريو قبل إغلاق خط إنتاج C-17.

إدخال وإخراج قوات العمليات الخاصة SOF
يجب على وزارة الدفاع إعطاء الأولوية لتطوير طائرة شبحية قادرة على إدخال وإخراج قوات العمليات الخاصة SOF في المناطق المحرّمة لدعم عمليات الحرب غير التقليدية ومهام الضربة الدقيقة ضد الأهداف ذات الأولوية العالية. تقييم مثل هذا النظام يجب أن يشمل المخاطر التي تنطوي على الاستمرارية في الاعتماد على القدرات ذات الأجنحة الدوارة والأخرى المستندة إلى C-130 لتوفير نقل لقوات العمليات الخاصة SOF في نطاق بعيد عن بيئة العمليات المستقبلية.

خلق وضعية من سمة أو حالة
"قد تتفاجأ إذا عرفت بأن الوجود العسكري الأميركي بالقرب منا، لا يعتبر قوة للولايات المتحدة، لأن هذه القوات قد تصبح رهائن في أيدينا في ظل ظروف معينة". وزير الدفاع الإيراني السابق علي شمخاني.

طوّرت وزارة الدفاع وضعية لدعم الانتشار السريع لقوة مشتركة كبيرة في الخليج العربي لهزيمة الأعمال العدوانية الرئيسية، وهي من تصور وخيال لتحليلات المفكرين والسياسيين الأميركيين مثل تلك التي قادها بول وولفويتز في عام 1979. [وولفويتز شغل عدة مناصب سياسية منذ عام 1973، وهو منّظر للسياسة الخارجية الاميركية، تولى منصب نائب وزير الدفاع من 2001 إلى 2005، وكان أحد مهندسين الحرب على العراق 2003].
على الرغم من أن وضعية أميركا في الخليج العربي كانت بمثابة الأساس لعمليات القيادة المركزية على مدار الثلاثين عاماً الماضية، إلا أنه حالياً قد يكون غير مناسب للبيئة الأمنية المستجدة. بالنظر إلى مجموعة التهديدات التي يمكن أن يشكّلها النظام الإيراني العدائي، بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل. إن هذا التقرير يجادل وضعية أميركا في الخليج العربي، كما هو مُشكَّل حالياً، والتي قد تصبح عائقاً أكثر من أن تكون رصيداً مضافاً.
في ضوء هذه التهديدات المستجدة، ينبغي على وزارة الدفاع إعادة تقييم الوضعية العسكرية الأميركية، وأن يأخذ في الاعتبار احتمالية استخدام إيران لأساليب غير متماثلة، وإكراه جيرانها قسراً، وإعاقة عمليات نشر القوة الأميركية، بدلاً من أن تقوم بأعمال عدوانية تقليدية واسعة النطاق شبيهة بغزو صدام حسين للكويت في عام 1990. كما يتعيّن على وزارة الدفاع أن تسعى إلى إنشاء الوضعية التي من شأنها أن تضمن استمرار وصول الولايات المتحدة إلى الخليج العربي وموارد الطاقة في حالة السلم والحرب، وتعزيز الاستقرار الإقليمي عن طريق الحد من الدوافع التي تدفع إيران لشن الضربة الأولى. أخيراً، يجب أن ينظر هذا التقييم في حق تقدم وضعية من شأنها أن تدعم مفهوم تمكين العملياتية الذي يحافظ على حرية عمل الجيش الأميركي في المنطقة في حال فشل الردع. المبادرات التالية تهدف إلى دعم هذه الأهداف.

الحد من الوضعية الهشة للقوات الأميركية في الخليج العربي
إن تكييف الوضعية الأميركية في الخليج العربي لمعالجة حقائق التهديد المستجد لا يعني تجريد المنطقة من القوات الأميركية اللازمة لدعم مهمات الردع الحاسمة وضمان البعثات. على العكس من ذلك، فإنه يشير إلى أن على القيادة المركزية أن تستمر في النشر الدائم أو النشر بالتناوب لعدد صغير من القوات البرية في المنطقة للعمل كتحوط ضد العدوان أو كقوة رد فعل سريع لدعم الدول الشريكة. ومع ذلك، يجب السعي إلى الحد من البصمة الإجمالية للجيش الأميركي على الأرض مع دعم مهام مثل الدفاع الصاروخي، وبناء قدرات الشركاء، ومكافحة الإرهاب التي من شأنها أن تساعد الشركاء الإقليميين على مقاومة العدوان الإيراني ووكلائه.
يمكن أن يساعد التشديد، وبالتحديد تشديد الشريك، على القواعد القريبة والمرافق الصاروخية ضد هجمات الصواريخ الإيرانية أو أسلحة G-RAMM لحماية الأفراد الأميركيين والشركاء والمعدات في حالة حدوث الضربة الإيرانية الأولى. بالإضافة إلى ذلك، قد يساعد التشديد على القاعدة في ثني إيران أو وكلائها عن القيام بأعمال عدائية عن طريق تقليل ثقتهم في احتمالية أن بإمكانهم توجيه ضربة قاضية. تحقيقاً لهذه الغاية، يجب أن تعمل وزارة الدفاع مع الدول المُضيفة، والدول المحتملة للاستضافة، لزيادة عدد ونوعية الملاجئ المحصّنة ومرافق الدعم في قواعدها. يمكن إنشاء مواقع جديدة للدفاع الصاروخي لمقاومة الهجمات التي تشنها الصواريخ الباليستية الإيرانية أو أسلحة G-RAMM، وأما الأصول التي يصعب من التشديد عليها، مثل الرادارات، فينبغي أن تكون قادرة على الانتقال السريع لتعقيد استهدافها من قبل إيران.
يجب على وزارة الدفاع أيضاً متابعة اتفاقيات الدولة المُضيفة لإنشاء شبكة لمواقع العمليات المشتركة عبر شبه الجزيرة العربية والتي يمكن استخدامها لتشتيت وتفريق الوحدات التي تم نشرها في الخليج العربي أثناء الأزمة. علينا أن نلعب "لعبة القوقعة" عن طريق تحريك القوات الأميركية بشكل متكرر بين هذه القواعد البرية الاستكشافية، إذا كانت متوفرة، سيزيد من تعقيد استهداف الصواريخ الباليستية الإيرانية.
وبالمثل ، يجب أن تبدأ وزارة الدفاع في تغيير وضعها البحري الثابت في الخليج العربي. اليوم، تقوم السفن الكبيرة التي تحمل نظام AEGIS باهظة الثمن بتنفيذ مهام التمركز في مناطق قريبة بدافع الضرورة، لأن البحرية تفتقر إلى أعداد كبيرة من السفن الأصغر. على النقيض من ذلك، الوضعية البحرية المستقبلية تؤكد على استخدام السفن الساحلية القتالية (Littoral Combat Ship LCS) والطائرات بدون طيار وأنظمة السطح والغطس البحرية بالإضافة إلى قوات العمليات الخاصة للحفاظ على وضعية الردع الإقليمي. سيكون للسفن الكبيرة التي تحمل نظام AEGIS مثل السفن الحربية والمدمرات دوراً مهماً لممارسته خلال النزاع مع إيران، لكن الكثافة المتزايدة لقدرات "الإقصاء البحري" الإيراني قد تمنع هذه السفن من الانتشار في الخليج العربي في بداية النزاع.

تطوير وضعية للقتال من نطاقات ممتدة
على مدار الثلاثين عاماً الماضية، اعتمدت المفاهيم العملياتية لحالات الطوارئ للولايات المتحدة في الخليج العربي على نشر طائرات تكتيكية قصير المدى ودعم الأصول في قواعد جوية قريبة لترسيخ التفوق الجوي والمساعدة في تحقيق "توقف سريع" لقوات العدو. في المستقبل، يمكن لشبكة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الإيرانية أن تجعل القواعد الجوية الكبيرة والقريبة غير صالحة للاستعمال بمستويات مقبولة من المخاطر، خاصة في الأيام الأولى من النزاع عندما تكون قدرات إيران في ذروتها. علاوة على ذلك، في عصر العمليات الشبكية والقدرة على "العودة للوصول" إلى المنشآت والمرافق الموجودة خارج مسرح العمليات، قد تكون الحاجة للحفاظ على وحدات القيادة والسيطرة الحرجة بالقرب من إيران أقل.


خلق وضعية متنوعة
بدلاً من التخطيط لنشر وحدات في قواعد قريبة قد تتحمل وطأة الضربات الإيرانية المبكرة أو قد لا تكون متاحة في وقت الأزمة لأسباب سياسية وحزبية، يتعيّن على وزارة الدفاع إنشاء وضعية أكثر تنوعاً، من شأنه أن يسمح لغالبية قواتها الأوليّة إنشاء مسرح العمليات من مناطق تقع خارج حلقة تهديدات المنطقة المحرّمة/منع الولوج الإيرانية. هناك المئات من القواعد المرحلية المرشحة، بما في ذلك المطارات المدنية والعسكرية الموجودة في جنوب أوروبا ومنطقة القوقاز والبحر الأسود وآسيا الوسطى وشرق إفريقيا وسوقطرا وسيشل (انظر الشكل رقم 12).

الشكل 12. خلق وضعية متنوعة

S33.png

الشكل 12. خلق وضعية متنوعة
القواعد الجوية المرشحة بنطاق 1000 ميل بحري:
الجزيرة العربية ودول الخليج 48 قاعدة جوية، العراق 21 قاعدة جوية، كازاخستان 20، جورجيا 7، أذربيجان 7، أرتيريا 3،
القواعد الجوية المرشحة بنطاق 1000 - 1500 ميل بحري:
تركيا 30، الهند 27، أوزباكستان 11، السودان 7، قبرص 4، جنوب أوكرانيا 4، طاجيكستان 4، قيرقيزستان 3، أرمينيا 2، مصر 1، جيبوتي 1،
قواعد آخرى:
إيطاليا 26، اليونان 15، بلغاريا 9، رومانيا 5، المجر 4، سيشل 1 (بنطاق 1900 ميل بحري)، مالديف 2 (بنطاق 1850 ميل بحري)، ديغو غارسيا 1 (بنطاق 2800 ميل بحري).

الأماكن العملياتية المشار إليها في الشكل 12، يمكن أن تكون في مواقع أصغر يتم مشاركتها مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة، بدلاً من الحاميات ما وراء البحار الكبيرة الدائمة التي تكون مكلفة لصيانتها. علاوة على ذلك، هذه الأماكن العملياتة الأمامية قد لا تحتاج لنفس الدرجة من قدرات التشدد والتصلب والإصلاح السريع التي ستكون مطلوبة للقواعد التي ستواجهها هجمات الصواريخ البالستية الإيرانية وأسلحة G-RAMM وأسلحة الدمار الشامل.
هذه الوضعية المتنوعة سوف تتطلب تركيزاً مصاحباً على الاستثمار في الأنظمة القادرة على استمرار العمليات من نطاق بعيد، فضلاً عن القدرات الداعمة مثل التزود بالوقود جواً وشبكات الاتصالات واللوجستيات القادرة على البقاء. على سبيل المثال، يجب على إدارة القوات البحرية والقيادة المركزية النظر في أماكن بديلة لمقر القيادة المركزية للقوات البحرية/مقر الأسطول الخامس (الذي في البحرين).
وبالمثل، على القوات الجوية والبحرية والقيادة المركزية العمل على تقييم بدائل لمركز القيادة المركزية للقوات الجوية الأميركية CAOC الموجودة في قاعدة العديد الجوية في قطر. هذه البدائل يجب أن تشمل على مركز للعمليات البحرية قادر على الانتقال السريع من منطقة الخليج العربي إلى أماكن العمليات البعيدة الأكثر أماناً.

تأهيل الشبكات الإقليمية لمكافحة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD"
لخلق وضعية أكثر تنوعاً للقتال من نطاق يمكن النظر إليه على أنه تقليص من حجم الالتزام الأميركي تجاه الخليج العربي. يمكن لوزارة الدفاع تعويض ذلك عن طريق بناء قدرات الشركاء في مجالات تؤهلهم لمكافحة المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD الإيرانية؛ مثل رادارات متقدمة لتتبع الأهداف؛ أنظمة الصواريخ الباليستية والدفاع الجوي الصاروخي؛ صواريخ باليستية متوسطة وقصيرة المدى؛ والفرقاطات والفريقطات (كورفيتات) للدفاع عن الممرات البحرية للاتصالات SLOC التي من الممكن أن تساعد في الحفاظ على توازن عسكري ملائم في الخليج العربي.

تنشيط التحالفات والشراكات
قد تكون الولايات المتحدة قادرة على الاستفادة من التحول نحو وضعية جديدة لتعزيز علاقاتها مع الدول الواقعة خارج منطقة الخليج العربي. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد الانتقال إلى الأماكن الهامشية في تقوية العلاقات الاستراتيجية مع دول مثل جيبوتي وجورجيا وأوكرانيا، بينما أيضاً إعادة تنشيط الناتو من خلال استكشاف فرص إضافية للطوارئ مع دول مثل تركيا وبلغاريا ورومانيا. بشكل حاسم، يمكن أن يكون هذا بمثابة جسر بين ماضي الناتو كمنظمة أمنية في المحيط الأطلسي ومخاوف أمنية مستقبلية. قبل سحب وحدات عسكرية إضافية من القواعد الأميركية في دول الناتو، يبدو من الحكمة تقييم كيف يمكن لدول الناتو دعم مفهوم تمكين العملياتية للخليج العربي على النحو الموصى به في هذا التقرير.

 
التعديل الأخير:
كلمة الختام

يعتمد الوضع العسكري الأميركي الحالي، والمفاهيم العملياتية التقليدية لنشر القوة في الخليج العربي على افتراضات عمرها عشرات السنين، أصبحت تدريجياً أقل أهمية في مواجهة قدرات ناشئة ومستجدة، تعتمد على استراتيجية "المنطقة المحرّمة/منع لولوج A2/AD" والتي يمكن أن تتحدى الجيش الأميركي في البحر، على الأرض، في الجو، وفي الفضاء السيبراني. تقوم إيران بتطوير وإدخال هذه القدرات، بما في ذلك الصواريخ الباليستية، وأنظمة "الإقصاء البحري"، وأسلحة الدمار الشامل، التي تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة ألا وهي استقرار منطقة الخليج العربي وأمن تجارتها في مجال الطاقة.

يجادل هذا التقييم من أجل تطوير مفهوم جديد لتمكين العملياتية - من الخارج إلى الداخل - يستغل قدرة الجيش الأميركي على القتال من نطاقات شاسعة وممتدة لمواجهة قدرات إيران الناشئة والحفاظ على مصالح الولايات المتحدة والشركاء في الخليج العربي. يركز هذا المفهوم على نشر القوات الأميركية الجوية والبحرية للاستجابة للأزمات في مناطق العمليات التي لا يمكن للإستراتيجية الإيرانية الناشئة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" الوصول إليها. من النطاق الواسع الممتدد المميز، يمكن للجيش الأمريكي أن يقلل من كثافة القوات الإيرانية بأنظمة "المنطقة المحرّمة/منع الولوج A2/AD" ويستعيد حريته في العمل.

لتنفيذ هذا المفهوم التمكيني، ستحتاج وزارة الدفاع إلى تطوير قدرات جديدة وموضع أمامي متنوع، لا يعد أي منهما جزءًا من سجل برنامجها. سيتطلب تحقيق ذلك في عصر التقشف من مخططي الدفاع اتخاذ قرارات صعبة؛ لا يستطيع الجيش الأميركي مواجهة التحديات التي يمكن أن تشكّلها إيران تجاه مصالح أميركا الحيوية في الخليج العربي بمجرد إنفاق المزيد لشراء قدرات جديدة. يمكن أن تساعد المفاهيم العملياتية مثل: مفهوم معركة الجو والبحر Air Sea Battle ومفهوم من الخارج إلى الداخل Outside-In في إثراء هذه القرارات الصعبة من خلال توفير النسيج الضام بين الأهداف الاستراتيجية لوزارة الدفاع من ناحية، وأولويات الموارد من ناحية أخرى. يمكن لهذه المفاهيم تحديد أوجه القصور المحددة في القدرات والاختلالات في الوضع الإقليمي. وقد تسلط الضوء أيضاً على مناطق أوسع حيث قد يكون لدى الجيش الأميركي قدرات غير كافية أو فائضة.

القدرات اللازمة لدعم مفهوم معركة الجو والبحر Air Sea Battle ومفهوم من الخارج إلى الداخل Outside-In لديها قدر كبير من التداخل. يؤكد كلا المفهومين على الحاجة إلى تطوير أنظمة جديدة بعيدة المدى مثل القاذفات والطائرات بدون طيار للاختراق والقائمة على الحاملات؛ زيادة مخزون البحرية الأميركية لقذائف المواجهة؛ وتحسين الدفاعات الجوية الصاروخية المشتركة لحماية شبكات القيادة والسيطرة C4ISR الأميركية والشريكة مع حرمان العدو من شبكاته أو إتلافها والتي هي من الأمور الحاسمة لعمليات القتال في كل من غرب المحيط الهادئ وجنوب غرب آسيا. يؤكد التهديد الذي تشكله الصواريخ الباليستية في كلا المسرحين على الحاجة إلى منظومة دفاع صاروخي جديدة، مثل أسلحة الطاقة الموّجهة البرية والبحرية، والتي قد تساعد في خلق نسبة تكاليف التبادل أكثر ملاءمة.

يمكن أن تساعد المفاهيم العملياتية مثل مفهوم معركة الجو والبحر Air Sea Battle ومفهوم من الخارج إلى الداخل Outside-In أيضاً في تحديد المناطق التي قد يقلص فيها الجيش الأميركي استثماراته بمرور الوقت. على سبيل المثال، القوات التي تتطلب أن تكون آثار أقدامهم واضحة على المسرح القريب، أو مناسبة فقط للعمليات في المناطق المسموح بها وشبه المسموح بها، أو تقتصر على أداء مهام "متخصصة"، قد تكون مرشحة للحصول على تمويل منخفض. باختصار، نظراً لأن وزارة الدفاع تدرس المبادرات الرامية إلى إعادة توازن سجل برنامجها مع الاستمرار في مواجهة التحديات الأمنية الحالية والناشئة، يجب عليها التركيز بشكل أكبر على الأنظمة متعددة الاستخدامات القادرة على أداء مجموعة من المهام في جميع بيئات التهديد، مع تقليل تركيزها على القدرات المناسبة للعمليات في المناطق المسموح بها.


المصدر
[
]


عبير البحرين
المنتدى العربي للدفاع والتسليح



[ لتحميل النسخة العربية من التقرير بصيغة PDF تجده بالمرفقات ]



 

المرفقات

  • تقرير عبير البحرين-1.pdf
    1.9 MB · المشاهدات: 371
التعديل الأخير:
جهد مميز -لكن يؤسفني القول ان امريكا باعت الخليج-

امريكا لن تكون رأس الحربه في الحرب مع ايران بل الجيوش الخليجيه التي ستحارب المحتل الأيراني (عندما اقول محتل مايعني ان كل دول الخليج ستدخلها ميليشيات ايران للأسف, +بعض مدن الشمال السعودي ستكون مهدده ايضا ), كلامي غريب لكن انا لاانطق عبثا.

من سيتولى تحرير الخليج هو المقاومه الشعبيه التابعه لسكان الجزيره..+ ماتبقى من الجيش السعودي.

عندها سيعلن القاده النفير العام , وستكون نهايه ميلشيات ايران بالطبع ثم هزيمتها واخراجها من الخليج.

جوع الأيراني ويأسه هو من يدفعه للتقدم للخليج من جهه الكويت ومن جهه البحر ايضا.. لكن في النهايه سيندحر ..

طائرات التحالف تدك طهران ايضا...

هناك اشياء كثيره سأتركها لوقتها.. سلام ختام...
 
ساقرأ التقرير على مهل جهد جبار تستحقين كل الشكر و التقدير ما شاء الله كنز من المعلومات بالتقرير بعد اطلالة سريعة
 
التعديل الأخير:
معلومات قيمة إذ أنني قرأته اكثر من مره لأستوعب، بحث متكامل و قيّم. سلمت يداك على هذا التقرير
 
اللع يعطيش العافيه اخت عبير على التقرير بعد الجهد هذا لازم تاخذين ايجازه كم يوم
اما قرائته يبيله مق شاهي وحب شمسي وجلسه
راح اطبعه على ورق A4 واقراه احسن من الجوال
 
ما شاء الله تبارك الله

ابدااااااااااااااااااااع

اكثر المواضيع قيمه في المنتدى

استمتعت بقراءه التقرير كثيرا

--------------------

شدني في التقرير نقطة قد اشرت اليها سابقا وهي أن ايران جيشها ليس جيش نظامي وانما هجين بين الميليشيات وبين الجيش النظامي وحتى البحرية الايرانيه اصبحت هجينه وتنهج نهج الميليشيات وكان يسخر مني بعض الاعضاء والحمد لله لم يخيب ظني التقرير

شدني مدى ذكر كل شيئ بالتفصيل عن الاستراتيجيه الامريكية وانه لا مجال للصدفه

واستنتجت من هذا التقرير ان الحرب اذا وقعت ستكون شاملة وباقصى درجه ممكنه ولن يكون هناك ضربات جراحيه

وان القوات الامريكية الموجوده في بحرب العرب والخليج العربي ليست كبيرة كما شهدناها في حرب تحرير الكويت وكنت استغرب من ذلك لكن اتضح ان امريكا لا تريد وضع البيض في سلة واحده والسبب الاخر ان مسرح العمليات لن يكون في الخليج فقط بل سيشمل كل الشرق الاوسط الى افغانستان وباكستان ونرى الان انتشار للقوات الامريكية في اغلب مناطق الشرق الاوسط وافغانستان

التقرير يشير الى ان امريكا ستضرب من بعيد ولن تعتمد على كل قواعدها في الخليج العربي لانها قد تخرج من الخدمه وانها سوف تنهي القوة العسكرية الايرانيه ثم تحتل الشواطئ الايرانيه بالكامل

الحرب ضد ايران ستكون شاملة لكل المنطقة
ان تاخرت الحرب اكثر من سنه قد تنتج ايران سلاح نووي وعندها سوف يتغير كل شيئ الى الابد
 
ياشباب الي يبي يستمتع بقرأةالتقارير الطويله للاخت عبير او غيرها يطبعها على ورق A4 ويمزمز عليها
 
بعد إذن الاخت عبير البحرين تم رفعه على ملف pdf لمن يريد طباعته وقرائته

التقرير غني بالمعلومات ويوفر عليك عناء البحث والقراءه في المواضيع العسكرية لسنوات
 

المرفقات

  • تقرير ـ عبير البحرين.pdf
    4.7 MB · المشاهدات: 353
مجهود عظيم،
وتقرير رصين،

لا أدري إذا كان الأفضل مناقشة محتوى التقرير فقط،
ام مناقشة الوضع بشكل عام؟

لكني أقول وباختصار شديد:
أمريكا غير قادرة على شن حرب كحرب 2003 على العراق إطلاقاً،
ليس لأن لديها نقص في الأسلحة،
ولكنها اخذت درس في العراق
أنه ليس كل ماتبدأ فيه تستطيع إنهائه،

وإيران لاتريد الحرب كذلك لكنها تفرض نفسها كعنصر قوي في المنطقة،

والحرب مع إيران ليست نزهة بسيطة وسهلة،
لديها حاليا قدرة كاملة على تحميل رؤوس قذرة في صواريخها،
عن طريق تحميلها بالمواد المشعة والنفايات النووية التي تنتجها مفاعلاتها،
خاصة إذا كانت الحرب تهدد النظام في بقائه واستمراره،

والفراغ الذي تمكنت من خلاله إيران أن تتغلغل في المنطقة،
هو فراغ أحدثته العنتريات الأمريكية،

في رأيي أن دول المنطقة يجب أن تبحث عن طرق إضافية لحل المشكلات،
وليس الإعتماد على الولايات المتحدة
 
شرف لي أنك خليجية من البحرين ?
 
المؤسف أن دول الخليج لم تستعد مبكراً لتنامي هذا التهديد حتى في مسألة تطوير القدرات البحرية كمثال كان يجري الأمر على إستحياء ولايزال وكأن لا يوجد إيران على الضفة الأخرى.


هناك تراخي وتقصير من الجانب الخليجي بلا شك وهذا زاد من تعقيد الوضع وساهم في زيادة الأعباء على كاهل الولايات المتحدة.

أعتقد أن هذا الوضع عبارة عن كابوس أسوء بكثير من الحالة الأوروبية.
 

شكراً لكل من تشرف بالمرور وكلف نفسه عناء القراءة،
التقرير طويل وأعتذر لكم، لكن يستحق الجهد والعناء،
هكذا هي التقارير والدراسات المتخصصة في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، دائماً تكون طويلة ودسمة لأن الأطروحات العسكرية والاستراتيجية غزيرة ومعمقة،
هناك نقاط في التقرير استوقفتني، لها ارتباط بالتحديات والأحداث الجارية، وتستحق التحليل والتمحيص، وستفتح آفاق جديدة للنقاش والتحليل،
إن شاء الله سأحاول أن أدرجهم بالموضوع،
فقط أرتاح قليلاً.

 
عودة
أعلى