أرحب بك مجدداً أستاذي الفاضل نمر،
ليلة البارحة كنتً أود الرد على مداخلتك لكن كنتُ مرهقة نظراً لأن قمت بمراجعة التقرير مرة أخرى لتصويب وتصحيح بعض الأخطاء،
القضية ليست خلاف بين وجهات النظر السياسية والعسكرية، وإنما قضية المعطيات والشواهد التي أمامنا والتي تقودنا إلى نتيجة مفادها؛ إن أميركا اليوم أمام خصم (إيران) مختلف لا يشبه خصم الأمس (عراق صدام حسين) الذي واجهته القوة الأميركية،
الفوارق الهائلة بين القوتين لأميركية والإيرانية - كما تفضلت بالقول - مقابلها الاستراتيجية اللامتماثلة والتكتيكيات غير النظامية وستفرض تكاليف باهظة على الجيش الأميركي الذي لن يكون قادراً على قهر إيران بسرعة وبتكلفة زهيدة مثلما فعل في العراق وأفغانستان، إيران على مدار الثلاثة عقود الماضية درست وراقبت عن كثب طريقة الحرب الأميركية، وعرفت أن مواجهة قوة هائلة مثل القوة الأميركية ينبغي فرض تكاليف باهظة على أميركا،
قدرة إيران تبدأ من جغرافيتها الهائلة، والتعقيد الجغرافي والجيواستراتيجي لمنطقة الخليج العربي، وإيران تجيد استغلال الميزات الجغرافية والسياسية في المنطقة، وأضف عليها، الاستراتيجية اللامتماثلة والهجينة والتكتيكيات غير النظامية، قد لا يكون هذا النوع في حد ذاته استراتيجية ناجحة للحرب ضد إيران، ومع ذلك؛ فإن أي عملية رفع بشكل كبير للتكاليف أو تمديد الجداول الزمنية للتدخل العسكري الأميركي قد تخلق فرصة لإيران لتعزيز وتثبيت نفسها أكثر وأكثر.
"عملية فرس النبي 1988" التي استعنت بها أستاذي الفاضل، حدثت قبل 30 سنة، ولا يمكننا قياس قدرة إيران على افتراضات تعود لثلاثة عقود مضت، في الواقع، إن عملية فرس النبي كانت نقطة التحول لإيران، وجعلت إيران تدرك أن لا يمكنها مواجهة البحرية الأميركية في الخليج العربي إلا عبر النهج اللامتماثل، ونتيجة لذلك، خططت لإنشاء إستراتيجية المنطقة المحرّمة/منع الولوج وبدأت في الحصول على أعداد كبيرة من الزوارق الهجومية السريعة والزوارق الشاطئية السريعة (FAC/FIAC) والصواريخ المضادة للسفن، والألغام، والغواصات، والطائرات بدون طيار.
عسكرياً، إن اسقاط إيران للطائرة المسيّرة العسكرية الأميركية MQ-4 قبل نحو أسبوعين ما هو إلا تنفيذ لإستراتيجيتها "المنطقة المحرّمة/منع الولوج"، وهنا أطرح التساؤلات:
أليست هذه الحادثة دلالة واضحة على مدى نضج الاستراتيجية الإيرانية "المنطقة المحرّمة/منع الولوج"؟
أليس اسقاط المسيّرة MQ-4 يعني أن إيران نفذت استراتيجية "المنطقة المحرّمة"؟، فوفقاً للمصادر تقول أن المسيّرة الأميركية اخترقت لبضع دقائق ولمسافة بسيطة المجال الجوي الإيراني، وعلى الفور إيران نفذت استراتيجية "المنطقة المحرّمة" عبر اسقاطها المسيّرة"، فمفهوم "المنطقة المحرّمة" الإيرانية أن إيران تحرّم على أي قوة إقليمية أو دولية مجالاتها: الجو، البر، والبحر.