للتاريخ:
الأمير بندر بن سلطان سفير السعودية السابق في واشنطن وأحد ابرز السياسيين الذين عملوا في العاصمة الامريكيه يتحدث عن جهود السعودية لحل القضية الفلسطينيه وكان الجزاء الجحود واتهامات التخوين:
زار الأمير فهد الولايات المتحدة كولي للعهد في عهد الرئيس كارتر، واستقبله الأميركان استقبال رئيس دولة واستضيف في "البلير هاوس" قرب البيت الأبيض، وبعد العشاء الرسمي، قال كارتر: سمو الأمير نريد أن نجلس على انفراد. فأجابه: ولك ذلك. ثم قال كارتر ملاطفاً الأمير: هذه ابنتي إيمي أقبلها قبل أن تنام. ثم التفت للملك وقال تعال معي. حسب ما يرويه الأمير بندر.
ويضيف الأمير : "وهما في الشرفة قال كارتر أريد أن أحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأريدهم أن يتحدثوا مع بعضهم البعض، وأعتقد أننا قادرون على فعل شيء. أنا أريد أن يعترف الفلسطينيون بالقرارين الأمميين 242 و338، ومقابل ذلك، سأعترف بمنظمة التحرير الفلسطيني كممثل وحيد للشعب الفلسطيني ونفتح مكتباً لهم في واشنطن".
دخل السرور قلب الملك فهد - ولي العهد وقتها - بكلام الرئيس كارتر، ولم يصدق نفسه، وطلب - حسب الأمير بندر - من الرئيس كارتر إعادة ما قاله. يقول الأمير في سرد القصة : "قال: أرجو من فخامتكم إعادة الكلام كاملاً، وأخذ ورقة وتدوين جميع النقاط. ثم سأله: هل أنت متأكد فخامة الرئيس؟ نحن نريد ذلك منذ سنوات ولم يحدث. رد كارتر بـ "أعدك". هذا مقابل اعتراف الفلسطينيين ومنظمة التحرير بالقراريين 242 و 338، وفي هذه الحالة يمكن بدء المفاوضات.
يقول الأمير إن الملك فهد من شدّة حماسه للعرض، غيّر برنامجه، لأهمية حل القضية الفلسطينية بالنسبة له، فبعد أن كانت وجهته بعد العاصمة الأميركية واشنطن إلى ماربيا في أسبانيا لقضاء إجازته، عاد إلى السعودية وكان الملك خالد وقتها في الطائف، وطلب من الأمير سعود الفيصل الاتصال بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ودعوته إلى الطائف. يعود الأمير بندر فجأة لسرد رد فعل المسؤولين الأميركان في حكومة كارتر بعدما غادر الملك فهد بالورقة ....:"بعد ما غادر الأمير فهد إلى السعودية، كنا أنا ورئيس الاستخبارات ووزير الدفاع، ننتظر رد الرئيس كارتر، وحين أخبرنا، أمسكنا برؤوسنا، كيف كان كارتر يغير سياسة أميركا كاملة يقول المسؤلون الأميركيون: نحن نرفض الاعتراف بالفلسطينيين حتى اعترافهم بإسرائيل، وأنت الآن تقول لهم فقط اعترفوا بالقرارين ونحن نعترف بممثل رسمي لكم؟ قال كارتر لهم، الفكرة طرأت على بالي الآن ووعدت بها الأمير فهد ولن أخلف وعدي".
جاء أبو عمار إلى الطائف، وقرأ عليه الأمير فهد ما حدث بينه وبين كارتر، وقفز من الفرحة وقبّل الأمير وقال: أنت حررت فلسطين وأنت حررت القدس. شكره الملك فهد وقال ما رأيك؟ إن كنت ترى أن فيه مصلحة للفلسطينيين أخبرني حتى نخبرهم، وإذا لا أيضاً أخبرني. قال كيف يا سمو الأمير؟ على العكس. ثم طلب الأمير فهد من ياسر عرفات كتابة قبوله بهذا الشيء والتوقيع عليه، ثم سأل ياسر عرفات لمن أوجهه؟ قال الملك فهد لمن تريد، وألف مبروك. وأنا مستعد أن أعود إلى أميركا بنفسي من أجل الموضوع، وإن لم أتمكن سأرسل الأمير سعود. وقال ياسر عرفات: لكن عندي طلب بسيط يا أمير فهد، قال أريد إمهالي يومين. قال الملك فهد يومين؟ أنت وافقت.
وردّ عرفات: أريد أن أذهب إلى الكويت لمدة يومين حتى أخبر مجلس قيادة الثورة الفلسطينية ثم أعود. وقال الملك فهد: اتفقنا.
يقول الأمير بندر : "وطلب ياسر عرفات طائرة، وأعطوه طائرة، وذهب للكويت، يوم يومين ثلاثة. كان السفير الأميركي في السعودية يدعى جون سي. ويست واتصل بالديوان الملكي وقال: الرئيس كارتر يسأل هل عندكم جواب أم لا؟ فطلبناهم الانتظار. مرت 9 أيام، ليأتي بعدها مندوب فلسطيني من الكويت، بخطاب من أبو عمار، موجه لكارتر وموقّع، ويقول الخطاب إنه بناء على اتفاقك مع فهد بن عبدالعزيز، فنحن موافقون حسب الشروط التالية ووضع 10 شروط، الاتحاد السوفييتي نفسه لا يستطيع فرضها على أميركا، وكان كارتر يقول اعترفوا ودعونا نبدأ".
حسب بندر بن سلطان، فإن تلك اللحظات عصيبة على الملك فهد، ينتظر الجواب، فيأتي التعقيد من الجانب الفلسطيني، ولا يود توضيح ذلك للجانب الأميركي. يقول الأمير : "قرأ الملك فهد خطاب عرفات الجديد، وطلب من السفير الأميركي أن يأتي إلى الطائف وحين وصل أبلغه الأمير فهد نقل تحياته للرئيس كارتر وقال له إن السعودية درست العرض المقدم، ووجدت أنه لا يفي بحق الفلسطينيين وبالتالي قررنا أننا لا نعطيهم القرار - كل هذا لكي لا يلقى اللوم على الفلسطينيين – يقول زبيغنيو بريجنسكي، مستشار للأمن القومي لدى الرئيس الأميركي جيمي كارتر، حين جاء الخبر احتفلنا برفض الفلسطينيين لهذا القرار، ومع هذا جاءت اتفاقية كامب ديفيد وأصر الرئيس المصري أنور السادات وأيده كارتر على ملحق الحكم الذاتي في غزة والضفة، والذي قال لي أبو عمار شخصياً إنه أفضل بعشر مرات من اتفاقية أوسلو، قلت له لماذا إذاً لم توافق عليه إذا؟ فأجابني: "حافظ الأسد قال لو وافقت "طخيتك بطراق" ! كيف تعمل سلام قبل أن تعمل سوريا اتفاق."
القضية الفلسطينية !
يبدو أن قضية سوريا وأباما، جعلت الأمير يسرد أدق التفاصيل عن تعاملاته مع رؤساء الولايات المتحدة الأميركية، مستشهداً بالقضية الفلسطينية وأسرار كثير منها يقال لأول مرة. يتحدث الأمير بندر فجأة ويقول : "أقول لك، قضيت 23 عاماً في واشنطن، وعلى الأقل 60 % من عملي كان بخصوص القضية الفلسطينية، من حصار طرابلس (شمال لبنان) كنت عبر الهاتف مع أبو عمار يتكلم عبر الراديو من قبرص ويحولونه لي وعبر الهاتف الثاني مع الملك فهد وجورج شولتز أحد وزراء الخارجية الأميركية في عهد الرئيس رونالد ريغان، ومن كان يحاصرهم؟ السوريون في طرابلس؟ واللبنانيون في بيروت. وكان هناك قرار بأن لا يكمل الإسرائيليون الحسم داخل بيروت، وكان الجنرال ألكسندر هيغ وزيراً للخارجية، وقال لي الملك فهد: تبلغ ريغان وهيغ أن الفلسطينيين مستعدون للانسحاب من لبنان، والشرط الإسرائيلي بأن يترك الفلسطينيون كل الأسلحة مرفوض، كل سلاح لا يمكنهم حمله في السفن سيعطونه لحلفائهم، وهذا ما حدث فعلاً، أما السلاح الخفيف الذي معهم فيبقى معهم، ونريد حماية أميركية من الأسطول السادس ترافق السفينتين الفلسطينيتين اللتين ستغادران من بيروت إلى الإسكندرية حتى لا يتعرض لها أحد".
تعرض الفلسطينيون لهجوم، وبرره ألكسندر هيغ لريغان أن الإسرائيليين كانوا يدافعون عن أنفسهم، وحسب الأمير بندر اتضح لاحقاً بأن هيغ كذب على ريغان وقال له إن الفلسطينيين هم الذين بدؤوا بالاعتداء وأن ما فعلته إسرائيل كان رد فعل. ريغان خرج وقال إن إسرائيل تدافع عن نفسها وهي تملك هذا الحق، وكان تضليل هيغ هو سبب خروج ريغان وحديثه. وأبلغ الأمير فهد الأمير سعود الفيصل بالسفر ولقاء ريغان، الذي كان وقتها في ألمانيا في اجتماع للناتو. وأخبره بالتفاصيل، بحضور هيغ، فرد ريغان: يا سمو الأمير كل دولة لها حق الدفاع عن نفسها. ورد الأمير سعود الفيصل بأن هذا غير صحيح، الفلسطينيون لم يعتدوا. فتفاجأ ريغان وقال: كيف غير صحيح؟ هيغ قال لي هكذا. فقال الأمير: وزير الخارجية أخبرك بهذا؟ إسأل مندوبكم الذي كان في لبنان وهو يخبرك بالتفاصيل. وسأله، نعم فخامة الرئيس، الفلسطينيون لم يبدؤوا بالضرب بل الإسرائيليون. فالتفت ريغان لهيغ وقال له: إذهب الآن وأخبر الإسرائيليين بأن يوقفوا هجومهم وينسحبوا. ذهب هيغ وفعلاً حدث الانسحاب. هذه القصة كما رواها الأمير بندر بتسلسلها.
ويضيف الأمير مسهباً عن حصار بيروت وطرابلس : "اتصل بي الملك فهد غاضباً كيف يضرب الإسرائيليون المخيمات الفلسطينية وجنوب لبنان، وطلب مني فوراً الذهاب لريغان، وأخبرته أن ريغان ينام مبكراً فقال اذهب والتق بشولتز. ونقلت كلام الملك فهد حرفياً - وكان معي ريتشارد ميرفي كان سفيرهم عندنا – ونقلت رغبة الملك بإبلاغ الرئيس وإدانة ما حدث. شولتز وجهه خالٍ من التعابير، لا تعرف إن كان يضحك أو لا أو إن كان مستغرباً. وقال لا داعي لإخبار الرئيس، ننزل سوياً وأنا أدين ضرب إسرائيل للفلسطينيين وأنت تدين ضرب السوريين للفلسطينيين بطرابلس. فقلت له لا، العرب في ما بينهم أمر مختلف. وقفت مندهشاً باحثاً عن مخرج: القضية نفسها والمبدأ واحد، تعرض الفلسطينيون للهجوم، كيف تدين هذه ولا تدين تلك؟".
إيران كونترا والقضية الفلسطينية
طلب الرئيس ريغان من الملك فهد خدمة طارئة، استغلتها السعودية أيضاً - حسب الأمير بندر - لخدمة القضية الفلسطينية والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية. كان ريغان يريد تمويل الكونترا في مواجهة الشيوعية ووقف تمددها في نيكاراغوا وكوبا، لكن الكونغرس تغير والديموقراطيين أصبحوا يسيطرون، ويحتاج حتى يحصل على الموافقة لتمويل الكونترا أكثر من 6 أشهر.
كان الطلب هو أن الرئيس ريغان يحاول إقناع الكونغرس، لكن حتى ذلك الوقت يحتاجون دعم السعودية للتمويل حتى تأتي الموافقة، طار الأمير بندر - حسبما يروي - إلى الملك فهد وأخبره بذلك، وكان الأمير قد سأل ماكفالرن كم يحتاجون، فقال له 2 مليون دولار في الشهر.
وصل الأمير بندر إلى المملكة وأخبر الملك فهد، واستغرب الملك من المبلغ وضآلته وقال إن هذا مبلغ بإمكان أي رجل أعمال أميركي دفعه أو شخص يتبرع لهم به، لكنها "فرصة يا بندر"... ويقول الأمير إن الملك قال له : "كم تبقى في السنة؟ .. قلت له 6 أشهر … مليونين كل شهر حتى نهاية العام، وطلب من وزير المالية وقتها تحويل المبلغ لحسابي في واشنطن مباشرة وقلت له : لا جلالة الملك، هم سيعطوننا حساب ونحول المبلغ إليه".
يضيف الأمير : "عدت إلى واشنطن واتصلت بمكفالرن وقلت له إن الملك وافق وسيتبرع بقيمة السنة وليس شهرين، وكاد أن يصرع من الفرح على سرعة اتخاذ القرار والموافقة، وسألته كيف يتم التحويل. بعد يومين طلبني الرئيس ريغان، وسلمت عليه، وقال لي - كان معه بوش الأب وكان وقتها نائب رئيس وشولتز- تذكر الكرسيين الذين جلسنا عليهما في لوس انجلس حين أتيت تطلبني أن أصوت لكم في صفقة الطائرات وكنت أنا ضد كارتر؟ قلت له له نعم أتذكر الكرسيين الذين جلست عليهما معك في منزلك. قال هما في الدور العلوي للبيت الأبيض، دعنا نراها. استغرب بوش وشولتز، وحين صعدنا، قال هذان هما الكرسيان. ثم التفت وقال أود أن أقول شكرا، وتعرف ما أقصد. قلت له لا داعي للشكر، أعرف ماذا تقصد ولهذا يوجد الأصدقاء".
ويكمل الأمير عن تفاصيل توجيه الملك فهد لفتح موضوع القضية الفلسطينية مع ريغان : "وجهني الملك فهد ببحث موضوع القضية الفلسطينية عاجلاً مع الرئيس، والتقيت به بحضور وزير الخارجية شولتز ووزير الدفاع واين بيرقر ونائب مساعد الرئيس للأمن الوطني ماكفارلن ومساعدي في السفارة رحاب مسعود. أخبرت الرئيس ريغان برسالة الملك فهد وأنه لا بد للإدارة الأميركية أن تتعامل بجدية مع القضية الفلسطينية، وأن تبدأ حواراً مباشراً مع القيادة الفلسطينية الممثلة في السيد ياسر عرفات وأن يتم تحريك عملية السلام وفق المرجعيات الدولية 242 و 338 وغيرها، فرد الرئيس ريغان أنه لا يرى مانعاً في ذلك".
يصف الأمير المشهد في المكتب البيضاوي : " انتفض وزير الخارجية شولتز ووقف من كرسيه وقال أرجوك يا فخامة الرئيس إن هذا تغير كامل في سياستنا في الشرق الأوسط، فرد عليه الرئيس ريغان اجلس يا شولتز. طلبت من الرئيس ريغان إعطائي تلك الموافقة خطياً للملك فهد فرفع شولتز يده مرة أخرى معترضاً قائلاً إننا تلقينا رسالة شفهية فنرد شفهياً. همس ماكفارلن في أذن رحاب مسعود - إذا كنتم تعرفون الوصول إلى مكتبي اذهبوا إليه - أجابه رحاب ب "نعم نعرف كيف نصل من المكتب البيضاوي إلى هناك، وسأله رحاب لماذا قال ستعرفون قريباً". تم إنهاء الاجتماع وذهبنا نحن الاثنان إلى مكتب ماكفارلن وشاهدنا من النافذة مغادرة وزيري الخارجية والدفاع. بعدها جاء روبرت ماكفارلن وقال ريغان يريد اللقاء".
كان ريغان - حسب الأمير - ممتناً جداً لوقوف الملك فهد والسعودية معه في موضوع الكونترا، ويريد فعل أي شيء. ويضيف : "ذهبنا إلى الرئيس وقال: وقف معي الملك فهد حين احتجته، والآن أقف معكم، اكتب يا بندر الخطاب الذي تود مني توقيعه للملك فهد. وكتبت بخط يدي خطابا من الرئيس إلى الملك فهد فيه اعتراف واشنطن بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيدا عن الفلسطينيين وأن تبدأ حواراً مباشرا في تونس - هذا تغير جذري في سياسة واشنطن حيث كانت تعتبر منظمة التحرير الفلسطينية منظمة إرهابية لا تتحاور معها - وفي الخطاب، تقبل الإدارة الأميركية بجميع مرجعيات الحل ومنها 242 و 338 بل وحتى قرار عودة اللاجئين 191 ، ثالثا الموافقة على وفد فلسطيني أردني مشترك من المنظمة والحكومة الأردنية لإعادة المباحثات في مؤتمر جنيف لعملية السلام. وأخذ السيد ماكفارلن الخطاب ووقعه من ريغان".
بندر بن سلطان وياسر عرفات والطائرة السعودية !
يكمل الأمير بندر سرد القصة، ويقول : "اتصلت بالملك فهد وأخبرته بما حصل، فوجهني أن أذهب مباشرة إلى تونس وإطلاع السيد عرفات على ما توصلنا إليه مع الرئيس ريغان وعندما "شاف" أبو عمار قام يرقص وقال تحررت فلسطين ... تحررت فلسطين مضيفاً أنه يود أن يذهب للملك فهد مباشرة وأن يشكره على هذا الجهد. وأخبرته أن الملك فهد يرغب في أن يتوجه مباشرة إلى الأردن كي يتم تشكيل الوفد المشترك والشروع في بدء التحرك وأن يحرص على المصالح المشتركة للأردن والفلسطينيين. وأن هذه فرصة كبيرة وهامة يجب أن لا يضيعها الفلسطينيون مرة أخرى، ورد أبو عمار بالعكس أنه سيأخذ الفرصة، لكن لا يوجد لديه طائرة. ذهبت إلى تونس بطائرة خاصة صغيرة سعودية، قلت له طائرتي تحت أمرك خذها إلى الأردن وأنا أتصرف. فرد أبو عمار أنه يحتاج أخذ موافقة ودعم الفصائل الفلسطينية الأخرى بعضها في سوريا وبعضها في عدن، وكانت علاقتنا مع عدن متأزمة تلك الفترة بسبب وجود القوات الكوبية فيها والتوجهات الماركسية لحكومة عدن. أخذ أبو عمار الطائرة وذهب إلى عدن واستمر في تنقله بالطائرة لأكثر من شهر، عدن وبغداد ودمشق وغيره ولم نره بعدها".
يقول الأمير، أنه قد جن جنون الإسرائليين بما حصل، فقد غير الرئيس ريغان سياسة واشنطن تجاه القضية الفلسطينية 180 درجة وجن جنون شولتز وزير الخارجية واعتبر أن السعودية قد خدعت الرئيس. يقول الأمير بندر : "يتوقع شولتز أنني قد ضحكت على الرئيس ريغان - طبعاً لم يكن شولتز يعرف بالاتفاق المتعلق بالكونترا - ووجه موظفي وزارة الخارجية بعدم استقبالي في الخارجية إلا من قبل أصغر موظف - الدسك أوفسر - ولم أجد غضاضة في ذلك، فكنت أذهب الدسك أوفسر وكان يتصبب خجلاً - لأنه مبتدئ وحايس - حتى أن مكتبه لا يوجد فيه إلا كرسي واحد فأجلس أنا عليه ويبقى من معي واقفاً فكنت أسأله عن مواقفهم حيال الوضع في المنطقة، فكان يرد أني لا أعرف، ثم أقول لماذا لا نتصل بالرئيس ونسأله. وكنت فعلاً أطلب البيت الأبيض وأحادث الرئيس مباشرة، وأقول له إنني هنا في مكتب السيد فلان ونود أن نعرف كذا وكذا، وهكذا كنت أتعامل مع منعي من مقابلة الوزير بالتواصل مع الرئيس عبر هذا الموظف الصغير الذي حددوا أن يكون نقطة اتصال بيني وبينهم".
يضيف الأمير : "كنت أود أن يعرف الوزير شولتز أنه لا مانع لدي من أن أقابل أي شخص لكي أصل لما أصبو إليه، وأن الدسك أوفسر باستطاعته أن يكلم الرئيس، وأني أسهل له هذا. وهكذا جيرنا موضوع الكونترا لدعم القضية الفلسطينية، حيث كان بإمكان المملكة أن تطلب من الرئيس ريغان في ذلك الوقت أي شيء ترغب فيه لها سواء فيما يتعلق بصفقات الأسلحة أو شيء يتعلق بالسعودية مباشرة، لكن الملك فهد ارتأى أن يجير ذلك لخدمة القضية الفلسطينية".
يعود الأمير للحديث عن جولة ياسر عرفات، ويقول إن الرياض ذهلت من تصرفات عرفات، حيث إن رسالة وصلت إلى السعودية أن أبو عمار كان ينتقص مما فعلوا وكان يقول للوفد الفلسطيني في عمان إنهم لن يخبروا الملك حسين ملك الأردن الراحل بكل شيء، بل سيقولون إن السعوديين لم يستقبلوهم. ويقول الأمير بندر، إن الملك حسين استقبل ياسر عرفات والوفد الفلسطيني، ثم اتصل الملك حسين بالملك فهد وطلب منه إرسال الأمير للقاء ملك الأردن وأخبره بكل شيء وتصرفات عرفات والوفد.
بعد حرب تحرير الكويت
رغم الخلاف بين السعودية ومنظمة التحرير الفلسطينية بسبب موقف ياسر عرفات من حرب تحرير الكويت، سعت الرياض مجدداً لحل القضية، وكانت الولايات المتحدة تريد إرسال الرسائل بشأن عملية السلام والحلول، لكن لا يمكن أن يتم ذلك في ظل علاقات مقطوعة. يقول الأمير بندر عن تلك المرحلة : "كانت العلاقات مقطوعة بيننا وبين ياسر عرفات، ولا يوجد أي اتصال. لكن كان الأميركيون يوصلون لنا رسائل يريدونها أن تصل إلى ياسر عرفات، فكنا نستدعي مندوبهم بصفة خاصة أو نبلغ الأشقاء المصريين وهم يبلغون الفلسطينيين. وبقي الحال هكذا حتى عام 1994 تقريباً".
باقي اللقاء على هذا الرابط
بندر بن سلطان:عرفات أجرم بحق القضية الفلسطينيه