بخصوص عدم الإهتمام المغرب تاريخيا بتشكيل أسطول بحري فهذا غير دقيق
لا يمكن تجاهل الحملات المغربية على إيبيريا سواء قبل الإسلام أو بعدها وهي لم تكن لتتم لولا وجود أسطول ضخم لنقل القوات نحو الضفة الأخرى
في العهد الموحدي
يذهب ابن خلدون في مقدمته أن العناية بالأسطول في عهدهم لم تظهر إلا على عهد الأمير عبد المؤمن ابن علي, ويظهر أن هذا المؤرخ كان يعني بالعناية شروع الأسطول في ملاحمه المشهورة التي قفزت به إلى الطليعة. والدليل على ذلك أن ابن خلدون يقرر بأن أساطيل المسلمين وصلت في عهد هذا الأمير إلى ما لم تصل اليه من قبل ولا من بعد, وذلك من ناحية العدد الذي ناهز 400 قطعة محاربة، ولا من ناحية جودة الصناعية وإتقان الحيل الهندسية والعلم بالشؤون البحرية.
وفي هذا العهد كانت المدن الواقعة على البحر في المغرب والأندلس تعج بالحركة والنشاط، وكمثال على ذلك نورد نصا نقله الناصري عن جذوة الاقتباس وعلق عليه، وهو يخص ترسانة مدينة سلا:
(( دار الصناعة المذكورة في هذا الخبر هي الدار التي كانت تصنع بها الأساطيل البحرية والمراكب الجهادية, يجلب إليها العود من غابة المعمورة فتصنع هناك تم ترسل إلى الوادي وكان ذلك من الأمر المهم في دولة الموحدين, ودار الصناعة بسلا بناها المعلم أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن الحاج الإشبيلي, وكان من العارفين بالحيل الهندسية ومن أهل المهارة في نقل الأجرام ورفع الأثقال بصيرا باتخاذ الآلات الحربية الجافية
ومن أهم الأحواض البحرية دار الصناعة بقصر مصمودة وهي مختصة بالمراكب المسطحة الضخمة الصالحة للقتال ولنقل الجنود في نفس الوقت. وترسانة سبتة لترميم وإصلاح السفن, وأحواض باديس وطنجة.
وكان للموحدين حوض للتدريب والاختبار الّذي هيأ بمراكش لتدريب وامتحان البحارة بينما كانت المهدية (قرب مدينة القنيطرة) الميدان الرئيسي لما يسمى اليوم بالمناورات.
وكانت للأسطول معارك كبرى من بينها معركة وقعت بسواحل طرطوشة بين الكاطالونيين وحلفائهم الفرنسيين والإيطاليين وقراصنة الجزر الشرقية الخاضعة للصقالبة, وبين أسطول الموحدين. كان عدد قطع أسطول الأعداء 200 مقابل 80 قطعة مغربية.
