صورة تخيلية للسلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي
السلام عليكم و مرحبا بكم في موضوعي الجديد
تمهيد
نفتح اليوم صفحة تكاد تكون مجهولة في تاريخ المغرب الحديث، وهو محاولاته الحثيثة منذ القرن السادس عشر للتوسع و تشكيل إمبراطورية خارج أراضيه بل و بعيدا جدا عن قواعده المعروفة مثل جيرانه الأوروبيين سواء تعلق الأمر بالعثمانيين في الشرق أو البرتغاليين و الإسبان في الشمال.. و إن كان الكثيرين أصبحوا يعرفون قصة التوسع المغربي في إفريقيا الغربية، فإن قصة طموح المغرب لضم أرضي ما وراء البحار تبقى خطة غير معروفة على نحو واسع..
في الربع الأخير من القرن السادس عشر و حتى بداية القرن السابع عشر وصل المغرب إلى أوج قوته السياسية و العسكرية بعد انتصاره في معركة "وادي المخازن" الشهيرة و التي تسببت في سقوط جيش الإمبراطورية البرتغالية العظيم في ساعات معدودة أمام الجيش المغربي مما أدى إلى فقدان البرتغال ليس فقط غالبية رجال دولتها و جيشها و إمبراطورها "دون سيبستيان" و إنما كذلك سقوطها في براثين إسبانيا المجاورة، على اعتبار أن الملك الإسباني فيليب هو خال دون سيبستيان و بالتالي الوريث الوحيد لعرش البرتغال..
شعور المغرب بالقوة بعد هذه المعركة أعطاه دفعة قوية لتحرير ما تبقى من الأراضي المحتلة من قبل الأوروبيين لكن كذلك تعزيز استقلالية المغرب عن العثمانيين الذين كانوا ينتظرون الفرصة المواتية للانقضاض عليه، لكن النصر المغربي منح المغاربة دفعة قوية لمقاومة أي محاولة من هذا القبيل..
معركة وادي المخازن وسحق الجيش المغربي للجيش البرتغالي
خريطة التوسع المغربي في إفريقيا الغربية إنطلاقا من الربع الأخير القرن السادس عشر
طموح المغرب في غزو جنوب شرق آسيا و أمريكا الجنوبية
لكن طموح المغرب و بالضبط السلطان أحمد المنصور كان أبعد بكثير من ذلك، حيث كان يطمح لإيصال حدود الإمبراطورية الشريفة إلى ما وراء البحار، سواء في آسيا أو أمريكا الجنوبية التي كانت تسمى الهند الغربية,, و بسبب كون المغرب ومذ سقوط الاندلس كان يفتقر لأسطول بحري قوي فإن الرجل خطط لتحالف مع الإمبراطورية الإنجليزية لضرب إسبانيا و تقسيم ممتلكاتها الاستعمارية بين البلدين في القارتين الآسيوية و الأمريكية على قاعدة المثل الشهير عدو عدوي صديقي، و كان المغرب مقتنعا بأنه يمتلك السلاح الفتاك لذلك و هو الرجال المدربون و ذوي الخبرات، فيما سيعتمد على الأسطول البحري البريطاني المشهود له و الذي دمر الأرمادا الإسبانية في المعركة الشهيرة حيث و كمحاولة من السلطان المغربي لإقناع الملكة الإنجليزية إليزابيث الأولى بسدد رأيه أكد لها حقيقة أن الجنود المغاربة الذين عملوا في إفريقيا الغربية متعودون على الجو الحار و الاستوائي المشابه لما هو موجود في آسيا و أمريكا الجنوبية، المقترح المغربي للتنسيق مع الإنجليز لمهاجمة الإسبان و الذي قدمه السلطان عبر السفير المغربي إلى لندن عبد الواحد ين مسعود سنة 1598 كان يواجه عائقا كبيرا، ألى و هو تحميل الإنجليز قبل عشر سنوات للمغاربة مسؤولية فشل حملة لشبونة التي فشل فيها الإنجليز في احتلال لشبونة و طرد الإسبان بعد أن كان المغاربة وعدوا بإمدادهم بالرجال و الأسلحة والمؤونة اللازمة لذلك إلا أن الدعم المغربي لم يصل أبدا لأن المنصور كان يخطط لاستغلال ضعف اسبانيا لإجبارها على التخلي عن سبتة و مليلية و باقي الثغور تالمحتلة إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي سفن المغرب..
و ما انبهر له الإنجليز أن المغاربة كانوا على علم تام بمواقع تواجد المستعمرات البرتغالية و الإسبانية في آسيا و أمريكا الجنوبية، ويعود ذلك إلى الجواسيس المنتشرين في هذه البقاع و الذين كان أغلبهم من الأندلسيين الذين سافروا إلى تلك الأنحاء، كما أن من تبقى من المورسكيين و بعد مغادرتهم إلى المغرب كانوا يحملون معهم أخبار السفن المحملة بالذهب و النفائس القادمة من هذه الأرجاء..
الملكة الإنجليزية إليزابيث الأولى
الطموح المغربي يصطدم بظروف موضوعية
كان بالإمكان أن يتحقق حلم السلطان المغربي، لولا وجود ظروف موضوعية لعدم تطبيق بنود التحالف المغربي الإنجليزي المعروف بالاتفاق الأنجلو مغربي في بداية القرن السابع عشر، ويتجلى أولاها في وفاة السلطان أحمد المنصور و الملكة إليزابيت الأولى في وقت متقارب من عام 1603 فيما لم يذهب وريثاهما في نفس الطريق، أما ثانيها فيتجلى في أن الإنجليز كانوا مدركين إلى أن الوصول المغربي لهذه الأرجاء سيعني بالضرورة انتشار الإسلام خصوصا في جنوب شرق آسيا حيث هناك ساكنة مسلمة ما يهدد بالضرورة أي مستعمرات لها هناك، و ثالثا فإن الإنجليز رأووا أنه من غير المجدي لهم خوض حرب كبيرة بعيدة عن قواعدهم، لذلك فضلوا الاستمرار في أعمال القرصة التي كانوا يقومون بها ضد السفن الإسبانية القادمة من هذه المناطق..عبد الله بن مسعود السفير المغربي لدى لندن 1598 و الذي حمل اقتراح التحالف المغربي الإنجليزي لمحاربة الإسبان و اقتسام ممتلكاتهم، كما كان بن مسعود ملهما للروائي الإنجليزي الشهير "شكسبير" فيما يتعلق بروايتيه "تاجر البندقية" و "عطيل" وفي كليهما استخدم شخصيتين مغربيتين الأولى هي الأمير المغربي والثانية هي عطيل الضابط المغربي في جيش البندقية
التعديل الأخير: