المذبوح أخو المذبوح.. الناجون من مجزرة سربرنيتسا أدرى بشعاب حلب
================
زمان الوصل | 2016-12-15 19:02:46
================
زمان الوصل | 2016-12-15 19:02:46
عندما يتحدث الضحايا الأحياء فهم يتحدثون بعمق
إن الذبيح للذبيح قريب.. هكذا قال البوسنيون الناجون من مذبحة سربرنيتسا الرهيبة بلسان الفعل، وهم يقفون تضامنا مع حلب، وسخطاً على كل من جروها ويجرونها لتكون "سربرنيتسا ثانية"، وسط خذلان سبق لهم أن عاينوا تبعاته الكارثية.
هناك وقف رجل، كان فتى أو شابا عندما وقعت المذبحة، وبجانبه أو خلفه امرأة، وغير بعيد عنهما شاب كان طفلا عندما تفتحت عيونه على سكاكين المليشيات المحتقنة بأحقادها التاريخية، لتجز رقاب كل من تصادفه دون تمييز، فتترك الأرض يبابا من أي معنى للإنسانية، التي دفن تحت ركامها ما يقارب 8 آلاف كائن بشري في أرجح التقديرات.
خرج البوسنيون الذي قدر لهم أن ينجوا من مذبحة سربرنيتسا قبل 21 عاما، ليعلنوها بالفم الملآن: "قلتم أن لا مجزرة بعد سربنتيسا.. عار عليكم".. في تعبير عن مشاعر لا يستطيع فهمها ولا الإحساس بها سوى أمثال هؤلاء الناس، الذين تجاوزوا واحدة من أقذر أعمال التطهير الديني خلال العقود الماضية، فظنوا أن الستارة أسدلت، وأن المجرمين لن يملكوا الجرأة على استنساخ تجاربهم في مكان آخر، لكن ظنّ الشهود و"الشهداء الأحياء" من البوسنيين خاب وتبخر، وهم يرون "حلب" تواجه سيناريو مشابها.. مشابها في مصائر الضحايا، مشابها في التجاهل والتعامي، مشابها في تكرار إعلان الإفلاس.
"حسن حسنوفيتش" عاين أهوال الموت في "سربرنيتسا" بينما كان عمره 19 عاما، ونجا منها لكن عددا من أقاربه قتلوا.. لايستطيع هذا الرجل أن يغفل ما يراه تماثلا في حالة حلب مع شقيقتها البوسنية، ولايستطيع الصمت كذلك، كما لايستطيع ولا يسمح لنفسه بسماع أسطوانة التبريرات اليوم بشأن حلب، كما سمعها من قبل بشأن بلاده وشعبه.
وبعبارة مختصرة يقول "حسن": "الناس في حلب يشعرون اليوم كما كنا نشعر من قبل"، في إشارة واضحة إلى إحساس الرعب من القتل والتعذيب على يد من يرون القتل "مجدا" و"نصرا"، وأخذاً بـ"ثأر" يحرص القاتل على إبقاء ناره مشتعلة، لأنها النار "المقدسة" في عرفه ومعتقده.
ويتابع "حسن": يبدو أن البشرية لم تتعلم أي شيء.. نحن نعيش في عالم التكنولوجيا والاتصالات ولا عذر لأحد في أن يقول: لست على علم بما يجري.
"نيدزاد" ناج آخر من مذبحة سربرنيتسا، كان عمره 17 عاما، عندما اقتادته المليشيات الصربية مع مئات من الرجال والفتيان ليجبروهم على الاصطفاف في طوابير، ثم يطلقوا النار عليهم، لكن الشاب نجا من الإصابة المميتة وغادر مسرحا مليئا بالجثث، بعد تركه الجزارون وهم متيقنون أنهم أنجزوا المهمة بنجاح.
"نيدزاد" الذي تسكنه صور موته الوشيك، وموت أهله ومعارفه المحقق، يقول إنه يرى صورته في أطفال حلب اليوم، لاسيما وهم ينشدون المساعدة ولكن ما من مغيث.
ويواصل "نيدزاد" بوصفه ضحية حية، قائلا: "لا تدعوا حلب تتحول إلى سربنيتسا أخرى.. مخز جدا أن تتكرر المذبحة".
بينما يرى ناج آخر يدعى "أمير" أن حلب أعلنت نهاية عصر النفاق العالمي، الذي يدعي انتصاره للقيم، فقد قالوا ذلك من قبل بشأن البوسنة، لكن البوسنة ذُبحت واغتُصبت.