"بئر الخيانة".. 14 نوفمبر عبد الناصر يعلن الانقلاب ويعتقل الرئيس
المنقلب والرئيس
14/11/2016 04:05 م
كتب: سيد توكل
يمر اليوم 14 نوفمبر ذكرى الانقلاب العسكري الذي قاده "البكباشي" جمال عبدالناصر على الرئيس اللواء محمد نجيب، أول رئيس بعد انقلاب الجيش على الملك في 23 يوليو 1952، ذلك الانقلاب الذي تم تسميته فيما بعد بالثورة على الملك فاروق.
فيما يؤكد خبراء سياسيون وعسكريون أن الجيش المصري يعتبر مؤسسة "انقلابية" بامتياز، إذ إنه طوال عمره لا يسكن ولا يهدأ إلا في حالتين، إما أن يكون الحاكم عسكريًّا، أو يكون تحت احتلال أجنبي.
انقلاب عبدالناصر
نجيب، اسمه بالكامل محمد نجيب يوسف قطب القشلان، ولد بالسودان بساقية أبوالعلا بالخرطوم، من أب مصري وأم مصرية سوادنية المنشأ، يوجد تضارب حول تاريخ ميلاده، حيث أن التاريخ الرسمي لدى التسنين الذي قام به الجيش هو 19 فبراير 1901، وعادة لا يكون دقيقا، أما في مذكراته، فقد ذكر أن أحد كبار عائلته قال له إنه ولد قبل أحد أقربائه بأربعين يوما، وبالحساب وجد أن تاريخ ميلاده هو 7 يوليو 1902.
بعد حرب 1948 عاد نجيب إلى القاهرة قائدا لمدرسة الضباط العظام، وتيقن أن العدو الرئيسي هو الفساد الذي ينخر كالسوس في مصر، والذي كان يتمثل في الملك وكبار الضباط والحاشية والإقطاع، وكان يردد دائما أن المعركة الحقيقة في مصر.
وفي فترة من الفترات كان الصاغ عبدالحكيم عامر أركان حرب للواء محمد نجيب، ويبدو أن كلام نجيب عن الفساد في القاهرة قد أسال لعابه في مطامع كثيرة، فذهب إلى صديقه جمال عبدالناصر، وأغراه بالتشبث بنجيب، لأن المستقبل له.
وكان جمال عبدالناصر قد شكل تنظيم الضباط الأحرار، وأراد أن يقود التنظيم أحد الضباط الكبار لكي يحصل التنظيم على تأييد باقي الضباط، وبالفعل عرض عبدالناصر الأمر علي محمد نجيب، فوافق علي الفور ظنا منه أن ناصر سيكون ثوريا حقيقيا، لا عسكريا انتهازيا.
استغلال سياسي
كان اختيار تنظيم الضباط الأحرار لمحمد نجيب سر نجاح التنظيم داخل الجيش، فكان ضباط التنظيم حينما يعرضون علي باقي ضباط الجيش الانضمام إلي الحركة كانوا يسألون من القائد، وعندما يعرفوا أنه اللواء محمد نجيب يسارعون بالانضمام.
ويؤكد اللواء جمال حماد ـأحد الضباط الأحرارـ أن الحركة لم تكن لتنجح لولا انضمام اللواء محمد نجيب إليها لما كان له من سمعة طيبة في الجيش، ولما كان منصبه ذو أهمية إذ أن باقي الضباط الأحرار كانوا ذوي رتب صغيرة وغير معروفين.
أدرك الملك الشعبية الطاغية لمحمد نجيب وسط الضباط، فرشحه وزيرا للحربية قبيل الثورة بأيام؛ في محاولة لامتصاص غضب الضباط، ولكن المحاولة تأخرت كثيرا فقد دارت عجلة الأحداث سريعا لتشهد مصر ميلاد عهد جديد صباح 23 يوليو 1952.
وبعد الانقلاب علي الملك فاروق واستقالة علي ماهر نتيجة للخلافات بينه وبين الضباط الأحرار، أصبح محمد نجيب رئيساً لمجلس قيادة الثورة وشكل وزارته الأولى في 10 سبتمبر عام ١٩٥٢، وتولى فيها منصب وزير الحربية والبحرية مع احتفاظه بالقيادة العامة للقوات المسلحة.
في ١٨ يونيه ١٩٥٣ أصبح نظام الحكم في مصر جمهورياً، وعين اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر، وبذلك تم إلغاء النظام الملكي وحكم أسرة محمد علي.
فساد الانقلاب
بعد مرور عام على الانقلاب العسكري تركزت كل الأضواء علي اللواء محمد نجيب باعتباره الرجل الذي قاد الانقلاب علي فاروق، وبعد فترة ليست بالقصيرة بدأ بعض الضباط يحاولون أن يجنوا ثمار نجاح الحركة ولو علي حساب المبادئ والأخلاق، حتي شاع بين الناس أن الانقلاب طردت ملك وجاءت بثلاثة عشر ملكا.
يقول نجيب في كتابه “كنت رئيسا لمصر" : لقد خرج الجيش من الثكنات… وانتشر في كل المصالح والوزارات المدنية فوقعت الكارثة التي لا نزال نعاني منها إلي الآن في مصر كان كل ضابط من ضباط القيادة يريد أن يكون قويا..فأصبح لكل منهم “شلة" وكانت هذه الشلة غالبا من المنافقين الذين لم يلعبوا دورا لا في التحضير للثورة ولا في القيام بها".
يوم الانقلاب
في ﻳﻮﻡ 14 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 1954 ﺗﻮﺟﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺷﺎﺭﻉ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺤﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﺑﻘﺼﺮ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻻﺣﻆ ﻋﺪﻡ ﺃﺩﺍﺀ ﺿﺒﺎﻁ البوليس ﺍﻟﺤﺮﺑﻲ ﺍﻟﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻓﻮﺟﺊ ﺑﺎﻟﺼﺎﻍ ﺣﺴﻴﻦ ﻋﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻮﻟﻴﺲ ﺍﻟﺤﺮﺑﻲ ﻭﻣﻌﻪ ﺿﺎﺑﻄﺎﻥ ﻭ 10 ﺟﻨﻮﺩ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺍﻟﺮﺷﺎﺷﺎﺕ ﻳﺤﻴطون ﺑﻪ.
ﺻﺮﺥ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﻋﺮﻓﺔ ﻃﺎﻟﺒﺎ ﻣﻨﻪ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﺣﺘﻲ ﻻ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ ﻣﻊ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﺤﺮﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ ﻓﺎﺳﺘﺠﺎﺏ ﻟﻪ ﺿﺒﺎﻁ ﻭﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﺒﻮﻟﻴﺲ ﺍﻟﺤﺮﺑﻲ.
لاحظ نجيب وجود ضابطين من البوليس الحربي ﻳﺘﺒﻌﺎﻧﻪ ﺃﺛﻨاء ﺻﻌﻮﺩﻩ ﺇﻟﻲ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﻧﻬﺮﻫﻤﺎ ﻓﻘﺎﻻ ﻟﻪ ﺇﻥ ﻟﺪﻳﻬﻤﺎ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻴﺮﺍﻻﻱ ﺣﺴﻦ ﻛﻤﺎﻝ " ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻟﻴﺎﻭﺭﺍﻥ " ﻓﺎﺗﺼﻞ ﻫﺎﺗﻔﻴﺎ ﺑﺠﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﻴﺸﺮﺡ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﺮﺳﻞ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻋﺎﻣﺮ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻟﻴﻌﺎﻟﺞ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ.
ﺟﺎﺀ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻋﺎﻣﺮ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺧﺠﻞ " إﻥ ﻣﺠﻠﺲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻗﺮﺭ ﺇﻋﻔاءﻛﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺐ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ “.. ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ.." ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺳﺘﻘﻴﻞ ﺍﻵﻥ ﻷﻧﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﺄﺻﺒﺢ ﻣﺴﺆﻭﻻ ﻋﻦ ﺿﻴﺎﻉ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺃﻣﺎ ﺃﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻗﺎﻟﺔ ﻓﻤﺮﺣﺒﺎ.".
ﺃﻗﺴﻢ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻋﺎﻣﺮ ﺃﻥ ﺇﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻲ ﻓﻴﻼ ﺯﻳﻨﺐ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﻟﻦ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺑﻀﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻟﻴﻌﻮﺩ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺇﻟﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻴﻼ إلا في عام 74 بقرار من الرئيس أنور السادات.
نجيب والرئيس مرسي
ومثلما جرى للرئيس المنتخب محمد مرسي، عندما احتجزه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في دار الحرس الجمهوري، ﺧﺮﺝ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﻫﺪﻭﺀ ﻭﺻﻤﺖ ﺣﺎﻣﻼ ﺍﻟﻤﺼﺤﻒ ﻣﻊ ﺣﺴﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺇﻟﻲ ﻣﻌﺘﻘﻞ ﺍﻟﻤﺮﺝ ﻭﺣﺰﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺮﺝ ﺑﻬﺎ ﻓﻠﻢ ﺗﺆﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﻄﻠﻖ ﺍﻟﺒﺮﻭﺟﻲ ﻟﺘﺤﻴﺘﻪ ﻭﻗﺎﺭﻥ ﺑﻴﻦ ﻭﺩﺍﻋﻪ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻃﻠﻖ ﻟﻪ 21 ﻃﻠﻘﺔ ﻭﺑﻴﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻭﺩﺍﻋﻪ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻲ ﻓﻴﻼ ﺯﻳﻨﺐ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ باﻟﻤﺮﺝ فوجد ﺍﻟﻀﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻌﺴﺎﻛﺮ يقطفون ﺛﻤﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻝ ﻭﺍﻟﻴﻮﺳﻔﻲ ﻣﻦ الحديقة ﻭﺣﻤﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻔﻴﻼ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺛﺎﺙ ﻭﺳﺠﺎﺟﻴﺪ ﻭﻟﻮﺣﺎﺕ ﻭﺗﺤﻒ ﻭﺗﺮﻛﻮﻫﺎ ﻋﺎﺭﻳﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ، ﻛﻤﺎ ﺻﺎﺩﺭﻭﺍ ﺃﺛﺎﺙ ﻓﻴﻼ ﺯﻳﻨﺐ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﺻﺎﺩﺭﻭﺍ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ ﻧﺠﻴﺐ ﻭﺗﺤﻔﻪ ﻭﻧﻴﺎﺷﻴﻨﻪ ﻭﻧﻘﻮﺩﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻣﻨﻌﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺃﻳﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ.
ﺃﻗﻴﻤﺖ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻔﻴﻼ ﺣﺮﺍﺳﺔ ﻣﺸﺪﺩﺓ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻭﺏ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺸﺮﻭﻕ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻐﻠﻘﻮﺍ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﺬ ﻓﻲ ﻋﺰ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﺗﺠﻨﺒﺎ ﻟﻠﺼﺪﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺒﺒﻪ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺠﻴﺐ: "ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻲ ﻟﻲ، ﻓﺨﻼﻝ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﺻﻠﻲ ﺃﻭ ﺃﻗﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻭ ﺃﺗﺼﻔﺢ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ".