لن يكون في أفغانستان الطالبانية، ديموقراطية. ليس لأن طالبان لا تحب الديموقراطية أو لا تؤمن بها، فحتى لو خرج اليوم توماس جيفرسون وجورج واشنطن وبنجامين فرانكلين وأليكساندر هاميلتون من قبورهم واتجهوا إلى كابول لتأسيس ديموقراطية أفغانية، لن يستطيعوا.
ذلك أن الظرف الموضوعي الاقتصادي في أفغانستان لا يسمح بوجود ديموقراطية، بطالبان أو بغير طالبان. فالديموقراطية، بما هي آلية لإدارة الخلاف والتنافس على السياسة، أي الثروة— تشترط وجود الثروة أولاً وابتداءً، أي وجود اقتصاد حقيقي. من غير الثروة، تكون الديموقراطية لعبة مسلية أو غير ضارة، مثل لعبة المونوبولي: يتنافس فيها اللاعبون وفقاً لقواعد متفق عليها، على جمع الثروة عبر بيع العقارات وشرائها وتأجيرها، ثم تنتهي اللعبة ويشعر الفائز بالسعادة ويشعر المغلوب بالحزن، ولا تلبث السعادة والحزن هذان أن يتبددا بعد دقائق.
ولكن الثروة مشروطة أيضا بأن يكون المجتمع هو منتجها. فالثروة الطبيعية الموجودة في باطن الأرض، والمقدرة بتريليونات الدولارات في أفغانستان، لن تؤدي كذلك إلى نشوء ديموقراطية. فحين يكون المجتمع هو منتج الثروة سيكون في وسعه التقاتل عليها والدفاع عنها والضغط على السلطة الحاكمة والتفاوض معها لتقديم تنازلات له. ويكون ذلك بواسطة الاتحادات العمالية والنقابات المهنية التي تزدهر حصراً في المجتمعات الصناعية، أو تلك التي كان فيها تقليد صناعي وتعرض للتدمير، مثلما حدث في ألمانيا واليابان اللتين استطاعتا أن يباشرا الديموقراطية بعد الحرب العالمية الثانية.
ليس هذا كله يعني أن الوضع الحالي، أي حكم طالبان، أحسن من الديموقراطية الشكلية التي ظلت سائدة في أفغانستان طيلة العقدين الماضيين وحققت دخلا شهريا للفرد يقل عن٤٠ دولار، فالديموقراطية الشكلية لها فوائدها أحيانا، أي التسلية كما تقدّم القول. غير أن هذه التسلية الفارغة قد تستمر إلى الأبد ويزداد خواؤها أكثر مع الزمن، فتنتهي بمهزلة كالتي أبصرناها في الأيام الأخيرة في أفغانستان حين هرب الرئيس الديموقراطي الحرامي إلى الإمارات محمّلا بصناديق الدولارات.
بكلمة، يُستحسن عدم التفجع كثيرا على "الديموقراطية" التي قوضّتها طالبان.
ذلك أن الظرف الموضوعي الاقتصادي في أفغانستان لا يسمح بوجود ديموقراطية، بطالبان أو بغير طالبان. فالديموقراطية، بما هي آلية لإدارة الخلاف والتنافس على السياسة، أي الثروة— تشترط وجود الثروة أولاً وابتداءً، أي وجود اقتصاد حقيقي. من غير الثروة، تكون الديموقراطية لعبة مسلية أو غير ضارة، مثل لعبة المونوبولي: يتنافس فيها اللاعبون وفقاً لقواعد متفق عليها، على جمع الثروة عبر بيع العقارات وشرائها وتأجيرها، ثم تنتهي اللعبة ويشعر الفائز بالسعادة ويشعر المغلوب بالحزن، ولا تلبث السعادة والحزن هذان أن يتبددا بعد دقائق.
ولكن الثروة مشروطة أيضا بأن يكون المجتمع هو منتجها. فالثروة الطبيعية الموجودة في باطن الأرض، والمقدرة بتريليونات الدولارات في أفغانستان، لن تؤدي كذلك إلى نشوء ديموقراطية. فحين يكون المجتمع هو منتج الثروة سيكون في وسعه التقاتل عليها والدفاع عنها والضغط على السلطة الحاكمة والتفاوض معها لتقديم تنازلات له. ويكون ذلك بواسطة الاتحادات العمالية والنقابات المهنية التي تزدهر حصراً في المجتمعات الصناعية، أو تلك التي كان فيها تقليد صناعي وتعرض للتدمير، مثلما حدث في ألمانيا واليابان اللتين استطاعتا أن يباشرا الديموقراطية بعد الحرب العالمية الثانية.
ليس هذا كله يعني أن الوضع الحالي، أي حكم طالبان، أحسن من الديموقراطية الشكلية التي ظلت سائدة في أفغانستان طيلة العقدين الماضيين وحققت دخلا شهريا للفرد يقل عن٤٠ دولار، فالديموقراطية الشكلية لها فوائدها أحيانا، أي التسلية كما تقدّم القول. غير أن هذه التسلية الفارغة قد تستمر إلى الأبد ويزداد خواؤها أكثر مع الزمن، فتنتهي بمهزلة كالتي أبصرناها في الأيام الأخيرة في أفغانستان حين هرب الرئيس الديموقراطي الحرامي إلى الإمارات محمّلا بصناديق الدولارات.
بكلمة، يُستحسن عدم التفجع كثيرا على "الديموقراطية" التي قوضّتها طالبان.