السعودية لن تدفع فلساً واحداً بسبب "جاستا"
24- رنا نمر
الثلاثاء 4 أكتوبر 2016 / 15:56
وصف الباحث بيري كاماك في معهد "كارنيغي-الشرق الأوسط" قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" المعروف ب "جاستا" بانه مجرد صداع ولكنه ليس كارثة.
ويذكر الباحث بأنه منذ سبتمبر (أيلول) 2001، رفع بعض ذوي ضحايا الهجمات دعاوى مدنية للمطالبة بتعويضات. وفي ظل العجز عن الحصول على ذلك من القاعدة، حاول المدعون البحث عن تعويضات لدى السعودية، على أساس أن تمويلات ريعية رسمية كانت تذهب إلى القاعدة واستخدمت لتمويل الهجمات. ولكن محاكم أمريكية رفضت تلك الدعاوى بذريعة قانون الحصانات السيادية الأجنبية لعام 1976 الذي يحصن الممارسات الديبلوماسية من أي ملاحقة قضائية في الولايات المتحدة.
وفي رد مباشر على رفض هذه الدعاوى، يعدل "جاستا" الذي لا يأتي على ذكر السعودية أو هجمات 9\11، قانون 1976 لخلق استثناء جديد للقضايا المتعلقة بالإرهاب الدولي الذي ينفذ على الأرض الأمريكية.
تشريع مضلل وخطير
ويرى الباحث أن "جاستا" الذي ضغطت لإقراره عائلات الضحايا التي تشكل دائرة انتخابية سياسية فعالة في سنة انتخابية، هو قطعة تشريعية مضللة وخطيرة، ويهدد مبادئ الحصانة السيادية المتبادلة التي تعتبر أساسية لممارسة العلاقات الخارجية ومن المحتمل أن يميّع السلطة التنفيذية في ما يتعلق بالسياسة الخارجية.
العراق وأفغانستان
وإلى التحذيرات الأمريكية، بما فيها من مدير الاستخبارات المركزية سي آي إيه جون برينان من التبعات الخطيرة للقانون، تساءل معلقون عرب ما إذا يمكن تطبيق المنطق القانوني ل"جاستا" على الولايات المتحدة، نظراً إلى الحروب المدمرة في أفغانستان والعراق.
قلق الكونغرس
ويلفت الباحث إلى أن الكونغرس بدا مدركاً لحساسية مسألة الحصانة السيادية، ذلك أن لجنة من 28 سناتوراً ينتمون إلى الحزبين، جميعهم أيدوا القانون، أصدروا رسالة قبل تجاوز فيتو أوباما، أبرزوا فيها الحاجة إلى حل "التبعات غير المقصودة" للقانون.
وتبع ذلك تحذيرات مماثلة من كل رئيس مجلس النواب وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ .
الشركة الأمريكية-السعودية
أما السؤال الأكثر إلحاحاً في رأي الباحث فيتعلق بماذا إذا كان الكونغرس قد سرع قطيعة أساسية في الشركة الأمريكية-السعودية التي اعتبرت مرساة للنظام الإقليمي في الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
ويشير الباحث إلى أن العلاقات السعودية-الأمريكية تمر أصلاً بظروف صعبة مع خلافات سياسية أساسية بسبب أمور كثيرة من مصر إلى إيران وما بينهما. ومع ذلك، يعتبر أن "جاستا" سيشكل في النهاية ضداعاً ديبلوماسياً أكثر منه كارثة ديبلوماسية.
الصفحات ال28
ويشرح رأيه قائلاً: "أولاً وقبل كل شي، لا دليل ظهر أو يرجح أن يظهر على أن السعودية اضطلعت بأي دور مباشر أو غير مباشر في هجمات 9\11. فالصفحات ال28 الشهيرة التي تتضمن معلومات استخباراتية أولية عن صلات للسعودية بالقاعدة، كشفت في يوليو (تموز) الماضي، وهي لا تتضمن أي دليل على أن السعودية كانت على علم أو كان لها أي دور في هجمات سبتمبر 2001".
سنوات
إلى ذلك، ونظراً إلى البطء الشديد في النظام القضائي الأمريكي، يقول الباحث إنه قد تمر سنوات عدة قبل أن تمضي الدعاوي في طريقها في المحاكم، ما يوفر الوقت للكونغرس لتقييد حجم جاستا، وخصوصاً إذا ما تبين أن عسكريين أمريكيين قد يواجهون خطر ملاحقات مماثلة في الخارج.
عملية تنفيذ معقدة
كذلك، ينشئ "جاستا" آلية يمكن بموجبها الإدارة الأمريكية أن توقف الدعوى 180 يوماً سعياً إلى حل ديبلوماسي مع الدولة المدعى عليها. وأخيراً، لا يتضمن جاستا أي ألية لتنفيذ حكم، لذا حتى إذا حصل المتقاضون على حكم ضد السعودية في المحاكم الأمريكية، فإن عملية تنفيذ هذا الحكم ستكون معقدة قانونياً وطويلة.
تبعات موقتة
ووصف الباحث رد فعل الرياض بأنه كان متحفظاً نسبياً. ولفت إلى أن مديري الصناديق السياسية الخليجية سيفكرون ملياً في شأن استقرار محفظاتهم المالية في أمريكا.
أما بالنسبة إلى العلاقات الأمنية فيمكن أن يكون هناك بعض الخطوات الرمزية من الرياض لاعادة النظر في تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون في الإرهاب المضاد أو شراء الأسلحة، لكن السعودية تعتبر مثل هذا التعاون مفيداً لها كما للولايات المتحدة.
ويؤكد أن المخاوف أو التوقعات من قطيعة أمريكية-سعودية تظهر سوء فهم لطبيعة الشركة. ومن التأكيد أن يضع مستشارو الرئيس الأمريكي الجديد جاستا في لائحة التحديات الطويلة في المنطقة، ولكن مهمتهم لاعادة الثقة مع السعودية صارت أكثر صعوبة. ويخلص: "أراهن على أن السعودية لن تدفع فلساً واحداً نتيجة جاستا".