هكذا سترد ... هذه خيارات السعودية لمواجهة “قانون الكونغرس” الذي يسمح بملاحقتها قضائياً
كيف سترد السعودية على قانون الدعاوى القضائية الخاصة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر2011 الذي أقره الكونغرس الأميركي؟
تقرير لشبكة
ABC News الأميركية نقلاً عن وكالة “أسوشيتدبرس” قال إن المملكة العربية السعودية وحلفاءها يحذرون الولايات المتحدة الأميركية من أن التشريع الذي توشك أميركا على إقراره سيكون له تداعياته السلبية.
فالمملكة لديها مجموعة من الأدوات التي يمكنها استخدامها للرد على هذا التشريع في حال إقراره، منها تقليل الاتصالات الرسمية بين البلدين، وسحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأميركي، وإقناع حلفاء المملكة في مجلس التعاون الخليجي بتقليص تعاونهم مع أميركا في ملف مكافحة الإرهاب، وخفض استثماراتهم في الاقتصاد الأميركي، وكذلك فرض القيود على استخدام الولايات المتحدة الأميركية القواعد الجوية الإقليمية الهامة، حسب التقرير.
وقال عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، إنَّه “يجب أن يكون الأمر واضحاً بالنسبة لأميركا ولباقي العالم، أنه عند استهداف إحدى دول مجلس التعاون الخليجي بشكل غير عادل فإن الدول الأخرى ستقف بجانبها. كل الدول ستقف بجانب المملكة العربية السعودية بشتى الطرق الممكنة”.
فعندما أرادت المملكة العربية السعودية الضغط على قطر للحد من دعمها لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، قادت حركة غير مسبوقة لسحب سفراء دول الخليج العربي من الدوحة في عام 2014، وبالتالي عزلت دولة قطر – التي تمتلك ثروة من الغاز الطبيعي – في مجلس التعاون الخليجي.
وعندما انتقدت وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم سجلات حقوق الإنسان الخاصة بالسعودية عام 2015، أطلقت السعودية حملة دبلوماسية شرسة، أدت إلى زعزعة مكانة استوكهولم في العالم العربي وهددت مصالحها التجارية في منطقة الخليج، ما أدي بالسويد للتراجع عن موقفها.
وصوّت مجلسا النواب والشيوخ الأميركيان، أمس الأربعاء 28 سبتمبر/أيلول 2016، على إبطال الفيتو الذي استخدمه الرئيس الأميركي باراك أوباما لإيقاف التشريع الخاص بهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. وجاء تصريح المشرعين بأن أولويتهم الأولى ليست المملكة العربية السعودية، ولكن ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر وعائلاتهم.
ردةفعل المملكة العربية
السعودية
وقال تشاز فريمان، النائب السابق لوزير الدفاع الأميركي لشؤون الأمن الدولي السفير السابق بالمملكة العربية السعودية أثناء عملية “عاصفة الصحراء”، إنَّ السعودية يمكنها الرد بالعديد من الطرق التي ستهدد مصالح أميركا الاستراتيجية، كالأمور المتعلقة بتسهيل التحليق بين أوروبا وآسيا، والقاعدة الجوية القطرية التي تُدَار منها عمليات الجيش الأميركي في أفغانستان والعراق وسوريا ويتم دعمها من خلالها.
وصرح بقوله إنَّ “تدهور العلاقات وتقليل الاتصالات الرسمية بين البلدين سيحدثان لا محالة نتيجةً لهذا التشريع، ويمكن أن يؤديا إلى الإضرار بالتعاون السعودي في مسألة مكافحة الإرهاب ضد أميركا”.
وقال فهد ناظر، المحلل بشركة الاستشارات الاستخباراتية “جاي تي جي” (JTG) المحلل السياسي السابق بسفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن، إنَّه سيتفاجأ إن قامت السعودية بوقف تعاونها مع أميركا في مجال مكافحة الإرهاب، إذ كان التعاون حتى الآن مفيداً للبلدين.
مع ذلك، فالعلاقات بين المملكة العربية السعودية وواشنطن قد بدأت في التدهور بالفعل قبل مناقشة مشروع قانون الحادي عشر من سبتمبر في الكونغرس بمدة طويلة.
فالسعودية ترى سعي أوباما لعمل اتفاق نووي مع إيران كمسألة هامة في نزاعها مع عدوها الإقليمي. وكذلك انتقد أوباما دول الخليج في حديث سابق عام 2016، وذلك رغم دعم دول الخليج للحرب التي تقودها أميركا ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا.
كان أوباما قد استخدم الفيتو ضد مشروع قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” والمعروف بـJASTA، معللاً ذلك بأن السماح للمحاكم الأميركية بتجنب الحصانة السيادية للدول الأخرى يمكن أن يؤدي بحكومات الدول الأخرى للتصرف بنفس الشكل ومنح محاكمها الحق في ممارسة سلطتها القضائية على الولايات المتحدة الأميركية وموظفيها بسبب ممارسات أميركا خارج حدودها، وهذا يمكن أن يتضمن هجمات الطائرات بدون طيار الأميركية والانتهاكات التي ترتكبها وحدات الشرطة التي تدربها أميركا والجماعات المسلحة التي تدعمها.
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال للصحافة في يونيو/حزيران 2016 إن الولايات المتحدة الأميركية لديها الكثير لتخسره إن تم إقرار مشروع قانون JASTA. وفيما يتعلق باحتمالات سحب السعودية لاستثماراتها في أميركا.. علق الجبير آنذاك قائلاً: “إنه مع صدور العديد من التقارير التي تقول إن الرياض تهدد بسحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأميركي إن تم إقرار القانون إلا أن السعودية حذرت من أن أمراً مماثلاً سيؤدي فقط إلى زعزة ثقة المستثمرين بالولايات المتحدة الأميركية”.
حجم الأموال السعودية بأميركا
وأوضح جوزيف غاغنون، الزميل بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أن الأصول الرسمية التابعة للمملكة العربية السعودية بالحكومة الأميركية تُقَدر قيمتها بين 500 مليار دولار وتريليون دولار، هذا إن أخذنا في الاعتبار الودائع والحسابات بالبنوك الأجنبية.
وطبقاً لآخر التقارير التي صدرت عن وزارة المالية الأميركية، فإن السعودية لديها سندات بما يعادل 96.5 مليار دولار بالخزانة الأميركية. هذا يضع السعودية في المرتبة الخامسة عشرة من حيث امتلاكها لسندات الخزانة الأميركية.
وأضاف غاغنون، الذي عمل سابقاً بمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، أنَّه ليس لدى المملكة العربية السعودية أي وسيلة فعلية للتحرك في مواجهة الدولار والأصول الأميركية الأخرى، فأى تحرك للسعودية سيكون تأثيره على اقتصادها أشد كثيراً من تأثيره على أميركا، حسب قوله.
وقال أيضاً إنَّ الولايات المتحدة الأميركية سترحب في الحقيقة بتقليل الطلب على الدولار (في إشارة إلى دور الرياض السابق في الحفاظ على الدولار قوياً عبر الطلب على الأدوات المالية الأميركية)، نافياً في الوقت ذاته وجود أسواق أخرى كبيرة بما يكفي لاستيعاب إنتاج المملكة غير السوق الأميركية.
وصرح إد بورتون، رئيس مجلس إدارة ومدير مجلس الأعمال السعودي الأميركي، بأنَّ الأعمال التجارية بين البلدين ستستمر، لكن الصفقات المحتملة القادمة ربما تتعرض للخطر بسبب مشروع قانون JASTA.
وأضاف أنَّه “لا يوجد مجتمع تجاري يرغب في رؤية سيادة بلده تتعرض للهجوم من دولة أخرى”.
من جانبه، قال دايفيد حمود، الرئيس والمدير التنفيذي للغرفة التجارية الأميركية العربية، إنَّ السعودية كواحدة من أكبر الدول المصدرة للبترول في العالم وصاحبة الاقتصاد الأكبر بين دول الخليج لديها العديد من الشركاء الآخرين التي يمكنها الاختيار منهم في أوروبا وآسيا.
وأضاف أنَّ “أميركا لم تعد الخيار الوحيد المتاح. لا أحد يعلم ماذا سيكون رد فعل المملكة العربية السعودية على إبطال فيتو الرئيس الأميركي أوباما، ولكن ماذا ستستفيد المملكة من مجرد الخداع؟”، حسب وصفه.
وكان المديرون التنفيذيون لشركات “داو” للكيماويات، و”جنرال إلكتريك” قد أرسلوا خطاباتٍ للكونغرس محذرين من التأثير الضار لمشروع القانون على مصالح أميركا خارج البلاد.
كما أرسل وزير الدفاع الأميركي آش كارتر خطاباً هذا الأسبوع للكونغرس يقول فيه إنَّ مجهودات أميركا لمحاربة الإرهاب بالخارج يمكن أن تتضرر، وإنَّ قواعد ومنشآت أميركا بالخارج يمكن أن تتعرض للمقاضاة أيضاً ولعقوبات مالية بنفس الطريقة.
موقف دول الخليج
وقال ستيفن كينزر، الزميل بمعهد واتسون للعلاقات الدولية بجامعة براون، إنَّ رد الفعل يمكن ألا يأتي من الرياض مباشرة، ولكن من دولٍ لها علاقة بالسعودية.
ورأى أنَّ العلاقة بين السعودية وأميركا التي استمرت 8 عقود تدخل الآن مرحلة جديدة ستنحصر فيها العلاقات على الأغلب في صفقات الأسلحة، وذلك على عكس العلاقات الدافئة بين البلدين أثناء فترة رئاسة جورج بوش.
أما عبدالخالق عبدالله، محلل شؤون الخليج بجامعة الإمارات العربية المتحدة، فإنَّه يتوقع أن تشهد المنطقة تحركاً لمجلس التعاون الخليجي بشكل حازم ومستقل عن الولايات المتحدة الأميركية في دولٍ كمصر والبحرين واليمن. وقال إنَّ “هذا ليس تهديداً، ولكنه الواقع”.