نعم الصناعة المصرية تواجه مأزقا تمثل فى توقف 40% من مصانع الغزل والنسيج عن الانتاج بسبب مشاكل فى التمويل والادارة وتهالك المعدات وعدم ضخ استثمارات جديدة ..وهو يعد مؤشراً خطيراً باعتبارها العمود الفقرى للصناعة المصرية ،وكذلك تمثل أيضا فى حالة الركود التى تعانيها أسواق بيع المنتج المحلى ..وعلى الجانب الآخر الإقبال يتزايد على المستورد رغم ارتفاع سعره..وبشكل عام فقد تعثر 1900 مصنع لأسباب خارجة عن ارادتهم ويقدر الخبراء تكلفة تعويمهم بنحو 500 مليون جنيه ..
تفاصيل كثيرة تحملها السطور التالية اليوم وغدا قمنا خلالها برصد الأسواق ونماذج من المصانع المتوقفة أملاً فى نقل صورة حية لما يتعرض له قطاع الصناعة برمته فى مصر.
من تحديات التمويل وتهالك المعدات إلى ارتفاع أسعار الخامات
«تعويم» المصانع المتعثرة.. مهمة عاجلة
إنخفاض مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى الإجمالى من 22٪ إلى 16.4٪ .. وتراجع قيمة الصادرات الصناعية إلى نحو 60.9 مليار جنيه العام الماضى 40 % من مصانع الغزل والنسيج توقفت عن الإنتاج بسبب مشاكل التمويل والإدارة وتهالك المعدات وعدم ضخ استثمارات جديدة تعثر 1900 مصنع لأسباب خارجة عن الإرادة .. وأنقاذها يحتاج 500 مليون جنيه
طوال السنوات الماضية، عانت الصناعة المصرية الكثير من التحديات، التى جعلت العديد من المصانع تتعثر، أو تقلص إنتاجها، أو تتوقف جزئيا عن الإنتاج، واتجه بعضها لتسريح العاملين فيها أو نسبة كبيرة منهم، بينما توقف بعض المصانع عن العمل، بسبب مشاكل فى التمويل، أو عدم القدرة على مواكبة التطور، واستخدام التكنولوجيات الحديثة فى الإنتاج.صحيح أن الدولة تبذل جهودا كبيرة للنهوض بالقطاع الصناعي، وتوفير الدعم المالى واللوجيستى للمصانع، فقالتها من عثراتها، لكن الواقع يؤكد أن الصناعة المصرية تواجه تحديات كبيرة تحتاج حلولا غير تقليدية، لإعادتها بقوة إلى ميادين الانتاج من جديد.
وللتعثر أسباب كثيرة، فنية وتمويلية وتسويقية وأخرى متعلقة بالاقتصاد العالمى ، والعمالة واستخدام التكنولوجيا، ومن ثم ، فالأمر يتطلب – كما يقول الدكتور فؤاد أبو ستيت الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة حلوان وجود دراسة للتعرف على الأسباب الفنية وراء تعثر هذه المصانع، ومنها ما يتعلق بالطبع بالعمالة واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى الإنتاج، مشيرا إلى أن الاضطرابات الأخيرة التى حدثت فى مصر منذ 2011 أثرت على إمكانية تطوير هذه المصانع، أضف إلى ذلك، مشاكل التمويل، حيث قام معظم هذه المصانع بالاقتراض من البنوك والمؤسسات، وعجزت عن سداد ديونها، وفشلت فى تسويق منتجاتها، إما لأنها ليست مطابقة للمواصفات، أو لعدم قدرتها على المنافسة، أو لتراجع الطلب عليها فى ظل انخفاض معدلات النمو لمعظم الاقتصاديات العالمية خاصة الصين ودول الاتحاد الأوروبي، كما أن العمالة غير مدربة وغير منتجة وهى أيضا مكلفة ولم يتوفر لها التدريب اللازم فى المدارس والجامعات وسوق العمل، ولم تسهم الشركات الخاصة والعامة فى تدريبها، مما جعلها تمثل عبئا على هذه المصانع والشركات، وبصفه عامة تواجه مصر ومعظم الشركات العامة والخاصة والأجنبية هذه المشكلة ، ما يتطلب وجود منظومة متكاملة للتدريب والتطوير، لزيادة إنتاجية العمالة، وكذلك عدم تطوير الآلات والمعدات وأساليب الإنتاج المختلفة ، مما يجعل المنتج غير قادر على المنافسة ، وعاجز عن إرضاء رغبات المستهلكين.
الحل – كما يقول الدكتور فؤاد أبو ستيت- يكمن فى ضرورة وجود رؤية لتطوير القطاع الخاص من خلال دعم الدولة له، وتوفير الحوافز والبيئة الاستثمارية المناسبة، وكذلك لابد من تكاتف جهود الحكومة من خلال وزارة التجارة والصناعة ، والقوى العاملة، والتعليم العالي، والفني، والتضامن الاجتماعي، من اجل خلق رؤية متكاملة لتطوير القطاع الخاص، وزيادة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالي، إلى جانب إنشاء وزارة مستقلة للتعليم الفني، وخلق التخصصات العلمية والفنية المختلفة التى يتطلبها سوق العمل والشركات، وكذلك ضرورة تدخل البنك المركزى لتخفيض أسعار الفائدة ، وإعادة جدولة القروض والائتمان الممنوح للمصانع المتعثرة على ألا تزيد الفائدة على 5% أسوة بأسعار الفائدة الممنوحة للشركات المتوسطة والصغيرة، التصالح فى القضايا مع هذه الشركات والمصانع المتعثرة، وتدريب العمالة، واستخدام التكنولوجيات الحديثة فى الإنتاج.
مشاكل مزمنة
وبشكل عام، - والكلام هنا للدكتور عبد النبى عبد المطلب الخبير الاقتصادى ووكيل وزارة التجارة الخارجية للبحوث الاقتصادية- انخفضت مساهمة القطاع الصناعى فى تحقيق الناتج المحلى الإجمالى من 17% إلى 16.4%.، كما انخفضت قيمة الصادرات الصناعية لتصل إلى نحو 60.9 مليار جنيه فى يونيو 2015 ، مقابل نحو 63.6 مليار جنيه فى يونيو 2014.
ومن بين التحديات التى تواجه الصناعة المصرية أيضا عدم حل المشاكل العالقة بين المصانع المتعثرة، والبنوك، والدولة، وعدم وجود خطة واضحة لإعادة تعويم هذه المصانع ، مما أدى إلى خروج عدد غير قليل من المستثمرين من مصر، مفضلين إغلاق مصانعهم عن التعرض لمشاكل قانونية نتيجة التوقف عن دفع فواتير الغاز والكهرباء والتأمينات وغيرها، كما أن نحو40% من مصانع الغزل والنسيج توقفت عن الإنتاج, بما يعادل2000 مصنع من إجمالى المصانع البالغ عددها نحو5300 مصنع منها40 مصنعا تابعا للقطاع العام و5260 مصنعا خاصا، بسبب مشاكل فى التمويل ، والإدارة ، وتهالك المعدات، وعدم ضخ استثمارات جديدة.
نقاط القوة والضعف
للصناعة المصرية – كما يقول الدكتور عبد النبى عبد المطلب- نقاط قوة ضعف، فمن نقاط القوة أن مصر تمتلك قاعدة صناعية على قدر كبير من التنوع، ووفرة فى العمالة الرخيصة، وبنية أساسية متطورة نسبيًا، وموقع استراتيجي، وتكلفة منخفضة لمستلزمات الإنتاج (الطاقة والمرافق).. أما نقاط الضعف فى الصناعة المصرية، فتتمثل فى انخفاض نصيب الفرد من القيمة المضافة فى السلع الصناعية، كما أن هيكل الصادرات الصناعية تغلب عليه الصادرات المعتمدة على الموارد الطبيعية والتكنولوجيا منخفضة المستوى، وكذلك عدم ملاءمة نواتج النظام التعليمى لنوعية المهارات المطلوبة للصناعة، وانخفاض إنتاجية العمل فى الصناعة، وتدنى مستوى أنشطة البحث والتطوير والقدرات التكنولوجية، وعدم التزام المنتجات المحلية بالمعايير القياسية الدولية، وظروف غير مواتية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما أن معدل نمو الصناعة يجب أن يتجاوز معدل نمو الاقتصاد فى مجموعه.
وبشكل عام، وضعت استراتيجية 2030 ، مجموعة من البرامج لمعالجة تحديات قطاع الصناعة ، وقد تمثلت تلك البرامج فى تصحيح الخلل فى السوق، ودعم المنافسة العادلة، وتوفير موارد إضافية لدعم الصناعة وغيرها من القطاعات، واستمرار التوجّه التصديرى والانفتاح على العالم، من خلال تحقيق المزيد من الترابط بين الصناعة ونمو الصادرات، وتحويل جزء من الأنشطة التجارية إلى أنشطة تصنيعية، والجمع بن السياسات الأفقية التى تؤثر على كافة الأنشطة الصناعية ، والحفاظ على البيئة كأحد الأهداف الأساسية للسياسة الصناعية، وترشيد استخدام الطاقة والاستفادة من الطاقة المتجددة وتدوير المخلفات، وزيادة القيمة المضافة والتحول نحو المنتجات القائمة على المعرفة، وتحقيق تنمية صناعية متوازنة جغرافياً، و دعم الصناعات ذات المُحتوى المعرفى والتكنولوجى المرتفع، و تعميق المكوّن المحلى فى السلع الصناعية والارتقاء فى سلاسل القيمة، والعمل على تحقيق الترابط والتكامل بين المناطق الصناعية والمناطق الحرّة وسلاسل القيمة المحلية والإقليمية والعالمية، وتشجيع الاستثمار فى الصناعة وتسهيل إجراءات انشاء المصانع، خاصة بتوفير الأراضى وإصدار التراخيص، ومراجعة ووضع حوافز الاستثمار فى الصناعة وتشجيع المنتج المحلى ودعم التصدير، و استكمال شبكة الطرق والبنية الأساسية فى المناطق الصناعية، والتوسع فى خدمات المراكز التكنولوجية لتغطى مجتمع المنتجين والمصدرين بكل فئاتهم ومختلف احتياجاتهم، و العمل على اعتماد معدلات نمطية لنسب الهالك والفاقد من قبل الرقابة الصناعية بالتنسيق مع الجهات المعنية والعمل على تحديثها بشكل مستمر وذلك لإزالة المعوقات التى تحول دون الاستفادة من الأنظمة الخاصة، و مراجعة حصة الشركات فى التأمينات الاجتماعية بما يشجِّع أصحاب الاعمال على زيادة عدد العمال المؤمن عليهم. كما وضعت استراتيجية 2030 ، ضمن أهدافها تنمية قطاع الصناعة من خلال تحديد عدة مشروعات إضافية، تم اضافتها الى المشروعات الواردة فى برنامج الحكومة للعامين القادمين (2017، 2018) التى تشمل برنامج مساندة المصانع المتعثرة، ومشروع الألف مصنع، وتعميق الصناعة المحلية بهدف إحلال الواردات وزيادة الصادرات، والعمل بشكل مستمر على نقل التكنولوجيا والابتكار وتبسيط الإجراءات وتطوير المشروعات.
ولمن لايتذكر، فقد بلغ إجمالى عدد المشروعات الصناعية المسجلة لدى الهيئة العامة للتصنيع نحو 34383 مشروعا تبلغ استثماراتها نحو 600 مليار جنيه ويعمل بها نحو 1.8 مليون عامل حتى نهاية يونيو 2015، وذلك مقابل نحو 26 ألف منشأة صناعية مسجلة رسميًا تستخدم حوالى 2.4 مليون عامل عام 2005. ولا شك أن هذه البيانات، تكشف أن استراتيجية تنمية الصناعة لم تحقق الهدف المطلوب منها خلال العشر سنوات الأولى لها، ولم يتمكن قطاع الصناعة من تحقيق معدل النمو المخطط، وربما ان ذلك قد يكون مقبولا فى ظل ما شهدته مصر من احداث بعد 25 يناير 2011، ويحسب لاستراتيجية التنمية 2030 انها تحدثت عن تعويم المصانع المتعثرة، الا أنها لم تضع آلية واضحة لتعويم هذه المصانع.
وجدير بالذكر، ان وزارة التجارة والصناعة قد أعلنت فى عام 2012 عن تلقيها لشكاوى المصانع المتعثرة، لبحث أسباب التعثر ومناقشة الحلول المثلى لإقالة هذه المشروعات من عثرتها، وبالفعل تقدم أكثر من 1000 مصنع ومشروع للوزارة خلال عام واحد، وبعد المناقشات والدراسات اتضح ان أسباب تعثر كافة المشروعات هى أسباب تمويلية، حيث توقف هذه المشروعات عن العمل فى ظل ظروف الانفلات وعدم الاستقرار الأمني، الامر الذى أدى الى توقف الإنتاج وزيادة المديونيات نتيجة التكاليف الثابتة.
المشروعات المتعثرة
فى الإطار ذاته، وضعت وزارة التجارة والصناعة – كما يضيف د. عبد النبى عبد المطلب- قائمة أولية تضم 37 مشروعا يمكن اعادتها للعمل من هذه المشروعات، حيث بلغ عدد المشروعات التى تم وضع خطط لتعويمها نحو 37 شركة يعمل بها نحو 4370 عاملا، وتزيد استثماراتها على 1.1 مليار جنيه، وتبلغ مديونياتها نحو 549 مليون جنيه، وتم تقدير راس المال المطلوب لإعادتها الى العمل بنحو 186 مليون جنيه، وهناك 20 شركة ومصنعا يمكن تعويمها بشكل فورى، حيث تبلغ استثمارات هذه المشروعات نحو 895.8 مليون جنيه، وتبلغ مديوناتها نحو 474.1 مليون جنيه، وتحتاج الى نحو 136.6 مليون جنيه لإعادتها الى العمل، ومنها مجموعة لا بأس بها من المشروعات ذات السمعة والتاريخ فى مجال الصناعة.
حلول غير تقليدية
وتحتاج المصانع المتعثرة الى حلول غير تقليدية لتمويل احتياجاتها، حيث تحجم البنوك عن تقديم التمويل اللازم لإعادة عمل هذه المشروعات ـ رغم صغر حجمها ـ خوفا من ان تحجز الدولة عليها وفاء لمديونية هذه الشركات لديون المياه والكهرباء والتأمينات، ويجب إعادة صياغة استراتيجية التنمية، لوضع خطط للوصول بمساهمة قطاع الصناعة فى تحقيق الناتج الى معدلات تتراوح بين 30 %الى 40% وليس 16% ، كما تستهدف الاستراتيجية الحالية، فزيادة نصيب الصناعة من الناتج المحلى الاجمالى يضمن استمرارية التنمية، ويقلل الأثر السييء للمتغيرات العالمية، فمن المعلوم ان دول شرق اسيا قد تمكنت من امتصاص أثر الازمة الاقتصادية عام 1998 نتيجة قوة هياكلها الصناعية والإنتاجية.
زيادة الانتاجية وتخفيض النفقات
ومن حيث المبدأ ، - والكلام هنا للدكتور هانى الحفناوى أستاذ الإدارة الإستراتيجية فى عدة جامعات مصرية وعضو مجلس إدارة جمعية صفوة الخبراء المصريين للتنمية، فإن زيادة الانتاجية، وتخفيض النفقات ، بما يؤدى لتوفير ما لا يقل عن 110 مليارات دولار.. وبشكل عام، فإن المبدأ الاستراتيجى المعروف يقول (ما لا تقيسه لا يمكنك إدارته)، من هنا فقد قمنا بقياس نسبة الاستخدام فى 800 شركة فى 14 قطاعا مختلفا ، ووجدنا انها تتراوح بين 20%- 30% حسب الصناعة ، وفى أفضل شركة كانت أفضل نسبة الاستخدام Asset» Utilization» نحو 40%. وهذه النسبة تعتبر فرصة هائلة لزيادة الانتاجية دون أى استثمارات ، خاصة إذا عرفنا أن النسبة العالمية تتراوح بين 85% و95% أى 3 أضعافها فى مصر.
أما الأسباب التى تؤدى إلى هذه النسبة المنخفضة، فتشمل الأعطال والصيانة ووقت الاعداد «Set-up time»، والذى يستخدم فى صناعات البلاستيك والنسيج، لتغيير الألوان أو كثافة المنتج أو تغيير خطوط الانتاج من 4 مم إلى 6 مم فى حالة درفلة الحديد ، وهناك أعطال الجودة التى يسميها اليابانيون الأخطاء الستة فى الإدارة الانتاجية الكلية TPM أو عدم التحميل، بسبب ظروف السوق والتسويق أو ضعف الطلب.
والمشكلة الكبرى التى لا يدركها أغلب المصنعين، أن هذه الانتاجية المنخفضة ينتج عنها ارتفاع سعر الوحدة، وعدم تنافسية المنتجات الصناعية داخل أو خارج مصر، وطلب فرض رسوم حمائية لا حق لنا فيها بسبب ارتفاع سعر الوحدة ، وصعوبة منافسة المنتجات الخارجية.. وبعد تحديد المشكلة ، يكمن الحل فى زيادة وقت الانتاج Up-Time وهو ما يعرف أيضاً باستخدام الأصول.
وهناك برامج للكمبيوتر تدعى ادارة أصول المؤسسات «EAM» وهى برامج تم تطويرها من برامج ادارة الصيانة وقطع الغيار «»CMMS. وأسلوب تقليل الأعطال أو الفاقد ، وهى تقوم ببساطة على قياس كل فترات التوقف وعمل مقارنة مع بيانات الأداء المقارن «Benchmarking» لتحديد كيفية تلافى الأعطال Defect Elimination»» ، على أن تبدأ بتحديد الأعطال ذات التكرار العالى ثم الأقل فالأقل!!! ويمكن أيضاً استغلال وقت الاعداد للقيام بالصيانة. وهناك عدة طرق لحساب متوسط الوقت بين الأعطال Mean Time Between Failure – MTBF والبدء بعلاج الأعطال كما سبق حسب أهمية الأصول أو المعدات وحسب تكرار الأعطال. ويمكن أيضاً قياس فترات الصيانة نفسها ومقارنتها بالعالم MTTR وقد نفذنا هذا الاسلوب مع احدى المجموعات المصرية ونجحنا فى رفع النسبة فى حوالى عدة أشهر إلى 86% من 40% أى أكثر من 100% زيادة فى الانتاجية. . وتعنى زيادة انتاجية الشركات فى مصر 3 مرات هو زيادة قيمة الانتاج الصناعى من 400 مليار جنيه إلى 1.200 مليار جنيه أو 800 مليار جنيه (80 مليار دولار). وإدارة أصول المؤسسات (EAM) يؤدى إلى خفض نفقات التشغيل والتكاليف الرأسمالية فى الإحلال والتجديد كما يمكن تكوين نموذج ناجح فى كل قطاع صناعى (Vertical Sector) ليتم محاكاته فى بقية الشركات.
وقد طورنا نموذجين لزيادة المبيعات للصناعات كثيفة العمالة مثل الغزل والنسيج والبلاستيك والإلكترونيات ، والثانى للصناعات كثيفة الأصول مثل الورق والكيماويات والحديد والصلب والكهرباء والبترول والغاز. ونفذنا عدة تجارب أكدت زيادة المبيعات من 40% إلى 100% فى أشهر قليلة. ويعتمد النموذج على وضع هدف للمبيعات يعلو 20% من المستوى الحالى وربط الأجر بالانتاج حيث توزع قيمة الزيادة بنسبة 10% للعمال و 90% لأصحاب المصنع ويحقق ذلك التحفيز والعدل فائز/فائز. وهناك توفير آخر فى مد عمر المعدات والأصول وبالتالى تقليل المصاريف الرأسمالية فى الاحلال والتجديد.
وهناك العديد من المظاهر التى تشكل المشهد الاقتصادى الحالي، ونبدأها – كما يقول الدكتور عبد النبى عبد المطلب الخبير الاقتصادي- بالمصانع المتعثرة، والتى يقدر جهاز رقابى كبير أعدادها بنحو4800 مصنع، بينما المؤكد أن نحو 1900 مصنع قدموا أسباب تعثرهم، وأثبتوا أن هذه الأسباب خارجة عن إرادتهم، إذا أنها تعرضت لتلك الانتكاسات بعد عام 2011 بسبب الانفلات الأمنى الذى كان سائدا فى ذلك الوقت بعد ثورة 25 يناير 2011، مشيرا إلى أن هذه المصانع المتعثرة، تحتاج غلى نحو 500 مليون جنيه، لإعادة تعويمها، لكنها لا تستطيع الاقتراض بسبب رفض البنوك، التى تخشى إقراض هذه المصانع المتعثرة.
دفتر أحوال الصناعة
الواقع الحالى للصناعة المصرية – كما يقول محمد البهى وكيل اتحاد الصناعات- يشيرا إلى أننا أمام مشاكل مزمنة، فى مختلف القطاعات، فقد أهملنا كل الصناعات التى تميزنا فيها ، ومن بينها صناعة الحرير، والقطن، حتى صناعة الأدوية، لكن البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، وعلينا أن نضع حلولا جادة، وبشكل عاجل، لمشاكل وتحديات الصناعة المصرية بدءا من المواد الفعالة وحتى التغليف،كما ازدادت أوضاع الصناعة سوءا بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن، حيث شهدت المصانع تدهورا شديدا، وتزايدت المطالب الفئوية، وارتفعت تكلفة الإنتاج، وعانت الصناعة ندرة فى الطاقة، فضلا عن السياسات النقدية الطاردة ، بسبب الفائدة على الإقراض، ومن ثم أصبحت تكلفة الأموال للإنتاج الصناعى غير جاذبة، مما أدى إلى توقف 20% عن الإنتاج بشكل جزئى أو كلي، من بين 45 ألف مصنع مسجلين باتحاد الصناعات، وذلك بسبب التمويل، والقوائم السوداء أو السلبية التى تضعها البنوك للمصانع المتعثرة، والتى لا تستطيع الحصول على قروض جديد، حتى لو سددت أصل الدين، حيث تستبعد لجان الجدارة الائتمانية بالبنوك المصانع المتعثرة فى السابق، وتقرر عدم منحها أية قروض، مما يؤدى إلى مشاكل تمويلية ضخمة بالمصانع، وبالتالى لا تستطيع تدبير الأموال اللازمة لتحديث الآلات والمعدات، كما أن المصانع القديمة لا تستطيع شراء قطع غيار للماكينات، فى وقت تتطور فيه الصناعة فى الخارج، فتتعثر المصانع وتتآكل قيمتها، وقتها يصبح من الصعب إقالتها من عثرتها، ومن ابرز الأمثلة على ذلك، تدهور صناعة الغزل والنسيج فى القطاعين العام أو الخاص، بسبب المنافسة العالمية الشرسة، ونمو صادرات الصين، التى أصبحت تغزو العالم بأسعار تنافسية ،لا تقوى الصناعة المصرية على مواجهتها، كما أن الإغراق يشكل مشكلة للصناعة المصرية، ويجعلها غير قادرة على المنافسة، لانخفاض أسعار المنتج المستورد عن المحلي، حيث يتم تصنيع المنتج المستورد وفقا لرغبة المستورد وحسب طلبه ، دون الالتزام بالمعايير والمواصفات القياسية.
ومن تحديات الصناعة المصرية، عدم ربط البحث العلمى بالإنتاج، حيث يتم تخزين الأبحاث العلمية فى الأدراج، دون الاستفادة منها. ولا يخفى على أحد أننا نعانى مشكلة فى الإدارة، إذ لا توجد إستراتيجية واضحة للنهوض بالصناعة المصرية، حيث يبدأ كل وزير من الصفر ، كما أن مختلف الجهات تعمل فى جزر منعزلة، من هنا ينبغى تنسيق الجهود، وتعديل التشريعات التى عفى عليها الزمن، والتوسع الأفقى فى المجال الصناعي، وتذليل كافة العقبات أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية وكذلك أصبح من الضرورى الاهتمام بنقل الخبرات، وتوطين التكنولوجيا، وضخ الأموال اللازمة لتمويل عمليات التطوير والتحديث، إذا كنا جادين فى خلق مجتمعات صناعية قادرة على المنافسة .
الأرقام تتحدث
تكشف الإحصاءات تراجع نسبة مساهمة قطاع الصناعة فى تحقيق الناتج من 22% فى منتصف الستينيات إلى نحو 16% حاليا، حيث بلغت مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى الإجمالى نحو 314.8 مليار جنيه، بنسبة 16.4% من الناتج المحلى الاجمالى فى نهاية يونيو 2015. وتعد صناعة المنتجات الغذائية من أهم الصناعات فى مصر، حيث يبلغ عدد المصانع العاملة فى هذا المجال نحو4771 مصنعا يعمل بها نحو 220 ألف عامل، ويبلغ اجمالى إنتاجها نحو 75 مليار جنيه سنويا.. وتأتى الصناعات عالية التكنولوجيا، فى ذيل قائمة الصناعات المصرية، حيث يبلغ عدد المنشآت العاملة فى مجال الحاسبات والمنتجات الالكترونية وأجزائها نحو 31 شركة يعمل بها نحو 14 الف عامل، ويبلغ انتاجها 3 مليارات جنيه فقط، فيما يبلغ عدد المنشآت العاملة فى مجال صناعة وتجميع وسائل النقل نحو 81 منشأة ويعمل بها نحو31 الف عامل، ويبلغ اجمالى انتاجها نحو 120مليار جنيه، وتشير هذه البيانات بوضوح الى ان الصناعة المصرية مازالت فى حاجة الى الكثير من العمل والجهد لتصل الى النسب العالمية الجيدة، والتى تسهم بنحو 35% الى 60% من اجمالى الناتج المحلى، خاصة فى ظل توافر مجموعة من المقومات التى تساعد وتشجع على زيادة التوطن الصناعى فى مصر.
http://www.ahram.org.eg/News/191991...مصرى»«تعويم»-المصانع-المتعثرة-مهمة-عاجلة.aspx