بعد إعلان وزير الاقتصاد والمالية عزم المغرب إطلاق عملية خوصصة جديدة في عدد من القطاعات والمرافق العمومية، تتجه الحكومة المغربية إلى تغيير القانون المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، قصد تسهيل المأمورية أمام المستثمرين الخواص للإشراف على قطاعات عمومية جديدة، خصوصا بعد الانتقادات المتكررة للملك محمد السادس بخصوص ضعف الإدارة العمومية وعدم قدرتها على مواكبة تطور البلاد.
وبعد تجربة التدبير المفوض التي راكمها المغرب، خاصة في مجال إنتاج الطاقة والري والنقل العمومي، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية تعديلات جديدة في القانون رقم 12-86 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص الصادر بتاريخ 5 فبراير 2015؛ وذلك بهدف "بلورة ووضع إطار عام موحد ومنسجم ومحفز لتطوير الشراكة بين العام والخاص بالمغرب، تستفيد منه الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية، ويمكن تطبيقه في مختلف القطاعات الإنتاجية".
في الصدد ذاته، أكد محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، في مذكرة تقديمية لمشروع القانون المذكور، أنه أصبح من الضروري اللجوء، تحت مسؤولية الدولة، إلى القدرات الفنية والتقنية والمهارات الإبداعية للقطاع الخاص "قصد توفير خدمات وبنيات تحتية إدارية واجتماعية واقتصادية من شأنها إعطاء نفس جديد لدينامية التنمية وتحسين ظروف عيش المواطنين".
وبعد سنوات من تجربة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، شدد المشروع الجديد على أن النتائج ظلت دون مستوى التطلعات، مورداً أن دراسات تقييمية واستشارات جارية مع مختلف الفاعلين كشفت حقيقة مفادها أن "بطء تفعيل الشراكة بين القطاعين المذكورين يعود إلى مجموعة من الأسباب، أهمها عدم فهم واستيعاب هذه الآلية الجديدة في تدبير الطلبيات العمومية، خاصة في الجانب المتعلق بتفسير وتأويل النصوص المنظمة للشراكة".
ولتجاوز هذه الإشكالات التي تعيق بسط القطاع الخاص ليده ونفوذه على نظيره العام، ينص التعديل الجديد على ضرورة توسيع مجال تطبيق القانون ليشمل كل أشخاص القانون العام، خاصة الجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها؛ أي فتح المجال أمام هذه المرافق التابعة لوزارة الداخلية في وجه الخواص بغية تحسين خدماتها ومردوديتها.
كما ينص التعديل الجديد على إحداث "لجنة وطنية للشراكة بين القطاعين العام والخاص"، توضع تحت إشراف رئيس الحكومة، يعهد إليها وضع إستراتيجية وطنية في مجال الشراكة وسن برنامج عمل سنوي أو متعدد السنوات وتحديد شروط وآليات الاستفادة من الإعفاء من التقييم القبلي، أو اعتماد المسطرة التفاوضية.
ويرتقب أن تقوم اللجنة المرتقبة بتفويت عدد من المؤسسات العمومية التابعة للدولة والمقاولات العمومية المملوكة بالأغلبية للدولة إلى القطاع الخاص مباشرة بعد دخول القانون الجديد حيز التطبيق؛ وهو الإجراء المرتقب أن يثير جدلاً واسعاً وسط الأوساط الحقوقية والمدنية المنتقدة لسياسية الخوصصة في البلاد.
وسبق للمغرب أن أطلق خلال تسعينيات القرن الماضي عمليات الخوصصة لعدد من الشركات التي كانت تملكها الدولة. ويرتقب أن تبدأ عملية الخوصصة الجديدة بالمكتب الوطني للسكك الحديدية والمكتب الوطني للمطارات وقطاعات أخرى تجري مناقشتها على مستوى الدولة، قبل الإعلان رسمياً عن ذلك.
إرسال
inمشاركة