قال معهد ليغاتوم البريطاني إن الاقتصاد المغربي حقق تحسنا كبيرا خلال العقدين الماضيين، لكن يلزمه تجاوز عدد من المعوقات التي تقف في طريق استمراه في النمو.
نشر معهد ليغاتوم البريطاني
دراسة معمقة حول الانفتاح الاقتصادي في المغرب، وسلط الضوء على تمكن المملكة خلال العقدين الماضيين، من تحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي "جيد"، لكنه أشار بالمقابل إلى عدد من المعوقات التي أوصى بتجاوزها.
وأوضحت الدراسة التي حملت عنوان "الانفتاح الاقتصادي: دراسة حالة في المغرب"، أن دخل الفرد زاد بنسبة 70٪ منذ مطلع الألفية ، وانخفضت معدلات الفقر بنسبة 40٪ خلال العشر سنوات الماضية. مشيرة إلى أن المغرب شهد تغيرًا كبيرًا منذ عام 2011 ، عندما اقترح الملك صياغة دستور جديد تلبية لطلب الشارع الذي خرج للاحتجاج بالموازاة مع ثورات الربيع العربي.
لكن رغم ذلك تؤكد الدراسة أن المغرب يواجه تحديات كبيرة. مثل بقية دول العالم، جراء جائحة فيروس كورونا، التي تسببت في تراجع التجارة، وزيادة في العجز الحكومي، إضافة إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي خلال السنتين الماضيتين.
ويؤكد المعهد البريطاني أن ما يجعل الوضع الاقتصادي مبشرا بالتفاؤل، هو توفر الترتيبات التجارية الهامة في البلاد والاستقرار السياسي وتحسين البنية التحتية. كما أن الحكومة تواصل القيام بمجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والقانونية، وينتظر أن يدفع النموذج التنموي الجديد اقتصاد البلاد إلى مزيد من التحسن، بحسب نفس المصدر.
وذكرت الدراسة بأن المملكة حلت في المرتبة 72 عالميا في مؤشر الانفتاح الاقتصادي، والتاسعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وجاء في المؤشر الفرعي المتعلق بالوصول إلى الأسواق والبنية التحتية، في المرتبة 64، حيث قامت الدولة بتحسين بنيتها التحتية بشكل كبير، لا سيما سوق الهواتف المحمولة التنافسي - الذي أدى إلى زيادة الوصول إلى الإنترنت عالي الجودة - بالإضافة إلى قدرة وجودة موانئها البحرية.
وأكدت الدراسة أن المغرب يواجه تهديدات مرتبطة بتأثير الضغوط البيئية على موارده المائية. وأوصت بالتخفيف من آثار انخفاض هطول الأمطار من خلال استمرار البرامج التي تستثمر في البنية التحتية للري المستدام، والتقدم في إجراءات تحسين كفاءة استخدام المياه، وتوسيع الجهود لإعادة تدوير المياه العادمة، وكذلك تحلية المياه.
وفي المؤشر الفرعي لبيئة الاستثمار حل المغرب في المرتبة 68 عالميا، أوضح التقرير أن المغرب قام بإصلاحات مهمة لتعزيز حقوق الملكية الفكرية وحماية المستثمرين، لكن البلاد لا تزال لديها بعض القيود على الاستثمار الدولي التي يمكن أن تقيد التنمية في هذا المجال ، وبالتالي قد تستفيد من تخفيف بعض ضوابط رأس المال والقيود المفروضة على الملكية الأجنبية للشركات، وكذلك تسهيل الحصول على تأشيرات العمل.
وأرجعت الدراسة نجاح المغرب في التقدم في مؤشر بيئة الأعمال الذي جاء فيه في المرتبة 68، في الغالب إلى نجاحه في تقليل عبء التنظيم من خلال سلسلة من الإصلاحات التي قللت من مقدار الوقت الذي تقضيه الشركات في الامتثال للالتزامات التنظيمية والضريبية.
ومع ذلك ، فإن سوق الشغل المقيد والمرهق يتطلب التحسين لجعله أكثر مرونة ، من أجل الحد من ارتفاع معدل البطالة ومن حجم القطاع غير الرسمي. كما أن السوق المحلي المغربي شديد التركز ، مما يجعل من الصعب على الشركات الجديدة والصغيرة دخول السوق والمنافسة والنمو ، ولذلك يوصي التقرير بتوسيع دور القطاع الخاص وتقليل الفرص أمام الشركات المملوكة للدولة للاستفادة من الامتيازات.
يظهر التقرير أن المغرب يحتل المرتبة 98 في الحكامة، وتظهر الإصلاحات الأخيرة إشارات واعدة في محاربة الفساد، مع قانون جديد لحماية المبلغين عن المخالفات وإصلاحات تهدف إلى جعل المشتريات العامة أكثر عدلاً وأمانًا.
ومع ذلك، لا يزال هناك تصور بأن القيود الحكومية ليست قوية بما يكفي كما أن فعالية الحكومة يعوقها الافتقار إلى المساءلة والنظام البرلماني المجزأ، وهناك مشاكل مع نظام المحاكم التي يمكن أن تكون غير فعالة وعرضة للفساد.
لتحسين جودة الحكامة، يوصي التقرير بإصلاح القضاء، وإنشاء هيئات تنظيمية مستقلة قانونا، فضلاً عن الاستمرار في تعزيز دور الهيئة الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد من خلال تعزيز استقلاليتها والوصول إلى الموارد.
يوسف الدحماني