ما هو الهدف الذي يجب وضعه و إعلانه لإنجاح صناعة السيارات الكهربائية في المغرب؟
البحث عن مستثمر أو شركة مختصة في صناعة السيارات و جلبها للاستثمار في المغرب ليس بالأمر السهل و يتطلب منا قبل كل شيء أن نفهم الهدف من هذا الاختيار و هذا التوجه لكي نتأكد من أنه يواكب سياسة واضحة للدولة.
لنحاول وضع فرضيات لاهداف ممكنة تعتمد عليها الدول في قياس مساهمة القطاع في الاقتصاد:
- المساهمة في رفع العدد الاجمالي للسيارات المصنعة في المغرب و يتجلى ذلك في رقم المعاملات لقطاعات السيارات عند التصدير
- المساهمة في رفع عدد مناصب الشغل المحدثة في قطاع صناعة السيارات
- رفع نسبة الادماج المحلي في قطاع السيارات و ذلك بجلب مزودين جدد مختصين في تزويد مصنعين للسيارات الكهربائية و يتجلى ذلك في رقم المعاملات عند التصدير أيضا
- هدف بيئي يتجلى في حث المستهلك المحلي على شراء سيارات كهربائية للتقليل من إنبعاثات الكاربون
- تطوير و تصنيع ماركة أو ماركات محلية لسيارات كهربائية موجهة للسوق المحلي و الدولي.
إذا إعتمدنا على الاهداف الثلاثة الاولى و المتعلقة برفع رقم المعاملات و مناصب الشغل في القطاع، فلسنا بحاجة للاتجاه نحو صناعة السيارات الكهربائية بالضبط لتحقيق الاهداف المسطرة، أي شركة سيارات تدخل للاستثمار في المغرب ستساهم تلقائيا في الوصول لهذه الاهداف ببناء المصانع و دعوتها لمزوديها للاستثمار في المغرب.
الهدف البيئي ليس كافيا لاطلاق ورش كبير لصناعات السيارات الكهربائية لأننا في حاجة لتطوير البنية التحتية لاستعمال هذه السيارات و لأن المستهلك المغربي ليس مستعد للتوجه نحو السيارة الكهربائية على المدى القريب.
يبقى الهدف الرابع و الذي يبدو الاكثر طموحا، هذا الهدف لا يمكننا أن نضعه في المدى المتوسط و ذلك لعدم توفرنا على تجربة في صناعة السيارات الكهربائية و عندما نتحدث عن التجربة في عالم السيارات فنحن نتحدث عن 4 أمور مهمة :
- عدد التجارب و الاختبارات التقنية، الفنية و تجارب الاصطدام الافتراضية التي في جعبة المغرب في نسخة مصنعة من طرف شركة مغربية محلية ( 100 تجربة، مليون تجربة؟)
- عدد التجارب و الاختبارات التقنية، الفنية و تجارب الاصطدام الواقعية التي في جعبة المغرب في نسخة مصنعة من طرف شركة مغربية محلية ( 100 تجربة، مليون تجربة؟)
- عدد الكيلومترات التي قامت بها هذه السيارات في هذه التجارب قبل دخولها للتسويق (مليون كلم؟ 1000 كلم؟)
- عدد براء ات الاختراع و المعايير المصادق عليها دوليا و المسجلة لشركة مغربية.
إذا ما هو الهدف الانسب لصناعة محتملة للسيارات الكهربائية في المغرب
لنستطيع تحديد الهدف لا بد لنا أن نقرأ في الاسباب التي تجعل مصنع سيارات كهربائية يستقر في دولة معينة :
- أولا، دولة توفر سوق مهم و مزدهر لتسويق السيارات الكهربائية، حاليا ليست لدينا سوق مزدهرة للسيارات الكهربائية.
- ثانيا، ارتباط صناعة السيارات الكهربائية بتكنولوجيا البطاريات، يجعل المصنعين يبحثون عن دول بها مجال بيئي متكامل لصناعة هذه التكنولوجيا و هنا نتحدث بالاساس على الصين، امريكا، اليابان، اوروبا و بريطانيا. المجال البيئي لهذه التكنولوجيا غير متواجد بالمغرب "حاليا".
- ثالثا، دول قريبة جغرافيا من دولة مستهلكة لسيارات كهربائية و ضعيفة التكلفة في الاستثمار، المغرب يستجيب لهذا الشرط لكن هذا الاخير غير كافي. لماذا؟ أغلب السيارات الكهربائية التي يستهلكها الاوروبيون حاليا ذاتية القيادة بنسب مختلفة، هذه الخاصية تتطلب مجال بيئي لمزودين مختصين في صناعة رادارات و كاميرات و حواسب ذكية متصلة ببرامج تساعد السيارة على أن تصبح ذاتية القيادة. المغرب لا يصنع حاليا هذه الرادات و الكاميرات و الحواسب : LKA, LKP, ABB, ACC...وغيرها من الخصائص
يبقى الهدف الاساسي و الذي يمكن وضعه لأي صناعة محتملة لصناعة السيارات الكهربائية في المغرب هو تعليم المحيط الصناعي و الهندسي المغربي و الرفع من نضجه في المدى المتوسط في مجال صناعة هذه السيارات الكهربائية لاعداده لصناعة نسخة محلية على المدى البعيد، هذا الهدف إعتمدناه لسببين :
1- الاتجاه و الاستراتيجيات الدولية الخاصة بالاستثمارت في صناعة السيارات غير منسجمة لحد الساعة رغم إرتفاع وتيرتها، هل يجب الاستثمار في سيارة كهربائية لمصنع كراسيكي كطيويوطا و رونو أو التوجه نحو شركات حديثة في هذا المجال كتيسلا و غيرها.
2- الهدف الذي وضعنها، سيجعل المغرب يستثمر لكي يرفع كفاء ات تقنييه و مهندسيه دون الدخول في استثمارات ضخمة و ذلك لكون بعض المختصين في الحقل الطاقي يعتقدون أن هذه السيارات الكهربائية مجرد موجة عابرة ستندثر لصالح السيارات الهيدروجينية. و بالتالي عدم المجازفة في استثمار ضخم قبل إتضاح الصورة.
مثال لإستثمار منسجم مع هذا الهدف؟
شركة نيو Nio و الملقبة بتيسلا الصينية أسست سنة 2014 من طرف ليهونع كين و الذي صرح هذه السنة : السوق الاوروبي أولوية و قد أطلق برنامج إسمه ماركو بولو يهدف لتسويق 7000 سيارة من نوع Es6 و Es8 بأوروبا.
لماذا إخترنا هذه الشركة :
- الشركة عبارة عن شركة ناشئة Start-up مدعمة بقوة من شركات تابعة للدولة الصينية.
- الموديلات التي ستسوقها الشركة في أوروبا يمكنها السير ما بين 410 كلم و 510 كلم دون الحاجة لشحن البطارية و تتوفر على خصائص في القيادة الذاتية الدفع بثمن أقل بكثير ما تقترحه تسيلا في أوروبا، ما بين 45 و 51 ألف يورو مقابل 67 ألف يورو لتيسلا بعد مساعدة الدولة.
- أهم نقطة و التي أثارت إنتباهنا هو أن شركة نيو تقترح بيع سيارات بدون بطارية و قد أنشأت شبكة محلات تجارية تكون مهمتها بيع البطاريات و كرائها من المحل دون الحاجة لانتظار شحن البطارية بالاضافة لشبكة محطات أوتوماتيكية لتغيير البطارية في 3 دقائق.
- الشركة في مرحلة إثبات الذات و قد وضعت في السوق منذ تأسيسها ما يعادل 64 ألف سيارة و شبكة محطات لتغيير البطارية تصل ل 130 محطة فقط في الصين. هذه المرحلة تجعلها تبحث عن مسثمرين و أسواق جديدة.
بالاعتماد على العلاقات المتميزة بين البنوك المغربية و الحكومة الصينية، براء ات إختراع اليزمي و توفر المواد الاولية لهذه البطاريات في المغرب يمكننا أن نتوجه نحو السيناريو التالي :
- مجال بيئي صغير أو متوسط الحجم مختص في صيانة (1) ثم صناعة (2) البطاريات الخاصة بهذه الشركة و كل الشركات الناشئة التي هي في حجمها في مرحلة أولى و الموجهة للسوق الاوروبي.
- خلق مركز علمي مشترك مع هيئة الفاب فور “The Fab Four” و هي مجموعة مكونة من 4 شركات ناشئة صينية مختصة في السيارات الكهربائية
(–Moteur NIO, Xpeng, Li Auto et WM-) و المدعمة مباشرة من الحكومة الصينية، هذا المركز سيكون دوره الرفع من قدرات الباحثين المغاربة في هذا المجال و توفير بوابة إفريقية للصين في حالة حاجتها لاستثمار ضخم في مجال صناعة السيارات الكهربائية موجه لاوروبا أو افرقيا.
في الخلاصة، التركيز على التعاون مع الشركات الناشئة المدعمة من طرف رساميل عمومية ضخمة في هذا المجال سيساعد المغرب على :
- تطوير سريع للكفاء ات المحلية و بنيات تحتية ذكية بأقل تكلفة للاستعداد لأي إستثمار ضخم أو مشروع محلي لسيارة كهربائية.
- إعطاء الوقت الكافي للسوق حتى يتضح الاتجاه الذي تتجه نحوه صناعة السيارات الكهربائية دون التسرع في إستثمارات ضخمة قد تصبح غير مجدية في 2030.
- تجنب مشاريع تبحث فقط على تخفيض كلفة إنتاجها دون الانخراط في هدف سطره المغرب على المستوى المتوسط و البعيد و المتعلق بالتحكم في التكنولوجيا المستعملة و خلق شركات محلية قادرة على المنافسة دوليا.
آخر نقطة : سهم نيو NIO إرتفع ب 600 % في 6 أشهر الماضية.
صفحة سبع صنايع