شارك
تعرضت تركيا في 15 يوليو/تموز لمحاولة انقلاب من قبل مجموعة من العسكريين.
يتمتع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بدعم قوي واسع وسط القاعدة المسلمة المحافظة في بلده، لكنه أثار استياء في بعض الأحيان بسبب طريقة تعامله مع المعارضين، التي تتسم غالبا بالقوة.
وتولى رئاسة الوزراء لمدة 11 سنة، وبعدها فاز بانتخابات الرئاسة في أغسطس/ آب 2014 ليكون أول رئيس تركي منتخب بالاقتراع المباشر، وهو منصب يفترض أن يكون شرفيا وفقا للدستور التركي.
تحدي الجيش
في العقود التي سبقت وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم، تدخل الجيش التركي في السياسة للحد من نفوذ الإسلاميين في البلاد.
وانتصر أردوغان على الجيش في 2013، عندما كان ضباط بارزون ضمن 17 شخصا سجنوا بعد إدانتهم بالتآمر للإطاحة بحزب العدالة والتنمية، فيما عُرف إعلاميا بقضية "إرغينكون".
كما مثل مئات العسكريين أمام المحاكم مع صحفيين وسياسيين علمانيين في إطار هذا التحقيق وفي تحقيق آخر عرف باسم قضية "عملية المطرقة".
واستقال قادة الجيش والقوات البحرية والجوية احتجاجا على اعتقال 200 عسكري في تحقيقات قضية "المطرقة" عام 2011.
واتهم معارضون اردوغان باستخدام القضاء لإسكات خصومه السياسيين، وذكرت مزاعم كثيرة حول وجود تهم ملفقة.
لكن مؤيدي اردوغان أثنوا على نجاحه في مواجهة رموز بالدولة لم يجرؤ أحد من قبل على الاقتراب منهم واعتبروا أنفسهم أوصياء على الدولة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك.
ظهر أردوغان بين مؤيديه في مطار أتاتورك بعد ساعات من بدء محاولة الانقلاب
ترتدي زوجة أردوغان الحجاب في الزيارات والمناسبات الرسمية أثناء ظهورها معه
إحياء القيم الإسلامية
في مناسبات عدة، نفى اردوغان اتهامات له بالسعي لفرض قيم إسلامية، مؤكدا أنه ملتزم بالعلمانية.
لكنه في نفس الوقت، شدد على الحق في التعبير عن المعتقدات الدينية بحرية أكبر.
وكانت لهذه الرسالة تأثير في المناطق الريفية والمدن الصغيرة في منطقة الأناضول، التي تعتبر معقلا لحزب العدالة والتنمية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول عام 2013، ألغي حظر ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة، باستثناء القضاء والجيش والشرطة، وذلك بعد عقود من حظره.
وترتدي أمينة، زوجة أردوغان، الحجاب في الزيارات والمهام الرسمية، كذلك ترتديه زوجة حليفه في حزب العدالة والتنمية عبد الله غول الذي تولى رئاسة تركيا قبله مباشرة.
ويرجع نجاح اردوغان سياسيا على مدار السنوات الماضية واستمراره في السلطة إلى الاستقرار الاقتصادي الذي حققه في البلاد مع بلوغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.5 في المئة سنويا.
وتحولت تركيا إلى مركز صناعي ودولة مهمة في مجال الصادرات.
ونجحت حكومات العدالة والتنمية في السيطرة على معدل التضخم الذي ارتفع في التسعينيات بنسبة 100 في المئة.
وعلى صعيد السياسة الدولية، وجه اردوغان انتقادات حادة لإسرائيل، التي كانت من أقوى حلفاء تركيا، لممارساتها ضد الفلسطينيين. ولا تتوافق انتقاداته لإسرائيل مع قاعدته الإسلامية فقط، بل حققت له شعبية كبيرة في الشرق الأوسط.
كما دعم المعارضة السورية في حربها ضد الرئيس بشار الأسد.
لكنه رفضه مساعدة الأكراد السوريين في حربهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
شهدت السنوات الأخيرة من حكم أردوغان لتركيا تقلبات سياسية حادة وصدامات بين السلطة والمعارضة
بائع جوال
وُلد أردوغان عام 1954 لأب يعمل جنديا بخفر السواحل التركية على ضفاف البحر الأسود.
وعند بلوغة الثالثة عشرة من عمره، قرر والده الانتقال إلى اسطنبول ليضمن لأولاده الخمسة مستوى أفضل من المعيشة والتربية.
كان الصبي رجب طيب أردوغان يبيع عصير الليمون وفطائر السمسم في شوارع أسطنبول لكسب دخل إضافي.
ودرس الصبي في مدرسة إسلامية قبل حصوله على شهادة في علوم الإدارة من جامعة مرمرة في أسطنبول.
ولم يمنعه العمل أو الدراسة عن لعب كرة القدم في أحد أندية الدوري التركي.
وأثناء دراسته في الجامعة، تعرف على نجم الدين أربكان، أول رئيس وزراء إسلامي لتركيا.
وتولى منصب رئيس بلدية أسطنبول عام 1994.
وأثناء توليه المنصب، حقق نجاحا إداريا ملحوظا اعترف به الجميع حتى معارضوه بعد أن حول المدينة إلى مكان أكثر نظافة.
وقضى أربعة أشهر خلف القضبان عام 1999 بعد اتهامه بالتحريض على أساس ديني.
وكان قد تلا علنا إحدى القصائد التي جاء فيها: "المسجد معسكرنا، وقبابه خوذاتنا، والمآذن رماحنا، والمؤمنون هم جنودنا".
وأسس أردوغان وبعض رفاقه حزب العدالة والتنمية عام 2001 بعيدا عن حزب الفضيلة الذي حظرته السلطات آنذاك.