بالله! انا ما استوعبت طلبك علشان كذا قلت يمكن تبغى مصدر عالتصريح باستخدام الزكاة
ومادام هذا طلبك اسمحلي انظم الى access1 ههههههههههههههههههههههه
امزح امزح
http://www.okaz.com.sa/article/616060/الرأي/
عبدالله السلطان
وضع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بصماته على بناء الدولة الإسلامية وإدارة شؤونها، فترك لنا آثار ذلك باقية إلى يومنا هذا. كان مخلصا لعمله بما يرضي الله ثم مخلصا بما يرضي الناس. وأحد مميزات عمله حبه للعمل الميداني ليوفي بحق الله وحق الناس، فقد كان يؤدي ما استطاع من واجباته تجاه الدولة والناس وهو ماشيا أو خطيبا. يوجه ويأمر في الأسواق والطرق، ويعس في الليل حارسا للناس ومتعرفا على مشاكلهم فيصلحها ويحلها بقدر ما أمكنه ذلك، وكان يؤدب الناس بدرته (العصا) إذا لزم الأمر ذلك فهاب الناس درته مع مهابتهم له. ودلالة على مهابته أنه ذات مرة سار خلفه في المدينة بعض من الأفراد، وحين التفت إليهم ارتبكوا من الخوف، فسأل : «ما بكم ؟ قالوا : هبناك، فقال هل ظلمتكم في شيء ؟ قالوا : لا ، قال: اللهم زدني هيبة». وحتى الشياطين تهاب عمر، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام : «إيه يا ابن الخطاب فوالذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا (طريقا) إلا سلك فجا غير فجك».
ولتأكد الخليفة عمر من فائدة العمل الميداني فقد أنشأ نظام العسس في الليل، فهو أول من بدأه وتولاه بنفسه، لأنه يراه وسيلة لأداء واجباته في خدمة الناس مباشرة، وجزءا من عمله الميداني الذي هو رائده لممارسة مسؤولياته. فقد كان يعس في الليل بالمدينة، يحرس الناس ويكشف أهل الريبة، حتى في الليالي القارسة وشديدة البرودة، يتفقد أحوال الناس للاطمئنان على أحوالهم. وكان عمر يستعين في العس ببعض أصحابه : مولاه أسلم وعبدالرحمن بن عوف ومحمد بن سلمة، وعبدالله بن مسعود عينه عمر كأول أمير للعسس.
ولأهمية العسس فقد عمل له عمر تنظيمات وأصبح للعسس رجال يخرجون للميدان ويتولون الأمن وحراسة الناس في الليل ويتابعون اللصوص وأهل المخالفات والفساد، ويأتون بأي خبر أو أمر مستجد في المدينة وأسواقها، وعمر يتولى الإشراف عليهم بنفسه، فأصبح العسس في الليل نظاما أمنيا في الدولة الإسلامية، ومن مآثر إدارة عمر الميدانية. وأساس ممارسة عمر للعسس ليلا هو أولا إرضاء الله تعالى ثم مدفوعا بشعوره بوجوب أداء الخدمة للناس ومواساتهم في مشاكلهم ومساعدتهم فيها بأي وقت كان. وتؤكد زوجة عمر (عاتكة) ذلك بقولها : «إن عمر يأتي لينام في الليل ويطير النوم عنه فيبكي فتقول له : ما لك يا أمير المؤمنين فيقول: توليت أمر أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، وفيهم المسكين والضعيف واليتيم والمظلوم فأخشى أن يسألني الله عنهم يوم القيامة».
ومن واقع ما واجهه عمر وهو يعس في الليل حادث القصة المشهورة التالية. في أحد الليالي، بينما عمر يتفقد أحوال الناس، مر بامرأة وابنتها وهما تخضان اللبن فأرادت الأم أن تضع ماء على اللبن لتزيد كميته وتبيعه، فقالت البنت لأمها : «لا تفعلي يا أمي، فقالت الأم لم ؟ فردت البنت : أمير المؤمنين أمر أن لا يخلط اللبن بالماء، فقالت الأم : أمير المؤمنين لا يرانا، فقالت البنت : إن لم يرك أمير المؤمنين فإن الله يراك». بعد أن سمع عمر ما دار بين الأم وابنتها، زوج البنت لابنه عاصم، ومنها جاءت ليلى بنت عاصم، فتزوجها عبدالعزيز بن مروان وأنجبا عمر بن عبدالعزيز، حفيد عمر بن الخطاب. وتضمنت قصة أخرى مشهورة أن عمر، وهو يعس ليلا، رأى أطفالا يبكون بجانب أمهم وقدر يغلي بماء، وعندما سأل عمر عن الأمر أجابته المرأة : «ليس لدينا طعام وأطبخ الماء ليظنوه طعاما فيسكتوا، وأمير المؤمنين لا يعلم عن حالنا». فذهب عمر وأحضر من بيت مال المسلمين قمحا وشعيرا فطبخ لهم وأطعم الأطفال بنفسه، وقبل أن يغادر قال للمرأة : ائتيني صباح غد عند بيت أمير المؤمنين لتجديني هناك، فقالت المرأة : أنت خير من عمر. وفي هذه القصة وغيرها يتجلى معنى قول عمر : «بئس الوالي أنا إن شبعت والناس جياع». وذات مرة، وعمر يعس في الليل سمع طفلا يبكي فسأل أمه فقالت : «عمر بن الخطاب لا يصرف إلا لمن فطم من أبناء المسلمين»، فأمر عمر بعد ذلك بعدم الاستعجال في فطام أولاد المسلمين، وأن يصرف لكل مولود يولد. وفي عام القحط بالمدينة كان عمر يدور بين الخيام وجفنة الطعام على رأسه يوزعه على الفقراء، وأمر بأن يسكن الأعراب والفقراء في ضواحي المدينة بخيام نصبها لهم، وقال : «إما نحيا أو نموت سويا».
وعمر فيما كان يعمل لا يريد شكرا أو جزاء من الناس وإنما أمام عينه واجب مساعدتهم بما يرضي الله، ويوضح ذلك أنه عندما وزع من بيت المال ، قال رجل : «جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، فقال عمر : ما بالهم نعطيهم حقهم ويظنونه مني منة عليهم»، هذه القصص غيض من فيض مما واجه عمر في عمله وعسه الليلي لخدمة المحتاجين، وقد انطبق عليه ما قاله هو عن الخليفة أبي بكر، رضي الله عنهما في القصة التالية. لاحظ عمر أبا بكر فتبعه إلى أن دخل خيمة امرأة مع أطفالها فاختفى عمر إلى أن خرج أبو بكر، فدخل على المرأة فسألها عن حالها، فشكت له قلة ما بيدها وأن لا عائل لعيالها إلا الله، فسألها عمر : عما يصنعه الشيخ الذي يدخل عليهم، قالت : يصنع الطعام ويكنس لنا، ويحلب شياهنا ويغسل ثيابنا، فبكى عمر وقال : أتعبت الخلفاء بعدك يا أبا بكر. وبذلك يمكن القول إن عمر أتعب نفسه بعد أبي بكر وأتعب من هم بعده، والله أعلم.