مقال مهم للدكتور عبدالله العثمان ,, الباحث في مجال الموارد البشرية
باحث أكاديمي في الموارد البشرية ومبادرات توطين الوظائف – لندن
ABDULLAH_0026@
ثقافة سوق العمل القادمة
4 أكتوبر 2016
بعد حزمة التقشف الكبيرة التي تم الإعلان عنها مؤخراً والتي توحي بدخول عصر جديد. عصر سوف يغير معالم سوق العمل السعودي الذي طالما كان القطاع الحكومي هو المسيطر والمُوظف الأكبر( للمواطنين)، والذي كما ذكرت في مقالات سابقة أدى إلى اختلال كبير في موازنة سوق العمل وخلق ثقافة التفضيل للقطاع الحكومي بين المواطنين.
في الواقع، أخص بمقالي هذا آخر قرارات التقشف المعلنة وخصوصا قرار إيقاف أي تعيين أو تعاقد للقطاع الحكومي خلال هذه السنة المالية والقرار الذي لتوي قرأته خلال كتابتي لهذا المقال بخصوص رفع حصانة موظفي الحكومة وربط بقائهم في وظائفهم بالأداء. تلك القرارات بالتأكيد سوف تقلب الأمور في سوق العمل رأساً على عقب. أولئك الشباب اللذين كانوا ينتظرون وظائفهم في القطاع الحكومي سوف يجبرون على غض النظر وتقبل وظائف القطاع الخاص أو بمعنى أصح ربما يصارعون للحصول على أي وظيفة في القطاع ليسلموا من شبح البطالة ومن شح الموارد.
الفترة القادمة تخبئ لنا الكثير والكثير من الأمور التي لم نكن حتى نتخيلها قبل أقل عامين. في توقعاتي الشخصية أن الوضع إذا استمر على هذا المنوال سوف نرى تحول وتغيير كبير لثقافة سوق العمل الحالية. من ناحية، سوف نرى استقلالية أكبر للقطاع الخاص وتدخل حكومي أقل، والمهم في ذلك أن معادلة العمالة الأجنبية والمحلية سوف تبدء بالتغير بالاتجاه المعاكس. سوف نرى إقبال من المواطنين على الوظائف التي لا تتطلب مهارات والتي طالما احتلها الأجانب مثل الوظائف المهنية واليدوية. من الناحية الأخرى، سوف نرى قطاع حكومي شبيه بالخاص من ناحية أساليب وسياسات التوظيف والتقييم واستغلال الموارد وترشيد المصروفات ولذلك ربما أن معادلة تفضيل الحكومي سوف تذهب بالاتجاه المعاكس للقطاع الخاص وذلك لكثرة الفرص ومرونة السياسات.
في الحقيقة (وبعد مشيئة الله)، التغيير الجذري لسوق العمل بات مسألة وقت لا أكثر. وفي الواقع أن ما أود إيصاله في هذا المقال باختصار أن الوضع الحالي وسياسات التقشف الحالية والمحتملة لا يجب أن تجعل منك شخصا محبطا ينظر دائماً بنظرة سلبية ولكن اعلم أن هذه المرحلة هي مرحلة مؤقته يجب التعايش معها والوقوف مع بلادنا لتجاوزها. فلذلك بدلا أن تكون باحثا تقليديا عن عمل في القطاع الحكومي، قم بتغيير توجهاتك الحالية وضع خطط تتلاءم مع الوضع الحالي والقادم واستعد جيدا لتغيير ثقافتك المهنية بالكامل . بالبداية، يجب عليك استيعاب ثقافة القطاع الخاص والتي تختلف تماماً عن الحكومي كونها ثقافة مبنية على الاستفادة من الأفراد وقدراتهم ومهاراتهم في تسيير ونجاح المنظمات. لذلك يجب أن تجعل من نفسك فرداً مفيداً ومنتجاً وقادراً على المشاركة بإيجابية في البيئة التي سوف تعمل بها. ٍقم بتقييم نفسك ومهاراتك الحالية وحاول ترقيتها بالتعليم والتدريب المستمر. حتى وإن كنت على رأس عمل حاليا، يجب أن لا تبقى كما أنت لكي لا تجد نفسك فجأة بلا عمل.
في النهاية، يجب عليك وقبل كل شيء الإيمان بأن الرزق بيد الله وحده وأن الخلق ليس بيدهم ضرك أو نفعك بدون إذنه، وأن رزقك كتب لك قبل أن تولد، فلذلك زِد إيمانك بالله توكل عليه وأفعل الأسباب ولا تيأس لأن توفيق الله قادم لامحالة ورزقك لن يذهب لغيرك. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آلة وصحبه وسلم.