المراقبة الجوية: عيون في السماء

هيرون 

فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً
طاقم الإدارة
عـضـو مـجـلـس الإدارة
إنضم
21 ديسمبر 2008
المشاركات
41,137
التفاعل
230,676 7,095 2
الدولة
Saudi Arabia
الكاتب ريتشارد غاردنر
AIR_E-767_AWACS_Top_JASDF_lg.jpg


تعتبر السيطرة على المجال الجوي فوق مناطق النزاع عاملا اساسيا للمخططين العسكريين اليوم، فالى جانب الحاجة الملحة لطائرات قتال قادرة على تأمين درع جوي دفاعي يوفر الحماية وذخائر الهجوم الملائمة لضرب اهداف العدو، تظهر تقنيات العيون في السماء Eyes in the Sky مزودة بمستشعرات جوية متخصصة جنبا الى جنب مع طائرات قيادة وتحكم لتشكل جميعها مكونا جوهريا في الحياة العملانية العسكرية اكثر من اي وقت مضى. في الوقت الذي تتحالف فيه العديد من الدول حول العالم للقيام ببعض الانشطة الجوية، من الضروري تنسيق العمليات لمنع حصول حوادث صديقة Blue on Blue اي حدوث اصابات بنيران صديقة وبالتالي ضمان تقليص الازدواجية في الجهود الى حدها الادنى.


تنطوي العمليات الجوية الحالية القائمة في منطقة الشرق الاوسط فوق كل من العراق، سوريا، اليمن وليبيا على تحركات جوية على نطاق واسع تنفذ في كثير من الحالات عن طريق طائرات من دول مختلفة. ليست هذه الطائرات التي تقوم بضرب الاهداف المحددة من قبل مصادر استعلام ومراقبة مركزها الارض فحسب، بل تقوم ايضا بشن ضربات على اهداف مفاجئة.
مع وجود جماعات مسلحة متعددة على ارض المعركة وضرورة دعم ربما عشرات من الفصائل المختلفة التي بعضها يتقاسم الاهداف مع شركائه والبعض الآخر له اجندته الخاصة التي قد تتغير مع تغير مجريات الميدان، تصعب مهمة محاولة توفير الغطاء الجوي ودعم القوات الصديقة على الارض وقد يشكل ذلك كابوسا لاولئك الذين قرروا مكان ضرورة شن ضربات جوية. فاصدقاء اليوم قد يصبحون اعداء الغد والعكس صحيح.
قد يتغير الولاء بسرعة تبعا ربما لانهيار حاد في شبكة الاتصالات او حدوث خطأ في الضربة الجوية لكن انشاء بنى تحتية دفاعية معاصرة يتطلب سنوات من التخطيط والتحضير واذا كانت الميزة الافضل تكمن في الاستفادة من احدث التطورات في مجال المستشعرات الرقمية وتكنولوجيا معالجة البيانات حينها يجب ايجاد منصات جوية مناسبة لتلبية المتطلبات المستقبلية. لذا يكمن الحل في الحصول على قدرات ISTAR المتطورة استعلام، مراقبة، اكتشاف هدف واستطلاع الى جانب مرافق قيادة وتحكم جوية حيث، وبفضل هذه الخدمات تشن الضربات الجوية المعقدة بدرجة عالية من الثقة.
من جهة اخرى، وحتى مع وجود هذه الاصول كما هو الحال في سماء سوريا والعراق، فان الاخطاء لا تزال تحدث وقد يعود ذلك الى ان قدرات الاستعلام غير واضحة بشكل كامل وبالتالي تكون اهداف الضربة الجوية اما مدنيين او مواقع صديقة.
نادرا اليوم ما تحصل هذه الاخطاء مع العلم ان آلاف المهام الجوية تجري فوق مناطق النزاع، قد يصعب تتبع تحركات الطائرة في المجالات حيث تنشط هذه الاعمال.
من السهل تصور احتمال حدوث تصعيد كبير في الصراع لان هناك عوامل سياسية رفيعة المستوى تشارك فيه على غرار اسقاط المقاتلة الروسية على الحدود التركية السورية العام الماضي من قبل القوات التركية. يكمن العامل الرئيسي في الحاجة الى الحصول على اكبر قدر من المعلومات في الوقت الحقيقي في ما خص التحركات الجوية والبرية الحاصلة في منطقة النزاع من اجل السماح في اصدار الاحكام على اساس ادراك الوضع الميداني بدلا من التكهنات. قد يكون هذا الطلب مكلفا بعض الشيء وقليلة هي القوات الجوية القادرة على المساهمة بذلك من خلال الانضمام الى والاستفادة من توزيع الاتصالات والبيانات المستقاة من المصادر المشغلة للاصول الجوية المتخصصة.
في السنوات القليلة الماضية، اتخذ العديد من القوات الجوية في منطقة الشرق الاوسط بما في ذلك المملكة العربية السعودية، قطر، عمان، الامارات العربية المتحدة، اسرائيل والعراق خطوات للحصول على قدرات ISTAR الجوية الجديدة او تحديث تلك الموجودة لديها بدء من الطائرات دون طيار وصولا الى مجموعة من الرادارات، المستشعرات الكهربصرية، طائرات متخصصة متعددة المحركات وبيانات موصولة بعقد قيادة وتحكم في شبكة ساحة القتال.
توفر القوات الجوية الاميركية المجموعة الكاملة من قدرات ISTAR الجوية وتشغل من قبل قوات USAF، البحرية الاميركية ومشاة البحرية ايضا وهذا الى جانب تكنولوجيات ا تصال ومراقبة عبر الاقمار الاصطناعية مركزها الفضاء. كل هذه القدرات التي سبق وذكرناها توفر قدرات مراقبة كبيرة جدا لم تستطع اي دولة الوصول لها بما في ذلك روسيا. عندما تكون الولايات المتحدة في موقع الصدارة فمن قوات تحالف، تزود حينها شركاءها بمعلومات مفصلة يتم تشاركها مع عدد كبير من مراكز عملانية معنية مختلفة.
تعتبر كيفية تحديد وترتيب اولوية البيانات واحدا من اكبر التحديات الخاصة بجمع وتحليل وتوزيع معلومات ISTAR خصوصا عندما يكون عدد البيانات كبيرا او ان عمليات ISTAR تمت ضمن نطاق واسع. تجدر الاشارة الى ان هناك الكثير من البيانات المتدفقة من كل اجهزة الاستشعار والتي تصلح للاستخدام على نحو مفيد، وهذا هو السبب الذي يدفع بالحاجة الى الاستعانة بمدربين واختصاصيين فضلا عن استخدام برامج معالجة خاصة لكل هذه التجهيزات. تساعد مثل هذه العوامل المهمة على غرار انشطة نمط الحياة التي يمكن تتبعها وتسجيلها من قبل اجهزة الكمبيوتر تساعد في تحديد موقع الهدف بدقة عالية حيث تنشط اعمال العدو العدائية او حيث الافراد والجماعات الارهابية يختبئون.
الى جانب اشارات الاستعلام المتطورة والتي من خلالها تستطيع الطائرات المجهزة التنصت على اتصالات المشتبه بهم وبالتالي تحديد اماكنهم، تعتبر قدرات ISTAR من اهم الميزات القادرة على تغيير مسار اللعبة لجهة انها تبقي الجنود على مسافة بعيدة من المواجهة. من جهتها، تستخدم القوات الاميركية طائرات ISTAR في منطقة الشرق الاوسط وقواعد اخرى مختارة من قبل ملف ناتو اضافة الى وجود بعض طائرات ISTAR على متن حاملة الطائرات. هذا وتعد فرنسا من الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي والتي تملك اسطولا جويا لقدرات ISTAR موجودا بفعالية في المنطقة.
مع دخول القوات البريطانية وانخراطها في الانشطة العملانية المستمرة منذ بداية هذا القرن وجميعها تقريبا منشورة من العراق وافغانستان وصولا الى ليبيا وغرب افريقيا، باتت ISTAR تشكل اولوية في الحرب.
تشمل قدرات ISTAR مركبات جوية مأهولة وغير مأهولة اضافة الى منصات مركزها الفضاء خاصة بمهام المراقبة، التعقب والاتصال ولها قواعد لتشغيل الاسطول المتنامي من طائرات MQ-9 Reapers من General Atomics في منطقة الشرق الاوسط، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الاميركية. اثبتت هذه الطائرات جدارتها اثناء تحليقها فوق افغانستان فهي قادرة على ان تشغل من محطات تحكم برية موجودة في اي مكان و تعتمد على طيارين ذي خبرة عالية ومشغلي المستشعرات الى جانب منسقي مهام الاستعلام. تكمن ميزة المركبات الجوية غير المأهولة في انها، ومع طائرات اخرى، قادرة على توفير مراقبة دقيقة في الظروف المناخية كافة. تستطيع طائرة Reaper حمل صواريخ وقنابل دقيقة التوجيه بغية تأمين قدرات للرد سريعا على اي هجوم ضد اهداف مؤكدة قد تفلت في حال لم يتم التعامل معها بشكل مناسب، بما ان المركبة الجوية غير المأهولة Reaper وغيرها من الطائرات دون طيار ذات الدفع العنفي تعمل ببطء، لذا فهي تكون اكثر عرضة لاي هجوم جوي او حملات جوية اخرى. ازاء هذا الواقع، من المستحيل حاليا ان تحل هذه الطائرات عنفية الدفع محل الطائرات النفاثة الهجومية. تجدر الاشارة الى ان الطائرات غير المأهولة تلعب دورا هاما في ما يتعلق بالمراقبة والاستعلام.
يستخدم الجيش البريطاني مركبة المراقبة غير المأهولة Watchkeeper من Thales لتوفير التغطية الجوية المستمرة والدقيقة في حين اختارت فرنسا طائرة Patroller من Sagem لتأدية المهام نفسه امام القوات الايطالية فتستعمل طائرة Falco من Finmeccanica.
طور سلاح الجو الملكي في بريطانيا ونشر طائرة المراقبة على نطاق واسع Bombardier Sentinel R1 من Raytheon. توفر هذه الاخيرة، المزودة برادار ثنائي النسق متطور وشاشات عرض امام المشغل اضافة الى نظم اتصالات ومهام متقدمة، توفر قدرات WAS التي تقع ضمن نطاق حلف NATO بصرف النظر عن القوات الجوية الاميركية التي تستخدم منصة جوية اكبر ترتكز على JSTARS Boeing 707. تعتبر Sentinel العمود الفقري لقوات RAF فهي قادرة على تحديد آلاف الاهداف، تعريفها وتعقبها في مناطق واسعة. سجلت هذه الطائرة، منذ البدء باستخدامها العملاني عام ٢٠٠٨، ٢٥٠٠٠ ساعة عمل وباستطاعتها الطيران من دون القيود المفروض تطبيقها على طائرات UAV في الاجواء الاوروبية وغيرها من الدول. يمكن توزيع البيانات والمعلومات المتعلقة بالتحركات البرية، الى القادة على الارض او في الجو للتحليل اللاحق الذي سجريه المتخصصون على متون الطائرات. يستطيع المشغلون ربط العناصر المهتمة على الارض، على شاشات العرض وستستمر المستشعرات الرادارية والكمبيوترات بتعقب التحركات المشبهوة وقت حدوثها كما ويمكن برمجتها للتأشير على انماط التحركات النظامية وتلك المشبوهة. استخدمت طائرات Sentinel التابعة لسلاح الجو البريطاني لتعقب المجموعات الارهابية غير النظامية ومراقبة طرق الامداد في شمال افريقيا وغربها كما في العراق وسوريا. طورت اسرائيل رادار مراقبة للارض معدا للاستخدام الخاص حيث جهزت به الطائرات النفاثة نوع Gulfstream وبعض الرادارات بيعت لسنغافورة، اما Boeing وLockheed Martin فقد طورتا طائراتهما نوع ISTAR متعددة المهام، مرتكزتين على بدن طائرات Gulfstream او Bombardier Challenger.
يعتبر سلاح الجو الملكي السلاح الوحيد الذي يشغل طائرات الاستعلام الالكترونية المشتركة نوع RC-135W Rivet Joint من انتاج Boeing حيث نشرت لاول مرة ضمن مسرع العمليات في منطقة الشرق الاوسط عام ٢٠١٤ للعمل الى جانب اصول مراقبة وهجوم تابعة لقوات التحالف. خصص هذا الوع من الطائرات التي تشرف عليها اطقم جوية ذات درجة عالية من الكفاءة، للقيام بالمهام السرية للغاية وتلك المرتبطة بالاستعلام الالكتروني والاتصالات. تجدر الاشارة الى ان RC-135W Rivet Joint تشبه تلك المستخدمة من قبل سلاح الجو الاميركي. حلت هذه الطائرات محل Nimrod R1 التي كانت تقوم بنفس المهام منذ العام ١٩٧٠ حيث نفذت مهاما عدة بارزة غير مرئية على غرار مهام استعلام الكترونية في اوروبا، حملة الفوكلاند، حربي الخليج ومؤخرا في عمليات عسكرية في افغانستان.
توفر طائرة King Air 350 Shadow R1 من Beechcraft التي نادرا ما نراها في الاجواء، قدرات حرب الكترونية واضيفت الى سلاح الجو الملكي مع تنامي الصراع في افغانستان وحاليا باتت تتوفر بشكل ملحوظ ضمن القوات الجوية. يستخدم الجيش الاميركي وقواته الجوية عددا كبيرا من طائرات King Air 350 لتقوم بدور الحرب الالكترونية نظرا لما توفره من اشارات استعلام وتشويش على الاتصالات الصوتية التابعة للعدو.
تستخدم القوات الجوية الملكية والاميركية قدرات مراقبة قائمة على Boeing 707، كذلك المملكة العربية السعودية وحلف NATO، وتتجسد هذه القدرات في نظام التحكم والانذار المبكر (AWACS) نوع E-3D Sentry القادر على كشف الاهداف التقليدية الموجودة على المدى البعيد فضلا عن قدرة هذه الطائرة في تعقب والبحث عن تلك الاهداف للمساعدة في توجيه الضربات اللازمة لتدميرها او اعتراضها.
كما هو الحال مع جميع الطائرات، تشهد طائرة E-3D طلبا عاليا عليها كما انها تنتشر بكثافة في الاجواء بما في ذلك منطقةالخليج. بفضل الاعتماد الروسي على عمليات الطيران التجسسي البعيد المدى باتجاه الخطوط الساحلية لدول حلف شمال الاطلسي، يقوم سلاح الجو البريطاني وحلف ناتو بتشغيل طائرات نوع E-3D التي تؤكد يوما بعد يوم على الحاجة والاهمية للحفاظ على قدرة دفاع جوي اوروبية ملائمة وقابلة للنشر.
تعد النسخة E-3D التحديث الاجدد من نظام AWACS حيث زودت بتكنولوجيا الكمبيوتر المتقدمة. دخلت الخدمة في شهر تموز/يوليو العام الماضي قبل نشرها في الشرق الاوسط. لم يعد تصنيع AWACS من قبل شركة Boeing بمثابة طائرة ٧٠٧ الجديدة، الا ان Boeing 737 ثنائية المحرك خضعت لتطويرات فعالة للقيام بهذا الدور وحاليا تعمل في كل من اوستراليا، تركيا وكوريا الجنوبية.
تواصل شركة Boeing تطوير المزيد من التطبيقات العسكرية ISTAR مرتكزة على نموذج 737 وقد يصبح JSTARS اضافة جديدة. بدورها، تستمر شركة Saab بتقديم طائراتها نوع 340 و2000 مزدوجة المحرك التوربيني باعتبارها منصات معدلة تتلاءم مع ادوار الرادارات واشارات الاستعلام على غرار طائرات القيادة والتحكم والاستعلام EMB110 وEMB145 منEmbraer .
عرضت شركة Airbus Military من جهتها طائرة C-295 ثنائية المحرك ذات الدفع العنفي باعتبارها منصة AWACS اماLockheed Martin فقد قدمت طائرة C-130J. جهزت هاتان الطائرتان بقبة رادارية كبيرة للمراقبة تعمل ب ٣٦٠ درجة. طورت شركة Northrop Grumman وحدثت طائرة E-2C/D حيث جهزتها باحدث النظم الرادارية والمحركات.
سيبقى سوق قدرات ISTAR وطائرات الانذار المبكر والقيادة والتحكم محصورا دائما لكنه اصبح من المعدات الاساسية اللازمة التي تحتاجه القوات الجوية لمواجهة التحديات واعمال القوات البرية غير النظامية وبالتالي لمحاربة الاشكال الارهابية كافة. وبما ان النظم الالكترونية باتت تتميز بفعالية كبيرة نظرا لصغر حجمها والطاقة الاقل التي تتطلبها في العمل، اصبحت هذه النظم مطلوبة بكثافة حتى من قبل الطائرات الصغيرة، ولعل احدث مثال على هذه التكنولوجيا يمكن ملاحظته في طائرة Zephyr 8 دون طيار التي تحلق على ارتفاعات شاهقة من انتاج Airbus Defence and Space والمطور من قبل QinetiQ. تعمل Zephyr 8 كقمر اصطناعي مزيف، وهي تبقى في الجو مدة ٤٥ يوما لتقدم خدمات مراقبة واستطلاع لا مثيل لها.
 
عودة
أعلى