التدخل العسكري العربي في سوريا والتقييدات الاستراتيجية
http://defense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.com/images/2015-08-29-34927.jpg
اعلنت الإمارات، اليوم الأحد على لسان وزير خارجيتها أنور قرقاش، استعدادها للمشاركة بقوات برية ضمن التحالف العربي. يأتي هذا الإعلان بعد أيام على إعلان السعودية والبحرين عن استعدادهما للمشاركة في أي عملية برية ضمن التحالف الدولي في سوريا.
محاربة الإرهاب احد اهم أهداف التحالف العسكري الإسلامي الذي اعلن عنه ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان. ويبدو ان الجهود الدبلوماسية التي قادها الأمير محمد بن سلمان انتجت تعهدات من قبل المغرب، تركيا، الكويت، البحرين، الإمارات العربية المتحدة وقطر بوضع قوى عسكرية تحت قيادة التحالف العسكري الإسلامي.
كما انضمت الى هذا التحالف دول اسيوية أعلنت استعدادها للمشاركة في هذا التحالف ومنها ماليزيا، إندونيسيا وبروناي حيث من المتوقع أن تكون ماليزيا أول من ترسل قواتها من هذا الثلاثي إلى السعودية.
فور الإعلان عن النية بارسال قوى عسكرية الى سوريا بادرت العديد من المنابر الإعلامية الى رسم الخطط وحشد الجيوش وبناء القيادات وتحديد محاور الهجوم الرئيسي بعيدا عن ابسط مبادئ التخطيط الاستراتيجي لشن الحملات العسكرية.
الدول العربية وحلفائها جادة في سعيها لارسال قوى عسكرية عربية الى سوريا. لكن هذه الدول تشترط وضوح الرؤية السياسية لاهداف الحملة العسكرية قبل الانخراط فيها. كما ان الجهوزية لنشر هذه القوى يخضع لبعض الأولويات التي تراها هذه الدول منطلقا لتحقيق اهداف الحملة العسكرية في سوريا بنجاح.
اليمن اولاَ
قوى التحالف العربي منخرطة في حرب شاملة لتحرير اليمن وإعادة بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اليمنية. تترافق هذه الحرب مع بعض الهجمات الإرهابية ومحاولات التسلل عبر الحدود اليمنية السعودية. الوضع المتفجر في اليمن يستدعي حشد القوى والتاهب لحسم المعركة قبل ان تتحول هذه الحرب الى حرب استنزاف. وبالتالي التدخل البري في اليمن يعتبر أولوية استراتيجية للسعودية ولمصر .
فاذا كانت اليمن أولا بالنسبة للسعودية، فان ليبيا أولا بالنسبة لمصر، والعراق أولا بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، وهذه الأولويات الثلاث تجعل من المستبعد ان تقوم القوى الأساسية في التحالف العربي – السعودية ومصر – بترك هذه الجبهات والتحول نحو جبهة سوريا والتي اقل ما يقال فيها انها أصبحت مستنقعا تتضارب فيه المصالح الإقليمية والدولية.
تركيز الجهود
حتى الولايات المتحدة الأميركية التي تملك اعتى قوة عسكرية في العالم تتحاشى الانزلاق في حربين شاملتين وعلى مسرحي عمليات مختلفين في آن معا. ضرب الجماعات الإرهابية في سوريا سيؤدي الى انسحابها باتجاه اليمن، ليبيا والعراق. وبالتالي سيؤدي هذا الانسحاب الى إعادة تركيز لهذه القوى في الأماكن وعلى الجبهات التي تشكل تهديدا قوميا لامن الدول العربية.
الحالة النهائية المرجوة
يقتضي التخطيط الاستراتيجي للعمليات العسكرية بتحديد الحالة النهائية المرجوة للحملة العسكرية. وتكون هذه الحالة هي المعيار الموجه للتخطيط وللحشد.
منذ اندلاع الثورة السورية اختلف كل من الاميركيين والروس على تحديد الحالة النهائية المرجوة لتدخلهما في سوريا. الولايات المتحدة تريد احتواء داعش ، دعم المعارضة المعتدلة، عدم تدمير جيش النظام وتثبيت الوضع القائم لحين بلورة حل سياسي يضمن سلمية انتقال السلطة. في المقابل تهدف روسيا الى تدمير المعارضة المعتدلة، احتواء داعش، والمحافظة على استمرار النظام دون تقديم أي تنازلات سياسية.
امام هذا الواقع لا تستطيع الولايات المتحدة الدفع باتجاه نشر قوى عربية عسكرية لمحاربة داعش في سوريا في ظل عدم وضوح الرؤية السياسية او حتى قبل التوافق على حل سياسي سلمي لانتقال السلطة. وعندها فقط يمكن للقوات العربية التدخل عسكريا في سوريا لضمان نجاح الحل السياسي من خلال تثبيت وقف النار، حفظ الامن، وبسط سلطة الدولة الانتقالية على كامل الأراضي السورية وبالتالي القضاء على داعش في سوريا.
لذلك فالعمل العسكري يجب ان يخدم الأهداف الاستراتيجية السياسية العامة. وفي ظل عدم توافر رؤية استراتيجية سياسية موحدة ما بين الدول العربية والأطراف الدولية حول كيفية حل الازمة القائمة في سوريا فانه من غير المجدي الان ان يصار الى زج قوى عسكرية عربية في سوريا.
حراجة الموقف التركي والزامات الجغرافية العسكرية
تواجه تركيا مازقا حرجا بسبب تدهور الأوضاع العسكرية في محيط حلب وعلى حدودها الجنوبية. واي انهيار لقوى المعارضة المسلحة على هذا المحور سيؤدي الى خسارة تركيا ورقة ضغط رئيسية في مفاوضات جنيف، إضافة الى تمدد القوات الكردية على كامل الحدود التركية.
الحديث عن حشد عسكري للتدخل العسكري العربي من خلال المحور التركي ليس الا رغبات تركية لضمان عدم سقوط القوى التي تدعمها تركيا كاولوية. وبالتالي فان أي تدخل عربي على هذا المحور سيكون مجبرا على حسم معركة حلب لصالحه وفقا لما تبتغيه تركيا قبل الانتقال الى تحقيق الأهداف الاستراتيجية التالية.
معركة حلب لن تؤدي الى تغيير ميزان القوى وحسم المعركة الشاملة لضرب داعش. وستكون القوى العربية قد استدرجت لمعركة وان أتت على حساب النظام وحلفائه لكنها بالتاكيد ستزيد من قوة داعش عوضا عن اضعافه.
تفترض اللوجستية تقييدات على خطط العمليات العسكرية. واذا كان الحديث عن نشر اكثر من مئة الف جندي عربي في سوريا سيتم من خلال المحور التركي. فقراءة مبسطة للخريطة الجغرافية لمسرح العمليات تبين ان محور الجهد الرئيسي الأردني هو الخيار الأفضل والأكثر احتمالا دون اغفال قيام محور ثانوي على الجهة التركية.
المحور الأردني ودمشق أولا
ان أي تدخل عربي في سوريا وان اتى بمفهوم العمل الهجومي او بمفهوم قوى حفظ الامن لضمان نجاح الحل السياسي لا يمكن الا وان يكون هدفه النهائي السيطرة على العاصمة السورية ومن ثم إعادة بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي السورية. وبالتالي فان المحور الأردني يضع القوى العربية على مسافة ساعات من بلوغ العاصمة السورية.
كما ان المحور الأردني هو الأقرب الى المنطق والمبادئ العسكرية. فقصر المسافة يسمح بسهولة انتقال ونشر القوى على المسرح العملياتي السوري وبالتالي سهولة امدادها ودعمها. البيئة الأردنية هي اكثر احتضانا وتجانسا مع القوى المشاركة في التحالف العربي وبالتالي فان انشاء قيادات متقدمة على الأراضي الأردنية يعتبر خيارا منطقيا ومقبولا من جميع القوى المشاركة في التحالف. لا سيما ان الأردن لا يزال يتحين اللحظة للثار ممن احرقوا بوحشية طيار الجيش العربي.
http://defense-arab.comdefense-arab...m/2015-12-02-04-46-01/938-2016-02-07-22-00-57