إن فكرة أن تقوم السعودية بالحفاظ على الأسلحة النووية الباكستانية وتشغيلها تعتبر مستحيلة عمليًا بسبب التعقيد الفني الهائل الذي تنطوي عليه هذه الأسلحة. فهذه الأسلحة ليست مجرد أدوات يمكن تشغيلها بسهولة، بل تحتاج إلى إشراف تقني مستمر وعلى مستوى عالٍ من الخبرة. الأسلحة النووية الباكستانية مرتبطة بأنظمة قيادة وتحكم فريدة خاصة بها، تشمل اتصالات آمنة وأكواد مشفرة وأنظمة إطلاق متخصصة. لكي تستطيع السعودية تشغيل أو صيانة هذه الأسلحة بشكل مستقل، سيكون عليها أن تعيد بناء النظام التقني الكامل الخاص بباكستان، بما في ذلك المخططات السرية وبروتوكولات الصيانة وأدوات التشخيص والمهندسين المتخصصين، وكل ذلك يجب أن يتم بدون حدوث أي أخطاء تقنية قد تؤدي إلى عدم استقرار أو خطورة هذه الأسلحة.
أما من ناحية المواد الانشطارية، فهي تخضع لمراقبة دولية صارمة من قبل وكالات متخصصة وأجهزة استخبارات وأقمار صناعية. المواد الانشطارية التي تستخدمها باكستان محفوظة في منشآت محصنة وتحت إجراءات أمنية فائقة، وغالبًا ما تكون في مواقع سرية يصعب الوصول إليها أو نقلها دون أن يتم اكتشاف ذلك. تهريب المواد الانشطارية أو الأسلحة النووية كاملة إلى السعودية يتطلب التسلل عبر عدة طبقات من المراقبة الدولية، الحدود، الدوريات البحرية والجوية، والاستخبارات العالمية، وهو أمر بالغ الصعوبة، بالإضافة إلى أن الأسلحة النووية شديدة الحساسية لشروط النقل حيث يمكن أن يؤدي أي هزة أو اهتزاز إلى فشل أو حادث خطير خلال النقل.
من ناحية الصيانة والسلامة، تحتاج الأسلحة النووية إلى صيانة دورية تشمل استبدال المكونات القديمة وإعادة المعايرة وفحوصات السلامة التي يقوم بها علماء مختصون. السعودية تحتاج إلى بناء أو الحفاظ سرًا على بنية تحتية متكاملة لصيانة الأسلحة النووية، تشمل غرف نظيفة ومعدات تشخيص وحماية من الإشعاع وفرق متخصصة، وكل هذه الأمور غير موجودة أو معلن عنها في السعودية. بدون هذه الصيانة تصبح الأسلحة النووية غير مستقرة أو غير موثوقة وقد تصبح خطيرة لمن يتعامل معها، كما أن هناك حاجة لاستبدال دوري لمكونات إلكترونية غير نووية للحفاظ على وظيفتها مما يتطلب سلسلة توريد مستمرة غير متوفرة للسعودية.
أما المراقبة الدولية فهي غير قابلة للاختراق، حيث تراقب وكالات استخبارات عالمية النشاط النووي باستخدام صور الأقمار الصناعية التي ترصد المنشآت أو النقل المشبوه والتنصت على الاتصالات المشفرة واستخدام الاستخبارات البشرية مثل الجواسيس والمخبرين. أي محاولة لنقل أو صيانة أو اختبار أسلحة نووية سرًا في السعودية من المحتمل جدًا أن تُكتشف خلال أيام أو حتى ساعات، مما يؤدي إلى ردود فعل دولية فورية. نظام عدم الانتشار النووي مصمم خصيصًا لمنع مثل هذا التوسع، مما يجعل التعاون النووي السري شبه مستحيل.
وأخيرًا، حتى مجرد الشك في وجود أسلحة نووية باكستانية في السعودية سيؤدي إلى أزمة دولية مع عواقب فورية تشمل فرض عقوبات اقتصادية قاسية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة واحتمالية عمليات عسكرية أو تخريبية سرية ضد المواقع المعنية، إلى جانب العزلة الدبلوماسية الكاملة للسعودية. كما أن باكستان ستواجه ضغوطًا هائلة قد تعرض برنامجها النووي لضرر جسيم، وهذا كله سيزعزع استقرار المنطقة بأكملها. لذلك لا يمكن لأي من الطرفين أن يقبل هذه المخاطر.
باختصار، لكي تتمكن السعودية من الحصول على أسلحة نووية باكستانية وصيانتها وإطلاقها، عليها تجاوز عقبات تقنية ولوجستية واستخباراتية وسياسية هائلة، مما يجعل الأمر عمليًا مستحيلاً بدون اكتشاف أو عواقب كارثية.