تفنيد السردية المتداولة في الإعلام المصري حول مغالطة قطع إمدادات النفط السعودي عن مصر في 2016 ، وذلك في سياق تبرير صفقة الغاز المصرية - الإسرائيلية:

السردية: السعودية قطعت النفط عن مصر في 2016
التفنيد:
- إمدادات النفط التي كانت تقدمها السعودية لمصر عام 2016 لم تكن تبادل تجاري، بل كانت دعم سعودي مباشر بتمويل وتسهيلات سداد طويلة الأجل من خلال الصندوق السعودي للتنمية.
كجزء من اتفاق دعم اقتصادي قيمته 23 مليار دولار تم توقيعه في أبريل 2016 خلال زيارة العاهل السعودي إلى القاهرة، والتوقف المؤقت عن هذه الإمدادات تزامن مع التزام منتجي النفط بقرار أوبك التاريخي بخفض الإنتاج عالمياً، ولم يستمر سوى خمسة أشهر قبل أن تعود الشحنات بشكل طبيعي (وصف بالقرار التاريخي لأن أوبك اتفقت على أول خفض جماعي للإنتاج منذ عام 2008، وذلك لتقليص العرض العالمي).

السردية: السعودية قطعت إمدادات النفط لرفض مصر المشاركة في عاصفة الحزم
التفنيد:
الموقف المصري من اليمن لم يتغير منذ بداية عاصفة الحزم في مارس 2015: مشاركة جوية وبحرية، دون إرسال قوات برية كبيرة
السعودية كانت تعرف هذا من اليوم الأول في 2015، فلماذا تنتظر العام الذي يليه لتعاقب مصر؟

السردية: إسرائيل قدمت الغاز بسعر منخفض أقل من الأسعار في الأسواق العالمية.
التنفيد:
إسرائيل لم تخفض سعر الغاز لمصر بدافع الكرم، بل ضمن معادلة مصلحية مركّبة تجمع بين الاقتصاد والسياسة:
1. اقتصادياً:
• خطوط الأنابيب بين إسرائيل ومصر تجعل تكلفة النقل شبه معدومة مقارنة بالغاز المسال (LNG) المستورد بحراً، الذي يتطلب عمليات تسييل وشحن وإعادة تغويز مكلفة.
• تقديم سعر أقل من السوق الفوري يمنح إسرائيل عقداً طويل الأجل يضمن تصريف فائض إنتاجها من حقول ليفياثان وتمار، ويحميها من تقلبات السوق.
2. سياسياً واستراتيجياً:
• الصفقة تعزز الاعتماد المتبادل بين القاهرة وتل أبيب، بحيث تصبح مصر مرتبطة بإمدادات إسرائيلية يصعب الاستغناء عنها دون تكلفة عالية.
• في المقابل، هذا يمنح إسرائيل ورقة ضغط غير مباشرة في ملفات إقليمية، ويُكسبها دوراً محورياً في أمن الطاقة في شرق المتوسط.
3. منافسة البدائل:
• بتقديم سعر جذاب، أزاحت إسرائيل خيارات أخرى أمام مصر مثل الغاز القطري أو الجزائري أو واردات LNG من السوق المفتوح، وجعلت الغاز الإسرائيلي الخيار الأوحد أمام الاقتصاد المصري.
الخلاصة:
• للصفقة مبررات اقتصادية وجيوسياسية، وليس بالضرورة من أجل تبريرها أن يلجأ الإعلام المصري ولجانه لشماعة الأشقاء العرب ومظلومية التخلي.
• المساعدات السعودية كانت طوعية وبشروط ميسرة وأقساط مؤجلة مدفوعة لشركة أرامكو من قبل الحكومة السعودية مقدماً، بينما الصفقة مع إسرائيل تجارية بحتة تقوم على المنفعة المتبادلة بأقساط فورية وتوريدات مدفوعة مقدماً للشركات الإسرائيلية من قبل الحكومة المصرية.
• فترة خفض الإمدادات السعودية لمصر عام 2016 كانت مؤقتة (5 أشهر فقط) وجاءت في إطار خفض إنتاج عالمي ضمن اتفاق أوبك.
• السعودية استأنفت الإمدادات لاحقاً واستمرت في تقديم الدعم والاستثمار في مصر، مما ينفي أي نية للقطيعة أو العقاب.
• لا يمكن مقارنة دعم أشقاء قدّموا تسهيلات مالية ونفطية لسنوات، بصفقات مع عدو تاريخي وبمقابل مالي
• استخدام هذه السردية إعلامياً يهدف إلى تشويه دور السعودية التاريخي في دعم مصر وإلى صرف النظر عن أبعاد الصفقة مع إسرائيل.