جزائر الشاذلي بن جديد … الطريق نحو التعددية السياسية

الحاج سليمان 

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
5 سبتمبر 2007
المشاركات
7,479
التفاعل
20,628 277 34
الدولة
Algeria
هذا الجزء هو الاول ضمن عشرين جزءا تؤرخ لفترة حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد 1979-1992 وقيادته البلاد من النهج الاشتراكي إلى اقتصاد السوق :

جزائر الشاذلي بن جديد :

الرئيس بن جديد بين مؤسسة الجيش و جهاز الحزب

المقدمة :

لقد شكلت الـ18 شهرا الأولى من فترة حكم الرئيس الشاذلي، نقطة تحول حقيقية في منظومة الحكم، فخلال هاته الفترة، تكونت النواة الصلبة التي ستعشش في دواليب الحكم، و ستنتج لاحقا مراكز قوى صَعُبَ التحكم فيها؛ كما كانت هاته الفترة مرحلة أَظْهَرَ فيها الناس أسوء ما فيهم، و استعملت فيها جميع أنواع الخبث السياسي، بما في ذلك الوشاية، الكذب، النفاق، التأمر و الضرب تحت الحزام، لتنتهي بانهيار جيلا كاملا من القادة السياسيين و العسكريين، ليحل محلهم جيل جديد، عاشرهم و ناضل معهم، ثم انقلب عليهم و صفاهم. لقد كانت هاته الفترة مرحلة استعمل فيها بوَعْيٍ أو بغير وَعْيْ أساليب منحطة منها التلفيق و الابتزاز كما حدث للمجاهد مسعود زقار، و منها التهويل و التضخيم، كما حدث مع السيد محمد الصالح يحياوي، و منها تصفية الحسابات، كما حدث مع اللواء مصطفى بلوصيف، و منها الوشاية الكاذبة و الضرب في الظهر و تحت الحزام كما حدث مع الدكتور محيي الدين عميمور، و منها إشعال نار الفتنة باستعمال النميمة و الوشاية الكاذبة، كما حدث مع الرائد إبراهيم براهمية، و غيرهم من رجالات الجزائر الأوفياء.
لقد مهدت هاته المرحلة لما سيأتي بعدها من سوء تسيير يتسبب في ضياع اقتصاد الجزائر و انهياره،بعدما حقق نسبة نمو بلغت 9 بالمائة عام 1977 (رقم لم تبلغه اليابان حينها)، و لتتسبب في تفكك التركيبة السياسية لمنظومة الحكم، و تسبب نزيفا في الإطارات الوطنية المخلصة التي تعرضت للتصفية و التهميش، لتنتهي كل تلك التراكمات بإنتاج أزمة حكم حقيقية أفضت لكارثة الخامس من أكتوبر 1988، التي بدورها قضت على ما بقي للدولة الجزائرية من مقومات، و لتُدْخَلَ الجزائر عُنْوَةً في تعددية سياسية غير محسوبة العواقب، و ينفتح الاقتصاد الوطني على السوق الحرة بطريقة ارتجالية، و غير مدروسة، ليتشكل في الأخير كل ما يلزم للوصول بالجمهورية لشفا الأنهار ، و كادت أن تسقط في يد الأصولية.
و إنصافا للرجل؛ علينا أن نذكر منذ البداية، أن الرئيس الشاذلي بن جديد حاول قدر المستطاع إصلاح ما يجب إصلاحه، و تغيير ما يجب تغييره، فقد عمل بجد، و نقاء سريرة على رفع الغبن عن الشعب الجزائري، ففي منظوره الخاص، إن الشعب الجزائري قد عاش الويلات، و عليه أن ينعم برخاء الاستقلال، لذلك عمد على إلغاء بعض الأمور في السياسة البومدينية التي رأى أنها شدة زائدة عن اللازم، لكنه في نفس الوقت وضع ثقته فيمن لا يستحقها، و سنرى من خلال تقدم الأحداث و تطورها، أن الرئيس الشاذلي بن جديد تعرض للكثير من الخيانات، ناهيك عن الغثبة و النميمة و حتى الظلم، كما لفقوا له ما لم يفعله، و اتهموه بما ليس فيه، و لعل أكبر خطأ ارتكبه الرئيس بن جديد، أنه كان طيبا أكثر من اللازم..
نظرا لتشعب القضايا و تضاربها، و كثرة الأحداث، سأقسم هذا الملف إلى أجزاء، و سينقسم كل جزء إلى فصول، فأرجوا من المتابعين الكرام سعة الصدر و طول البال، و أعد أنكم ستقرؤون تاريخا للجزائر، كما لم تقرؤوه من قبل.
يتبع
 
IMG_0184.jpeg
 
الله يرحمه لكن حسب رأيي الشخصي هو أسوء رئيس في تاريخ الجزائر
 
للأسف هو سبب العشرية السوداء و سبب دخول الجزائر في نفق مظلم
سمح بتعدد الاحزاب في وقت تحول الدولة من دولة عسكرية الى دولة مدنية و عدم ترتيب امور و المناصب و خلق فراغ في النظام الامني و السياسي
 
اكبر حشوة لم نكن جاهزبن لتعددية
... الصين بحزب واحد حققت معجزات و الجزائر ب 60 حول تسبح مع دول العالم الثالث
 
الله يرحم الرئيس شاذلي و لكن فترة حكمه شهدت اخطاء كثيرة اقتصاديا و سياسيا للاسف.
 
جاء بالتعددية الحزبية في وقت مبكر لم يكن فيه الكثير من النخب المثقفة القادرة على التسيير ،إستغل المتطرفون هذا و استفردوا بالمعارضة بعدما كان الشعب خلاص كره ما FLN
أنصحكم تشوفوا قصة ازدهار كوريا الجنوبية اقتصاديا
 
جاء للحكم بنظام سياسي قوي خزينة مليئة و نمو اقتصادي 8-9 بالمئة ورحل بخزينة فارغة وفراغ سياسي هائل

جيل تلك الفترة عاشوا كالملوك في عهده لكن الأخطاء الاقتصادية التي ارتكبت في الثمانينات لا نزال نعاني ويلاتها حتى اليوم

أن تكون شخص طيب لا يعني أن تكون حاكم جيد

رحم الله الرئيس الشاذلي
 
جاء بالتعددية الحزبية في وقت مبكر لم يكن فيه الكثير من النخب المثقفة القادرة على التسيير ،إستغل المتطرفون هذا و استفردوا بالمعارضة بعدما كان الشعب خلاص كره ما FLN
أنصحكم تشوفوا قصة ازدهار كوريا الجنوبية اقتصاديا
كان فيه pnsd والfss اعتقد والrcd، الشعب اختار الفيس لأنه اراد الفيس، مش لأنو يكره الFLN (ثاني اكبر فائز) او لأنو صوت زكارة، نعترف بالواقع كما هو.
 
جاء للحكم بنظام سياسي قوي خزينة مليئة و نمو اقتصادي 8-9 بالمئة ورحل بخزينة فارغة وفراغ سياسي هائل

جيل تلك الفترة عاشوا كالملوك في عهده لكن الأخطاء الاقتصادية التي ارتكبت في الثمانينات لا نزال نعاني ويلاتها حتى اليوم

أن تكون شخص طيب لا يعني أن تكون حاكم جيد

رحم الله الرئيس الشاذلي
العربي بلخير وبوتفليقة سبابنا
شوف وش صرا لمحمد الصالح باش جا الشاذلي (لو الامور مشات الامور بشكل صحيح لو مشكل العشرية ماكانش حدث اصلا)
المرة الأولى الجزائر قضت على فرصتها في نظام سياسي متماسك يتحرك وفق الraison d'etat مش مصالح الافراد وهواهم كان لما بدأت الثورة مع التفريط في خبرة حزب الشعب، المرة الثانية مع "التصحيح الثوري" واللي كسرت الدولة بشكل كلي كان صنيع السرطان بلخير
 
جاء للحكم بنظام سياسي قوي خزينة مليئة و نمو اقتصادي 8-9 بالمئة ورحل بخزينة فارغة وفراغ سياسي هائل

جيل تلك الفترة عاشوا كالملوك في عهده لكن الأخطاء الاقتصادية التي ارتكبت في الثمانينات لا نزال نعاني ويلاتها حتى اليوم

أن تكون شخص طيب لا يعني أن تكون حاكم جيد

رحم الله الرئيس الشاذلي
الخزينة لم تكن مملؤة بل العكس . عند وفاته بومدين ترك البلاد مثقلة بالديون (16 مليار دولار).و الشاذلي تغافل عن هذا و أطلق سياسة شعبوية تتسم بالتبذير : من أجل حياة أفضل . و فتح الباب للإستيراد و الإستهلاك مما زرع البذور الأولى للفساد و قد قدره الوزير الأول آنداك ابراهيمي ب 26 مليار دولار .
 
الخزينة لم تكن مملؤة بل العكس . عند وفاته بومدين ترك البلاد مثقلة بالديون (16 مليار دولار).و الشاذلي تغافل عن هذا و أطلق سياسة شعبوية تتسم بالتبذير : من أجل حياة أفضل . و فتح الباب للإستيراد و الإستهلاك مما زرع البذور الأولى للفساد و قد قدره الوزير الأول آنداك ابراهيمي ب 26 مليار دولار .

الديون التي تم اقتراضها في السبعينات كلها كان يتم استثمارها في شراء المصانع و خلق مشاريع تستطيع الجزائر من خلالها بسهولة دفع الدين و تحقيق أرباح اقتصادية و قد تم ذلك عدة مرات في عهد بومدين

تغير التوجه الاقتصادي بعده هو ما تسبب في توقف النمو الاقتصادي الكبير بعد قرابة العقد و التوجه نحو الإستهلاك الذي أهلكنا
 
للأسف هو سبب العشرية السوداء و سبب دخول الجزائر في نفق مظلم
سمح بتعدد الاحزاب في وقت تحول الدولة من دولة عسكرية الى دولة مدنية و عدم ترتيب امور و المناصب و خلق فراغ في النظام الامني و السياسي

اكبر حشوة لم نكن جاهزبن لتعددية
... الصين بحزب واحد حققت معجزات و الجزائر ب 60 حول تسبح مع دول العالم الثالث

جاء بالتعددية الحزبية في وقت مبكر لم يكن فيه الكثير من النخب المثقفة القادرة على التسيير ،إستغل المتطرفون هذا و استفردوا بالمعارضة بعدما كان الشعب خلاص كره ما FLN
أنصحكم تشوفوا قصة ازدهار كوريا الجنوبية اقتصاديا

من السهل التحليل والنقد بعد مضي الاحداث واتضاح النتائج وهذه مغالطة شائعة
لكن اي شخص كان في مقعد الرجل وقتها لم يكن ليعلم بدقة ما سيحدث

وقتها كانت الشيوعية والاشتراكية في تراجع والكفة تميل شيئا فشيئا للمعسكر الغربي ومن الحكمة الانفتاح عليه
 
جزائر الشاذلي بن جديد
الجزء الاول
فبراير 1979 ، جوان 1980
الرئيس بن جديد بين مؤسسة الجيش و جهاز الحزب

تساقط رموز العهد البومدينية

بعد الدورة الثالثة للجنة المركزية، جمع الرئيس الشاذلي أمره، لتصفية الساحة من العناصر المتشددة، و المحسوبة على التيار البومديني، و التي استطاعت البقاء عالقة ضمن دواليب السلطة في البلاد، إلا أنها كانت بطريقة أو بأخرى تنازع الرئيس الشاذلي في أحقيته في خلافة بومدين، حيث صار بقائها ضمن الحلقة الأولى لمركز اتخاذ القرار و إن كان شرفيا، شيء مقلق دفع الرئيس الشاذلي، للتعجيل بفض صراعاته معهم بصفة نهائية، و بالتالي يَنْتَقِلْ من النفوذ البومديني، إلى مرحلة حكم خاصة به، يسيرها وفق تصوراته، و أطروحاته، و يشرك فيها، و يعزل فيها، من يشاء من الإطارات. و قد كان للإطارات العسكرية المحيطة بالرئيس الشاذلي، دورا فعالا في إقناعه بهذه الأطروحة، التي كان هو أساسا مقتنعا بها، و إنما كان في حاجة لمن يبادره في الموضوع، بحيث يكون تحركه مبني على استشارة جماعية، و ليس قرار فردي يتحمل مسئوليته لوحده، في حالة فشله في التخلص من خصومه.
في زخم هذه الصراعات الطاحنة التي دار رحاها في صمت تام، بدأت النخب السياسية و العسكرية، تتصادم فيما بينها، لتنتج عصب جديدة مختلفة تماما عن سابقاتها، التي كانت تحتكر الحكم و السلطة في عهد الرئيس هواري بومدين، فعلى مستوى رئاسة الجمهورية، بدأ الرائد العربي بلخير، يخطوا خطواته الأولى التي ستمكنه من الإمساك، بزمام الأمور، ليصبح الرجل الثاني في الدولة بدون أي منازع، كما أخذ مولود حمروش يتموقع بدوره، و يتقرب من الرئيس الشاذلي، من خلال اتصاله الدائم و المستمر به، بوصفه مدير عام للبروتوكول في رئاسة الجمهورية، و ستتطور الأحداث بحيث يصبح الرجلان بلخير و حمروش أقوى رجال السلطة في البلاد على الإطلاق، و من أقرب المقربين للرئيس الشاذلي، الذي وضع فيهما ثقته التامة، و مكنهما من ممارسة سلطة خارقة للعادة، و لم يكن يتخذ أي قرار دون الرجوع إليهما، كل في مجال التخصص، الذي فوضهم فيه، بحيث صار للأول (العربي بلخير) اليد العليا في تسيير ملف إطارات الأمة بأكملها، بينما أصبح للثاني (مولود حمروش) اليد العليا في تسيير ملف الاقتصاد الوطني بأكمله.
أثناء مناقشة تشكيلة اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر الاستثنائي للحزب، اقترح الرائد بلخير، على الرئيس الشاذلي، أن يقدم مجموعة الرئاسة على سواهم من الإطارات، بوصفهم المساعدين المباشرين الذي لا شك في ولائهم لشخصه، كما إنهم إطارات ممتازة قد صقلتها التجارب التي عاشوها مع الرئيس بومدين، و هم أعلم الناس بكافة الإطارات، و بالتالي توليتهم رئاسة اللجنة و رئاسة اللجان الفرعية، ستمكنهم من تحضير المؤتمر وفق رأيتهم الخاصة، بحيث يتم إعداد كل شيء في هدوء تام، و بالتالي تخطي جماعة زيروت يوسف التي صار لازما ترويضهم، و إفهامهم أن السلطة داخل الحزب، انتقلت رسميا من قصر زيروت يوسف (المقر المركزي للحزب) إلى قصر المورادية (رئاسة الجمهورية).
ففي هذا الإطار، بدأ الرئيس الشاذلي، يعد العدة لإعادة هيكلة أجهزة الحزب و الدولة، بحيث يصير هو مركز قرارها، و ما كان ذلك ليتأتى في وجود العناصر المتشددة، الموروثة عن حكم سابقة الرئيس بومدين، طبعا لم تكن نية الرئيس الشاذلي كما يضن الكثير من الناس، هي تصفية الفكر أو الاتجاه البومديني، الذي بقي طاغيا على المشهد السياسي في الجزائر، فالرئيس الشاذلي نفسه كان بومدينيا، و من الإطارات العسكرية التي لها مسار طويل إلى جانب ذلك الزعيم، إنما الخلافات السياسية التي استمرت حتى بعد تولي العقيد الشاذلي لرئاسة الجمهورية، دفعته و ألزمته بانتهاج سياسة أُوِلَتْ فيما بعد، على أنها تصفية للبومدينية، و في الحقيقة لم تكن كذلك، إنما أراد الرئيس الشاذلي من خلال ما سيتخذه من قرارات، إنهاء دور القيادات الطلائعية التي شاركت بومدين فترة حكمه التي دامت 13 سنة، و فسح المجال للجيل الثاني من القيادات لتتولى نفس مناصب، كما أن هناك دليل أخر على عدم وجود أي نية مبيتة لتصفية الفكر البومديني (عن الأقل بالنسبة للرئيس الشاذلي) أنه لم يتخلص من كل من عاشروا بومدين، و قد تجلى ذلك من خلال إبقاءه إلى جانبه للدكتور احمد طالب الإبراهيمي، و في نفس المنصب الذي كان يشغله إلى جانب بومدين ، كما أبقى إلى جانبه كل من المستشار الإعلامي للرئيس بومدين الدكتور محيي الدين عميمور، و مدير التشريفات مولود حمروش، و مدير الأمن الرئاسي كركب، و كلهم كانوا من المقربين لبومدين، و احتفظوا بنفس المناصب التي كانوا يشغلونها، كما أن الرئيس الشاذلي (منذ الأشهر الأولى لبداية حكمه) استطاع عزل الكثير من الإطارات المحسوبة على بومدين، مثل تعيينه لمحمد الصديق بن يحي وزيرا للخارجية، المنصب الذي احتكره عبد العزيز بوتفليقة لمدة تجاوزت 16 سنة، كما عزل أحمد بن شريف، و الطيبي العربي، و أحمد دراية، و بلعيد عبد السلام، الذين أعفاهم من مناصب تنفيذية مهمة جدا، ليحولهم إلى مجرد أعضاء في المكتب السياسي للحزب، بلا أي سلطة تذكر، في انتظار عملية تصفيتهم التي انطلقت فعليا، أثناء الدورة الثالثة للجنة المركزية للحزب.
ففي هذا السياق، و تنفيذا لخطوته الأولى المتعلقة بتصفية شوائب النظام البومديني، شكل الرئيس الشاذلي اللجنة الوطنية المكلفة بتحضير المؤتمر الاستثنائي للحزب، و عين على رأسها وزير السياحة السيد عبد المجيد علاهم، في إشارة واضحة على أن دور منسق الحزب، السيد محمد الصالح يحياوي قد انتهى، ثم تفرعت اللجنة الوطنية إلى ستة لجان فرعية هي :
1- اللجنة الفرعية للوثائق و الأمانة التقنية: برئاسة الرائد العربي بلخير (إطار في الرئاسة).
2- اللجنة الفرعية للقوانين التنظيمية: برئاسة السيد مسعودي زيتوني.
3- اللجنة الفرعية للتنظيم العام: برئاسة السيد مولود حمروش (إطار في الرئاسة).
4- اللجنة الفرعية للإعلام: برئاسة الدكتور محيي الدين عميمور (إطار في الرئاسة).
5- اللجنة الفرعية للشؤون الاقتصادية: برئاسة الدكتور عبد الحميد الإبراهيمي. الذي كان مكلف بإعداد مشروع المخطط الخماسي 1984-1980 بصفته وزيرا للتخطيط.
كما استفاد الرئيس الشاذلي، من القرارات التي اتخذتها اللجنة المركزية، في دورتها الثالثة، و التي نصت أساسا، على حق رئيس الجمهورية و الأمين العام للحزب، في تشكيل أي لجنة دائمة أو خاصة، كلما دعت الضرورة لذلك، فقام أسبوعا فقط بعد تنصيبه للجنة الوطنية المكلفة بتحضير المؤتمر الاستثنائي للحزب، بتنصيب لجنة خاصة مكلفة بدراسة الهياكل المركزية للحزب، و إعداد مشروع تعديل القانون الأساسي، الذي سيعرض على المؤتمر، فسحب البساط من تحت أقدام اللجنة الفرعية للقوانين التنظيمية، و بالتالي صار تحضير مسودة القانون الأساسي الجديد للحزب، يعاد النظر فيه في لجنة مستقلة تماما عن لجنة تحضير المؤتمر، مما أعطا للمساندين للرئيس الشاذلي، فرصة العمل في الخفاء، و تمرير ما يشاءون من تعديلات، في انتظار إيجاد طريقة ليزكيها المؤتمر.
بالرغم من كل الضربات الموجعة التي تلقاها، السيد محمد الصالح يحياوي، و المحاولات المتتالية لإبعاده، عن مركز اتخاذ القرار داخل جهاز الحزب، إلا أنه رفض الاستسلام، و واصل معركته الطاحنة ضد جماعة المورادية (رئاسة الجمهورية) كما كان يسميهم، و قد تجلى هذا الصراع بصورة واضحة جدا، خلال أعمال اللجان الفرعية، كما أن هذه الصراعات فتحت المجال للكثير من المتسلقين الجدد، الذي لم يكن لهم أي دور يذكر، في مرحلة حكم الرئيس بومدين، فأخذوا يتموقعون داخل أجهزة الحزب و الدولة، طمعا في الحصول على مناصب سياسية أو تنفيذية، في منظومة الحكم الجديدة، مما تسبب في تشكيل لوبيات و عصب و جماعات ضغط، سنتطرق إليها في حينها كل على حدا.
اشتد الصراع داخل اللجان الفرعية، فرئيس اللجنة الفرعية للشؤون الاقتصادية، الدكتور عبد الحميد الإبراهيمي، الذي كان حينها يشغل منصب وزير التخطيط، و كان في نفس الوقت مكلفا بإعداد المخطط الخماسي 1980/1984، كان يريد أن يعتمد المؤتمر مخططه الاقتصادي، مما سيتسبب لاحقا في نقاشات طويلة جدا، لأنه قانونا لا يحق للجنة المركزية تعديل لوائح و توصيات المؤتمر، فإذا صادق المؤتمر على المخطط الخماسي، كما كان يريد السيد عبد الحميد الإبراهيمي، لأصبح من المستحيل تعديله لاحقا، إلا من خلال مؤتمر جديد، و هذا يظهر مدى التعنت الذي مارسه بعض المتسلقين الجدد، أثناء التحضيرات المتعلقة بعقد المؤتمر الاستثنائي، و حتى أثناء المؤتمر نفسه.
كانت اللجنة الفرعية للإعلام، التي ترأسها المستشار الرئاسي، الدكتور محيي الدين عميمور، من بين أكثر اللجان الفرعية نشاطا، فقد بثت في الكثير من المسائل المرتبطة بالجانب الإعلامي، منها أنها هي اعتمدت رمز المؤتمر و شعاره المكتوب الذي سيميز المرحلة الثانية من حكم الرئيس الشاذلي، و الذي اتخذته شعارا للجزء الثالث من هذه الدراسة، و الذي سميتها :
-- جزائر من أجل حياة أفضل -- . كما إنها هي من اختارت الشعارات التي سترفع خلال المؤتمر من بينها:
1- الرجل المناسب في المكان المناسب.
2- كل مسئول في عمله و عن عمله.
3- تعميم اللغة العربية هدف استراتيجي.
و بدا واضحا من خلال الشعارين الأول و الثاني، أن الأوضاع تتجه نحو عزل يحياوي و كل من يسانده، فأخذ أصدقاء الأمس يتحاشون مجرد الوقوف معه، و آخرون إذا صادفوه بدلوا طريقهم، و في الأثناء التي كان نجم محمد الصالح يحياوي يغيب، أخذ محمد الشريف مساعدية يستعيد نشاطه الحزبي تدريجيا، بعد أن تخلص منه يحياوي حين اقترحه وزيرا للمجاهدين في حكومة عبد الغني الأولى، المنصب الذي لم يستسغه مساعدية، و قبله عن مضض، في انتظار أن تسمح له الظروف بالعودة لقصر زيروت يوسف، الذي ألفه و لم يرضى بغيره، ثم جاءت هذه الفرصة الذهبية، لتعيد فتح طريق الحزب أمام مساعدية، الذي كان مستعدا تماما، لتخلي عن منصبه الوزاري مقابل، العودة لمنصبه الحزبي.
اشتد الحصار على السيد محمد الصالح يحياوي، الذي تجاوزته الأمور، و صار شبه عاجز عن القيام بأي دور، يستطيع من خلاله فرض وجهات نظره، و إبقاء سلطته على جهاز الحزب، خصوصا حين قامت جماعة الرئاسة بإقحام محمد الشريف مساعدية، المنافس القوي لمحمد الصالح يحياوي، بقوة في شؤون و قضايا التحضير للمؤتمر الاستثنائي، بحيث أظهروه على أنه الخليفة المحتمل ليحياوي، و أوفر الإطارات الحزبية حظا لتولي مسؤولية الحزب، بعد سقوط يحياوي.
يتبع
 
عودة
أعلى