أما الحدث المزلزل الذي يتردد في الكواليس فهو لقاء محتمل في الرياض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الإيراني !
السعودية و إيران .. ما الذي تغيّر ؟
—-
لفهم ما جرى ويجري بين السعودية وإيران لا يكفي التوقف عند لحظة اقتحام السفارة السعودية في طهران وقطع العلاقات عام 2016 ، بل لا بد من العودة إلى ما قبل ذلك بثلاثة عقود على الأقل حين بدأ النظام الإيراني في ترسيخ مشروعه القائم على تصدير الثورة وتبني الميليشيات بدل بناء الدولة وتغليب الأيديولوجيا على مفاهيم السيادة والاستقرار وتحويل الفوضى إلى وسيلة نفوذ وتمدد في الإقليم .
لكن حين اجتمع الطرفان في بكين عام 2023 برعاية صينية مباشرة لم يكن ذلك مجرد إنهاء للقطيعة بل لحظة إعلان صامت عن تغيّر قواعد اللعبة .
السعودية لم تذهب إلى التهدئة من موقع ضعف بل من موقع الواثق ، لم تغيّر جلدها بل وسّعت أدواتها ، ولم تتنازل عن ثوابتها بل أعادت تعريف معادلة الردع بلغة الدولة لا بلغة الشعارات ، وحين فتحت باب الحوار لم تفتح قلبها بل فتحت دفتر الحسابات!
في المقابل كانت إيران تجرّ خلفها سلسلة من الأزمات عقوبات خانقة جمود في المفاوضات النووية ، تراجع إقليمي، وأزمات داخلية … وفي قلب هذا المشهد المتأزم صعد اسم مجتبى خامنئي نجل المرشد الأعلى في لحظة داخلية تتطلب من النظام الإيراني إعادة ترتيب أوراقه بهدوء !
هنا فقط بدأت طهران تُغير خطابها ، خطاب يحاول تقديم إيران كدولة لا كمنصة للفوضى ، خطاب تكررت فيه الدعوات إلى إعادة العلاقات مع السعودية، إلى أن أُرسِل وزير خارجيتها إلى الرياض ، في خطوة لم تكن متكافئة بل نداء من مأزوم يبحث عن مخرج.
ثم جاءت الزيارة المفصلية الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع في طهران برسالة مباشرة من خادم الحرمين الشريفين إلى المرشد الأعلى زيارة لم تكن مجاملة دبلوماسية بل اختبار نوايا حقيقي أعاد رسم العلاقة إما دولة مقابل دولة أو لا شيء .
وفي كل ذلك لم يغب الملف النووي ، المفارقة أن طهران لم تهاجم المشروع النووي السعودي بل ألمحت إلى قبوله وكأنها تقرّ ضمنيًا أن التوازن النووي في الخليج أكثر أمنًا لها من احتكار يُفضي إلى مواجهة !
أما الحدث المزلزل الذي يتردد في الكواليس فهو لقاء محتمل في الرياض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الإيراني !
لقاء إن حدث لن يكون بروتوكولًا بل لحظة تُعيد تشكيل ميزان الشرق الأوسط بأكمله وتُظهر أن السعودية لم تعد مجرد لاعب مهم في المشهد بل أيضاً مركز قرار .
الخلاصة عزيزي المتابع :
السعودية لم تغيّر موقفها بل أجبرت الآخرين على إعادة حساباتهم ، إيران تحاول العودة دون اعتراف بخسائرها ، لكن الرياض لا تقيس المواقف بالكلمات بل بالأفعال ، و عادة في السياسة لا تُقاس التحولات بما يُقال بل بما يُسكت عنه .
——
تحياتي
