في كل مرة اغلب التدخلات فيما يخص الدين العمومي تلخص جهل عميق او معرفة جد صكحية بأبجديات الاقتصاد السياسي أو السياسات الاقتصادية، الدين العمومي يمكن تصنيفه انه معطى ظرفي نتيجة ازمات او صدمات خارجية أو داخلية، و يمكن اعتباره كمعطى هيكلي هو نتيجة اختيار استراتيجي من أجل تحريك عجلة الاقتصاد،
بالنسبة للحالة الأولى اي الدين العمومي كمعطى ظرفي فهو يكون ناتج عن غسل كبير في المنظومة و التوازن المكرو اقتصادي نتيجة أزمة اقتصادية أو سياسية خانقة و هو ما سيحصل ببعض الدول المنتجة البترول التي لم تنوع اقتصادها و اعتمدت على نظام تدفق تابت للسيولة و العملة الصعبة انطلاقا من الاعتماد على الموارد الطبيعية و في هاه الحالة تكون الأزمة بسبب انخفاض في ثمن هاه المواد و لمدة طويلة نسبيا أو نتيجة لصراع سياسي داخلي او حرب و قد يجتمع الاثنان. مشكلة هذا النموذج أنه غير قادر على الاستجابة بسرعة لتفادي تبعات الأزمة فالبنيات الإنتاجية و الرأس المال الخاص و العمومي لا يستطيع اعادت توجيه الجهد الاستثماري و الانتاجي القطاعات أخرى نظرا لصعوبة تغيير الهياكل التنظيمية و الادارية و إعادة تأهيل الموارد البشرية و كذا الترسانة القانونية و الأهم التموقع في سلاسل الانتاج و التسويق العالمية، و في هاه الحالة يكون أثر التوجه الى الدين العمومي سلبي و لا يمكن محوه على المدى القصير او المتوسط و قد يعني الدخول تحت سيطرت الرأسمال الاجنبي في أحسن الأحوال.
بالنسبة للحالة الثانية و التي بشكل فيها الدين العمومي معاك هيكلي فالنموذج الاقتصادي يكون اكثر تنوع و في منطق ديناميكي او متغير على المدى القصير و المتوسط و غالبا ما يتميز هذا النموذج بأسواق مفتوحة و بدور أكبر الرأسمال الخصوصي و تدفق متجدد و متغير للسيولة و لرؤس الاموال، الفرق بينه و بين النموذج الاول هو صرعة الاستجابة الأزمات و كذلك القدرة على تعبئة موارد إضافية من أجل تمويل الاستثمار و تسريع الاندماج بسلاسل القيمة العالمية.
اللجوء الى الدين العمومي لا يعني ضعف اقتصاد الدولة بل يعني السعي نحو تجنيد موارد إضافية من أجل تسريع وتيرة النمو و ذلك عن طريق المقارنة بين ما يسمى (the opportunity cost) و the funding cost او (the IRR internal rate of return )
و اتباع هذا النموذج يستلزم وجود قطاع اقتصادي مهيكل و على اعلى مستوى من الكفاءة لا على مستوى التأقلم مع متطلبات و معايير المؤسسات الدولية و لا على مستوى القدرة التنافسية الفاعلين الاقتصاديين للبلد، كما ان هناك فرق بين كلفة الدين العمومي من دولة لأخرى و مذى مصدر الدين العمومي و مجالات استخدامه، و كما يقال عندنا كون سبع و كولني الدين العمومي قد يكون مؤشر على قوة الاقتصاد و جودة المؤسسات في بعض الدول التي تفرض من أجل مشاريع استثمارية و بفوائد جد تفضيلية و من طرف العديد من المؤسسات و الجهات المانحة او عن طريق تمويل الصفقات التجارية للقطاع الخاص بضمان من الدولة كما هو الحال في المشاريع الصناعية الكبرى
،
و قد يكون الدين العمومي مؤشر على ضعف الاقتصاد و فساد المؤسسات ان كان من أجل تمويل مصاريف التسيير و بفائدة جد مرتفعة و غالبا من دولة أو دولتين او من مصدر واحد و هنا تجنبت ذكر الأمثلة و أسماء الدول تجنبا للحساسيات، و كما ان الهدف الأساسي هو تبادل الآراء و اغناء النقاش و ليس إثارة النعرات