محتويات هذا المقال ☟
هل يؤثر “انتصار” طالبان على الجماعات المتشددة في أفريقيا ويغير طريقة عملها؟
أدى انتصار حركة طالبان في أفغانستان إلى تشجيع الجماعات المتشددة الأفريقية على شن هجمات قاتلة، حيث قتل أكثر من 200 شخص في 4 غارات منفصلة الأسبوع الماضي في النيجر ومالي وبوركينا فاسو، الأمر الذي يشير إلى تزايد ثقة تلك الجماعات في إمكانية تحقيق النصر، مع تطور الفوضى في أفغانستان.
هذا وارتفع عدد قتلى الجماعات المرتبطة بتنظيمي ”القاعدة“ و“داعش“ إلى أكثر من 700 منذ بداية العام، ما يصل بإجمالي الوفيات منذ عام 2018 إلى عدة آلاف، كما أدت الفوضى إلى نزوح 7 ملايين شخص في منطقة الساحل (غرب آفريقيا)، التي شلها الجفاف أيضا.
ووفقا لصحيفة ”التايمز“ البريطانية، أرسلت المملكة المتحدة 300 جندي إلى مالي للانضمام إلى بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام، ولكن فشل الآلاف من القوات الأممية والإقليمية والغربية، في هزيمة المتطرفين، أثار المخاوف من أن التهديد الأكبر لأوروبا، يكمن الآن عبر البحر الأبيض المتوسط، ويتمثل في عدد كبير من الجماعات المتشددة.
وكتب رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، أن قرار الانسحاب من أفغانستان ترك ”كل جماعة متشددة في جميع أنحاء العالم تهتف“، وهو أمر تتفق معه المنظمات التي تراقب هذه المجموعات ومواقعها على شبكة الإنترنت.
احتفالات واسعة النطاق بين المتطرفين
وتقول هذه المنظمات إن سقوط كابول أدى إلى احتفالات واسعة النطاق بين المتطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومديح وإشادة بحركة طالبان.
هذا واستلهمت الجماعات المتمركزة في أفريقيا من قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من أفغانستان، ويتوقع الخبراء الإقليميون أنهم سيعملون على تصعيد هجماتهم.
من جانبها، تقاتل الصومال وموزمبيق والكونغو الديمقراطية المتطرفين، وهناك مخاوف متجددة من أن يتم تهريب بعض الأسلحة الأمريكية المتطورة التي تركت في أفغانستان، إلى أفريقيا من خلال طرق تهريب المخدرات عبر باكستان، ومن خلال المراكب الشراعية من بعض الدول إلى شرق أفريقيا.
يذكر أن ليبيا، التي أصبحت الآن نقطة الانطلاق المفضلة إلى أوروبا بالنسبة لتجار البشر، هي موطن للعديد من الجماعات المتطرفة.
وقالت مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في منطقة الساحل، كورين دوفكا: ”يبدو أن أفريقيا تتحول بسرعة إلى بؤرة نشاط وانتهاكات للجماعات المتشددة المسلحة، وفي منطقة الساحل، تفوقت هذه الجماعات على جيوش المنطقة واستغلت التضاريس المعقدة والحكم الضعيف والفاسد“.
وشرحت كورين أن هذه الجماعات ”استغلت بذكاء الانقسامات العرقية والاقتصادية والدينية لحشد المزيد من المجندين“، مضيفة: ”يجب أن تكون الأزمة مصدر قلق لنا جميعا نظرا للديناميكيات الجيوسياسية وانتشارها إلى أماكن أخرى في غرب أفريقيا بما فيها الدول الساحلية“.
سيطرة الجماعات المتشددة
وتخضع أجزاء كبيرة من بوركينا فاسو، التي كانت في السابق واحدا من أكثر البلدان استقرارا في أفريقيا الناطقة بالفرنسية، الآن لسيطرة الجماعات المتشددة التي تخلط بين القتال واللصوصية وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر.
وفي النيجر، قتل المسلحون أكثر من 420 مدنيا وطردوا الآلاف من منازلهم منذ كانون الثاني/يناير.
ويرجع ازدهار هذه الجماعات جزئيا إلى ضعف استجابة الحكومات الفاسدة في المنطقة، حيث تتهم القوات المسلحة الوطنية بقتل مدنيين أبرياء، والقضاء على خصومها السياسيين، ومضايقة السكان المحليين خلال حملات القمع الفاشلة ضد المسلحين المزعومين.
وقالت كورين دوفكا: ”على الدول وشركائها الدوليين أن يعالجوا بشكل مباشر القضايا التي أدت لعقود من عدم الاستقرار وفتحت الباب أمام الجماعات المسلحة، والتي تشمل ضعف الحكم، والفساد المستشري، وإساءة استخدام قوات الأمن للسلطة، وهي مشاكل تفاقمت بسبب الاحترار العالمي والنمو السكاني“.
يذكر أنه قبل سقوط كابول، نقلت وحدة المراقبة في هيئة الإذاعة البريطانية ”بي بي سي“ عن رئيس جماعة نصر الإسلام والمسلمين، إياد آغ غالي، قوله: ”إننا نفوز“، مشيرًا إلى قرار فرنسا تقليص قواتها من 5 آلاف إلى نصف هذا العدد بحلول مطلع العام المقبل.
هذا وشنت جماعة نصر الإسلام والمسلمين، التي تشكلت في عام 2017 لطرد ما تسميه ”العدو الصليبي المحتل“، حملة عنف متزايدة النجاح ضد المدنيين وقوات الأمن المحلية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
تشاد تخفف مساهمتها في القوة الإقليمية لمجموعة (جي 5)
وفي ضربة أخرى للجهود الرامية إلى تشكيل رد موحد على تحدي الجماعات المتطرفة، قالت تشاد في نهاية الأسبوع إنها ستخفض مساهمتها في القوة الإقليمية لمجموعة (جي 5)، من 1200 جندي إلى 600 جندي.
وتواجه تشاد مشاكلها الخاصة مع عنف الجماعات المتشددة في منطقة بحيرة تشاد المتاخمة للنيجر ونيجيريا والكاميرون، وفي بداية الشهر، قتل المسلحون ما لا يقل عن 26 جنديا تشاديا وجرحوا 14 آخرين في هجوم نسب إلى جماعة بوكو حرام النيجيرية الشهيرة باختطاف تلميذات المدارس.
هذا واندمجت ”بوكو حرام“ مؤخرا مع فرع تنظيم ”داعش“ في غرب أفريقيا، وأعادت إطلاق حملة من عمليات الاختطاف والقتل في نيجيريا وعبر الحدود في النيجر.
وفي الجنوب، أحدثت ”القاعدة“ فوضى في منطقة ”الحدود الثلاثية“ الشهيرة التي تلتقي فيها بوركينا فاسو ومالي والنيجر، ولقي 10 أشخاص مصرعهم في الهجوم الأخير الذي وقع يوم السبت الماضي.
وكانت بريطانيا قد أرسلت 300 جندي في كانون الأول/ديسمبر، لتعزيز بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي التي يبلغ قوامها 16 ألف جندي، حيث اندلعت أزمة الساحل بعد سيطرة مسلحين على صلة بـ“القاعدة“ على شمال البلاد في عام 2012.
ولا يحظى الوجود الفرنسي بشعبية في الداخل وفي أجزاء كثيرة من مالي، حيث يتذكر الشعب فرنسا كقوة استعمارية استغلالية.
وكتبت رئيسة تحرير صحيفة “ Le Pays “ المالية، بوريما غيندو: ”يقلق العديد من الناس من تحول الوضع على غرار ما حدث في أفغانستان“، مضيفة أن ”وجود هؤلاء الجنود الأجانب ضروري جدا لأنهم إذا غادروا غدا فسيكون الوضع أكثر خطورة“.