محتويات هذا المقال ☟
قال الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، إن البحرية الإسرائيلية رصدت قبل 3 أشهر، غواصة روسية على بعد 8 أميال بحرية من شاطيء منطقة “غوش دان” إحدى ضواحي تل أبيب.
وأشارت “يديعوت” إلى أن جيش الاحتلال، لم يعلق على تساؤلات، بشأن ما إذا شكلت الغواصة تهديدا لـ”الأمن القومي” أو “المدة التي مكثت فيها الغواصة الروسية”.
ولفتت إلى أنه وبعد التعرف على هوية الغواصة، أجرى ضباط البحرية اتصالات مع نظرائهم الروس، وقاموا بتفعيل آلية التنسيق البحرية، من خلال قسم تخطيط الأركان العامة، وقالت الصحيفة إن الغواصة غادرت غربا باتجاه البحر الأبيض المتوسط.
وأشارت الصحيفة إلى تسجيل العديد من الحوادث خلال السنوات الماضية، التي احتكت فيها قوات إسرائيلية وأخرى روسية ببعضها البعض، على خلفية الحرب في سوريا، واقتراب صواريخ تابعة لبحرية الاحتلال من طائرة “كوزنتسوف” العسكرية الروسية بمسافة بضع أمتار.
ورأت “يديعوت” أن اقتراب الغواصة الروسية هذه المسافة من السواحل الإسرائيلية، “له عواقب طويلة الأمد، ومحاولة روسية للتدخل أكثر في المنطقة بعد الحرب في سوريا، بالنظر إلى ان الغواصة متخصصة بجمع المعلومات الاستخبارية”.
دوافع وجود روسيا وأهدافها في المتوسط
أصبحت الأزمة السورية مدخلا مهما لتأكيد الوجود الروسي في شرق المتوسط، فقد وجدت موسكو فيها فرصة سانحة لإعادة تركيز قواتها في البحر المتوسط لأسباب جيو استراتيجية،طبقا لما ورد في عقيدتها البحرية المعدلة والمعلنة عام2015،والتي تنص على:”ضمان وجود عسكري بحري روسي كاف ودائم في المحيط الأطلسي، والبحر المتوسط بهدف إعادة إرساء سريعة وشاملة للمواقع الروسية الاستراتيجية”. وعليه، يمكن إجمال هذه الأسباب فيما يأتي:
1- تخفيف أثر العقوبات التي فرضت على روسيا،جراء ضمها لشبه جزيرة القرم.
2- نقل الخطوط الدفاعية من الحدود الروسية المباشرة إلي مناطق أبعد، بما يضمن الاستقرار النسبي على حدودها المباشرة من ناحية، ويحجم النفوذ الدولي في محيطها الإقليمي من ناحية أخري.
3- جعل جميع الدول الأوروبية في مدى الصواريخ الروسية التي يمكن إطلاقها من حاملة الطائرات الروسية في المتوسط.
4- مواجهة الأسطول السادس الأمريكي المرابط في مياه المتوسط، حيث سعت روسيا إلي تعزيز وجودها كرد فعل لهذا الوجود،خاصة في ظل ما أثير بشأن وجود سفن أمريكية ضمن أسطولها،تعد جزءا من منظومة الدرع الصاروخية الموجهة لروسيا.
5- بعد الاكتشافات الضخمة الجديدة من النفط والغاز في شرق المتوسط، تسعي روسيا إلي ضمان حصة من عقود التنقيب والاستخراج،ونقل الغاز(14)،بما يسهم في تعزيز قدراتها وإمكاناتها للسيطرة على سوق الطاقة، من خلال الربط بين مواقع الإنتاج ومناطق الاستهلاك. فإلي جانب كونها معبرا للغاز القادم من آسيا الوسطي، تسعي موسكو إلي ربط الغاز في المتوسط بالغاز القادم من إيران وقطر،من خلال جعل سوريا ممرا إجباريا لخطوط النقل إلي أوروبا. وهو ما وجد ترجمته الفعلية في الاتفاق على منح سوريا شركةغاز بروم الروسية في أكتوبر2013امتيازا لمدة(25عاما) لاستخراج الغاز من الحقول الواقعة في المياه الإقليمية السورية.
انفتاح على دول المتوسط
لا يقتصر الحضور الروسي في المتوسط على دولة معينة، ولا يقتصر على الجانب العسكري فقط، وإنما اتخذ مسارات متعددة مع أكثر من دولة. وكان للتعاون الاقتصادي نصيب من هذا الانفتاح على المتوسط.
1- الاتفاق مع قبرص على منح سفن البحرية الروسية حق الرسو في المرافئ القبرصية،وهو ما يتيح لموسكو إمكانية الرصد والتنصت على قاعدة”أكروتيري” البريطانية الموجودة على الأراضي القبرصية،وهي أهم قاعدة رصد إلكتروني لحلف الناتو في المنطقة.
2- التقرب إلي اليونان، فقد أعلن وزير المالية الروسي عن استعداد بلاده لإقراض أثينا. ووجدت هذه الخطوة استجابة سريعة من جانب اليونان، حيث قام رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس بزيارة سريعة إلي روسيا،بعد أيام من إعادة انتخابه،مما أثار المخاوف لدي الاتحاد الأوروبي من فقدان اليونان كجزء من التخالف الغربي.
3- التقارب مع إسرائيل، رغم ما بدا من توتر وحذر في العلاقات الروسية- الإسرائيلية، خاصة في ظل التعزيزات العسكرية الروسية مع وجود حاملة طائراتها”كوزنتسوف”،ونشر صواريخهاS300وS400بما تفرضه من قيود على النشاطات السرية والعلنية الإسرائيلية في المنطقة. إلا أن الطرفين نجحا في التوصل إلي اتفاق بشأن آلية لتنسيق الطلعات الجوية بغرض منع التصادم بين سلاحي الجو. ثم تطور الأمر إلي إجراء مناورات عسكرية مشتركة في مياه المتوسط في يوليو2016،وهو ما مثل أساسا لشراكة اقتصادية مهمة ارتبطت بالسماح لشركة الغاز الروسية بالمشاركة في العطاءات الخاصة بتطوير حقلي الغاز الإسرائيليين”لفيتان وتمار” في البحر المتوسط.
4- التقارب الروسي- المصري، إذ شهدت العلاقات عامي2015و2016مزيدا من التقارب، خاصة في المجال العسكري،والذي بدأ بالزيارات المتبادلة لكبار المسئولين،مرورا باتفاقات التسليح الروسية،وصولا إلي إجراء المناورات المشتركة.
5- التقارب مع المغرب، حيث تم خلال زيارة لموسكو،قام بها العاهل المغربي محمد السادس في مارس2016،توقيع اتفاقات مهمة، منها اتفاق شركة”غاز بروم الروسية” على إقامة محطة الغاز الطبيعي المسال في منطقة الجرف الأصفر، والتي تعد بمنزلة مخزن استراتيجي للطاقة لتزويد جنوب أوروبا بما تستكمل به روسيا الطوق الذي تسعي به إلي التحكم بصورة كلية في الغاز المرسل إلي أوروبا ليمنحها ذلك مزيدا من أوراق الضغط على الغرب.