الجيش الأمريكي يطلب أسلحة ليزرية لتدمير صواريخ كروز

كشف موقع “military aerospace” أن خبراء أسلحة الطاقة الموجهة في سلاح الجو الأمريكي يقومون بإجراء دراسة استقصائية للصناعات العسكرية من أجل تمكين التقنيات اللازمة لتجربة أسلحة الليزر عالية الطاقة أو أسلحة الميكروويف عالية الطاقة لتدمير أو تعطيل صواريخ كروز المهاجمة.

ويضيف الموقع أنه يجب أن تكون نماذج الأسلحة نموذجية وقابلة للعمل في منصات ثابة ومتحركة وتعمل في بيئات مختلفة.

وأضاف الموقع العسكري أن مسؤولين في مختبر أبحاث سلاح الجو في قاعدة رايت باترسون للقوات الجوية بأوهايو، أصدروا طلباً الأسبوع الماضي للحصول على معلومات عن مشروع توجيه الطاقة المضادة للصواريخ كروز المعادية.

ووفقاً للموقع فقد تسعى تجربة “DE C-CM” إلى فهم وتقييم تقنيات أسلحة الطاقة الموجهة لاسقاط صواريخ كروز، وكذلك لتقييم مدى ملاءمة هذه الأنواع من الأسلحة للدفاعات الجوية والصاروخية، وربما حتى بالنسبة للدفاعات ضد الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت.

ويتوقع الطاقم الذي يعمل في هذا المجال من العاملين في سلاح الجو أن يتفاعلوا ويقدموا أرائهم حول قدرات النظام ووظائفه وقابليته للدعم.

ويضف الموقع أن أسلحة الليزر والأجهزة الموجهة للطاقة يجب أن تندمج مع أنظمة الدفاع الصاروخي الحالية.

يذكر أن روسيا تعمل على انتاج هذا النوع من الأسلحة لتكون جزء من أسلحتها المستقبلية، كما أنها انتجت جزء من هذه التقنيات واستخدمتها في تجارب عدة خلال السنوات الماضية.

أسلحة الليزر الأمريكية

يحلم العسكريون الأميركيون بسلاح ليزري صغير، لكنه شديد المفعول، يمكنه تدمير الصواريخ المعادية والطائرات من دون طيار، من مسافة مأمونة. لكن السلاح الحالي الذي جرى عرضه حتى الآن كان كبيرا وثقيلا لا يمكن تركيبه على عربات «همفي»، ولا حتى على الطائرات المقاتلة. كما أنه من الصعب تبريده. وهذا ما دفع اللاعبين الرئيسين في قطاعات الصناعة الدفاعية إلى التحول إلى أسلحة الليزر الليفية لتحويل الحلم إلى حقيقة.

* ليزر قوي

وفي هذا السياق، عرضت شركة «لوكهيد مارتن» سلاحا ليزريا ليفيا بقوة 30 كيلوواط. وكانت الشركة قد نجحت في مايو (أيار) من العام الماضي، في إسقاط صواريخ عن طريق سلاح ليزر ليفي نقال بقوة 10 كيلوواط من مسافة 1.5 كيلومتر. وذكرت الشركة في بيان صحافي أن إنجازها الأخير هذا، هو أكبر قوة تمكنت من توثيقها، مع الاحتفاظ بجودة الشعاع وفعاليته الكهربائية، وأن السلاح هذا يستهلك نصف الطاقة التي تستهلكها أسلحة الليزر التقليدية الأخرى التي تعمل بحالة الصلابة.

وكانت شركتا «إم بي دي إيه سيستمز»، و«رايثون غرومان»، قد أفادتا جميعها بإنجازاتهما في مضمار أسلحة الليزر الليفية خلال السنتين الماضيتين. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2012، أفاد الفرع الألماني لشركة «إم بي دي إيه سيستمز» بأنه استخدم نظاما بقوة 40 كيلوواط، لإسقاط مدفعية طائرة (طائرة مجهزة بمدفعية متنوعة) من مسافة كيلومترين. وكان النظام هذا قد شيد من أربعة عناصر، قوة كل منها 10 كيلوواط، من إنتاج «آي بي جي فوتونكس» المتخصصة في صناعة الليزر الليفي. كذلك تعمل شركة «نورثروب غرومان» حاليا في تطوير ليزرات ليفية عالية الطاقة، تلبية للكثير من العقود العسكرية والدفاعية، بما فيها عقد بموجب مبادرة «روبوست إلكتريك لايزر» من سلاح المشاة الأميركي (القوات البرية).

* ألياف ضوئية

ويستخدم الليزر الليفي نوعا خاصا من الألياف الضوئية كمادة مشعة للضوء، بدلا من البلورات المشبعة بالـ«نيوديميوم» المستخدمة في أسلحة الليزر التقليدية بحالة الصلابة. ونظرا لأن الليف هذا يمكن لفه وجدله، تمكن المطورون «حشد» المزيد من الطاقة في هذا النظام الصغير المدمج.

ويمكن أن تكون فعاليته، أو كفاءته ضعفي أسلحة الليزر التقليدية بحالة الصلابة، لأن السطح الأوسع بالنسبة إلى الحجم، يجعل الألياف أكثر سهولة عند تبريدها. لكن للسلاح هذا محدوديته أيضا، إذ إنه وبوحدة واحدة من الألياف، لا يمكنها تحقيق الطاقة العالية المنشودة بنوعية عالية للشعاع. لذا، فإن النظم عالية الطاقة منها، بما فيها ذلك التابع لـ«لوكهيد مارتن»، تقوم بجمع الإشعاعات من وحدات متعددة لليزر الليفي، في إشعاع واحد عالي النوعية.

ويعتقد البعض أن المؤشر الموضوع من قبل العسكريين للوصول إلى سلاح بقوة 100 كيلوواط، قد يشكل تحديا بالنسبة إلى أسلحة الليزر الليفية.

والمؤشر هذا أساسه مشروع لسلاح المشاة الأميركي يعود تاريخه إلى عقد خلا من الزمن، ونص على أن تدمير هدف متحرك من مسافة كيلومتر، أو كيلومترين، يتطلب مثل هذه الطاقة، غالبا للتغلب على انتشار شعاع الليزر.

لكن هذه التقنية قطعت اليوم أشواطا كثيرة منذ التحديد الذي جاءت به شركة «آي إي ئي ئي سبيكتروم» في مقال نشرته بعنوان «المدافع الشعاعية تتحول إلى حقيقة».

لكن بعض الخبراء يتساءلون حول ضرورة سلاح مثل هذا بطاقة 100 كيلوواط، فقد بينت عروض هذا السلاح بما لا يقبل الشك، أن الأنواع منه بقوة العشرات من الكيلوواط تقوم بالمهمة الموكولة إليها تماما.

صواريخ كروز

تصنَّف صواريخ “كروز” على أنها باهظة الثمن؛ إذ تتراوح كلفتها بين 500 ألف ومليون دولار لكل منها، وتأتي في عدة أشكال، ويمكن إطلاقها من الغواصات أو المدمرات أو الطائرات.

وتمتاز بأنها يصعب الكشف عنها؛ لأنها تطير منخفضة جداً على الأرض (بعيداً عن نظر معظم أنظمة الرادار)، وتكون دقتها عالية جداً.

ويعد صاروخ “كروز” مفيداً بشكل خاص إذا كان الهدف يتحرك، ويمكن أيضاً تجهيزه بأجهزة استشعار حرارية للتصوير أو الإضاءة كما هو مستخدم في القنابل الذكية.

مخاوف أمريكية من “كروز”

ولدى أمريكا مخاوف من وجود هذه الصواريخ في روسيا والصين، وهو ما ترى فيه تهديداً لأمنها.

وسابقاً وقعت أمريكا وروسيا، في 1987، معاهدة تهدف إلى تعزيز أمن الولايات المتحدة وحلفائها بأوروبا والشرق الأقصى، وتمنع واشنطن وموسكو من امتلاك أو تصنيع أو تجريب صواريخ كروز متوسطة المدى (من مدى 300 إلى 3400 ميل).

ولم تلتزم روسيا بهذه المعاهدة، وصنّعت هذا النوع من الصواريخ واستخدمتها في قصف أهداف خلال دعمها لنظام بشار الأسد في الحرب السورية المتواصلة من 2015.

ومؤخراً أعلنت أمريكا التقاطها صوراً أظهرت قيام إيران بتحميل صواريخ “كروز” على متن زوارق صغيرة تعرف بـالـ”Dhow”، لأجل استخدامها ضد سفن أو أهداف على الأرض، بحسب ما أوردت قناة “إي بي سي” الأمريكية.

واستخدمت الصواريخ مراراً من قبل أيضاً بأشكال وأحجام وأهداف مختلفة؛ إذ شنت “إسرائيل” هجوماً على بلدة مصياف السورية، في أبريل 2019، استهدف مصنعاً لصواريخ “زلزال 2” الإيرانية، وتم الهجوم بواسطة “كروز” الذي يصل مداه إلى نحو 300 كيلومتر.

وفي أبريل 2018، أطلقت السفن الحربية والغواصات التابعة للبحرية الأمريكية 66 صاروخ توماهوك كروز على منشآت الأسلحة الكيميائية في سوريا.

وكانت مليشيات الحوثي أعلنت، في 3 ديسمبر من عام 2017، استهداف محطة براكة للطاقة النووية في منطقة الظفرة بالعاصمة الإماراتية أبوظبي بصاروخ مماثل من نوع كروز، وهو ما نفته الإمارات حينها.

وكشف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في ديسمبر من العام 2018، أن بلاده ستبدأ بأعمال تصنيع صواريخ كروز متوسّطة المدى.