اشهر راقصة في مصر تسقط في احضان الجاسوسية .

nona

عضو
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
439
التفاعل
2 0 0
اشهر راقصة في مصر تسقط في احضان الجاسوسية .

دكتور / سمير محمود قديح

باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

“كانت الراقصة جميلة جدا، نموذجا للجمال العربي، ذات جسد رائع، وحركات متجانسة، وأعين نجلاء، وملامح مصرية أصيلة، وراقصة ممتازة، ولا يوجد خارج القاهرة مثل هذا القوام، لا في برلين ولا في حدائق الشتاء أو الاسكالا، أو حتى في الفولي برجير في باريس أو في كازينو دي باريس. وعندما ترقص يدوي التصفيق كالعاصفة، ويقذفون إليها بباقات الزهور ويقوم الصبية الصغار بالسير جيئة وذهابا حاملين بطاقات المعجبين الأثرياء إليها. كانت “حكمت فهمي” تنتقل كالملكة، يصحبها بلاطها، وكان أصدقاؤها ومعارفها أسطورة”.

وحين اشتعلت الحرب العالمية الثانية كان “روميل” يقترب من “العلمين” التي تبتعد عن الإسكندرية حوالي سبعين كيلومترا، وكانت مظاهرات المصريين تهتف: “إلى الأمام يا روميل”. وفي هذه الفترة أيضا كانت حكمت فهمي تتربع على عرش الرقص الشرقي، وكان مقدرا لها أن تلعب دورا على مسرح لأحداث مع جاسوسين ألمانيين زرعتهما المخابرات الألمانية في القاهرة، لتوفير المعلومات المهمة التي يحتاج إليها “روميل” في معركته الحاسمة ضد جيوش الحلفاء في الشرق الأوسط.

والحكاية تبدأ من اجتماع مجلس حرب عقد في منتصف يونيو/حزيران في برلين حين ذكر رئيس المخابرات الألماني أن “روميل يحتاج إلى معلومات عن القاعدة البريطانية في مصر”، ونتيجة لذلك تم وضع خطة تتضمن تسلل اثنين من الجواسيس إلى القاهرة وحيفا، وكان أحدهما ويدعى “كلين” قد سبق له أن عاش في الإسكندرية، والثاني “مولينبروخ” عاش في حيفا، وكانا يتحدثان العربية بطلاقة، وعليهما أن يعودا إلى هاتين المدينتين. لكن محاولات إرسالهما إلى القاهرة وحيفا باءت بالفشل، إلى أن وقع اختيار رئيس المخابرات الألمانية على اثنين قضيا سنوات في شمال افريقيا هما “ابلر وساندي”. ويروي الرئيس الراحل أنور السادات في كتابه “صفحات مجهولة” رحلة هذين الجاسوسين حين يكتب: “صدر إليه - إبلر - وإلى زميله ساندي أمر بالتسلل إلى مصر وكلفا بعمل معين، وسلما جهازا لاسلكيا دقيقا، وزودا بالآلاف من الجنيهات المزيفة المطبوعة في اليونان، وبسيارة من سيارات الجيش الإنجليزي التي استولى عليها الألمان أثناء معركة العلمين، وتحركت السيارة بالرجلين، وقد ارتديا ملابس ضباط الجيش الإنجليزي، وحملا معهما جهاز اللاسلكي والثروة الطائلة، واخترقا الصحراء الغربية من طريق غير مطروقة، تقع على جنوب سيوة، ثم انحرفا إلى الواحات الخارجة واستراحا فيها وتزودا بما يحتاجان إليه، ثم اتجها صوب أسيوط”.

ويستكمل السادات روايته قائلا: “كانت هذه المرحلة من أخطر مراحل الرحلة بالنسبة إليهما، إذ ان الطريق طريق عسكري، تنتشر على جانبيه المعسكرات البريطانية ونقط التفتيش والحراسة، وتذرعه دوريات الاستكشاف وقوافل الجنود والعتاد، وأخذت السيارة تنهب هذا الطريق مارة بالموت في كل لحظة، ونفد منها الوقود في منتصف الطريق، وإذا بقائدها “ابلر” ينثني بكل جرأة إلى أحد المعسكرات البريطانية فتفتح له الأبواب، ويدخل إلى محطة البنزين في المعسكر ويقدم أوراقه، ويعبئ سيارته بالبنزين ثم يخرج مودعا بتحيته الجنود، ووصلا إلى أسيوط ثم انحرفا في الطريق إلى القاهرة، ودخلاها ضابطين إنجليزيين تقوم لهما دنيا القاهرة وتقعد في ذلك الزمان”.

لكن الحقيقة أن رحلة الجاسوسين كانت أضخم وأكبر مما رواه السادات بكثير، وقد أورد بول كارل الكثير عن تفاصيلها في كتابه “ثعالب الصحراء”، كذلك “ليونارد موزلي” في كتاب “القط والفئران” الذي استمد مادته من اعترافات الجاسوس الألماني هانز ابلر، ومن معايشته للأحداث، حيث استغرق الإعداد لهذه العملية قرابة ثلاثة أشهر ونصف الشهر وقد جهزت القافلة بإمدادات تكفيها لمدة ستة أسابيع، وقام سلاح الجو الألماني بمدها بتجهيزات خاصة للتغلب على صعوبات الصحراء.

بدء العمل

في 29 أبريل/نيسان 1942 بدأ العمل، وعندما قطعت القافلة المسافة من طرابلس إلى أسيوط، وقبل خمسة أميال منها خلع الجاسوسان ملابسهما العسكرية ولبسا ملابس مدنية قام رجال المخابرات الألمانية بحياكتها في برلين، على غرار ملابس المصريين، وزودوهما بصور وإيصالات فنادق وعملات مصرية، وكل ما يمكن أن يحمله شخص يقيم في مصر، وهكذا انتهت بنجاح العملية التي أسماها الألمان “عملية السلام” لتبدأ عملية “كوندور” في القاهرة.

لكن من هو “هانز ابلر”؟ هذا السؤال يجيب عنه السادات في كتابه “صفحات مجهولة” و”ليونارد موزلي” في “القط والفئران” وعبد المغني سعيد في “أسرار السياسة المصرية في ربع قرن”.

همزة الوصل

يذكر ليونارد موزلي أن الراقصة حكمت فهمي كانت همزة الوصل بين الجاسوسين والسادات، وهي التي دبرت اللقاء معهما بناء على طلب جون ابلر، لكن السادات يحكي الحكاية بشكل مختلف: “وبدأت قصة القدر، بدأت بطرقات خفيفة على باب صديقي الصاغ حسن عزت، دخل في إثرها رجلان من الألمان، يصحبهما صديق له هو الأستاذ عبد المغني سعيد، ثم لم يلبث الصاغ حسن عزت أن أتى بثلاثتهم إليّ، وهكذا بدأت قصة القدر بالنسبة إلينا.

وقال لنا عبد المغني سعيد إنه تعرف بهما عن طريق قريب له متزوج من ألمانية تعرف عائلة “ابلر” وأخرج الرجلان أوراقهما، وأثبتا بما يقطع كل الشك، حقيقة جنسيتهما الألمانية وحقيقة مهمتهما، وطلب الألمانيان منا أن نقدمهما إلى الفريق عزيز المصري، وكانا يطلقان عليه كلمة “الزعيم”، وقال ابلر إن جهاز اللاسلكي الذي جاء به قد تعطل وأنه يرجو أن يعتمد في إصلاحه علينا، كما طلب أن نسهل لهما عند الحاجة الاتصال الشخصي بروميل في مكانه في العلمين”. ثم عاد أنور السادات ليؤكد على دور عبد المغني سعيد في كتاب “البحث عن الذات” حين قال: فلم تكن عندي أية فكرة أن ابلر وزميله ساندي مراقبان، لذلك فوجئت في الصباح عندما وصلتني أنا وحسن عزت رسالة من عبد المغني سعيد -وهو الأصل في صلتنا بالجاسوسين- بأن ابلر وزميله قد قبض عليهما بمعرفة المخابرات البريطانية.

وفي كتابه “أسرار السياسة المصرية في ربع قرن” كتب عبد المغني سعيد تفاصيل اللقاء، حين قال: “كان علينا أن ندبر وسيلة أول لقاء بين الطرفين، وقد دبرنا هذه الوسيلة بطريقة ماهرة، مع بالغ الاحتياط، وتتلخص في حجز تذاكر في سينما “مترو” وتسليم كل طرف تذاكره على أن تكون مغادرة السينما في نهاية فترة الاستراحة وقبل عرض الفيلم مباشرة، وأمام باب السينما كانت سيارة بالانتظار، وانتقلنا بالسيارة جميعا إلى شارع الهرم، وأنزلت الأربعة أمام مطعم صيفي، وانصرفت، على أن أعود بعد نصف ساعة بسيارة أخرى، هذا مع تكليف بعض الزملاء بمراقبة المكان على سبيل الاحتياط وتمت المقابلة بسلام”.

معلومات خطيرة

أين حكمت فهمي من كل هذا؟ وهل كانت تعرف ابلر قبل تكليفه بمهمته التجسسية؟

“ليونارد موزلي” في كتاب “القط والفئران” يقول إن ابلر ذهب إلى حكمت فهمي حيث ترقص، وكانت تربطه بها علاقة حميمة، بعث إليها بيد النادل تذكرة كتبها على ورقة حساب خاصة بالمحل، وبعد لحظات جاءت وأخذت يده وقالت له بالعربية: مرحبا بعودتك يا حسين ما أجمل أن يرى المرء صديقا، وصديقا شابا من جديد”.

وقال أنور السادات: “أول ما فوجئت به من أمرهما (يعني الجاسوسين) أنهما يقطنان في عوامة للراقصة المشهورة حكمت فهمي”. في حين أن محمد صبيح في كتابه “بطل لا ننساه.. عزيز المصري وعصره” كتب أنه سأل حكمت في مقابلة معها عن الجاسوس ابلر، هل كانت بينك وبينه علاقة قديمة؟ فأجابته: كان قبل أن يسافر إلى الخارج يتردد على الملاهي التي أعمل فيها وكان من أصدقائي”. وما يؤكده حسين عيد الذي عكف على كتابة مذكراتها ونشرها تحت عنوان “مذكرات حكمت فهمي.. أسرار العلاقة بين السادات والمخابرات الألمانية” أن حكمت قابلت ابلر في الخارج، في فيينا وكانت إنجازات حكمت فهمي في هذه العملية كما رصدها “بول كارل” في كتابه “ثعالب الصحراء” تتمثل في أنها كانت العميل الأول في نقل الأخبار فعلاقاتها الطيبة مع الضباط البريطانيين قد مكنتها من الحصول على معلومات خطيرة للغاية، فالراقصة المحبوبة جدا كانت تكره البريطانيين وعلى استعداد للقيام بأي عمل ضد العدو، عدو وطنها، ولم يتوقف ابلر عند حد في استغلال هذا الشعور لديها، وقد أخبرته حكمت عن انتقال عناصر من الجيش البريطاني من سوريا وفلسطين إلى مصر، كما أخبرت الجاسوسين الألمانيين عن وصول مائة ألف لغم إلى جبهة العلمين، وذلك عندما قررت بريطانيا إقامة خطها الدفاعي المحصن في هذه المنطقة بالرغم من أنه في ذلك الوقت لم يكن الموقف واضحا وضوحا كافيا، كما عرف ابلر من حكمت فهمي معلومات عن انتقال الفرقة النيوزيلندية الثانية تحت قيادة الجنرال فريبرج إلى مرسى مطروح وذلك قبل أن تتحرك الفرقة بزمن طويل”.

أما ليونارد موزلي فقد بيّن اكبر إنجازات حكمت فهمي في كتابه “القط والفئران” حين اصطحبت حكمت “ابلر” إلى عوامتها حيث كان الرائد الإنجليزي سميث يغط في نوم عميق وبجواره حقيبة البريد الرسمي الذي كان مكلفا بإيصاله إلى الجنرال ريتشي، وطمأنت حكمت ابلر بأن الرائد مخمور حتى الثمالة وأنها أعطته منوما في الكأس الأخيرة، فأخرج ابلر أوراق الحقيبة وكان بداخلها رسالة طويلة تعلوها عبارة “سري للغاية” وكانت الرسالة تذكر تفاصيل التعزيزات التي سيتسلمها الجنرال ريتشي لتقوية خط دفاعه تأهبا للمعركة الكبرى التي سيخوضها ضد روميل، كما كانت الرسالة تذكر أيضا اسم ومكونات لواء مدرع سيرسل إلى الجبهة. وأضافت الرسالة أن خط الدفاع البريطاني سيكون في العلمين، وأحضر ابلر ورقة وقلما وراح ينقل تفاصيل الرسالة.

لقاء في فيينا

من واقع مذكرات حكمت فهمي التي كتبها حسين عيد، حين التقاها في بداية السبعينات وماتت في منتصف هذا العقد قبل أن ترى مذكراتها منشورة، فإن بداية الأحداث وقعت في فيينا حين كانت حكمت فهمي ترقص في أكبر ملاهي هذه المدينة بعد رحلة فنية استمرت ثمانية أشهر بين رومانيا وتركيا وتشيكوسلوفاكيا، وفي النمسا التقت شابا ظل يطاردها لمدة يومين متتالين مقدما نفسه لها باللغة العربية على أنه طالب مصري يدرس في ألمانيا، ثم دعاها لتناول الغداء في أحد الملاهي فقبلت دعوته دون تردد، واتفقا على اللقاء. لكن هتلر اجتاح النمسا بجيوشه في صباح اليوم التالي. وفكرت حكمت في ذلك الشاب الذي قابلته بالأمس، كمنقذ لها في هذه الغربة لكن كيف تراه وجميع دور اللهو مغلقة، ولا تعرف أين يقيم، وبينما هي على هذا الوضع طرق باب غرفتها رسول من القنصلية المصرية، يدعوها للذهاب فورا إلى القنصلية لترحل عن النمسا، على أن تحمل الأشياء الضرورية فقط، وعلى إحدى البواخر كانت حكمت فهمي في طريقها إلى الإسكندرية، وقفزت مرة أخرى إلى ذهنها صورة الشاب الذي رأته ولا تذكر سوى أن اسمه حسين، وفي أحد الملاهي في القاهرة، كانت حكمت فهمي تجلس مع أمينة البارودي وأسمهان، ففوجئت بمن يربت على كتفها، وما إن نظرت إلى الوراء حتى قفزت وكأن أفعى لدغتها، وقالت مندهشة: أنت.. أنت أخيرا.. متى جئت؟ وكان ذلك هو الشاب الذي التقته في النمسا، وفي تلك اللحظة تذكرت اسمه كاملا ونطقته “حسين جعفر” وتحدثا وافترقا على أن يلتقيا في اليوم التالي ليسهرا معا، وأصبح حسين يثير اهتمام حكمت.

وفي عيد ميلاد فتاة يهودية اسمها “راشيل” التقت حكمت مرة ثانية بحسين بصورة قصدتها راشيل، وهناك تعرفت إلى “ساندي” وتوالت اللقاءات في عوامة حكمت، حيث لفت انتباه صديقيها “حسين وساندي” كتاب “كفاحي” لهتلر على مائدة صغيرة وسأل ساندي: هل رأيت هتلر؟ فقالت ببرود “نعم رأيت هتلر شخصيا في إحدى الحفلات التي أقيمت في كازينو الفيمنا ورقصت أمامه وكنت موضع إعجابه”. ودارت الأسئلة على لساني حسين وساندي، وحكمت تجيب عن الألمان والإنجليز ومصر، وماذا تفعل إذا انتصر الألمان؟ هل تخفي ساندي (تعارفا على أنه أمريكي) لديها؟

وتطورت العلاقة بين ثلاثتهم إلى أن قال لها حسين “حكمت عندي شيء أريد أن أتركه عندك”، وكان هذا الشيء حقيبة تخصه هو وأنور السادات، هكذا اعترف لها، كما اعترف لها بأن ساندي ليس أمريكيا وإنما ألماني. وهنا سألته وهل أنت ألماني مثله؟ فأجابها “إنني فخور بألمانيتي، فخور بهتلر، مطيع له، واسمي هانز ابلر”.

في معتقل النساء

كانت المهمة الأولى في كنيسة القديسة سانت تريزا لمقابلة الأب يوحنا، وما إن التقته حتى أعطته “بطاقة” تحمل اسم عزيز المصري، وقد كتبت عليها جملة واحدة “من صديق الكنيسة”. وعاد القسيس إليها بعد فترة ومعه حقيبة يحملها أحد خدم الكنيسة، وما إن وصلت إلى عوامتها، حتى اتصل بها حسين ليطمئن على وصول الحقيبة، وكان فيها جهاز لاسلكي.

ورغم انزعاج حكمت فهمي وخوفها فإنها قالت لهما: “معكما سأسير، بكما ربطت مستقبلي، وخوفي على أزواج شقيقاتي لأنهم ضباط كبار بالجيش المصري، وكذلك على أمي الطيبة”.

وبعد فترة قليلة تعطل جهاز اللاسلكي، وكان وجوده في العوامة يشكل خطرا على حكمت، وجاء السادات لفحصه مؤكدا أنه يعمل إلى أن استيقظ الجميع على دقات الباب، كان الأب يوحنا مذعورا، لأن البريطانيين ألقوا القبض على اثنين في الصحراء ولديهما جهاز إرسال واستقبال، وأنهم يضغطون عليهما لإجبارهما على الاعتراف على جاسوسهما في مصر، ونهض الأب منصرفا طالبا منهما ألا يتصلا به.

وحذرت حكمت فهمي ابلر من لقاءاته المستمرة بامرأة اسمها “ايضيت”. في الأثناء التي وصلت فيها إلى عوامة ابلر، انزعجت حكمت وظن الجاسوس أنها الغيرة، وحاول أن يمنعها من الانصراف لكنها احتدت عليه وصفعته على وجهه.

ومر أسبوع لم يتصل بها ابلر، إلى أن انتبهت على صوت أحد رجال القلم السياسي يطلب منها أن تخرج معه، لتجد نفسها أمام محقق بريطاني، أدركت بعدها أنها وقعت في الفخ وأصبحت في النهاية حبيسة الجدران وبجوارها في السجن كانت أسمهان وعزيز المصري.

وفي التحقيقات أنكرت معرفتها أو لقاءها بهانز ابلر ومونكاسترو (ساندي)، ثم قالت في ما بعد إنها تعرف حسين جعفر وساندي، ولا علاقة لها بهذين الاسمين، واكتشفت أن المحققين يعرفون الكثير، يعرفون حكاية جهاز اللاسلكي، وسرقة حقيبة الماريشال تايدر من غرفته الرقم 273 بفندق الكونتننتال لكنهم لم يحصلوا منها على شيء، فقد كانت مصرة على أن حسين جعفر مصري وساندي أمريكي.

وأضربت حكمت فهمي عن الطعام لمدة أسبوع في سبتمبر/أيلول ،1942 وعندما ساءت حالتها نقلت إلى مستشفى الدمرداش للعلاج، واتصل بها شخص من طرف مكرم عبيد الذي كان وزيرا للمالية في وزارة مصطفى النحاس. ولما أقصي عن منصبه بدأ يعد لكتابه الأسود عن النحاس، وكان يعتقد أن لدى حكمت معلومات حول علاقة النحاس بالإنجليز، ورفضت رفضا قاطعا أن تمده بأي معلومات.

وصدرت الأوامر بنقل حكمت فهمي إلى معتقل النساء في المنصورة، وفي القطار التقت بالفنانة أمينة رزق، وقضت في المعتقل “فترة مثيرة للقرف” وخرجت “محطمة عجوزاً في سن الشباب، منهارة الصحة، ذابلة الملامح، خامدة النظرات على بشرة الوجه اصفرار وشحوب”. تقول حكمت في مذكراتها: “اكتشفت أن المصادفة البحتة هي التي أوقعت بنا في قبضة الإنجليز، ففي حين كان ابلر وزميله ينفقان ببذخ وإسراف مما في حوزتهما من جنيهات إسترلينية على ملذاتهما وحفلات الدعارة، وكان نظام تحويل العملات الإسترلينية لا يتم من البنوك كما يجري في معظم بلدان العالم، بل وضعت السلطات البريطانية نظاما يقضي بضرورة توريد الأوراق النقدية من قبل مستلميها شخصيا إلى ضابط رواتب الجيش البريطاني لاستبدالها”.

حياة مطمئنة

يقول السادات: كان “ابلر” يعرف مصر من قبل، كما يعرفها ككل أبنائها، فقد كانت أمه الألمانية تزوجت في ألمانيا من صالح بك جعفر المستشار ثم حضرت معه إلى مصر، وفي يدها ولدها من زوجها الأول (الألماني) وكان ولدها هو هانز ابلر، وأراد الزوج المصري أن يوفر لابن زوجته حياة مطمئنة في مصر، فيسر له سبل التعليم والنجاح وأعطاه اسما مصريا ولقب أسرته، وأصبح هانز ابلر يعرف في مصر باسم “حسين جعفر”، لكنه لم يكن ذلك الولد الصالح الذي ارتجاه زوج أمه، فقد فشل المستشار في إقناعه بالعدول عن حياة الليل بين المراقص والحانات، ولما أيقن بأنه لا سبيل لإصلاحه في مصر طرده من حياته قبل الحرب”.

واتفقت الروايات على أن الجاسوس هانز ابلر من مواليد ،1914 واختلفت حول محل ولادته. ولكن كيف تم تجنيد “ابلر” يحكي ليونارد موزلي في كتابه “القط والفئران” أن ذلك تم في فندق سان جورج في بيروت في أغسطس/آب 1938 اثر انفعاله من مناقشة ضابطين إنجليزيين، وهنا تم تجنيده للعمل في المخابرات الألمانية، وبعد ذلك بعشرة أيام راجع السفارة الألمانية في استنبول، وزود بجواز سفر ألماني باسم “جوهانز ابلر”، وقبل نشوب الحرب مباشرة وصلت رسالة من السفارة الألمانية إلى ابلر فسافر إلى برلين، حيث قدم نفسه إلى أحد مكاتب المخابرات الألمانية.

 
رد: اشهر راقصة في مصر تسقط في احضان الجاسوسية .

شكرااااااااااااااااااااا
 
رد: اشهر راقصة في مصر تسقط في احضان الجاسوسية .

مشكوووووووووووووووووووور ناصر على المرور
 
عودة
أعلى