هل يمكن للحياة على الأرض أن تستمر لمدة أطول من الإطار الزمني المتوقع لها بمليارات السنين؟ سؤال يطرح نفسه كلما اكتشف العلماء أنظمة شمسية أقدم. من المرجح أن نكتشف قريباً كوكباً قديماً ضمن المنطقة القابلة للحياة (habitable zone). إن تحقق هذا فمن المؤكد أن معرفة إذا ما كانت الحياة ممكنة على هذا الكوكب الخارجي سيكون لها تبعات هائلة على السكن وتطور الحياة القديمة.
في يناير/كانون الثاني، أعلنت مجموعة بقيادة تياغو كامبانتي (Tiago Campante)، وهو باحث في العلوم الزلزالية الفضائية في جامعة برمنغهام بالمملكة المتحدة، عن اكتشاف خمسة عوالم صخرية صغيرة محتملة، بالقرب من نجم قديم، وسمي هذا النجم باسم Kepler-444 نسبةً لمهمة ناسا المتخصصة بصيد الكواكب والتي اكتشفته في مرحلتها التجريبة.
قدرت مساهمة كامبانتي عمر Kepler-444 وكواكبِه بحوالي 11.2 مليار سنة، وهو ما يعادل 2.5 ضعف عمر نظامنا الشمسي. لا يُعتقد أن أياً من كواكب Kepler-444 يمتلك قابلية لوجود حياة عليه، لأنها تدور عند مسافات قريبة جداً من النجم، مما يجعلها وسطا شديدة السخونة. يقول كامبانتي: "يعد العثور على هذه الكواكب خطوة عظيمة على طريق البحث عن عوالم قابلة للعيش عليها، والأفضل سيأتي لاحقا".
وقال أيضا: "يُعطينا هذا النظام الأمل بوجود عوالم أخرى يمكن العيش فيها، لكننا لا نستطيع اكتشافها حاليا لأننا لا نملك الوقت الكافي للرصد بعد". وأضاف: "يمكن للمراصد المستقبلية تغيير هذا، لكن احتمال استمرار الحياة لمليارات السنين يبقى محض تكهنات". ويتساءل كامبانتي: "إذا كانت الحياة الذكية تتطور في نظام قديم كهذا، فهل ستبقى موجودة أم أنها ستفني نفسها؟"
نشرت نتائج من بحث كامبانتي في عدد يناير/كانون الثاني من مجلة الفيزياء الفلكية "Astrophysical Journal" في مقالة بعنوان "نظام قديم خارج المجموعة الشمسية بخمس كواكب فرعية بحجم الأرض".
- نشوء مفاجئ
تصور فني للنظام الشمسي للأرض "بلا مقياس". حقوق الصورة: ناسا/NASA
عادة ما يتوقع العلماء أن تحتوي الكواكب المسماة بالأرضية (terrestrial planets) -وهي الكواكب الصخرية كعطارد والزهرة والأرض- على الكثير من الحديد في بنيتها الداخلية. يُظهر هذا الاكتشاف أنه من الممكن أيضا نشوء كواكب مكونة بشكل رئيس من عناصر الألفا، وهذا يعني أن الكواكب الصخرية قد تنشأ بعدة طرق مما يجعلها أكثر انتشارا في أنحاء الكون.
وبرغم ذلك، فإن نظام Kepler-444 لا يشبه نظامنا كثيرا، فالنجم أصغر من شمسنا، وكواكبه تدور قريباً جداً منه. أما المنطقة القابلة للحياة في هذا النظام فتبدأ من مسافة 0.4 وحدة فلكية (AU) وهي تقارب المسافة الفاصلة بين الشمس والأرض. ويقع الكوكب الأبعد على بعد 0.08 وحدة فلكية، وهذا أصغر بخمس مرات من المسافة بين عطارد وشمسنا.
- توسيع البحث
عرف العلماء الكثير عن عمر وطبيعة النظام الشمسي بالنظر إلى التذبذبات داخل النجم الأم. حقوق الصورة: ناسا/NASA
وفي العام الماضي، أعلن الفلكيون أنهم قد عثروا على كوكب يدور حول النجم كابتين Kapteyn -مسمى باسم فلكي هولندي- يبلغ عمره حوالي 11.5 مليار سنة. ويقول كامبانتي: "يتمتع كلٌ من الكوكبين Kapteyn b وKapteyn c بحجمٍ يقع بين الأراضي العملاقة (super-Earths) والنبتونات الصغيرة (mini-Neptunes)".
كما عثر على نظام شمسي قديم آخر يدور حول Kepler 10، ويقدر عمره بحوالي 10.6 مليار سنة، ولكن لا يعتقد أن هناك أية قابلية للحياة على كوكبي هذا النظام. وقد وصفهما الباحثون عند اكتشافهما عام 2011 بأنهما عالم صخري حار، وكوكب بكتلة نبتون الصلبة.
ويعلق كامبانتي عن هذا: "يلزمنا المزيد من المراصد الضخمة للعثور على عوالم أخرى مشابهة للأرض، ولحسن الحظ أن اثنين منهما في طريقهما قريبا". تخطط ناسا لإطلاق قمر صناعي لمسح الكواكب الخارجية العابرة (أو اختصاراً TESS) عام 2017، كما ستُرسل وكالة الفضاء الأوروبية بلاتو PLATO (حالات العبور الكوكبي واهتزازات النجوم (PLAnetary Transits and Oscillations of Stars) في 2024، وكامبانتي مشارك في التخطيط لبلاتو.
سيبحث بلاتو، مثل كبلر، عن عوالم مشابهة للأرض تدور حول نجوم مشابهة للشمس، ولكنه سيغطي حقل رؤية أوسع ومستقبلا أكثر حساسية. ويصرح كامبانتي أن الميزتين ستزيدان من احتمالية الكشف عن المزيد من العوالم. في نفس الوقت، ستركز TESS على النجوم القريبة من الأرض، مما يجعلها أسهل للتعقب بواسطة المراصد الأرضية.
https://nasainarabic.net/main/articles/view/2015-05-ancient-star-prospects-intelligent-life