اقترح إنشاء مجالس رجال الأعمال لتوقيع اتفاقيات الأعمال الحرة
"الملك" يؤكد أهمية تنمية العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية
تصوير: فايز الزيادي، سامي الرويسان، عبدالله النحيط، تصوير: بندر الجلعود
سبق- الرياض: أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن فرص تنمية العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية واعدة، مشيداً بالنمو الجيد للتبادل التجاري منذ انعقاد القمة الأولى عام 2005.
واشتملت كلمة الملك على تأكيد العلاقات السياسية المتميزة بين بلدان الإقليمَيْن، وتقارب وجهات النظر.. ودعت إلى تنمية الجانب الاقتصادي، وإنشاء مجالس لرجال الأعمال، في تأكيد منه -حفظه الله- لأهمية تسهيل العمل التجاري بين البلدان العربية وبلدان أمريكا الجنوبية.
ورحّب الملك سلمان في مستهل كلمته بضيوفه قادة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، مؤكداً حرص هذه الدول على تنمية العلاقات فيما بينها، ومشيداً بالمواقف الإيجابية لدول أمريكا الجنوبية الداعمة للقضايا العربية، وخصوصاً قضية فلسطين.
وقدّم الملك اقتراحاً للقمة في كلمته بإنشاء مجالس رجال الأعمال لتوقيع اتفاقيات الأعمال الحرة لتشجيع وحماية الاستثمارات بين دول الإقليمَيْن.
وفيما يأتي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي رؤساء وفود الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية
معالي الأمين العام للأمم المتحدة
أيها الحضور الكرام..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني الترحيب بكم مقدراً لكم تلبية الدعوة للمشاركة في هذه القمة، ومشيداً بالجهود الطيبة التي بذلها رؤساء الدورات السابقة في كل من (جمهورية البرازيل الاتحادية، دولة قطر وجمهورية البيرو)، مؤكداً أهمية العلاقات بين دولنا، وحرص السعودية على تنميتها وتعزيزها في المجالات كافة.
أيها الحضور الكرام..
إننا نشعر بالارتياح للتوافق والتقارب بين وجهات نظرنا تجاه العديد من القضايا والمسائل الدولية، ونشيد بالمواقف الإيجابية لدول أمريكا الجنوبية الصديقة المؤيدة للقضايا العربية، وبخاصة القضية الفلسطينية، كما أننا ننظر بالتقدير إلى ما حققته القمم الثلاث السابقة، ونتطلع إلى تنسيق مواقفنا تجاه القضايا المطروحة على الساحة الدولية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، ونشر ثقافة السلام والحوار.
أيها الحضور الكرام..
إن فرص تطوير العلاقات الاقتصادية بين دولنا واعدة، ومبشّرة بما يحقق نماء وازدهار أوطاننا؛ وتدفعنا لتذليل العقبات والمعوقات، وتشجيع ودعم تدفق الاستثمارات، وتبادل الخبرات، ونقل التقنية وتوطينها، والتعاون في المجالات كافة. مشيداً بالنمو الجيد في معدلات التبادل التجاري وحجم الاستثمارات البينية منذ انعقاد قمتنا الأولى في برازيليا عام 2005م، وما زالت الآمال معقودة لتحقيق المزيد في هذا المجال؛ ولهذا فإننا ندعو إلى تأسيس مجالس لرجال الأعمال، والنظر في توقيع اتفاقيات للتجارة الحرة، وتجنب الازدواج الضريبي، وتشجيع وحماية الاستثمارات بين دول الإقليمَيْن التي ستوفر إطاراً تنظيمياً وقانونياً لتعزيز تدفقات التجارة بينها.
وفي الختام أشكركم جميعاً متمنياً لاجتماعنا هذا التوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
عقب ذلك ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية كلمة رئاسة القمة العربية، بارك فيها انعقاد هذه القمة التي أتت بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - .
وقال: "إن توافر الإرادة السياسية والأرضية المشتركة من المبادئ تجاه القضايا والقيم والمبادئ الإنسانية والحضارية والاقتصادية ستمهد الطريق إلى الانطلاق نحو آفاق عديدة للتعاون بين الدول العربية والدول اللاتينية". مشيراً إلى التغير الملموس في حجم التبادل التجاري بين دول المجموعتين من ستة مليارات دولار في 2004 إلى أكثر من 33 مليار دولار، عاداً إياه انعكاساً حقيقاً لحجم التعاون بين الجانبين.
وأبرز ضرورة الارتقاء إلى تعزيز هذه العلاقات، والارتقاء بها إلى مستويات أعلى لتحقيق الرفاهية للدول العربية.
وأوضح الرئيس المصري أن المنطقة العربية تشهد تطورات غير مسبوقة، وتتعرض بموجبها مؤسسات دول المنطقة لتهديدات حقيقية، كما تواجه بعض دول المنطقة إلى تفكك وانقسام وتهديد أسس وعوامل العيش بين مكونات شعوبها، وقال "لقد حاولت بعض الجماعات فرض فكرها وتوجهاتها لتغير هوية بعض الدول العربية، ومن بينها مصر؛ ما كان سيدفع بتلك الدول نحو هاوية الفوضى والانقسام".
وأكد أن بلاده تشهد انطلاقة حقيقية باجتذاب استثمارات خارجية، داعياً دول أمريكا الجنوبية إلى استغلال هذه الفرص بالدخول إلى السوق المصري للاستثمار فيه.
وقدر الرئيس "السيسي" وقوف دول أمريكا الجنوبية مع قضايا الدول العربية، خاصة القضية الفلسطينية، معرباً عن ثقته بمواصلة هذا الدعم الذي يتوافق مع الحق والانتصار للمبادئ الإنسانية والأخلاقية.
وأشار إلى أن القضية الفلسطينية لا تزال تمثل جهور الصراع في الشرق الأوسط والعامل الرئيسي لغياب الاستقرار في المنطقة، مؤكداً أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإعلان استقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية سيسهم في تحقيق الاستقرار المأمول في الشرق الأوسط.
ولفت الانتباه إلى أن الجهود المبذولة في مكافحة الإرهاب لن تؤتي ثمارها إذا ما اقتصر التعاون على المعالجة الأمنية والعسكرية دون مراعاة العوامل الأخرى التي تسهم في تأجيج ظاهرة الإرهاب.
وفي ختام الكلمة قدم الشكر لخادم الحرمين الشريفين على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال وحسن تنظيم القمة، متمنياً للجميع التوفيق.
وألقى نائب رئيس جمهورية الأوروغواي راؤول سنديك كلمة الرئاسة المؤقتة لاتحاد دول أمريكا الجنوبية، قدم فيها باسم جميع وفود دول أمريكا الجنوبية الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والشعب السعودي على حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة.
وقال: "نحن جمهورية الأوروغواي نضطلع بمهمتنا بتمثيل دول أمريكا الجنوبية منذ ما يزيد على سنة كاملة، ونحن في أمريكا الجنوبية مسرورون جداً بمسار الاندماج الذي شرعنا فيه. ولقد تبين أننا تمكنا من بلوغ مجموعة من الأهداف في منطقتنا، وفتحنا مجالات للحوار مع مناطق أخرى وجهات أخرى كما هو الشأن بالنسبة للدول العربية".
وأشار إلى أن القمم التي جمعت دول أمريكا الجنوبية والدول العربية تزامنت مع مسار الاندماج الذي تم البدء فيه في منطقة دول أمريكا الجنوبية، مؤكداً أنه تم وضع العلاقة مع الدول العربية على رأس الأولويات، وقال: "نحن نود أن نبلغ أهدافاً مشتركة، وهي تلك الأهداف التي وُضعت نصب العين بدءاً من القمة الأخيرة التي عقدت في ليما".
وأفاد بأن الأهداف الأساسية لدول أمريكا الجنوبية هي إيجاد منطقة اندماج، تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من القطاعات العامة، وفي الوقت نفسه تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل دولة من دول أمريكا الجنوبية.
وأكد أن الرئاسة التي تضطلع بها جمهورية الأوروغواي تزامنت مع وضع مجموعة من الأهداف، منها إيلاء أهمية قصوى لهذه القمة التي تنعقد حالياً في مدينة الرياض، عاداً المنتدى الذي يجمع دول المجموعتين منتدى مهماً جداً.
وقال: "هناك مجموعة من الخطوات والأهداف المشتركة التي يجب أن نسعى جميعاً لبلوغها، وهناك أيضاً تحديات مشتركة تواجهنا، ويجب أن نعمل جنباً إلى جنب من أجل مواجهتها، ويجب أن يكون هذا المنتدى ديناميكياً، ويجب أن تكون هناك مجموعة من الخطوات العملية التي يجب أن نتخذها من أجل النجاح في مهمتنا".
ولفت الانتباه إلى أن هناك تركيزاً كبيراً على ملف السلم والسلام والأمن، الذي يعد هاجس المجتمع الدولي، إلى جانب مكافحة الإرهاب والحوكمة والهجرة وملف اللاجئين والتدخل الإنساني في مجموعة من المناطق. وقال: هذه موضوعات ضمن مواضيع أخرى تهمنا جميعاً، ولكن رؤيتنا بخصوص دول أمريكا الجنوبية والدول العربية تدفعنا إلى الحديث عن أرضية مشتركة، تمكننا من بلوغ الأهداف المتعلقة بالتنمية المستدامة بعد عام 2015.
وأضاف نائب رئيس جمهورية الأوروغواي: "إن التعاون التقني والفني والعلمي بين كل القطاعات، بكل الأشكال، سواء عن طريق التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف أو بين المجموعتين، من شأنه أن يمكننا من تحسين جودة حياة المواطنين". مؤكداً أن المنطقتين "العربية وأمريكا الجنوبية" بإمكانهما التعاون في مجموعة من القطاعات، إلى جانب أهمية وجود فضاء مشترك وفضاء حوار، ولاسيما بين المستثمرين من الجهتين من أجل البحث عن الأرضية الملائمة والخصبة لتشجيع الاستثمارات وتشجيع التبادل السياحي.
ودعا إلى تدعيم وتعزيز العلاقات بين المنطقتين، ومواصلة العمل من أجل دعم هذا المنتدى، مؤكداً السعي إلى بلوغ هذا الهدف على الرغم من بُعد المسافة بين المنطقتين. وقال: "نحن نشعر بأنفسنا وكأننا قريبون منكم، ونحن نتابع عن كثب مسارات السلام ومجموعة من الأزمات التي تعانيها مناطق مختلفة في العالم، وبالأساس منطقة الشرق الأوسط؛ ولذلك يجب أن تتكاثف الجهود من أجل أن نحل الإشكالات القائمة".
وأكد نائب رئيس جمهورية الأوروغواي راؤول سنديك أن انخفاض أسعار البترول أثر سلباً على مداخيل العديد من الدول، خاصة أن المنطقتين تقومان بدور مهم على الخارطة الجيوسياسية العالمية، وتزودان العالم بالنفط، مشيراً إلى أن التحدي القائم الآن هو كيف يتم التعامل مع تحديات التنمية الاقتصادية، ومواصلة بناء البنية التحتية.
ودعا إلى وجوب أن تؤدي المنطقتان دوراً مهماً فيما يخص مسار اتخاذ القرارات على المستوى الدولي، وتجاوز الخلافات بينهما، وتحمُّل المسؤولية حيال رعاية ملايين المواطنين الذين يعيشون في المنطقتين معاً، وذلك من خلال التحلي بالذكاء والتضامن، والقدرة على التعامل مع مسار اتخاذ القرارات حفظاً للحقوق.
ولفت النظر إلى أن السعي تجاه المزيد من الوحدة مكّن من ربط علاقات جيدة بين دول أمريكا الجنوبية والدول العربية، مشيراً إلى أنه في عام 2005 تم وضع آليات للتعاون؛ ما أوجد آليات عبر مجموعة من الإمكانات المتاحة في المنطقتين معاً؛ ما أدى إلى تطور العلاقات بين المنطقتين. وأكد في ختام كلمته أن هذه القمة هي خطوة في طريق المستقبل.
ثم ألقى وزير خارجية جمهورية البرازيل الاتحادية منسق دول أمريكا الجنوبية ماورو لويز ايكر فيريرا كلمة، أعرب فيها عن شكره للمملكة العربية السعودية حكومة وشعباً على كرم الضيافة وحسن الاستقبال.
وأكد أن هذه القمة بالغة الأهمية؛ إذ تأتي تتمة لاجتماعات أخرى عُقدت بعضها هنا في المملكة العربية السعودية، وأتت مثلها. معرباً عن أمله بأن تكون هذه القمة تتمة لرغبة التعاون بين الإقليمين رغم التباعد الجغرافي بين أمريكا الجنوبية والبلدان العربية، إلا أن هناك الكثير من المصالح المشتركة والقواسم المشتركة بين الإقليمين.
وقال: "نحن جميعاً معنيون بتحقيق الرفاهية لشعوبنا، وبلدان أمريكا الجنوبية تحتضن جاليات واسعة من أصول عربية؛ وهذا يدفعنا بطبيعة الحال إلى تعزيز روابط التعاون. ليس هناك من استثناء، نحن بلدان متعددة الأعراق والثقافات، ونتميز بقدرتنا على استيعاب كل المشارب الثقافية، وعلى هذا الأساس نحن حاضرون في هذه القمة الرابعة؛ لنضع استراتيجيات لتقارب إقليمي أمريكا الجنوبية والبلدان العربية".
وأعرب عن ترحيب جمهورية البرازيل بالمهاجرين من مختلف الثقافات، بمن فيهم البلدان العربية، وقال "نحن نرحب بهؤلاء المهاجرين واللاجئين، خاصة اللاجئين السوريين الذين قصدوا البرازيل، وبحثوا عن الأمن والاستقرار في البرازيل. ونحن سنعمل ما في وسعنا كي نستقبل اللاجئين السوريين، وذلك من منطلق إنساني". متمنياً أن تكلل هذه الجهود والمساعي بإشراف الأمم المتحدة للمزيد من التضامن، ومعرباً عن أمله بأن يعود السلام والاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، وأن يجد النزاع السوري حلاً سلمياً، وفي إطار قنوات الحوار للاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط وفي الأقاليم الأخرى.
وقال: إن مسارات الحوار ليست سهلة، ونعرف أن الإرهاب آفة يجب أن نعزز جهودنا لمكافحته، ونعرف كأعضاء في الأمم المتحدة المسؤولية الملقاة على عاتقنا؛ كي نواجه هذه الآفة ونعزز تعاوننا على المستوى الدولي لمكافحة الإرهاب؛ لنحول دون تجدد هذه الآفة باعتمادنا على القنوات الديمقراطية، وترسيخها في بلداننا، والعمل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلداننا". مؤكداً سعيهم إلى تحقيق السلم والتعاون الدولي، وهما القناتان الأساسيتان لاستتباب الأمن. متمنيًا أن يصل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى حل سلمي قائم على حل الدولتين، تعيشان في إطار من السلام والتعاون، ويتم وضع حد لسياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وبيّن وزير خارجية البرازيل منسق دول أمريكا الجنوبية أن البرازيل عبر القنوات السياسية كانت دائماً، وحتى في القمة الأولى، تنادي وتطالب بحل سلمي للنزاع العربي - الإسرائيلي، وستواصل عملها إلى جانب الأمم المتحدة حتى الوصول إلى هذا الهدف. مؤكداً أنهم سيواصلون تعاونهم مع البلدان العربية لتحقيق الأهداف التي تعزز الديمقراطية والسلام.
وأبان أن القمة تجمع بلدان الإقليمين، إضافة إلى منظمات كجامعة الدول العربية واتحاد بلدان أمريكا الجنوبية، داعياً إلى العمل على دعم هذا العمل الإقليمي، وتوطيد التعاون لجعل مجال دبلوماسي منه، يقرب الإقليمين رغم البعد الجغرافي.
وأضاف: رئيسة البرازيل ذكرتنا بالجهود التي بذلت على مستوى (اسبا)، هذا المنتدى الذي انطلق في العاصمة برازيليا، وتمنى أن يكون في خدمة شعوب الإقليمين أمريكا الجنوبية والبلدان العربية، وتعزيزاً للتعاون المتعدد الأطراف، وبناء نظام عالمي أكثر ديمقراطية وأكثر عدالة.
واستطرد قائلاً: "اليوم لا يمكن أن نغفل أهمية إصلاح الأمم المتحدة؛ لكي تكون منظمة تعمل على تحقيق السلم واستتباب الأمن عبر كل أقاليم العالم".
ودعا وزير الخارجية البرازيلي الدول إلى التضامن والدفاع عن مصالحها، وفتح المزيد من قنوات التبادل التجاري البيني؛ ما يضمن تحقيق الرفاهية التي تصبو إليها هذه الدول من خلال وضع الأسس لتشجيع المبادلات التجارية والمالية، وتبسيط آليات منظمة التجارة العالمية. لافتا النظر إلى عزم الدول على إبرام مزيد من اتفاقيات التعاون التجاري والمالي بين الإقليمين "أمريكا الجنوبية والبلدان العربية"، والسعي إلى ترجمتها إلى واقع؛ لكي تصبح بالفعل فرص استثمار بيني على مستوى الإقليمين، وتوطيد الروابط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بينهما.
وفي ختام كلمته قدم وزير الخارجية البرازيلي شكره للمملكة على ترؤسها هذه القمة، متمنياً أن تحقق القمة أهدافها المشتركة.
إثر ذلك ألقى الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي كلمة، قدم فيها خالص الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -على استضافة هذه القمة.
وأبان أن هذه القمة تستكمل مسيرة التعاون العربي، وتعزز العمل الجاد والمثمر لتحقيق تطلعات وطموحات المجموعتين، وكذلك تعزز موقف الدول النامية المتطلعة إلى إيجاد نظام دولي جديد، يقوم على أسس التكافؤ والمساواة وإيجاد السلام والأمن في العالم، من خلال إصلاح نظام الأمن الجماعي الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة.
وقال: "إن انعقاد القمة يؤكد حقيقة راسخة بأن علاقات العالم العربي مع دول أمريكا الجنوبية ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ، وترتكز إلى الموروث الثقافي المشترك الذي رسمت ملامحه حضارة الأندلس".
وعد ترابط الاجتماعات القطاعية وانتظامها بين دول المجموعتين خير دليل على جدية الإطار المؤسسي للتعاون القائم الذي يغطي مجالات واسعة، تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، إلى جانب التنسيق السياسي الوثيق، وتبادل المنافع التي تؤسس إلى بناء شراكة استراتيجية حقيقية.
وأشار "العربي" إلى أن حجم التبادل التجاري منذ انطلاق القمة عام 2005 شهد تطوراً ملموساً في أكثر من قطاع، مؤكداً في هذا الصدد التضامن التام مع دول أمريكا الجنوبية في القضايا المتعددة، وفي جهودهم لبناء مجتمعات مزدهرة ومستقرة.
وقال: "إن العالم العربي شهد تحولات كبرى، ولمواجهة تلك التحديات اتخذ مجلس جامعة الدول العربية عدداً من القرارات المهمة، التي من ضمنها القرار الصادر سبتمبر العام الماضي، الذي أكد أن مواجهة الإرهاب لا تقتصر فقط على الجوانب الأمنية والعسكرية، وإنما تأخذ في الاعتبار النواحي الثقافية والفكرية والأيديولوجية والتعليمية والإعلامية، إلى جانب إطلاق برامج فعالة لرفع مستويات المعيشة، وإيجاد فرص عمل وبدائل إيجابية أمام الأجيال الشابة؛ ليكون لها أمل في غد أفضل".
وأكد الدكتور نبيل العربي أن القضية الفلسطينية ستظل دائماً القضية المركزية للدول والشعوب العربية، لافتاً النظر إلى أن العالم بأسره لن ينعم بالسلم والاستقرار والأمن في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وقال: "طالما الجهود الدولية المبذولة لمعالجتها لا تزال تراوح مكانها فإن الأمر يتطلب تبني مقاربة جديدة، تهدف إلى تحقيق الحل الشامل والدائم والعادل المستند إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية؛ وذلك لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقرار حل الدولتين، وإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق جدول زمني محدد، وآلية تضمن تنفيذ الالتزامات المترتبة على الطرفين".
ودعا إلى توفير نظام خاص للحماية الدولية للشعب الفلسطيني في ظل ما تشهده القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة من تطورات خطيرة.
وبشأن الأزمة السورية أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية المتحدة أنها تمثل أكبر أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين، معرباً عن أسفه بفشل جميع المحاولات والمبادرات والجهود التي بذلتها الجامعة منذ اندلاع هذه الأزمة.
وأشار إلى أن المواجهة الشاملة للإرهاب تتطلب توفير الدعم والتعبير عن التضامن مع جهود الحكومة العراقية في حربها على الإرهاب.
وحيال الوضع بالجمهورية اليمنية أكد أن الأوضاع مقلقة، مشيراً إلى أن قرار القمة العربية في شرم الشيخ عبّر بكل وضوح عن دعم عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل إلى اليمن التي تنفذها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، والتي جاءت تلبية لطلب فخامة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. معرباً عن أمله بأن تفضي الجهود المبذولة إلى إقرار الحل السياسي المنشود للأزمة اليمنية وفق للمرجعيات المتفق عليها، المتمثلة في قرار مجلس الأمن 2216 ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية.
وفيما يتعلق بالوضع في ليبيا قال الأمين العام: "إننا لا نزال نتطلع أن تفضي الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة إلى إقرار التوافق الوطني الليبي حول خطة الحل السياسي وخطوات المرحلة الانتقالية، بما يحفظ وحدة ليبيا واستقرارها، ويحقق تطلعات شعبها في الحرية والتغيير الديمقراطي وعودة الأمن والاستقرار".
وقدم في ختام كلمته الشكر والتقدير للمملكة على استضافتها هذا الحدث الكبير والمهم، معرباً عن ثقته بأن القمة تشكّل فرصة إضافية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية وإثراء مسيرة التعاون العربي - الأمريكي الجنوبي نحو المزيد من الإنجازات التي تسهم في تحقيق تطلعات وآمال شعوب دول الإقليمين في التقدم والازدهار.
بعد ذلك ألقى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلمة، قال فيها: إنه لشرف عظيم أن أمثل الأمم المتحدة في هذا الاجتماع المهم. معربًا عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على كرم استضافته القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية. كما شكر الدول الأمريكية الجنوبية التي اقترحت منذ أكثر من عشرة أعوام أن تعمق علاقاتها مع الدول العربية. مشيراً إلى أن العلاقات بين الدول العربية والأمريكية الجنوبية لها تاريخ كبير من خلال التبادلات التجارية، عاداً العرب المهاجرين في أمريكا الجنوبية أكبر نسبة مهاجرين في العالم، وكثير من المواطنين في أمريكا الجنوبية لهم أصول عربية؛ الأمر الذي يدل على التكامل، ويبعث برسالة قوية في وقت يصارع فيه العالم الكثير من الأزمات.
وأشار إلى وجود تعاون إقليمي بين الدول العربية وأمريكا الجنوبية في مجالات التعليم ونشر السلام ودعم حقوق الإنسان، وغيرها من القيم. مشيداً بالتزام رؤساء الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بالأجندة النوعية بعد 2015م من خلال التوقيع على اتفاقيات تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، ومكافحة الفقر، ومكافحة الفساد، وظاهرة التغير المناخي، وخفض الانبعاثات الحرارية، وتحقيق آمال وتطلعات المواطنين في مجتمعاتهم.
ونوه بان كي مون بالخطوات الإيجابية التي تتخذها دول المنطقة العربية لتنويع المصادر، مشيداً بما شاهده الأسبوع الماضي في دبي باستخدام غاز الهيدرو كلوروكاربون الذي يُعد أحد الغازات التي يتم خفضها بناء على بروتوكول كيوتو، وهو ما يدل على التزام هذه الدول. مبيناً أن أمريكا الجنوبية لديها التزام قوي في هذه المنطقة لتحقيق السلام، وتعمل بشكل بنّاء مع بعضها ومع الدول في غرب وشمال إفريقيا لمكافحة الاتجار غير الشرعي في المخدرات، والتوصل إلى حل لهذا التهديد الذي يحدق بدول أمريكا الجنوبية.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية للانخراط في الحوار حول أفضل الممارسات لحماية الفضاء، وحماية مؤسسات المجتمع المدني، وبناء قطاعات أمنية قوية، تقوم بتحقيق مصالح الشعوب. مشيراً إلى أن التطرف هو تهديد متنامٍ، وما تشهده المنطقة دليل على ذلك. لافتًا النظر إلى تقديم خطة عمل شاملة للجمعية العامة للأمم المتحدة العام المقبل لمنع التطرف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية.
وقال: إن مكافحة الإرهاب ينبغي التواصل فيها تماشياً مع القانون الإنساني الدولي وقوانين اللاجئين. مؤكداً أن المجتمع الدولي في وضع سوريا يدفع في اتجاه تسوية سلمية، وهناك شركاء إقليميون وأطراف فاعلة داخل سوريا عليها إيقاف القتال، وهذه الخطوة بالاتجاه الصحيح.
وأضاف: إن المملكة العربية السعودية وإيران وكثيراً من الدول الأخرى قد جلسوا على طاولة واحدة، وانخرطوا في المحادثات في فيينا. وعلينا أن نعمل بشكل كبير لسد الفجوات، وأن نتوصل إلى عملية سياسية، تنهي هذا الكابوس. مشيدًا بجهود تركيا ولبنان والأردن لاستضافتهم اللاجئين السوريين، وكذلك البرازيل وغيرها من دول أمريكا الجنوبية التي قبلت أو تعهدت بأن تمنحهم حق اللجوء.
وناشد الأمين العام للأمم المتحدة الدول أن تظهر مستوى تضامن متشابهاً، وتتبع الأسلوب نفسه، مشيدًا بسمو الشيخ صباح الجابر الصباح أمير دولة الكويت لاستضافته ثلاثة مؤتمرات دولية لدعم اللاجئين في سوريا، وكذلك تقديم الدعم للاجئين. مبينًا أن هناك مناشدات لمنح الكثير من السوريين التضامن اللازم، وهناك 75 % فقط من الدعم تم تلقيه حتى تنتهي هذه المعاناة العميقة لشعب سوريا.
وتحدث عن الوضع الإنساني في اليمن وسقوط الكثير من الضحايا الأبرياء المدنيين، داعياً جميع الأطراف إلى أن يبذلوا كل ما في وسعهم؛ كي يخففوا المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، ومشيدًا بجهود المملكة العربية السعودية الإنسانية، حاثًا الجميع على أن يسهموا بسخاء في هذه الجهود.
وقال: إن إسماعيل ولد الشيخ أحمد سيعقد مناقشات حول عملية السلام في سويسرا هذا الشهر، وكل الأطراف في اليمن قد تعهدت بالحضور، وأن يقدم الجميع الدعم السياسي. مؤكداً أنه ما من حل عسكري لهذا الصراع، ومفيداً بأن الحل العسكري سيعرّض حياة الكثيرين للخطر، ويؤثر على المنطقة وعلى أمنها.
ولفت النظر إلى أن الشرق الأوسط قد تعرض لموجة من العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والثقة تأثرت، وأن المستوطنات تتزايد، ودخول الجماعات الدينية في هذا الصراع والعنف أمر يدعو للقلق. مشيراً إلى أنه في زيارته الأخيرة إلى القدس ورام الله وعمّان شجع كل الأطراف على وقف هذه الاستفزازات، وأن يكون هناك أفق سياسي يؤدي إلى حل يقوم على دولتين بناءً على قرارات مجلس الأمن وعلى خطة الطريق والمبادرة العربية.
ورحب بان كي مون بالجهود المبذولة في المنطقة لمعالجة الأسباب الجذرية للفقر، وغيرها من الآفات، لمستقبل أفضل وتقوية التعاون وفق معالجة جماعية من خلال التعاون بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، الذي سيجلب الكثير من الفوائد والمصالح للمنطقتين وخارجهما ومنظومة الأمم المتحدة، ومن بينها المفوضيات الإقليمية التي تدعم هذه التحالفات والاتحادات لمستقبل مشرق.
ثم أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بدء جلسة العمل الأولى المغلقة.
ويرأس وفد السعودية إلى القمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.
ويضم الوفد كلاً من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، ووزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور عصام بن سعد بن سعيد، ووزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير.
وحضر الجلسة الافتتاحية صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الأمير خالد بن فهد بن خالد، وصاحب السمو الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالرحمن، وصاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن عبدالرحمن، وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وصاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز بن فيصل، وصاحب السمو الأمير سعد بن عبدالله بن تركي، وأصحاب السمو الأمراء، وأصحاب المعالي الوزراء، ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى السعودية، وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين.