أورينت نت تكشف تفاصيل جديدة حول اختفاء الإمام الصدر / نذير فنصة

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,488
التفاعل
17,614 43 0
أورينت نت تكشف تفاصيل جديدة حول اختفاء الإمام الصدر
  • 1445510278.jpg

    نذير فنصة بين الإمام الصدر وعباس مسعودي نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني في مكتبه بمؤسسة إطلاعات 1970
  • أورينت نت- تحقيق: سعد فنصة

  • في ثلاث روايات عن إخفاء الإمام "موسى الصدر" عام 1978 خلال زيارته الى العاصمة الليبية طرابلس الغرب، يرفقه فيها الشيخ "محمد يعقوب" والإعلامي “عباس بدر الدين"، لن أتوقف عند كل واحدة منها بالكثير من القراءة والتمحيص، سأدع تقييمات هذه الروايات بما تحمله من أكاذيب لمناسبات أخرى، فأنا في هذا المقال لن أناقش تلفيقات صحفية واستخباراتية، بقدر ما يعتمد هذا النص على حقائق تاريخية سابقة لجريمة إخفاء الإمام و رفيقيه ولاحقة له .. بما يقدم من معطيات واضحة لا يمكن لكل ذي عقل أو بصيرة إلا وقراءتها في سياقها التاريخي ومنهجها العام الذي يؤكد مسار الأحداث من شهادات شخصيات يُعتد بتوثيقها .. وأعلم مسبقا ما قد تثيره شهاداتهم في قضية الإمام من ردود أفعال وأنوه بأنني لن أتوقف عند سرد مسيرة الإمام العالم و نشأته ودراساته وكتبه و نشاطه في حقلي الفكر والاجتهاد الديني أو أدواره في الإغاثة الإنسانية والسياسية .. تاركاً كل ذلك لمن هم أجدر مني بذلك وموجزا ً في سرد الروايات الثلاث.

الرواية الأولى
"القذافي" يسهب في فهمه لتفسير القرآن ويخلط حسب هواه نظرياته الرائجة في الكتاب الأخضر أمام سماحة الإمام "الصدر" الذي قاطعه وحصلت مشادة كلامية اتهمه فيها بتحريف سورة من القرآن ..ورد عليه رداً أغضب القذافي .. هذه الرواية يؤكدها أركان سابقة من قياديين لدى القذافي وعلى رأسهم مدير المخابرات "عبد الله السنوسي" , و "أحمد قذاف الدم" و "عبد المنعم الهوني" وألمح إليها الرائد "عبد السلام جلود" وتناقلها قبل ذلك كثير من الإعلاميين العرب والأجانب نقلاً عن الباحث الفرنسي "فرنسوا بورغا" في كتابه (الإسلام السياسي في المغرب العربي) ولا يذكر هو مصدرها ولن أسمح لنفسي بإضاعة وقت القارئ في تفنيدها نظراً لسذاجة مطلقها وسخف من رددها بعده.

الرواية الثانية
روجها عناصر وحرس وشخصيات من الصف الثاني والثالث، ومنها على سبيل المثال المكتب الإعلامي للقذافي وبعض المعاونين وعناصر استخباراتية ليبية بأن قرار الاخفاء كان محضراً مسبقاً عند وصول الإمام ومرافقيه، بحيث أنه لم يلتقِ القذافي ولا التقاه أي من المسؤولين الليبيين بدليل أن الاعلام الليبي ومكتب الاتصالات لم يشر الى هذه الزيارة ولم يكن هناك ما يدل عليها أو أن الإمام في زيارة رسمية قد يلتقي فيها العقيد القذافي.

الرواية الثالثة
هي رواية عائلة الإمام وابنه وشقيقته السيدة "رباب" وبعض أصدقائه وعائلات رفيقيه المختطفين معه، وتؤكد بأن الإمام لازال على قيد الحياة (الإمام الصدر من مواليد قم 1928) بشهادة شهود من السجناء الذين أكدوا رؤية الإمام في أحد سجون القذافي حتى العام 1994.

وأختم أخيراً بشهادة آخر مدير للمخابرات في عهد القذافي "عبد الله السنوسي" التي يؤكد فيها أن القذافي قام بتصفية الإمام منذ مدة طويلة ونقل جثمانه مع رفاقه في طائرة خاصة حيث دفن في "سبها" وأخلد هناك في غياهب الصحراء بمنطقة غير محددة، وهي الشهادة الأهم وتتقاطع مع شهادة "نوري المسماري" مدير المراسم للقذافي الذي يؤكد الدور الذي لعبه "السنوسي" في قضية الإخفاء وكان الأخير برتبة ملازم أول في استخبارات القذافي.

لن أناقش هذه الروايات في تأكيدها أو نفيها .. بل سأعود الى الوراء في مفاصل محددة لأثبت أن سلاح الجريمة الذي نفذ بالإمام الصدر، كان القذافي ذاته بتعليماته المسبقة غالبا .. أو اللاحقة و من ثم إخفاءه أي ملامح تدل على آثاره في الجريمة و تعاون معه في ذلك جمهرة من المرتزقة الايطاليين بما فيها شخصيات سياسية مرموقة، ولكنها رخيصة بعضها من السلك القضائي التي نفت دخول الإمام الى الأراضي الإيطالية ثم عادت و أكدت، و التحقيقات المضللة التي قصد منها عمداً مسح بقايا آثار الجريمة كي يبقى المحرك والمحرض الرئيس فيها بالظلال، فالسيد "نبيه بري" رئيس حركة امل في التاسع و العشرين من تموز يوليو 2015 صرح بأن جريمة الاختطاف تمت على الأراضي الليبية. إذن بعد آلاف التقارير الاستخباراتية والصحفية والمداولات القضائية بين طرابلس و بيروت وروما والقاهرة والجزائر وطهران وغيرها من العواصم .. يؤكد السيد بري بعد 47 عاماً من واقعة الاخفاء أنه تم على الأراضي الليبية .. بالرغم من أن القذافي ذاته في العام 2002 صرح أن الإمام الصدر .. قد اختفى في ليبيا ..!!

في الحقائق والشهادات
إن شهادة السيد "هاني فحص" التي تم نشرها مؤخراً تكمل إلى حد ما الصورة الحقيقية عن المعلومات التي تتبعتها في قضية اختفاء الإمام الصدر والتي تتقاطع إلى حد مرض مع شهادة نذير فنصة التي سمعتها منه وبقيت في ذاكرتي مع ما دونته عنه من شهادات خلال معرفته الحقيقية بالإمام الصدر ولقائه به في أوائل سبعينات القرن المنصرم في مكتبه بالعاصمة الإيرانية، حيث كان عمي "نذير فنصة" يرأس تحرير الصحيفة العربية الوحيدة في ايران إثناء حكم الشاه "محمد رضا بهلوي" ، إضافة الى اعتماد العاهل الإيراني شخصياً عليه كمستشار في ملفات عربية عديدة تتعلق بإرسال الرسائل السرية و إطلاق مشروع تفاهم بين المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي ومصر وبقية العواصم الأخرى الفاعلة آنذاك في الصراعات الإقليمية والدولية من جهة وطهران من جهة أخرى حقق خلالها نجاحات فائقة في وقت فشلت الدبلوماسية الإيرانية في تحقيقها.

كانت تباشير الثورة الإيرانية على الشاه الذي أظهرته الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر سني عهده كدمية تتلاعب به أمام شعبه وعلى مرأى من الملعب الدولي في حظيرة حكامه المرتبطين بها أو المناوئين لها .. قد بدأت تؤتي أوكلها، وكان الإمام "موسى الصدر" بنصفه الإيراني و نصفه الآخر اللبناني قائداً في تيار وطني ذي بعد إسلامي يمكن اعتباره امتدادا لحركة مصدق عام 1953 وتعبر عنه بقوة حركة تحرير إيران برئاسة "مهدي بازركان"، وللحركة التزام سياسي صلب بإقامة نظام ديمقراطي إيراني ببعد إسلامي مستنير، وبمشاركة كل القوى الوطنية .. وعندما قامت الثورة في إيران دون أن تتضح للحركة الوجهة التي أراد بها الخميني أن يسلكها و أغرقها بلجان و هيئات كان قد هيأها منذ ثورته الفاشلة عام 1963، وأول خلاف جوهري بين الخميني والإمام الصدر عندما أيد الإمام في آب من العام 1978 من لبنان دعوة المرجع الشيعي "شريعت مداري" لإقامة ملكية دستورية في ايران وهي الدعوة التي رفضها الخميني فاضطر الإمام الى الصمت حتى لا يعمق الخلاف الذي بدأ يعلو أكثر على السطح ..
كان ذلك في الشهر ذاته الذي أخفي الإمام فيه ...

و في شهادة لافتة "لنذير فنصة" دونتها عنه مفادها أنه في هذه الفترة بالذات التقى بنائب الرئيس العراقي "صدام حسين" طلب فيه بوضوح نقل رغبته بإبلاغ الشاه عزم القيادة البعثية العراقية، إخراج الخميني من "النجف" و لكنه يفضل أن يبلغ الشاه بأن يقوم بإيفاد مبعوثين يختارهم للتفاوض مع "الخميني" قبل طرده باعتباره شخصاً غير مرغوب فيه على كل الأراضي العراقية كما حصل لاحقا .. على أن يكون للإمام الصدر دور فاعل في إقناع الطرفين بضرورة إيجاد حل عملي للتهدئة قبل حصول الكارثة التي ينذر غليانها بالسيل الحارق، وكانت تخوفات العراقيين من امتداد هذا السيل بالأخص من خلال تجاربه السابقة مع حزب الدعوة المحظور والذي واجه النظام البعثي في العراق بانتفاضات مسلحة قمعت بقسوة متناهية في حينها، باعتبار أن الأحداث الجسام تدل عليها ظلالها.

ويتابع "نذير فنصة" قائلاً: "عندما تقدمت بهذا المقترح للشاه انتفض في وجهي في سابقة غير معهودة وأسمعني كلاماً ثقيلاً قال فيه: أنت لست إيرانياً .. و أعتبر مقترحك هذا تدخلاً غير مناسب لتقدمه لي، وأنقل بالنيابة عني إلى العراقيين نصيحتي بأن يهتموا بشؤونهم .." هذا الرد من الشاه كان سببا مباشرا لمغادرة "نذير فنصة" طهران نهائيا .. بعد أن قضى ما يقارب الربع قرن صحفيا و مستشارا مقربا من الشاه (العربي الوحيد في بلاط الشاه) كما وصفته صحيفة الشرق الأوسط، و كان الخميني لاجئاً سياسياً في "النجف" وعلاقته سيئة ببغداد وإمكانية نفي جديد لم تكن لتروق له، ورأى أن الفرصة سانحة لمصالحة الفريقين أو على الأقل للحد من العداء بينهما .. فالحكمة تقضي أن يسعى الشاه إلى التفاوض ولكنه لم يقبل، إذ أن عداءه للخميني بلغ شوطاً كبيراً لا عودة عنه، وخرج الخميني من العراق في الثاني من أيلول 1978 أي بعد شهر واحد من اختفاء الإمام الصدر قاصداً "باريس" باقتراح من ابنه "أحمد الخميني" بعد رفض الكويت استقباله ورفضه هو مقترحاً من "حافظ الأسد" لاستقباله في دمشق.

أما الإمام الصدر فلم تكن تلك الشعرة بينه وبين الشاه قد تم قطعها، بالرغم من أن العلاقة كانت في حدودها الدنيا، ولذلك شواهده، .. وبالرغم من صلات القرابة بين الصدر والخميني ( نجل الخميني أحمد متزوج من ابنة شقيقة موسى الصدر .. و ابن الصدر متزوج من حفيدة الخميني) إلا أن الطريق إلى الجحيم مفروش بالنوايا الطيبة وعلاقات القربى .. كما كان يردد على مسامعي العم "نذير فنصة"، ففي أوائل السبعينات كان قد تم لقاء بين الشاه و الإمام الصدر من أجل طلب العفو عن أحد عشر عالماً و رجل دين محكومين بالإعدام في تهمة التحريض على الثورة .. لكن الشاه تعمد إعدامهم بعد وساطة الإمام الصدر رداً على طلب وساطة سابقة للشاه من الإمام للسعي عند الحكومة اللبنانية لتسليم مؤسس ورئيس جهاز الاستخبارات الهارب من سجون الشاه آنذاك "تيمور بختيار" والذي أوقفته السلطات اللبنانية لأن الرئيس "شارل حلو" وجده صيداً ثمينا ًيمكنه أن يفاوض الشاه على رأسه، وبالفعل تم التفاوض على تسليم "بختيار" الهارب من المؤسسة التي أسسها هو بذاته والتي كان مجرد المرور على ذكر اسمها " السافاك " يخيف شياطين الجن قبل إنسهم ، و طلب "شارل حلو" الرئيس اللبناني من الشاه مليوني دولار ثمناً لرأس "تيمور بختيار" حياً ، و لكن "نذير فنصة" الذي يعرف الرئيس اللبناني معرفة جيدة في شبابه مذ كان يعمل في صحافة حلب اذ كان "شارل حلو" يعمل في صحيفة برق الشمال و غيرها من الصحف الحلبية لا يألو جهداً ليقبض أموالاً تحت أي ذريعة أو مبرر، يقول "نذير" أنه نصح الشاه بعدم قبول هذه الصفقة التي تسيء إليه وإلى سمعته ( يقصد الشاه ) وأكد له بأن الرئيس اللبناني كما وصفه بالحرف: ( نصاب محترف )، ولكن الشاه بداية وافق على وساطة الإمام الصدر ، غير أنها فشلت لأن إغراء المال للرئيس "شارل حلو" كان أقوى الوسطاء ( يمكن للمدقق مراجعة وثائق الأمن العام اللبناني و التي تشير الى قرار رئاسي أصدره الرئيس الحلو بمنع نذير فنصة من دخول الأراضي اللبنانية و ألغاه عام 1973 الرئيس سليمان فرنجية و فتح تحقيقاً في هذه القضية أحيل على أثرها رئيس الامن العام اللبناني الى التحقيق من بعدها الإقالة ) .. و فعلاً هذا ما حصل وقبضت زوجة الحلو نيابة عن زوجها الرئيس ثمن رأس "تيمور بختيار" ولكن بمليون دولار فقط ولم تقبض المليون الثاني .. لأن "بختيار" هرب الى بغداد ..!! لذلك كان الشاه مستاء جداً من أنه خدع مرتين فقد دفع المليون دولار من حسابه السويسري الخاص وقُبض المبلغ، ولم يقبض هو جائزة الصفقة ووجد أن عدوه "بختيار" يصل إلى العراقيين ويؤسس لمعارضة قوية له من هناك، فلم يمهله فتتبعه عملاء الشاه فيما بعد إلى ضواحي بغداد و قتلوه بلا رحمة .

و في تصريح لافت للإمام الصدر نقله عنه السيد "هاني فحص" يقول بأن علاقته بالشاه لم تكن عدائية، و لكن المخابرات خربتها .. و "نذير فنصة "هو أكثر الشهود إدراكاً لما يتقصده الإمام الصدر بدقة في ذلك التصريح ،إ ذ حاول الجنرال نصيري الذي ترأس "السافاك" بعد الجنرال باكروان ( أعدمه الخميني بالرغم من محاولته الحفاظ على حياته مذ كان بطهران ورمى بجثته في مكب للنفايات، ونصيري عزله الشاه قبيل قيام الثورة ومن ثم أعدمه الخميني) التشويش على الإمام الصدر في أدواره المستقلة التي أراد أن يقوم بها وتتصف بالحس الإنساني العميق وهي مواقف بعيدة الرؤية محكمة الأهداف واضحة النوايا ، أما الجنرال "نصيري" فكان يرى كل الإيرانيين هم مشاريع أهداف و عملاء وعناصر استخباراتية يجب تجنيدها لتعمل بإمرته عند الطلب و لم يكن ذلك لينطبق على شخصية دينية و علمية روحية حقيقية كالإمام الصدر ، و ما يشير اليه السيد "هاني فحص" صراحة أن السفير الإيراني في بيروت ( كان نائبا لرئيس جهاز السافاك ) سحب منه جواز السفر و نزعت عنه الجنسية و بدأت حملة تشويه لسمعته بالتعاون مع عدد من الساسة اللبنانيين الموارنة ورجال الدين الشيعة و غيرهم من اقطاب الشيعة السياسية .. و تصريح الإمام أن "السافاك" كان مسؤولا عن تخريب العلاقة بالشاه، حقيقة لا يمكن اغفالها و لكنها جعلت المقربين من الخميني يتحدثون عنه بطريقة مشككة في معتقداته و آرائه.

لقد أشار السيد "هاني فحص" بوضوح في احدى لقاءاته بالإمام أنه عبر له عن ضيقه من الحملة الإعلامية التي كانت تستهدف سمعته و خصوصية أفكاره في الملف اللبناني تحديدا .. هذا الملف الساخن لكل الدول الإقليمية التي عبثت به اذ شكل الدور الأخلاقي و الروحي للإمام ظاهرة جديدة بمنع تفاقمها و امتدادها .. الامر الذي كان سيشكل حاجزا بالضرورة امام هذه القوى للسيطرة على الساحة اللبنانية، و مانعا لتسعير الحرب و تمرير المشروع الطائفي و توطين اللاجئين و عناصر أخرى من المشهد اللبناني الملتهب آنذاك و التي دلت ظلال الاحداث الجسام التي سبقته انها كانت تسير فعلا بهذا الاتجاه ، التي حاول الإمام بعزم على إيقافها بدأ من اعتصامه مع بعض رفاقه في مسجد "العاملية" في "رأس النبع" احتجاجاً على استمرار الاشتباكات بين طرفي العاصمة في بيروت ، مروراً باتصالاته بجميع القوى و الأحزاب اللبنانية و الفلسطينية و القادة السياسيين و الروحيين في لبنان للعمل على وقف اطلاق النار و التهدئة و الدخول في حوار وطني لبناني لبناني – فلسطيني و كان هاني فحص حينها ضابط الارتباط بين الثورة الفلسطينية و الخميني .. ولعل شهادته هنا بغاية الأهمية في تشكيل القطع المفقودة من الصورة الكاملة كما سبق أن نوهت.

و في شهادة أحد الذين كانوا مغفلين بالاسم حاضرا في المجلس الشيعي، وحركة أمل للقاء الخميني و عرض قضية إخفاء الإمام .. وقبل دخولهم مجلس الخميني ُطلب منهم عدم إثارة قضية اختفاء الإمام على اسماعه لان هذه القضية لا حاجة لاحد في تذكيره عنها كما قيل لهم، ويعلق هذا الشاهد أن رئيس وزراء ليبيا الرائد "عبد السلام جلود" كان حاضرا في طهران وقتها للتنسيق العسكري الإيراني في مواجهة اشتعال الحرب في أيلول مع الجار العراقي.

ويضيف هذا المصدر أن المدعي العام للثورة "عبد الكريم الموسوي" وهو من أشد الملتزمين بخط الخميني ، كان يرى في الإمام الصدر عميلا للشاه وأن أصدقاءه المقربين في حركة تحرير إيران ( صادق قطب زاده – إبراهيم يزدي – مهدي بازركان – و صادق طبطبائي ) ما هم إلا عملاء جرى التخلص منهم فيما بعد بأوامر صريحة و مباشرة من الخميني وهذا ما حصل فعلاً بعد نجاح الثورة .. ، ويتابع في شهادته أن علاقة الإمام الوثيقة بحركة تحرير إيران وهم أبرز وجوه الثورة الإيرانية سيؤكد على أن موقع ودور الإمام الصدر سيكون فاعلاً و مؤثرا لأهمية الملفات التي كانت بيده بكونه قناة ايران على الدول العربية .. و قناة العرب على ايران، و من المؤكد انه سيلعب دورا بالغ الأهمية بكونه وسيطاً بين الليبراليين الإسلاميين و بين حركة الإمام الخميني و رجال الدين مما يؤهله للتوفيق و منع الانفجار من موقع القيادة التي ربما قد تؤول اليه في و طهران بالرغم من أنه لم يكن يوما طالبا لولاية، و بصراحة قد تبدو جارحة هنا... مثل الفقهاء الكذبة الذين أخفوه.

في شهادة الكاتب "كاي بيرد" الذي روى "حياة الجاسوس الأمريكي روبرت إيمس" و مقتله في تفجير السفارة الامريكية في بيروت 1983 و بيّن أن معلوماته كانت مستقاة من أبو حسن سلامة رئيس الجهاز الاستخباراتي في منظمة التحرير الفلسطينية ( اغتالته إسرائيل بعملية كوماندوس في بيروت 1979)، و الذي تسلم ملف التحقيق في اختفاء الإمام الصدر قبل أن تغتاله إسرائيل، ومن عائلة "إيمس" ذاتها ومن وثائق ال CIA لتبدو معلوماته وتوثيقه على قدر كبير من الأهمية لم تقرأ جيدا في حينه، خصوصاً أن "إيمس" كان قد خدم في ايران قبل الثورة وأراد أن يتحقق بنفسه عن قضية إخفاء الإمام .. ، ويعلق الكاتب أن الصدر كان له تأثير واسع على ملايين الشيعة في ايران وليس فقط في لبنان كاشفاً لأول مرة عن الدور الذي لعبه "محمد بهشتي" المقرب من الخميني ، و الذي كان يدير المركز الإسلامي في المانيا و هو من اشد المؤيدين لإقامة الدولة الدينية في الوقت الذي كان الإمام الصدر يعارض الفكرة و يعتبر ان العقيدة الشيعية تحرم على رجال الدين الشيعة ممارسة السياسة و بحسب المصادر الفلسطينية أن "بهشتي" كان عالما بتفاصيل إخفاء القذافي للإمام، إذ كان المحرض المباشر عليه باتصاله مع القذافي وإقناعه بأن الصدر ما هو الا عميل للشاه و استخباراته وخلال وجود الإمام في طرابلس للقاء القذافي الذي سبق له أن التقاه .. و لكن ذلك اللقاء لم يتم إذ بعد أيام من بقاءه منتظرا لقاء العقيد غادر متوجها الى المطار و لكن رجال أمن القذافي منعوه مع رفيقيه بإجباره على تأجيل مغادرته وعبثاً حاولوا أقناعه بالعودة الى فندقه و لكن الصدر أصر على السفر و حصل جدال و تم الاعتداء على الإمام و رميه في السيارة و تدهورت الأمور و خرجت عن السيطرة و نقل الى السجن بحسب الرواية .. و يتابع الشاهد أن القذافي عندما أُبلغ بالحادثة شعر بالحرج و الغضب حين علم بما حدث، و لكنه لا يستطيع الافراج عنه دون فضيحة تسيء اليه لذلك يقول بعض من أقرباء الصدر و رفيقيه أن هناك شهادات مؤكدة حصلوا عليها أن المختطفين الثلاثة بقوا في السجن لأشهر و ربما لسنوات في الوقت الذي انتصرت فيه الثورة الإيرانية و عاد الخميني الى طهران مظفرا .. و كان "بهشتي" الى جانبه يكتب الدستور الجديد .. و عندما ألح "ياسر عرفات" على القذافي بالإفراج عن "الصدر" منعه "بهشتي" باعتباره خطرا حقيقيا متمثلا على الخميني بحيث أخبر المصدر الفلسطيني العميل "إيمس" أن القذافي أمر حينها بإعدام الصدر و رفيقيه و دفنهم في "سبها"، و الى اليوم كل تحاليل الحمض النووي التي تم الحصول عليها من عينات لرفاة عظمية تم الكشف عنها في محيط بعض السجون الليبية بعد سقوط نظام القذافي .. لم تسفر عن أي نتائج إيجابية، بالرغم من محاولة هذه الشهادة تبرئة القذافي من تعمد تصفية الإمام إلا أنها لم تخلُ من ثغرات لن تكون خافية على القارئ النابه والباحث الحصيف، وأخمن أن هذا الملف (الجرح) سيبقى مفتوحا لوقت طويل.
 
عودة
أعلى