الشرق الاوسط الخاسر الاكبر من الحرب الباردة الجديدة

alshahem

الـــشـهــم
خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
23 سبتمبر 2008
المشاركات
5,107
التفاعل
239 0 0
فى بحر الأسابيع المنصرمة حصل العالم على دليل جديد بأن حربا باردة جديدة بدأت بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأن نزاع الشرق الأوسط على وجه الخصوص سوف يستمر فترة من الزمن حتى يصار إلى نهاية النزاع الجديد بين القوتين العظمتين. والجدير بالذكر أن الحرب الباردة القديمة دامت أكثر من أربعين سنة حتى انتهت بمجيء ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة فى موسكو وانهيار جدار برلين وبقية الأحداث معروفة للجميع.

كانت نيويورك مسرحا لجولة حاسمة من الحرب الباردة الجديدة. فقد انسحبت روسيا من المشاركة فى اللقاء السداسي"الدول الخمس الدائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى وألمانيا" للنظر فى موضوع النزاع النووى الإيرانى بعد أن ألغت الولايات المتحدة اجتماعا لوزراء خارجية الدول السبع الأكثر تقدما فى العالم زائد روسيا والتى تعرف باسم مجموعة دول الثمانى G8. ويجب التنبيه هنا إلى أن جون ماكاين مرشح الحزب الجمهورى لخلافة الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش فى منصبه قال قبل احتدام النزاع بين واشنطن وموسكو بسبب أزمة القوقاز الجديدة أنه يريد طرد روسيا من مجموعة دول الثماني.

وفيما استخدم الرئيس الأمريكى عبارات قوية تجاه روسيا بعد حربها ضد جيورجيا وصب المزيد من الزيت على النار فإن الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف قام بنصيبه فى التصعيد عندما استبعد قيام نظام أمنى دولى وقال إن هذا عبارة عن سراب.

وفى حين ستباشر واشنطن نصب أنظمة مضادة للصواريخ النووية فى بولندا والتشيك فإن الرئيس السورى بشار الأسد العائد إلى مسرح السياسة الدولية عرض على ميدفيديف فى زيارته الأخيرة إلى موسكو نصب نظام مماثل فى سوريا. ما أشبه اليوم بالبارحة.

بالنسبة للمتتبعين للحرب الباردة الجديدة لا بد من التركيز على الدروس المستوفاة من الاضطراب الجديد بين واشنطن وموسكو.

أولا: أن الخلافات بين موسكو والدول الغربية اليوم أكبر من السابق. هذا ما دلت عليه الحرب الأخيرة فى القوقاز. فقد تبلور موقف مشترك بين الروس عامة عند تقييم الأحداث الأخيرة التى عصفت بالقوقاز مفاده أن غالبية المواطنين الروس يعتبرون رد فعل القيادة الروسية على استفزاز جيورجيا كان فى محله ولم يكن لها خيار آخر ويعتبرون أن هذه الحرب كانت مشروعة سياسيا ومعنويا وقانونيا.

فى نفس الوقت فإن الرأى العام الروسى صدم نتيجة التأييد الواسع الذى حصل عليه الرئيس الجيورجى ميخائيل ساكاشفيلى من الغرب وهذا أوضح للروس بما لا يدعو للشك أن الغرب يتعامل بسياسة المكيالين فهو يدافع عن القيم الإنسانية من جهة ويؤيد المتسبب فى الحرب من جهة أخرى. وهذه ليست أول مرة يعمل فيها الغرب بسياسة المكيالين تجاه نزاع ما، فالنزاع العربى الإسرائيلى أبرز دليل على ذلك.

ثانيا: أن السياسة الخارجية الروسية بدأت تتغير. فقد كان الهدف الاستراتيجى فى عهد الرئيس الروسى السابق فلاديمير بوتين إدماج روسيا فى النظامين السياسى والاقتصادى العالميين وذلك بغض النظر عن ازدياد التعقيدات الطارئة على علاقات بلاده مع الغرب.

فى حال فوز ماكاين بخلافة بوش فى نوفمبر/تشرين الثانى القادم فإنه سيسعى لتأسيس ما أسماه"نادى الديمقراطيين" ليكون بديلا للأمم المتحدة. روسيا فى مقدمة الدول التى ستبقى خارج هذا النادى لذلك فإنها ردا على هذه الإستراتيجية تقوم منذ اليوم بإعادة تشكيل تحالفات مع مجموعة من الدول لهدف توسيع نفوذها فى العالم. يقول الروس إن هذه السياسة ليست مناهضة للغرب ولكنها تشير إلى أن السياسة الروسية لا تتركز فقط على العلاقات أو المواجهات مع الغرب وبعبارة أخرى لا تريد روسيا بعد اليوم أن تركز سياستها فقط على التعامل مع أوروبا والولايات المتحدة.

ثالثا: أدركت روسيا مشكلة قديمة يعود عهدها إلى زمن انهيار الإمبراطورية الشيوعية فى أواخر الثمانينات بعد مجيء غورباتشوف إلى الكرملين وهى أنها بفقدانها الدول التى كانت سابقا تحتمى بمظلة الاشتراكية الدولية وأصبحت اليوم جمهوريات مستقلة غالبيتها يميل إلى الغرب ويريد الاحتماء بعضوية فى الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسي، تراجع عدد أصدقائها باطراد. وتريد الآن بناء علاقاتها مع الدول التى تستفيد لاحقا من دعمها وهذه مهمة عسيرة لأنه فى عصر العولمة تسعى كل دولة إلى الدفاع عن مصالحها بدلا من إضاعة الوقت فى عقد تحالفات.

رابعا: أوضح النزاع الأخير فى القوقاز كيف أن روسيا ولأول مرة بعد انهيار الاتحاد السوفييتى والإهانة التى لحقت بموسكو بعدما لم يعد الغرب ينظر إليها كقوة عظمى، قادرة على استعراض قوة جيشها خارج أراضيها لهدف حماية مصالحها مثلما فعلت الولايات المتحدة فى أفغانستان والعراق ودول أخرى. والحرب ضد جيورجيا عبارة عن تحذير مباشر للجمهوريات التى استقلت عن روسيا علاوة على أن الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى ليس لديهما إستراتيجية لمواجهة روسيا إذ لم يتوقعا مواجهتها، والسؤال الكبير: ماذا كان حصل لو أن حلف شمال الأطلسى ضم جيورجيا فى قمته الأخيرة فى بوخارست بأبريل/نيسان الماضى إلى منظومته؟ هل كان سيدخل فى مواجهة عسكرية معها؟ لقد وضح للغرب لأول مرة مدى خطورة ضم دول أوروبية شرقية فى منظومته تمارس سياسة استفزاز ضد روسيا. على سبيل المثال بولندا التى تبدى أكثر عداوة تجاه موسكو وكذلك التشيك بغض النظر عن أن هدف رئيس جيورجيا كان جر الغرب إلى نزاع مع روسيا.

خامسا: إن الخلافات بين واشنطن وموسكو مسألة مبدئية. الولايات المتحدة ترى نفسها القوة العظمى المهيمنة ولا تريد أن ينافسها أحد على وضعها بما فى ذلك روسيا وهذه السياسة خطيرة لأنها قد تؤدى إلى التصعيد عند نشوب أى أزمة.

سادسا: أن روسيا لا تختلف عن الولايات المتحدة فى اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية عندما ترى أن مصالحها مهددة. كما تبين للعالم من خلال حربى الولايات المتحدة فى أفغانستان والعراق، وفى حرب روسيا ضد جيورجيا، فشلت واشنطن وبعدها موسكو فى انتهاج سياسة الدبلوماسية عوضا عن استعراض القوة العسكرية للتأكيد على مركز كل دولة بأنها قوة عظمى يجب على سائر دول العالم التفكير مرتين قبل الدخول فى نزاع معها.


المصدر-http://www.alrakoba.com/news-action-show-id-4512.htm

---------
 
عودة
أعلى