"شنغهاي" و"بريكس" في مواجهة القطبية الأمريكية والحفاظ على الأمن الدولي
تاريخ النشر:06.07.2015 | 12:03 GMT |
أخبار روسيا
15267
RIA NOVOSTI ALEXEY DANICHEV مدينة أوفا تستعد لاستضافة قمتي "شنغهاي" و"بريكس"
انسخ الرابط
تشهد مدينة أوفا، عاصمة جمهورية بشكيريا الروسية، قمتين في غاية الأهمية على خلفية التحولات الجيوسياسية والأمنية في العالم.
في الفترة من الـ8 إلى الـ10 يوليو/ تموز الحالي يجتمع قادة وزعماء دول منظمة شنغهاي للتعاون (روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وأوزبكستان، وتتمتع كل من منغوليا والهند وإيران وباكستان وأفغانستان بصفة مراقب فيها، كما تتمتع بيلاروس وسريلانكا وتركيا بصفة "شريك في الحوار")، وكذلك قادة مجموعة بريكس (روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا) لمناقشة جميع القضايا الدولية والإقليمية، والعلاقات الثنائية بين كل من المنظمتين والدول والهيئات الأخرى المشابهة.
وإذا كانت المحاور السابقة تشكل الخطوط العريضة لأجندة القمتين، فالتفاصيل المهمة تتعلق ببنية منظمة شنغهاي وآفاق مستقبلها وفاعليتها الإقليمية والدولية، إذ تتأكد الأنباء تدريجيا بشأن قبول عضوية كل من الهند وباكستان في تلك المنظمة.
وقد أعلن نائب وزير الخارجية الصيني تشنغ قوبنغ أن باكستان والهند ستبدآن بعملية الانضمام لمنظمة شنغهاي للتعاون في القمة التي ستجري في روسيا يومي الـ9 والـ10 من يوليو/تموز الحالي، وذلك في أول توسع للمنظمة الدولية منذ تأسيسها في عام 2001.
وقال تشنغ قوبنغ إنه مع تزايد تأثير نمو منظمة شنغهاي للتعاون يهتم عدد كبير من الدول في المنطقة بمسألة الانضمام إلى المنظمة، مؤكدا أن انضمام الهند وباكستان لها سيساهم بدور مهم في نمو "شنغهاي للتعاون" وبدور بناء في العمل على تحسين علاقاتهما الثنائية.
من جهة أخرى أكد نائب وزير الخارجية الصيني أهمية تعاون دول المنظمة من أجل التصدي للمخاطر الإرهابية. وتولي الصين اهتماما خاصا لهذا وسيكون لها تعاون أمني مع الدول المعنية.
تسلمت روسيا اعتبارا من الأربعاء 1 أبريل/نيسان 2015 ولمدة عام كامل رئاسة مجموعة "بريكس" للاقتصادات الناشئة التي تضم إلى جانبها، البرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن الأهداف الرئيسية لروسيا في إطار رئاستها لـ"بريكس" هي إطلاق عمل بنك "بريكس" للتنمية التابع للمجموعة، وصندوق الاحتياطيات النقدية. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الروسية إن بعض الشركاء في الغرب بدأوا بالفعل بجس النبض للانضمام إلى بنك "بريكس" للتنمية، الذي يعد أول مؤسسة دولية يتم إنشاؤها من دون مشاركة دول غربية.
من جهة أخرى نشر موقع رئاسة روسيا لمجموعة "بريكس" كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي قال فيها إن رئاسة روسيا للمجموعة تأتي في ظل مناسبات مهمة. وشدد على أن المجموعة تدعو إلى ضرورة حل الأزمات الدولية عبر الطرق السياسية ومن خلال الحوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة. وأشار بوتين إلى أن روسيا ستضع على رأس أولوياتها تنشيط المجموعة في حل القضايا الدولية وبناء الهندسة الأمنية والاستقرار في العالم. كما ستولي موسكو اهتماما خاصا للمجال المالي، بإنشاء بنك التنمية برأسمال 100 مليار دولار، إضافة إلى احتياطيات نقدية تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار أخرى. واعتبر بوتين أن مجموعة "بريكس" تمثل شكلا من أشكال تعدد القطبية في العالم، مشيرا إلى ضرورة تفعيل دورها للحفاظ على الأمن والاستقرار العالميين.
يذكر أن قادة دول مجموعة "بريكس" كانوا قد وقعوا خلال القمة السادسة للمجموعة في مدينة فورتاليزا البرازيلية في 15 يوليو/تموز 2014، على وثيقة لتأسيس بنك للتنمية برأسمال قدره 100 مليار دولار، وسيقوم بنك التنمية الجديد بتقديم التمويل لمشروعات البنية التحتية لدول مجموعة "بريكس". وسيقع المقر الرئيسي للبنك في شنغهاي الصينية، كما اتفقوا على إنشاء صندوق احتياطي مشترك للعملات بحجم 100 مليار دولار، وبإدارة مستقلة، تلجأ الدول الأعضاء للاستعانة به وقت الأزمات والطوارئ، ومن الممكن أن يتطور لاحقا ليصبح موازيا لصندوق النقد الدولي.
كما يذكر أيضا أن المساحة الإجمالية لدول مجموعة "بريكس" تبلغ 26% من مساحة اليابسة على الكرة الأرضية، وعدد السكان الإجمالي في دول "بريكس" يبلغ 42% من عدد سكان الأرض الإجمالي، وفي عام 2013 بلغت حصة "بريكس" من حجم التبادل التجاري العالمي 16.1%، في النفقات العسكرية - 10.8%، إنتاج مصادر الطاقة 40.2% من الإنتاج العالمي.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أكد في مطلع العام الحالي أن روسيا ستستغل فترة رئاستها لمنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة "بريكس" في عام 2015 لمنح نشاط هذين الإطارين نبضا جديدا. وقال لافروف في 21 يناير/كانون الثاني الماضي إن روسيا عملت بنجاح في العام الماضي في مختلف المحافل متعددة الأطراف، بما في ذلك مجموعة "بريكس" ومنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة العشرين. وشدد على أهمية الاتفاقات في المجال الاقتصادي في إطار مجموعة "بريكس"، قائلا إنها استراتيجية الشراكة الاقتصادية وخارطة الطريق للتعاون الاستثماري.
من جهة أخرى تدرس مجموعة "بريكس" إمكانية تأسيس وكالة تصنيف ائتماني مستقلة داخل المجموعة لتقييم الاقتصادات بشكل مستقل وموضوعي بعيدا عن التسييس. وقال السفير البرازيلي في روسيا أنطونيو غويريرو إن الحديث عن نتائج عمل فريق الاتصال سابق لأوانه، لأن أي حل أو قرار يتوجب دراسته بعناية. وأشار إلى أن مجموعة الاتصال ستدرس مدى قابلية إجراءات وكالات التصنيف الائتماني الحالية للتطبيق على جميع الاقتصادات، وإذا كانت هذه الإجراءات تأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل المرتبطة بالاقتصادات، مضيفا أنه قد تقتضي الحاجة إيجاد مؤشرات بديلة ونهجا أوسع لتقييم الاقتصادات بشكل صحيح. كما يعتقد غويريرو أن الوكالة الجديدة في حال تأسيسها لن تقوم بمواجهة المؤسسات المالية أو الوكالات الحالية، مؤكدا وجود طلب على خدمات وكالات التصنيف الائتماني.
وتظهر الحاجة إلى وجود وكالات تصنيف ائتماني مستقلة بعيدة عن السياسة بعد قيام وكالات التصنيف الأمريكية بخفض تصنيف روسيا الائتماني، حيث وصف رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف قرار خفض تصنيف روسيا الائتماني من قبل وكالة التصنيف الأمريكية "ستاندرد أند بورز"، بالأداة السياسية المفضوحة.
وفي سياق آخر يمكن أن تقترح روسيا على كل من الهند والصين، بصفتهما بلدين عضوين في مجموعة "بريكس"، إنشاء محطة فضائية مدارية مشتركة. ومن المتوقع أن يعرض هذا الاقتراح في قمة مجموعة "بريكس" الحالية.
يذكر أن الحديث حول إنشاء محطة فضائية روسية مستقلة بدأ في النصف الثاني من عام 2014. ويتوقع أن تعتمد تلك المحطة على الوحدات الروسية المستخدمة حاليا في المحطة الفضائية الدولية. وتقول التقارير إنه من المستحسن دراسة إمكانية تحقيق المشروع الفضائي الدولي في إطار استراتيجية التحالف التكنولوجي للمجموعة. وأن موسكو تأخذ بعين الاعتبار التقدم الذي حققته كل من الهند والصين في تطوير الرحلات الفضائية المأهولة. وكان مجلس الخبراء الروسي قد أعد اقتراحات تخص مشروع تصنيع صاروخ عامل بالميثان وطائرة فضائية.
وعلى الصعيد السياسي، يرى الخبراء أن روسيا والصين ومجموعة "بريكس" تمارس دورا فعالا في مواجهة الهجمة الأمريكية الغربية علي مناطق نفوذ دول المجموعة، وعلى كل من روسيا والصين وفنزويلا، حيث شهدت الأخيرة محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وفيما يتعلق بمنظمة شنغهاي فقد أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن إحدى المهام الرئيسية خلال رئاسة روسيا للمنظمة خلال العام الحالي تتمثل في "تدشين عملية توسيع المنظمة". وقال إيغور مورغولوف نائب وزير الخارجية الروسي في المنتدى العاشر لمنظمة شنغهاي للتعاون في مدينة خانتي مانسييسك الروسية في 11 مارس/ آذار الماضي، إن توسيع المنظمة سيسمح بانتقالها إلى مستوى جديد للتعاون. وأوضح أن الهدف الأساسي لرئاسة روسيا يتمثل في رفع فعالية منظمة شنغهاي للتعاون باعتبارها أحد المحافل الرئيسية للتعاون متعدد الجوانب بين دول المنطقة في مجالات الأمن وتطوير التعاون الاقتصادي والعلاقات الإنسانية. وتهدف موسكو إلى مواصلة تعميق التعاون في مكافحة الإرهاب والانفصالية والتطرف وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
إن موسكو تدعو إلى توسيع التعاون بين دول "شنغهاي" في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف والانفصالية. وتدعو إلى زيادة مساهمة المنظمة في تطوير التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب برعاية الأمم المتحدة. وربما النقطة الأخيرة بالذات لا تروق للأطراف الغربية التي تريد الاستئثار بكل شيء بصرف النظر عن مصالح الدول الأخرى أو الأضرار التي تلحق بهذه الدولة أو تلك. بل ومنع قوى كبرى قادرة على الإسهام بقسط كبير في الحفاظ على الأمن الدولي والإقليمي. غير أن الأهم في هاتين القمتين أنهما تواصلان التأكيد على ضرورة توازن العالم، وتحذران من مخاطر القطبية الأحادية، وإحكام قبضة الولايات المتحدة والناتو على مقدرات الدول ومستقبل المجتمع الدولي.
أشرف الصباغ