صفائـــــح التدريـــــع السلبيــــة والنشطـــــة
بشكل عام تتوفر الدروع الحديثة ضمن نمطين مميزين ، فأما أن تكون هذه الدروع سلبية بليدة Passive armor ، أو أن تكون نشيطة فاعلة active armor . الدروع السلبية تعمل على إيقاف المقذوف المعادي بالاعتماد على الملكيات والخصائص المادية لمكونات الدرع وحدها ، حيث تصنع هذه المواد من تشكيلة مدهشة من المواد الغريبة ونصف الغريبة . هي قاسية جداً ، حيث تقوم فكرة عملها على امتصاص الضربات واستيعاب طاقتها. وعلى النقيض من ذلك فإن فكرة عمل الدروع النشيطة (تعرف كذلك باسم الدروع التفاعلية ، الدروع الذكية ، الدروع الكهربائية ...) تقوم على التفاعل والاشتباك مع المقذوف قبل وصوله لصفيحة التدريع الرئيسة للهدف ، بهدف عرقلة وتعطيل تقدمه عن طريق حرفه أو تحطيمه . وهكذا فإن مواد الدروع بشكلها العام يمكن تقسيمها لنموذجين مختلفين من حيث أسلوب التعامل مع تهديدات طاقة المقذوف ، فهذه إما أن تكون "معرقلة" disruptive أو "ممتصة" absorbing . حيث تميل المواد المعرقلة لأن تكون مصنعة من مواد عالية القوة مثل الفولاذ عالي التصليد high-hardness والمواد الخزفية . إن الغرض من هذه المواد في التدريع متعدد الطبقات هو تمزيق أو تشظية المقذوف القادم وكذلك إبطاء سرعته وإضعافها . وبكلمات أخرى ، تشتيت وتبديد الطاقة الحركية للمقذوف بواسطة مادة الدرع ، من خلال تحطيمه وإعادة توجيه طاقة الأجزاء والشظايا الناتجة بعيداً عن التركيب المحمي . من ناحية أخرى ، تعمل المواد الممتصة على استيعاب الطاقة الحركية للمقذوف من خلال المقدار الكبير من التشويه اللدائني ، وتحويلها لشكل أدنى من أشكال الطاقة مثل الحرارة . وتعمل المواد المقساة والمواد المركبة كأدوات امتصاص جيدة لطاقة المقذوفات الحركية ، رغم أن لها قدرة تمزيقية أيضاً . وضمن هذه التصنيف يمكن القول أن صفائح الفولاذ المقسى والمصلد في الطبقة الخارجية من منظومة التدريع وكذلك الوحدات الخزفية أو ألياف الزجاج ، تعتبر عامل عرقلة لأي تهديد قادم من الخارج ، في حين تعمل طبقة المطاط التي تليها وكذلك بطانة التشظية spall liner كعامل امتصاص ، حيث تعمل هذه على تخفيض تأثيرات التشظية بعد ثقب صفائح الدرع (يتضمن تركيبها نسيج أو ألياف صناعية معززة بمركبات أخرى ، بما في ذلك ألياف البوليثيلين polyethylene) .
وهكذا يحرص المهندسون عند تصميم وتوزيع دروع دباباتهم وعرباتهم المدرعة ، على مواجهة شكلين مختلفين من أشكال التهديدات المحتملة ، قذائف الطاقة الحركية Kinetic Energy وقذائف الطاقة الكيميائية Chemical Energy . من ناحية تهديدات مقذوفات الطاقة الحركية ، فإنها تستخدم طاقة الاصطدام المرتفعة لتحقيق النفاذ ، والنوع الوحيد تقريباً الذي له القدرة على اختراق قوس برج الدبابة الأمامي الثقيل ، هو الخارق للدروع المثبت بزعانف النابذ للقبقاب APFSDS ، حيث يصمم المقذوف عموماً لتركيز مستوى مرتفع جداً من الطاقة الحركية على مقطع عرضي صغير لأقل ما يمكن على سطح الهدف لكي يتحقق الاختراق الأعمق . ولأن الطاقة الحركية للمقذوف تتعلق بشكل مباشر بكتلته ، فإن مصممو السلاح يجاهدون لزيادة الكثافة المقطعية sectional density للمقذوف ، التي تعرف بأنها كتلة المقذوف إلى منطقته العرضية (كقاعدة عامة ، المقذوف الأعلى في كثافته المقطعية ، الأعظم في قدرته على تحقيق اختراقات أعمق) . فمع انتقال وتحرك المقذوف بسرعات مرتفعة جداً ومفرطة hypervelocity ، فإن قوة مادة الدرع عند الارتطام تصبح مهملة ، حيث أن كلتا المقذوف والدرع سيذوبان ويتصرفان مثل السوائل ، وتصبح فقط كثافة المنطقة أو الكثافة السطحية Surface density هي العامل الأهم (المصطلح يشير لكل وحدة منطقة في كتلة جسم ما موزعة على السطح ، وهذه مصورة بالكيلوغرامات لكل متر مربع ، حيث يمكن إيجاد الكثافة السطحية بأخذ كتلة جسم وتقسيمه على منطقته) . في هذه الحالة المحددة ، المقذوف بعد اصطدامه بجسم الهدف سيواصل عملية الاختراق حتى يتوقف عن تحويل زخمه واندفاعه الحركي إلى مادة الهدف . في هذه الحالة المثالية يكون فقط ، الزخم ، مقطع المنطقة العرضي ، الكثافة ، والسماكة المنظورة هي العوامل ذات الصلة والمرتبطة بموضوع تتميم حالة الاختراق ..
وللتبسيط نقول أنه عند حدوث التماس المادي بين الخارق عالي السرعة وكتلة الهدف ، فإن الطاقة الحركية للقضيب ستحول كطاقة اصطدام إلى الهدف impact energy . وستتولد موجات اهتزازية/صدمية في الهدف وكذلك موجات صدمية انعكاسية reflected shock wave ستتولد على امتداد قضيب الخارق . كلا القضيب والهدف سيواجهان ويتحملان مستويات الضغط المرتفع في منطقة الاصطدام ، كما ستتولد موجات خلخله Rarefaction waves على جوانب منطقة الاصطدام . وبينما تتعرض المادة عالية القسوة للفك والتحرر خلال حركة تقدم قضيب الخارق ، فإن تدفق لدن plastic flow يمكن أن يحدث وأيضاً فشل أو إخفاق هيكلي للمادة كما عرضت النتائج . وبعد الاصطدام ، يمكن تمييز حفرة أو منطقة التأثير المشكلة (موضع اصطدام وارتطام الخارق) بواسطة حافتها البارزة ومركزها المخروطي المرتفع . في الحرب العالمية الثانية كانت القذائف المثالية الثاقبة للدروع على هيئة رصاصة bullet-shaped ، وكان لديها سرعة أوطأ بكثير مما تتحصل عليه القذائف في زمننا الحالي ، بحيث أن ارتطامها بالدرع لم يكن يؤدي لإنجاز حالة الذوبان للقذيفة والدرع . في هذه الظروف ، قوة مادة التدريع وصلادتها تصبح العامل الأهم ذو الصلة . فإذا كان المقذوف خفيف وبطيء نسبياً ، فإن قوة التدريع قَد تتسبب في تحصيل أضرار ربما لا تتجاوز حد التشويه المرن elastic deformation أو التشويه اللحظي ، بحيث تهزم القذيفة وتدحر دون أضرار فاعلة على كتلة الهدف .