بسم الله الرحمن الرحيم
تعرف المراجع المتخصصة الصاروخ الموجه بأنه ذلك الصاروخ القادر على تغيير اتجاه طيرانه بعد الإطلاق ويظل قادراً على ذلك حتى يكون قريباً من نقطة اصطدامه بالهدف. لتحقيق ذلك يلزم أن يحقق نظام التوجيه عدة مطالب هي:
1.. يجب أن يعرف مكان الهدف وقد يحتاج ذلك إلى ضرورة وجود فرد في حلقة التوجيه كما الأنظمة التي تتبع الهدف بصرياً أو التي يتم توجيهها بإضاءة الهدف بالليزر.
2.. يجب أن يعرف، أو يكون قادراً على تحديد مسار الهدف.
3.. يجب أن يكون قادراً على تصحيح مسار الصاروخ في ضوء التعليمات الجديدة التي يستقبلها.
4.. يجب أن يتأكد أن الصاروخ غير مطالب بإجراء مناورة تزيد عن الحدود التصميمية لمكونات الصاروخ.
من المعروف أن استخدام الصواريخ الموجهة يهدف إلى تحقيق تدمير الهدف بصاروخ واحد. يقوم نظام التوجيه في الصواريخ (سطح - جو)، المضادة للدبابات، (جو-جو) بأداء وظيفة بواسطة تتبع الهدف أما في الصواريخ (أرض- أرض) فإنه غالباً ما يقوم نظام التوجيه باستخدام بيانات محددة مسبقاً لتحديد مكان الهدف. ويتكون نظام التوجيه من عدة مكونات هي:
وحدة التتبع
وهي الوحدة التي تقوم بتحديد الوضع النسبي للهدف والصاروخ وقد يتم التتبع بواسطة موجات الراديو، أو موجات الرادار، أو بصرياً.
وحدة الحاسب
وهي التي تقوم بحساب المناورات المطلوب أن يقوم بها الصاروخ للوصول إلى الهدف.
وحدة التوجيه
وهي التي توفر الوسيلة التي يمكن بواسطتها إرسال الأوامر إلى الصاروخ مثل موجات الراديو أو موجات الرادار.
يمكن تقسيم طرق التوجيه إلى ثلاثة أنواع هي المسار المحدد مسبقاً (PREDETERMINED COURSE) وهو يعتمد على المعلومات التي يتم وضعها في الصاروخ قبل الإطلاق، والمسار الذي يتم التحكم فيه أثناء الطيران (CONTROLLED PATH) وهو يعتمد على المعلومات التي يتم تغذيتها للصاروخ بعد الإطلاق، التوجيه الذاتي (HOMING) ويعتمد على التعرف على الهدف سواء تم ذلك التعرف بواسطة مصدر خارجي أو بواسطة الصاروخ نفسه ثم يقوم الصاروخ بعد ذلك بتتبع الهدف نتيجة للإشارات الصادرة من الهدف.
يعتبر نظام التوجيه للصواريخ التي تركب الشعاع من ذلك النوع الذي يتم فيه التحكم في المسار بعد الإطلاق وينقسم هذا النوع من التوجيه إلى نوعين هما التحكم في المسار بواسطة أوامر التوجيه، النوع الثاني هو ركوب الشعاع الصادر من الهدف.
يتطلب النوع الأول من هذا التوجيه تعديل مسار الصاروخ أثناء الطيران بواسطة مؤثر خارجي ويتم توصيل أوامر التوجيه إما بواسطة موجات الراديو، أو موجات الرادار، أو بواسطة سلك كما يتطلب وجود وسيلة لتحديد مكان كل من الهدف والصاروخ، حاسب آلي يقبل بيانات كل من الهدف والصاروخ ويقوم بحساب أوامر قيادة الصاروخ، وسيلة لتكويد مخرجات الحاسب الآلي في صورة مناسبة لنقلها إلى الصاروخ، وأخيراً مرسل راداري لتمرير إشارات الأوامر إلى الصاروخ.
عند استخدام ركوب الشعاع في التوجيه فإن الصاروخ يحتوي على وحدة تمكنه من تتبع الشعاع الإلكتروني وفي هذه الطريقة يتم إطلاق الصاروخ على الشعاع ونتيجة لأن الشعاع يكون متجهاً إلى الهدف فإن الصاروخ يحاول أن يمركز نفسه في الشعاع حتى يصطدم بالهدف وتقوم الدوائر الالكترونية في الصاروخ باكتشاف أعلى مستوى للطاقة في الشعاع ونتيجة لذلك يحاول الصاروخ البحث عن مركز الشعاع.
من البديهي أن الصاروخ الذي يستخدم هذا النوع من التوجيه لا يقوم بمناورات حادة. يحتاج استخدام الصواريخ التي تركب الأشعة إلى نظم مساعدة للحرب الإلكترونية لكشف أجهزة الرادار المعادية وتوفير صورة واضحة عن الموقف الإلكتروني المعادي وأنواع الرادارات وأماكن تمركزها وتردداتها مما يساعد على تقدير التهديدات بدقة ووضع أسبقيات الهجوم عليها كما يحتاج إلى نظم تسديد تحتوى على أجهزة استشعار وحاسب إلكتروني وأجهزة تحكم وإطلاق بحيث يتم إطلاق الصاروخ بعد تغذيته بالبيانات الدقيقة عن تردد أجهزة الرادار ومكانه.
يختلف التوجيه بواسطة ركوب الشعاع عن التوجيه الذاتي السلبي (PASSIVE HOMING) بأن ذلك النوع الأخير يقوم نفسه باكتشاف الإشعاع الطبيعي للهدف وقد يتم استخدام مصدر خارجي لإضاءة الهدف (DESIGNATOR) كما هو الحال مع الصواريخ والذخائر التي يتم توجيهها بالليزر ولذلك يلزم وجود وحدة مسح للإشعاع لالتقاط تلك الإشعاعات التي قد تأخذ شكل موجات راديو أو موجات صوتية أو أشعة تحت الحمراء صادرة من أنابيب العادم أو موجات ضوئية (أشعة الليزر) كما يلزم أيضاً وجود وسيلة لتحديد الهدف حتى يمكن اعتراض الإشارات الصادرة وأخيراً يلزم وجود دوائر لقيادة وتوجيه الصاروخ.
بالنسبة للصاروخ الذي يركب الشعاع فإن تلك الإجراءات تقوم بها وحدات منفصلة عن الصاروخ تقوم بتحديد نوع الإشعاع وتردده واتجاهه ثم تقوم بتغذية تلك البيانات للصاروخ قبل إطلاقه.
قد يكون مناسباً أن نشير إلى أن الصواريخ التي تركب الشعاع يمكن أن تستخدم كل من الموجات الرادارية وهو الأسلوب المتبع عادة مع الصواريخ (جو- سطح) كما يمكن استخدام أشعة الليزر وهو الأسلوب المتبع مع الصواريخ المضادة للدبابات كما أنه يتم استخدام التوجيه المختلط كأن يتم استخدام التوجيه الذاتي (HOMING) في المراحل الأخيرة من الطيران مع استخدام التوجيه بركوب الشعاع في المرحلة الأولى من الطيران وذلك لتحسين الدقة.
الأهداف التكتيكية الخداعية
التي تطلق من الجو
من الطبيعي أن يلجأ مستخدم صواريخ الدفاع الجوي إلى الطرق المختلفة لمقاومة الهجوم بالصواريخ المضادة للإشعاع ومن هذه الطرق العمل أثناء التدريب على تردد أو ترددين لأجهزة الرادار والاحتفاظ ببقية الترددات في سرية تامة لاستخدامها وقت الحرب الفعلية. قام المستخدمون للصواريخ المضادة للرادار بالتفكير في طريقة لكشف ترددات الرادارات المعادية وحماية طائراتهم من نيران الصواريخ المضادة لها .
وكان نتيجة لذلك أن تم تصميم ما يعرف بالأهداف الخداعية التكتيكية التي تطلق من الجو قامت إحدى الشركات الأمريكية بتصنيع تلك الأهداف الخداعية لصالح البحرية الأمريكية بحيث تحاكي الهجوم الجوي وبالتالي تعمل على زيادة فرصة البقاء للطائرات وتعمل على تشبيه الهجوم الجوي بعدد كبير من الطائرات مما يعمل على إمكانية اختراق الدفاعات الجوية المعادية.
يمكن لطائرة القتال التقليدية أن تحمل 20 هدفاً خادعاً. يأخذ الهدف الخداعي التقليدي شكل الطائرة بدون طيار، وله نفس المقطع الراداري لطائرة القتال، ويزن في حدود 250 كيلوجراماً ويتم تركيبه على الطائرة في أماكن تركيب القنابل وبدون أي تعديلات. يتم إطلاق الهدف الخداعي على مسافة أمن مناسبة ويمكنه أن يرتفع إلى 10 أضعاف الارتفاع الذي أطلق عليه.
أثناء حرب تحرير الكويت أثبت استخدام الأهداف الخداعية فاعلية كبيرة حيث تم في ال 72 ساعة الأولى من عاصفة الصحراء خداع الدفاعات الجوية العراقية ويقدر أن أكثر من 100 هدف جوي من التي أعلنت العراق عن تدميرها كانت أهدافاً خداعية.
لقد جذبت تلك الأهداف الخداعية صواريخ الدفاع الجوي العراقي كما أن بعضها قد تم اعتراضه بواسطة طائرات عراقية أيضاً. لقد قامت الشركة المنتجة لتلك الأهداف وقبل أن يثبت نجاحها في التفكير في تطوير ما يعرف بالهدف الخداعي المطور.
سيحتوي هذا الهدف الأخير على وحدة دفع من النوع التوربيني النفاث ويمكنه الملاحة على ارتفاعات أقل انخفاضاً من تلك التي يطير عليها النوع الأصلي وإضافات أخرى ستجعل من محاكاة الهجوم الجوي أكثر واقعية. تقوم القوات البحرية الأمريكية وقوات مشاة البحرية الأمريكية بشراء الأهداف الخداعية المطورة (ITALD) التي تم تصميمها على أساس الأهداف الخداعية التي تطلق من الجو (TALD) الذي طورته شركة (TAAS) الإسرائيلية لصالح القوات الإسرائيلية.
تقوم أيضاً شركة (TAAS) بتطوير الصاروخ المضاد للإشعاع دليله (DELILAH -AR) من النوع (STAR-1) الذي قد أضاف باحثاً له نطاق واسع من الترددات للهدف الخداعي المطور (دليله) الذي يستخدم معه. يصل مدى هذا السلاح إلى 400 كيلومتر وتصل سرعة الطيران ما بين 3،0 إلى 7،0 مثل سرعة الصوت. يتم حالياً تطوير الهدف الخداعي المصغر الذي يطلق من الجو (MINIATURE AIR LAUNCHED DECOY - MALD) وهو مفهوم تكنولوجي متطور يتم اختباره حالياً ومن المتوقع أن تستخدمه كل من القوات الجوية، والقوات البحرية، وقوات مشاة البحرية الأمريكية.
أهمية الصواريخ التي تركب الشعاع ودورها في حرب تحرير الكويت وحرب البوسنة
لقد زادت الحاجة إلى أهمية تقليل خسائر الطائرات المقاتلة وأطقمها وفي نفس الوقت قلت الاعتمادات المخصصة للقوات الجوية لكثير من الدول ومن هنا زادت الأهمية لعمليات إخماد الدفاعات المعادية وهو ما ظهر واضحاً أثناء عمليات تحرير الكويت، والبوسنة والهرسك. يعني إخماد الدفاعات الجوية المعادية تدمير أو إسكات رادارات وحدات المدفعية الموجهة المضادة للطائرات، والصواريخ الموجهة (سطح- جو). لقد كانت موجودات قوات التحالف المخصصة لإحباط الدفاعات الجوية العراقية كافية لإرغام القيادة العليا العراقية على إطفاء شبكة الدفاع الجوي أثناء تلك العمليات.
منذ حرب تحرير الكويت قررت وزارة الدفاع الأمريكية أن تحيل طائرات القوات الجوية من النوع (F-4G) (WILD WEASET) إلى التقاعد في عام 1996م كما قررت سحب طائراتها من النوع EF-111 من الخدمة في عام 1999م كما تم سحب طائرات القوات البحرية من النوع A-6 وتم تخصيص مهام إحباط الدفاعات الجوية المعادية لطائرات بديلة. سيتم استخدام أكثر من 500 طائرة من النوع F-18، 127 طائرة (EA-6B PROWLER) التي تعمل مع القوات البحرية وقوات مشاة البحرية، وعدد آخر من طائرات القوات الجوية من النوع F-16 بعد تعديلها لتكون من المجموعة 50-52 (BLOCK 50/52).
لقد تم إيقاف برامج تحسين الطائرة EF-111 بالرغم من مزاياها من حيث السرعة التي تمكنها من العمل ضمن مجموعة طائرات هجومية تطير بسرعة تزيد عن سرعة الصوت، والمدى الذي يزيد عن مدى الطائرة (EA-6B PROWELR) ولكن كان يعيبها قدم هيكلها وعدم إمكانية استخدامها من على ظهر حاملات الطائرات بالإضافة إلى أنها لا تتسلح بالصاروخ عالي السرعة المضاد للإشعاع (HIGH SPEED ANTI - RADIATION MISSILE - HARM). يمكن لأنواع الطائرات الثلاثة (F-16, EA-6B, F/A-18) السابق الإشارة إليها التي سيتم استخدامها لإحباط الدفاعات الجوية المعادية أن تستخدم الصواريخ المضادة للإشعاع وذلك بالإضافة إلى أن الطائرات EA-6B مجهزة بنظم الإعاقة المتكاملة من النوع AN/ALQ-99F.
تم تجهيز أكثر من 100 طائرة من النوع F-16 بجهاز التسديد للصاروخ عالي السرعة المضاد للإشعاع (HARM TARGETING SYSTEM- HTS) طراز ASQ-213. يمكن لهذا الجهاز الذي يزن 40 كيلوجرام أن يكتشف، ويتعرف على، ويحدد مكان الرادارات المعادية، ويقوم ببرمجة الصاروخ المضاد للإشعاع لمهاجمة تلك الرادارات.
تواجه الطائرات F-16 انتقادات حادة لاستخدامها محل الطائرة F-4G ولكن القوات الجوية الأمريكية ترد على تلك الانتقادات بأن استخدام نظام التسديد للصاروخ المضاد للإشعاع (HTS) سيقلل من عيوب تلك الطائرة وأن الطائرات المجهزة بذلك النظام غالباً ما تعمل مع الطائرات المجهزة بالنظام المشترك للاستطلاع الإلكتروني طراز (RC-135)، الطائرات EA-6B، مما سيعظم من فاعليتها. لن يتم رفع كفاية الطائرات (EA-6B PROWLERS) كما كان مخططاً من قبل ولكن تم رصد المبالغ المالية لتعديل 20 طائرة منها لتناسب مطالب القوات الجوية الأمريكية، وتجهيزها بمعدات إرسال للإعاقة الإلكترونية، وشراء 30 جهاز طراز AN/USQ -113 لإعاقة المواصلات المعادية.
من الجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تعاقدت على شراء 80 طائرة من النوع F-16 من المجموعة 60 (BLOCK60) ومعداتها التكميلية بقيمة تبلغ ستة مليارات و 400 مليون دولار أمريكي وتلك الطائرات أحدث من المجموعة 50 التي طلبتها القوات الجوية الأمريكية وهو ما أثار عدة تساؤلات عن أسباب ذلك. قامت شركة ماكدونالد دوجلاس بالتعاقد مع القوات البحرية الأمريكية للقيام بدراسة جدوى لتطوير النسخة من الطائرة ذات المقعدين F/A-18F التي تستخدم في حرب القيادة والسيطرة (COMMAND AND CONTROL WARFARE-C2W) لاستخدامها كبديل محتمل للطائرة EA-6B قبل نهاية عام 2010م. قامت شركة ماكدونالد دوجلاس بدورها بتوقيع مذكرات تفاهم مع شركات أمريكية أخرى لتنفيذ تلك المهمة.
طلبت الصواريخ عالية السرعة المضادة للإشعاع (HARM) القوات الجوية لكل من ألمانيا، إيطاليا، أسبانيا، كوريا الجنوبية وتركيا. في عام 1995 قامت القوات الجوية الألمانية بنشر 14 طائرة تورنادو (من ضمن 35 طائرة هو جميع ما لديها من هذا النوع من الطائرات) مجهزة للهجوم الإلكتروني والاستطلاع بالإضافة إلى تسليحها بالصواريخ المضادة للإشعاع في إيطاليا وذلك للاشتراك في العمليات الجوية فوق البوسنة مع طائرات حلف الناتو. قامت القوات الجوية الإيطالية أيضاً بتسليح جزء من طائراتها من النوع تورنادو بالصواريخ المضادة للإشعاع أما القوات الجوية الأسبانية فتستخدم هذا الصاروخ مع طائراتها من النوع F-18.
قامت القوات الجوية الملكية البريطانية أثناء حرب تحرير الكويت عام (1990 1991م) بإطلاق 130 صاروخاً مضاداً للإشعاع من النوع الذي يطلق من الجو المضاد للرادار (AIR LAUNCHED ANTI-RADAR MISSILE - ALARM) الذي تقوم بتصنيعه شركة بريتش إيروسبيس دايناميكس (BRITISH AEROSPAEC DYNAMICS) ولكنها لم تستخدم هذا الصاروخ في أي اشتباكات بعد ذلك سواء فوق العراق أو فوق البوسنة. تسعى القوات الجوية الملكية البريطانية إلى أن يشمل تطوير طائراتها تورنادو من النوع GR-4 على إمكانية تغذية البيانات من باحث الصاروخ ألارم (ALARM) إلى طاقم الطائرة وهو ما سيوفر استخبارات لحظية عن التهديدات المعادية. تقوم القوات الجوية الفرنسية باستخدام الصاروخ المضاد للإشعاع من النوع أرمات (ARMAT) الذي تصنعه شركة ماترا الفرنسية ولكن لا توجد معلومات عن استخدامه في القتال.
لقد كان للضغوط السياسية أثرها الكبير في البحث عن الوسائل التي تقلل من الخسائر أثناء العمليات. ظهر ذلك في حشد المساندة الكبيرة لعمليات إحباط الدفاعات الجوية (SEAD) فوق العراق والبوسنة. في صيف عام 1992م قام حلف الناتو بنشر طائرات الاستطلاع الإلكتروني فوق البحر الأدرياتيكي للتحذير من النشاط الراداري فوق البوسنة. خلال العامين التاليين الذي زاد بانتظام العمليات الجوية لمساندة قوات الأمم المتحدة حيث بدأت عمليات حظر الطيران في أبريل عام 1993م ثم تلى ذلك مهام تنفيذ إخلاء المناطق الآمنة من الأسلحة الثقيلة عام 1994م.
أثناء تلك الفترة كانت طائرات حلف الناتو تطير على ارتفاعات تزيد عن 5000 قدم لتقليل المخاطر الناتجة عن استخدام أسلحة الدفاع الجوي التي تطلق من الكتف، المدفعية المضادة للطائرات. في خريف عام 1994م قام الصرب بتشغيل نظم صواريخ الدفاع الجوي الموجهة بالرادار في منطقتي شمال غرب البوسنة وكارايينا لإيقاف هجمات الناتو الجوية المساندة للمناطق الآمنة في منطقة بيهاتش. قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالرد على ذلك ونشرت قوات إحباط الدفاعات الجوية في القاعدة الجوية بمدينة أفيانو الإيطالية. شملت تلك القوات الطائرات من النوع (EF-111) وطائرات مشاة البحرية الأمريكية من النوع (EA-6B) لمساندة الهجمات الجوية لحلف الناتو على القاعدة الجوية أودبينا بمنطقة كاريينا كما كانت تقوم بالدوريات على غرب البوسنة ووصلت الدوريات ذروتها في نوفمبر عام 1994م.
أجبرت القيود الدبلوماسية حلف الناتو على قصر عملياته العسكرية على عمليات الحماية الذاتية بواسطة القيام بالدوريات لإحباط الدفاعات الجوية اليوغسلافية بدلاً من القيام بضربة إجهاض ضدها حيث سمح لطائرات حلف الناتو بالاشتباك مع رادارات الدفاع الجوي الصربية فقط عند قيامها بإضاءة تلك الطائرات بطريقة معادية (بواسطة الربط على الطائرة قبل إطلاق الصاروخ).
في أغسطس 1995م قامت القوات البحرية الأمريكية بهجوم مضاد ضد الرادارات لشل قدرة الدفاعات الجوية الصربية في كرايينا. حتى بداية عملية القوة المتعمدة (DELIBERATE FORCE) كانت فرنسا وبريطانيا تعارضان باستمرار الولايات المتحدة الأمريكية في القيام بضربة إجهاض لشل الدفاع الصربي على أساس أن ذلك سيعتبره الصرب عملاً من أعمال الحرب مما سيدفعهم لمهاجمة قوات الأمم المتحدة المسلحة تسليحاً خفيفاً كنوع من الانتقام. في نفس الوقت قامت القوات الجوية التكتيكية الخامسة لحلف الناتو بوضع خطة للقيام بضربة إجهاض لشل الدفاعات الجوية الصربية أطلقت عليها اسم (DEAD EYE).
كانت تدعو الخطة للقيام بهجمات ضد مراكز المواصلات، مراكز القيادة والسيطرة، رادارات الإنذار المبكر، المراكز المعروفة لصواريخ الدفاع الجوي ووحدات المساندة. في الساعات الأولى ليوم 30 أغسطس 1995م تم وضع جزء من تلك الخطة موضع التنفيذ. شملت الهجمات الافتتاحية قيام الطائرات EA-6B، F/A-18C من حاملة الطائرات روزفلت بالقيام بالهجوم ضد الدفاعات الجوية الصربية في شرق البوسنة باستخدام الصواريخ توماهوك، الصواريخ (جو- أرض) التي تطلق من بعد طراز (LAND ATTACK MISSILE - SLAM STAND OFF) AGM-84E، القنابل المنزلقة الموجهة بالليزر طراز GBU- 15 بالإضافة إلى صواريخ هارم المضادة للإشعاع. بعد أن تم شل قدرات الدفاعات الجوية الصربية اقتصر هجوم حلف الناتو على استخدام الطائرات المسلحة بصواريخ هارم في أعمال الدوريات المستمرة ضد رادارات الصرب.
في 4 أكتوبر قامت الطائرات (EA-6B) باستخدام الصواريخ هارم ضد الرادارات الصربية في كل من بنيالوكا وسراييفو. قد يكون من الصعب تقويم عمليات الهجوم لشل قدرة الدفاعات الجوية الصربية ولكن القوات الجوية التكتيكية الخامسة لحلف الناتو أعلنت أن نشاطاتها فوق البوسنة اجتازت الاختبار بنجاح حيث لم تحدث خسائر نتيجة للصواريخ (أرض-جو) الموجهة بالرادار.
تعتمد الولايات المتحدة في عملياتها لتوجيه ضربات الإجهاض ضد الدفاعات الجوية المعادية على استخدام الطائرات المتسللة (STEALTH AIRCRAFT) و- أو الأسلحة التي تطلق من بعد مثل الصاروخ توماهوك (TLAM) والتي أثبتت فاعليتها خلال حرب البوسنة. ومع ذلك فإن الصعوبات السياسية للحصول على مساندة دول حلف الناتو لتنفيذ العملية (DEAD EYE) في بعض مناطق البوسنة أوضحت أهمية الاستمرار في استخدام الطلعات الجوية لإحباط الدفاعات الجوية الصربية باستخدام الاستطلاع الإلكتروني، الإعاقة، والصواريخ المضادة للإشعاع (HARM).
حتى عام 1994م حين ظهر موقف مدينة بيهاتش كانت كل من القوات الجوية الأمريكية والقوات البحرية تقيد استخدام الطائرات EA-6B براولر لمساندة إما نشر حاملات الطائرات أو قوات مشاة البحرية الموجودة في الميدان، بعد استنفاذ موجودات القوات الجوية الأمريكية لم يعد هناك بديلاً عن استخدام طائرات القوات البحرية EA-6B براولر وما تبقى من الطائرات EF-111A في دوريات لمساندة القوات الجوية التكتيكية للحلفاء الخامسة.
أنواع الصواريخ
المضادة للإشعاع الراداري
أولاً: الصواريخ الأمريكية:
1 الصواريخ شرايك (SHRIKE):
تم تصميم الصاروخ شرايك على أساس الصاروخ (جو-جو) سبارو ويعتبر أول صاروخ مضاد للإشعاع تنتجه الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية ولقد أطلق عليه في أول الأمر اسم (ARM) وهي اختصار للكلمات (ANTI - RADIATION MISSILE) ثم بعد ذلك عرف باسم (ASM-N-10). بدأ هذا الصاروخ كمشروع في عام 1962م وبعد ذلك أطلق عليه اسم (AGM-45A). تم إنتاجه بواسطة مجموعة من الشركات على رأسها شركة تكساس انسترومنت (TEXAS INSTRUMENT -TI) وبدأ الإنتاج في عام 1963م وتم استخدامه في جنوب شرق آسيا بعد ذلك بثلاث سنوات مع الطائرات EA-6A, F-105G.
كانت الخبرة الأولى لاستخدام هذا الصاروخ مخيبة للآمال وتم بعد ذلك إجراء عدة تعديلات لمعالجة العيوب التي ظهرت ولتعديل نظام التوجيه ليتعامل مع الترددات المعادية التي تم التعرف عليها وكان يرمز للطرازات التي يتم تعديلها بأرقام إضافية تضاف إلى طراز الصاروخ. يتم استخدام هذا الصاروخ مع طائرات البحرية - مشاة البحرية الأمريكية من الأنواع F-4, A-7, A-6, A-4 وطائرات القوات الجوية الأمريكية من الأنواع EF-111, F-105, F-4 والطائرات الإسرائيلية من الأنواع F-4 وكفير. عند الإطلاق يتم تحويل الصاروخ أثناء الطيران نحو الهدف ويتم إطلاقه بمجرد ربط الباحث الذي تصنعه شركة TI على الهدف. تصل سرعة الصاروخ إلى 2 ماخ (ضعف سرعة الصوت) ويقوم الباحث باستمرار بتحديث بيانات التوجيه بحيث يظل الصاروخ في منتصف الإشعاع. تزن الرأس الحربية 66 كيلوجرام وهي من النوع المتشظي. يوجد أكثر من 18 عائلة لطرازات هذا الصاروخ تبدأ بالعائلة AGM-45-1 وتنتهي بالعائلة AGM-45-10 وتستخدم تلك العائلات أكثر من 13 طرازا للباحث وفي عام 1978م تم طلب أكثر من 18500 صاروخ من هذا النوع.
في حرب رمضان- أكتوبر عام 1973م قامت إسرائيل باستخدام هذا الصاروخ ضد نظم الدفاع الجوي من الأنواع SA-3, SA-2 وتم توليفه على التردد 2965-2990 ميجاهرتز، والتردد 3025- 3050 ميجا هرتز ولكن كانت نتائج اشتباكات هذا الصاروخ مع الصواريخ SA-6 غير مرضية. يصل مدى هذا الصاروخ إلى 29 40 كيلو متر ويزن 177 كيلوجرام ويصل طوله إلى 05،3 متر وقطره 203ملم.
2 الصاروخ ستاندارد المضاد للإشعاعه (STANDARD ARM):
في سبتمبر 1966م تعاقدت القوات البحرية مع شركة جنرال دينامكس على تطوير صاروخ مضاد للإشعاع له أداء أفضل ومدى أطول ورأس حربية أكبر من الصاروخ شرايك والذي كان في ذلك الوقت يعطي نتائج متضاربة وغير مشجعة. على عكس الصاروخ شرايك قامت الموسسات الصناعية البرنامج الكامل لتطوير الصاروخ ستاندرد وتم التطوير على أساس الصاروخ (سطح-جو) من النوع ستاندر طراز (RIM-66A) الذي يطلق من القطع البحرية.
تم بدء تجارب الطيران في عام 1967 1968م وتم بدء الإنتاج للطراز الأول من هذا الصاروخ وهو (AGM-78) في أواخر عام 1968م. تم استخدام هذا الصاروخ مع طائرة القوات الجوية الأمريكية من النوع F-105 طراز G, F وطائرة القوات البحرية من النوع A-6 طراز E, B. تصل سرعة الصاروخ إلى 5،2 ماخ. تم استخدام الباحث المستخدم مع الصاروخ شرايك مع الطراز AGM-78 ولكن تم استبدال هذا الباحث بباحث آخر يعمل على نطاق ترددات أوسع يمكنه البحث عن رادارات الاعتراض للصواريخ (سطح -جو) والرادارات الأخرى كما يمكن طائرة الإطلاق من الهجوم من أي اتجاه وتتخلص من الاشتباك خارح منطقة القتل للصواريخ المعادية وتم استخدام هذا الباحث مع الصاروخ طراز AGM-78B.
بفضل استخدام هذا الصاروخ مع الطائرات المجهزة بنظم التعرف والإمساك بالهدف (TARGET INDENTIFICATION AND ACQUISITION SYSTEM - TIAS) الذي له القدرة على قياس المتغيرات الخاصة للهدف وتزويد باحث الصاروخ بتلك المتغيرات قبل الإطلاق. تتمشى النسخة الثانية لهذا الصاروخ مع نظام التعرف والإمساك بالهدف طراز APR-38 الذي جهزت به الطائرة F-4G وايلد ويزل التي تعمل مع القوات الجوية الأمريكية. تم بعد ذلك إنتاج النسخ D-2, D, C من هذا الصاروخ. يصل مدى هذا الصاروخ إلى 3،56 كيلو متر ويزن 635 كيلوجرام ويصل طوله إلى 57،4 وقطره 343 ملم.
توجد نسخة من هذا الصاروخ تستخدم مع القطع البحرية وهي الطراز (RGM-66D) ولقد تم تطوير هذه النسخة في أوائل السبعينات للاستخدام مع القطع البحرية كصاروخ (سطح-سطح). نتيجة لأن هذا الصاروخ قد تم تطويره على أساس الصواريخ (سطح- جو) من النوع ستاندارد لذلك يمكن إطلاقه من نفس القواذف أو قاذف فردي يمكن تركيبه على القطع البحرية الصغيرة. يمكن استخدام هذا الصاروخ ضد أي مصدر إشعاع وراء الأفق يعمل في حيز الترددات المناسبة أو ضد القطع البحرية وفي تلك الحالة يتم استخدام نظم التوجيه نصف الإيجابي ضد الرادارات. نتيجة لأن هذا النظام يحتاج بعض التجهيزات البسيطة لذلك يمكن استخدامه مع قوارب الدوريات المسلحة الصغيرة.
3 الصاروخ المضاد للإشعاع عالي السرعة HARM:
نظراً لأن كل من الصاروخ شرايك أو الصاروخ ستاندرد المضاد للإشعاع لم يحققا جميع المطالب التي يجب أن يحققها الصاروخ المثالي المضاد للإشعاع، بدأت المراكز البحثية للقوات البحرية الأمريكية بالتعاون مع المؤسسات الصناعية الأمريكية في دراسة إنتاج صاروخ مضاد للإشعاع عالي السرعة (HIGH SPEED ANTI-RADIATION MISSILE - HARM).
كانت الأهداف التي تم السعي لتحقيقها هي سرعة طيران عالية، الربط على الأهداف وإصابتها قبل أن تُطفئ إشعاعها أو تتخذ إجراءات أخرى، الربط بين التكلفة المنخفضة والإستعمالات المتعددة مثل الصاروخ شرايك، الحساسية الشديدة بحيث يمكنه التقاط الطاقة من الفصوص الجانبية لأشعة الرادار (SIDE LOBES)، مجال الاشتباك الواسع مثل الصاروخ ستاندرد وأخيراً استخدام نظام توجيه ذاتي سلبي باستخدام أحدث تقنيات الدوائر الالكترونية ووسائل الاتصال مع نظم الطائرات الحديثة.
يستخدم الصاروخ هارم مع طائرات القوات البحرية- مشاة البحرية الأمريكية من الأنواع A-18, A-7E, A-6E وطائرات القوات الجوية من الأنواع F-4G وايلد ويزل المجهزة بالنظام F-111A, APR-38 المجهزة بجهاز استقبال للإنذار الراداري ALR-45 ونظام تحليل الإشارات (DSA-20N) وكلا النظامين متصلين بالصاروخ هارم. يمكن استخدام الصاروخ هارم في ثلاثة أوضاع، الوضع الأساسي وهو الحماية الذاتية (SELF-PROTECT) وفيه يتم اكتشاف التهديدات بواسطة النظام (ALR-45) ويقوم الحاسب الآلي الذي يفرز المعلومات ويحدد الأولويات ويمرر للصاروخ مجموعة من التعليمات الرقمية في زمن قصير جداً لا يتعدى جزء صغير من الثانية يتم بناء عليها إطلاق الصاروخ.
في الوضع الثاني وهو وضع أهداف الصدفة (TARGET OF OPPORTUNITY) يقوم الباحث الحساس جداً بالربط على بعض المتغيرات الخاصة بتشغيل الهدف وكذلك بعض الإنبعاثات الصادرة من بعض مكونات أجهزة الرادار والتي لم يكن في استطاعة الصاروخ شرايك أو الصاروخ ستاندرد كشفها. في الوضع الثالث وهو وضع التلقين (BRIEFING) ويستخدم عندما تكون الإشارات الصادرة من الأهداف أضعف من أن تمكن الصاروخ من الاتجاه إليها ذاتياً وفي تلك الحالة يتم تغذية حاسب الصاروخ بالمسار المحسوب مسبقاً ويتم إطلاقه في اتجاه موقع أجهزة الرادار فإذا كانت تلك الأجهزة في حالة صمت راداري فإن الصاروخ يقوم بتدمير نفسه ذاتياً إما إذا كانت بعض مكونات أجهزة الرادار يصدر عنها إشعاعات فإن الصاروخ يوجه نفسه ذاتياً إليها.
بعد حرب تحرير الكويت تقرر تطوير هذا الصاروخ وإنتاج الجيل الثالث طراز (AGM-88C) الذي يمكنه التعامل مع أجهزة الرادار الحديثة التي تستخدم الترددات المراوغة والنطاقات الواسعة المنتشرة (SPECTRUM FREQUENCY AGILITY SPREAD) وفي عام 1994م بدأ تسليح الطائرات الأمريكية بالطراز الجديد وتتلخص التعديلات فيما يلي:
1.. استبدال الباحث القديم بآخر أكثر حساسية لمواجهة الترددات الجديدة في رادارات الدفاع الجوي.
2.. استخدام نظم توجيه متطورة يحسن من أداء الصاروخ في مواجهة المناورات الإلكترونية التي تقوم بها أجهزة رادار الدفاع الجوي، وكذلك العمل بكفاءة في مواجهة التهديدات الكثيفة.
3.. استخدام حاسب آلي ذو سعة أكبر يصل إلى أربعة أضعاف سعة الحاسب المستخدم مع الجيل الثاني طراز B.
4.. استبدال الرأس الحربية بأخرى تحتوي على عشرة آلاف مكعب من سبيكة التنجستن يمكنها اختراق نصف بوصة من الصلب المدرع مما ضاعف من قدرتها التدميرية ضد هوائيات أجهزة الرادار المعادية.
ثانياً الصواريخ الروسية المضادة للرادار:
يعتبر الصاروخ (AS-1 KENNEL) هو أول صاروخ (جو-سطح) يظهر في ترسانة الأسلحة السوفييتية في عام 1961م، حيث استخدم بأعداد كبيرة مع القوات الجوية للقوات البحرية السوفييتية حيث كان يتم استخدامه مع القاذفة TU-16. يستخدم الصاروخ كينيل رأساً حربياً تقليدية ويمكن إطلاقه في وضعين، الوضع الأول وهو وضع الإطلاق على المستويات العالية ويصل مداه في هذا الوضع إلى 150 كيلومتر، والوضع الثاني وهو وضع الطيران المنخفض ويصل مداه في هذا الوضع إلى 90 كيلومتراً.
يتم استخدام التوجيه بركوب شعاع الرادار في المرحلة الأولى من الطيران حيث يتم التحكم في الصاروخ بواسطة الطائرة أما في المرحلة الأخيرة فيتم استخدام التوجيه الذاتي الإيجابي أو السلبي على الهدف. تلا ذلك تطوير كل من الصاروخ (AS-2KIPPER) المضاد للقطع البحرية ويتم توجيهه أيضاً بركوب الشعاع في المرحلة الأولى من الطيران حتى منطقة الهدف ثم بعد ذلك يتولى باحث الأشعة تحت الحمراء في التوجيه إلى الهدف ويصل مدى هذا الصاروخ إلى 200 كيلومتر. بعد ذلك تم تطوير الصاروخ (AS-3 KANGARO) الذي يصل مداه إلى 650 كيلومتر ويتم توجيهه بركوب الشعاع خلال المراحل الأولى من الطيران.
قامت روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي بتطوير الصاروخ المضاد للإشعاع KH-25 MPU للاستخدام مع الطائرات ميج 27 وسوخوي 30. وتوجد من هذا الصاروخ عدة نسخ الأولى KH-25M ويصل مداها 10 كيلومترات وسرعتها 890 متر-ثانية والنسخة KH-MP ويصل مداها 40 كيلومتر. في عام 1980م دخل الصاروخ KH-58 المعروف لدى الغرب باسم AS-11 KILTER الخدمة مع القوات الجوية السوفييتية ويصل مداه إلى 120 كيلومتر وعندما يطلق من الطائرة MIG-25MP التي تطير بسرعة 35،2 ماخ فإن مداه يصل إلى 200 كيلومتر. يصل وزن هذا الصاروخ عند الإطلاق إلى 640 كيلوجرام منها 149 كيلوجرام وزن الرأس الحربية.
قد يكون أحدث الصواريخ الروسية المضادة للإشعاع والمخصصة للتصدير هو الصاروخ (KH-31P) والذي يعرف لدى الغرب باسم (AS-17 KRYPTON) وقد قام بتطويره مكتب ZVEDZVA ويوجد منه عدة نسخ منها النسخة (KH-31A) المضادة للقطع البحرية.
تصل سرعة الصاروخ إلى 5،3 ماخ ويصل مداه إلى (50 70) كيلومتر طبقاً لإرتفاع الإطلاق الذي ينحصر بين (50 15000) متر. يزن الصاروخ 650 كيلوجرام وله رأس حربية تزن (140 150) كيلوجرام. يستخدم هذا الصاروخ مع الطائرات الروسية من الأنواع ميج 29، ميج 27، سوخوي 27 إم، سوخوي 27 كي.
الإجراءات المضادة للصواريخ التي تركب الشعاع
من الطبيعي أن تتطور نظم الدفاع الجوي لتواجه التطور الذي يحدث في الصواريخ المضادة للإشعاع ويمكن تلخيص اتجاهات تطوير تلك النظم في الآتي:
1.. المناورة بالترددات: حيث أصبحت رادارات الدفاع الجوي الحديثة تستخدم أجهزة إرسال قادرة على تغيير تردداتها عشوائياً وبصفة مستمرة في تزامن دقيق مع أجهزة الاستقبال وهو ما يعرف بخاصية المراوغة بتغيير الترددات (FREQUENCY AGILITY) ولا شك في أن مثل تلك الخاصية تساعد إلى حد كبير في تضليل الصواريخ التي تركب الشعاع.
2.. استخدام الترددات الاحتياطية: تتميز الرادارات الحديثة بقدرتها على العمل على ترددات رئيسة بعيدة عن بعضها البعض ويمكن لرجال الدفاع الجوي استخدام بعض تلك الترددات الرئيسة أثناء التدريب والرماية في زمن السلم والاحتفاظ بباقي الترددات في سرية تامة لاستخدامها في زمن الحرب. نتيجة لأن الصواريخ التي تركب الشعاع لا يمكنها التعامل إلا مع الترددات التي يتم برمجة ذاكرتها عليها فإنها لا يمكنها استشعار الترددات الجديدة وبالتالي لن يتم توجيهها على الهدف.
3.. خفة حركة مواقع صواريخ الدفاع الجوي: تتمتع معظم قواعد صواريخ الدفاع الجوي بخفة حركة عالية ويمكنها الانتقال من موقع إلى آخر خلال فترة قصيرة وهنا قد تتعرض الطائرة المسلحة بالصواريخ التي تركب الشعاع وغيرها لنيران مفاجئة.
4.. استخدام الرادارات المزدوجة (BISTATIC RADARS): تعتمد الفكرة الأساسية لتلك الرادارات على فصل جهاز الإرسال عن جهاز الاستقبال وبحيث تكون المسافة بينهما كبيرة. يقوم جهاز الإرسال بإضاءة الهدف بالأشعة الرادارية التي تنعكس ويستقبلها جهاز الاستقبال ويحقق هذا الأسلوب التغلب على استخدام الصواريخ التي تركب الشعاع حيث سيتم توجيهها إلى جهاز الإرسال فقط في أفضل حالات نجاحها. يزداد الموقف صعوبة بالنسبة لتلك الصواريخ في حالة استخدام أجهزة الرادار المتعددة (MULTISTATIC) حيث يتم استخدام أكثر من جهاز إرسال لإضاءة الهدف بترددات مختلفة.
5.. الأسلحة الصامتة: قد يتم استخدام وسائل أخرى لتوجيه صواريخ الدفاع الجوي وقد يتم استخدام صواريخ لا ينتج عنها إلا إشعاعات لها طاقة ضعيفة لا تكفي لتوجيه الصواريخ التي تركب الشعاع.
6.. الخبرة المكتسبة: وقد تكون هي أهم العوامل حيث يعمل التدريب والخبرات المكتسبة من الحروب السابقة على استخدام تكتيكات مبتكرة في التعامل مع مثل تلك الصواريخ ولا شك أن لكل سلاح نقطة ضعف يمكن استغلالها.
7.. أسلحة الموجات الميكروية (MICROWAVE WEAPONS): في يناير 1996م قامت القوات الجوية الأمريكية بالتعاقد مع شركة هيوز للنظم الصاروخية لتطوير تقنية إحباط الدفاعات الجوية (SEAD) باستخدام الموجات الميكروية عالية الطاقة (HIGH POWER MICROWAVE - HPM).
لجأت القوات الجوية إلى تطوير تلك التقنية نظراً لتطور تلك التقنية ولزيادة تعرض الأهداف للإصابة بوسائل الدفاع الجوي المختلفة التي تقدمت هي الأخرى في مختلف المجالات. يترواح التأثير الذي يمكن إحداثه في الإلكترونيات المعادية من الإتلاف إلى التدمير ويعتمد ذلك على كل من قابلية الموجات الكهرومغناطيسية للاكتشاف والاعتراض وكذلك السلاح المستخدم ضدها. يمكن للموجات الميكروية أن تتزاوج مع المكونات الإلكترونية سواء كانت تردداتها في نطاق ترددات تلك المكونات أو خارج النطاق. يمكن حرق تلك المكونات حتى لو كان الهدف مطفأ.
تتركز جهود البحث نحو تغطية جميع الترددات التي تتراوح بين عشرات الملايين من الهرتزات (MEGA HERTZ) إلى عشرات البلايين منها (GIGA HERTZ)، ويترواح عرض النبضات من جزء من البليون من الثانية (10-9 ثانية) إلى مئات الأجزاء من المليون من الثانية، ويترواح معدل تردد النبضة من نبضة واحدة لكل ثانية إلى آلاف النبضات لكل ثانية، ويترواح مستوى الطاقة من ملايين الواتات (WATT) إلى بلايين الواتات، يتم أيضاً البحث في مجال الطاقة الموجهة لاستخدامها كمكمل لاستخدامها أو بديل للأسلحة التقليدية المستخدمة في مهام إخماد الدفاعات الجوية المعادية.
المصدر
تعرف المراجع المتخصصة الصاروخ الموجه بأنه ذلك الصاروخ القادر على تغيير اتجاه طيرانه بعد الإطلاق ويظل قادراً على ذلك حتى يكون قريباً من نقطة اصطدامه بالهدف. لتحقيق ذلك يلزم أن يحقق نظام التوجيه عدة مطالب هي:
1.. يجب أن يعرف مكان الهدف وقد يحتاج ذلك إلى ضرورة وجود فرد في حلقة التوجيه كما الأنظمة التي تتبع الهدف بصرياً أو التي يتم توجيهها بإضاءة الهدف بالليزر.
2.. يجب أن يعرف، أو يكون قادراً على تحديد مسار الهدف.
3.. يجب أن يكون قادراً على تصحيح مسار الصاروخ في ضوء التعليمات الجديدة التي يستقبلها.
4.. يجب أن يتأكد أن الصاروخ غير مطالب بإجراء مناورة تزيد عن الحدود التصميمية لمكونات الصاروخ.
من المعروف أن استخدام الصواريخ الموجهة يهدف إلى تحقيق تدمير الهدف بصاروخ واحد. يقوم نظام التوجيه في الصواريخ (سطح - جو)، المضادة للدبابات، (جو-جو) بأداء وظيفة بواسطة تتبع الهدف أما في الصواريخ (أرض- أرض) فإنه غالباً ما يقوم نظام التوجيه باستخدام بيانات محددة مسبقاً لتحديد مكان الهدف. ويتكون نظام التوجيه من عدة مكونات هي:
وحدة التتبع
وهي الوحدة التي تقوم بتحديد الوضع النسبي للهدف والصاروخ وقد يتم التتبع بواسطة موجات الراديو، أو موجات الرادار، أو بصرياً.
وحدة الحاسب
وهي التي تقوم بحساب المناورات المطلوب أن يقوم بها الصاروخ للوصول إلى الهدف.
وحدة التوجيه
وهي التي توفر الوسيلة التي يمكن بواسطتها إرسال الأوامر إلى الصاروخ مثل موجات الراديو أو موجات الرادار.
يمكن تقسيم طرق التوجيه إلى ثلاثة أنواع هي المسار المحدد مسبقاً (PREDETERMINED COURSE) وهو يعتمد على المعلومات التي يتم وضعها في الصاروخ قبل الإطلاق، والمسار الذي يتم التحكم فيه أثناء الطيران (CONTROLLED PATH) وهو يعتمد على المعلومات التي يتم تغذيتها للصاروخ بعد الإطلاق، التوجيه الذاتي (HOMING) ويعتمد على التعرف على الهدف سواء تم ذلك التعرف بواسطة مصدر خارجي أو بواسطة الصاروخ نفسه ثم يقوم الصاروخ بعد ذلك بتتبع الهدف نتيجة للإشارات الصادرة من الهدف.
يعتبر نظام التوجيه للصواريخ التي تركب الشعاع من ذلك النوع الذي يتم فيه التحكم في المسار بعد الإطلاق وينقسم هذا النوع من التوجيه إلى نوعين هما التحكم في المسار بواسطة أوامر التوجيه، النوع الثاني هو ركوب الشعاع الصادر من الهدف.
يتطلب النوع الأول من هذا التوجيه تعديل مسار الصاروخ أثناء الطيران بواسطة مؤثر خارجي ويتم توصيل أوامر التوجيه إما بواسطة موجات الراديو، أو موجات الرادار، أو بواسطة سلك كما يتطلب وجود وسيلة لتحديد مكان كل من الهدف والصاروخ، حاسب آلي يقبل بيانات كل من الهدف والصاروخ ويقوم بحساب أوامر قيادة الصاروخ، وسيلة لتكويد مخرجات الحاسب الآلي في صورة مناسبة لنقلها إلى الصاروخ، وأخيراً مرسل راداري لتمرير إشارات الأوامر إلى الصاروخ.
عند استخدام ركوب الشعاع في التوجيه فإن الصاروخ يحتوي على وحدة تمكنه من تتبع الشعاع الإلكتروني وفي هذه الطريقة يتم إطلاق الصاروخ على الشعاع ونتيجة لأن الشعاع يكون متجهاً إلى الهدف فإن الصاروخ يحاول أن يمركز نفسه في الشعاع حتى يصطدم بالهدف وتقوم الدوائر الالكترونية في الصاروخ باكتشاف أعلى مستوى للطاقة في الشعاع ونتيجة لذلك يحاول الصاروخ البحث عن مركز الشعاع.
من البديهي أن الصاروخ الذي يستخدم هذا النوع من التوجيه لا يقوم بمناورات حادة. يحتاج استخدام الصواريخ التي تركب الأشعة إلى نظم مساعدة للحرب الإلكترونية لكشف أجهزة الرادار المعادية وتوفير صورة واضحة عن الموقف الإلكتروني المعادي وأنواع الرادارات وأماكن تمركزها وتردداتها مما يساعد على تقدير التهديدات بدقة ووضع أسبقيات الهجوم عليها كما يحتاج إلى نظم تسديد تحتوى على أجهزة استشعار وحاسب إلكتروني وأجهزة تحكم وإطلاق بحيث يتم إطلاق الصاروخ بعد تغذيته بالبيانات الدقيقة عن تردد أجهزة الرادار ومكانه.
يختلف التوجيه بواسطة ركوب الشعاع عن التوجيه الذاتي السلبي (PASSIVE HOMING) بأن ذلك النوع الأخير يقوم نفسه باكتشاف الإشعاع الطبيعي للهدف وقد يتم استخدام مصدر خارجي لإضاءة الهدف (DESIGNATOR) كما هو الحال مع الصواريخ والذخائر التي يتم توجيهها بالليزر ولذلك يلزم وجود وحدة مسح للإشعاع لالتقاط تلك الإشعاعات التي قد تأخذ شكل موجات راديو أو موجات صوتية أو أشعة تحت الحمراء صادرة من أنابيب العادم أو موجات ضوئية (أشعة الليزر) كما يلزم أيضاً وجود وسيلة لتحديد الهدف حتى يمكن اعتراض الإشارات الصادرة وأخيراً يلزم وجود دوائر لقيادة وتوجيه الصاروخ.
بالنسبة للصاروخ الذي يركب الشعاع فإن تلك الإجراءات تقوم بها وحدات منفصلة عن الصاروخ تقوم بتحديد نوع الإشعاع وتردده واتجاهه ثم تقوم بتغذية تلك البيانات للصاروخ قبل إطلاقه.
قد يكون مناسباً أن نشير إلى أن الصواريخ التي تركب الشعاع يمكن أن تستخدم كل من الموجات الرادارية وهو الأسلوب المتبع عادة مع الصواريخ (جو- سطح) كما يمكن استخدام أشعة الليزر وهو الأسلوب المتبع مع الصواريخ المضادة للدبابات كما أنه يتم استخدام التوجيه المختلط كأن يتم استخدام التوجيه الذاتي (HOMING) في المراحل الأخيرة من الطيران مع استخدام التوجيه بركوب الشعاع في المرحلة الأولى من الطيران وذلك لتحسين الدقة.
الأهداف التكتيكية الخداعية
التي تطلق من الجو
من الطبيعي أن يلجأ مستخدم صواريخ الدفاع الجوي إلى الطرق المختلفة لمقاومة الهجوم بالصواريخ المضادة للإشعاع ومن هذه الطرق العمل أثناء التدريب على تردد أو ترددين لأجهزة الرادار والاحتفاظ ببقية الترددات في سرية تامة لاستخدامها وقت الحرب الفعلية. قام المستخدمون للصواريخ المضادة للرادار بالتفكير في طريقة لكشف ترددات الرادارات المعادية وحماية طائراتهم من نيران الصواريخ المضادة لها .
وكان نتيجة لذلك أن تم تصميم ما يعرف بالأهداف الخداعية التكتيكية التي تطلق من الجو قامت إحدى الشركات الأمريكية بتصنيع تلك الأهداف الخداعية لصالح البحرية الأمريكية بحيث تحاكي الهجوم الجوي وبالتالي تعمل على زيادة فرصة البقاء للطائرات وتعمل على تشبيه الهجوم الجوي بعدد كبير من الطائرات مما يعمل على إمكانية اختراق الدفاعات الجوية المعادية.
يمكن لطائرة القتال التقليدية أن تحمل 20 هدفاً خادعاً. يأخذ الهدف الخداعي التقليدي شكل الطائرة بدون طيار، وله نفس المقطع الراداري لطائرة القتال، ويزن في حدود 250 كيلوجراماً ويتم تركيبه على الطائرة في أماكن تركيب القنابل وبدون أي تعديلات. يتم إطلاق الهدف الخداعي على مسافة أمن مناسبة ويمكنه أن يرتفع إلى 10 أضعاف الارتفاع الذي أطلق عليه.
أثناء حرب تحرير الكويت أثبت استخدام الأهداف الخداعية فاعلية كبيرة حيث تم في ال 72 ساعة الأولى من عاصفة الصحراء خداع الدفاعات الجوية العراقية ويقدر أن أكثر من 100 هدف جوي من التي أعلنت العراق عن تدميرها كانت أهدافاً خداعية.
لقد جذبت تلك الأهداف الخداعية صواريخ الدفاع الجوي العراقي كما أن بعضها قد تم اعتراضه بواسطة طائرات عراقية أيضاً. لقد قامت الشركة المنتجة لتلك الأهداف وقبل أن يثبت نجاحها في التفكير في تطوير ما يعرف بالهدف الخداعي المطور.
سيحتوي هذا الهدف الأخير على وحدة دفع من النوع التوربيني النفاث ويمكنه الملاحة على ارتفاعات أقل انخفاضاً من تلك التي يطير عليها النوع الأصلي وإضافات أخرى ستجعل من محاكاة الهجوم الجوي أكثر واقعية. تقوم القوات البحرية الأمريكية وقوات مشاة البحرية الأمريكية بشراء الأهداف الخداعية المطورة (ITALD) التي تم تصميمها على أساس الأهداف الخداعية التي تطلق من الجو (TALD) الذي طورته شركة (TAAS) الإسرائيلية لصالح القوات الإسرائيلية.
تقوم أيضاً شركة (TAAS) بتطوير الصاروخ المضاد للإشعاع دليله (DELILAH -AR) من النوع (STAR-1) الذي قد أضاف باحثاً له نطاق واسع من الترددات للهدف الخداعي المطور (دليله) الذي يستخدم معه. يصل مدى هذا السلاح إلى 400 كيلومتر وتصل سرعة الطيران ما بين 3،0 إلى 7،0 مثل سرعة الصوت. يتم حالياً تطوير الهدف الخداعي المصغر الذي يطلق من الجو (MINIATURE AIR LAUNCHED DECOY - MALD) وهو مفهوم تكنولوجي متطور يتم اختباره حالياً ومن المتوقع أن تستخدمه كل من القوات الجوية، والقوات البحرية، وقوات مشاة البحرية الأمريكية.
أهمية الصواريخ التي تركب الشعاع ودورها في حرب تحرير الكويت وحرب البوسنة
لقد زادت الحاجة إلى أهمية تقليل خسائر الطائرات المقاتلة وأطقمها وفي نفس الوقت قلت الاعتمادات المخصصة للقوات الجوية لكثير من الدول ومن هنا زادت الأهمية لعمليات إخماد الدفاعات المعادية وهو ما ظهر واضحاً أثناء عمليات تحرير الكويت، والبوسنة والهرسك. يعني إخماد الدفاعات الجوية المعادية تدمير أو إسكات رادارات وحدات المدفعية الموجهة المضادة للطائرات، والصواريخ الموجهة (سطح- جو). لقد كانت موجودات قوات التحالف المخصصة لإحباط الدفاعات الجوية العراقية كافية لإرغام القيادة العليا العراقية على إطفاء شبكة الدفاع الجوي أثناء تلك العمليات.
منذ حرب تحرير الكويت قررت وزارة الدفاع الأمريكية أن تحيل طائرات القوات الجوية من النوع (F-4G) (WILD WEASET) إلى التقاعد في عام 1996م كما قررت سحب طائراتها من النوع EF-111 من الخدمة في عام 1999م كما تم سحب طائرات القوات البحرية من النوع A-6 وتم تخصيص مهام إحباط الدفاعات الجوية المعادية لطائرات بديلة. سيتم استخدام أكثر من 500 طائرة من النوع F-18، 127 طائرة (EA-6B PROWLER) التي تعمل مع القوات البحرية وقوات مشاة البحرية، وعدد آخر من طائرات القوات الجوية من النوع F-16 بعد تعديلها لتكون من المجموعة 50-52 (BLOCK 50/52).
لقد تم إيقاف برامج تحسين الطائرة EF-111 بالرغم من مزاياها من حيث السرعة التي تمكنها من العمل ضمن مجموعة طائرات هجومية تطير بسرعة تزيد عن سرعة الصوت، والمدى الذي يزيد عن مدى الطائرة (EA-6B PROWELR) ولكن كان يعيبها قدم هيكلها وعدم إمكانية استخدامها من على ظهر حاملات الطائرات بالإضافة إلى أنها لا تتسلح بالصاروخ عالي السرعة المضاد للإشعاع (HIGH SPEED ANTI - RADIATION MISSILE - HARM). يمكن لأنواع الطائرات الثلاثة (F-16, EA-6B, F/A-18) السابق الإشارة إليها التي سيتم استخدامها لإحباط الدفاعات الجوية المعادية أن تستخدم الصواريخ المضادة للإشعاع وذلك بالإضافة إلى أن الطائرات EA-6B مجهزة بنظم الإعاقة المتكاملة من النوع AN/ALQ-99F.
تم تجهيز أكثر من 100 طائرة من النوع F-16 بجهاز التسديد للصاروخ عالي السرعة المضاد للإشعاع (HARM TARGETING SYSTEM- HTS) طراز ASQ-213. يمكن لهذا الجهاز الذي يزن 40 كيلوجرام أن يكتشف، ويتعرف على، ويحدد مكان الرادارات المعادية، ويقوم ببرمجة الصاروخ المضاد للإشعاع لمهاجمة تلك الرادارات.
تواجه الطائرات F-16 انتقادات حادة لاستخدامها محل الطائرة F-4G ولكن القوات الجوية الأمريكية ترد على تلك الانتقادات بأن استخدام نظام التسديد للصاروخ المضاد للإشعاع (HTS) سيقلل من عيوب تلك الطائرة وأن الطائرات المجهزة بذلك النظام غالباً ما تعمل مع الطائرات المجهزة بالنظام المشترك للاستطلاع الإلكتروني طراز (RC-135)، الطائرات EA-6B، مما سيعظم من فاعليتها. لن يتم رفع كفاية الطائرات (EA-6B PROWLERS) كما كان مخططاً من قبل ولكن تم رصد المبالغ المالية لتعديل 20 طائرة منها لتناسب مطالب القوات الجوية الأمريكية، وتجهيزها بمعدات إرسال للإعاقة الإلكترونية، وشراء 30 جهاز طراز AN/USQ -113 لإعاقة المواصلات المعادية.
من الجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تعاقدت على شراء 80 طائرة من النوع F-16 من المجموعة 60 (BLOCK60) ومعداتها التكميلية بقيمة تبلغ ستة مليارات و 400 مليون دولار أمريكي وتلك الطائرات أحدث من المجموعة 50 التي طلبتها القوات الجوية الأمريكية وهو ما أثار عدة تساؤلات عن أسباب ذلك. قامت شركة ماكدونالد دوجلاس بالتعاقد مع القوات البحرية الأمريكية للقيام بدراسة جدوى لتطوير النسخة من الطائرة ذات المقعدين F/A-18F التي تستخدم في حرب القيادة والسيطرة (COMMAND AND CONTROL WARFARE-C2W) لاستخدامها كبديل محتمل للطائرة EA-6B قبل نهاية عام 2010م. قامت شركة ماكدونالد دوجلاس بدورها بتوقيع مذكرات تفاهم مع شركات أمريكية أخرى لتنفيذ تلك المهمة.
طلبت الصواريخ عالية السرعة المضادة للإشعاع (HARM) القوات الجوية لكل من ألمانيا، إيطاليا، أسبانيا، كوريا الجنوبية وتركيا. في عام 1995 قامت القوات الجوية الألمانية بنشر 14 طائرة تورنادو (من ضمن 35 طائرة هو جميع ما لديها من هذا النوع من الطائرات) مجهزة للهجوم الإلكتروني والاستطلاع بالإضافة إلى تسليحها بالصواريخ المضادة للإشعاع في إيطاليا وذلك للاشتراك في العمليات الجوية فوق البوسنة مع طائرات حلف الناتو. قامت القوات الجوية الإيطالية أيضاً بتسليح جزء من طائراتها من النوع تورنادو بالصواريخ المضادة للإشعاع أما القوات الجوية الأسبانية فتستخدم هذا الصاروخ مع طائراتها من النوع F-18.
قامت القوات الجوية الملكية البريطانية أثناء حرب تحرير الكويت عام (1990 1991م) بإطلاق 130 صاروخاً مضاداً للإشعاع من النوع الذي يطلق من الجو المضاد للرادار (AIR LAUNCHED ANTI-RADAR MISSILE - ALARM) الذي تقوم بتصنيعه شركة بريتش إيروسبيس دايناميكس (BRITISH AEROSPAEC DYNAMICS) ولكنها لم تستخدم هذا الصاروخ في أي اشتباكات بعد ذلك سواء فوق العراق أو فوق البوسنة. تسعى القوات الجوية الملكية البريطانية إلى أن يشمل تطوير طائراتها تورنادو من النوع GR-4 على إمكانية تغذية البيانات من باحث الصاروخ ألارم (ALARM) إلى طاقم الطائرة وهو ما سيوفر استخبارات لحظية عن التهديدات المعادية. تقوم القوات الجوية الفرنسية باستخدام الصاروخ المضاد للإشعاع من النوع أرمات (ARMAT) الذي تصنعه شركة ماترا الفرنسية ولكن لا توجد معلومات عن استخدامه في القتال.
لقد كان للضغوط السياسية أثرها الكبير في البحث عن الوسائل التي تقلل من الخسائر أثناء العمليات. ظهر ذلك في حشد المساندة الكبيرة لعمليات إحباط الدفاعات الجوية (SEAD) فوق العراق والبوسنة. في صيف عام 1992م قام حلف الناتو بنشر طائرات الاستطلاع الإلكتروني فوق البحر الأدرياتيكي للتحذير من النشاط الراداري فوق البوسنة. خلال العامين التاليين الذي زاد بانتظام العمليات الجوية لمساندة قوات الأمم المتحدة حيث بدأت عمليات حظر الطيران في أبريل عام 1993م ثم تلى ذلك مهام تنفيذ إخلاء المناطق الآمنة من الأسلحة الثقيلة عام 1994م.
أثناء تلك الفترة كانت طائرات حلف الناتو تطير على ارتفاعات تزيد عن 5000 قدم لتقليل المخاطر الناتجة عن استخدام أسلحة الدفاع الجوي التي تطلق من الكتف، المدفعية المضادة للطائرات. في خريف عام 1994م قام الصرب بتشغيل نظم صواريخ الدفاع الجوي الموجهة بالرادار في منطقتي شمال غرب البوسنة وكارايينا لإيقاف هجمات الناتو الجوية المساندة للمناطق الآمنة في منطقة بيهاتش. قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالرد على ذلك ونشرت قوات إحباط الدفاعات الجوية في القاعدة الجوية بمدينة أفيانو الإيطالية. شملت تلك القوات الطائرات من النوع (EF-111) وطائرات مشاة البحرية الأمريكية من النوع (EA-6B) لمساندة الهجمات الجوية لحلف الناتو على القاعدة الجوية أودبينا بمنطقة كاريينا كما كانت تقوم بالدوريات على غرب البوسنة ووصلت الدوريات ذروتها في نوفمبر عام 1994م.
أجبرت القيود الدبلوماسية حلف الناتو على قصر عملياته العسكرية على عمليات الحماية الذاتية بواسطة القيام بالدوريات لإحباط الدفاعات الجوية اليوغسلافية بدلاً من القيام بضربة إجهاض ضدها حيث سمح لطائرات حلف الناتو بالاشتباك مع رادارات الدفاع الجوي الصربية فقط عند قيامها بإضاءة تلك الطائرات بطريقة معادية (بواسطة الربط على الطائرة قبل إطلاق الصاروخ).
في أغسطس 1995م قامت القوات البحرية الأمريكية بهجوم مضاد ضد الرادارات لشل قدرة الدفاعات الجوية الصربية في كرايينا. حتى بداية عملية القوة المتعمدة (DELIBERATE FORCE) كانت فرنسا وبريطانيا تعارضان باستمرار الولايات المتحدة الأمريكية في القيام بضربة إجهاض لشل الدفاع الصربي على أساس أن ذلك سيعتبره الصرب عملاً من أعمال الحرب مما سيدفعهم لمهاجمة قوات الأمم المتحدة المسلحة تسليحاً خفيفاً كنوع من الانتقام. في نفس الوقت قامت القوات الجوية التكتيكية الخامسة لحلف الناتو بوضع خطة للقيام بضربة إجهاض لشل الدفاعات الجوية الصربية أطلقت عليها اسم (DEAD EYE).
كانت تدعو الخطة للقيام بهجمات ضد مراكز المواصلات، مراكز القيادة والسيطرة، رادارات الإنذار المبكر، المراكز المعروفة لصواريخ الدفاع الجوي ووحدات المساندة. في الساعات الأولى ليوم 30 أغسطس 1995م تم وضع جزء من تلك الخطة موضع التنفيذ. شملت الهجمات الافتتاحية قيام الطائرات EA-6B، F/A-18C من حاملة الطائرات روزفلت بالقيام بالهجوم ضد الدفاعات الجوية الصربية في شرق البوسنة باستخدام الصواريخ توماهوك، الصواريخ (جو- أرض) التي تطلق من بعد طراز (LAND ATTACK MISSILE - SLAM STAND OFF) AGM-84E، القنابل المنزلقة الموجهة بالليزر طراز GBU- 15 بالإضافة إلى صواريخ هارم المضادة للإشعاع. بعد أن تم شل قدرات الدفاعات الجوية الصربية اقتصر هجوم حلف الناتو على استخدام الطائرات المسلحة بصواريخ هارم في أعمال الدوريات المستمرة ضد رادارات الصرب.
في 4 أكتوبر قامت الطائرات (EA-6B) باستخدام الصواريخ هارم ضد الرادارات الصربية في كل من بنيالوكا وسراييفو. قد يكون من الصعب تقويم عمليات الهجوم لشل قدرة الدفاعات الجوية الصربية ولكن القوات الجوية التكتيكية الخامسة لحلف الناتو أعلنت أن نشاطاتها فوق البوسنة اجتازت الاختبار بنجاح حيث لم تحدث خسائر نتيجة للصواريخ (أرض-جو) الموجهة بالرادار.
تعتمد الولايات المتحدة في عملياتها لتوجيه ضربات الإجهاض ضد الدفاعات الجوية المعادية على استخدام الطائرات المتسللة (STEALTH AIRCRAFT) و- أو الأسلحة التي تطلق من بعد مثل الصاروخ توماهوك (TLAM) والتي أثبتت فاعليتها خلال حرب البوسنة. ومع ذلك فإن الصعوبات السياسية للحصول على مساندة دول حلف الناتو لتنفيذ العملية (DEAD EYE) في بعض مناطق البوسنة أوضحت أهمية الاستمرار في استخدام الطلعات الجوية لإحباط الدفاعات الجوية الصربية باستخدام الاستطلاع الإلكتروني، الإعاقة، والصواريخ المضادة للإشعاع (HARM).
حتى عام 1994م حين ظهر موقف مدينة بيهاتش كانت كل من القوات الجوية الأمريكية والقوات البحرية تقيد استخدام الطائرات EA-6B براولر لمساندة إما نشر حاملات الطائرات أو قوات مشاة البحرية الموجودة في الميدان، بعد استنفاذ موجودات القوات الجوية الأمريكية لم يعد هناك بديلاً عن استخدام طائرات القوات البحرية EA-6B براولر وما تبقى من الطائرات EF-111A في دوريات لمساندة القوات الجوية التكتيكية للحلفاء الخامسة.
أنواع الصواريخ
المضادة للإشعاع الراداري
أولاً: الصواريخ الأمريكية:
1 الصواريخ شرايك (SHRIKE):
تم تصميم الصاروخ شرايك على أساس الصاروخ (جو-جو) سبارو ويعتبر أول صاروخ مضاد للإشعاع تنتجه الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية ولقد أطلق عليه في أول الأمر اسم (ARM) وهي اختصار للكلمات (ANTI - RADIATION MISSILE) ثم بعد ذلك عرف باسم (ASM-N-10). بدأ هذا الصاروخ كمشروع في عام 1962م وبعد ذلك أطلق عليه اسم (AGM-45A). تم إنتاجه بواسطة مجموعة من الشركات على رأسها شركة تكساس انسترومنت (TEXAS INSTRUMENT -TI) وبدأ الإنتاج في عام 1963م وتم استخدامه في جنوب شرق آسيا بعد ذلك بثلاث سنوات مع الطائرات EA-6A, F-105G.
كانت الخبرة الأولى لاستخدام هذا الصاروخ مخيبة للآمال وتم بعد ذلك إجراء عدة تعديلات لمعالجة العيوب التي ظهرت ولتعديل نظام التوجيه ليتعامل مع الترددات المعادية التي تم التعرف عليها وكان يرمز للطرازات التي يتم تعديلها بأرقام إضافية تضاف إلى طراز الصاروخ. يتم استخدام هذا الصاروخ مع طائرات البحرية - مشاة البحرية الأمريكية من الأنواع F-4, A-7, A-6, A-4 وطائرات القوات الجوية الأمريكية من الأنواع EF-111, F-105, F-4 والطائرات الإسرائيلية من الأنواع F-4 وكفير. عند الإطلاق يتم تحويل الصاروخ أثناء الطيران نحو الهدف ويتم إطلاقه بمجرد ربط الباحث الذي تصنعه شركة TI على الهدف. تصل سرعة الصاروخ إلى 2 ماخ (ضعف سرعة الصوت) ويقوم الباحث باستمرار بتحديث بيانات التوجيه بحيث يظل الصاروخ في منتصف الإشعاع. تزن الرأس الحربية 66 كيلوجرام وهي من النوع المتشظي. يوجد أكثر من 18 عائلة لطرازات هذا الصاروخ تبدأ بالعائلة AGM-45-1 وتنتهي بالعائلة AGM-45-10 وتستخدم تلك العائلات أكثر من 13 طرازا للباحث وفي عام 1978م تم طلب أكثر من 18500 صاروخ من هذا النوع.
في حرب رمضان- أكتوبر عام 1973م قامت إسرائيل باستخدام هذا الصاروخ ضد نظم الدفاع الجوي من الأنواع SA-3, SA-2 وتم توليفه على التردد 2965-2990 ميجاهرتز، والتردد 3025- 3050 ميجا هرتز ولكن كانت نتائج اشتباكات هذا الصاروخ مع الصواريخ SA-6 غير مرضية. يصل مدى هذا الصاروخ إلى 29 40 كيلو متر ويزن 177 كيلوجرام ويصل طوله إلى 05،3 متر وقطره 203ملم.
2 الصاروخ ستاندارد المضاد للإشعاعه (STANDARD ARM):
في سبتمبر 1966م تعاقدت القوات البحرية مع شركة جنرال دينامكس على تطوير صاروخ مضاد للإشعاع له أداء أفضل ومدى أطول ورأس حربية أكبر من الصاروخ شرايك والذي كان في ذلك الوقت يعطي نتائج متضاربة وغير مشجعة. على عكس الصاروخ شرايك قامت الموسسات الصناعية البرنامج الكامل لتطوير الصاروخ ستاندرد وتم التطوير على أساس الصاروخ (سطح-جو) من النوع ستاندر طراز (RIM-66A) الذي يطلق من القطع البحرية.
تم بدء تجارب الطيران في عام 1967 1968م وتم بدء الإنتاج للطراز الأول من هذا الصاروخ وهو (AGM-78) في أواخر عام 1968م. تم استخدام هذا الصاروخ مع طائرة القوات الجوية الأمريكية من النوع F-105 طراز G, F وطائرة القوات البحرية من النوع A-6 طراز E, B. تصل سرعة الصاروخ إلى 5،2 ماخ. تم استخدام الباحث المستخدم مع الصاروخ شرايك مع الطراز AGM-78 ولكن تم استبدال هذا الباحث بباحث آخر يعمل على نطاق ترددات أوسع يمكنه البحث عن رادارات الاعتراض للصواريخ (سطح -جو) والرادارات الأخرى كما يمكن طائرة الإطلاق من الهجوم من أي اتجاه وتتخلص من الاشتباك خارح منطقة القتل للصواريخ المعادية وتم استخدام هذا الباحث مع الصاروخ طراز AGM-78B.
بفضل استخدام هذا الصاروخ مع الطائرات المجهزة بنظم التعرف والإمساك بالهدف (TARGET INDENTIFICATION AND ACQUISITION SYSTEM - TIAS) الذي له القدرة على قياس المتغيرات الخاصة للهدف وتزويد باحث الصاروخ بتلك المتغيرات قبل الإطلاق. تتمشى النسخة الثانية لهذا الصاروخ مع نظام التعرف والإمساك بالهدف طراز APR-38 الذي جهزت به الطائرة F-4G وايلد ويزل التي تعمل مع القوات الجوية الأمريكية. تم بعد ذلك إنتاج النسخ D-2, D, C من هذا الصاروخ. يصل مدى هذا الصاروخ إلى 3،56 كيلو متر ويزن 635 كيلوجرام ويصل طوله إلى 57،4 وقطره 343 ملم.
توجد نسخة من هذا الصاروخ تستخدم مع القطع البحرية وهي الطراز (RGM-66D) ولقد تم تطوير هذه النسخة في أوائل السبعينات للاستخدام مع القطع البحرية كصاروخ (سطح-سطح). نتيجة لأن هذا الصاروخ قد تم تطويره على أساس الصواريخ (سطح- جو) من النوع ستاندارد لذلك يمكن إطلاقه من نفس القواذف أو قاذف فردي يمكن تركيبه على القطع البحرية الصغيرة. يمكن استخدام هذا الصاروخ ضد أي مصدر إشعاع وراء الأفق يعمل في حيز الترددات المناسبة أو ضد القطع البحرية وفي تلك الحالة يتم استخدام نظم التوجيه نصف الإيجابي ضد الرادارات. نتيجة لأن هذا النظام يحتاج بعض التجهيزات البسيطة لذلك يمكن استخدامه مع قوارب الدوريات المسلحة الصغيرة.
3 الصاروخ المضاد للإشعاع عالي السرعة HARM:
نظراً لأن كل من الصاروخ شرايك أو الصاروخ ستاندرد المضاد للإشعاع لم يحققا جميع المطالب التي يجب أن يحققها الصاروخ المثالي المضاد للإشعاع، بدأت المراكز البحثية للقوات البحرية الأمريكية بالتعاون مع المؤسسات الصناعية الأمريكية في دراسة إنتاج صاروخ مضاد للإشعاع عالي السرعة (HIGH SPEED ANTI-RADIATION MISSILE - HARM).
كانت الأهداف التي تم السعي لتحقيقها هي سرعة طيران عالية، الربط على الأهداف وإصابتها قبل أن تُطفئ إشعاعها أو تتخذ إجراءات أخرى، الربط بين التكلفة المنخفضة والإستعمالات المتعددة مثل الصاروخ شرايك، الحساسية الشديدة بحيث يمكنه التقاط الطاقة من الفصوص الجانبية لأشعة الرادار (SIDE LOBES)، مجال الاشتباك الواسع مثل الصاروخ ستاندرد وأخيراً استخدام نظام توجيه ذاتي سلبي باستخدام أحدث تقنيات الدوائر الالكترونية ووسائل الاتصال مع نظم الطائرات الحديثة.
يستخدم الصاروخ هارم مع طائرات القوات البحرية- مشاة البحرية الأمريكية من الأنواع A-18, A-7E, A-6E وطائرات القوات الجوية من الأنواع F-4G وايلد ويزل المجهزة بالنظام F-111A, APR-38 المجهزة بجهاز استقبال للإنذار الراداري ALR-45 ونظام تحليل الإشارات (DSA-20N) وكلا النظامين متصلين بالصاروخ هارم. يمكن استخدام الصاروخ هارم في ثلاثة أوضاع، الوضع الأساسي وهو الحماية الذاتية (SELF-PROTECT) وفيه يتم اكتشاف التهديدات بواسطة النظام (ALR-45) ويقوم الحاسب الآلي الذي يفرز المعلومات ويحدد الأولويات ويمرر للصاروخ مجموعة من التعليمات الرقمية في زمن قصير جداً لا يتعدى جزء صغير من الثانية يتم بناء عليها إطلاق الصاروخ.
في الوضع الثاني وهو وضع أهداف الصدفة (TARGET OF OPPORTUNITY) يقوم الباحث الحساس جداً بالربط على بعض المتغيرات الخاصة بتشغيل الهدف وكذلك بعض الإنبعاثات الصادرة من بعض مكونات أجهزة الرادار والتي لم يكن في استطاعة الصاروخ شرايك أو الصاروخ ستاندرد كشفها. في الوضع الثالث وهو وضع التلقين (BRIEFING) ويستخدم عندما تكون الإشارات الصادرة من الأهداف أضعف من أن تمكن الصاروخ من الاتجاه إليها ذاتياً وفي تلك الحالة يتم تغذية حاسب الصاروخ بالمسار المحسوب مسبقاً ويتم إطلاقه في اتجاه موقع أجهزة الرادار فإذا كانت تلك الأجهزة في حالة صمت راداري فإن الصاروخ يقوم بتدمير نفسه ذاتياً إما إذا كانت بعض مكونات أجهزة الرادار يصدر عنها إشعاعات فإن الصاروخ يوجه نفسه ذاتياً إليها.
بعد حرب تحرير الكويت تقرر تطوير هذا الصاروخ وإنتاج الجيل الثالث طراز (AGM-88C) الذي يمكنه التعامل مع أجهزة الرادار الحديثة التي تستخدم الترددات المراوغة والنطاقات الواسعة المنتشرة (SPECTRUM FREQUENCY AGILITY SPREAD) وفي عام 1994م بدأ تسليح الطائرات الأمريكية بالطراز الجديد وتتلخص التعديلات فيما يلي:
1.. استبدال الباحث القديم بآخر أكثر حساسية لمواجهة الترددات الجديدة في رادارات الدفاع الجوي.
2.. استخدام نظم توجيه متطورة يحسن من أداء الصاروخ في مواجهة المناورات الإلكترونية التي تقوم بها أجهزة رادار الدفاع الجوي، وكذلك العمل بكفاءة في مواجهة التهديدات الكثيفة.
3.. استخدام حاسب آلي ذو سعة أكبر يصل إلى أربعة أضعاف سعة الحاسب المستخدم مع الجيل الثاني طراز B.
4.. استبدال الرأس الحربية بأخرى تحتوي على عشرة آلاف مكعب من سبيكة التنجستن يمكنها اختراق نصف بوصة من الصلب المدرع مما ضاعف من قدرتها التدميرية ضد هوائيات أجهزة الرادار المعادية.
ثانياً الصواريخ الروسية المضادة للرادار:
يعتبر الصاروخ (AS-1 KENNEL) هو أول صاروخ (جو-سطح) يظهر في ترسانة الأسلحة السوفييتية في عام 1961م، حيث استخدم بأعداد كبيرة مع القوات الجوية للقوات البحرية السوفييتية حيث كان يتم استخدامه مع القاذفة TU-16. يستخدم الصاروخ كينيل رأساً حربياً تقليدية ويمكن إطلاقه في وضعين، الوضع الأول وهو وضع الإطلاق على المستويات العالية ويصل مداه في هذا الوضع إلى 150 كيلومتر، والوضع الثاني وهو وضع الطيران المنخفض ويصل مداه في هذا الوضع إلى 90 كيلومتراً.
يتم استخدام التوجيه بركوب شعاع الرادار في المرحلة الأولى من الطيران حيث يتم التحكم في الصاروخ بواسطة الطائرة أما في المرحلة الأخيرة فيتم استخدام التوجيه الذاتي الإيجابي أو السلبي على الهدف. تلا ذلك تطوير كل من الصاروخ (AS-2KIPPER) المضاد للقطع البحرية ويتم توجيهه أيضاً بركوب الشعاع في المرحلة الأولى من الطيران حتى منطقة الهدف ثم بعد ذلك يتولى باحث الأشعة تحت الحمراء في التوجيه إلى الهدف ويصل مدى هذا الصاروخ إلى 200 كيلومتر. بعد ذلك تم تطوير الصاروخ (AS-3 KANGARO) الذي يصل مداه إلى 650 كيلومتر ويتم توجيهه بركوب الشعاع خلال المراحل الأولى من الطيران.
قامت روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي بتطوير الصاروخ المضاد للإشعاع KH-25 MPU للاستخدام مع الطائرات ميج 27 وسوخوي 30. وتوجد من هذا الصاروخ عدة نسخ الأولى KH-25M ويصل مداها 10 كيلومترات وسرعتها 890 متر-ثانية والنسخة KH-MP ويصل مداها 40 كيلومتر. في عام 1980م دخل الصاروخ KH-58 المعروف لدى الغرب باسم AS-11 KILTER الخدمة مع القوات الجوية السوفييتية ويصل مداه إلى 120 كيلومتر وعندما يطلق من الطائرة MIG-25MP التي تطير بسرعة 35،2 ماخ فإن مداه يصل إلى 200 كيلومتر. يصل وزن هذا الصاروخ عند الإطلاق إلى 640 كيلوجرام منها 149 كيلوجرام وزن الرأس الحربية.
قد يكون أحدث الصواريخ الروسية المضادة للإشعاع والمخصصة للتصدير هو الصاروخ (KH-31P) والذي يعرف لدى الغرب باسم (AS-17 KRYPTON) وقد قام بتطويره مكتب ZVEDZVA ويوجد منه عدة نسخ منها النسخة (KH-31A) المضادة للقطع البحرية.
تصل سرعة الصاروخ إلى 5،3 ماخ ويصل مداه إلى (50 70) كيلومتر طبقاً لإرتفاع الإطلاق الذي ينحصر بين (50 15000) متر. يزن الصاروخ 650 كيلوجرام وله رأس حربية تزن (140 150) كيلوجرام. يستخدم هذا الصاروخ مع الطائرات الروسية من الأنواع ميج 29، ميج 27، سوخوي 27 إم، سوخوي 27 كي.
الإجراءات المضادة للصواريخ التي تركب الشعاع
من الطبيعي أن تتطور نظم الدفاع الجوي لتواجه التطور الذي يحدث في الصواريخ المضادة للإشعاع ويمكن تلخيص اتجاهات تطوير تلك النظم في الآتي:
1.. المناورة بالترددات: حيث أصبحت رادارات الدفاع الجوي الحديثة تستخدم أجهزة إرسال قادرة على تغيير تردداتها عشوائياً وبصفة مستمرة في تزامن دقيق مع أجهزة الاستقبال وهو ما يعرف بخاصية المراوغة بتغيير الترددات (FREQUENCY AGILITY) ولا شك في أن مثل تلك الخاصية تساعد إلى حد كبير في تضليل الصواريخ التي تركب الشعاع.
2.. استخدام الترددات الاحتياطية: تتميز الرادارات الحديثة بقدرتها على العمل على ترددات رئيسة بعيدة عن بعضها البعض ويمكن لرجال الدفاع الجوي استخدام بعض تلك الترددات الرئيسة أثناء التدريب والرماية في زمن السلم والاحتفاظ بباقي الترددات في سرية تامة لاستخدامها في زمن الحرب. نتيجة لأن الصواريخ التي تركب الشعاع لا يمكنها التعامل إلا مع الترددات التي يتم برمجة ذاكرتها عليها فإنها لا يمكنها استشعار الترددات الجديدة وبالتالي لن يتم توجيهها على الهدف.
3.. خفة حركة مواقع صواريخ الدفاع الجوي: تتمتع معظم قواعد صواريخ الدفاع الجوي بخفة حركة عالية ويمكنها الانتقال من موقع إلى آخر خلال فترة قصيرة وهنا قد تتعرض الطائرة المسلحة بالصواريخ التي تركب الشعاع وغيرها لنيران مفاجئة.
4.. استخدام الرادارات المزدوجة (BISTATIC RADARS): تعتمد الفكرة الأساسية لتلك الرادارات على فصل جهاز الإرسال عن جهاز الاستقبال وبحيث تكون المسافة بينهما كبيرة. يقوم جهاز الإرسال بإضاءة الهدف بالأشعة الرادارية التي تنعكس ويستقبلها جهاز الاستقبال ويحقق هذا الأسلوب التغلب على استخدام الصواريخ التي تركب الشعاع حيث سيتم توجيهها إلى جهاز الإرسال فقط في أفضل حالات نجاحها. يزداد الموقف صعوبة بالنسبة لتلك الصواريخ في حالة استخدام أجهزة الرادار المتعددة (MULTISTATIC) حيث يتم استخدام أكثر من جهاز إرسال لإضاءة الهدف بترددات مختلفة.
5.. الأسلحة الصامتة: قد يتم استخدام وسائل أخرى لتوجيه صواريخ الدفاع الجوي وقد يتم استخدام صواريخ لا ينتج عنها إلا إشعاعات لها طاقة ضعيفة لا تكفي لتوجيه الصواريخ التي تركب الشعاع.
6.. الخبرة المكتسبة: وقد تكون هي أهم العوامل حيث يعمل التدريب والخبرات المكتسبة من الحروب السابقة على استخدام تكتيكات مبتكرة في التعامل مع مثل تلك الصواريخ ولا شك أن لكل سلاح نقطة ضعف يمكن استغلالها.
7.. أسلحة الموجات الميكروية (MICROWAVE WEAPONS): في يناير 1996م قامت القوات الجوية الأمريكية بالتعاقد مع شركة هيوز للنظم الصاروخية لتطوير تقنية إحباط الدفاعات الجوية (SEAD) باستخدام الموجات الميكروية عالية الطاقة (HIGH POWER MICROWAVE - HPM).
لجأت القوات الجوية إلى تطوير تلك التقنية نظراً لتطور تلك التقنية ولزيادة تعرض الأهداف للإصابة بوسائل الدفاع الجوي المختلفة التي تقدمت هي الأخرى في مختلف المجالات. يترواح التأثير الذي يمكن إحداثه في الإلكترونيات المعادية من الإتلاف إلى التدمير ويعتمد ذلك على كل من قابلية الموجات الكهرومغناطيسية للاكتشاف والاعتراض وكذلك السلاح المستخدم ضدها. يمكن للموجات الميكروية أن تتزاوج مع المكونات الإلكترونية سواء كانت تردداتها في نطاق ترددات تلك المكونات أو خارج النطاق. يمكن حرق تلك المكونات حتى لو كان الهدف مطفأ.
تتركز جهود البحث نحو تغطية جميع الترددات التي تتراوح بين عشرات الملايين من الهرتزات (MEGA HERTZ) إلى عشرات البلايين منها (GIGA HERTZ)، ويترواح عرض النبضات من جزء من البليون من الثانية (10-9 ثانية) إلى مئات الأجزاء من المليون من الثانية، ويترواح معدل تردد النبضة من نبضة واحدة لكل ثانية إلى آلاف النبضات لكل ثانية، ويترواح مستوى الطاقة من ملايين الواتات (WATT) إلى بلايين الواتات، يتم أيضاً البحث في مجال الطاقة الموجهة لاستخدامها كمكمل لاستخدامها أو بديل للأسلحة التقليدية المستخدمة في مهام إخماد الدفاعات الجوية المعادية.
المصدر
التعديل الأخير: