بيير غانم – واشنطن
اقترب موعد تسليم الأسلحة الأميركية إلى مصر، وخلال أيام، من المنتظر أن يقدّم الوزير جون كيري تصريحاً للكونغرس يمهّد لذلك. يبدو واضحاً أن الأشهر الماضية شهدت نقاشات متواصلة بشأن هذه الأسلحة، وبشأن العلاقات الأميركية المصرية، وجاء قرار الإفراج عن طائرات إف 16 و125 دبابة ابراهامز وصواريخ هاربون وكأنه ختام لهذا النقاش.
الإرهاب يهدد أمن مصر
ربما يكون الفضل الأكبر في الإفراج عن الأسلحة عائداً إلى وزير الخارجية جون كيري، الذي عبّر في كواليس الإدارة وأمام الرئيس الأميركي باراك أوباما عن ضرورة تسليم الأسلحة إلى مصر، والاستفادة من "ليونة" في قانون الميزانية الجديد بحيث يسمح للإدارة بتسليم الأسلحة، من دون ربطها بالتقدّم الديمقراطي وتبريرها بالتهديد الأمني.
وتحدثت "العربية.نت" إلى مسؤول في الخارجية الأميركية فأكد "إن الولايات المتحدة ترى الآن أن هناك خطراً أمنياً حقيقياً تتعرض له مصر، يؤثر على أمن المنطقة الذي هو من مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية"، وأشار إلى أن الإفراج عن الأسلحة جاء في في هذا السياق ولمواجهة هذا الخطر الأمني.
ومن الواضح أن الأوضاع على الأرض في مصر فرضت على الإدارة الأميركية واقعاً جديداً، فتنظيم "أجناد مصر" يشن هجمات إرهابية داخل مصر، وتنظيم "أنصار بيت المقدس" تحوّل إلى فرع من تنظيم داعش، وأصبح ولاية ووسّع رقعة التحدي أمام التحالف الدولي ضد داعش من العراق وسوريا إلى سيناء.
وينشغل الأميركيون في هذا الوقت بتجربة الاشتباك بين القوات الأمنية المصرية والتنظيمات الإرهابية، فتقدير الأميركيين يرى أن محاولات القضاء على "أنصار بيت المقدس" لم تنجح رغم المحاولات المتكررة، وربما يحتاج الجيش المصري والقوات الأمنية إلى مزيد من المساعدة بعد الفشل المتكرر في إخماد الإرهاب، ولن ينفع الأميركيين الاستمرار في مناكفة الحكومة المصرية والرئيس عبدالفتاح السيسي، بل إن التعاون الأمني وإثبات حسن النوايا وتجديد العلاقة العسكرية والأمنية سيكون أجدى في مكافحة الإرهاب.
وقد أشارت برناديت ميهان، الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إلى هذا لدى الإعلان عن الإفراج عن طائرات إف 16 ودبابات ابراهامز وصواريخ هاربون، وقالت إن العلاقة العسكرية بترتيبها الجديد ستكون في وضع أفضل لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين، "بما في ذلك نمو مجموعة في مصر تنتمي لداعش"، كما أشارت إلى أن العلاقة الجديدة ستدعم مصالح الأمن القومي الأميركي.
علاقة طويلة الأمد
يصر الأميركيون على أن هذه العلاقة التي بدأت منذ أربعة عقود، ستدوم لعقود مقبلة ولن تنافسها محاولات مصر تنويع مصادر السلاح، فالمساعدات العسكرية الأميركية تصل سنوياً، وستبقى على مستوى مليار و300 مليون دولار، وتشمل السلاح وقطع الغيار والتدريب، فيما يصل السلاح الروسي والفرنسي إلى مصر بتكلفته، وتدفع مصر ثمنه من ميزانيتها، ولن يوازي على الإطلاق الهبة الأميركية.
تشعر مصر الآن بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي أنها تحقق تقدماً في فرض سياستها على واشنطن، والإفراج عن المساعدات يثبت هذا النجاح المصري، لكن التحدث إلى مسؤولين أميركيين لا يُعطي القاهرة انتصاراً كاملاً.
فلدى تحدث "العربية.نت" إلى مسؤول في وزارة الخارجية عن مصر، شدد على أن التحسن جاء في حقل التعاون الأمني، لكن الإفراج عن الأسلحة لا يعني موافقة أميركية على أن مصر استكملت المسار الديمقراطي، وكرر مطالب الإدارة الأميركية بإجراء انتخابات نيابية واعتبرها أولوية، كما كرر المطالبة بإيجاد مساحة للمعارضة السياسية، كما حذّر من أن الضغط على تنظيم الإخوان، وتعتبره مصر تنظيماً إرهابياً، ربما يجر الجيل الجديد من مناصري التنظيم إلى التطرف.
ليس لديك تصريح لمشاهدة الرابط، فضلا قم ب تسجيل الدخول او تسجيل