خط بارليف وفشل استراتيجية الدفاع الهجومى

AL RAGH

عضو
إنضم
24 أكتوبر 2014
المشاركات
17,678
التفاعل
69,339 0 0
خط بارليف وفشل استراتيجية الدفاع الهجومى
10362720_10154158581150282_677417028_n.jpg


بعد الانتصار الاسرائيلى على الجيوش على العربية فى حرب يونيو 1967 تغير المفهوم الاستراتيجى العسكرى لاسرائيل والذى كان معتمدا على الاستراتيجية الهجومية المتمثلة عنصر المفاجاة المتمثل فى استراتيجية (الحرب الوقائية) او (الضربة الاولى) الى الاستراتيجية الدفاعية والمتمثلة فى (الردع) والذى كانت نتيجتها (خط بارليف والساتر الترابى )فى سيناء و(خط ألون) فى الجولان ولكن مالعوامل التى غيرت وجهة الاستراتيجة العسكرية الاسرائيلية قبل وبعد الحرب:-

قبل حرب 1967 كانت اسرائيل فى وضع استراتيجى صعب:-

1- انعدام العمق الاستراتيجى الطبيعى لاسرائيل (صحراء-جبال-مرتفعات).

2- دولة حدودها طويلة وعرضها قليل.

2-قلة الكثافة السكنية بشكل مرعب (دولة تعتمد على الهجرة اليها).

3-انعدام الموارد الطبيعية (بترول- اراضى زراعية- انهار- معادن).

4-قرب بعض المدن والقرى من الحدود و امكانية تهديدها طوال الوقت من الدول المعادية.

5- التهديد والوعيد العربى طوال الوقت بتدمير اسرائيل والقضاء على الاسرائيلين.

مما جعلها تعتنق استراتيجية هجومية تعتمد على استراتيجية الضربة الاولى و الحرب الخاطفة والتى لا تعتمد على كثيرا على القوة البشرية بل على عنصر المفاجاة والسرعة لان اى ضربة استباقية من القوات العربية سوف تكون نتائجها وخيمة لاسرائيل وقد طورت استراتيجيتها وخططها على ثنائى (الطائرة والدبابة) وجهاز مخابرات عالى الكفاءة.

بعد حرب 1967 تحسن الوضع كثيرا:-

1- احتلال مساحات شاسعة من الاراضى العربية (سيناء-الجولان-الضفة الغربية لنهر الاردن).

2- تحسن وضع الدفاع الجوى الاسرائيلى نتيجة ابتعاد القواعد الجوية المصرية لغرب القناة لمسافة لاتقل عن200كم مما زاد فترة الانذار الجوى من 4 دقائق الى 16 دقيقة .

3- اتساع جملة الاراضى المحتلة من(25890كم) الى (89359كم) مما ادى لتحسين الوضع الجيوستراتيجى كثيرا لاسرائيل .

4- زوال التهديد المباشر للمستعمرات من مصر وسوريا.

5- احتلال منابع النفط والغاز بسيناء (موارد طبيعية).

6- فتح الملاحة بمضايق تيران وتامين ميناء ايلات الحيوى.

7- زيادة الهجرة لاسرائيل بعد الانتصار بالحرب.

اذن كان للتوسع الجغرافى اكبر الاثر فى تغير الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية فقد وفرت اسرائيل عدة طرق وعوامل لترسيخ نظرية الردع:-

1- التفوق العسكرى (النوعى) على العرب.

2- تحسين وتطوير قدرة اجهزة المخابرات الاسرائيلية .

3-الارتباط الوثيق بالولايات المتحدة عن طريق عقد الاتفاقيات والالزامات العسكرية .

الخط الحصين (بارليف)

كما قلنا سالفا ان التغير الجغرافى بعد حرب 1967 كان اساس التغيير الاستراتيجى الاسرائيلى من الهجوم الى الدفاع وكانت اسرائيل قد اعدت خطة(دفاعية-هجومية) وعدلتها من وقت لاخر على حسب المستجدات المصرية السورية من حيث التدريب والتسليح وقد انشئت الخطة على اساس ان تقوم قوات خط بارليف وقوات النسق الدفاعى الثانى بتعطيل ومحاولة صد الهجوم المصرى حتى مجىء القوات الضاربةوالاحتياطية وتقوم بصد الهجوم ونقل المعركة الى اراضى العدو واحباط العمليات العسكرية .

خط بارليف:-

يعتبر خط بارليف هو حجر الزاوية فى النظام الدفاعى الاسرائيلى لمواجهة القوات المصرية وكان يتكون من خط دفاعى بطول(170كم) به 30 موقع ونقطة حصينة بينها وبين الاخرى (5كم) وتمتد بعمق(35كم) حتى المضايق وتحتوى كل نقطة على نظام كامل من التحصينات والسواتر الصناعية و الموانع وحقول الالغام وشبكات دفاع جوى ويحمى هذا كله( ساتر ترابى) برتفاع 30م على حافة القناة بزاوية (45درجة) ميلا حادا لتعجزالمدرعات عن صعوده بالاضافة الى قيام كل نقطة بالمراقبة تساعدها الدوريات فى تغطية الفواصل بين النقاط وقد اقيمت النقاط واختيرت بعناية بحيث تغطى جميع المواقع الصالحة للعبور وتتمكن من التعاون مع الدبابات المتمركزة خلف الخط فى انتظار اى هجوم مصرى وشيك وتربط طرق مرصوفة بطول(750كم) النقاط ومراكز القيادة بالخط الدفاعى . وعدل الخط اكثر من مرة ولكن ابرزهم فترة قيادة الجنرال(شارون) قائد المنطقة الجنوبية (1972) والذى امر باخلاء (14) حصنا لرفضه فكرة الدفاع الثابت وتحويل الخط الى الدفاع المتحرك وهذا كان اصعب على القوات المصرية بسبب توزيع المجهود الرئيسى .

ويرجع اسباب بناء خط بارليف الى عدة اسباب:-

منها السياسية والعسكرية والمعنوية

1-السياسية:-

1- اظهار نجاح سياسة الردع التى تعتنقها القيادة الاسرائيلية.

2- خلق واقع جديد لمصر والعالم بانه لن تفتح قناة السويس للملاحة الا بالاتفاق مع اسرائيل مع ضمان رفع العلم الاسرائيلى على السفن ولن يتم هذا الابعد تمركز القوات الاسرائيلية على حافة القناة وبالتالى يجب حماية هذه القوات من قصف المدفعية المصرية.

2-العسكرية :-

لقد لعبت معارك حرب الاستنزاف وخصوصا قصفات المدفعية المركزة الدور الاكبر فى ضرورة والاسراع فى انشاء خط بارليف وذلك لكى تحمى قواتها على حافة القناة التى تكبدت خسائر فادحة نتيجة القصف المصرى وان تثبت اسرائيل للمصريين عدم جدوى القيام باى اعمال عسكرية لتحرير الاراضى المحتلة وعرقلة اى محاولة لعبور القناة بالاضافة الى تضعف التحصينات الاسرائيلية فى هذا الوقت والتى اظهرتها نتائج القصف المدفعى المصرى خصوصا شهر اكتوبر 68 ويرجع هذا الى عدم وجود خبرة عملية لدى سلاح المهندسين الاسرائيلى مجال الانشاءات الدفاعية نظرا لاعتناق القيادة العسكرية الاسرائيلية العقيدة الهجومية حتى حرب يونيو 1967 .

المعنوية:-

محاولة تطمين الشعب الاسرائيلى بان خط بارليف هو الدرع الواقى من اى هجوم مصرى وان الخط مستحيل ان يخترق او ان يقترب منه احد حتى .

اختلاف الاراء فى القيادة العسكرية الاسرائيلية :-

يعتبر اول من قام ببناء الخط الحصين بناءا على خبراته العملية هو الجنرال (الياهو جافيتش) قائد المنطقة الجنوبية ابان حرب 1967 بعد ان امر الجنرال (بارليف) والذى كان رئيس الاركان فى ذلك الوقت الجنرال(برن) بتراس لجنة من الخبراء والفنيين بدراسة مشروع اقامة جهاز دفاعى متكامل على طول حافة القناة ومنذ بداية دراسة المشروع وتفجرت الانقسامات داخل القيادة العسكرية الاسرائيلية بين فريقين احدهما معتنق الفكر الهجومى (شارون) و (تال) واخر معتنق الفكر الدفاعى (بارليف) و (برن)

فالفريق الاول يريد ان يكون الدفاع دفاع متحرك والاخر يريد ان يكون الدفاع دفاع ثابت ولكلا وجهة نظره

ففريق (شارون)/(تال) سيطر عليه الفكر الهجومى فهو يرى ان انتظار الضربة العربية خلف الحصون هى بمثابة اعلان استسلام للعرب فقوات الاسرائيلية سوف تجد نفسها عاجزة عن التعامل مع القوات المصرية المهاجمة بسبب القصف المدفعى الذى سيدخل جميع القوات الى الحصون وبتالى سيقلل من رد الفعل الاسرائيلى وانتظار الدبابات كارثة ففى اى وقت يمكن تعطيلها عند طريق قوات الصاعقة المصرية والحصون ستتحول الى هدف ثابت ومكشوف للمدفعية وهو ضد محاولة تفكير الجيوش العربية فى الهجوم اساسا فهو يرى ان الحل ان نضع المصريين دائما فى موضع الدفاع فنشغلهم دائما بالدفاع عن انفسهم بالهجوم دائما عليهم دون ان ترك لهم منفس للتفكير فى رد الهجوم واستعادة الارض ونلزمهم بتدريب جنودهم على الدفاع عن بقية ارضهم وليس الهجوم لاستعادة الارض المحتلة وهذا ما ثبت عكسه تماما بعد النكسة مباشرة وتطبيقا لنظرية الدفاع المتحرك عارض الفريق وجود خط دفاعى على حافة القناة بل (وجود خط دفاعى على بعد 30كم من القناة مابين(بالوظة) شمالا (الطاسة) جنوبا ويحتل هذا الموقع بالمشاه فى الامام وتجرى الملاحظة بالقوات الخفيفة الحركة وبين خط القناة والخط الخلفى الذى تحتله ايضا المشاه تكون المدرعات ومعها مساحة لكى تتحرك وتناور وتكون فى انتظار اى هجوم مصرى وفى حال تجاوز الدبابات وهو مستحيل ياتى دور الخط ليدمر بقية القوات بعد ان تاتى القوات الاحتياطية. وبهذا لانضع البيض كله فى سلة واحدة .

فريق (بارليف)/(برن)

يرى ان القناة هى خط دفاع طبيعى يجب الاستفادة منه حيث يكون الخط خليطا من الدفاع الثابت عن طريق (الدشم والحصون والنقاط القوية) فى الامام والمتحرك من الخلف (دبابات) وان النقاط القوية لن تصد وحدها الهجوم المصرى بل ستكون بالتعاون مع (المدرعات والمدفعية) فى الخط الخلفى حتى تاتى (الطائرات)

بالرغم من وضوح الامر للقيادة الاان راى (بارليف) اخذ به وسمى الخط باسمه

وظل العمل مستمرا فى الخط وطور نتيجة لخبرات ودروس حرب الاستنزاف حتى تولى الجنرال(شارون) المعارض المتعصب لفكرة الدفاع الثابت قيادة المنطقة الجنوبية فى يناير 1970 اخطر مراحل حرب الاستنزاف واخرها واهتم شارون بالمواقع الخلفية لخط بارليف والتى كانت تقع على بعد 8كم واهتم بانشاء طرق تربط الحصون والنقاط بالمواقع الخلفية وتم رصف وتمهيد 400كم من الطرق وتم اصلاح طرق كانت بنيت لتسهيل وصول المدرعات النقاط الامامية لدعمها او اليام بهجمات مضادة وتم عمل ورصف طريق المدفعية المخصص لبطاريات المدفعية واهتم باخفاء مراكز القيادة وغرف العمليات ومراكز الاتصال وبناءها تحت سطح الارض لتجنب المدفعية وما خاف منه حدث اذ راى ان الجنود اصيبت بمرض الخنادق وهو عبارة عن ان الجندى يفقد الروح القتالية ويصاب بالكسل نتيجة لوجوده بالخنادق والنقاط المحصنة فهو لايشترك بالقتال وجه لوجه وامرهم بالخروج فى دوريات قتالية ليلا ونهارا بين الحصون لعودة الروح المعنوية وكان عام 1972 عاما حاسما فى تاريخ خط بارليف حيث امر شارون اخلاء 14 حصنا من حصون خط بارليف وتم اختيار الابقاء على ال16 حصنا الاخرين فى الاماكن الحيوية فقط وللعلم ان احد الحصون التى تم اخلاءها ساعدت شارون فى العبور لغرب القناة وبهذا فقد اصبح خط بارليف مزيجا من الدفاع المتحرك والثابت ولكن لم يجدى نفعا هذا الحل

حيث انه اوكل للدفاع عن سيناء مجموعة الوية (اوغدا) بقيادة الجنرال(ماندلر) وتحت قيادته 3 الوية مدرعة ولواء واحد مشاه ولكلا لواء مدرع محور يدافع عنه :-

1-محور العريش-القنطرة

2-محور ابوعجيلة-الاسماعيلية

3-المضايق-السويس

هل خط بارليف خط انذار ام خط دفاعى :

بعدما القينا نظرة سريعة على مجريات الامور نرى ان خط بارليف وقع ضحية نظريتين مختلفتين فاصبح كما قال اللواء جمال حماد (اضعف من ان يكون خطا دفاعيا واقوى من ان يكون نظام انذاري) لقد حدث خلخلة واضطراب بين الاستراتيجيتن (الدفاعية والهجومية ) فمع وجود خط بارليف كانت القيادة لاتزال تعتمد على (الطائرة والدبابة) كعمود فقرى لجيشها والاثنين سقطوا بصواريخ سام و ساجر فتجردت من العنصر الهجومى ليجد المتحصنيين الذين من المفترض ان يوقفوا الهجوم المصرى انفسهم محاصرين داخل الحصون بعدما تم محاصرتها حتى ان احد قادة المدرعات سال القيادة (هل نوقف الهجوم المصرى ام ننقذ المحاصرين داخل الحصون) لقد كان المفهوم الاستراتيجى للقيادة الاسرائيلية يعتمد على الدفاع منطلقا للهجوم والمناورة وهذا ماكانت مستعدة له مصر مثل معارك اللواء (600و190) المدرعين والهجوم الجوى الكبير الذى تم صده من قبل القوات الجوية والدفاع الجوى.

فشل القيادة الاسرائيلية فى انتهاج استراتيجية دفاعية صحيحة:-

يرجع فشل القيادة الاسرائيلية فى انتهاج استراتيجية دفاعية صحيحة لقلة خبرتها فى المجال الدفاعى فالجيش الاسرائيلى بنى على الخبرات القتالية الهجومية للحرب العالمية الثانية وحروب 1948 و1956و1967 وكلها حروب كانت لاسرائيل فيها الضربة الاولى وفجاة تنتهج القيادة الاسرائيلية سياسة معاكسة تماما وسياسة دفاعية وظهر هذا جاليا فى المرحلة الاولى من بناء خط بارليف حيث ظهر ان عدم وجود خبرة عملية لدى سلاح المهندسين الاسرائيلى فى مجال الانشاءات الدفاعية و موضوع مزج الهجوم بالدفاع فى خط بارليف لم يؤتى ثماره بل بالعكس كان نقطة ضعف استغلها المصريين بكفاءة ومن هنا لايوجد مزج بين الدفاع والهجوم الا بالتوازن فهل يوجد دفاع-هجومى بدون سلاح مدفعية قوى او دفاع جوى مستقل وقوى هذا ماحدث لقد تغلبت النزعة الهجومية على النزعة الدفاعية لدى جيش الاحتلال فاهتم بالطيران والمدرعات واهمل المدفعية والدفاع الجوى مما جعل هذان السلاحين يقومان بادوار عديدة هجوم ودفاع وصد وظهر هذا جاليا فى مرحلة الهجوم والعبور لغرب القناة ان المدرعات قامت بعمل ثغرة للطيران من الارض وليس العكس ولولا الطيران ماحدثت الثغرة اذن قلة الخبرة الاسرائيلية بالدفاع وعدم اقتناع القادة الاسرائيلين بالدفاع اساسا كان السبب الرئيسى فى فشل استراتيجية (الدفاع-الهجومى) .

المصادر:-

من سيناء للجولان/ جمال حماد

الاستراتيجيات العسكرية للحروب العربية الاسرائيلية (1948-1988)

/ هيثم الكيلانى

اعداد – محمود شرف الدين – المجموعه 73 مؤرخين

 
برجاء من الاشراف النقل للقسم المناسب
 
عودة
أعلى