مدينة سبتة المسلمة
تقع مدينة سبتة في موقع كبير الأهمية، سواء بالنسبة لموقعها الجغرافي على البحر المتوسط، وتقابل الأراضي الأسبانية، أو بالنسبة لاعتبارها كمنطلق أساسي لجميع الجيوش الإسلامية التي عبرت البحر،باتجاه الأندلس.
وتشير الروايات التاريخية إلى أهمية موقع هذه المدينة، لأنها تطل على جميع السفن التي تعبر جبل طارق، فضلا عن أهمية مرساها البحري كقاعدة تجارية وحربية، حتى سميت (باب الجهاد)..
وكانت سبتة خاضعة للحكم الروماني الذي حكم المغرب لمدة قرون، ثم استطاع الوندال أن يزيل الحكم الروماني نهائيا، وأن يستمر في حكم المغرب لمدة قرون تقريبا، ثم خلفهم البيزنطيون لفترة وجيزة..
وسرعان ما كانت جيوش الفتح الإسلامي بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد، تتقدم بقوة وثبات في شمال افريقيا والأندلس لتقيم أول دولة إسلامية في الغرب الإسلامي..
وكانت مدينة سبتة إحدى أهم المدن التي فتحها المسلمون الأوائل، وانطلقوا منها إلى الأندلس ،في أول سَريةٌ إسلامية بقيادة طريف بن مالك سنة 91 هجرية، وبعد عام انطلق منها الجيش الإسلامي نحو الأندلس.
وأصبحت مدينة سبتة خلال عصر المرابطين من أهم مراكزهم الحربية،وأقام فيها يوسف بن تاشفين مدة من الزمن، لكي يتمكن من أن يتابع بنفسه الإشراف على الجيش الإسلامي ونصرة إخوانهم في الأندلس.
ومما يؤكد مكانة سبتة في تاريخ المغرب،أن سكانها بقيادة القاضي عياض رفضوا حكم الموحدين، اعتقادا منهم أن هذا الحكم لا ينسجم مع العقيدة الإسلامية التي تمثل عقيدة أهل الستة والجماعة، ولا تأخذ بالمذهب المالكي، وتشير الروايات التاريخية أن المهدي بن تومرت قد سافر الى المشرق لتلقي العلم ، وهناك التقى بالعلماء،وتأثر بهم، كما التقى بالإمام أبو حامد الغزالي،الذي أحرقت الدولة المرابطية كتابه (الإحياء) وعاد يدعو الى الى نوع من الإصلاح الديني،كما ادعى الإمامة والعصمة التي تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة.
وعندما قامت الدولة الموحدية واجهت معارضة من العلماء الذين رفضوا التعاون معها لأنها حاربت المذهب المالكي،وأحرقت كتبه،واضطهدت علماءه ،ولذلك فان القاضي عياض رفض أن تخضع مدينة سبتة لحكم الموحدين، وقاد حركة المقاومة ضد جيش الموحدين،واستطاعت مدينة سبتة أن تصمد أمام الموحدين، الذين استطاعوا فيما بعد أن يخضعوا هذه المدينة،وأن ينشئوا فيها أسطولا بحريا قويا.
ثم استمرت هذه المدينة مركز الجهاد تؤدي دورها كثغر من ثغور الإسلام، تدافع عن حماه، وفي نفس الوقت تسهم من خلال علمائها في خدمة الفكر الإسلامي.
وبتاريخ 14 غشت 1415م نزل الأسطول البرتغال بالمدينة الذي حول مساجدها الى كنائس،وأحرق كتبها الإسلامية .
الحركة العلمية في سبتة:
كانت مدينة سبتة خلال القرن السادس والسابع الهجري من أهم مراكز الحركة العلمية في السواحل المغربية، وبخاصة أن هذه المدينة أنجبت أكبر شخصية علمية مغربية هو القاضي عياض الذي ولد سنة 476هجرية،وقال عنه المؤرخون لولا القاضي عياض لما ذكر المغرب، كذلك أول شخصية في علمية في تاريخ الجغرافية وهو الشريف الإدريسي السبتي المتوفى 562 هجرية الذي وضع أول خريطة رسم فيها العالم،وبين مواقع البلدان والبحار والأنهار والجبال، ثم شرح ذلك في كتابه (نزهة المشتاق) الذي قسم فيه الأرض الى سبعة مناطق، وكل منطقة قسمها الى عشرة أقطار متساوية.
ومما يؤكد هذا الازدهار العلمي والحضاري والتجاري الذي شهدته المدينة قبل الغزو البرتغالي، هو الإحصائيات التي استخرجت من كتاب (اختصار الأخبار عما كان بثغر سبتة من سنى الآثار)لمحمد بن القاسم الأنصاري السبتي الذي ذكر أن المدينة اشتملت على:
1000 مسجد،و62 خزانة علمية، و47 رباط وزاوية، و22 حماما، 174 سوقا، 24000 حانوتا،و 360 فندقا، و360 فرنا،إضافة الى أنواع الفواكه والورود
وهذا كله يدل على الازدهار الفكري والحضاري الذي وصلت إليه مدينة سبتة في عصرها الإسلامي، قبل أن تسقط بيد البرتغال، ثم تصبح بعد ذلك مدينة اسبانية في أرض عربية مسلمة، تتحدى كل صباح مشاعر كل مسلم، وتستفز كبرياءه، وتستصرخ أعماق كل مسلم من المحيط الى المحيط أن يتحملوا مسؤوليتهم لإنقاذ هذه المدينة الأبية العملاقة لكي تعود الى التراب الإسلامي، وتعود مدينة القاضي عياض لتأخذ مكانها في خريطة الأراضي الإسلامية.
لذلك فان على المسلمين تحمل المسئولية الكاملة لتحرير هذه المدينة وكل شبر من أراضي المسامين الذين روته دماءهم الزكية، وليس من حق أي جيل من الأجيال أن يساوم أو يتنازل عن أي شيئ من تراث هذه الأمة ومقدساتها.
تقع مدينة سبتة أقصي شمال المغرب بمضيق جبل طارق ويعيش بها نحو 15 ألف مغربي ، بينما تقع مدينة مليلية التي تبلغ مساحتها 12 ألف كم مربع في الشمال الشرقي للمملكة على مقربة من الحدود الجزائريّة ، ويقطنها نحو 27 ألف مغربي ، وهي تحتل أهمية بحريّة متميزة في منطقة حوض البحر المتوسّط الجنوبيّة ، وبخاصة بعد جلاء الاستعمار عن ثغري بنزرت في تونس ومرسى الكبير في الجزائر .. أما الجزر الجعفرية التي تبعد 27 كم فقط عن مدينة مليلية فهي عبارة عن مجموعة صغيرة من الجزر الصخرية غير المأهولة .
وقد لعبت المدينتان دورا مهما في تاريخ الفتوحات الإسلامية ، فعن طريق سبتة مر القائد المسلم طارق بن زياد للأندلس عبر الجبل الذي يحمل اسمه حتى اليوم ـ جبل طارق ـ عام 92 هـ ( الموافق 711 م ) ، وبعده بعام واحد نزل موسى بن نصير أيضا بها قبل أن يدخل الأندلس عبر الجبل الذي يحمل اسمه حتى الآن (جبل موسى) ، ومن سبتة كذلك هب يوسف بن تاشفين لإغاثة ملوك الطوائف عندما اشتد عليهم قتال الصليبيين عام 430 هـ (1083م) ، كما مر منها عبد المؤمن بن علي الموحدي ـ صاحب الفضل في توحيد المغرب الإسلامي ـ عام 556 هـ (1161م) وأبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن عام 580 هـ (1191م) في طريقهما إلى الأندلس ..
الحدود الفاصلة بين المغرب وإسبانيا في مدينة سبتة
وربما يفسر هذا الدور الإسلامي ـ إضافة إلى الموقع الاستراتيجي المتميز ـ أسباب استمرار إسبانيا في احتلال المدينتين وتعزيّز قواتها فيهما وإصرارها على الحد من تزايد عدد السكان المغاربة والمسلمين بهما ، فعدد الجنود الإسبان في المدينتين يصل إلى 20 ألف جندي (13 ألفاً في سبتة و7 آلاف في مليلية) ، في نفس الوقت الذي عمدت فيه وزارة الدفاع الإسبانية إلى التقليل من عدد مغاربة المدينتين المحتلتين في الجيش ( يبلغ عددهم في مدينة مليلية قرابة 1500 جندي مغربي يحملون الجنسية الإسبانية ) ومراقبتهم بصورة مستمرة والحيلولة دون انضمامهم مستقبلا إلى هذه المؤسسة ، فضلا عن رفع مستوي التسلح بالمدينتين عبر اقتناء أحدث الأسلحة والصواريخ لردع أي تحرك مغربي ، ومن ثم فإنّ المدينتين تشكلان ثقلا كبيرا في سياسة إسبانيا العسكريّة .
ويضاف إلى ذلك أن مدينة سبتة تتحكم تماما في رصد حركة الملاحة بمضيق جبل طارق الذي يفصل البحر الأبيض المتوسّط عن المحيط الأطلسي ويفصل القارّة الأفريقية عن أوربا بمدّة لا تزيد على 15 دقيقة بحريّة ، مما يجعله أهم ممر مائي في المنطقة كلها ، إلى جانب أنه الممر الوحيد لأساطيل النفط المتحركة من الخليج إلى عرض المحيط الأطلسي ، ومن ثم فإنه يتحكم في جزء مهم للغاية من التجارة العالمية ، وهو ما يفسر إصرار الإسبان الشديدً على عدم التخلي عن المدينة ، وبخاصة بعد أن استقرار بريطانيا في منطقة جبل طارق ومعارضة سكان هذه المنطقة البالغ مجموعهم 30 ألف نسمة لأي دور أسباني في شئونهم .
إزاء هذه الأهمية الاستراتيجية البالغة اتخذت حكومة مدريد سلسلة من الخطوات والقرارات الرامية إلى ضمان استمرارية بقاء الوضع الاستعماري للمدينتين ، كان من أبرزها تطبيق قانون للأجانب في يوليو عام 1985 يهدف إلى " أسبنة " المدينتين ، ومنح حكم ذاتي لهما ، وضمهما لمجال التغطية العسكرية للناتو ، إلى جانب اتخاذ إجراءات عسكرية مكثفة ومستفزة على الحدود بين كلا المدينتين والمغرب ، والقيام بزيارات سياسية مثيرة لهما ، في الوقت الذي اكتفى فيه المغرب بطرح مسألة الربط بين مستقبل جبل طارق ومستقبل المدينتين .
وحتى لا يفتضح أمر الاحتلال بصورة ظاهرة في المدينتين ، انتهجت السّلطات الإسبانية سياسة الترغيب والإغراء لمواطنيها للنزوح والاستقرار فيهما ، كما قدمت الإدارة الإسبانية عدة إغراءات لدفع الشباب المغربي من أهالي المدينتين إلى التجنّس بجنسيّتها ، مقابل منح المتجنس مبلغاً شهرياً يزيد على 2500 درهم مغربي إذا كان عاطلا ، فضلا عن تقديّم عدد من التسهيلات التي حولت المدينتين إلى منطقة تجاريّة حرّة معفاة من الضرائب ، وهو ما جعلهما قبلة التجار والسيّاح الاسبان والعرب ـ على حد سواء ـ ومورداً هامّاً للعملة الصعبة بالنسبة لإسبانيا ، في الوقت الذي يتكبد فيه الاقتصاد المغربي خسائر سنوية تتجاوز أكثر من 1,3 مليار دولار سنويا بسبب ظاهرة تهريب البضائع من سبتة ومليلية إلى مختلف المدن المغربية .
وقد عمدت السلطات الإسبانية في المقابل إلى انتهاج سياسة الخناق والتضييق تجاه المغاربة والمسلمين بالمدينتين فشرعت في التضييق على بيوت الرحمن ، ومنعت بناء المساجد الجديدة وفتح الكتاتيب لتحفيظ القرآن ، وفرضت عليهم عددا من القوانين الصارمة التي تحظر عليهم الحركة خلال وقت متأخر من الليل ، إلى جانب منع أذان الصلوات ، الذي أصبح يتحتم عليهم البحث عنه في مذياع المغرب ثم اللجوء إلى ساعاتهم لحساب فروق التوقيت .
ولم تكتف الحكومة الإسبانية بهذا التضييق ، فلجأت إلى فرض طوق من الفقر والحرمان
على المغاربة الذين حافظوا على هويّتهم ورفضوا شتى أشكال الترغيب والترهيب للاندماج في المجتمع الإسباني ، حيث اشترطت حصول المسلمين المغاربة في المدينتين على الجنسيّة الإسبانية مقابل تمتعهم بحقوقهم كمواطنين ، وأصرت على حرمان من يرفض هذه المقايضة من حقّ التملّك والدّراسة والعمل والانتخاب ، وبالتالي أطبق ثالوث الجهل والبطالة والحرمان على مغاربة المدينتين ، واضطروا إلى الإقامة في أحياء من الأكواخ التي لا تتوافّر فيها أيّ رعاية صحيّة أو تعليميّة أو ثقافيّة ، فضلا عن حرمانهم من تشكيل أيةّ مؤسسة تنظيميّة تدافع عن حقوقهم .
وحتى من وافق منهم على حمل الهوية الإسبانية ( لا يتجاوز عددهم خمسة آلاف ) فإن السلطات الحكومية ظلت تتعامل معهم بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية ، لدرجة أن صحيفة «لاراثون» المدريدية وصفت مؤخرا المسلمين المغاربة بأنهم طابور خامس ، وحينما انتخب طبيب مسلم يتمتع بشعبية كبيرة رئيسا لبلدية مليلية ، أجمعت مختلف الأحزاب السياسية الإسبانية أمرها على الإطاحة به من رئاسة المدينة ، وقد كان .
واكتمل مسلسل التضييق والخناق في عام 1975 حين أصدرت الحكومة الإسبانية قانون الهجرة الذي ينظّم تواجد العنصر الأجنبي في البلاد استعداداً لدخول إسبانيا السوق الأوربية المشتركة ، والذي شرعت السلطات في مدينتي سبتة ومليلة المحتلّتين في تطبيقه على المسلمين المغاربة عام 1987 ، مطالبة إياهم بتجديد بطاقة الإقامة الخاصّة بهم واستخراج جواز سفر يحمل تأشيرة الدخول إلى إسبانيا ، بالإضافة إلى ضرورة الحصول على بطاقة القنصليّة كشرط للحصول على بطاقة الأجنبي وبطاقة العمل والإقامة ، وهو القانون الذي اعتبر المسلمون المغاربة أنه يعطي لسلطات الاستعمار الإسبانية مبرّراً كافياً لطردهم من هناك وغلق محلاّتهم ومنعهم من حقوق اكتسبوها منذ زمن طويل ، مما خلف عددا من المواجهات التي أسفرت عن سقوط قتلي ..
خريطة الجزر المغربية المحتلة
ورغم كل هذه الإجراءات المتوالية لفصل مغاربة سبتة ومليلية عن الوطن الأم ، والتي وصلت إلى حد قطع أي علاقة دينية بين أئمة مساجد المدينتين ووزارة الأوقاف والشئون الاجتماعية بالمغرب ، تخوفا من توظيف الدين الإسلامي في استعادة المدينتين ، إلا أن حكومة مدريد باتت مدركة تماما أن سبتة ومليلية تشكلان نقطة ضعف عسكرية وسياسية في استراتيجيتها المستقبلية ، وهو الإدراك الذي تزايدت حدته عقب تفجيرات 11 سبتمبر الأمريكية ، حيث اكتشف الإسبانيون من جديد بعد هذه التفجيرات أن المدينتين بمثابة برميل بارود قابل للانفجار في أي وقت ، وبخاصة حين أعقبتها بأسابيع قليلة محاولة إحراق أربعة كنس يهودية في سبتة ومليلية ، وانتشار الشعارات المؤيدة لزعيم القاعدة أسامة بن لادن ، بيد أن أكثر ما أقلق الإسبان حقيقة هو وجود بعض مغاربة سبتة الذين يحملون الجنسية الإسبانية ضمن معتقلي القاعدة في جوانتانامو.
هذه التطورات المتلاحقة في المدينتين ، دفعت إسبانيا إلى تبني استراتيجية جديدة تشمل عددا من الإجراءات الدينية والاجتماعية والعسكرية ـ وبخاصة في مدينة مليلية المرشحة للانفجار أكثر من سبتة ـ من بينها تخصيص حكومة خوسيه ماريا أثنار مساعدات مالية للمدينتين ، في محاولة للتقليل من الفوارق الطبقية بين المغاربة والإسبان وتجميد احتجاجات السكان المغاربة على وضعهم الاجتماعي الذي يعتبر بمثابة قنبلة موقوتة ، بالإضافة إلى تبني سياسة للحد من ارتفاع المواليد المغاربة لتفادي ارتفاع السكان المغاربة علي حساب الاسبان ، والمنع الكلي لاستقرار مغاربة جدد قادمين من المناطق المجاورة ، بل والسعي لطرد الذين توافدوا في السنين الأخيرة ، والعمل على نشر اللغة الأمازيغية لتكون اللغة شبه الرسمية في المدينتين ، ومحاربة اللغة العربية للقضاء على أي رابط قومي للسكان مع باقي مناطق المغرب والعالم العربي والإسلامي .
والأمر المثير حقا في ملف مدينتي سبتة ومليلية هو أن المعالجة المغربية لهذا الملف ظلت في الغالب الأعم تنتهج موقف الدفاع ، غير أن تجذر مستويات الشراكة المغربية الإسبانية في المجال الاقتصادي ربما يكون علامة فارقة تصلح لتفسير محدودية هامش التحرك المغربي في معالجة هذا الملف ، إذ تعد إسبانيا الشريك التجاري الثاني للمغرب بعد فرنسا ، ومن السهولة بمكان أن نكتشف أبعاد نفوذها الاقتصادي بالمغرب ، بدءا من حجم المبادلات التجارية بين البلدين ، ومرورا بعائدات السياحة وتحويلات العمال المغاربة المهاجرين وحجم الاستثمارات الإسبانية بالرباط ، وانتهاء بحجم الدين الخارجي .
فعلى صعيد المبادلات التجارية ، بلغ حجم الصادرات المغربية عام 2000 ـ علي سبيل المثال ـ إلى إسبانيا 10.02 مليار درهم مغربي ( الدولار يعادل 11 درهما مغربيا ) ، تشكل نسبة 12.7% من إجمالي الصادرات المغربية ، بينما بلغت الواردات المغربية من إسبانيا في نفس العام 11.77 مليار درهم بنسبة 11.1% من إجمالي الواردات المغربية ، وهو رقم لا ينافس إسبانيا فيه سوى فرنسا التي تتجاوزها بنحو ثلاثة أضعاف .
أما على مستوى عائدات السياحة فإن إسبانيا تحتل المرتبة الثانية بعدد سياحها الذين تستضيفهم المغرب والذي يناهز 259 ألف سائح إسباني ( أي 9.9% من إجمالي عدد السياح الوافدين للمغرب ) ، وهو ما يوفر للمغرب عائدات مالية تبلغ 1.09 مليار درهم وفقا لإحصائيات عام 1999.
وإذا كان حجم الاستثمارات الإسبانية بالمغرب قد بلغ عام 2000 نحو 600 مليون درهم فقط ، متراجعا إلى أقل من الثلث مما كان عليه عام 1999 حين بلغ 2.076 مليار درهم بنسبة 11.2% من مجموع الاستثمارات الخارجية ، فإن حجم الديون الإسبانية المستحقة لدى المغرب وصل إلى 13 مليار درهم مغربي .. غير أن خطورة هذا الدين تتجلى في أن خدمة هذه المديونية المستحقة تشكل عبئا ثقيلا على خدمة الدين الخارجي للمغرب ، إذ بلغت عام 1999 نحو 1.229 مليار درهم من الميزانية العامة .
وفي المقابل يراهن المغرب على تحويلات العمالة المغربية المهاجرة إلى إسبانيا لتوفير العملة الصعبة ، إلا أن إجمالي هذه التحويلات لم يتجاوز 580 مليون درهم عام 1999 ، شكلت نسبة 3.1% من إجمالي تحويلات العمالة المغربية بالخارج ، بينما ارتفعت عام 2000 إلى 844 مليون درهم ( تمثل 3.8% من مجموع التحويلات ) ، لتحتل بذلك المرتبة السابعة بين تحويلات العمالة المغربية بالخارج بعد الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا وإيطاليا، فضلا عن فرنسا التي تشكل وحدها نحو 50% من تحويلات هذه العمالة المغربية .