الوثائق الإسرائيلية - الحلقة الرابعة و العشرون

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,255 0 0
الوثائق الإسرائيلية ( الحلقة الرابعة والعشرون) ـ ساعة الصفر للحرب استخدمت لتضليل إسرائيل

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية يصر على أن العميل المصري لم يكن مخلصا لإسرائيل ويعتقد أن السادات شخصيا قام باستخدامه



news.425899.jpg

تل أبيب : نظير مجلي
تحديد ساعة الصفر لبدء حرب أكتوبر 1973 يأخذ حيزا كبيرا من تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في إخفاقات الجيش الإسرائيلي، حيث تعتبرها الفشل الأكبر للاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي ورئيسه ايلي زعيرا. وعليه فإن زعيرا أيضا يفرد حيزا كبيرا لهذه القضية في كتابه المذكور آنفا، ويكشف من خلال ذلك العديد من المعلومات اللافتة للنظر، والتي اعتمد فيها بشكل أساسي على منشورات عربية علنية حول الحرب، مثل كتب: أنور السادات وسعد الدين الشاذلي، ومحمد الجمصي، و محمد حسنين هيكل، وكذلك على كتاب المؤرخ الأميركي، جيفري روبنسون، وغيرهم.

وقد قصد زعيرا القول إن مصر وسورية لم يخططا لإطلاق شعلة الحرب إلا في شهر أكتوبر 1973. وكل التواريخ التي أعلنت في الماضي، إن كان اعلان السادات عن «سنة الحسم» في العام 1971، أو الأخبار التي وصلت الى اسرائيل عن نهاية العام 1972 أو عن الربع الأول من سنة 1973، ما هي إلا أخبار تضليلية استخدمها المصريون بشكل مقصود لإرباك اسرائيل، ونجحوا في ذلك أيما نجاح، وحفظوا سر الحرب ليس فقط بعيدا عن اسرائيل بل أخفوا موعد الحرب والنية الحقيقية لها حتى عن جنودهم وجنرالاتهم. ويقول زعيرا إن موعد الحرب الدقيق حدده السادات لنفسه واحتفظ به لنفسه، وفقا لاقتراح من الجمصي، الذي كان في تلك الفترة رئيسا لقسم العمليات في الجيش المصري. وقد اختار هذا يوم 6 أكتوبر لعدة أسباب، أحدها انه يوم الغفران، الذي يعتبر يوم صوم لدى اليهود يمضونه في الصلاة وطلب المغفرة عن الذنوب وتتعطل فيه الحياة في اسرائيل، فلا سفر ولا اتصالات هاتفية ولا اذاعة أو تلفزيون. وقد هاجمت اسرائيل العرب على اختيار هذا اليوم واعتبرته «تصرفا غير إنساني لا يأخذ بالاعتبار المشاعر الدينية»، إلا انها في الواقع أفادت كثيرا من اختياره، حيث ان كل الجنود والضباط كانوا في بيوتهم وكان سهلا تجنيدهم للاحتياط، وكانت الشوارع فارغة بحيث تم نقل الجنود من البيوت الى القواعد ثم الى الجبهة بسهولة أكبر من نقلهم في الأيام العادية.

ولكن المصريين والسوريين اختاروا الموعد (6 أكتوبر) لكون ليلته أطول ليلة في السنة والبدر يكون فيها منيرا وحالة المد والجزر في البحر تساعد على انخفاض مستوى المياه في قناة السويس مما يساعد على العبور.

ويقول زعيرا ان الحديث عن هذا الموعد أو ما يقرب منه تم في لقاء القمة السري بين الرئيس المصري أنور السادات، والرئيس السوري حافظ الأسد، في مصر في شهر أبريل [نيسان] 1973. وقد اتفق على اقامة مجلس أعلى للحرب من قيادة الجيشين، المصري والسوري. وضم المجلس ثمانية مصريين بقيادة وزير الحربية الجنرال اسماعيل وستة سوريين بقيادة وزر الدفاع الجنرال مصطفى طلاس. واجتمع هذا المجلس أيضا بشكل سري في نادي الضباط في الاسكندرية وفي قاعدى سلاح البحرية المصري في المدينة نفسها طيلة أيام 21 – 23 أغسطس [آب] 1973 واتفق فيه على موعدين تقريبيين للحرب الأول ما بين 7 – 11 سبتمبر [أيلول] والثاني ما بين 5 – 10 أكتوبر. وترك قرار الموعد النهائي للرئيسين، السادات والأسد. وكان أول من عرف من السادات عن موعد الحرب الدقيق، الملك فيصل، عاهل المملكة العربية السعودية، الذي زاره في الرياض قبل شهر ونصف الشهر من الحرب وكان يثق به ثقة كبيرة ونسق معه القرار العربي بحظر النفط.

ويتحدث زعيرا عن عملية الخداع الأكبر في تاريخ الحروب العصرية، حيث ان مصر أرسلت – حسب قناعته – عميلا مزدوجا يظهر كما لو انه عميل إسرائيلي وهو في الواقع عميل مصري لا هدف له إلا تضليل اسرائيل. ويصر زعيرا على موقفه هذا مع ان ثلاث لجان تحقيق شكلت في اسرائيل لدراسة هذه المسألة خرجت جميعها بقرار انه كان عميلا مخلصا، آخرها أصدرت قرارها فقط قبل أسبوعين. وقالت ان موقف زعيرا هذا غير صائب وتتهمه بأنه تعمد الكشف عن اسم هذا العميل وتفاصيله الى الصحافة الإسرائيلية والأجنبية في سنة 2004 وانه منذ ذلك الحين وهذا العميل يعيش في قلق، والصحافيون الاسرائيليون يمارسون الضغوط عليه لكي يجري المقابلات معهم ويتحدث حول الموضوع.

ويقول زعيرا ان هذا العميل ضلل اسرائيل في نفس فترة الاجتماع السري للمجلس العسكري السوري ـ المصري المشترك، في الثلث الأخير من شهر أغسطس، عندما أبلغها بأن السادات قرر تأجيل الحرب الى نهاية السنة. ويشهد زعيرا بان هذا الخبر زرع الاطمئنان في نفوس الاسرائيليين، فخلدوا الى النوم. وضللها مرة ثانية عندما أبلغ بنشوب الحرب في 6 أكتوبر فقط قبل 40 ساعة من وقوعها، عندما استدعى رئيس جهاز «الموساد» الاسرائيلي، تسفي زمير، الى لقاء عاجل في العاصمة البريطانية لندن. وهو ومن أرسلوه من مصر يعرفون بأن اسرائيل تحتاج الى وقت أكبر، على الأقل 48 ساعة، حتى تنظم أمورها وتواجه هجوما عسكريا كما يجب. وحدد لها موعدا نهائيا ضبابيا قال فيه ان الحرب ستنشب قبيل المساء، وبدأت اسرائيل تستعد للمواجهة فعلا قبيل المساء، في حين انها نشبت في الساعة الثانية بعد الظهر. ويتساءل زعيرا، كيف يمكن أن يسمح السادات لمساعده (ذلك العميل) ان يسافر الى لندن قبيل يومين من الحرب، لو لم يكن يعرف انه عميل مزدوج هدفه تضليل اسرائيل كجزء من ألاعيب الحرب؟ أليس من المنطق أكثر ان يكون السادات هو الذي أرسل هذا العميل ليلتقي رئيس الموساد؟ ويذهب زعيرا أبعد من ذلك فيقول ان السادات هو الذي امر ذلك العميل بأن يبلغ اسرائيل عن نية خلية مسلحين فلسطينية تنفيذ عملية تفجير كبرى في مطار روما، ففي مثل هذه الإخبارية قصد السادات أمرين، الأول تعزيز الثقة الاسرائيلية بذلك العميل من جهة، ومنع العملية حتى لا تشوش على الحرب، من جهة ثانية (هناك رأي آخر في الموضوع يقول إن عملية روما كانت من تدبير سوري والمسلحون الذين ارسلوا لتنفيذها هم من تنظيم «العاصفة»، المعروف بارتباطه بسورية).

ويقول زعيرا ان مذكرات الشاذلي والجمصي عززتا قناعاته بموقفه ازاء هذا العميل وازاء كل مجريات الحرب. ساعة الصفر لدى العدو 88. الموضوع الثاني [الذي بقي لما أسمته لجنة أغرنات «لاستكمال الصورة الناشئة عن حشد المعلومات المتوفرة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية»]، يتعلق بالساعة التي يقدرون بأن الحرب ستنشب فيها. كما ذكر، قيل في الخبر الأخير الذي وصل من المصدر الموثوق، ان الحرب ستندلع«قبيل مساء السبت 6. 10. 1973»(وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 67). نحن لا نعرف ما الذي أدى الى تقديم الموعد الى الساعة الثانية تقريبا. ربما يكون الأمر قد تم وفقا للتنسيق في اللحظة الأخيرة، حيث انه لم يكن مريحا للسوريين أن يبدأوا الهجوم باتجاه الغرب في ساعة غروب الشمس. وهنا سنبحث في قضية أخرى: كيف حصل انه في قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، تحول الخبر القائل بأن الحرب ستنشب قبيل المساء، الى خبر يقول ان الحرب ستنشب في الساعة السادسة مساء بالذات. يشار الى ان غروب الشمس في يوم السبت في اسرائيل تم في الساعة 17:20، أي أن «قبيل المساء» أو «في الضوء الأخير» يعني انه سيحل في ضواحي الساعة الرابعة بعد الظهر. لم ننجح في التوضيح كيف ولدى أية جهة جرى هذا «التصحيح» [للموعد]. يمكن التخمين فقط بأن الأمر حصل بسبب أخبار قديمة تحدثت عن فتح النار في ساعات المساء أو بسبب الحسابات التي تقول ان المصريين سيبدأون الحرب فقط مع حلول الظلام، لكي يمنعوا مهاجمة القوات التي تعبر القناة بطائرات سلاح الجو الاسرائيلي. وبالفعل، فإن قائد سلاح الجو لم يقبل هذه الفرضية وفي مجموعة الأوامر التي أصدرها في الصباح، اعتمد على الافتراض بأن المصريين سيهاجمون من الجو في الساعة الثالثة بعد الظهر على أكثر تعديل، وذلك في ضوء الحسابات التي اجراها على أساس التدريبات التي جرت عندنا في الماضي (صفحة 1971). إلا ان حسب شهادة قائد اللواء الجنوبي فقد خطط تحركات اللواء وفقا للافتراض بان الحرب ستبدأ في الساعة 18:00، ولكنه قرر، حسب قوله، ان يتخذ احتياطا أمنيا فخطط تحركات قواته للساعة 16:00، حسب اقتراح الجنرال مندلر، (لكن أنظر لاحقا حول هذا الموضوع، في البنود 258 ـ 265).

89. في نشرة الاستخبارات رقم 429/73 في الساعة 7:30 من يوم 6 أكتوبر، التي نشرت فيها تفاصيل خطة الهجوم، جاء ان في نية المصريين استئناف القتال «عند الضوء الأخير [من النهار]». وفي النشرة رقم 434/73 في اليوم نفسه (تفاصيل عن الخطة): «ساعة الصفر هي في ساعات المساء». وفي الخبر الذي استقبل في الساعة 2:40 فجرا، قيل: «قبيل مساء هذا اليوم». هذا الخبر أعطي بالهاتف الى السكرتير العسكري لرئيسة الحكومة في الساعة 2:45، والى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الساعة 3:10 تقريبا. الجنرال زعيرا ادعى في شهادته (صفحة 5454 فصاعدا) ان رجل الموساد أبلغ بالهاتف انها الساعة السادسة ومن هنا مصدر الخطأ. لمفاجأتنا، قال الجنرال زعيرا في شهادته (صفحة 5455 فصاعدا) انه لم يشاهد النص الكامل لذلك الخبر إلا بعد انتهاء الحرب، لأنه في يوم 6 أكتوبر، كان مشغولا جدا ولذلك اكتفى بما أبلغ به عن مضمون الخبر. رجل الموساد من جهته قال في شهادته (في صفحة 1085) انه قرأ نص الخبر الذي في حوزته بالهاتف الى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وجاء فيه: «قبيل المساء» أو «قبيل حلول الظلام» (البروتوكول، صفحة 808 فصاعدا، وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 64) ولم تذكر فيه الساعة 18:00. ونحن نفضل شهادة رجل الموساد في هذا الموضوع، المسنودة أيضا مما جاء في النشرات اللاحقة من صبيحة السبت، والتي تلائم أقوال الجنرال زعيرا في الساعة 7:15 من نفس الصباح (انظر لاحقا)، وكذلك أقوال الشاهد في احدى الجلسات الأولى للجنة (صفحة 143)، والتي أكد فيها ان الخبر الذي وصل اليه صباح يوم السبت قال ان الجيش المصري والجيش السوري ينويان فتح نار الحرب قبيل مساء السادس من أكتوبر. وذكر رجل الموساد أيضا (صفحة 1088)، انه في أعقاب الحصول على الخبر اتصل به وزير الدفاع وسأله عن النص الدقيق للخبر، لأن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اعتقد بان نص الدعوة يختلف قليلا عن الخطة الأصلية كما كانت معروفة لنا، وفيها قيل ان المصريين سينهون الانزال [على الضفة الشرقية من القناة] حتى نهاية الظلام (لم نجد خطة تشمل ساعة محددة بين الوثائق التي أرسلها ذلك المصدر وتم اعطاؤها لنا)، ولكن في خطة التدريبات المصرية التي جرت في نهاية سنة 1971، وجدنا ان ساعة الصفر (لبدء العبور) حددت باسم «على شفا الضوء الأخير» (وثيقة البينات رقم 1، صفحة 15). وقد كان جواب رجل الموساد بأنه حسب رأيه، لا يوجد فرق بين الخبرين.

أيضا البروتوكولات حول اللقاءات التي تمت في اليوم نفسه لا تمكن من استخلاص نتائج واضحة حول مصدر الخطأ. وفي تدوين من الساعة 5:45 (وثيقة البينات رقم 265، صفحة 1): «الوزير يعلن عن الفتح في المساء». وفي المصدر نفسه، الساعة 6:00 قال السكرتير العسكري لوزير الدفاع: «العملية المخططة ستبدأ هذا المساء». وفي اثناء ذلك يتصل الوزير مع رجل الموساد (أنظر آنفا) وهذا يبلغه بأن الحديث يجري «عن المساء»وعن «يوم غد قبيل حلول الظلام». ويقول رئيس أركان الجيش في شهادته، ان «العرب أنجزوا مفاجأة كبرى، نسبيا، إذا كانوا سيهاجمون هذا المساء»، ويقول بشأن الهجوم الرادع: «.. أو انهم سيهاجمون في الساعة الخامسة ويكون لي عندها ساعة ضوء» (وهذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها ساعة دقيقة). في الساعة 7:15 لدى رئيس الأركان (وثيقة البينات رقم 285، صفحة 6 ـ 7):

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية: «خطة هجومية ـ قبيل المساء».

رئيس الأركان: «.. ننطلق من الفرضية بأنهم ينوون الهجوم في الساعة 18:00.. ربما يخطئوا وفي الساعة 17:00 يفردون الشباك ويبدأون التحرك. وربما نحظى بالهجوم (هجوم رادع) في الساعة 17:00 أو 16:00. لنكن جاهزين من ساعات الظهر».

في مشارورات لدى رئيسة الوزراء، في الساعة 8:05 (وثيقة البينات 57، صفحة 8 فصاعدا):

رئيس الأركان: «إذا كانوا ينوون الهجوم في الساعة 17:00، فإن سلاح الجو سيعمل بحرية ضد الجيش السوري (في حالة توجيه ضربة رادعة). وإذا هاجموا في المساء، فإن هذا سيكون إنجازا لهم في تحقيق المفاجأة. كل الاستعدادات تشير الى ان الحرب ستبدأ في الساعة 18:00».

في الساعة العاشرة صباحا، مرة أخرى لدى رئيس الأركان (وثيقة البينات رقم 285):

«رئيس قسم العمليات: ربما يكون شيء اليوم في الساعة الخامسة أو السادسة مساء».

في الساعة 11:00 لدى وزير الدفاع (وثيقة البينات رقم 285):

رئيس الأركان: «نحن سنكون مستعدين اليوم في الساعة 17:00/18:00 للصد، بحيث يمكن أن يبدأ من الساعة إذا أرادوا أن يفتتحوا [الحرب] مع سلاح الجو، ويمكن أن يكون بعد الساعة 17:00 إذا قرروا أن يفتحوا النار قبل البداية الجوية».

الساعة 13:30 (وثيقة البينات 285):

رئيس أركان الجيش يرشد قائد اللواء الشمالي: «السوريون يباشرون الهجوم في المساء».

كما سبق وقيل، فإنه أيضا بعد التمعن في هذه الأمور، لا نعرف كيف وبيد من تم تشويش الخبر وتحويله الى «الساعة 18:00». ان قسما من المسؤولية عن ذلك، على الأقل، يقع على ريئس شعبة الاستخبارات العسكرية الذي لم يتأكد من المضمون الدقيق للخبر. وفي المشاورات في الصباح نفسه لم يوضح لرئيس الأركان بأن الخبر لا يحدد ساعة دقيقة. فلو لم يتم تشويش الخبر على هذا النحو، ربما كان أصحاب القرار بشأن الاستعدادات، يقررون خطوات بشكل عاجل أكثر لنشر القوات، من خلال الشعور بأن ساعة اندلاع الحرب غير محددة (قارن فيما بعد، البند 258 فصاعدا).

تلخيص قضية المعلومات والتقديرات بشأنها 90. بهذا، تم استعراض المعلومات المتوفرة بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية والتقديرات التي أعدت حولها في دائرة البحوث فيها. النتيجة التي نستخلصها هي، كما كتبنا في التقرير الجزئي، البند 11:

«... في الأيام التي سبقت حرب يوم الغفران، كانت بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية (بحوث) إخباريات تحذيرية صارخة، تزودت بها من دائرة التجميع في شعبة الاستخبارات العسكرية وفي دوائر أخرى في الدولة».

إننا نعتقد أن هذه الأخبار كان يجب ان تدفع شعبة الاستخبارات العسكرية لأن تجري تقديرا يشير الى خطورتها، باعتبارها ذات احتمالات كبرى للتدليل على نشوب الحرب، من بداية الأسبوع الأول قبيل الحرب. وبكل الأحوال كان يجب على شعبة الاستخبارات العسكرية ان تحذر على أساسها في صبيحة الخامس من أكتوبر، بان الحرب ستنشب.

وينبغي التأكيد انه في دولة مثل دولة اسرائيل، فيها يكون كل خطأ في التقديرات عن نوايا العدو واستعداداته من شأنه ان يولد نتائج خطيرة جدا، من واجب الاستخبارات أن تحذر ليس فقط عندما يتحول هجوم العدو الى شيء مؤكد فحسب، بل أيضا في كل مرة توجد فيها علامات دالة على تهديد بهجوم للعدو. فالاستخبارات هي خط الدفاع الأول للدولة.

(13) حول شبكات التجميع 91. بودنا أن نقول هنا ان دائرة التجميع في شعبة الاستخبارات العسكرية وغيرها من شبكات التجميع في الدولة، التي ذكرناها، قامت بواجباتها المسؤولة والمعقدة على أحسن وجه ممكن واستحقت السمعة الممتازة التي تحظى بها. ولكننا نشير بإضعاف أضعاف هذا التقدير، الى خيبة الأمل من دائرة البحوث، وهي الجسم الذي يقوم بغربلة ثمار هذا الجهد العظيم، لم تعرف كيف تستغلها بالشكل المجدي المناسب.

ونسجل هنا على هامش أقوالنا، ذلك القلق الذي أبداه المسؤول عن دائرة التجميع في شعبة الاستخبارات العسكرية، بسبب تزايد مصاعب الدائرة في تجنيد جنود وموظفين الى صفوفه ممن يملكون المعرفة الكافية باللغة العربية (بروتوكول، صفحة 1572 فصاعدا). برأينا، يجب بذل جهود خاصة واعطاء المحفزات لجذب شباب مقتدرين الى هذه الخدمة الحيوية. فمعرفة لغة المخاطبة [العامية] العربية [بمستوى] لغة الأم، بين يهود دولة اسرائيل، ضرورية جدا ـ كما يبدو لنا ـ بل انها أمر مطلوب تحقيقه لملء النقص. والمفروض مضاعفة تعليم اللغة العربية في اطار الجيش للشباب ذوي المستوى الثقافي الرفيع المستعدين لأن يأخذوا على عاتقهم عبء هذا التعليم من خلال الاقتناع بأهميته.

الفصل الخامس عدم قيام شعبة الاستخبارات العسكرية باتخاذ الإجراءات 93. لقد كانت هناك فضيحة أخرى في مجال الامتناع عن استغلال الامكانيات للحصول على معلومات.

الحديث هو عن رفض الجنرال زعيرا الاستجابة الى طلب رئيس احدى الوحدات العسكرية التابعة اليه، في تجنيد 100 جندي في الاحتياط بهدف تعزيز نشاطات تلك الوحدة. لقد تم توجيه الطلب الى الجنرال زعيرا في بداية الأسبوع الأخير قبيل الحرب، وقدمه رئيس تلك الوحدة، الذي كان يساوره القلق ازاء الأخبار عن التدريبات المصرية والتشكيلات السورية المعززة (صفحة 1613 فصاعدا). حول التفسيرات لهذا الرفض توجد عدة تناقضات في الشهادات. قائد الوحدة المذكورة يدعي بأن الجنرال زعيرا قال له ان وظيفة الاستخبارات العسكرية هي الحفاظ على أعصاب الدولة وليس زعزعة المجتمع والاقتصاد، واضاف: «أنا لا أسمح لك بأن تفكر حتى في تجنيد ربع انسان، ربع جندي في الاحتياط (صفحة 1617)». لكن الجنرال زعيرا نفى بشدة انه قال هذا الكلام أو انه كان من الممكن أن يقوله، لأنه لا يعتقد بأن وظيفة شعبة الاستخبارات العسكرية هي الحفاظ على أعصاب الدولة (صفحة 4510). وقال ان جوابه لقائد تلك الوحدة كان قصيرا، وتلخص في القول انه لا يصادق على تجنيد رجال الاحتياط لأنه لا يرى ذلك ضروريا (صفحة 4510)، وفسر أمامنا انه في حالات توتر سابقة أيضا، لم يتم تجنيد احتياط اضافي وانه كان بالإمكان تحقيق نفس النتائج وفقا للقوى الحالية بواسطة الغاء العطل وزيادة ساعات العمل للجنود الذين خدموا في تلك الوحدة.

نحن مستعدون للافتراض بأن جواب الجنرال زعيرا كان كما قال في شهادته ومن دون أن نضيف اية كلمة مما قالها قائد الوحدة. ولكننا لم نقتنع بأن التجنيد المطلوب لرجال الاحتياط لم يكن ليحسن نشاط تلك الوحدة. ففي الظروف التي سادت في ذلك الأسبوع والتي اتسمت بالقلق، كما قال الجنرال زعيرا نفسه، كان من الضروري ان يستجيب لطلب قائد الوحدة لكي لا يضيع اية فرصة لتحسين نشاطها. ورفضه عمل ذلك يدل على تلك الثقة الزائدة في النفس بأن كل شيء سيتم بالتمام، وهو الأمر الذي تجلى في النهاية ضد منطق شعبة الاستخبارات العسكرية.

بالطبع، لم يكن ممكنا أن نعرف إذا ما كان التجاوب في القضيتين المذكورتين أعلاه، كان سيؤدي الى وصول شعبة الاستخبارات العسكرية الى القناعة بضرورة القيام بالتحذير الواضح [بأن حربا شاملة ستنشب ضد اسرائيل]، والتي من دونها لم يكن مستعدا لأن يتزحزح عن تقديراته المتفائلة حتى الساعات الأخيرة تماما. ولكن امكانية كهذه كانت قائمة وتوجه شعبة الاستخبارات العسكرية في القضيتين كان عديم الصحة وعديم المثابرة.

مصاعب في «استلال» المعلومات 94. ما زال علينا ان نشير الى نقص عضوي في عمل دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية يمس بنجاعتها: عدم القدرة على "استلال" أخبار قديمة في موضوع معين لكي يقارنها مع المعلومات الجارية. من النماذج على ذلك نذكر قضية كسر الصوم في رمضان، التي اعتمدت شعبة الاستخبارات العسكرية فيها على ذاكرة اثنين من ضباط دائرة البحوث (البند 82 آنفا)، والخبر ــــــــــــــــــ [شطب من الرقابة] (البند 81 آنفا)، وهي قضية كان من المفروض أن يتم «استلال» المعلومة بشأنها عندما وصل الخبر عن اخلاء عائلات الروس. لم نسمع ان هذا حصل. [ففي هذه الدائرة] توجد بطاقات يتم تدوين المعلومات القديمة عليها، ولكن إذا أخذنا بالاعتبار ان هناك كمية هائلة من الأخبار فإن هذه الطريقة ليست ناجعة بالشكل الكافي. ونفترض بأنه بالإمكان التوصل الى أساليب أكثر نجاعة في هذا الموضوع


http://group73historians.com/ref/138-الوثائق-الإسرائيلية-الحلقة-الرابعة-و-العشرون.html
 
عودة
أعلى