نص حوار جريدة الجمهورية مع فضيلة الشيخ نصر فريد واصل
---------------------
فضيلة الشيخ نصر فريد واصل المفتي الأسبق:
فتوي اللحيدان صحيحة.. وأطالب بمعاقبة من يحرفون فتاوي العلماء
أجهضوا مشروعي لاستثمار الزكاة.. حتي لا نقضي علي البطالة
محاربة الأزهر حرب علي الدين.. ويستحيل القضاء عليه
حوار: فريد إبراهيم
الحوار مع فضيلة الشيخ الدكتور نصر فريد واصل حوار مع أحد علماء مصر من الذين لهم مواقفهم الواضحة في قضايا مهمة من قضايانا طالما تجنبها الكثيرون إلا أنه كان مؤمنا بالقاعدة التي تقول إذا سئل المفتي فيما يعرف فعليه أن يجيب مهما كانت العواقب.
لذا كان حوار الجمهورية معه الذي بدأ بفتوي رئيس القضاء الأعلي السعودي الأخيرة وما يحال للأزهر ومشروعه حول استثمار الزكاة الذي أجهض في وقته وكان يمكن أن يحل قضية البطالة والفقر في عشر سنوات حسب قوله.
* كانت البداية بالفتوي التي أثارت الكثير من الجدل والتي نقلت عن الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلي والتي طالبت بقتل أصحاب الفضائيات التي تبث برامج غير لائقة فقلت له بما نعلق علي هذه الفتوي؟
** لابد أن أقف علي ما قاله الشيخ اللحيدان أولاً خاصة وأنه عالم معروف بعلمه وعطائه كما أنه رئيس مجلس القضاء الأعلي أي أنه قاض ولن يفتي إلا بعد أن يكون قد محص الفتوي كما أنني باعتباري من علماء الأزهر ومفتي سابق لا يجوز لي أن أعلق علي رأي عالم آخر إلا إذا وقفت علي كل ما قال.
* قلت إن نص الفتوي كما نقلت عنه في رده علي أحد مستمعي الإذاعة الذي سأله عن الموقف من ملاك الفضائيات التي تثير الفتنة عبر برامجها غير اللائقة فقال بالنص: إن من يدعو إلي الفتن إذا قدر علي منعه ولم يمتنع قد يحل قتله لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو العمل إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم بعد اخضاعهم للقضاء.
**إذن الرجل يتحدث عن القضاء والمحاكمة ويقول قد يحل قتلهم إي إنه يقصد أنه إذا ثبت علي ملاك الفضائية أو غيرهم إنهم مفسدون في الأرض من خلال قنوات قضائية وإجراءات تتمثل في نصحهم أولاً إلي آخر الخطوات الشرعية في زجر المفسد. ومحاولة إعادته إلي جادة الصواب فإن علي ولي الأمر أي القاضي هنا أن يعذره بعقوبة قد تصل إلي القتل وقد يحكم عليه إذا تبين له ذلك بأنه من المفسدين في الأرض ويحاكمه بعقوبات المفسدين.
* لكن بعض علماء الأزهر أفتي بأن الفتوي مغلوطة؟
** يا سيدي إن المشكلة التي يقع فيها البعض من العلماء إنهم يأخذون الكلام باعتباره أنه الصواب أي يأخذون كلام من يسألهم بأن ما يقوله حدث بالفعل بل إن بعض الإعلاميين قد يسأل العالم فيقول له ما رأيك فيمن يقول كذا وكذا دون تفصيل لما قال والحكم علي الشيء فرع من تصوره ومن يلاحظ أن في لجان الفتوي يبدأ العالم فتواه بقوله إن كان السؤال كما ورد فالإجابة كذا وكذا إلا أن الإعلامي لا يبرز سؤاله الذي سأله لأنه يريد إجابة معينة لكنه يبرز الرد فيظهر غرابة الإجابة ويصبح الكلام الصحيح أو الفتوي الصحيحة مستغربة بفتوي صحيحة أيضاً لكن السؤالين مختلفان ولم يطهرا في الحقيقة فالعلماء في فتوي اللحيدان فهموا مما وجه إليهم ومن المؤكد أنهم لم يطلعوا علي النص فهموا أنه يدعو الناس إلي قتل أصحاب القنوات التي تثير الفتن وهذا ما لا يقوله أحد من العلماء لذلك رفضوا الكلام واعتبروه غريباً ومغلوطاً لكنهم إذا عرفوا أن ذلك قد يحدث من خلال تحقيقات وقوانين وتحذيرات للفاعل وتأكد المحقق من أن الفاعل يسعي للافساد فعلاً هناك يدرك العالم أن الالتزام بالقانون لا أحد يعترض عليه وهو ما ظهر في كلام اللحيدان وكذلك في تفسيره لفتواه بعد ذلك كما قرأتها عليه حيث قال إن ذلك يتم بعد عرضهم علي القضاء لأن القاضي لا يخرج بسيفه ويقتل بل يصدر حكمه بناء علي دعوي ترفع من الجهات المختصة.
* ألا تضر مثل هذه الفتوي بالإسلام وبصورته لدي الآخرين وبإعتباره ديناً يحجر علي حرية الرأي؟
** أولاً الإسلام مسئول عن تنظيم الدنيا أي أن به قانوناً يجب علي الملتزم به أن يطبقه ومادام يتضمن في قانونه أن من يفسد في الأرض ويتسبب في افساد الناس له عقوبة معينة فليس لأحد أن يعترض علي ذلك مادام قد رضي بهذا الدين وأنا اسأل بدوري إن الذين يعتبرون أن تنفيذ الأحكام الشرعية بما يحمي أمن الوطن الذي يدين بالإسلام قد يضر بصورة الإسلام فلماذا لا تعتبر أوروبا والغرب أن الزواج المثلي أي زواج الشواذ يضر بصورة الغرب لدي الآخرين ولماذا لا يكون هناك احترام للقيم والمباديء لكل حضارة وقيم إن ديننا يأمرنا أن نحاسب من يفسد في الأرض بعقاب معين فما العيب إذا طبقنا أمر ديننا مادمنا نؤسس أحكامنا علي قاعدة صحيحة.. ولماذا تهاجم الآن القنوات التي تنشر الفكر الديني هجوما شرساً ولا يتكلم أحد فإذا ما هوجمت قنوات العري والفساد من خلال أحكام يتضمنها قانون ويعرفها الجميع أصبحت صورة الإسلام مشوهة كما يقولون ألا يعرف الجميع أن هناك تمويلاً مرصوداً من جهات خارجية لافساد المجتمعات الإسلامية وصرفها عن ثقافاتها والمتتبع لما يبث من مواد درامية يجدها تطبيقاً لما هو مطلوب في إطار أسماء براقة ومنظمات دولية لا نعرف لصالح من تعمل كذلك محاولات تشويه صورة الإسلام في الإعلام الغربي هي محاولات قائمة سواء صدرت فتوي هنا أو هناك أو لم يصدر.
* وبم تفسر فضيلتكم الحرص علي عملية تشويه صورة الإسلام هل هو الجهل بالحقيقة أم أنه تشويه متعمد؟
** إنهم يفعلون ذلك لأنهم يخافون قوة الإسلام لأن الإسلام هو السلام وانتشار الفكر الإسلامي معناه أنه سيحصر أصحاب الأغراض ويكشف زيفهم وكذبهم ودعايتهم الكاذبة التي تحاول أن تجعل من المسلمين أصحاب سيوف وقتل وهو ما يصل إلي الشعوب في الغرب من خلال إعلامهم أما المثقفون هناك فيعرفون حقيقة الإسلام ويعرفون أن قوة المسلمين في التمسك بدينهم فإذا حدث ذلك فشلت خططهم في السيطرة علي بلاد المسلمين ونهب ثرواتها لذا يحرصون أن يفرعوا الفهم للإسلام من جوهره حتي يظل شكلاً فقط فتظل شعوبه ضعيفة كما هو الحال وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم في قوله: توشك أن تتداعي عليكم الأمم كما تتداعي الأكلة علي قصعتها قالوا أمن قلة يومئذ يارسول الله قال إنكم إذن كثير لكنها كثرة غثاء السيل ولتنزعن مهابتكم من قلوب أعدائكم وليسلطن عليكم الله الوهن. قالوا وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت" ولا يحدث ذلك إلا إذا صار الإسلام شكلاً دون جوهر في قلوبنا فتضيع القدس ويتناحر رقاق السلاح في فلسطين بما يبث بينهم من مؤامرات رغم أن المجنون وليس العاقل يعرف أن الصواب هو الوحدة أما العدو الغاشم حتي لا يلتهم الجميع فرادي وكلنا يعلم لكننا لا نفعل لأن الوهن سيطر علينا فنري الموت قادماً والعدو يدير لنا ولا نفعل شيئاً ونرضي ونسكت لمن يدعو إلي فصل الدين عن الدولة ونحن نعلم أن الفصل يعني الفساد والفقر والاحتكار والضعف وهو أمر واضح أمامنا جلياً.
* ألا تري أن التفاوت الطبقي الكبير علامة من علامات الالتزام الشكلي بالإسلام دون الجوهر؟
** نعم إن التفاوت الطبقي في بلد مسلم يعيش فيه من لا يجد وسيلة لانفاق أمواله ويسرف اسرافاً شديداً وبجواره من لا يجد علاجه أو طعامه أو ملابسه وقد يموت جوعاً ولو كان الإسلام شكلاً وجوهراً وقولاً وعملاً لما وجدنا جائعاً أو عرياناً فحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي. فأين تداعي الجسد وأحدنا في قمة الثراء والآخر في الحضيض فالإسلام مطبق في الجانب المظهري وليس الجانب التشريعي والقانوني وبالتالي الجانب التعليمي وجانب الإعداد غير مطبق حتي اللغة العربية تعامل كما يعامل الإسلام بإهمال وعدم اعتناء لذلك فإنها في الجانب التطبيقي يبدوا عوارها وضعفها.
* ماذا تقترح من تعامل مع من يحرفون كلام العلماء ويثيرون بذلك بلبلة لدي الناس ويشوهون علم العلماء؟
** للأسف فإن كل ما يتعلق بالدين لا يهتم به أحد أما إذا كان الكلام في حق مسئول ولو بسيطاً قامت الدنيا ولم تقعد وعوقب المتحدث إذا ثبت خطأه أما الكلام في حق الله ودينه فلا يعيره أحد اهتماماً حتي ولو أفسد علي الناس حياتهم ودينهم رغم أنه يجب أن يعامل المتحدث بتحريف قاصد نفس معاملة من يفشي أسراراً عسكرية لأنه يضر بأمن الوطن والمواطن لذا أطالب بتشريع خاص يحمي العلماء من تحريف غير العلماء أو من يأخذون عنهم فإذا عرف المحرف أو المجتزيء أن عقابا ينتظره لم يكتب إلا الصدق ولم يكتب إلا ما هو متأكد منه لأن كلمة واحدة قد توقع حرباً وفتنا والله تعالي يقول: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".
* يبدو أنكم مؤمنون بنظرية المؤامرة؟
** لا أقول مؤامرة أو غيرها وإنما وضع السم في الدسم أو العسل للمسلمين واضح وضوح الشمس ونحن نواجه حرباً ثقافياً يلاحظها أبسط الناس ثقافة هدفها إضعافنا والسيطرة علينا وإذا بتنا في ثقافة وحضارة أخري حتي ينتهي الإسلام في النهاية لأنهم يعرفون أن الإسلام هو سر قوة المسلمين وإلا لماذا زرعوا الصهيونية في بلادنا ويمدونهم بكل قوة وعون ومساعدة جهارا نهارا ولم نجد العرب رغم سلامة موقفهم يحصلون علي قرار في مجلس الأمن ضد أعمال الإبادة الإسرائيلية لشعوبنا إلا ارتفع في وجهه القرار الفيتو الأمريكي.
* هل ترون أن هناك احتراماً للإعلام بحيث يبث مواد في إطار الغزو الثقافي؟
** إنني أري ذلك وأبعد من ذلك فعندما يبث الإعلام مادة درامية يحرص فيها علي إظهار العلاقة الجنسية بين الشباب بإعتبارها عملا عادياً وليس خطراً ويظهر الزواج العرفي بإعتباره عملاً عادياً ويحرض البطل الذي يحبه الشباب ويقلدونه علي التدخين أو تناول الشيشة وكذلك البطلات رغم أن الدنيا كلها تعرف خطورة التدخين وفتاوي العلماء تحرمه وقد أفتيت بحرمته بعد دراسة واسعة عرفت فيها مدي ما تصرفه شركات التدخين علي الدعاية ومدي ما تخسره الدولة من أموال علي الصحة وعلاج الأمراض الناتجة عن التدخين ومع ذلك فالشركات مازالت تحقق المكاسب وتستغل أبطال الدراما في ترويج سمومهم.
* أفتي البعض بعدم جواز استثمار أموال الزكاة لصالح الفقراء وكان لكم مشروعاً لاستثمار أموال الزكاة؟
** الذين أفتوا بذلك لم يفهموا المشروع الذي قدمته فالمشروع كان عبارة عن وقف أموال الزكاة لصالح الفقراء في صورة مشروعات أي أننا بدلاً من أن نسلم أموال الزكاة نقوداً للفقير نسلمه له مشروعاً لا يملكه ولا يملكه المزكي ولا تملكه الدولة وإنما عبارة عن وقف والعلماء يفتون بجواز اعطاء مال زكاة فرد غني لفقير واحد لدرجة الأغنياء فلماذا عندما نفتي باستثمارها لصالح الفقراء أي اعطائها لهم مشاريع يهاجمون ذلك إننا قلنا الكلام منذ سنوات لو طبق لكنا تخلصنا الآن من البطالة والفقر لكنني ألاحظ تطبيق جزئيات صغيرة من المشروع مثل شراء بقرة لفقير أو كشكا أو مصنعاً صغيراً أي أنه بدأ يظهر للنور في جزئيات وقد تحدث القرضاوي في هذا الأمر وطالب بما أطالبه منذ سنوات وكانت أموال الزكاة في ذلك الوقت 5 مليارات زكاة مال والآن تصل إلي 30 ملياراً ومع ذلك لا تتحرك وفقرنا يزداد وبطالتنا تزداد لأن هناك أيداً لا تريد لنا أن تحل مشاكلنا.
* قالوا إن الأزهر مفرخة للإرهاب ويحاضرونه بهدف القضاء عليه تري كيف نتصور مصر والعالم الإسلامي دون الأزهر؟
** محاربة الأزهر محاربة للدين والدين سيحميه الله إلي يوم القيامة وستظل مصر مهما حدث هي القوة والمنعة ما وعدنا الرسول وأخبرنا بقوة "فهم خير أجناد الأرض وهم في رباط إلي يوم القيامة فقد يتراجع الأزهر قليلاً أمام الحرب لكنه لن ينتهي".
http://www.algomhuria.net.eg/algomhuria/today/deen/detail01.asp