وزير خارجية فرنسا: باريس تقف مع المملكة من أجل استعادة استقرار اليمن ووحدته
فابيوس ل«الرياض»: القيود على الأنشطة الإيرانية الحسّاسة يجب أن تبقى حتى لو رفعها مجلس الأمن
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس
حوار - أيمن الحماد
اعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس التوصل إلى اتفاقٍ إطاري مع إيران تقدم، إلا أنه لا يزال أمامم المفاوضين الكثير من العمل. وأضاف في حوار مطول مع «الرياض» أنه يجب أن تكون منطقة الخليج خالية من الأسلحة النووية، وأن العقوبات سترفع عن إيران شريطة تنفيذها لالتزاماتها، وأنه أصر خلال المفاوضات على أن ترفع العقوبات بصورة تدريجية، وقابلة للرجوع عنها في حال انتهاك إيران للاتفاق.
وفي شأن اليمن قال فابيوس الذي يزور الرياض إن بلاده تقف إلى جانب شركائها في المنطقة من أجل استعادة استقرار اليمن ووحدته.
وفي الشأن السوري أشار الوزير الفرنسي إلى أن لا سبيل إلى الحل في سورية، إلا بعملية الانتقال السياسي الشاملة، التي تجمع عناصر من النظام، بدون بشّار الأسد، من جهة، والمعارضة المعتدلة من الجهة الأخرى.
من جانبه عبر فابيوس الذي يدير ملف التنمية الخارجية، رغبة بلاده أن تصبح أول من يشيد مفاعلاً نووياً في المملكة، معتبراً أن العلاقات التجارية بين البلدين لا ترقى إلى المستوى المأمول. فإلى نص الحوار:
* معالي الوزير لوران فابيوس، تأتي زيارتكم إلى المملكة في فترة حرجة، فما هي طبيعة زيارتكم ومن هي الشخصيات التي ستلتقونها؟
- ستؤكد زيارتي للمسؤولين السعوديين شراكتنا وصداقتنا، وسيشرفني أن أجري لقاءات مع جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز، وسمو ولي ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف بن عبد العزيز، ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز. وسأجري بالطبع لقاء مطولاً مع نظيري وصديقي سمو الأمير سعود الفيصل الذي أقيم اتصالا دائما به.
عملية الانتقال السياسي في سورية ستضم وجوهاً من «النظام»
وسيتم تناول جميع القضايا الإقليمية من إيران إلى اليمن، مروراً بسورية وفلسطين والعراق ومحاربة الإرهاب، بروح الثقة التي تتسم بها علاقتنا.
كما أن زيارتي إلى الرياض ترمي إلى تعزيز شراكتنا الاقتصادية، إذ اتفق فخامة الرئيس فرانسوا هولاند وجلالة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إبّان زيارة الدولة إلى الرياض قبل عام ونيّف، أن أتولى شؤون هذه الشراكة تحديداً. كما كانت زيارة جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز في سبتمبر الماضي فرصة للتذكير بأهمية هذه الشراكة. وإنني أسعى إلى تجسيد الشراكة الاقتصادية عبر المبادرات والاستثمارات المفيدة لبلدينا، وسأتناول هذه المسألة مع جميع المحاورين الذين سألتقي بهم، ولا سيّما سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الذي يترأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وبالطبع معالي وزير المالية إبراهيم بن عبد العزيز العساف. كما سأجري محادثات مع رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة معالي الدكتور هاشم بن عبد الله يماني، سنتناول في خلالها التعاون في مجال الطاقة النووية للأغراض المدنية التي بإمكان فرنسا أن تقدم فيه خبرتها المعروفة في المملكة العربية السعودية.
وأخيراً وكما تعلمون، تستضيف فرنسا الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ الذي سأترأسه في نهاية هذا العام، لذا سألتقي معالي وزير البترول علي النعيمي، ونائب وزير البترول سمو الأمير عبد العزيز بن سلمان، والمفاوض السعودي من أجل تحضير هذا اللقاء الحاسم لمستقبل كوكبنا.
فرنسا تطمح لتشييد أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في المملكة
* تأتي زيارتكم بعد الاتفاق المرحلي بشأن الملف النووي الإيراني، فهل تعتقدون أن هذا الاتفاق، الذي لم يوقّع بعد، مطَمْئن لسكان بلدان الخليج والسعوديين بوجه خاص؟
- أدرك مخاوف سكان بلدان المنطقة وقادتهم، والجميع يعرف تشدّدي في هذا الملف، ففرنسا ترغب في إبرام اتفاق ولكن عليه أن يكون اتفاقاً متيناً وتنفيذه قابلا للتحقّق، وأن يمنع انتشار السلاح النووي ويضمن أمن المنطقة.
نعول على المملكة للتوصل إلى اتفاق عالمي بشأن التغيير المناخي
لقد تم التوصل إلى اتفاق مرحلي في الأسبوع الماضي في لوزان، وهذا تقدم، ويجب الآن السعي إلى التوصل إلى اتفاق شامل بحلول 30 يونيو، غير أنه لا يزال أمامنا الكثير من العمل. يجب أن تكون منطقة الخليج خالية من الأسلحة النووية، وسترفع العقوبات عن إيران شريطة تنفيذ إيران لالتزاماتها، وقد أصررت على أن ترفع العقوبات بصورة تدريجية، وقابلة للرجوع عنها في حال انتهاك إيران للاتفاق.
* أعلنتم عبر محطة الإذاعة الفرنسية "أوروب 1" أن "رفع العقوبات يبقى مسألة بالغة التعقيد"، مما يثير العديد من التساؤلات بشأن الاتفاق مع إيران فيما يخص فائض اليورانيوم المخصّب، والمخزون الحالي المخصّب بنسبة (20%)، ونظام التحقّق من تنفيذ الاتفاق. فهل بإمكانكم إفادتنا بتفاصيل عن هذا الموضوع؟
- إن مسألة رفع العقوبات هي مسألة حسّاسة فعلاً، فإيران ترغب في رفع جميع العقوبات فوراً ونهائياً، بينما يختلف موقف فرنسا إذ أننا سجّلنا مبدأين في إطار الاتفاق المرحلي، أولهما أن رفع العقوبات يجب أن يتم مقابل تنفيذ إيران لجميع التزاماتها بموجب الاتفاق، على أن تتحقّق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ذلك؛ وثانيهما أنه يجب أن يكون رفع العقوبات قابلا للرجوع عنه، إذ علينا أن نكون قادرين على إعادة فرض العقوبات في حال إخلال إيران بالاتفاق. ومن جهة أخرى، حتى لو رُفعت عقوبات مجلس الأمن، يجب أن تبقى القيود على الممتلكات والأنشطة الحسّاسة سارية المفعول إلى حين استعادة الثقة.
قطعت إيران التزامات مهمّة أخرى في لوزان، فقد تعهدت بتحويل كل مخزونها الباقي من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20 في المائة وتقليص مخزونها من اليورانيوم القليل التخصيب إلى الحد الأدنى، مما يعني أنه لن يكون بحوزة إيران المخزون المطلوب من المواد القابلة لإعادة التخصيب سريعا إلى النسب العسكرية طيلة مدة الاتفاق. كما تعهدت إيران بتنفيذ الصكوك الدولية للتحقّق وتطبيق تدابير إضافية فيما يخص الوضوح، لتمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الحصول على الوسائل الضرورية لإجراء التحقيقات في المواقع المشبوهة.
* فيما يخص التعاون مع المملكة بشأن عملية "عاصفة الحزم"، ما هو الدعم الذي قدّمته فرنسا لقوات التحالف العربي المشترك ضد المتمردين الحوثيين؟
- بعدما احتل الحوثيون صنعاء وقاموا بحلّ البرلمان، حاولوا خلع الرئيس عبد ربه منصور هادي والسيطرة على عدن بالقوة العسكرية. وطلب الرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي التدخل العاجل من أجل صون سيادة اليمن وسلامة أراضيه، وهو ما قام به التحالف وفقا للقانون الدولي. وتقف فرنسا إلى جانب شركائها في المنطقة من أجل استعادة استقرار اليمن ووحدته.
* تم إبرام اتفاقات في العديد من المجالات وخصوصاً في مجال الدفاع، إبّان زيارة جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى فرنسا في سبتمبر الماضي، فهل تعتقدون أنه سيجري التوقيع قريباً على اتفاقات لبناء القدرات العسكرية السعودية من خلال التجهيزات والأسلحة الفرنسية ؟
- ثمة تقاليد تعاون عريقة ومتأصلة بين بلدينا في هذا المجال، وهنالك مشاريع أنجزت وغيرها ما زالت قيد التفاوض. واحتياجات المملكة العربية السعودية كبيرة من جهة، والخبرة الفرنسية وجودة المنتجات الفرنسية معترف بها في السعودية من الجهة الأخرى، لذا فإنني متفائل.
* إن الوضع في سورية مضطرب وشائك، والحلول السياسية والعسكرية لا تؤتي ثمارها، وتنظيم "داعش" أصبح على أعتاب دمشق، فإلى أين تتجه الأزمة السورية التي تدخل عامها الخامس؟ وما هي رؤية فرنسا بشأن هذا الملف العالق؟
- بعد مرور أربعة أعوام على الصراع المأساوي الذي أدّى إلى مقتل أكثر من مائتين وعشرين ألف شخص، ولجوء الملايين، لا سبيل إلى الحل في سورية إلا بعملية الانتقال السياسي، وإن لم تأت المحاولات التي تصب في هذا الاتجاه ثمارها حتى الآن.
يحاول النظام إقناعنا بأنه قادر على كسب المعركة عسكرياً، وأنه يمثل السد المنيع ضد تنظيم "داعش"، بيد أن النظام بات ضعيفاً في الواقع ولا يسيطر إلا على جزء صغير من الأراضي السورية. وعلى فرنسا والمملكة العربية السعودية أن تؤديا دروهما من أجل توحيد المعارضة المعتدلة.
لا يمكن أن يكون بشّار الأسد مستقبل سورية، إذ إن ذلك يعني توفير الأرضية الخصبة للتطرف وازدهار تنظيم "داعش". إن عملية الانتقال السياسي الشاملة التي تجمع عناصر من النظام، بدون بشّار الأسد، من جهة، والمعارضة المعتدلة من الجهة الأخرى، هي وحدها الكفيلة بوضع حد للصراع وتقهقر التطرف بصورة دائمة. وعلى عملية الانتقال السياسي هذه أن تصون المؤسسات السورية، وخصوصا الجيش، بغية منع انهيار الدولة وضمان الحقوق لجميع الجماعات والأفراد.
* هل تعتقدون أن فرنسا تحقّق أهدافها عبر مشاركتها في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"؟ ولماذا تمد باريس قوات البشمركة بالأسلحة لمحاربة تنظيم "داعش" ولا تزود الحكومة العراقية ولا الجيش العراقي بهذه الأسلحة؟
- إن هدف فرنسا والتحالف الدولي واضح، ويتمثل في دحر تنظيم "داعش" ومنعه من أن يكون موطنا دائما للإرهاب الدولي.
وفرنسا تساهم مساهمة كاملة في الضربات الجوية التي تستهدف مواقع "التنظيم" في العراق، بناء على طلب السلطات العراقية. وقد أتاحت الضربات فرض الاستقرار في خطوط المواجهة في العراق وسورية. وبدأ تنظيم داعش ينسحب - كما ظهر من الانتصار الحديث العهد في تكريت - فقد خسر التنظيم آلاف الرجال والعتاد.
غير أن الضربات الجوية ليست كافية ويجب على القوات المحلية محاربة التنظيم، لذا كانت فرنسا في طليعة الدول الأجنبية التي زوّدت قوات "البشمركة" بالتجهيزات، بموافقة السلطات العراقية، ثم قامت بتزويد قوات الأمن العراقية بها بعد تولي رئيس الوزراء حيدر العبادي منصبه. كما تشارك فرنسا في إطار التحالف في بناء القدرات لدى هذه القوات المحلية عبر برامج التدريب وإسداء المشورة.
وفضلا عن الإستراتيجية العسكرية، تمر محاربة تنظيم داعش عبر التسوية السياسة للأزمات، لذا تدافع فرنسا عن سياسة المصالحة الوطنية التي ينتهجها رئيس الوزراء العراقي، والتي يجب توسيع نطاقها.
* تدعو فرنسا إلى حماية مسيحيي الشرق في حين يعتدي تنظيم داعش على المسلمين في المقام الأول، فلماذا يجب الدفاع عن المسيحيين أولا؟
- المسلمون هم أول المتضرّرين من الجرائم الوحشية التي يرتكبها تنظيم داعش، فهؤلاء الإرهابيون يدّعون أنهم يتصرفون باسم الإسلام لكنهم يقتلون المؤمنين ويدّمرون المساجد. عندما تنخرط فرنسا عسكرياً في محاربة الجهاد الإرهابي في العراق وفي منطقة الساحل أو غيرها، فهي في الواقع تدافع عن المسلمين في المقام الأول.
ويستهدف أيضا تنظيم داعش بعض الجماعات التي تجسّد التنوع الذي يعود إلى آلاف السنين والذي يرغب الإرهابيون في سحقه. إن مسيحيي الشرق وأيضا اليزيديين والتركمان والأكراد والشبك مهدّدون جميعا. والخطر الكامن هو انقراض تنوع الثقافات في الشرق الأوسط، ولا يجوز للمجتمع الدولي أن يقبل بذلك. لذا اتخذت فرنسا المبادرة لعقد اجتماع لمجلس الأمن لبحث مسألة جميع الأقليات الملاحقة في الشرق الأوسط - وليس المسيحيين فقط - الذي ترأسته في 27 مارس الماضي. وسنواصل جهودنا بالتنسيق مع حكومات المنطقة من أجل المساعدة في محاربة تنظيم داعش وصون ما يكوّن ثراء الشرق الأوسط.
* ترغب فرنسا في أن تؤدي دورا فاعلا في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، إذ إنكم تعتزمون العمل على مشروع قرار في مجلس الأمن لاستئناف عملية السلام، فما الذي تعتزمون القيام به للتوصل إلى اتفاق بين مختلف الشركاء؟
- حل الدولتين هو الحل الوحيد الذي من شأنه تلبية تطلعات الطرفين، فللفلسطينيين الحق في دولة ديمقراطية وقابلة للحياة وذات سيادة وتعيش بسلام إلى جانب إسرائيل. غير أن هذا الحل مُهدد حاليا بسبب توسّع الاستيطان، وانعدام الأفق السياسي، والوضع غير المحتمل في غزة بعد مأساة الصيف الماضي.
نحن مقتنعون بأنه يجب تطوير المنهجية ونرى أنه من الضروري أولا تحديد معايير تفاوض ذات مصداقية من أجل تفادي العودة إلى نقطة الصفر بعد عقود من المفاوضات، وثانيا وضع جدول زمني للمفاوضات. وعلى مجلس الأمن الدولي أن يضطلع بهذا الدور وإننا نعمل على ذلك. بالإضافة إلى هذا الإطار، يتحمل المجتمع الدولي الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي مسؤولية مواكبة الطرفين حتى إبرام هذا الاتفاق. وهذا هو مغزى مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية والتي ينبغي أن تبقى ركنا أساسيا من أركان هذا الجهد الجماعي الذي نصبو إليه.
* تعمد باريس إلى إجراء مفاوضات معقدة للتوصل إلى اتفاق بشأن المناخ في أثناء المؤتمر الذي ستستضيفه فرنسا في نهاية شهر ديسمبر، أي دور يمكن أن تؤديه المملكة في هذا الإطار؟
- أعرف بأن المملكة العربية السعودية تشاطرنا القناعة بأن التوصل إلى اتفاق عالمي وطموح في باريس هو أمر ممكن. وإننا نعوّل كثيرا على أصدقائنا السعوديين لتحقيق ذلك، أولاً حتى تكون مساهمتها الوطنية على مستوى تحديات مؤتمر القمة، وثانياً حتى تقوم المملكة بتعبئة البلدان القريبة منها في مواقفها وأعني خصوصا البلدان الأخرى المنتجة للنفط من أجل بناء أوسع توافق دولي ممكن. للمملكة العربية السعودية وزنها في المفاوضات ومن شأنها أن تمثّل قوة دفع إيجابية من خلال إقامة الصلات بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية.
* ترغب المملكة وفرنسا في تطوير تعاونهما في مجال الطاقة النووية المدنية، وإذ وقّعت المملكة حديثا اتفاقا مع كوريا، لماذا يبدو بأن الاتفاق بين الطرفين الفرنسي والسعودي بعيداً حتى الآن؟
- كانت فرنسا أول بلد يوقع اتفاقاً ثنائياً مع المملكة في عام 2011 بشأن استخدام الطاقة النووية للأغراض المدنية. وإننا نقوم بتعاون كثيف منذ التصديق على هذا الاتفاق، سواء مع السلطات السعودية بفضل إنشاء اللجنة النووية المشتركة التي عقدت اجتماعها الثاني حديثا أو مع الصناعات السعودية التي من شأنها أن تساهم في برنامج إنشاء المفاعلات. وتشمل هذه الأنشطة جميع الميادين بدءاً بالإطار التنظيمي ومروراً بالتدريب واستقبال المتدربين في فرنسا وانتهاء بإدارة النفايات النووية.
إن الطاقة مجال من مجالات التعاون التاريخية بين فرنسا والمملكة وإننا نرغب في توسيع نطاق هذا التعاون ليشمل الطاقات النووية والمتجددة، دون نسيان كفاءة الطاقة. تملك فرنسا خبرة عمرها أكثر من 40 عاماً في المجال النووي إذ إنها تملك (58) مفاعلاً قيد التشغيل، وهذا ما يجعل من مجموعة او دي إيف (EDF) أول مشغل في العالم. وإننا نودّ أن نشارك هذه الخبرة وأن نصبح شريكاً للمملكة العربية السعودية من أجل بناء أول مفاعل للطاقة وفقاً لأفضل المعايير الدولية من حيث الأمن والسلامة، ولمواكبة المملكة في الأمد البعيد في تنفيذ برنامجها النووي المدني.
* أنتم لا تضطلعون بمسؤولية الشؤون الخارجية فحسب بل بالتنمية الدولية أيضا، فهل يمكنكم أن تحدّدوا لنا ما هي أولوياتكم مع المملكة العربية السعودية؟
- تتمثّل أولوية فرنسا مع المملكة العربية السعودية في توطيد شراكتنا بغية تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدينا اللذين يتكامل اقتصادهما.
كان عام 2014 عاماً قياسياً جديداً لمبادلاتنا الثنائية المدنية التي تجاوزت وهي أول مرة عتبة العشرة مليارات يورو. ومع ذلك، فإنّ حجم صادراتنا المدنية، الذي يبلغ ثلاثة مليارات يورو، لا يرقى إلى مستوى علاقتنا - حتى لو أضفنا إليه ما نصدّره من معدّات عسكرية وخدمات. وتنشط الشركات الفرنسية في قطاعات الاقتصاد السعودي الأساسية، أي: المياه، والصحة، والنقل، والأغذية الزراعية، والخدمات المصرفية والتأمين، والسياحة والتوزيع الواسع النطاق؛ بالإضافة إلى قطاع الطاقة، إذ توفر شركة غاز فرنسا-سويز (GDF-Suez) 10% من توليد الطاقة في المملكة، وقطاع البتروكيماويات الذي يشمل شراكة بين شركتي توتال وأرامكو السعودية في مشروع (ساتورب)، الذي يعتبر أحد أكبر المصافي في العالم. وعلى مدى العامين الماضيين، حازت الشركات الفرنسية عقود عديدة، وهو ما يدّل على ثقة متخذي القرارات السعوديين في تميّز التكنولوجيا الفرنسية وقدرتها العالية على التنافس. وأودّ أن أذكّر ببعض المشاريع البارزة في هذا الصدد، مثل تنفيذ هيئة النقل في باريس (RATP) - التي تدير شبكة المترو في باريس- مشروع شبكة الحافلات في الرياض بالشراكة مع المجموعة السعودية للنقل الجماعي (سابتكو)، وتكليف شركة (ألستوم) بإنشاء ثلاثة خطوط من خطوط مترو الرياض الستة. وفرنسا هي ثالث أكبر مستثمر في المملكة العربية السعودية بأسهم تبلغ 15،5 مليار دولار. وتنشط ثمانون شركة فرنسية في المملكة، وتوظف هذه الشركات أكثر من (27 ألف) شخص، منهم ( 10 آلاف) سعودي – وهي نسبة توظيف محلية تفوق المعدل بكثير. وقد أنشأ عدد كبير من هذه الشركات فروعاً في المملكة، وهي تنشط فيها منذ عقود عدة وتواصل الاستثمار الطويل الأجل، ليس فقط بغية تنمية قدراتها الخاصة بل لتنمية مهارات شركائها السعوديين أيضاَ.
أمنية الرئيس الفرنسي - وأعلم، أنّها أمنية السلطات السعودية أيضاً – هي أن تتطور شراكتنا في المجالات كافة، وهو الأمر الذي ستساهم زيارتي في تحقيقه