الوهم في عاصفة الحزم !
امين قنان
لقد تم الذهاب إلى قرار الضربات الجوية ضد مليشيات الحوثي وقوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح في اليمن في سياق تصور سطحي لتلك للمهمة .. فمجموعة التدخل العربي تحت قيادة المملكة العربية السعوديه وبمسمى عاصفة الحزم اختارت ترابطا افتراضياً للجهاز العصبي للقوات المستهدفة بالتدخل وتخيلت وصفا تشريحيا للايلام فيها يتناغم مع مقاربة قصف فايلام فاستسلام .. وهي مقاربة احتسبت مضي الوقت عنصرا يضغط على مراكز الإحساس المركزية للتشكيلات العسكرية المستهدفة بالعاصمة وهنا بدأت بذرة الخلل التي أوقعت عاصفة الحزم في الوهم ..
فالجيش اليمني معتاد على العيش بطريقة جرثومية تتعايش مع التضاريس وتعتاش على محيطها فهو يعيش في شبه استقلال تمويني ولوجيستي ويحيا دون شبكة اتصالات حاكمة وفي وضع يشبه اللامركزية التوجيهية و العملياتية وبتعبير دقيق نكتشف انه يعيش دون جهاز عصبي حاكم ..
الحقيقة أن عاصفة الحزم على الرغم من حمم النار التي تزندها آلاف 15 على امتداد رقعة بنك الاهداف التي تستهدفها تلك الطائرات إلا أن جزء كبير من بهرجها هو مجرد جرافيك في استوديوهات قناة العربية الحدث حيث ان السوق الإعلامي المقام في تلك القناة من تحليلات وتهليلات وتاويلات انتصارات مسلوقة تغدو أشبه ما تكون بعشاء عمل يرمز إلى إنجازات استباقية مقامة على مجسم اكروباتي للمشروع المرتقب .. وهذا التوصيف يقودنا إلى إعادة استكشاف الحاسة الذهنية التي لابست صناع العاصفة وهم يصيغون تقديراتهم الطموحة لمآلات العملية حتى قبل أن تقطع شوطاً عملاتيا يوفر إمكانيات بناء التقدير السليم للنتائج .. ونحن على الأقل نستطيع الآن أن نضع اصابعنا على رزمة أوهام ظاهرة تترجم نفسها في جبهة السيطرة العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية .. حيث وقعت العاصفة في الوهم حين جعلت عدن قبلة للغزاة دون أن تنشأ فيها مقومات مدينة صامدة فالمدينة المحاصرة الفارغة من الديزل والغاز والدقيق والمرتبات يستحيل أن تنحصر مهمتها في الدفاع فقط لأنها حينها ستدافع عن الموت ولاشيء غير الموت وستبدوا مطالبة بفك الحصار كمهمة اضافية على مهمة الدفاع التي بالكاد تتقنها ..
كما وقعت في الوهم حين قلبت أولوياتها وبدأت تتحدث عن تشكيل جيش مقاوم بعد ان أصبحت ملامح هذا المشروع تعيش كنتوءات بين مربعات جغرافية صلبة تسيطر عليها قوات الحرس الجمهوري وقعت في الوهم حين تاهت في تحديد خطوط عريضة تقع داخلها ملامح هذا الجيش الذي تريده من القبائل الموالية في الشمال تارة ومن اللجان الشعبية والمسرحين الجنوبيين تارة أخرى او خليط بين هذا وذاك في أغرب تركيبة عسكرية تتنازعها أولوياتها التي تسبق أولويات التحالف العربي المرجوة من عملية التدخل بالقصف ..
وقعت في الوهم باصرارها العجيب على درك المقتضيات التفصيلية للحرب من خلال بوابة الشرعية ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي ولو ترتب عن هذا الإصرار أن تصدر توجيهات الجبهة في قطيعة صارخة بين الرئيس والمقاومين بسبب الفقر في الاليات الشعبوية التي تصنع الطاعة للتوجيهات الصادرة من الرئيس الشرعي وهو ما أدى إلى عزوف المملكة فتح قنوات اتصال مع السواعد التي تقاتل على الارض ومنعها من العمل على فتح منافذ إمداد تصل مقدرات الدول المنخرطة في التدخل باحتياجات المقاومين من سلاح وعتاد وتموين حتى تتجنب المملكة صناعة مشروع مقاوم في الجنوب قد يشب عن الطوق ويصبح أكبر من قدرات يمن يصنع تحت القصف ويهيئ لحقبة جديدة يقودها منصور هادي ..
وقعت في الوهم في تقييمها المتساهل جبهة أبين وآثار اندفاع قوات لواء المجد في تلك الجبهة على قطع الإمدادات العسكرية اللوجيستية المفترضة بين محافظات شبوة وحضرموت وأبين وبين العاصمة المؤقتة عدن وما يمكن أن يشكله هذا الاندفاع من مخاطر التفاف على الجبهات الصامدة بلحج وردفان والضالع أو بافراغ تلك الجبهات من مضمونها باحتلال عدن من جهة الشرق ..
وقعت في الوهم حين تناست العقلية الانتحارية التي تعشعش في رأس الرئيس السابق وبما يقتضيه ذلك من إمكانيات إبداء عدم المرونة مع ارتدادات وقع العاصفة عليه وعلى معنوياته وعلى تصرفه في جبهة الانقضاض على مدينة عدن ..
العاصفة وقعت في الوهم وهو وقوع يدفع إلى سورنة الأزمة اليمنية مالم تتعافى الخطط أو يرمي احد الفريقين بالمنشفة خلال الأيام القليلة القادمة ،
اقرأ المزيد من
عدن الغد | الوهم في عاصفة الحزم ! http://adenalghad.net/news/157246/#.VSAMprrt2ko#ixzz3WMEcpOV6