لقد نجح الحوثيون في إيقاف غارات التحالف، ويسعون الآن لخلق واقع جديد على الأرض. وهذا ما قاله أحد أعضاء وفد المليشات "جئنا إلى الكويت لإيقاف طائرات التحالف حتى من التحليق".
يستطيعون الآن إخراج شحنات الأسلحة، والتي توازي ما دمره طيران التحالف، بعد تخزينه في معسكر العمالقة منذ بدء عاصفة الحزم. بعد ضمان توقف الغارات، انتهت مسرحية حياد العمالقة، وتم اقتحامه أخيرا بخمسة "شاصات".
لقد سقط التحالف في فخ الحياد، وظل معسكر العمالقة مخزنا استراتيجيا لمختلف الأسلحة. منذ أشهر ونحن نسمع عن حصار المعسكر مع كل جولة محادثات، ثم ما تلبث هذه الحكايات أن تخبو. إنه الوقت المناسب للحديث عن اقتحامه، ونقل الأسلحة المركومة، حيث لا طائرات ولا هم يحزنون.
يحكي أحد منتسبي اللواء لصديق، عن حجم الأسلحة المتروسة داخل المعسكر فيقول إنها كافية لاقتحام مأرب، الجوف وتعز. هذه الأسلحة ستنقل إلى جبهات القتال، حيث يعول عليها تحقيق اختراقات كبيرة في مواقع المقاومة، وبالتالي فرض واقع تفاوض جديد.
لا عمالقة في الجيش السلالي، بعد أن تحولوا إلا مليشيا نزولا عند رغبة الطائفة والجغرافيا. لقد انتهى زمن العمالقة مع التآمر على اللواء 310 من قبل الجميع. لم يتبق عمالقة سوى الأحرار الذين شكلوا نواة الجيش الوطني في تعز ومأرب وسواهما. إنه زمن الأقزام، زمن الصغار جدا. لو كانوا عمالقة فعلا لما تُركوا لشأنهم ليلة واحدة؛ ولأجمعت المليشيات كيدها عليه قبل التوجه صوب الجنوب. لقد وجدوا في زمن العمالقة، لكنهم أقزاما، وسيظلون.
كان بإمكان وزير الخارجية "المخلافي" تعليق المشاورات استنادا لخروقات المليشيات في تعز، وقصف المدنيين، وفي جبهات أخرى كذلك. من غير اللائق التحجُّج بلواء العمالقة لتعليق المحادثات، وبالتالي تأكيد رواية المليشيات فيما يتعلق باللواء. هناك أسباب كافية لتعليق المحادثات، بل ونسفها في حين تمارس المليشيات أقبح الانتهاكات وتُفجر المنازل ودور الفنون.
ما ينبغي الآن فعله هو الانسحاب نهائيا من المفاوضات، وممارسة أشد الضغوط، لا سيما والوفد الحكومي يملك قرارا أمميا صريحا لا لبس فيه. لقد أثمر تهرب الانقلابيين عن المحادثات إيقاف الغارات، رغم أنه لم تكُف آلتهم العسكرية يوما عن مواقع المقاومة والأحياء السكنية، فيما يتحدثون بصفاقة عن الهدنة، والتي يقصدون فيها مقاتلات التحالف. إنه الوقت الأنسب للوفد الحكومي كي يضغط ويهدد ويفعل كل شيء.
ستصحو السعودية على مليشيات أبشع من حزب الله في خاصرتها، ولن تتوفر فرصة أخرى كهذه لأقلمة أظافرها وإعادتها إلى الجادة، عبر الدفع نحو دولة ناجزة لا صوت يعلو عليها. لن يكون الحل سوى عسكريا خالصا؛ إما أن تكمل المليشيات انقلابها وبسط النفوذ على ما تبقى، أو أن يصحو التحالف وحكومتنا الرشيدة لدعم الجبهات بالسلاح اللازم لإنهاء الانقلاب. لا حل آخر على الإطلاق.