قطع الإنترنت.. سلاح الحوثيين الأخير لمواجهة سيناريو الانهيار
يصف حقوقيون ذلك بانتهاك جسيم يجب أن تدفع المليشيا ثمنه
"ربما نعود إلى الحمام لإيصال رسائلنا" جملة رددها كثير من مستخدمي الإنترنت في اليمن؛ بعدما واجهوا صعوبات في تصفح مواقع الشبكة العنكبوتية، وإنجاز أعمالهم عبرها؛ نتيجة لجوء مليشيا الانقلاب إلى حجب عديد من المواقع الإخبارية وغيرها، في محاولة للتحكم بتدفق أخبار انتصارات قوات الشرعية.
تزامنت إجراءات الحجب مع دخول المواجهات بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني من جهة، وبين ما تبقى من مليشيا الحوثي والمخلوع صالح إلى محيط صنعاء، حيث رأى مراقبون أن المليشيا، بدخول المواجهات إلى نهم ومحيط أرحب، دخلت مرحلة الجنون والهستيريا، ولجأت إلى استخدام آخر ما يمكنها استخدامه لتمديد فترة بقائها ونهب ما لم تنهبه بعد من مقدرات البلاد.
وفي حين برر البعض ذلك الإجراء بـ"محاولة فاشلة" من قبل المليشيا للحفاظ على "معنويات عالية" لأنصارها، ولتصنع بالإعلام الذي تديره في العاصمة صنعاء ما لم تصنعه على الجبهات القتالية، يصف حقوقيون ذلك بانتهاك جسيم يجب أن تدفع المليشيا ثمنه.
- محاولات فاشلة
المحامي حسين الضبيبي أكد أن الإجراء مخالف للقوانين المعمول بها في البلاد، فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وحماية الفكر وحقوق الإنسان في أبسط مفاهيمها.
ويرى الضبيبي عدم وجود مسوغ قانوني يمنح السلطات الانقلابية الحق في حجب أي وسيلة تعبير أو إغلاقها، وفي حال الوضع الطبيعي حيث تكون الدولة النظامية قائمة فهناك خطوات قانونية تتخذ ضد من "يهدد الأمن القومي" أو يتعدى "الخطوط الحمراء"، وذلك وإن كان يستند على قاعدة قانونية في البلاد وهي من صنع البشر إلا أنها صفات تتسم بها الأنظمة الدكتاتورية والقمعية.
وأشار الضبيبي في حديث لـ"الخليج أونلاين" إلى أن "الكثير من المواقع الإخبارية التي يتم حجبها بشكل دوري تعود لمؤسسات مهنية لها سمعتها، وقد حصلت على تراخيص رسمية، إلا أن الانقلابيين يلجؤون بصورة مستمرة إلى انتهاك القوانين واللوائح".
وتابع: "تمت عمليات مداهمة وإغلاق ونهب وعبث بمحتويات كثير من المؤسسات المناهضة لانقلابهم، وانتهى الأمر بهم إلى حجب المواقع الإخبارية بل ومواقع أخرى مجتمعية وثقافية وتعليمية؛ أملاً منهم في حجب الحقيقة، والعودة بالمجتمع اليمني إلى العهود الظلامية".
- مقاضاة الانقلابيين
بسيم الجناني، صاحب أحد المواقع الإخبارية التي تم حجبها، ذكر لـ"الخليج أونلاين" أن حجب المواقع "يأتي ضمن ممارسات جماعة الحوثي الرامية لتقييد الحريات الصحفية في الظرف الراهن؛ بهدف فرض التعتيم الإعلامي على الأحداث في اليمن عامة، المتزامن مع الانتصارات التي يحققها الجيش الوطني في عدد من الجبهات وتقهقر المليشيا".
وأشار الجناني إلى اللجوء لاستخدام برامج لكسر حجب تلك المواقع، والعمل على نشر الأخبار ومتابعتها، لافتاً إلى أن "الكثير من تلك البرامج غير آمنة، إلا أننا نغامر مقابل الوصول للمعلومة التي تحاول المليشيا حجبها عن المواطنين".
وأضاف: "لا شك أن مثل هذه التصرفات لا تسقط بالتقادم؛ فهذه المرة الثانية التي تحجب فيها وزارة الاتصالات موقعي الإخباري وكثيراً من المواقع، وسنقاضي كافة المتسببين بقمع حرية الرأي وابتزازهم لنا بهذه الطريقة".
- تعطيل الأنشطة اليومية
ورغم محدودية خدمة الإنترنت ورداءتها في اليمن، بحسب مختصين، حيث تحتكر الخدمة جهة حكومية واحدة، وتقل نسب الاعتماد على خدمات الإنترنت في تنفيذ الأنشطة اليومية للشركات والمؤسسات والأفراد، إلا أن فترة ما بعد انطلاق الثورة الشعبية في 2011 شهدت تزايد الإقبال على الإنترنت، لا سيما مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، وما يتعلق بالتدريب والتأهيل وتنمية المهارات والالتحاق بالدورات والبحوث وغيرها من الأنشطة اليومية، التي بات كثير من المواطنين ينفذها عبر الإنترنت.
وشكا مواطنون لـ"الخليج أونلاين" من الصعوبات التي يواجهونها نتيجة تلك الإجراءات، ومنهم أصحاب مقاهي الإنترنت الذين حاولوا الاستمرار في عملهم رغم انقطاع الكهرباء وأزمة المشتقات النفطية، إلا أن الحجب أنهى آمالهم في مواصلة العمل لتوفير لقمة العيش.
هدى محمد، موظفة في شركة تصميم مواقع الإنترنت وتطويرها، فوجئت من الإجراء ذاته، حيث تقول إن الحجب أو التعطيل يتم مع مواقع مخلة أو أخرى تنتهك الدستور، وبحسب هدى فـ"لا أحد ينتهك الدستور أكثر من مليشيا الحوثي وصالح".
وانتهت إلى أن "الآلاف تتعطل أعمالهم نتيجة مشاكل الإنترنت التي عجزت وزارة الاتصالات عن حلها أو تعمدت ذلك، حتى الطلاب الباحثون عن المنح الدراسية عجزوا عن الوصول إلى مواقع تلك المنح، في وقت أغلقت فيه السفارات والقنصليات، وبات الإنترنت أكثر أهمية في تلك المعاملات".