افتتح ملتقى أبوظبي الاستراتيجي وأكد استمرار الدولة في إغاثة الشعب اليمني
قرقاش: الإمارات ماضية مع السعودية ومصر في إعادة بناء النظام العربي
تاريخ النشر: 02/11/2015
أبوظبي - مجدي زهر الدين:
أكد الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي أن الإمارات تعمل بشكل وثيق مع المملكة العربية السعودية ومصر ، لمواجهة التناقضات والفوضى التي نمت في جميع أنحاء منطقتنا، مضيفاً أنهم سيقومون معا بإعادة بناء النظام العربي والسعي للحصول على التغير التطوري الضروري للتقدم إلى الأمام.
جاء ذلك خلال افتتاحه أمس في قصر الإمارات بأبوظبي، فعاليات «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني»، الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات الاستراتيجية بمشاركة نخب عديدة من الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية ومن العالم، وتستمر أعماله لمدة يومين.
قال الدكتور قرقاش في كلمته الافتتاحية بالمؤتمر إن دولة الإمارات مستمرة مع شركائها الإقليميين للعمل بجد للحفاظ على وحدة وسلامة السياسة اليمنية، حيث تؤمن الإمارات بإمكانية التوصل قريباً لحل سلمي لهذا الصراع، عندما تحترم رغبات الشعب اليمني وشرعية الحكومة اليمنية، ويضع حداً لمفهوم تغيير الوضع السياسي الراهن بالقوة.
وأضاف أن دولة الإمارات تدعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سلمي في اليمن ، وتعتقد أن المحادثات التي من المقرر أن تجري في الأسبوعين القادمين توفر فرصة جديدة لحل هذا النزاع، وأن الحل السياسي القائم على مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وقرار مجلس الأمن الدولي 2216 هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع، ويبقى السؤال الكبير: هل ستبقى عملية إعادة السياسة اليمنية في شكلها التقليدي؟ إنه سؤال لليمنيين للرد ولكن يجب علينا مساعدتهم.
وتابع قرقاش : سوف نستمر في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة للشعب اليمني، في حين نساعد على تعزيز وتطوير مؤسسات دولة قابلة للحياة وفعالة في هذا البلد، حيث إن تحرير عدن، في أعقاب مجزرة الحوثيين، قد سمحت لنا لتقديم مثل هذا الدعم، ويمكنكم التأكد من أن دولة الإمارات سوف تستخدم هذه الفرصة لمواصلة جهودها المشتركة لتخفيف معاناة الشعب اليمني.
وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية : إننا سوف نعالج وجود القاعدة في اليمن، فقد تعرض جنودنا لهجمات تنظيم القاعدة في عدن لمرتين، وذلك لأن الإرهابيين يعرفون أن استراتيجيتنا هناك سوف تدمرهم في نهاية المطاف.
وفيما يخص الشأن السوري أوضح قرقاش أن عدم قدرة المجتمع الدولي على العمل معا وإيجاد حل حقيقي للأزمة، خلق الفراغ الذي لا يزال يمكن استغلاله من قبل الجماعات الإرهابية، مضيفاً أن هذه الأزمة هي ليست الوحيدة فقط لجيران سوريا، ولكن أيضا بالنسبة للمجتمع الدولي وعلى نطاق أوسع، فمن الأهمية بمكان أن نضاعف جهودنا وإيجاد حل سياسي يستند إلى بيان جنيف، وعلى الرغم من الجهود الحالية لا تزال في مرحلة جنينية، فإنها تؤكد حقيقة أن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو الحل السياسي القائم على إطار جنيف، وتبقى سوريا هدفنا المشترك ولكن الطريق ما زال شائكاً.
وأشار إلى أن الأصوات السياسية السلمية قد تم تهميشها من قبل الطبيعة العنيفة لهذا الصراع، ومن واجبنا، وواجب المجتمع الدولي، إعادة تلك الأصوات التي تمثل السوريين العاديين داخل العملية السياسية التي تهدف إلى إنقاذ بلدهم.
واعتبر أن التدخل الأخير من قبل روسيا في سوريا أبرز الحاجة الماسة إلى تكثيف الجهود الجماعية للحد بدلاً من زيادة مضاعفات هذه الأزمة الصعبة جداً، مشدداً على أن ترك الأزمة السورية دون حل ليس خياراً، فإما أن نهدي ما تبقى من سوريا إلى نظام وحشي أو المتطرفين، أو أننا نتحد معاً ونجد طرقا بناءة لمنع الانهيار السياسي والثقافي والاجتماعي الكامل لسوريا.
وقال قرقاش : بينما يستمر العالم العربي في جهوده الرامية إلى تطوير حلول لخطر التطرف والإرهاب، وعدم الاستقرار، نأمل من جارتنا إيران أن تستخدم العرض المفتوح من قبل المجتمع الدولي لتعزيز الاستقرار والنظام، بدلاً من الانقسامات والطائفية.
وأضاف: على سبيل المثال، يمكن لإيران وقف تأجيج الصراع في اليمن والبحرين، ويمكن أن توقف التدخلات الطائفية في سوريا والعراق، ويمكن أن تنفق المال الذي تم بموجب الاتفاق النووي، وهو ما مقداره 100 مليار دولار، لإصلاح اقتصادها وبناء مستقبل للشباب الخاصة به، بدلا من تصعيد تمويل حزب الله وأشكال مشابهة من التدخل في العالم العربي.
ودعا قرقاش وزير الخارجية الإيراني لحوار إيراني - خليجي (لدول مجلس التعاون الخليجي)، قائلاً: نحن لسنا ضد الحوار، شريطة أن تغير إيران أولا سلوكها في المنطقة، والحوارات من أجل تحقيق النجاح، تحتاج إلى أساس متين ونوايا صادقة، وعندما ننظر إلى السياسة الإيرانية ككل، نحن نرى أن هذه الظروف لا وجود لها حاليا.
وختم قرقاش بالتأكيد أن دولة الإمارات ستواصل المضي قدماً على مسار الاعتدال السياسي والمجتمعي تدعمه بتمكين المرأة والتسامح الديني والثقافي، والانفتاح، والدينامية الاقتصادية.
من جهتها قالت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات لقد حرصنا في مركز الإمارات للسياسات ألا يكون «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي» مجردَ تظاهرة إعلامية أو حملة علاقات عامة، ومن هنا كان الإصرار على الاستمرار بعقده سنوياً نابعاً من أن تكون أبوظبي إحدى عواصم الملتقيات الإقليمية والدولية؛ لتكون أحد مصانع الأفكار الاستراتيجية، واستقطاب النخب المؤثرة في توجيه السياسات على المستويين الإقليمي والدولي لإفادة صناع القرار في أبوظبي من مشاركة هذه النخب في الملتقى من خلال ما تطرحه من مبادرات ومشروعات وأفكار لتبقى الإماراتُ طرفاً فاعلاً في المنظومة الدولية، وبما يخدم الاستقرار والعدالة دولياً، إضافة إلى تكريس منهج مركز الإمارات للسياسات في طرح الموضوعات الاستراتيجية ذات الأهمية بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة ومجلس التعاون الخليجي؛ ليكون المركز قادراً على تطوير بدائل وتوصيات قابلة للتنفيذ من خلال السياسات العامة والقرارات السياسية.
وأشارت إلى أهم استنتاجات الملتقى الأول ومنها أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحولت إلى مركز إقليمي مؤثِّر ، حيث أسهمت الظروف الإقليمية والمحلية التي عصفت بالبلدان العربية الرئيسية ذات الثقل الاستراتيجي مثل مصر والعراق وسوريا، في تزايد أهمية دور دول المجلس، ورتّبت مسؤوليات إضافية عليها، وإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تُعَدّ القوة الدولية الأكثر فاعلية في التعامل مع التحديات التي تواجه دول الخليج العربية.
وتؤكد الولايات المتحدة نفسها أنه لا توجَد قوة دولية تنافسها بمدى الالتزام بأمن الخليج، ولاسيما في أوقات الاضطرابات، وتستند في ذلك إلى وجود أصول عسكرية فعلية وإمداد لوجستي فعّال في المنطقة، فضلاً عن الارتباط بها بعلاقات سياسية واقتصادية قوية.
وأوضحت الكتبي أن الاستنتاجات خلصت أيضا إلى أن هناك قوى فاعلة على الساحة الدولية لا توجد لها سياسات فاعلة تجاه منطقة الخليج العربي أو مساهمات ملموسة في أمنها، مثل روسيا والصين، مع اختلاف رؤى وأسباب كلٍ منهما.
وأكدت الكتبي في عرضها للاستنتاجات أنه لا توجَد استراتيجية أوروبية دفاعية وأمنية فاعلة تجاه دول مجلس التعاون، ولا حتى اقتصادية متكاملة، ومع أنّ الاتحاد الأوروبي بحاجة ماسة إلى استقرار الخليج وأمنه لاتصال ذلك بأمن الطاقة، فإنه يعتمد على الولايات المتحدة والعلاقات الثنائية لبعض دوله الأعضاء مع دول مجلس التعاون، في هذا الشأن.
وقالت الكتبي إن الملتقى الأول خلص إلى أن ثمة رغبة لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في تطوير أشكال التعاون مع دول مجلس التعاون للوصول إلى شراكة أمنية فاعلة، لكنْ هناك أسبابٌ حالت دون ذلك، منها أنّ برامجه مع دول الخليج لا تزال تقتصر على العلاقات الثنائية وليس مع مجلس التعاون بوصفه منظمة إقليمية، وكذلك عدم انضمام دولتين مهمتين مثل السعودية وسلطنة عُمان حتى الآن إلى «مبادرة اسطنبول» المعنية بتنسيق العلاقات الأمنية وتطويرها مع الحلف.
ولفتت مديرة مركز الإمارات للسياسات إلى أن الملتقى الأول أكد أن المشروع الجيوسياسي الإيراني أصبح ينتهج سياسة طائفية واضحة في المنطقة العربية عبر التدخل المباشر ودعم الحركات السياسية والميليشيات الشيعية، وأن هناك مشروعاً إقليمياً مركزياً لتركيا، وهي تَعتبر المنطقةَ العربية عُمقَ هذا المركز، وقد اعتمدت حتى الآن على القوة الناعمة والشراكات الاقتصادية في ترويج دورها وزيادة نفوذها.
وتطرقت الكتبي إلى الموضوعات التي يتناولها الملتقى الثاني الحالي .
وقالت إن «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني» ينعقد في سياقِ جهدٍ فكريٍ للمركز يحاول أن يؤسسَ فيه نموذجاً لفهم وتفسير التحولات التي طاولت النظاميْن الدولي والإقليمي والتنبؤ بمساراتها؛ مضيفة أن هناك حاجةً مُلحةً إلى إعادة إنتاج منظومة علاقات دولية جديدة تستجيب للتحولات في التحالفات الدولية والإقليمية.
وختمت الكتبي بأن منظومة العلاقات الدولية الجديدة يجب أن تقوم على مفهومين مفتاحييْن: الأول هو العدالة، بمفهوم جديد يستند إلى مساهمة الجميع في صياغة وتعريف العدالة، كما يستند إلى اتفاق الجميع على آليات توزيع العدالة، والمفهوم الثاني هو المصداقية؛ لأنها تكرس بقاء النظام الدولي وتضمن استمراريته أيضاً، وبخاصة مصداقية الدول الكبرى في التزاماتها وتحالفاتها.
تراجع الدور الأمريكي أدى لظهور روسيا في المنطقة
أبوظبي - مهند داغر:
أكد خبراء دوليون أن تراجع الدور الأمريكي، أدى إلى ظهور قوى جديدة في المنطقة مثل روسيا، محذرين من تفاقم الأزمة السورية واتخاذها أبعاداً عالمية، كما حذروا من خطر امتلاك جماعات لأسلحة دمار شامل التي من شأنها أن تهدد المنطقة.
وتناول الخبراء في الجلسة الرابعة لملتقى أبوظبي الاستراتيجي، التبعات العالمية لأزمة بحر الصين الجنوبي وأوكرانيا، في حين عقدت الجلسة الرابعة في ملتقى أبوظبي الاستراتيجي تحت عنوان «الصدمات الاستراتيجية والاتجاهات المستقبلية العالمية»، وناقشت ازدياد عدد الهجمات الإرهابية حول العالم وعنفها، وتصاعد الفاعلين الإرهابيين العابرين للحدود، مثل تنظيم «داعش»، وضرورة انخراط الحكومات والشعوب في استراتيجيات للتعرف على الهجمات الإرهابية والاستعداد لها ومنعها قدر الإمكان، كما أثيرت تساؤلات حول مدى خطورة تهديد المقاتلين الأجانب، وما أكثر السياسات فعالية للتعامل مع ارتداد هذه الظاهرة.
وترأس الجلسة ستيفين كليمنز محرر في مجلة ذا أتلانتك وباحث ومؤسس برنامج الاستراتيجية الأمريكية في مؤسسة أمريكا الجديدة، وشارك فيها جيسيكا ماثيوز باحثة ورئيسة مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي سابقاً، وزيد عيادات مستشار في مركز الإمارات للسياسات، وسوالو وانغ مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في كلية الدراسات الدولية بجامعة بكين، وسيرغي ألكساشنكو باحث غير مقيم في معهد بروكنجز والنائب السابق لمحافظ البنك المركزي الروسي، وفريدريك كيمب الرئيس والرئيس التنفيذي لمجلس الأطلسي، وكينيث بولاك باحث في السياسة الخارجية بمركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكنجز، ومحمد بن هويدن أستاذ مشارك في العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات، ونيكولا دي سانتس مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إدارة الشؤون السياسية وسياسات الأمن في الحلف «ناتو».
واعتبر وسوالو وانغ مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في كلية الدراسات الدولية بجامعة بكين، أن الربيع العربي شكل صدمة للصين، متسائلاً عن إمكانية أن ترحب دول الخليج بالدور الصيني في المنطقة.
بدوره قال سيرغي ألكساشنكو باحث غير مقيم في معهد بروكنجز والنائب السابق لمحافظ البنك المركزي الروسي: إن روسيا هي بوتين وبوتين، واصفاً الرئيس الروسي بأنه انتهازي.
وفيما يتعلق بمستقبل المنطقة، توقع محمد بن هويدن أستاذ مشارك في العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات، أن الشرق الأوسط سيصوغ حالة العالم بعد 15 عاماً نظراً لتراجع الدور الأمريكي في المنطقة والتهديدات التي يواجهها العالم الغربي، والمتعلقة بالإرهاب وموجات اللاجئين، وتصاعد كراهية الإسلام في الغرب.
خلال مناقشة سيناريوهات الخراب بسوريا وليبيا واليمن ومصر
الصدع في النظام العربي أحدث فراغاً ملأته تركيا وإيران
أبوظبي - مهند داغر:
أكد دبلوماسيون وباحثون عرب ودوليون أن الصدع في النظام العربي، أحدث فراغاً ملأته تركيا وإيران، وأضافوا في الجلسة الثانية لملتقى أبوظبي الاستراتيجي، والتي تناولت التحولات الداخلية في «سوريا، العراق، ليبيا، اليمن، مصر»، في ضوء ما يسمى ب«انتفاضات الربيع العربي» والفراغ الأمني الناجم عنها، إلى جانب السيناريوهات التي قادت سوريا وليبيا واليمن إلى حالة الفشل الراهنة، والاستراتيجيات التي تبنتها مصر للتعامل مع التحديات وحالة عدم الاستقرار القائمة، وسط تداخل البعد الداخلي والإقليمي والعربي.
أدار الجلسة جاسم الخلوفي مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية الإماراتية، وشارك فيها كل من إيلينا سوبونينا مستشارة مدير المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية - روسيا، وبهجت قرني أستاذ العلوم السياسية ومدير منتدى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتشارلز ريس نائب رئيس مؤسسة راند للشؤون الدولية - الولايات المتحدة، وطارق متري وزير لبناني سابق والرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وظافر العاني عضو البرلمان العراقي، وعارف النايض أكاديمي متخصص بالدراسات الإسلامية وسفير ليبيا الحالي في دولة الإمارات، ومصطفى النعمان سفير وزارة الخارجية اليمنية، ومرهف جويجاتي أستاذ العلاقات الدولية في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية بأبوظبي.
وفي البداية تحدث جاسم الخلوفي، عن أبرز مشاهد التداخل الإقليمي الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، في ظل تحول الأزمات الداخلية لدول الربيع العربي إلى حروب بالوكالة، حتى باتت هذه الدول ساحات لعب للآخرين.
وفي سياق تحليل الأسباب التي أبعدت مصر عن هاوية الفشل، قال د. بهجت قرني أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن «الوضع في مصر يؤثر في كافة العالم العربي بسبب محورية دورها وثقلها الاستراتيجي والديموغرافي، كما أنه يفرز تحديات خاصة ترتبط بمدى نجاعة السياسات ونجاحها في مواجهة التحديات الكبيرة التي تمر بها مصر».
من جهته، أشار طارق متري وزير لبناني سابق والرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إلى أن سقف التوقعات من الثورات كان مرتفعاً، ولذلك جاءت الخيبات كبيرة، وانتشر التطرف والإرهاب، مضيفاً ان الفكرة الرائجة في بلادنا العربية تعليقاً على ما يحدث أنه مخطط أمريكي وغربي، بينما الواقع خلاف ذلك، لأن كثيراً من المشاكل تصدرت للغرب وأمريكا كقضية اللاجئين والتعقيدات السياسية.
من جهته، اعتبر عارف النايض السفير الليبي في دولة الإمارات أن مايجري في المنطقة العربية حراك تاريخي كبير.
وشكل اليمن محوراً ثانياً للنقاش في الجلسة افتتحه مصطفى النعمان، السفير في وزارة الخارجية اليمنية، بالقول إن أحد أسباب فشل الدولة اليمنية يكمن في استمرار نفس نخب وأساليب النظام السابق في الحكم حتى بعد انتقال السلطة للرئيس عبد ربه منصور هادي. أما اللاعب الجديد الوحيد فهم الحوثيون وقد تواطأت معهم جميع المكونات السياسية، لأهداف ذاتية مختلفة، من أجل إسقاط صنعاء بين أيديهم. كما أن الحوثيين لعبوا على تناقضات البنية اليمنية لإقامة تحالفات طائفية الشمال وسياسية في الجنوب.
واعتبر النعمان أن ظهور العامل الإيراني في اليمن جاء بعدما رفع الجميع يده عن البلاد بعد توقيع المبادرة الخليجية، واستغلال طهران للأمر لتطبيق أجندتها، قائلاً: إن تحالف عاصفة الحزم تشكل متأخراً وجاء ليؤكد فشل المسار السياسي في اليمن. وانتقد النعمان غرق القيادة الشرعية في خلافات جانبية غير مقبولة في الوضع الراهن.
أما تشارلز ريس نائب رئيس مؤسسة راند للشؤون الدولية - الولايات المتحدة، فدعا دول الخليج العربية إلى ترك الولايات المتحدة التي تبني سياساتها بما يحفظ مصالحها في المنطقة، وأن عليها العمل بشكل مشترك والحديث بصوت واحد لتكون شريكاً فاعلاً لواشنطن.
بدورها اعتبرت إيلينا سوبونينا، المستشارة في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، أن كثيراً من الأسباب التي أدت للوضع الراهن في العالم العربي موجودة في مناطق أخرى من العالم وقد تؤدي إلى هزات فيها.
وبشرت سوبونينا بظهور «كائن عالمي جديد» قائلة «لا بد من نشوء دول جديدة وتغير في الحدود الدولية».
طالبوها بالتخلي عن «الفكر الإمبراطوري»
خبراء: إيران تذكي الطائفية بحجة نصرة المستضعفين
أبوظبي - نجاة الفارس:
دعا خبراء استراتيجيون من الإمارات وعدد من دول المنطقة والعالم، إيران، إلى التخلي عن الفكر الإمبراطوري، وناقشوا في الجلسة الثالثة من ملتقى أبوظبي الاستراتيجي، التحديات الداخلية والخارجية، التي تواجهها، كل من إيران وتركيا منذ اندلاع الانتفاضات العربية، والأدوار التي لعبتها هذه الأطراف في التأثير في مسارات هذه الانتفاضات وفي التحولات الداخلية الإقليمية، كما تناولوا انعكاسات الانتفاضات العربية على الصراع العربي - «الإسرائيلي».
عقدت الجلسة تحت عنوان - تجاذب وتنافر القوى الإقليمية (إيران، تركيا، الصراع العربي - «الإسرائيلي»).
تحدث في الجلسة كل من الدكتور محسن إيلاني باحث إيراني متخصص في شؤون الشرق الأوسط، وبيوتر دتكيويتز مدير مركز الحوكمة والإدارة العامة في جامعة كارلتون، كندا، وسلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، وسلطان النعيمي عضو هيئة التدريس في جامعة أبوظبي، وعبد الله الشمري محاضر في العلاقات الدولية، السعودية، وماريسا ماتياس عضو البرلمان الأوروبي من البرتغال، ومحمد السلمي أكاديمي متخصص في الدراسات الإيرانية بجامعة أم القرى، السعودية، ووبنغ بنغ أستاذ مشارك ومدير معهد الثقافة العربية - الإسلامية في جامعة بكين، يشار ياكيش سياسي ووزير خارجية تركيا الأسبق، وقد ترأست الجلسة داليا داسا كيه أستاذة العلوم السياسية ومديرة مركز الشرق الأوسط للسياسات العامة في مؤسسة راند، الولايات المتحدة.
وقال الدكتور محسن إيلاني، آمل أن تطرح دول مجلس التعاون الخليجي وإيران خلافاتها خلال السنوات المقبلة جانباً، لقد اتفقت إيران على وقف تخصيب اليورانيوم ووافقت على تفتيش الوكالة الدولية للطاقة النووية وهذا اتفاق جيد ، هناك فصيل عملي في النخبة الحاكمة تدعمه مجموعة كبيرة من الإيرانيين ممن يهمهم السلام والاستقرار في المنطقة، ولا ننسى أن بريطانيا عادت فتح سفارتها في إيران وهذا مؤشر إيجابي، ولكن هناك من يحاول تقديم معادلة اللاحرب واللاسلم مع إيران وهذه سياسة تعزز يد المتشددين في إيران.
من جهته قال الدكتور محمد السلمي إن إيران تتدخل في شؤون دول كثيرة في المنطقة، ونريد أن يكون هناك حسن جوار، وعلاقات دولية، موضحاً أنه في عام 2008 أظهرت الدراسات أن 85% من الشعوب تنظر بإيجابية إلى إيران، ولكن في عام 2012 أظهرت الدراسات أن 85% من الشعوب تنظر بسلبية إلى إيران.
وذكر الدكتور سلطان النعيمي أن من حق إيران أن تمتلك نووي سلمي، فلا أحد يريد الحرب والجميع يبحث عن السلم، لكن الرؤية الإيرانية للمنطقة واحدة وهي تحقيق المصالح الإيرانية، وحليفهم بالمنطقة وأصدقاؤهم هي الميليشيات، هناك تدخلات إيرانية وإذكاء للطائفية بحجة نصرة المستضعفين، لذلك لا بد من وجود قوى أخرى مؤثرة تحقق الأمن والاستقرار.
وأكد وبيوتر دتكيويتز أن إيران تظهر أن الانقسام ليس بين الشيعة والسنة ولكن بين المحافظين والليبراليين، لكن إيران لديها أعداء أكثر من الأصدقاء في المنطقة، ومن بين أصدقائها الجدد روسيا التي تقدم لها المشورة وتنصحها بالاعتدال،.
وقال يشار ياكيش إن الرأي العام التركي يعتقد أنه كان علينا أن لا ننغمس إلى هذا الحد في الأزمة السورية.
وقال عبدالله الشمري إن تركيا العلمانية أفضل من تركيا الحزب الأيديولوجي، تركيا حاولت أن تنسخ الصورة الإيرانية، فالحزب مسيطر على الدولة، نتمنى من تركيا أن تعود إلى عقلية الدولة والمؤسسات الدولية.
وقال ووبنغ بنغ: الصين ليس لديها انتماء لأي تحالف في هذه المنطقة.
من جهته أشاد سلام فياض بالدور المهم والمتنامي لمركز الإمارات للسياسات، ليس فقط في الإمارات ولكن في دول الخليج والمنطقة، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تبقى على قيد التهميش خاصة كما يحلو للبعض في «إسرائيل».
وقالت ماريسا ماتياس إن المسألة الفلسطينية مفتاح الحل في المنطقة بأسرها.
دعوة لاستراتيجية دفاعية خليجية موحدة تجاه التهديدات الخارجية
أبوظبي - مجدي زهر الدين:
ناقشت الجلسة الأولى من «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني»، التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها منطقة الخليج في الوقت الحالي.
وقدم الإعلامي عبد الرحمن الراشد، عرضاً ملخصاً في بداية الجلسة، قال فيه إن منطقة الخليج والشرق الوسط لأول مرة في تاريخها تشهد هذا الكم الهائل من الاضطرابات والحروب الدائرة على مساحة شاسعة في سوريا واليمن وليبيا والعراق، كما شهدت سقوط أربعة أنظمة، فيما يعرف بدول «الربيع العربي» في كل من مصر وليبيا وتونس واليمن.
وشارك في هذه الجلسة الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات التي قالت إن التحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة وحالة عدم الاستقرار في الإقليم، عزز الشعور لدى القيادة الإماراتية بأن هذا النموذج التنموي الناجح الذي تبنته يقتضي بناء نموذج موازي من القوة بمفهومها الشامل يؤمن الحماية للمكتسبات التنموية ويضمن استمراريتها، ومن هنا بدأ صناع القرار في الإمارات بالعمل على تطوير فهم ذاتي للقوة لا يكتفي بالتفاعل مع الأحداث من باب رد الفعل فقط، بل يتعامل بشكل استباقي عن طريق الاستشراف، لافتة إلى أن مركز الإمارات للسياسات، يشارك بشكل بسيط في هذا المشروع الاستشرافي من خلال رصد اتجاهات السياسات وتحولاتها في المنطقة.
وأشارت الدكتورة الكتبي إلى أن الصراعات الدامية في المنطقة فاقمت من الأوضاع الإنسانية الصعبة، وبالتالي وضعت على دولة مثل الإمارات، عبئاً ثقيلاً خاصة مع انخفاض أسعار البترول عالمياً، ووجود أعباء تنموية داخلية لا غنى عن متابعتها والاستمرار في التصدي لها.
بدوره انتقد جيم جونز، المستشار السابق للرئيس الأمريكي باراك أوباما، سياسة بلاده في التعاطي مع أحداث المنطقة، والتي تكتفي بردود الأفعال على الأحداث بدل التنبؤ بها والمساهمة في صناعتها.
ودعا جونز دول الخليج العربي إلى تشكيل حلف عسكري فيما بينها شبيه بحلف الأطلسي، حيث يعتبر التهديد لأي عضو فيه هو تهديد لجميع دول التحالف، مشدداً على أهمية أن تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية خطوات جدية في دعم حلفائها بهذا الحلف، تعزيزاً لمناخ الثقة الذي بات مهدداً بين الجانبين، وحماية أيضاً لمصالح الولايات المتحدة نفسها.
بدوره، أكد إبراهيم مرعي، الخبير السعودي في الشؤون الأمنية والعسكرية، أن تجربة اليمن من حيث تصرف دول الخليج حيالها تعتبر استثنائية، حيث شعرت هذه الدول بأنها مهددة بالصميم، لذلك قررت الانتقال إلى مرحلة المواجهة المباشرة مع إيران، معتبراً أن هذه المواجهة لن تقتصر على منطقة الشرق الأوسط أو الخليج العربي، بل ستكون في كل مكان وبجميع أنواع المواجهة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية.
وتحدثت الدكتورة ثريا العريض، عضو مجلس الشوري السعودي، حول موقف المملكة العربية السعودية، تجاه التحديات ومعالجة الأزمات والوضع القائم في المنطقة.
بدوره، قال ظافر العجمي، مدير مجموعة مراقبة الخليج في دولة الكويت، إن دول الخليج تعيش في جوار إقليمي سيئ لا يكف عن ضمر الأذى.
- See more at:
http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/45c18981-1979-44f1-b236-6e3af121884b#sthash.FXt7UUTb.dpuf